قوات احتلال "شرعية" في دمشق.. هل يتكرر سيناريو "سربرنيتسا"؟
==============
(
- الجمعة 23 حزيران 2017
بلدي نيوز - (منى علي)
قال المتحدث الرئاسي التركي، أمس الخميس، إن تركيا وروسيا ستنشران جنوداً في منطقة إدلب شمال سوريا في إطار اتفاق "تخفيف التوتر" الذي توسطت موسكو في التوصل إليه الشهر الماضي.
ونقلت محطة "خبر ترك" التلفزيونية عن إبراهيم كالين قوله إن مناطق تخفيف التوتر التي اتفقت عليها تركيا وروسيا وإيران ستخضع لنقاش آخر خلال مفاوضات في آستانا عاصمة كازاخستان في مطلع تموز/يوليو المقبل.
وأضاف كالين "سنكون حاضرين بقوة في منطقة إدلب مع الروس، وفي الغالب روسيا وإيران ستكونان حول دمشق ويجري إعداد آلية تشمل الأمريكيين والأردن في الجنوب في منطقة درعا". مضيفا أن روسيا اقترحت أيضا إرسال قوات من كازاخستان وقرغيزستان.
وسائل إعلام عربية بدأت تروج لفكرة "قوات إسلامية"، مستندة إلى وجود قوات من كازاخستان وقرغيزستان، متجاهلة أن ذلك -إن تم- فسيكون رمزياً، كما أن الدولتين محسوبتان على موسكو بشكل كامل.
رسم حدود مناطق "خفض التوتر" الأربع، وتحديد القوات المسؤولة عن حمايتها ومراقبة وقف إطلاق النار فيها، كان مقرراً في الرابع من حزيران الماضي، إلا أن روسيا أرجأته إلى 12 من الشهر الفائت، قبل أن تعود وتؤجله مرة أخرى إلى الخامس من تموز المقبل، وذلك لإعطاء فرصة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية للإطباق على درعا وإعادة احتلالها، وهو ما فشل حتى الآن على الرغم من الحملة الهمجية غير المسبوقة على المدينة المشمولة بخطة "خفض التصعيد".
ومع الفشل العسكري في درعا، ولإفشال الحل السياسي في جنيف، تعتزم روسيا وإيران استباق أي قرار في جنيف، بفرض أمر واقع على الأرض بحيث تكتفي جنيف بمباركته، كما ألمح إلى ذلك المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا، حين تبنى خطة "خفض التصعيد" وأشاد بها في أكثر من مناسبة.
توزيع القوات الذي تحدث عنه الناطق الرسمي التركي، ينطوي على مخاطر جمة يدركها السوريون، حيث سيقتصر الوجود التركي على إدلب، بينما تحيط قوات روسية وإيرانية بدمشق لتُخضع الغوطة الشرقية والأحياء المتبقية بجوارها، وتخنقها بالحصار بدل حصار النظام، إذ أن من وظيفة القوات التي ستراقب "المناطق الآمنة" مراقبة المعابر الإنسانية والإشراف عليها، وبالتالي ستتحكم روسيا وإيران بمصير الغوطة الشرقية وجوبر، ولن تعدم الوسائل لتبرير تجويعها بذريعة "مكافحة الإرهاب"، وفق محللين.
أما درعا فقد تسربت معلومات عن مشاورات أمريكية روسية أردنية متواصلة منذ نحو شهرين، خلصت إلى تقسيم المحافظة بين المعارضة المسلحة والنظام، مع إعطاء النظام معبر "الرمثا" والسماح له بتواجد رمزي في الدوائر والمؤسسات فيما ادعت أنه "نصر رمزي"، وبالتالي يتحقق له ما عجزت آلة حرب ثلاث دول عن تحقيقه، ووفق خطة نشر قوات مراقبة مناطق "خفض التوتر" فإن قوات أمريكية وأردنية وربما روسية ستشرف على المنطقة، ما يعني أن الاتفاق أخذ بعين الاعتبار المصالح الأردنية بإبعاد إيران عن حدودها، بينما أهمل بشكل كامل مصلحة السوريين المنتصرين في معركة درعا حتى الآن، ولا يمكن تجاهل المصالح "الإسرائيلية" في تلك المنطقة على الرغم من غيابها إعلامياً، إذ أن واشنطن تقوم على حفظ مصالح "إسرائيل" نيابة عن تل أبيب.
ويبدو جلياً أن الاتفاق يُشرعن وجود قوات محتلة على الأرض السورية، هي موجودة فعلاً ولكن بلا شرعية، كما أنه يقطع الطريق على الأمم المتحدة التي كان من ضمن خططها، وفق مفاوضات جنيف، إرسال قوات دولية (القبعات الزرق) للفصل والإشراف على المناطق الآمنة، وهو يُعتبر ضمانة مقبولة إلى حد ما للسوريين.
والسؤال الذي يبادر أذهان السوريين: إذا كانت مذبحة "سربرنيتسا" الشهيرة التي قضى فيها آلاف المسلمين عام 1995 على يد الصرب، قد حدثت على مرأى القوات الدولية آنذاك، ويقول البعض بل وبتواطؤ معها، فكيف يمكن منع مذابح أكثر بشاعة على يد قوات روسية وإيرانية في دمشق وغوطتها الصامدة؟.. خاصة وأن ذريعة "مكافحة الإرهاب" جاهزة للظهور وقت الطلب!
روابط ذات علاقة