أثبتت الحروب الحديثة، وآخرها الحرب الأمريكية - البريطانية على العراق، أن تحقيق نتائج مؤثرة لعمليات القصف الجوي لا يتوقف فقط على إمكانات الطائرة وكفاءة الطيار، أو على تطوير أجهزة الملاحة والتصويب بالطائرة، ولكن أيضاً على خصائص الحمولة المتفجرة من القنابل والصواريخ، مع سهولة إطلاقها من أوضاع الطيران المختلفة، خصوصاً وأن القصف الجوي يتأثر بعدة عوامل قد تؤدي إلى عدم دقة إصابة الأهداف الأرضية، مثل الخصائص البالستية للقنابل، واتجاه الريح، وارتفاع الطيران، والرؤية الليلية.
بقيت المقذوفات التي تطلقها الطائرات - على الرغم من إدخال التحسينات الثانوية عليها - تعمل تماماً حسب المفهوم التقليدي خلال الحرب الكورية في أوائل خمسينيات القرن الماضي. وتعتبر الحرب الفيتنامية التجربة الفعلية الأولى في مضمار تحسين المقذوفات وجعلها أكثر ملاءمة مع مقتضيات الحرب الحديثة، ثم دخلت مفاهيم جديدة كلياً، وتطورات جذرية، وتحسينات نوعية خاصة بالقنابل والمقذوفات، وشدة الانفجار.إن الأساس في تصنيف القنابل والمقذوفات بشكل عام، هو القنبلة العادية شديدة الانفجار، التي تجعل من الأهداف الميدانية مجالا أساسيا لعملها، إلا أنها تبقى ذات تأثير محدود، حتى في مهاجمتها للأهداف الكبيرة، التي تتطلب دقة نسبية، مثل المباني والسفن، كما أن تأثيرها يتضاءل حين تتعرض للأهداف المنتشرة أفقياً، مثل المركبات ومجموعات الجنود، أو الأهداف المحصنة، مثل الجسور والخزانات والمنشآت الحيوية، المدنية والعسكرية. وحتى في مجال تأمين الفعالية القصوى ضد هذه الأهداف، تتعرض الطائرات إلى خطر داهم من الدفاعات الأرضية إذا اقتربت إلى مسافة معينة من الهدف المطلوب تدميره أو تعطيله، جزئياً، أو كلياً. لذلك،
يتم التمييز بين مجموعة الأهداف الميدانية ومجموعة الأهداف ذات الأهمية الاستراتيجية. وهناك تصنيفات داخل كل مجموعة، مما أدى إلى تصنيف القنابل والمقذوفات بصورة تتناسب مع الأهداف المقصودة. لقد دلت تجارب الحروب على أهمية تطوير أجيال جديدة من الذخائر الموجهة، بعيدة المدي، وذات القدرة على العمل في شتى الأحوال الجوية. وفي حرب تحرير الكويت ظهرت أولى القنابل الذكية المعتمدة على مصهرات FUZES حديثة، وموجهة بواسطة الأشعة تحت الحمراء، أو بالليزر، أو بواسطة الأقمار الاصطناعية، كأداة هجمومية في حسم الموقف القتالي على الأرض. وهكذا برزت دقة التوجية من ارتفاعات شاهقة للجيل الجديد من المقذوفات والقنابل، المصممة لتدمير أهداف برية، ثابتة أو متحركة.
وإذا كانت دقة التصويب ضد الأهداف تشكل عاملاً رئيساً في الحرب الحديثة، وتدعمها القدرة العالية على الاختراق لتأمين فعالية قصوى في العمليات الهجومية، فإن النصيب الأوفر في النجاح الذي يوفره هذا التوجية لا يتحقق من خلال منظومات الإطلاق فحسب، بل يرتبط كذلك بنوعية المقذوفات وحداثتها، بالإضافة إلى آلية المناورة وإطالة المدى. ومن هنا، فقد خضعت التطورات المتلاحقة لمنطق متماسك، وتشكلت في سياق منظم، يتبع على الدوام خطاً تصاعدياً من حيث دقة التصويب، والتأثير التدميري، والمدى بين الطائرة والهدف.
نظم تسليح متكاملة
تحولت القنابل إلى نظم تسليح متكاملة، تستند إلى سطوح التحكم ومجموعات التوجية، وتضاف إليها جنيحات انزلاقية، وأحياناً محركات صاروخية خارجية. غير أن التطوير تجاوز بدوره هذ الحد نحو إعطاء رأس القنبلة الحربية شكلاً انسيابيا، فطوّرت القنابل txmnj hgrkhfg PGM-2000 و PGM - 500 المجنحة، ذات المحركات الصاروخية، التي تستخدم رؤوساً حربية بزنة 225 أو 450 كجم، مع توفير إمكانية اختيار التوجيه التلفزيوني أو الليزري، وهاتان الفئتان تنحدران من سلسلة القنابل التي صممت في الأساس لتسليح الطائرة "ميراج -2000".
وطورت أوروبا الصاروخ AS30، وقد اشتهر خلال الحرب الإيرانية- العراقية، حيث استعمل لخرق الأهداف المحصنة، كالملاجئ ومخازن الذخيرة ومخابئ الطائرات. ويطلق من الطائرات المحلقة من مسافة 12كم، مما يؤمن حماية مهمة للطائرات من الدفاعات الأرضية القريبة المدى بسرعة فوق صويتة. ويوجه الصاروخ بواسطة أشعة الليزر، مما يوفر له دقة كبيرة، لا تتجاوز المتر الواحد، وسرعته عند اصطدامه بالهدف تبلغ 4ر1ماخ.
المقذوفات الثانوية
لعل الوسيلة الأولى نحو تطوير المقذوفات العادية شديدة الانفجار تمثلت بالاستعاضة عن الشحنة الواحدة المتفجرة، ذات الإطار الفولاذي السميك، بعدد من القنيبلات، أو المقذوفات الثانوية، في إطار من التغليف خفيف الوزن، وتحققت فعالية مثل هذه التقنية لدى التجربة من خلال اللجوء إلى رادار تحديد الارتفاع، أو إلى استخدام المصهرات الزمنية لدى القيام بعملية التفجير. وبدلاً من أن يحدث المقذوف فجوات مخروطية ضيقة، أصبحت الرؤوس الحربية الصغيرة تنطلق على شكل يتناسب مع دقة نظم تصويب السلاح الجوي المهاجم لدي تشظية الغطاء الخارجي الخفيف للقنبلة.وقد عرفت هذه المقذوفات باسم "القنابل العنقودية" CLUSTER BOMBS، التي تطورت منها مقذوفات "ذكية" SMART. ومن أهم الطرازت التي برزت في هذا الحقل سلسلة "روك آي" الأمريكية، وسلسلة "بازالت 500" الروسية، وسلسلة "هانتتج 755" البريطانية، وسلسلة "ماترا بيلوجا" الفرنسية. ومن أبرز التطورات الأخيرة التي مهدت لإنتاج المقذوفات القادرة على الاستشعار أولاً قبل الانقضاض على الدبابات والآليات بصورة فردية، ظهر الطراز EFCO 97/8، الذي يطلق عشر قذائف فرعية طراز BLUE 108B، وتحتوي كل واحدة منها على أربعة رؤوس حربية تنطلق فردياً بحركة مغزلية متجهة إلى أعلى. ولدى اكتشافها لحرارة الهدف تنطلق كقذيفة إلى أسفل بسرعة 2750 متراً في الثانية، بعد أن يكون مستشعرها العامل بالأشعة تحت الحمراء قد أجرى المسح الضروري المخروطي الشكل.
وقامت شركة "لوكهيد مارتن" lockheed Martin الأمريكية بإنتاج موزع للذخيرة يصحح من مفعول الرياح، وهو عبارة عن مجموعة توجيه ذيلية تعمل بالقصور الذاتي. والطراز الأساسي هو CBU-103 التي تنثر 202 قنبلة صغيرة من نوع BLU-97/B، وتجري حالياً تجارب على تطوير ناثر ذخيرة يصحح مفعول الريح مع مدى أبعد.
وتنتج شركة "رايثيون" Raytheon الأمريكية، ناثر الذخيرة بعيدة المدى AGM-154JSOW للبحرية الأمريكية، والذي استعمل للمرة الأولى خلال الحرب ضد العراق. وهو عبارة عن آلية تزن 475كجم، بجناح انسيابي، ويضم عدة قنابل صغيرة مشتركة يبلغ عددها 145 قنبلة من نوع BLU-97B/B، ويوجَّه بنظام الملاحة الكوني GPS بمشاركة نظام القصور الذاتي، ويتمتع السلاح بمدى130 كم، وبرأس حربية اختراقية، وباحث يعمل بالأشعة تحت الحمراء، وبوسيلة تتعرف على الهدف ذاتياً.
وطور في أوروبا ناثر الذخيرة طراز DWS، الذي يزن 660 كجم، ويستعمله حالياً سلاح الجو السويدي، ويتمتع النموذج الأحدثDWS39 ، بتوجيه من الأقمارالاصطناعية، ويبلغ مداه 20كم عند استعماله من الارتفاع العالي.
القنابل الخارقة
تم اعتماد تقنية أخرى في إلقاء القنابل الخارقة، خفيفة الوزن، بأعداد وفيرة من ارتفاعات منخفضة، لتأمين فعالية متزايدة ضد المدارج، ولتقليل فرص الإصابة من الدفاعات الأرضية. ولعل الصناعة الفرنسية كانت سباقة في هذا المجال، حيث طورت قنابل قابلة للإطلاق من ارتفاع يتراوح بين 65 و 75 متراً، على أن تندفع في مرحلة أولى بزاوية حادة عبر استخدام المظلات، ثم تزاداد سرعتها لاحقاً بواسطة محرك صاروخي، ومن هذه القنابل، القنبلة
BAP-100، التي اعتمدها سلاح الجو الفرنسي بوزنها البالغ 5ر32 كجم، والقنبلة W107/B التي اعتمدها سلاح الجو الأمريكي، بزنة 220 كجم.
وفيما يخص الأهداف المتحركة، فإن الأمر مختلف قليلاً، إذ يفترض تزويد الصاروخ الحامل بوسائط فائقة للتوجيه النهائي، حسب سيناريوهات القتال المحتملة. لذلك يستوجب تجهيز الصاروخ بأنظمة التصوير بالأشعة تحت الحمراء، ورادارات التقنية العالية لتكوين الصور، أو العاملة بالموجات الملليمترية، أو الليزرية.
الرؤوس الحربية الترادفية
لتعزيز قدرات الاختراق، طورت شركة بريطانية رؤوساً حربية ترادفية Tandem مع شحنة مدببة في المقدمة لإحداث فجوات متلاحقة في طبقة الإسمنت، ولعل الرأس الحربية BROACH، المتوفرة في أحجام عدة، وبأوزان حسب الطرازات، تتراوح بين227 و 900 مجم، مروراً بفئة 450كجم، تعتبر رائدة تماماً في هذا المجال، وهي ليست مصممة للمقاتلات والقاذفات فقط، بل كذلك للصواريخ الجوالة "كروز" Cruise الأوروبية، مثل الصاروخ "ستورم شادو" Storm Shadow لتجهيز سلاح الجو البريطاني، أو "سكالب" SCALP لتجهيز سلاحي الجو في فرنسا وألمانيا. وأيضاً طورت إحدى الشركات السويدية رأساً حربية ترادفية من خلال النظام المستخدم في الصاروخ الجوال "توروس" TOROS.
تقنيات التوجيه والملاحة
تبذل حالياً جهود مكثفة في مجال التوجيه عبر استخدام نظام القصور الذاتي، ومجموعات الملاحة بإرشاد الأقمار الاصطناعية، أو نظم تحديد المواقع عالمياً. وتصل دقة التوجيه في هذه الحالة إلى حدود عشرة أمتار في جميع
الظروف الجوية. وقد حققت الشركات الأمريكية خطوات حاسمة في هذا المجال من خلال الرأس الحربية W-13 ذات القدرة العالية على الاختراق، فقد تمكنت من تطوير مجموعة توجيه تعمل بمعطيات الأقمار الاصطناعية ونظم القصور الذاتي معاً.
ومن اتجاهات التطوير الحديثة للقنابل التقليدية ما يتعلق بعامل الدقة من خلال إدخال أساليب توجيه جديدة، وإذا كانت القنابل الموجهة تعود بداياتها إلى النصف الثاني من عقد الستينيات خلال الحرب الفيتنامية، فإن الطرازات الحالية تعتبر نقلة نوعية بارزة، نظراً لاستخدامها أشعة الليزر التي تحقق دقة إصابة بحدود خمسة أمتار كحد أقصى، عندما يضاء الهدف بشعاع ليزري، سواء من الطائرة الموجهة أو من طائرة أخرى، أو حتى من مصدر أرضي.
وقد لبت القنابل الموجهة بالليزر حاجة عملياتية مباشرة وملحة للجيش الأمريكي في فيتنام، ثم استفادت هذه القنابل من تقنيات التوجيه والتحكم، إلى جانب تحسين عامل الدقة من آليات تطوير استخدام الليزر في أوقات الطقس الرديء. وهناك الآن سلسلة واسعة من القنابل الليزرية، تعدلت باستمرار، واحتلت مركز الريادة في هذا المجال. وظهرت في البداية سلسلة قنابل Paveway الأمريكية، وتم تطويرها فيما بعد وعرفت باسم Paveway II، التي أصبحت ذات أجنحة كبيرة تنطوي، وتؤمن مدى أبعد ودقة محسنة عند الإطلاق من مستوى منخفض، وتتميز بأجنحة واسعة لتسهيل عملية الإطلاق من مستويات منخفضة، وبنظام تحكم أدق. كما صممت السلسلة كلها لتغطية أوسع نطاق ممكن من سيناريوهات التدخل حسب الأوزان وطبيعة الاختراق والمدى. وأثقل قذيفة اختراق في السلسلة هي النموذج GBU-28A/V، وتزن حوالي 2130كجم، واستعمل منها اثنتان خلال حرب تحرير الكويت عام 1991م، وقد تم تعزيزها منذ ذلك الوقت بإضافة نظام الملاحة بالأقمار الاصطناعية. ومازال التطوير مستمراً لهذه القنابل، فالنموذج Paveway 1V سيزود بملاحة بنظام القصور الذاتي، المدعوم بنظام الملاحة بالأقمار الاصطناعية، مع إضافة أو تعديل في الأجنحة، لتوسيع المنطقة التي يمكن مهاجمتها من نقطة اطلاقها، ومن المحتمل أن يصل مداها الأقصى إلى 110كم.
وتعتبر القنابل الموجهة بالليزر أقل أنواع الذخائر "الذكية" تكلفة في الإنتاج، كما أن دقة إصابتها تعادل دقة إصابة المقذوفات الموجهة بالموجات الرادارية المليمترية. وإذا قورنت - على سبيل المثال - أسعار مجموعة توجيه القنابل بالليزر، والتي تقارب المجموعة منها حوالي 60 ألف دولار، بالدقة العالية التي تحققها القنبلة، فإنه يتضح أن استخدام
المقذوفات الموجهة بالليزر هو أنسب الوسائل لتحقيق كفاءة عالية بتكاليف بسيطة.
وتتكون مجموعة التوجيه بالليزر من الأجزاء الآتية:
- زعانف الاتزان في مؤخرة القنبلة للحفاظ على اتزانها أثناء سقوطها.
- باحث ليزري يركب في مقدمة القنبلة لاستقبال نبضات الليزر أثناء سقوط القنبلة.
-مجموعة التحكم والتوجيه وتركب بين القنبلة وباحث الليزر، وبها حاسب لإنتاج أوامر التوجيه، وجيروسكوب للتحكم في الحركة المحورية، وموتور لإدارة الزعانف.
ومجموعة التوجيه بالليزر تحفظ منفصلة عن القنبلة، وتركب عليها فقط عند تعليق القنبلة بالطائرة، كما يمكن استخدام مجموعة التوجيه نفسها على أكثر من نوع من القنابل، والمجموعة لا تحتاج إلى دوائر إلكترونية متطورة لتشغيلها. واذا كان المقذوف موجهاً مباشرة إلى الهدف الذي يعكس أشعة الليزر، تكون الإصابة مؤكدة، أما إذا كان شعاع الليزر يحوم حول مركز الهدف، فإن المقذوف يغير اتجاه الزعانف. ويعمل قسم التوجيه على تصحيح زاوية الخطأ طوال المسار، وهي الزاوية بين المحور الهندسي للقنبلة وخط التنشين الذي يصل بين القنبلة والهدف.
وينقسم مسار القنبلة الموجهة بالليزر - من لحظة إطلاقها من الطائرة وحتى اصطدامها بالهدف - إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: وتسمى المرحلة البالستية غير الموجَّهة، وهي تستغرق فترة قصيرة، تكون فيها زعانف التوجيه جاهزة تماماً للعمل، ويأخذ مسار القنبلة الشكل العام لوضع الطائرة لحظة إسقاط القنبلة، وأيضاً تعتمد سرعة القنبلة على
سرعة الطائرة لحظة الإسقاط.
المرحلة الثانية: وتبدأ بمجرد استقبال الأشعة المنعكسة من الهدف بواسطة المستشعر، ويتحقق ذلك عندما يكون الهدف
في مجال رؤية المستشعر، وتكون الطاقة لتشغيل دائرة التوجيه.
المرحلة الثالثة: وتسمى مرحلة التوجيه النهائي، وفيها تتذبذب القنبلة حول خط التنشين، ويتم التصحيح المستمر لحركتها باستخدام ريش التحكم.
وقد طورت شركات فرنسية سلسلة قنابل BGL الموجهة ليزرياً، وهي مصممة للإطلاق من ارتفاع يقل عن مائة متر بمدى يصل إلى سبعة كيلومترات، كما طُوِّر منها طراز يزن 1000كم، وهو مصمم خصيصاً لتلبية حاجات سلاح الجو الفرنسي في عمليات تفجير قواعد الجسور. ونظام التوجيه المستخدم مع القنابل BGL يمكن مواءمته على القنابل 400، و 1000كجم، ويمكن استخدامه عند الطيران الأفقي بسرعة 9ر0 ماخ، مما جعله يتمتع بمدى قذف يتراوح بين 4كم وحتى 10كم، وتتم إضاءة الهدف بجهاز ليزر مثبت على الطائرة، أو على الأرض، وغالباً ما يستخدم بود التصويب الليزرى طراز ATLISII.
ونظام التوجيه بالليزر المركب على القنبلة BGL هو المستخدم في الأصل مع الصاروخ AS-30.. وتتكون مجموعة التوجيه من أربع زعانف كبيرة بمؤخرة القنبلة للحفاظ على اتزانها، ويركب في مقدمتها باحث أشعة الليزر.
كما طورت روسيا القنابل الموجهة بأشعة الليزر، ومنها القنبلة LGB-250 التي تزن 250كم، والقنبلة KAB-500 التي تزن 560كجم، والقنبلة KAB-1500L التي تزن 1500كجم، ولابد أيضاً من ذكر القنبلة الروسية الوحيدة الموجهة بواسطة الأقمار الاصطناعيةKAB-500-S ، لتحقيق نسبة عالية من الدقة في التوجيه لا تتجاوز الخمسة أمتار.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن الشركات الأوروبية أدخلت على القنابل الانزلاقية GBU تعديلات مهمة على أجنحتها، مما حسن كثيراً من طريقة انزلاقها، ومداها، ودقَّتها. وقد اختبرت هذه النماذج المعدلة بنجاح خلال الحرب في أفغانستان وفي العراق. وبعد نجاح التجارب نشطت الشركات بتحديث 1200قنبلة لحساب سلاح الجو الأمريكي، بعد إدخال تعديل جوهري على كافة القنابل الليزرية من طراز AGM-130 التي تستخدم كذلك الأشعة تحت الحمراء، أو التصوير التلفزيوني.
وعمدت شركة "بوينج" BOEING الأمريكية إلى تطوير نظام JDAM، الذي يدمج في آلية واحدة التوجيه بواسطة GPS والملاحة بالقصور الذاتي وأربعة سطوح مائلة ومستطيلة لرفع مستوى الانزلاق والمناورة؛ وهناك أربعة نماذج من هذا النظام برأس حربية تقليدية أو خارقة. وتجدر الاشارة هنا إلى أن هذه القنابل استخدمت بكثافة خلال حرب كوسوفو من قبل القاذفات الاستراتيجية الأمريكية B2A ، كما اقترحت شركة "بوينج" تطوير قنابل خفيفة الوزن من الفئة نفسها لتجهيز المقاتلة المستقبلية متعددة المهام F-22 والطائرة الضاربة المشتركة JSF ، بالتزامن، مع الشروع في تطوير نسخة أخرى للملاءمة مع القذائف الصغيرة والذكية طراز SDB.
وتنتج إسرائيل مجموعة التوجيه للقنابل بالليزر طراز MK82GRIFFIN التي تحقق إمكانية إطلاق القنابل من مسافة تصل حتى 8كم، وتصل دقة الإصابة حتى 8 مترات، ويمكن إسقاط القنبلة من أي وضع للطائرة (تسلق - انقضاض - طيران أفقي)، وتستخدم القنبلة مستودع تصويب يمكنه العمل ليلاً ونهاراً من على الطائرات، أو من على الأرض. وتطور إسرائيل أيضاً مجموعة توجيه القنابل بالليزر طراز "جيلوتين"، التي تحقق مدى إسقاط يصل إلى 30كم، بدقة تصل إلى ثلاثة أمتار، ويمكن تركيبها على أنواع عديدة من القنابل منها MK-82/83 ، وتتكون المجموعة من جزئين: أحدهما للتوجيه والتحكم، ويركب في مقدمة القنبلة، والآخر للاتزان، ويركب في مؤخرة القنبلة.
واذا كانت القنابل الموجهة ليزرياً تشكل توجهاً رئيساً في مجال تصنيع المقذوفات الحديثة، وزيادة الدقة والفعالية والمدى، فإن التوجه الأخر يتمثل في القنابل الموجهة تلفزيونياً، والتي قد يمكنها - حسب رأي عديد من الخبراء - تنفيذ عمليات ليلية في حالة اللجوء إلى تقنية التصوير الحراري، كما تسمح بتسجيلات فيديو لتقويم العمليات وتقدير الخسائر.
ومن القنابل الموجهة تليفزيونياً الطراز الأمريكي GBU-15، وهو عبارة عن قنبلة مجنحة انزلاقية، تنطلق بالتوجيه التلفزيوني، أو بالتصوير الحراري، وتزن رأسها الحربية طراز MK84 نحو 140 كجم، أما مداها فيتراوح بين 15 و 30كم، حسب الارتفاع الذي تطلق منه، كما أنها قنبلة قابلة للتجهيز بمحرك صاروخي يرفع المدى حتى 85كم.
التوجيه بواسطة الأقمار الاصطناعية
برهنت التجارب والاختبارات الماضية والحالية عن أهمية توجيه المقذوفات بواسطة الأقمار الاصطناعية، من خلال استقبال إشارات نظام تحديد الموقع عالمياً GPS ، الذي يعتبر من الوسائل الفعالة والأساسية لمقاومة الأحوال الجوية المعرقلة لليزر، خصوصاً إذا تم دمجه مع نظام للتحكم بالنيران وآخر من الحجم الصغير للملاحة بالقصور الذاتي، مما يوفر آلية إطلاق دقيقة للأسلحة المقذوفة من الجو. ولقد جرى من جهة، تطوير النظام التفاضلي DGPS القادر على تصحيح أخطاء إشارات القمر الاصطناعي عبر جهاز إرسال قريب من موقع البث. وهذه التقنية خولت للطائرات إمكانية التعرض لعدة أهداف تبرمج سلفاً في طلعة جوية واحدة، مع إشارات بث ضعيفة جداً، لايمكن التشويش عليها بسهولة. وتبذل في هذا الوقت جهود صناعية مركزة، لتخفيف تعرض الإشارات الملاحية للارتباك عبر استخدام هوائيات مركبة وعالية التوجيه. وإضافة إلى الأجهزة المحمولة جواً، التي تعيد بث الإشارات بقوة مضاعفة جداً صوب وسائط استقبال مناسبة، فإن الجيل الجديد من تقنية GPS المتوقع إدخاله في الخدمة الفعلية بحدود عام 2009م مصمم في الأساس للبث بقدرة أكبر.
ولقد ألقت طائرة من طراز MC-130 تابعة للقوات الجوية الأمريكية - في الثاني والعشرين من نوفمبر 2003م - أقوى قنبلة تقليدية في ترسانة الأسلحة الأمريكية في منطقة تجارب بولاية فلوريدا في آخر خطوة تطويرية لأم القنابل، التي تبلغ زنتها 11 طناً تقريباً، وهى القنبلة "مواب" الموجهة بالأقمار الاصطناعية، فوق منطقة تجارب بالقاعدة. وارتفع عمود من الدخان لمسافة تزيد على 3048 متراً في الهواء، وكان يمكن رؤيته على بعد 64 كيلومتراً.
ووصفت القوات الجوية الأمريكية التجربة بأنها ناجحة، وقالت إن القنبلة انفصلت بشكل نظيف عن الطائرة، بمساعدة مظلة على ارتفاع 6248 متراً، ووصلت بسلاسة خلال 41 ثانية للمنطقة المستهدفة، وانفجرت وفقاً لما تم التخطيط له. وقال مسؤولون إنه تم تطوير القنبلة خلال 9 أسابيع فقط كي يتسنى استخدامها خلال الحرب على العراق، ولكن القادة اختاروا عدم استخدامها، وجرى الاختيار الحي الوحيد لها في الأسبوع السابق للغزو.
وهذه القنبلة هي أقوي قنبلة أمريكية غير نووية، حيث تحتوي على 8482 كيلوجراماً من المواد الناسفة شديدة الانفجار، وتنفجر قبيل وصولها إلى الأرض عندما يرتطم رأسها الذي يبلغ طوله 1،9 أمتار بسطح الأرض. والقنبلة متاحة الآن للقيادة الأمريكية، ولكن لا توجد خطط فورية كي يتم إنتاجها. وقد تم تصميمها كي تحل محل القنبلة BLU-82 المعروفة باسم "ديزي كاتر"، التي تبلغ زنتها 6800 كيلوجرام، والتي جرى استخدامها في حرب فيتنام، وحرب الخليج العام 1991م، وفي أفغانستان في عام 2001م ضد الكهوف الجبلية، التي كان يعتقد أن مقاتلي القاعدة وطالبان يختبئون في داخلها. وقال المسؤولون إن التجربة التي تم إجراؤها هي الأولى التي يتم فيها استخدام متفجرات حقيقية، وإنه جرى من قبل اختباران معمليان للقنبلة في شهر فبراير 2003م، وفي السابع من مارس 2003م.
ويتم إطلاق القنبلة عبر الجزء الخاص بالتخزين والحقائب في طائرات النقل طرازؤ-130 C، حيث توضع القنبلة على منصة معدنية متحركة، ثم تقوم مظلة بسحب المنصة لتبدأ القنبلة في التحرك نحو باب المخزن، وهذه طريقة تختلف عن المتبع في إلقاء القنابل حتى الآن.
وتستعين "أم القنابل" بالأقمار الاصطناعية للوصول إلى هدفها، وذلك عندما يبدأ نظام الملاحة بالقصور الذاتي وتحديد الهدف في العمل. وتتسبب "أم القنابل" عند الانفجار في انطلاق عامود من الدخان، يمكن رؤيته على بعد عدة كيلومترات، ويقول شهود العيان إنهم شعروا بهزة تشبه الزلزال في منازلهم، على بعد كيلومترات من مكان الانفجار.
وبعد أن أوضحت حملة حلف الناتو على صربيا صعوبة أواستحالة استخدام القنابل الموجهة بالليزر أو الموجهة تليفزيونياً، وذلك في ظل الوجود الدائم للسحب المنخفضة فوق صربيا، وتغطية هذه السحب للأهداف، اتجهت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في الخلف إلى الإسراع في تطوير وإنتاج وحدات توجيه القنابل التي تعتمد على نظام الملاحة الكوني GPS.
وتعتبر "جدام" JDAM أولى القنابل الموجهة بنظام الملاحة الكوني في القوات الجوية الأمريكية، أو بشكل أكثر دقة، موجهة بالقصور الذاتي، مع دعم من نظام الملاحة الكوني. وهي عبارة عن وحدة توجيه يتم تركيبها على عدد من أنواع القنابل التقليدية غير الموجهة، لينتج عن ذلك عائلة جديدة؛ ومن هذه العائلة تستخدم القوات الجوية الأمريكية حالياً القنبلة GBU-31، التي تعتمد على رأس حربي طراز MK84، والقنبلة GBU-32، التي تعتمد على رأس حربي طراز MK83، والقنبلة GBU-35 التي تستخدم رأساً حربياً طراز BLU-110، وهو مخصص لاختراق الأهداف المحصنة أو المدفونة تحت الأرض، وأخيراً القنبلة الخفيفة GBU-38، التي تستخدم رأساً حربياً طراز MK82 أوBLU-III .
وتستخدم كل وحدات "جدام" نظام التوجيه نفسه، والمكون من جيروسكوب ليزري طراز HG1700 ومستقبل لإشارات نظام GPS طراز GAM-III، ومصهر قابل للبرمجة. ولكن تختلف الوحدات فى شكل الذيل. وتسمح القنابل المزودة بوحدات "جدام" للطيار بمهاجمة عدد من الأهداف في طلعة واحدة. وقد نجحت قاذفة أمريكية من طراز
B-2 في إطلاق 80 قنبلة طراز GBU-38 نحو 80 هدفاً مختلفاً خلال طلعة واحدة.
ولا يتخطى مقدار خطأ هذه القنابل مسافة 30 متراً عن الهدف في حالة الاعتماد على القصور الذاتي فقط في التوجيه، في حين لا يزيد مقدار الخطأ عن 13 متراً في حالة استخدام نظام الملاحة الكوني. وقد أظهرت التجارب والاستخدام العملياتي أن مقدار الخطأ لا يتعدى 6ر9أمتار.
بقيت المقذوفات التي تطلقها الطائرات - على الرغم من إدخال التحسينات الثانوية عليها - تعمل تماماً حسب المفهوم التقليدي خلال الحرب الكورية في أوائل خمسينيات القرن الماضي. وتعتبر الحرب الفيتنامية التجربة الفعلية الأولى في مضمار تحسين المقذوفات وجعلها أكثر ملاءمة مع مقتضيات الحرب الحديثة، ثم دخلت مفاهيم جديدة كلياً، وتطورات جذرية، وتحسينات نوعية خاصة بالقنابل والمقذوفات، وشدة الانفجار.إن الأساس في تصنيف القنابل والمقذوفات بشكل عام، هو القنبلة العادية شديدة الانفجار، التي تجعل من الأهداف الميدانية مجالا أساسيا لعملها، إلا أنها تبقى ذات تأثير محدود، حتى في مهاجمتها للأهداف الكبيرة، التي تتطلب دقة نسبية، مثل المباني والسفن، كما أن تأثيرها يتضاءل حين تتعرض للأهداف المنتشرة أفقياً، مثل المركبات ومجموعات الجنود، أو الأهداف المحصنة، مثل الجسور والخزانات والمنشآت الحيوية، المدنية والعسكرية. وحتى في مجال تأمين الفعالية القصوى ضد هذه الأهداف، تتعرض الطائرات إلى خطر داهم من الدفاعات الأرضية إذا اقتربت إلى مسافة معينة من الهدف المطلوب تدميره أو تعطيله، جزئياً، أو كلياً. لذلك،
يتم التمييز بين مجموعة الأهداف الميدانية ومجموعة الأهداف ذات الأهمية الاستراتيجية. وهناك تصنيفات داخل كل مجموعة، مما أدى إلى تصنيف القنابل والمقذوفات بصورة تتناسب مع الأهداف المقصودة. لقد دلت تجارب الحروب على أهمية تطوير أجيال جديدة من الذخائر الموجهة، بعيدة المدي، وذات القدرة على العمل في شتى الأحوال الجوية. وفي حرب تحرير الكويت ظهرت أولى القنابل الذكية المعتمدة على مصهرات FUZES حديثة، وموجهة بواسطة الأشعة تحت الحمراء، أو بالليزر، أو بواسطة الأقمار الاصطناعية، كأداة هجمومية في حسم الموقف القتالي على الأرض. وهكذا برزت دقة التوجية من ارتفاعات شاهقة للجيل الجديد من المقذوفات والقنابل، المصممة لتدمير أهداف برية، ثابتة أو متحركة.
وإذا كانت دقة التصويب ضد الأهداف تشكل عاملاً رئيساً في الحرب الحديثة، وتدعمها القدرة العالية على الاختراق لتأمين فعالية قصوى في العمليات الهجومية، فإن النصيب الأوفر في النجاح الذي يوفره هذا التوجية لا يتحقق من خلال منظومات الإطلاق فحسب، بل يرتبط كذلك بنوعية المقذوفات وحداثتها، بالإضافة إلى آلية المناورة وإطالة المدى. ومن هنا، فقد خضعت التطورات المتلاحقة لمنطق متماسك، وتشكلت في سياق منظم، يتبع على الدوام خطاً تصاعدياً من حيث دقة التصويب، والتأثير التدميري، والمدى بين الطائرة والهدف.
نظم تسليح متكاملة
تحولت القنابل إلى نظم تسليح متكاملة، تستند إلى سطوح التحكم ومجموعات التوجية، وتضاف إليها جنيحات انزلاقية، وأحياناً محركات صاروخية خارجية. غير أن التطوير تجاوز بدوره هذ الحد نحو إعطاء رأس القنبلة الحربية شكلاً انسيابيا، فطوّرت القنابل txmnj hgrkhfg PGM-2000 و PGM - 500 المجنحة، ذات المحركات الصاروخية، التي تستخدم رؤوساً حربية بزنة 225 أو 450 كجم، مع توفير إمكانية اختيار التوجيه التلفزيوني أو الليزري، وهاتان الفئتان تنحدران من سلسلة القنابل التي صممت في الأساس لتسليح الطائرة "ميراج -2000".
وطورت أوروبا الصاروخ AS30، وقد اشتهر خلال الحرب الإيرانية- العراقية، حيث استعمل لخرق الأهداف المحصنة، كالملاجئ ومخازن الذخيرة ومخابئ الطائرات. ويطلق من الطائرات المحلقة من مسافة 12كم، مما يؤمن حماية مهمة للطائرات من الدفاعات الأرضية القريبة المدى بسرعة فوق صويتة. ويوجه الصاروخ بواسطة أشعة الليزر، مما يوفر له دقة كبيرة، لا تتجاوز المتر الواحد، وسرعته عند اصطدامه بالهدف تبلغ 4ر1ماخ.
المقذوفات الثانوية
لعل الوسيلة الأولى نحو تطوير المقذوفات العادية شديدة الانفجار تمثلت بالاستعاضة عن الشحنة الواحدة المتفجرة، ذات الإطار الفولاذي السميك، بعدد من القنيبلات، أو المقذوفات الثانوية، في إطار من التغليف خفيف الوزن، وتحققت فعالية مثل هذه التقنية لدى التجربة من خلال اللجوء إلى رادار تحديد الارتفاع، أو إلى استخدام المصهرات الزمنية لدى القيام بعملية التفجير. وبدلاً من أن يحدث المقذوف فجوات مخروطية ضيقة، أصبحت الرؤوس الحربية الصغيرة تنطلق على شكل يتناسب مع دقة نظم تصويب السلاح الجوي المهاجم لدي تشظية الغطاء الخارجي الخفيف للقنبلة.وقد عرفت هذه المقذوفات باسم "القنابل العنقودية" CLUSTER BOMBS، التي تطورت منها مقذوفات "ذكية" SMART. ومن أهم الطرازت التي برزت في هذا الحقل سلسلة "روك آي" الأمريكية، وسلسلة "بازالت 500" الروسية، وسلسلة "هانتتج 755" البريطانية، وسلسلة "ماترا بيلوجا" الفرنسية. ومن أبرز التطورات الأخيرة التي مهدت لإنتاج المقذوفات القادرة على الاستشعار أولاً قبل الانقضاض على الدبابات والآليات بصورة فردية، ظهر الطراز EFCO 97/8، الذي يطلق عشر قذائف فرعية طراز BLUE 108B، وتحتوي كل واحدة منها على أربعة رؤوس حربية تنطلق فردياً بحركة مغزلية متجهة إلى أعلى. ولدى اكتشافها لحرارة الهدف تنطلق كقذيفة إلى أسفل بسرعة 2750 متراً في الثانية، بعد أن يكون مستشعرها العامل بالأشعة تحت الحمراء قد أجرى المسح الضروري المخروطي الشكل.
وقامت شركة "لوكهيد مارتن" lockheed Martin الأمريكية بإنتاج موزع للذخيرة يصحح من مفعول الرياح، وهو عبارة عن مجموعة توجيه ذيلية تعمل بالقصور الذاتي. والطراز الأساسي هو CBU-103 التي تنثر 202 قنبلة صغيرة من نوع BLU-97/B، وتجري حالياً تجارب على تطوير ناثر ذخيرة يصحح مفعول الريح مع مدى أبعد.
وتنتج شركة "رايثيون" Raytheon الأمريكية، ناثر الذخيرة بعيدة المدى AGM-154JSOW للبحرية الأمريكية، والذي استعمل للمرة الأولى خلال الحرب ضد العراق. وهو عبارة عن آلية تزن 475كجم، بجناح انسيابي، ويضم عدة قنابل صغيرة مشتركة يبلغ عددها 145 قنبلة من نوع BLU-97B/B، ويوجَّه بنظام الملاحة الكوني GPS بمشاركة نظام القصور الذاتي، ويتمتع السلاح بمدى130 كم، وبرأس حربية اختراقية، وباحث يعمل بالأشعة تحت الحمراء، وبوسيلة تتعرف على الهدف ذاتياً.
وطور في أوروبا ناثر الذخيرة طراز DWS، الذي يزن 660 كجم، ويستعمله حالياً سلاح الجو السويدي، ويتمتع النموذج الأحدثDWS39 ، بتوجيه من الأقمارالاصطناعية، ويبلغ مداه 20كم عند استعماله من الارتفاع العالي.
القنابل الخارقة
تم اعتماد تقنية أخرى في إلقاء القنابل الخارقة، خفيفة الوزن، بأعداد وفيرة من ارتفاعات منخفضة، لتأمين فعالية متزايدة ضد المدارج، ولتقليل فرص الإصابة من الدفاعات الأرضية. ولعل الصناعة الفرنسية كانت سباقة في هذا المجال، حيث طورت قنابل قابلة للإطلاق من ارتفاع يتراوح بين 65 و 75 متراً، على أن تندفع في مرحلة أولى بزاوية حادة عبر استخدام المظلات، ثم تزاداد سرعتها لاحقاً بواسطة محرك صاروخي، ومن هذه القنابل، القنبلة
BAP-100، التي اعتمدها سلاح الجو الفرنسي بوزنها البالغ 5ر32 كجم، والقنبلة W107/B التي اعتمدها سلاح الجو الأمريكي، بزنة 220 كجم.
وفيما يخص الأهداف المتحركة، فإن الأمر مختلف قليلاً، إذ يفترض تزويد الصاروخ الحامل بوسائط فائقة للتوجيه النهائي، حسب سيناريوهات القتال المحتملة. لذلك يستوجب تجهيز الصاروخ بأنظمة التصوير بالأشعة تحت الحمراء، ورادارات التقنية العالية لتكوين الصور، أو العاملة بالموجات الملليمترية، أو الليزرية.
الرؤوس الحربية الترادفية
لتعزيز قدرات الاختراق، طورت شركة بريطانية رؤوساً حربية ترادفية Tandem مع شحنة مدببة في المقدمة لإحداث فجوات متلاحقة في طبقة الإسمنت، ولعل الرأس الحربية BROACH، المتوفرة في أحجام عدة، وبأوزان حسب الطرازات، تتراوح بين227 و 900 مجم، مروراً بفئة 450كجم، تعتبر رائدة تماماً في هذا المجال، وهي ليست مصممة للمقاتلات والقاذفات فقط، بل كذلك للصواريخ الجوالة "كروز" Cruise الأوروبية، مثل الصاروخ "ستورم شادو" Storm Shadow لتجهيز سلاح الجو البريطاني، أو "سكالب" SCALP لتجهيز سلاحي الجو في فرنسا وألمانيا. وأيضاً طورت إحدى الشركات السويدية رأساً حربية ترادفية من خلال النظام المستخدم في الصاروخ الجوال "توروس" TOROS.
تقنيات التوجيه والملاحة
تبذل حالياً جهود مكثفة في مجال التوجيه عبر استخدام نظام القصور الذاتي، ومجموعات الملاحة بإرشاد الأقمار الاصطناعية، أو نظم تحديد المواقع عالمياً. وتصل دقة التوجيه في هذه الحالة إلى حدود عشرة أمتار في جميع
الظروف الجوية. وقد حققت الشركات الأمريكية خطوات حاسمة في هذا المجال من خلال الرأس الحربية W-13 ذات القدرة العالية على الاختراق، فقد تمكنت من تطوير مجموعة توجيه تعمل بمعطيات الأقمار الاصطناعية ونظم القصور الذاتي معاً.
ومن اتجاهات التطوير الحديثة للقنابل التقليدية ما يتعلق بعامل الدقة من خلال إدخال أساليب توجيه جديدة، وإذا كانت القنابل الموجهة تعود بداياتها إلى النصف الثاني من عقد الستينيات خلال الحرب الفيتنامية، فإن الطرازات الحالية تعتبر نقلة نوعية بارزة، نظراً لاستخدامها أشعة الليزر التي تحقق دقة إصابة بحدود خمسة أمتار كحد أقصى، عندما يضاء الهدف بشعاع ليزري، سواء من الطائرة الموجهة أو من طائرة أخرى، أو حتى من مصدر أرضي.
وقد لبت القنابل الموجهة بالليزر حاجة عملياتية مباشرة وملحة للجيش الأمريكي في فيتنام، ثم استفادت هذه القنابل من تقنيات التوجيه والتحكم، إلى جانب تحسين عامل الدقة من آليات تطوير استخدام الليزر في أوقات الطقس الرديء. وهناك الآن سلسلة واسعة من القنابل الليزرية، تعدلت باستمرار، واحتلت مركز الريادة في هذا المجال. وظهرت في البداية سلسلة قنابل Paveway الأمريكية، وتم تطويرها فيما بعد وعرفت باسم Paveway II، التي أصبحت ذات أجنحة كبيرة تنطوي، وتؤمن مدى أبعد ودقة محسنة عند الإطلاق من مستوى منخفض، وتتميز بأجنحة واسعة لتسهيل عملية الإطلاق من مستويات منخفضة، وبنظام تحكم أدق. كما صممت السلسلة كلها لتغطية أوسع نطاق ممكن من سيناريوهات التدخل حسب الأوزان وطبيعة الاختراق والمدى. وأثقل قذيفة اختراق في السلسلة هي النموذج GBU-28A/V، وتزن حوالي 2130كجم، واستعمل منها اثنتان خلال حرب تحرير الكويت عام 1991م، وقد تم تعزيزها منذ ذلك الوقت بإضافة نظام الملاحة بالأقمار الاصطناعية. ومازال التطوير مستمراً لهذه القنابل، فالنموذج Paveway 1V سيزود بملاحة بنظام القصور الذاتي، المدعوم بنظام الملاحة بالأقمار الاصطناعية، مع إضافة أو تعديل في الأجنحة، لتوسيع المنطقة التي يمكن مهاجمتها من نقطة اطلاقها، ومن المحتمل أن يصل مداها الأقصى إلى 110كم.
وتعتبر القنابل الموجهة بالليزر أقل أنواع الذخائر "الذكية" تكلفة في الإنتاج، كما أن دقة إصابتها تعادل دقة إصابة المقذوفات الموجهة بالموجات الرادارية المليمترية. وإذا قورنت - على سبيل المثال - أسعار مجموعة توجيه القنابل بالليزر، والتي تقارب المجموعة منها حوالي 60 ألف دولار، بالدقة العالية التي تحققها القنبلة، فإنه يتضح أن استخدام
المقذوفات الموجهة بالليزر هو أنسب الوسائل لتحقيق كفاءة عالية بتكاليف بسيطة.
وتتكون مجموعة التوجيه بالليزر من الأجزاء الآتية:
- زعانف الاتزان في مؤخرة القنبلة للحفاظ على اتزانها أثناء سقوطها.
- باحث ليزري يركب في مقدمة القنبلة لاستقبال نبضات الليزر أثناء سقوط القنبلة.
-مجموعة التحكم والتوجيه وتركب بين القنبلة وباحث الليزر، وبها حاسب لإنتاج أوامر التوجيه، وجيروسكوب للتحكم في الحركة المحورية، وموتور لإدارة الزعانف.
ومجموعة التوجيه بالليزر تحفظ منفصلة عن القنبلة، وتركب عليها فقط عند تعليق القنبلة بالطائرة، كما يمكن استخدام مجموعة التوجيه نفسها على أكثر من نوع من القنابل، والمجموعة لا تحتاج إلى دوائر إلكترونية متطورة لتشغيلها. واذا كان المقذوف موجهاً مباشرة إلى الهدف الذي يعكس أشعة الليزر، تكون الإصابة مؤكدة، أما إذا كان شعاع الليزر يحوم حول مركز الهدف، فإن المقذوف يغير اتجاه الزعانف. ويعمل قسم التوجيه على تصحيح زاوية الخطأ طوال المسار، وهي الزاوية بين المحور الهندسي للقنبلة وخط التنشين الذي يصل بين القنبلة والهدف.
وينقسم مسار القنبلة الموجهة بالليزر - من لحظة إطلاقها من الطائرة وحتى اصطدامها بالهدف - إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: وتسمى المرحلة البالستية غير الموجَّهة، وهي تستغرق فترة قصيرة، تكون فيها زعانف التوجيه جاهزة تماماً للعمل، ويأخذ مسار القنبلة الشكل العام لوضع الطائرة لحظة إسقاط القنبلة، وأيضاً تعتمد سرعة القنبلة على
سرعة الطائرة لحظة الإسقاط.
المرحلة الثانية: وتبدأ بمجرد استقبال الأشعة المنعكسة من الهدف بواسطة المستشعر، ويتحقق ذلك عندما يكون الهدف
في مجال رؤية المستشعر، وتكون الطاقة لتشغيل دائرة التوجيه.
المرحلة الثالثة: وتسمى مرحلة التوجيه النهائي، وفيها تتذبذب القنبلة حول خط التنشين، ويتم التصحيح المستمر لحركتها باستخدام ريش التحكم.
وقد طورت شركات فرنسية سلسلة قنابل BGL الموجهة ليزرياً، وهي مصممة للإطلاق من ارتفاع يقل عن مائة متر بمدى يصل إلى سبعة كيلومترات، كما طُوِّر منها طراز يزن 1000كم، وهو مصمم خصيصاً لتلبية حاجات سلاح الجو الفرنسي في عمليات تفجير قواعد الجسور. ونظام التوجيه المستخدم مع القنابل BGL يمكن مواءمته على القنابل 400، و 1000كجم، ويمكن استخدامه عند الطيران الأفقي بسرعة 9ر0 ماخ، مما جعله يتمتع بمدى قذف يتراوح بين 4كم وحتى 10كم، وتتم إضاءة الهدف بجهاز ليزر مثبت على الطائرة، أو على الأرض، وغالباً ما يستخدم بود التصويب الليزرى طراز ATLISII.
ونظام التوجيه بالليزر المركب على القنبلة BGL هو المستخدم في الأصل مع الصاروخ AS-30.. وتتكون مجموعة التوجيه من أربع زعانف كبيرة بمؤخرة القنبلة للحفاظ على اتزانها، ويركب في مقدمتها باحث أشعة الليزر.
كما طورت روسيا القنابل الموجهة بأشعة الليزر، ومنها القنبلة LGB-250 التي تزن 250كم، والقنبلة KAB-500 التي تزن 560كجم، والقنبلة KAB-1500L التي تزن 1500كجم، ولابد أيضاً من ذكر القنبلة الروسية الوحيدة الموجهة بواسطة الأقمار الاصطناعيةKAB-500-S ، لتحقيق نسبة عالية من الدقة في التوجيه لا تتجاوز الخمسة أمتار.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن الشركات الأوروبية أدخلت على القنابل الانزلاقية GBU تعديلات مهمة على أجنحتها، مما حسن كثيراً من طريقة انزلاقها، ومداها، ودقَّتها. وقد اختبرت هذه النماذج المعدلة بنجاح خلال الحرب في أفغانستان وفي العراق. وبعد نجاح التجارب نشطت الشركات بتحديث 1200قنبلة لحساب سلاح الجو الأمريكي، بعد إدخال تعديل جوهري على كافة القنابل الليزرية من طراز AGM-130 التي تستخدم كذلك الأشعة تحت الحمراء، أو التصوير التلفزيوني.
وعمدت شركة "بوينج" BOEING الأمريكية إلى تطوير نظام JDAM، الذي يدمج في آلية واحدة التوجيه بواسطة GPS والملاحة بالقصور الذاتي وأربعة سطوح مائلة ومستطيلة لرفع مستوى الانزلاق والمناورة؛ وهناك أربعة نماذج من هذا النظام برأس حربية تقليدية أو خارقة. وتجدر الاشارة هنا إلى أن هذه القنابل استخدمت بكثافة خلال حرب كوسوفو من قبل القاذفات الاستراتيجية الأمريكية B2A ، كما اقترحت شركة "بوينج" تطوير قنابل خفيفة الوزن من الفئة نفسها لتجهيز المقاتلة المستقبلية متعددة المهام F-22 والطائرة الضاربة المشتركة JSF ، بالتزامن، مع الشروع في تطوير نسخة أخرى للملاءمة مع القذائف الصغيرة والذكية طراز SDB.
وتنتج إسرائيل مجموعة التوجيه للقنابل بالليزر طراز MK82GRIFFIN التي تحقق إمكانية إطلاق القنابل من مسافة تصل حتى 8كم، وتصل دقة الإصابة حتى 8 مترات، ويمكن إسقاط القنبلة من أي وضع للطائرة (تسلق - انقضاض - طيران أفقي)، وتستخدم القنبلة مستودع تصويب يمكنه العمل ليلاً ونهاراً من على الطائرات، أو من على الأرض. وتطور إسرائيل أيضاً مجموعة توجيه القنابل بالليزر طراز "جيلوتين"، التي تحقق مدى إسقاط يصل إلى 30كم، بدقة تصل إلى ثلاثة أمتار، ويمكن تركيبها على أنواع عديدة من القنابل منها MK-82/83 ، وتتكون المجموعة من جزئين: أحدهما للتوجيه والتحكم، ويركب في مقدمة القنبلة، والآخر للاتزان، ويركب في مؤخرة القنبلة.
واذا كانت القنابل الموجهة ليزرياً تشكل توجهاً رئيساً في مجال تصنيع المقذوفات الحديثة، وزيادة الدقة والفعالية والمدى، فإن التوجه الأخر يتمثل في القنابل الموجهة تلفزيونياً، والتي قد يمكنها - حسب رأي عديد من الخبراء - تنفيذ عمليات ليلية في حالة اللجوء إلى تقنية التصوير الحراري، كما تسمح بتسجيلات فيديو لتقويم العمليات وتقدير الخسائر.
ومن القنابل الموجهة تليفزيونياً الطراز الأمريكي GBU-15، وهو عبارة عن قنبلة مجنحة انزلاقية، تنطلق بالتوجيه التلفزيوني، أو بالتصوير الحراري، وتزن رأسها الحربية طراز MK84 نحو 140 كجم، أما مداها فيتراوح بين 15 و 30كم، حسب الارتفاع الذي تطلق منه، كما أنها قنبلة قابلة للتجهيز بمحرك صاروخي يرفع المدى حتى 85كم.
التوجيه بواسطة الأقمار الاصطناعية
برهنت التجارب والاختبارات الماضية والحالية عن أهمية توجيه المقذوفات بواسطة الأقمار الاصطناعية، من خلال استقبال إشارات نظام تحديد الموقع عالمياً GPS ، الذي يعتبر من الوسائل الفعالة والأساسية لمقاومة الأحوال الجوية المعرقلة لليزر، خصوصاً إذا تم دمجه مع نظام للتحكم بالنيران وآخر من الحجم الصغير للملاحة بالقصور الذاتي، مما يوفر آلية إطلاق دقيقة للأسلحة المقذوفة من الجو. ولقد جرى من جهة، تطوير النظام التفاضلي DGPS القادر على تصحيح أخطاء إشارات القمر الاصطناعي عبر جهاز إرسال قريب من موقع البث. وهذه التقنية خولت للطائرات إمكانية التعرض لعدة أهداف تبرمج سلفاً في طلعة جوية واحدة، مع إشارات بث ضعيفة جداً، لايمكن التشويش عليها بسهولة. وتبذل في هذا الوقت جهود صناعية مركزة، لتخفيف تعرض الإشارات الملاحية للارتباك عبر استخدام هوائيات مركبة وعالية التوجيه. وإضافة إلى الأجهزة المحمولة جواً، التي تعيد بث الإشارات بقوة مضاعفة جداً صوب وسائط استقبال مناسبة، فإن الجيل الجديد من تقنية GPS المتوقع إدخاله في الخدمة الفعلية بحدود عام 2009م مصمم في الأساس للبث بقدرة أكبر.
ولقد ألقت طائرة من طراز MC-130 تابعة للقوات الجوية الأمريكية - في الثاني والعشرين من نوفمبر 2003م - أقوى قنبلة تقليدية في ترسانة الأسلحة الأمريكية في منطقة تجارب بولاية فلوريدا في آخر خطوة تطويرية لأم القنابل، التي تبلغ زنتها 11 طناً تقريباً، وهى القنبلة "مواب" الموجهة بالأقمار الاصطناعية، فوق منطقة تجارب بالقاعدة. وارتفع عمود من الدخان لمسافة تزيد على 3048 متراً في الهواء، وكان يمكن رؤيته على بعد 64 كيلومتراً.
ووصفت القوات الجوية الأمريكية التجربة بأنها ناجحة، وقالت إن القنبلة انفصلت بشكل نظيف عن الطائرة، بمساعدة مظلة على ارتفاع 6248 متراً، ووصلت بسلاسة خلال 41 ثانية للمنطقة المستهدفة، وانفجرت وفقاً لما تم التخطيط له. وقال مسؤولون إنه تم تطوير القنبلة خلال 9 أسابيع فقط كي يتسنى استخدامها خلال الحرب على العراق، ولكن القادة اختاروا عدم استخدامها، وجرى الاختيار الحي الوحيد لها في الأسبوع السابق للغزو.
وهذه القنبلة هي أقوي قنبلة أمريكية غير نووية، حيث تحتوي على 8482 كيلوجراماً من المواد الناسفة شديدة الانفجار، وتنفجر قبيل وصولها إلى الأرض عندما يرتطم رأسها الذي يبلغ طوله 1،9 أمتار بسطح الأرض. والقنبلة متاحة الآن للقيادة الأمريكية، ولكن لا توجد خطط فورية كي يتم إنتاجها. وقد تم تصميمها كي تحل محل القنبلة BLU-82 المعروفة باسم "ديزي كاتر"، التي تبلغ زنتها 6800 كيلوجرام، والتي جرى استخدامها في حرب فيتنام، وحرب الخليج العام 1991م، وفي أفغانستان في عام 2001م ضد الكهوف الجبلية، التي كان يعتقد أن مقاتلي القاعدة وطالبان يختبئون في داخلها. وقال المسؤولون إن التجربة التي تم إجراؤها هي الأولى التي يتم فيها استخدام متفجرات حقيقية، وإنه جرى من قبل اختباران معمليان للقنبلة في شهر فبراير 2003م، وفي السابع من مارس 2003م.
ويتم إطلاق القنبلة عبر الجزء الخاص بالتخزين والحقائب في طائرات النقل طرازؤ-130 C، حيث توضع القنبلة على منصة معدنية متحركة، ثم تقوم مظلة بسحب المنصة لتبدأ القنبلة في التحرك نحو باب المخزن، وهذه طريقة تختلف عن المتبع في إلقاء القنابل حتى الآن.
وتستعين "أم القنابل" بالأقمار الاصطناعية للوصول إلى هدفها، وذلك عندما يبدأ نظام الملاحة بالقصور الذاتي وتحديد الهدف في العمل. وتتسبب "أم القنابل" عند الانفجار في انطلاق عامود من الدخان، يمكن رؤيته على بعد عدة كيلومترات، ويقول شهود العيان إنهم شعروا بهزة تشبه الزلزال في منازلهم، على بعد كيلومترات من مكان الانفجار.
وبعد أن أوضحت حملة حلف الناتو على صربيا صعوبة أواستحالة استخدام القنابل الموجهة بالليزر أو الموجهة تليفزيونياً، وذلك في ظل الوجود الدائم للسحب المنخفضة فوق صربيا، وتغطية هذه السحب للأهداف، اتجهت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في الخلف إلى الإسراع في تطوير وإنتاج وحدات توجيه القنابل التي تعتمد على نظام الملاحة الكوني GPS.
وتعتبر "جدام" JDAM أولى القنابل الموجهة بنظام الملاحة الكوني في القوات الجوية الأمريكية، أو بشكل أكثر دقة، موجهة بالقصور الذاتي، مع دعم من نظام الملاحة الكوني. وهي عبارة عن وحدة توجيه يتم تركيبها على عدد من أنواع القنابل التقليدية غير الموجهة، لينتج عن ذلك عائلة جديدة؛ ومن هذه العائلة تستخدم القوات الجوية الأمريكية حالياً القنبلة GBU-31، التي تعتمد على رأس حربي طراز MK84، والقنبلة GBU-32، التي تعتمد على رأس حربي طراز MK83، والقنبلة GBU-35 التي تستخدم رأساً حربياً طراز BLU-110، وهو مخصص لاختراق الأهداف المحصنة أو المدفونة تحت الأرض، وأخيراً القنبلة الخفيفة GBU-38، التي تستخدم رأساً حربياً طراز MK82 أوBLU-III .
وتستخدم كل وحدات "جدام" نظام التوجيه نفسه، والمكون من جيروسكوب ليزري طراز HG1700 ومستقبل لإشارات نظام GPS طراز GAM-III، ومصهر قابل للبرمجة. ولكن تختلف الوحدات فى شكل الذيل. وتسمح القنابل المزودة بوحدات "جدام" للطيار بمهاجمة عدد من الأهداف في طلعة واحدة. وقد نجحت قاذفة أمريكية من طراز
B-2 في إطلاق 80 قنبلة طراز GBU-38 نحو 80 هدفاً مختلفاً خلال طلعة واحدة.
ولا يتخطى مقدار خطأ هذه القنابل مسافة 30 متراً عن الهدف في حالة الاعتماد على القصور الذاتي فقط في التوجيه، في حين لا يزيد مقدار الخطأ عن 13 متراً في حالة استخدام نظام الملاحة الكوني. وقد أظهرت التجارب والاستخدام العملياتي أن مقدار الخطأ لا يتعدى 6ر9أمتار.
التعديل الأخير: