قبل عدة اسابيع وتحديدا بعد اتفاق خفض التصعيد انتشرت اخبار عن دخول قوات تركية الى ادلب، وتنوعت هذه الاخبار بين دخول تركيا فقط ودخول تركيا وروسيا ودخول تركيا وبعض دول الاتحاد السوفييتي السابق، وقمنا في مركز نورس بتتبع هذه الاخبار والمصادر ليتبين معنا مايلي:
مصدر الخبر اجتماع تم في هاتاي بين بعض قادة الفصائل بعضهم فصائل سابقة لمناقشة دخول هذه الفصائل الى ادلب، وكانت نتيجة الاجتماع رفض معظم هذه الفصائل لفكرة دخول ادلب ، وتزامن هذا مع قيام بعض الاشخاص بالترويج لاشاعات عن وجود تدريب في هاتاي للراغبين للانضمام لتشكيل جديد لهذا الغرض، كل هذا تزامن مع اشاعات عن حشود تركية مقابل ادلب خاصة في منطقة حارم واطمة
من اوائل من قام بنقل الخبر صحيفة الميادين اللبنانية نقلا عن الاخبار المتداولة على صفحات الناشطين المعارضين للاسد، بالاضافة لتصريح المتحدث الرئاسي التركي، ابراهيم كالين والذي نقلته القناة التلفزيونية "خبر ترك" عن نية دخول تركيا وروسيا لادلب وبالعودة لتصريحه فان كلامه كان كالتالي:
"سيتم مناقشة مناطق خفض التصعيد المتفق عليها بين روسيا وايران وتركيا خلال اجتماع الاستانة في بداية الشهر السابع. ومناقشة توزيع المناطق لنكون في ادلب وايران حول دمشق والامريكان والاردنيين في درعا. كما اقترحت روسيا ارسال قوات كازاخية وقرغيزية"
والمقصود من سياق كلامه ليس دخول مباشر وانما من سيكون مسؤولا عن ضمان الاتفاقية في هذه المناطق كما ان كلامه كان واضحا انه لايوجد اتفاق روسي-تركي بعد عن ادلب، بل ان هذا الامر سيناقش بالتفصيل في اجتماع الاستانة القادم. ومع وجود تذمر من معظم الفصائل من اجتماع الاستانة وحضوره فقط اسميا، دون الرضى عن نتائجه او الثقة بالطرفين الايراني والروسي والذي تبين لهذه الفصائل ان اتفاق خفض التصعيد تم استخدامه لتركيز قوات هذين الطرفين لمحاربة تنظيم الدولة. فيستبعد ان يأتي الاستانة بأي نتائج جديدة. بل يتوقع ان يتم في مؤتمر الاستانة تقييم الاتفاق ووضع حدوده، وعرض نتائجه، وكيفية تحسينه بهدف تمديده.
لاحقا قامت بعض الصفحات بوضع سيناريوهات عن الاماكن التي سيتموضع بها الجيش التركي في ادلب ومنها جبل الشيخ بركات. وحتى بعد نفي والي هاتاي اوائل الشهر الخامس لتدخل تركي في ادلب الا ان الاشاعة استمرت
قام مركز نورس لاحقا بالتحقق من موضوع وجود اي حشود عسكرية تركية على حدود محافظة ادلب، ولكن لم يتم رصد اي تغير على الحدود، الا موضوع اعادة تموضع الجيش التركي في بعض النقاط الحاكمة داخل سوريا وهو امر عسكري روتيني، كما لايوجد اي حشود عسكرية تركية ارسلت الى محافظة هاتاي، بل ان التعزيزات التركية نحو جنوب تركيا رصدت في الشمال الحلبي، تحضيرا لعملية عفرين، وبالتالي فان اي سيناريو لدخول تركي الى ادلب ليس على الطاولة بعد وقد تتم مناقشته وتقييمه بعد انتهاء عملية عفرين وتقييمها
ايضا تركيز تركيا الان منصب حول تنامي دور المليشيات الانفصالية ومنعها من اقامة دولة في الشمال السوري، وهذا من ضمن اهداف أمنها القومي، بينما موضوع ادلب بالنسبة لتركيا لايتجاوز كونه موضوعا ثانويا لايتطلب من تركيا الدخول عسكريا وانما تيسير صيغ سياسية واتفاقات وتفاهمات بين الفصائل.
نؤكد مرة اخرى ان جميع الدلالات تشير الى عدم وجود تدخل تركي في ادلب، والمؤشرات عن قرب هذا التدخل غير موجودة، والمؤشرات تتابع بعد تقييم نتائج عملية عفرين
في النهاية، اكبر مشكلة لدينا هو انتشار الاشاعات وترويجها، دون أي اساسات صلبة او رغبة في تتبع مصادر الاخبار، والخطر الكبير في هذا هو موضوع التجييش دون أي برهان.
ونضيف نقطة هنا، وهو ضرورة استغلال هذه الفترة بالعمل العسكري وفي نفس الوقت دراسة المشاكل وطرق حلها بين الفصائل مع بعضها وبينها وبين الطبقات الاجتماعية. فأكبر معوق لدينا هو المعوق الفكري والذي يتوجب التركيز خلال هذه الفترة على حله لبناء جسور الثقة بين الفصائل، خاصة على مستوى اعلى الهرم، واعادة هيكلة كل فصيل، لرفد الفصائل بالكفاءات الفكرية والعملية والمتعقلة والتي تعي حرمة دماء المسلمين، وتفعل المستطاع لصونها واعادة الكرامة للمسلمين، ولوضع الشخص المناسب في المكان المناسب في كافة المجالات المدنية والعسكرية ليس على اساس مناطقي او قبلي، حتى لانعيد انتاج انظمة شبيهة بنظام الاسد، محكومة بالزوال، لايبقيها الا التخلف الفكري.
فالاستبدال قادم لامحالة، ان لم يتم التغيير، فاما ان نكون جزء منه او ان نكون غبارا له. كما يتوجب العمل على تحييد كل من يقوم باشعال الفتن بين الفصائل، وانهاء حالة التربص والعداوة ، والانتقال لمرحلة فكرية جديدة تنقل شعبنا من مرحلة الطفولة الفكرية الى مرحلة البلوغ الفكري.