مذابح فلسطين

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
اللهم ارحم الشهداء و اسكنهم في جنتك

و الغريب صمت الدول العربية
:cry::cry::cry::cry::cry:


من يخرج عن الخط العربي يتحمل مايفعله

والدول العربيه لست لعبه في يد احد

فلا نحمل الدول العربيه اي مشكله خارج الاجماع العربي
 
حماس اخطت في حق اهل غزه وارتمت بقوه خلف اطماع اقليميه على حساب حياه الشعب

الفلسطيني وهذه الاطماع الاقليميه لا تريد خير للشعب الفلسطيني تريد قتله وتشريده

وحرمانه من ابسط حقوقه

وحماس مثلها مثل حزب (ابو سعبوله حسن ابو الكوارث)​
 
حماس اخطت في حق اهل غزه وارتمت بقوه خلف اطماع اقليميه على حساب حياه الشعب

الفلسطيني وهذه الاطماع الاقليميه لا تريد خير للشعب الفلسطيني تريد قتله وتشريده

وحرمانه من ابسط حقوقه

وحماس مثلها مثل حزب (ابو سعبوله حسن ابو الكوارث)​





ههههههههههههههههههه اولا اضحكني التعليق ثانيا اوافقك في كثير مما قلت وليس كله
ان هؤلاء المساكين راحو ضحية التعنت الحزبوي الذي يميز كل الاحزاب العربية بكل اتجاهاتها وهذا يدل على انها كلها احزاب سلطوية لا اكثر ولا اقل
 
رحم الله شهدائنا الابرار ..........وتذكروا هذه الكلمات جيدا((ان اهلنا الذين يبادون تارة ...ويطردون من مدنهم وقراهم تراة اخرى سوف ينسلون من يغضب لهم يوما ومن لا يتهم بعنف اذا ملأ يديه بالقصاص الرهيب!!))
 
بموافقة أمريكية : قرار صهيوني رسمي بإخلاء غزة وتصفية قادة حماس والجهاد

بموافقة أمريكية ..قرار صهيوني رسمي بإخلاء غزة وتصفية قادة حماس والجهاد الخميس28 من صفر1429هـ 6-3-2008م الساعة 11:57 ص مكة المكرمة 08:57 ص جرينتش الصفحة الرئيسة > الأخبار > العالم العربي والإسلامي


Prime%20Minister.jpg
أولمرت وباراك

مفكرة الإسلام: ذكرت مصادر استخبارية صهيونية أن المجلس الأمني المصغر صادق في جلسته التي عقدت أمس الأربعاء على اغتيال جميع قادة حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة.
ونقل موقع "تيك ديبكا" الاستخباري "الإسرائيلي" عن هذه المصادر قولها: إن أولمرت وباراك أقرا مجموعة الأهداف التي سيتم استهدافها من قبل الجيش بعد أن حصلا على موافقة من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس.
ويبّين الموقع أن هذه الأهداف تنقسم إلى مجموعتين: الأولى:اغتيال جميع قادة حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة السياسيين والعسكريين.
والمجموعة الثانية: استهداف جميع مؤسسات حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة وقصف جميع مقرات الشرطة التابعة لحركة حماس.
خطط صهيونية لإخلاء غزة:
وذكرت المصادر أن المجلس الأمني المصغر بحث خلال انعقاد الجلسة إخلاء أحياء سكنية كاملة في شمالي قطاع غزة والتي يطلق منها الصواريخ تجاه "إسرائيل", وبعد أن يتم إخلاؤها يتم تدميرها عن بكرة أبيها, إلا أن المصادر أشارت إلى أنه لم يتخذ قرارًا نهائيًا حيال هذا الموضوع حيث تم الاتفاق على مواصلة دراسته.
وتوضح المصادر أن باراك قال :" إنني لن أسمح لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بخلق معادلة توازن في قوة الردع مع إسرائيل".
 
شكرا اخوي على النقل
واسرئيل دوله حقيره لا تستحق كل هذا الاهتمام العالمي
وانشاء الله نرى عن قريب ونحتفل بزوالها
 
ههههههههههه الله يجعل بئسهم بينهم
شكرا اخي بارك الله فيك
 
ههههههههههههههههههه اولا اضحكني التعليق ثانيا اوافقك في كثير مما قلت وليس كله
ان هؤلاء المساكين راحو ضحية التعنت الحزبوي الذي يميز كل الاحزاب العربية بكل اتجاهاتها وهذا يدل على انها كلها احزاب سلطوية لا اكثر ولا اقل


واللهي ياخي الفاضل نريد لهم كل خير ولكن اللي نراه الان شي يدمي القلب

من افعلا تجر الشعب الفلسطيني الغلبان الي المحارق من طرف حماس وغيرها

مما لا تريد ان يهني كل فلسطيني ولو ابسط حقوقه

طلقه واحد لا تصيب هدفها يقتل رد عليها عشره فلسطينين

ونراهم على التلفزيون يحملون انواع الاسلحه بعد كل عمليه اسرائيليه يخرج هذا السلاح ؟

اين هذا السلاح لماذا لم تستخدمه ضد المعتدين

واكثر السلاح يهودي وامريكي الذي بحوزت حماس وغيرها من التنظيمات ؟

 
رحمهم الله ....

لن يكونوا آخر من تسيل دمائه "وتضيع" علي رمال أرض فلسطين ....

إنه ، لعار كبير ، كبف يصمت مسئولين "عرب" ... ولا يتحركوا ... ويبقوا كالأصنام

لا يمكن تصوؤ الألم ، الذي يحز في نفسي ، عندما أقارن هذا الوقت ، بأيام وسنوات الرئيس جمال عبدالناصر رحمه الله ...

لم تكن إسرائيل تتجرأ علي ذلك ، وعندما تجرأت ... (1954) .... تم تركيز المئات من الفدائيين المصريين (أعضاء الحرس الوطني) .... وبدأوا يتسللون كل ليل إلي داخل إسرائيل ... إلي الميتعمرات الأسرائيلية ، حيث كانوا يهاجموها ... ويقتلوا العديد من سكانها ...

كانت النتيجة ، أن ... ساد الهدوء النسبي حوالي سنتين (يأستثناء هجوم 1955 ) ... حتي حدثت الحرب الثلاثي

والأن ...

نشاهد "المجـــزرة" ... فقد أصبحوا هدفا لتجربة الأسلحة والذخائر والتاكتيكيات ...


رحم الله الشهداء .... وأسكنهم واسع جناته




د. يحي الشاعر
 
غزه تحترق فأين الصواريخ الإيرانية ؟؟؟ !!!

غزة تحترق فأين
الصواريخ الإيرانية
؟
















%20تحترق%20فأين%20الصواريخ%20الإيرانية%20؟.jpg
غزة تحترق فأين الصواريخ الإيرانية؟















مفكرة الإسلام تجري إيران سنويًا العديد من المناورات العسكرية برية و بحرية وجوية، وكل مرة تستعرض فيها أسلحة جديدة "صواريخ، وغواصات، وطائرات" تزعم أنها من إنتاج مصانعها العسكرية، واعتادت أن تصحب كل مناورة بتصريحات نارية يطلقها قادتها السياسيون والعسكريون مهددين فيها بأنهم سوف يحرقون القواعد الأجنبية ومنصات النفط في دول الخليج العربي إذا ما تعرضت إيران أو أيًا من حلفائها لعدوان ما.

وعند اختبار أي سلاح إيراني جديد في هذه المناورات تنبري وسائل الدعاية الإعلامية والأقلام المأجورة لتوهم الجماهير العربية المصابة بعقدة هزائم الجيوش العربية المحنطة، من أن صواريخ شهاب العابرة للقارات وغيرها من الأسلحة الإيرانية غير التقليدية، إنما وجدت للدفاع عن القضية الفلسطينية، ويخرج الرئيس الإيراني المعتوه "أحمدي نجاد" يدلي بتصريحات خاوية "محو إسرائيل" ليعزز فيها الدعاية الإعلامية التي يروجها عملاء إيران في الأوساط العامة.
ونتيجة لكثرة ترديد التصريحات الإيرانية الخاوية، فقد ذهب البعض من قيادات الحركة الفلسطينية ومنهم مع الأسف الشديد (بعض) الأخوة في حركة المقاومة الإسلامية إلى تصديق هذه التصريحات الإيرانية، وأصبح هذا البعض ينافس قادة حزب الله اللبناني لإثبات ولائه للنظام الإيراني دون أن يتوقف عند هذه التصريحات ويراجع المواقف الإيرانية التاريخية من القضية الفلسطينية ومكانة القدس وفلسطين في العقيدة الدينية للنظام الإيراني.

ثلاثون عامًا وقادة نظام الجمهورية الإيرانية يرددون نفس النغمات ويطلقون ذات التصريحات الخاوية ولكنهم كانوا طوال هذا السنين وعلى الرغم من عدائهم الإعلامي لإسرائيل وراعيتها الولايات المتحدة الأمريكية إلا أنهم كانوا ومازالوا أشد الناس عداوة لأعداء إسرائيل وأمريكا.

فقد خاضوا حربًا طالت ثماني سنوات ضد العراق الذي لا أحد يمكنه نكران دوره في دعم الشعب الفلسطيني وحركة المقاومة الفلسطينية، فالكل يعلم أن العراق كان يقدم لكل عائلة شهيد فلسطيني عشرة آلاف دولار، وكانت حركات المقاومة الفلسطينية تتسابق فيما بينها في تنفيذ العمليات الاستشهادية ضد قوات الاحتلال لكونها كانت ضامنة للدعم العراقي، وكان الفدائيون الفلسطينيون يذهبون إلى تنفيذ عملياتهم الاستشهادية وهم مطمأنون أن هناك من يتكفل رعاية أسرهم، وبالمقابل كان الدور الإيراني يقوم على محاربة العراق الداعم الحقيقي للمقاومة الفلسطينية

لم يكتف النظام الإيراني بمحاربة العراق لمدة ثماني سنوات لتعطيله عن مهمته في دعم القضية الفلسطينية، بل إن هذا النظام كان المساهم الأبرز من بين دول المنطقة في دعم الولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال العراق وتحويله إلى حديقة خلفية لجهاز الموساد الإسرائيلي الذي عمل على الانتقام من الضباط و المسئولين العراقيين الذين أشرفوا ونفذوا إطلاق أكثر من ستة وثلاثين صاروخًا على الكيان الإسرائيلي، بالإضافة إلى تصفيته للكوادر والطاقات العلمية العراقية.
والأشد من ذلك أن العصابات الطائفية والمليشيات المسلحة التي تعمل بدعم مالي إيراني عملت على قتل وتهجير آلاف من اللاجئين الفلسطينيين في العراق دون أن نسمع مسئولاً إيرانيًا واحدًا يدين مذابح فلسطينيي العراق أو يطالب بوقف تهجيرهم من مناطق سكناهم
ليس هذا وحسب فإن إيران وعلى رغم مزاعمها القائلة بمعاداة إسرائيل، إلا أنها حين علمت أن أفغانستان في ظل وجود حركة طالبان سوف تتحول إلى سند وداعم حقيقي لحركة المقاومة الفلسطينية، قامت بمحاربة حركة طالبان وساعدت أمريكا على احتلال أفغانستان، وهذا ما اعترف به كبار قادة النظام الإيراني وعلى رأسهم مرشد الثورة علي خامنئي ووزير الاستخبارات الإيرانية في عهد رئاسة خاتمي الشيخ علي يونسي وكذلك نائب الرئيس الإيراني آنذاك الشيخ أبطحي وغيرهم من القادة الإيرانيين
خلال الثلاثين عامًا الماضية من عمر النظام الإيراني تعرض الشعب الفلسطيني إلى سلسلة طويلة من المجازر بدءًا من مجازر المخيمات في لبنان إلى مجازر الخليل وجنين وليس أخيرًا مجزرة غزة، وكان موقف نظام طهران حين تقوم القوات الإسرائيلية بارتكاب المجزرة يدخل رأسه في جحر ويغمض عينيه، وعندما تنتهي عمليات جيش الاحتلال يبدأ قادة هذا النظام بإطلاق التصريحات النارية والتهديدات الخاوية. وخير دليل على ذلك ما شاهدناه خلال الأيام الماضية، فحين كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب محرقة غزة قام الرئيس الإيراني "صاحب الشعارات الخاوية" بزيارة إلى العراق ليحط في بغداد بحماية كاملة من قوات الاحتلال الأمريكي في محاولة للفت أنظار الرأي العام عما يجري في فلسطين. وعلى الرغم من عقده لأكثر من مؤتمر صحافي في بغداد إلا أنه لم يتطرق إلى مجزرة غزة أبدًا، وكأنه لم يسمع بها، وقد اكتفت حكومته بتسيير مظاهرة يتيمة في جامعة طهران تندد بمحرقة غزة
نحن لا نلوم بعض الحركات الفلسطينية حين تذهب إلى طهران لأخذ بعض المساعدة المالية منه،‘ فالشعوب الإيرانية كلها شعوب مسلمة وتؤمن بالقضية الفلسطينية وتتمنى أن ينال الشعب الفلسطيني حقه ويتحرر من الاحتلال الصهيوني العنصري، والأموال الزهيدة التي يعطيها النظام الإيراني لهذه الحركات مقابل المدح والثناء وخلق الدعاية الإعلامية له، إنما هي من أموال الشعوب الإيرانية ومنه الشعب العربي الأحوازي تحديدًا، حيث وكما هو معلوم فإن الثروة الإيرانية تأتي من نفط الأحواز العربية الذي يقدر بأنه ثاني احتياطي نفطي في المنطقة إن لم يكن في العالم. لكن عتبنا على بعض قادة التنظيمات الفلسطينية الذين أصبحوا شركاء في الترويج للأكاذيب الإيرانية القائلة بأن نظام طهران هو النصير والمنقذ الوحيد للشعب الفلسطيني وأن ترسانة الأسلحة الإيرانية إنما هي لنصرة الشعب الفلسطيني

فالسؤال الذي يوجه لكل من حاول تضليل الرأي العام وحرف الأنظار عن خطر النظام الإيراني والأهداف الحقيقية من وراء ترسانته العسكرية، ترى أين هي صواريخ شهاب وغيرها من الصواريخ الإيرانية الأخرى التي كثيرًا ما استخدمت لضرب المدارس والمراكز المدنية في بغداد ومدن عراقية أخرى خلال حرب السنوات الثماني مع العراق، من القوات التي ارتكبت محرقة غزة ؟
أعتقد أن مثل هذه الكلمات قد تختصر الكثير من القول فيما يخص نظرة النظام الإيراني الحقيقية للقضية والشعب الفلسطيني. فالمطلوب من المراهنين على نظام طهران أن يعيدوا حساباتهم وإن أرادوا الاستمرار بالأخذ من إيران فليأخذوا، ولكن من دون أن يتحولوا إلى أبواق لنظامها، وأن لا يتحولوا إلى أعداء للأنظمة العربية، التي على كل ما فيها يبقى ما قدمته وتقدمه لفلسطين لا يمكن مقارنته بالفتات الذي يقدمه النظام الإيراني.
 
لا اظن ان ايران ستذرف دمعة واحدة من اجل فلسطين انها مجرد خطابات دوغمائية لاستثارة الجماهير
 
علينا أن نتسائل أين الصواريخ العربية قبل أن نتسائل عن الايرانية........
 
علينا أن نتسائل أين الصواريخ العربية قبل أن نتسائل عن الايرانية........
مفيش حد من حكام العرب قال انه حيدمر إسرائيل من أجل فلسطين و شعب فلسطين
بس فى أنه حكام إيران كلهم قالوا انهم حيدمروا إسرائيل من أجل فلسطين كما قال أخى الزعيم و لم و لن يفعلوا شيئاً إنما هو أسلوب مراوغه لكى يلتف الناس حولهم و حول حزبهم الشيعى فى لبنان
 
حماس تدعو كتائبها للرد وإسرائيل تعلن التأهب

حماس تدعو كتائبها للرد وإسرائيل تعلن التأهب

spacer.gif
spacer.gif


ارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا بنيران القوات الإسرائيلية خلال الساعات الـ24 الماضية إلى 23 على الأقل، وذلك مع تصاعد حدة التهديدات المتبادلة بين حماس وإسرائيل التي أعلنت من جهتها رفع حالة التأهب مع اقتراب موعد عيد الفصح اليهودي.
spacer.gif
 
كلها مجهزه وموجهه ضد اهل السنه اين ما وجدوا

فمن ينتظر ايران لكي تنصره او تدافع عنه او تقف معه فهو واهم ويبني اماله على سراب
 
احنا الي بعناهم بارخس الاثمان فلوكنا يدا واحدة لما فعل بنا اليهود والنصارى دلك
فاللهم انصر اخواننا قي غزة
 
فتح ملف الخيانة«غزة جيت»

ممدوح إسماعيل


غزة ذلك الجزء الغالي من فلسطين المحتلة والذي تبلغ مساحته 360 كم2، ويسكنه ما يقرب من مليون ونصف المليون نسمة، لِيسجِّل أعلى معدل ازدحام سكاني في العالم؛ تكالبت عليه مؤامرات الأعداء والخونة في الداخل والخارج.
والمؤامرات على غزة كثيرة، وذلك منذ أن عادت الدعوة الإسلامية إلى غزة وظهرت حماس وحركة الجهاد ودعاة الإسلام الذين طاردوا ضلالات الأفكار التي سيطرت على الكثيرين في غزة؛ من شيوعية واشتراكية وعَلْمانية وقومية، وقد تُوّج ذلك كله بظهور قوى لحركة حماس تنامت قدراتها حتى أصبحت رقماً صعباً في الملف الفلسطيني. وبعد اتفاقية أوسلو في أوائل التسعينيات الميلادية من القرن العشرين ودخول ما يسمى السلطة الفلسطينية إلى القطاع والضفة؛ تعرَّض المنتسبون لحماس لاضطهاد وتعذيب واعتقال من شرطة ومخابرات السلطة الوطنية الفلسطينية. ومع انتفاضة الأقصى لم يسلم قيادات ومجاهدو حماس من الخيانة التي أرشدت العدو الصهيوني إليهم فأطلق صواريخه نحوهم ليفوزوا بالشهادة بفضل الله؛ وكان أبرزهم: الشيخ المجاهد البطل أحمد ياسين والمجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، رحمهما الله تعالى. ومع دخول حماس معترك السياسة ثم فوزهم بأغلبية في البرلمان مكَّنتهم من تشكيل الحكومة وَفْق قواعد ما يسمى (الديمقراطية) زاد حقد الخونة في فلسطين، وعملوا بكل الطرق على إسقاط حكومة حماس، واندلعت مواجهات مسلَّحة (فلسطينية - فلسطينية) عدة مرات، وأعلنت حماس أنها مؤامرات ضدها، حتى كانت أحداث يونيو 2007م واندلاع قتال عنيف بيـــن حمـــاس و (منتسبين لحركة فتح) ووقتها أعلنت حركة حماس أنها أحبطت انقلاباً مسلَّحاً ضدها، وصدَّقها الكثيرون وكذَّبها بعضهم، وسيطرت حماس على قطاع غزة، وأعلــن رئيــس ما يسمى السلطة في الضفة الغربية إقالة حكومة حماس؛ لأنها - حسب تعبيره - خرجت عن الشرعية.
وانفصلت غزة عن الضفة ليشهد قطاع غزة حرباً لا مثيل لها؛ سواء من العصبة التي سيطرت على الضــفة الغــربية، أو من العدو الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ومن تبعهم من العرب والعجم، وحُوصرت غزة سياسياً واقتصادياً، وعُوقب شعب غزة لأنه اختار أن يكــون صــاحب قــراره ولا يفرط في حقوقه، وعُوقب شعب غزة لأنه واصل تأييده لحماس ولم ينقلب عليها، وهو تأييد يحمل دلالة خطيرة عند أعداء الإسلام؛ فهو ليس تأييداً فحسب لحركة مقاومة، إنما هو تأييد لمشروع إسلامي مقاوم مجاهد من أجل حقه ومقدساته وأرضه ويحمل راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
وتعرضت غزة لضيق في الرزق والأمراض، ولم تسلم من صواريخ القتل الوحشية التي تفتك بالآمنين من أهل غزة، وبينما كانت آلة الحرب الصهيونية في أواخر شهر فبراير وأوائل شهر مارس 2008م تحصد أرواح الشهداء في غزة ليصل عدد من نحسبهم شهداء - ولا نزكي على الله أحداً - إلى ما يقرب من مائة وخمس وثلاثين شهيداً وما يقرب من ثلاثمائة جريح في ما أطلق عليه العدو الصهيـوني (المحرقة).
وفي ظل حصار سياسي واقتصادي رهيب على غزة... خرجت على العالم مجلة «فانيتي فيير» الأمريكية في أوائل مارس 2008م لتعلن للعالم أنها حصلت على وثائق سرية مؤكدة من مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية ومسؤولين فلسطينيين تكشف النقاب عن خطة سرية مصدَّقة من الرئيس الأمريكي (جورج بوش) شخصياً سعت لتنفيذها وزيرة الخارجية الأمريكية (كوندوليزا رايس) ومستشار الأمن القومي (إليوت أبرامز) بهدف عمل انقلاب مسلَّح بقيادة فلسطينية من حركة فتح بقيادة (محمد دحلان) ودعمهم بالأسلحة برعاية ودعم أمريكي للقضاء على «حماس» التي تم انتخابها بشكل ديمقراطي وفقاً للمعايير الغربية!
وكانت مفاجأة أخرست وألجمت ألْسنة الكثيرين عن الكلام، فقد كشف التحقيق مدعوماً بالوثائق والشهادات عن المؤامرة القذرة التي تعرضت لها حركة حماس، وكان واضحاً أنه رغم أن حماس شكلت الحكومة وَفْقاً لمعايير الديمقراطية وفي انتخابات واضحة وشفافة أمام العالم، إلا أن الإدارة الأمريكية المتعصبة وعلى رأسها (بوش) كانت في غمٍّ لا مثيل له وهي الإدارة التي صدعت العالم بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، ولكن تحقيق المجلة فضح كذبهم كما هو مفضوح في العراق وأفغانستان ومواقع وأحداث أخرى في العالم.
فضيحة ديمقراطية بوش:
وقد كشفت المجلة عن تفاصيل الخطة بناء على التصريحات الخاصة التي أدلــى بهــا (دايفد وورمسير) - الذي استقال من منصبه بوصفه مستشاراً لنائب الرئيس الأمريكي (ديك تشيني) لشؤون الشرق الأوسط بعد أحداث غزة - لـ (دايفد روز) محرر المجلة الذي تنقَّل بين غزة ورام الله والقدس المحتلة والقاهرة وواشنطن، حاصلاً على وثائق مهمة واعترافات، أبرزها: اعتراف من دحلان نفسه، عن دوره في إشعال فتيل الحرب الداخلية.
ومن الملفت أن (وورمسير) الذي استقال بعد فشل الخطة شهد أن حركة «حماس» لم تكن لديها نية للاستيلاء على غزة إلى أن أجبرتها فتح على ذلك.
وقال: «يبدو لي أن ما حصل لم يكن انقلاباً من (حماس) وإنما محاولةٌ انقلابية من فتح مستبقةٌ قبل أن تتوفر إمكانية حدوثها»، مؤكداً أن إدارة بوش - التي كان جزءاً منها - متورطة في «حرب قذرة بوصفها محاولة لتأمين دكتاتوريةٍ فاسدة يقودها عباس حتى النصر».
أما ما دفع (وورمسير) إلى الكشف عن المخطط الإجرامي الذي تورطت فيه إدارته فقد جاء بسبب أنه «مستاء من السياسة الديمقراطية لإدارة بوش». وقال للمجلة ذاتها: «هنالك تناقضٌ مذهل بين دعوات الرئيس (بوش) للديمقراطية في الشرق الأوسط وسياسته هذه»، واستطرد قائلاً: «إنها تعارضها بشكلٍ مباشر».
دور (دحلان) في الانقلاب والخيانة:
وفي جزء مهم من التحقيق سابق الذكر كشف الصحفي الأمريكي (روز) أن مسؤولين في الإدارة الأمريكية أبلغوه أن هناك مَنْ نصح بالإسراع بتعيين «رجل قوي» لحل المشكلات مباشرة، وهو الأمر الذي أدَّى إلى الأخطاء التي حدثت في غزة، في إشارة إلى (محمد دحلان) الذي كانت تسميه بعض وسائل الإعلام الرجل القوي في غزة، على حينَ كان مشهوراً بين الفلسطينيين بوصفه زعيماً للتيار الخياني في حركة «فتح».
وبعد أن فشلت الخطة وخسر الرهان على (دحلان) بعد أن ثبت أنه لم يكن أكثر من نمر من ورق؛ تبادل المسؤولون الأمريكيون الاتهامات عن جدوى الاعتماد على وكلاء مثل (دحلان).
وحسب المجلة؛ فقد لام (جون بولتون) - السفير السابق في الأمم المتحدة المعروف بتطرفه - (رايس) وقال للمجلة: «ما حدث فشل مؤسساتي، وفشل في الإستراتيجية»، متهماً (رايس) بأنها «كآخرين في الأيام الأخيرة من هذه التظاهرة؛ تبحث عن ميراث».
بداية خطة الخيانة والانقلاب:
وفي جزء مهم آخر من التحقيق يظهر أن الإدارة الأمريكية التي تدعي الديمقراطية فوجئت بفوز حماس في الانتخابات، فعملت على الإطاحة بها بالتنسيق والتعاون مع قيادات من فتح، ويكشف السفير الأمريكي (بولتون) أنهم بعد فشلهم في وقف الانتخابات حاولوا تجنب النتائج من خلال الجنرال (كيث دايتون) المنسق الأمني الأمريكي للفلسطينيين والذي توصل إلى اتفاقية سرية مع (دحلان) لتعزيز قوة (فتح).
ولا تخفي المجلة أن (محمود عباس) كان على اطّلاع بالخطة ومجرياتها، رغم أن تنفيذها كان موكلاً إلى (دحلان)، الذي عيَّنه (عباس) مستشاراً للأمن القومي؛ ليكون له اليد الطولى في السيطــرة علــى الأجـهــزة الأمنية في إطـــار ما تقتضيه الخطّة.
وكانت بداية الخطة الأمريكية تقوم على فرض الشروط التي فرضتها «الرباعية الدولية» وهي: الاعتراف بالعدو الصهيوني، ونبذ «العنف» (المقاومة)، والاعتراف بالاتفاقات السابقة والموقَّعة؛ كي تنال حماس الاعتراف الدولي، ومعروف سلفاً رفض الحركة للشروط، مما يؤدي إلى قطع المساعدات الدولية عن السلطة الفلسطينية.
ويشير التحقيق إلى أن (محمود عبّاس) كان يرغب بشدة في تدفق الأموال فطالبته الولايات المتحدة بالثمن الذي استجاب له في النهاية.
دور وزيرة الخارجية الأمريكية (رايس) في المؤامرة:
وقد أوردت المجلة المذكورة في تقريرها ما دار في اجتماع بين (عباس) و (رايس) في الرابع من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2006م في مقر المقاطعة. وينقل عن شهود خلال الاجتماع قولهم: إن نبرة وزيرة الخارجية كانت حادة وهي تقول لـ (عباس): إن «عملية عزل حماس لا تؤتي نتيجة».
وأبلغته أن واشنطن تتوقع منه «حل حكومة إسماعيل هنية في أقرب وقت ممكن وإجراء انتخابات جديدة».
ونقلت المجلة في تقريرها عن مسؤولين فلسطينيين قولهم: إنه خلال الاجتماع - الذي تمّ في شهر رمضان - وافق عباس على القيام بذلك في غضون أسبوعين. لكن بعد جلوسه مع (رايس) أمام مأدبة الإفطار؛ طلب (عباس) من الوزيرة الأمريكية مهلة أسبوعين إضافيين. وبعد مغادرتها الاجتماع قالت (رايس) لمرافقيها - بحسب المجلة -: «هذا الإفطار اللعين كلّفنا أسبوعين إضافيين من حكم حماس».
وفي تلك الفترة مهَّد عدد من مستشاري (عباس) المعروفين بارتباطهم بالإدارة الأمريكية بتسريب نبأ نية (عباس) إقالة حكومة (هنية) وهو الأمر الذي نفاه (عباس) بعد أن عجز عن ذلك في البداية.
الخطة الأولى الفاشلة للانقلاب:
ومما جاء في المجلة أن (دايفيد روز) كشف لها عن ثلاث مذكرات سرية تصف الخطة، أولاها: مذكرة «أخذ المواقع» والتي أعدتها وزارة الخارجية الأمريكية لـ (جايك والاس) القنصل الأمريكي العام في القدس.
فقد قابل (والاس) رئيس السلطة (محمود عباس) في رام الله في 2006م مخلفاً وراءه خطاباً يطالب فيه (عباس) أن يحل الحكومة التي شكلتها حركة حماس بعد فوزها في حال لم تعترف بالعدو الصهيوني، على وعد لـ (عباس) من الولايات المتحدة أن يرجع إليه تدفق الأموال في حال نفذ الطلب!
وكشفت المجلة عن الخطاب الذي جاء فيه : «نعتقد أن الأوان قد حان لأن تتحرك بسرعة وبشكل حاسم إن لم توافق حماس بالوقت المحدد فعليك أن تعلن حالة الطوارئ وتشكل حكومة طوارئ تلتزم بهذا البرنامج بشكل واضح.. إذا تصرفتَ ضمن هذه الخطوط فسندعمك على الصعيدين المادي والسياسي وسنقف إلى جانبك خير داعمين».
وقد أكد القنصل الأمريكي في القدس (جايك والاس) هذا الأمر، كاشفاً عن أنه مع اقتراب نهاية مهلة الشهر، ذهب إلى (عباس) حاملاً ما يمكن تسميته «إنذاراً بضرورة اتخاذ قرار إعلان حالة الطوارئ وتشكيل حكومة طوارئ إذا لم توافق حماس على مطالب الرباعية».
ولدى مغادرته مكتب (عباس) بقيت على الطاولة الورقة التي تتضمن نقاط الإنذار الذي كانت الخارجية الأمريكية قد أملتها عليه.
خطة بديلة:
«وقد كشفت المجلة عن خطة بديلة أعدها الأمريكان تقوم على ضرورة إيجاد وسائل لصنع (مرحلة نهائية) بنهاية العام 2007م لمساعدة (عباس) بإضعاف حكومة حماس وبضرورة منحه الوسائل كافة لتعزيز قواته، وذلك بتخطيط من الخارجية الأمريكية، وهذا ما تم الكشف عنه في وثيقة الخطة البديلة التي سميت: الخطة ب».
وكان التركيز في الخطة الجديدة على (محمد دحلان)، الذي قال للمجلة: «إنه حاول منذ فوز حماس في الانتخابات أن يوهمهم بأنه لا يزال لدى فتح وأجهزتها الأمنية القدرة والقوة لمواجهتهم»، وخصوصاً أن لدى الأجهزة الأمنية أكثر من 70 ألف عنصر أمني، في وقت لا يتوفر فيه لدى «حماس» أكثر من 12 ألفاً نصفهم من «القوة التنفيذية» في حينه.
تنفيذ (دحلان) للخطة:
وفي إطار هذه الخطة البديلة شن (دحلان) «حرباً قذرة على عناصر حماس لعدة أشهر تم في خلالها استخدام عدة وسائل، منها: الاختطاف، وتعذيب عناصر حماس والقوة التنفيذية». ويقر (دحلان) بهذه الحرب بزعم أنه «دفاع عن النفس».
وقد قابل الصحفي (روز) أعضاء من «حماس» في غزة الذين وصفوا تعرضهم للتعذيب على أيدي قوات (دحلان) في خريف عام 2006م في الفترة التي كان مدعوماً فيها بشكل جيد من قِبَل إدارة (بوش).
وعقب استيلاء حماس على غزة وإحباطها الانقلاب عثرت على أسطوانة تحتوي على تعذيب لأحد عناصرها وهو «مازن أسعد أبو دان»، ويظهر الشريط تعرضه للضرب بعصا حديدية بعد عملية حرقه من الفخذين. وظهر في الأسطوانة ضحيةٌ أخرى يروي ما حدث من تحمله لحروق من الدرجة الثالثة عند قيام معذبيه من «فتح» بإحماء قضيبٍ حديدي على غاز البروبان ومن ثم إحراق جذعه وفخذيه!
ونقلت المجلة عن مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية قولهم: إن مساعد (رايس) لشؤون الشرق الأوسط (ديفيد ولش) لم يكن يأبه لحركة «فتح» بقدر ما كان يــريد النتائــج و «كان يدعم أي ابن (..) ممكن أن يؤدي المهمة. ودحلان كان أفضل ابن (..) نعرفه، كان رجلنا».
خطة «كونترا 2»:
وكشفت المجلة أن الولايات المتحدة عملت أيضاًً في تلك الفترة على وضع خطة سرية أطلقت عليها تسمية «كونترا 2» أوكل تنفيذها إلى (رايس) و (إبرامز)، وتستهدف تدريب خمسة عشر ألفاً من مقاتلي فتح ودعمهم بالسلاح والمال تحت إشراف (محمد دحلان) بالتنسيق مع الجنرال (كيث دايتون) المنسق الأمريكي الخاص لإصلاح أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، والذي التقى (دحلان) في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006م في أول سلسلة محادثات مطوّلة في القدس المحتلة ورام الله بحضور مساعديهما.
(دحلان) و (دايتون) وجهان لعملة واحدة:
وقد كشفت المجلة أن (دايتون) خطط لجدول أعمال قوي جداً، وقال لـ (دحلان): «لا بد من إصلاح أجهزة الأمن الفلسطينية، ولكن نحتاج أيضاًً إلى بناء قواتك للتصدي لحماس».
وقد ردَّ (دحلان) بأنه «يمكن هزيمة حماس على المدى الطويل بوسائل سياسية، ولكني إذا قمت بمجابهتهم فإنني أحتاج إلى موارد جوهرية، وليس لدينا القدرة على ذلك حالياً».
وقد اتفق الاثنان على العمل بشأن خطة أمنية فلسطينية جديدة تتضمن تولِّي (دحلان) مسؤولية الإشراف على كل الأجهزة الأمنية من موقعه الجديد بوصفه مستشاراً لرئيس السلطة للأمن القومي، وأن تقوم الولايات المتحدة بتزويد الأجهزة الأمنية بالأسلحة والتدريب. واقترح (دايتون) حل جهاز الأمن الوقائي المتهم بعمليات تعذيب وخطف، غير أن (دحلان) رفض ذلك بدعوى أن جهاز الأمن الوقائي «هو الجهاز الوحيد الذي يحمي فتح والسلطة في غزة».
دول عربية شاركت في الخطة:
وبحسب الخطة الانقلابية التي اتفق عليها (دحلان) كان من المقرر أن تعطي الولايات المتحدة 86.4 مليون دولار إلى أجهزة الأمن الفلسطينية، لكن مع تعثر تمرير المبلغ عبر الكونغرس لجأت الولايات المتحدة إلى مصدر تمويل آخر هو الدول العربية، ومن هنا أخذت الخطة اسم «إيران - كونترا 2»، إذ إنها كانت شبيهة بفضيحة بيع الأسلحة لإيران في مقابل دعم المتمردين ضد نظام حكم (الساندينستا) في نيكاراغوا.
وقد جمع بالفعل مبلغ ثلاثين مليون دولار كما رصدت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار للدعم خلال خمس سنوات، وقد تبع ذلك نقل كميات من الأسلحة في شاحنات إلى مقاتلي «فتح» في غزة، وقد ضبطت حماس تلك الشاحنات في وسط أتون الانقلاب، واستولت على تلك الأسلحة، ونشر ذلك في حينها على وسائل الإعلام.
تدريب القوات وتوفير السلاح:
كما دعت الخطة إلى تعزيز قوات فتح الأمنية بـ 15 ألف عنصر وإضافة 4700 عنصر مدرَّب تدريباً عالياً تضمهم سبع كتائب جديدة، وهو ما كان (دحلان) باشر بتنفيذه عبر ما سمي حينها «القوة التنفيذية» التابعة لحركة فتح وهم العناصر المدرَّبة في الأجهزة الأمنية، وجمعهم في كتائب بقيادة موحدة، مع توفير دورات تدريب في الأردن ومصر وتزويدهم بالأسلحة للقيام بمهماتهم الأمنية، حيث سافر المئات إن لم يكن الآلاف منهم بالفعل. وتقول الخطة: إن الأموال التي تحتاجها تبلغ 1.27 مليار دولار لخمس سنوات.
وتؤكد المجلة أن (دايتون) وفريق المؤامرة قد أخطؤوا الرهان على (دحلان) وأجهزة أمن (عباس)، حيث أثبتت الوقائع أن «حماس» هي الأقوى في غزة، وأن القوات التي كانت تتحضر للانقضاض عليها تساقطت مع مواقعها واحداً تلو الآخر «كأحجار الدومينو...».
هكذا كانت الخطة وهكذا كان الإعداد والتنسيق والتآمر على حماس.
وهكذا سقط القناع الزائف للديمقراطية الأمريكية في فلسطين كما سقط في أماكن كثيرة في العالم.
وإذا كانت حماس استطاعت - بفضل الله - إحباط الانقلاب والسيطرة على غزة ودحر الخونة الذين هرولوا في كل اتجاه وصوب كالفئران المذعورة، إلا أن ملف الخيانة لم يغلق بعد، فغزة تلك المدينة الصغيرة باتت حريتها تؤرِّق الإدارة الأمريكية، فالطغيان الأمريكي والصهيوني أُرغم أنفه في التراب بصلابة وصمود غزة، وإذا كانت هذه حال الصهـايـنة والأمـريكـان فمـا بال عصـابة السلطة لا تهــدأ ولا تتوقف عن التآمر. لقد كان تزامن نشر التحقيق في المجلة الأمريكية في ظل العدوان الصهيوني الوحشي على أهل غزة بمنزلة رسالة واضحة مفادها أن العدوان جزء من مؤامرات لا تتوقف يشارك فيها كل الأطراف، ولم تخجل عصابة السلطة في رام الله وهم يلقون اللوم في العدوان على أبناء وطنهم في غزة على صواريخ المقاومة، إنه منطق الصهاينة والأمريكان وكل من تبعهم لا يختلفون، ومن الملفت أن طابور الخونة لا يتَّعظ أبداً منذ وعد بلفور حتى الآن.
ويقيناً لن ينتهي التآمر ولن تتوقف الخطط والمؤامرات؛ فمؤامرات الخبث السياسي للإيقاع بحماس لم تنتهِ ولن تنتهي، فلتصمد حماس وليصمد شعب غزة؛ والنصر مع الصبر بإذن الله.
وأخيراً: بقدر ما تحتاج غزة إلى الوقود والطعام والسلاح للمقاومة والصمود، إلا أنها أيضاً تحتاج إلى الوقود الإيماني والغذاء الروحي وسلاح الإيمان ودعم إخوانهم المسلمين في كل مكان، فهي وسائل التثبيت التي لا تقهر.
ولن تضيع غزة وهي مؤمنة صامدة بقوة عقيدتها... والخونة الله يفضحهم ويخذلهم، والمؤمنون الله يثبتهم وينصرهم.


_________________________

مجلة البيان العدد الاخير
 
غزة الصابرة والسنن الإلهية

عبد العزيز الجليل

إن مما يحزِن قلبَ كل مسلم صادق ويشغل ذهنه وتفكيره في هذه الأوقات؛ ما يلاقيه أهلنا وإخواننا المسلمون في فلسطين وبالتحديد في غزة الصابرة المحاصرة، على أيدي اليهود الكفرة، ومن ورائهم أمريكا الطاغية الباغية وأيدي المنافقين الخونة من بني الجلدة والنسب.
ولقد كتب الكثير من الدعاة وطلبة العلم والمجاهدين في نصرة إخواننا هناك والتضامن معهم، والدعاء لهم، والوقوف معهم في محنتهم كلٌّ بحسبه وقدرته، فجزى الله الجميع خيراً، وليس هذا مستغرباً على أهل التوحيد والإسلام الذين وصفهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. ولذا؛ فإني في هذه المقالة لا أجد مزيداً على ما كُتِب في مجال نصرة إخواننا هناك، ولكن أرى أن هناك أموراً مهمة يجب أن تطرح وتُلفت أنظار المسلمين إليها، وبخاصة الدعاة منهم وطلبة العلم والمجاهدين فيهم. ومع أهمية هذه الأمور، غير أنه قلّ من يتطرق إليها؛ إما عن غفلة عنها، أو بحجة أن الوقت وقت مناصرة وتضامن وليس وقت محاسبة وتنظير!
ومن أهم الأمور التي ينبغي أن ننتبه إليها في خضم هذه الأحداث وأمثالها، ما يلي:
الأمر الأول:
اليقين الجازم والاعتقاد الراسخ بأن ما يجري اليوم من كيد وقتل وهجوم شرس من الكفار على بلدان المسلمين؛ فإنما هو بعلم الله - تعالى - وإرادته. قال الله - عز وجل -: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ٢١١]
وقال - سبحانه -: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: ٣٥٢].
ومشيئته - سبحانه - ليست مجردة عن حكمته، بل له - سبحانه - الحِكَم البالغة في خَلْقه وأمره، والعارفون لربهم - عز وجل - يعلمون ذلك، ولذا فهم يحسنون الظن بربهم، ويوقنون أن عاقبة هذه الأحداث التي يقــدرها الله - عز وجل - هي خير ومصحلة ولطف بالموحدين، إن شاء الله تعالى. ومع أن المعركة اليوم مع الكفار لا تزال في بدايتها، ومع أنــها موجــعة وكريهة؛ إلا أننــا نلمــس لطــف الله - عز وجل - وحكمته ورحمته في أعطافها.
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: (وأسماؤه الحسنى تقتضي آثارها، وتستلزمها استلزام المقتضي الموجب لموجبه ومقتضاه، فلا بد من ظهور آثارها في الوجود؛ فإن من أسمائه: الخلَّاق المقتضي لوجود الخلق، ومن أسمائه الرزاق المقتضي لوجود الرزق والمرزوق، وكذلك التواب والحكيم والعفوُّ، وكذك الرحمن الرحيم، وكذلك الحَكَم العدْل، إلى سائر الأسماء. ومنها: الحكيم المستلزم لظهور حكمته في الوجودِ، والوجودُ متضمن لخلقه وأمره؛ {أَلا لَهُ الْـخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٤٥].
فخلقه وأمره صدرا عن حكمته وعلمه، وحكمته وعلمه اقتضيا ظهور خلقه وأمره، فمصدر الخلق والأمر عن هذين الاسمـين المتضمنين لهاتين الصفتين، ولهذا يقرن - سبحانه - بينهما عنــد ذكــر إنزال كتابه، وعند ذكر ملكــه وربوبيتــه؛ إذ هما مصدر الخلق والأمر)[1].
الأمر الثاني:
إن من حِكَم الله - عز وجل - البالغة في هذه الأحداث أن يعرِّفنا على سننه - سبحانه - التي لا تتبدل ولا تتحول، وبمعرفة هذه السنن الإلهية يتضح الطريق المستقيم ويهتدي المسلم فيه، ويوفق إلى الموقف الحق والمنهج الصائب. يقول الله - عز وجل - آمراً لنا بالنظر في سننه المطَّردة: {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْـمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: ٧٣١] وقال - سبحانه -: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} [فاطر: ٣٤].
لذا وجب على المسلمين بعامة وعلى دعاة الحق المجاهدين في سبيل الله - عز وجل - خاصة؛ أن يقفوا طويلاً مع كتاب الله - عز وجل - وما تضمن من الهدى والنــور؛ ومن ذلــك ما تضمنه من السنن الربانية المستوحاة مــن دعـــوة الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام؛ وذلك لأن في معرفتها والسير على هداها أخذاً بأسباب النصر والتمكين والفلاح، ونجاةً مما وقع فيه الآخرون من تخبط وعناء، بخلاف من يجهل مصدر الأحداث؛ فإن الذي يعلم تكون لديه بصيرة وطمأنينة، أما الذي يجهل فليس لديه إلا الحيرة والخوف والقلق.
وليس المقصود هنا التفصيل في موضوع السنن الربانية - فهذا له مقام آخر - وإنما المقصود هو الاستضاءة بهذه السنن في الوصول إلى الموقف الحق الذي نحسب أنه يرضي الله، عز وجل؛ وذلك في الأحداث الساخنة التي تدور رحاها اليوم في الأرض المباركة فلسطين.
ومن هذه السنن التي ينبهنا الله - عز وجل - إليها في مثل هذه الأحداث ما يلي:
1 - سُنة المدافعة:
إن إيماننا بأن كل ما يحدث في هذا الكون من أحداث إنما هو بعلم الله - عز وجل - وإرادته وحكمته؛ لا يعني الاستسلام للذل وترك المدافعة؛ لأن الله - عز وجل - الذي أراد هذه الأحداث كوناً وقدراً؛ أراد منا مدافعتها ديناً وشرعاً، وهذه هي سُنَّة المدافعة. قال الله - عز وجل -: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ} [محمد: ٤].
ويقول الله - عز وجل -: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحج: ٠٤].
وقال الله - عز وجل - في الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم: «... وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقَتَهم عربَهم وعجمَهم إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك»[2].
ففي هاتين الآيتين والحديث القدسي أبلغ دليل على حتمية الصراع بين الحق والباطل في صورة المدافعة بين المسلمـين والكفـار. ومن طمع في الإصلاح ودرء الفساد ونشر الخير بدون هذه السنَّة؛ فإنما هو جاهل بسنن الله - تعالى - ومتنكِّب لطريق الأنبياء وأتباعهم.
والمدافعة بين الحق والباطل تأخذ صوراً متعددة: فبيان الحق وإزالة الشُّبَه ورفع اللبس عن الحق وأهله مدافعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مدافعة، وبيان سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين مدافعة، والصبر والثبات على ابــتلاء الأعداء من الكفرة والظلمة مدافعة، ويأتي الجهاد والقتال في سبيل الله - عز وجل - على رأس هذه المدافعات وذروتها لكف شر الكفار وفسادهم عن ديار المسلمين ودينهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: (والجهاد منه ما هو باليد، ومنه ما هو بالقلب والدعوة والحجة والبيان والرأي والتدبير والصناعة؛ فيجب بغـــاية ما يمكن)[3].
وما يحصل الآن في غزة المحاصرة عدوان صارخ يجب على المسلمين مدافعته بكل ممكن، وكلٌّ بحسبه، ولا يُعذَر أحد حتى يزول العدوان ويندفع الفساد:
* فالقادرون على حمل السلاح عليهم واجب المدافعة بالجهاد والسنان حتى يندحر العدو الصائل.
* وعلى رموز الجهاد وقادته في الأرض المباركة أن يتقوا الله - عز وجل - ويستعينوا به وحده، وألا يرضوا بغير الجهاد بديلاً وخياراً؛ لأن العدو لا يوقفه إلا الجهاد.. والجهاد فحسب. والتجارب تشهد بضياع الأوقات والجهود معه في مناورات سياسية ورهانات خاسرة. كما يجب عليهم أن يتقوا الله - عز وجل - في مَن تحت قيادتهم، فلا يدفعونهم في طريق إلا بعد أن يتأكدوا من موافقته للشرع وأنه الأرضى لله - عز وجل - وأن يربوا فيهم الإخلاص والولاء لهذا الدين وليس لطائفة أو حزب أو تراب، كما عليهم أن يتقوا الله - عز وجل - في جمع الكلمة ووحدة الصف مع إخوانهم المجاهدين الموحدين، وينزعوا أيديهــم من الأحزاب الجاهلية المحادّة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولو أظهرت المقاومة والوطنية.
* وعلى علماء الأمة واجب المدافعة بإعلان النصرة لإخواننا هناك، وتوجيههم والتضامن معهم، وحث الأمة على دعمهم والوقوف معهم، ومخاطبة الأعداء من اليهود والأمريكان ببيانات قوية شديدة اللهجة؛ يأمرونهم بالكف عن الظلم والعدوان، وتهديدهم إن لم يكفوا بتوجيه الأمة إلى الانتقام ورد العدوان وإلحاق الأذى بمصالحه.
* وعلى الأغنياء في هذه الأمة واجب المدافعة بدعمهم بالمال الذي يخفف من معاناتهم ويعينهم على جهاد أعدائهم.
* وعلى أصحاب الأقلام والمنابر الإعلامية النَّفْرة لنصرة إخواننا هناك؛ بالتعريف بقضيتهم، وفضح أعدائهم من الكفرة والمنافقين، وإظهار صور الظلم والعدوان التي يواجهونها، ومخاطبة الأمة بالوقوف معهم ونصرتهم.
* وعلى المسلمين عامة واجب المدافعة؛ بالاهتمام بشؤونهم، والحزن لمصابهم، والدعاء لهم، ودعمهم قدر الإمكان.
2 - سنة الابتلاء والتمحيص:
يقول الله - عز وجل -: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْـمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: ١٣].
وقال الله - عز وجل - معقباً على غزوة أحد: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْـمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْـخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}
[آل عمران: ٩٧١].
وقال - سبحانه - في الحدث نفسه: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْـجَمْعَانِ فَبِإذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْـمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا...} [آل عمران: ٦٦١ - ٧٦١].
قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - عند الآية الثانية: (أي: لا بد أن يعقد سبباً من المحنة يظهر فيه وليُّه، ويفتضح فيه عدوُّه، يُعرَف به المؤمن الصابر والمنافق الفاجر).
ويقول صاحب الظِّلال: (ويقطع النص القرآني بأنه ليس من شأن الله - سبحانه - وليس من مقتضى ألوهيته، وليس من فعل سنته؛ أن يدع الصفَّ المسلم مختلطاً غير مميز، يتوارى المنافقون فيه وراء دعوى الإيمان ومظهر الإسلام، بينما قلوبهم خاوية من بشاشة الإيمان وروح الإسلام، وكل هذا يقتضي أن يُصْهَر الصف ليخرج منه الخَبَث، وأن يُضغَط لتتهاوى اللبِنات الضعيفة، وأن تُسَلَّط عليه الأضواء لتتكشف الدخائل والضمائر، ومن ثم كان شأن الله - سبحانه - أن يميز الخبيث من الطيب، ولم يكن شأنه أن يذر المؤمنين على ما كانوا عليه قبل هذه الرجة العظيمة).
وبالنظر لهذه الأحداث الجارية في فلسطين في ضوء سنن الابتلاء والتمحيص؛ نرى أن هذه السنة المطردة الثابتة تعمل الآن عملها بإذن ربها - سبحانه وتعالى - لتؤتي أُكُلَها الذي أراده الله عز وجل، ومنه اللطف والرحمة من الله - عز وجل - والمتمثل في تمحيص المؤمنين في فلسطين وخارجها، وتمييز الصفوف حتى تتنقَّى من المنافقين وأصحاب القلوب المريضة وينكشف أمرهم للناس، وحتى يتعرف المؤمنون أنفسُهم على أنفسهم وما فيها من الثغرات والعوائق التي تحول بينهم وبين التمكين والنصر، فيتخلصوا منها ويغيروا ما بأنفسهم؛ فإذا ما تميّزت الصفوف وتساقط المتساقطون في أتون الابتلاء، وخرج المؤمنون الصابرون الموحدون الصادقون منها كالذهب الأحمر الذي تخلَّص من شوائبه بالحرق في النار؛ حينها تهب رياح النصر على عباد الله المصطفَيْن الذين يستحقون أن يمحق الله من أجلهم الكافرين، ويمكِّن لهم دينَهم الذي ارتضى لهم. وقبل هذا التمحيص والتمييز؛ فإن سنة محق الكافر وانتصار المسلمين التي وعدها الله - عز وجل - عباده المؤمنين؛ لن تتحقق.
هكـذا أراد اللـه - عــز وجـل - وحكــم في سننه التــي لا تتبدل: أنّ محْقَ الكافرين لا بد أن يسبقه تمحيص المؤمنين، ولذلك لما سئل الإمام الشافعي - رحمـه الله تعالــى -: أيهما أفضل للرجل: أن يمكَّن أو أن يبتلى؟ كان من دقيق استنباطه وفهمه لكتاب الله - عز وجل - أن قال: (لا يمكَّن حتى يبتلى)، ولعله فهم ذلك من قوله - تعالى -: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٤١]؛ حيث ذكر الله - عز وجل - المحقَ بعد التمحيص.
ومن الحِكَم العظيمة والألطاف الإلهية التي ظهرت لنا في أحداث غزة في ضوء هذه السنة الربانية؛ ما يلي:
أولاً: ظهور المنافقين المندسين في الصفوف سواء أكان ذلك في صفوف الفلسطينيين أو خارجها، وهذه رحمة بالمسلمين، حيث انكشف أمرُهم، وافتُضِح نفاقهم وخيانتهم، وبذلك يحْذَرُهم المسلمون ويمقتونهم ويُعَرُّونهم. وما أمرُ محمود عباس وبطانتُه من المنافقين بخفي على المسلمين بعد هذه الأحداث.
بل إن المنافقين في دول المسلمين خارج فلسطين من العلمانيين والليبراليين والحكام الخانعين؛ قد أظهرت هذه الأحداث خُبثهم وموالاتهم للأعداء، حيث لم نسمع لهم صوتاً ولم نرَ لهم موقفاً مشرفاً ينصرون به إخوانهم المسلمين في الأرض المحتلة؛ إلا ما شاء الله. كما أظهرت هذه الابتلاءات خبث دولة الرفض والتشيع في إيران ونفاقها وكذبها وخداعها، لمن كان مخدوعاً بهم من المجاهدين في فلسطين، فأين وقوفها ونصرتها؟ وأين إعلامها ودعايتها التي رأيناها على أشدها وسُعارها مع قائد حزب الشيطان (حسن نصر الله) إبَّان مناوراته مع اليهود منذ سنة ونصف تقريباً؟ إذن؛ آن الأوان لمعرفة الأعداء على حقيقتهم. وهذا من حكمة الله - عز وجل - ورحمته في سُنَّة الابتلاء.
ثانياً: تعرُّف المجاهدين أنفسهم على بعض الآفات والهَنات الكامنة في نفوسهم، وعلى قوة صبرهم وثباتهم، وكل هذا لم يكن ليُعرَف وينقدح زناده لولا هذه الابتلاءات والتمحيصات. وفي هذا خير - إذاً - أدى إلى العلاج والتخلص مما يكدر القلوب ويؤخر النصر.
ثالثاً: ظهر في الأحداث معرفة الولي المناصر من العدو والمخذل، وفي هذا خير للمجاهدين هناك؛ حيث تميز لهم الموالي من المعادي، وذلك على مستوى الأفراد والهيئات والحكومات.
3 - سُنة التغيير:
يقول الله - عز وجل -: {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: ١١].
ويقول - سبحانه - عن أحداث غزوة أحد المؤلمة للمسلمين: {أَوَ لَـمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
[آل عمران: ٥٦١].
ففي هاتين الآيتين تنبيه من الله - عز وجل - لعباده المؤمنين إلى أن يتفقدوا أنفسهم وواقعهم ومواقفهم، ويبدؤوا بالتغيير من الداخل إلـى ما يحبـه الله ويرضـاه؛ لأن أكثـر ما يؤتى المسلمون أفراداً وجماعات إنما هو من قِبَل أنفسهم. لذا؛ وجب في مثل هذه الأحداث محاسبة النفوس، ومراجعة المواقف، والبعد عن كل ما يسبب الهزائم وتسليط الأعداء من الذنوب والمعاصي والفرقة والأهواء، فمن هنا يبدأ التغيير ويبدأ الإصلاح. وقد يقول قائل: إخواننا هناك يواجهون الحصار والإبادة؛ فهل هذا وقت المعاتبة والمحاسبة؟ وأقول: نعم! هذا هو وقتها، بل هو أنسب وقت لها. وإن لم نملك الجرأة على طرحها الآن؛ فمتى نطرحها؟ وهــذا هــو ما قاله الله - عز وجل - لأوليائه في غزوة أحد ودماؤهم طرية وجراحاتهم لم تندمل.
4 - سُنة الإملاء والاستدراج للكفار والمنافقين:
قال - تعالى -: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لُهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}
[آل عمران: ٨٧١].
وقال - تعالى -: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: ٢٨١ - ٣٨١].
وقال - سبحانه -: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْـخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: ٥٥ - ٦٥].
وهذه السُّنَّة الإلهية تعمل عملها في هذه الأوقات وذلك في معسكر أهل الكفر والنفاق، وبخاصة أولئك الذين بلغ بهم الكِبْر والغطرسة والظلم والجبروت مبلغاً عظيماً، ونراهم يزدادون يوماً بعد يوم في الظلم والبطش والكبرياء، ومع ذلك نراهم ممكَّنين ولهم الغلبة الظاهرة، كما هو الحاصل الآن من دولة الأمريكان واليهود؛ حيث ظلموا وطغوا وقالوا بلسان حالهم ومقالهم: (من أشد منا قوة؟).
وقد يحكُّ في قلوب بعض المسلمين شيء وهم يرون هؤلاء الكفرة يبغون ويظلمون، ومع ذلك هم متروكون لم يأخذهم الله بعذاب من عنده! وقد يتسرب اليأس والإحباط إلى بعض النفوس، ولكن المسلم الذي يفقه سنة الله - عز وجل - ويتأملها، ويرى آثارها وعملها في الأمــم السابــقة؛ لا يحك في نفسه شيء من هذا؛ لأنه يرى في ضوء هذه السنــة أن الكفرة اليوم - وعلى رأسهـــم أمــريكا ودولة اليهود - هم الآن يعيشون سُنّة الإملاء والاستدراج التي تقودهم إلى مزيد من الظلم والطغيان والغرور، وهذا بدوره يقودهم إلى نهايتهم الحتمية؛ وهي الهلاك والقصم في الأجل الذي قد ضربه الله لهم. قال - تعالى -: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَـمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِـمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا} [الكهف: ٩٥].
ففي الإملاء للكفار وتركهم يتسلطون على المسلمين في مدة من الزمن؛ ابتلاء وتمحيص للمؤمنين، حتى إذا آتت سُنّة الابتلاء أُكُلَها، وتميز الصف المؤمن الذي خرج من الابتلاء نظيفاً ممحَّصاً؛ عندئذٍ تكون سنة الإملاء هي الأخرى قد أشرفت على نهايتها؛ فيحقّ القول على الكافرين ويمحقهم الله كرامةً للمؤمنين الممحَّصين الذين يمكِّن الله لهم - عز وجل - في الأرض ويخلفون فيها بعد محق الكافرين.
قال - تعالى -: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}. [آل عمران: ١٤١].
فذكر الله - سبحانه - التمحيص قبل المحق، ولو محَقَ الله الكفار قبل تهيُّؤ المؤمنين الممحَّصين؛ فمن يخلفُ الكفارَ بعد محقهم؟ إن الله - عـز وجــل - حكيــم عليم، وما كــان - سبحانه - ليحابي أحداً في سننه، ولله - عز وجل - الحكمة في وضع السُّنَّتين: سُنة الابتلاء وسنة الإملاء، في آيتين متتاليتين في سورة آل عمران. قال - تعالى -: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لُهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [آل عمران: ٨٧١]. ثم قال بعدها: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْـمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْـخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَـكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.
[آل عمران: ٩٧١].
ولعل من الحكمة - والله أعلم - أن يعلِمنا الله - عز وجل - أن هاتين السُّنَّتين متلازمتان ومتزامنتان، وأن إحداهما تهيئ للأخرى.
وفي الوقوف مع سُنة الإملاء فوائد، منها: عدم الخوف والاغترار بقــوة العــدو؛ ذلـك لأن ناصيته بيد الله - عز وجل - والله - سبحانه - يملـي لــه ليُمْحَـق لا ليدوم ظُلْمُه، ولو شاء الله - عــز وجل - لقصمــه، ولكــن الــله - عز وجل - له الحكمة في تأجيل هذا القصم. وهذا الإيمان يُذْهِب اليأسَ عن النفوس، ويزيل الإحباط والخوف الذي ينشأ من تسلط الأعداء وقوتهم.
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً؛ يعز فيه وليك ويذل فيه عدوك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، إنك سميع الدعاء. اللهم ارحم عبادك الموحدين، والطف بهم في فلسطين والعراق وأفغانستان وفي كل مكان، اللهم احقن دماءهم، واحفظ لهم دينهم وأعراضهم وأموالهم، اللهم فُك أسر المأسورين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم اشفِ صدورنا وأقرَّ أعيننا بنصرة دينك وأوليائك، اللهم قاتلِ الأعداءَ الذين يكذِّبون رسلك ويعادون أولياءك، ويصدون عن سبيلك، وأنزل عليهم رجزك وعذابك إلهَ الحق، اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم!
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.
__________________________

مجلة البيان
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى