هل يسعى "تنظيم الدولة" إلى ملء فراغ محتمل في إدلب؟
===============
بعد خسارة "تنظيم الدولة" جميع المراكز الحضرية في العراق وسوريا، وتراجعه عن صدارة الجهد القتالي لقوات التحالف الدولي وروسيا والمجموعات الشيعية المسلحة، بدت هيئة تحرير الشام هي الأكثر قدرة على تبوؤ موقع الصدارة هذه المرة في قتال قوات النظام والمجموعات الحليفة له، فيما ظل التحالف الدولي على موقفه السابق بعدم الاقتراب من مناطق سيطرة الهيئة لاعتبارات تتعلق بتفاهمات مسبقة مع روسيا في اقتسام جغرافية العمل ضد التنظيمات المصنفة على لائحة الإرهاب. لذلك ستواجه جبهة فتح الشام محاولة القضاء عليها التي كانت مؤجلة بعد أن كان "تنظيم الدولة" على رأس قائمة استهداف التحالفات في الحرب على الإرهاب.
وتسيطر هيئة تحرير الشام بشكل ما على إدلب إلى جانب شركاء آخرين أقل أهمية؛ كما إن الهيئة نجحت إلى حد ما في التعامل مع الفصائل في مناطق سيطرتها، حيث ينسقان معا مواقفهما السياسية وإدارة المناطق وتقديم الخدمات، لكن ليس واضحا أن الهيئة يمكن أن تتعايش، أو تنسق، مع تنظيم "الدولة"، الذي كان هو التنظيم الأم قبل خلافات ابريل 2013 التي أرست أسس القطيعة بين قيادات تنظيم "الدولة" بزعامة أبو بكر البغدادي وقيادات جبهة فتح الشام التي يتزعمها أبو محمد الجولاني، الذي كان البغدادي قد انتدبه من العراق إلى الشام أواخر عام 2012 لتشكيل جبهة النصرة لأهل الشام التي تحولت فيما بعد إلى جبهة فتح الشام بعد فك الارتباط مع تنظيم القاعدة الأم، ومن ثم تشكيل هيئة تحرير الشام، التي تحوز الجبهة النفوذ الأكبر في قيادتها وسيطرتها.
لكن ستظل "جبهة فتح الشام" مُصنفة أو محسوبة على الجماعات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة، مهما أقدما على اتخاذ خطوات باتجاه الابتعاد عن تنظيم القاعدة والظهور على أنها نها تنظيم له خصوصياته الفكرية والمنهجية وسلوكه العملي البعيد عن تنظيم القاعدة؛ لذلك ستظل "جبهة فتح الشام" ضمن دائرة استهداف التحالفات الدولية بعد الفراغ من تنظيم "الدولة"، الذي لم يعد ذا شأن مهم له الأولوية في الجهد العسكري أو القتالي لطيران التحالف الدولي، مع استمرار وجوده ونفوذه وتأثيره في مساحات شرق نهر الفرات وغربه في المناطق المحصورة بين ريف دير الزور الشمالي ومدينة البوكمال.
وعلى الأرض، تواجه "جبهة فتح الشامّ تهديدات داخلية من البيئة القريبة من تنظيم القاعدة الأم، ولمواجهة هذه التهديدات، تحاول تقويض كل ما من شأنه الإضرار بنفوذها أو قدراتها على السيطرة والتحكم في إدلب بشكل خاص.
وفي هذا السياق، أقدمت قيادة الجبهة في الأسابيع الأخيرة على الحد من تنامي المعارضة الداخلية لسياسات القيادة العليا للجبهة المنفتحة على الفصائل المعتدلة التي سبق أن انتقدتها الجبهة لتعاونها في تنفيذ أجندات خارجية، مثل الأجندات التركية في شمال حلب وشمال سوريا.
وفي هذا السياق، اعتقلت عددا من كبار قياداتها الذين يميلون بشكل ما إلى منهج القاعدة الأم ولا يزالون يتبنون ذات المنهج حتى بعد فك الارتباط، وهو ما يتناقض مع توجهات الجبهة الأكثر بعدا عن تنظيم القاعدة، والأكثر قربا من الفصائل المعتدلة، وطالت حملة الاعتقالات قيادات ترى "جبهة فتح الشام" أنهم يسعون لتقويض بنيان هيئة تحرير الشام وبث الفتن ونشر الإشاعات بعد تسرب أنباء عن نيتهم تشكيل الفرع السوري لتنظيم القاعدة.
لكن كل ما رشح عن مهام الفرع السوري لتنظيم القاعدة، والذي ليس هناك ما يؤكد وجوده حتى الآن، يذهب باتجاه سعيه للملمة الجماعات والأفراد الذين يصنفون ضمن دائرة فكر ومنهج تنظيم القاعدة في كيان تنظيمي واسع يحتوي الجميع: تنظيم "الدولة" وجبهة فتح الشام والفصائل القريبة للخروج من حالة التمزق والانقسامات والاقتتال بين فصائل ذات مرجعية فكرية واحدة، أو على الأقل تلتقي على الكثير ولا تختلف إلا في القليل.
كما تواجه "جبهة فتح الشام" هذه الأيام تحديات خارجية مرتبطة بالنوايا الأمريكية والتركية والروسية لنزع سيطرتها على إدلب، إضافة إلى كثافة الهجمات التي يشنها تنظيم "الدولة" في الآونة الأخيرة بعد خسارته مدينتي الرقة ودير الزور، ثم خسارته عسكريا لمعقله الأخير في سوريا، مدينة البو كمال التي لا يزال التنظيم يقاتل في محيط المدينة وشمالها وغربها في معركة استنزاف لقوات النظام والمجموعات الحليفة، مثل حزب الله اللبناني وحركة النجباء التابعة للحشد الشعبي بوجود معلن لقائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قادة معركة البوكمال منتصف الشهر الماضي.
قد يكون "تنظيم الدولة" أدرك حالة الضعف التي تمر بها جبهة فتح الشام وحقيقة التهديدات التي تواجهها، سواء الداخلية على مستوى الجبهة نفسها أو التهديدات المحيطة بها، ولعل أبرزها محاولة إنشاء الفرع السوري لتنظيم القاعدة، ويمثل التهديد الجدي الأكبر لها، طالما أن قواعد مقاتليها هم في الأصل يحملون منهج التنظيم، هذا في الوقت الذي تحاول فيه القيادات في الصفوف المتقدمة الانسلاخ عن تنظيم القاعدة.
ومع إدراك أن "تنظيم الدولة" في العادة معروف عنه امتلاك المخططين في مراكز صنع القرار ورسم السياسات قدرات استشرافية انطلاقا من فهمه لواقع الجماعات الأخرى، فإن التنظيم يحاول بتكثيف الهجمات على مواقع "جبهة فتح الشام"، إحداث اختراق في جغرافية سيطرة الجبهة مستغلا حالة الضعف التي تمر بها، ومعروف أن معظم أساليب الهجمات المباغتة التي يشنها التنظيم تعتمد في الأساس على استغلال الثغرات الأمنية في الخطوط الأمامية للعدو.
ولتجنب مصير مشابه لمدن الموصل والرقة مع تزايد الضغوط الدولية والمحلية على "جبهة فتح الشام" بعد توافق روسيا وأمريكا ومعهما الدول الحليفة، إيران وتركيا، على ضرورة إنهاء الوضع القائم في إدلب وإخراجها من سيطرة هيئة تحرير الشام التي تعد الواجهة الأكثر قبولا لجبهة فتح الشام، الجهة المسلحة الأكبر والأكثر نفوذا في الهيئة، تبدو "جبهة فتح الشام" في دائرة الخطر وعلى رأس أولويات استهداف التحالفات الدولية في المرحلة التالية، وهو ما قد يدفع قيادة تنظيم "الدولة" للاستعداد الجدي إما للسيطرة على إدلب أو على الأقل استثمار حالة الفراغ المتوقعة في حال تعرضت إدلب لهجوم متوقع. لكن لا أحد في هذه المرحلة يمتلك ما يكفي من المعلومات لمعرفة قدرات تنظيم "الدولة" الحقيقية على تحرك عسكري واسع قادر على ملء الفراغ المحتمل، أو خوض معارك عسكرية تقليدية.
وفي كل الأحوال ومع احتمالات أن تشهد محافظة إدلب صراعات عسكرية متعددة الأطراف، قد لا يبدو من المنطقي تصور غياب تنظيم "الدولة" عن المشهد العام في المحافظة.
وتسيطر هيئة تحرير الشام بشكل ما على إدلب إلى جانب شركاء آخرين أقل أهمية؛ كما إن الهيئة نجحت إلى حد ما في التعامل مع الفصائل في مناطق سيطرتها، حيث ينسقان معا مواقفهما السياسية وإدارة المناطق وتقديم الخدمات، لكن ليس واضحا أن الهيئة يمكن أن تتعايش، أو تنسق، مع تنظيم "الدولة"، الذي كان هو التنظيم الأم قبل خلافات ابريل 2013 التي أرست أسس القطيعة بين قيادات تنظيم "الدولة" بزعامة أبو بكر البغدادي وقيادات جبهة فتح الشام التي يتزعمها أبو محمد الجولاني، الذي كان البغدادي قد انتدبه من العراق إلى الشام أواخر عام 2012 لتشكيل جبهة النصرة لأهل الشام التي تحولت فيما بعد إلى جبهة فتح الشام بعد فك الارتباط مع تنظيم القاعدة الأم، ومن ثم تشكيل هيئة تحرير الشام، التي تحوز الجبهة النفوذ الأكبر في قيادتها وسيطرتها.
لكن ستظل "جبهة فتح الشام" مُصنفة أو محسوبة على الجماعات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة، مهما أقدما على اتخاذ خطوات باتجاه الابتعاد عن تنظيم القاعدة والظهور على أنها نها تنظيم له خصوصياته الفكرية والمنهجية وسلوكه العملي البعيد عن تنظيم القاعدة؛ لذلك ستظل "جبهة فتح الشام" ضمن دائرة استهداف التحالفات الدولية بعد الفراغ من تنظيم "الدولة"، الذي لم يعد ذا شأن مهم له الأولوية في الجهد العسكري أو القتالي لطيران التحالف الدولي، مع استمرار وجوده ونفوذه وتأثيره في مساحات شرق نهر الفرات وغربه في المناطق المحصورة بين ريف دير الزور الشمالي ومدينة البوكمال.
وعلى الأرض، تواجه "جبهة فتح الشامّ تهديدات داخلية من البيئة القريبة من تنظيم القاعدة الأم، ولمواجهة هذه التهديدات، تحاول تقويض كل ما من شأنه الإضرار بنفوذها أو قدراتها على السيطرة والتحكم في إدلب بشكل خاص.
وفي هذا السياق، أقدمت قيادة الجبهة في الأسابيع الأخيرة على الحد من تنامي المعارضة الداخلية لسياسات القيادة العليا للجبهة المنفتحة على الفصائل المعتدلة التي سبق أن انتقدتها الجبهة لتعاونها في تنفيذ أجندات خارجية، مثل الأجندات التركية في شمال حلب وشمال سوريا.
وفي هذا السياق، اعتقلت عددا من كبار قياداتها الذين يميلون بشكل ما إلى منهج القاعدة الأم ولا يزالون يتبنون ذات المنهج حتى بعد فك الارتباط، وهو ما يتناقض مع توجهات الجبهة الأكثر بعدا عن تنظيم القاعدة، والأكثر قربا من الفصائل المعتدلة، وطالت حملة الاعتقالات قيادات ترى "جبهة فتح الشام" أنهم يسعون لتقويض بنيان هيئة تحرير الشام وبث الفتن ونشر الإشاعات بعد تسرب أنباء عن نيتهم تشكيل الفرع السوري لتنظيم القاعدة.
لكن كل ما رشح عن مهام الفرع السوري لتنظيم القاعدة، والذي ليس هناك ما يؤكد وجوده حتى الآن، يذهب باتجاه سعيه للملمة الجماعات والأفراد الذين يصنفون ضمن دائرة فكر ومنهج تنظيم القاعدة في كيان تنظيمي واسع يحتوي الجميع: تنظيم "الدولة" وجبهة فتح الشام والفصائل القريبة للخروج من حالة التمزق والانقسامات والاقتتال بين فصائل ذات مرجعية فكرية واحدة، أو على الأقل تلتقي على الكثير ولا تختلف إلا في القليل.
كما تواجه "جبهة فتح الشام" هذه الأيام تحديات خارجية مرتبطة بالنوايا الأمريكية والتركية والروسية لنزع سيطرتها على إدلب، إضافة إلى كثافة الهجمات التي يشنها تنظيم "الدولة" في الآونة الأخيرة بعد خسارته مدينتي الرقة ودير الزور، ثم خسارته عسكريا لمعقله الأخير في سوريا، مدينة البو كمال التي لا يزال التنظيم يقاتل في محيط المدينة وشمالها وغربها في معركة استنزاف لقوات النظام والمجموعات الحليفة، مثل حزب الله اللبناني وحركة النجباء التابعة للحشد الشعبي بوجود معلن لقائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قادة معركة البوكمال منتصف الشهر الماضي.
قد يكون "تنظيم الدولة" أدرك حالة الضعف التي تمر بها جبهة فتح الشام وحقيقة التهديدات التي تواجهها، سواء الداخلية على مستوى الجبهة نفسها أو التهديدات المحيطة بها، ولعل أبرزها محاولة إنشاء الفرع السوري لتنظيم القاعدة، ويمثل التهديد الجدي الأكبر لها، طالما أن قواعد مقاتليها هم في الأصل يحملون منهج التنظيم، هذا في الوقت الذي تحاول فيه القيادات في الصفوف المتقدمة الانسلاخ عن تنظيم القاعدة.
ومع إدراك أن "تنظيم الدولة" في العادة معروف عنه امتلاك المخططين في مراكز صنع القرار ورسم السياسات قدرات استشرافية انطلاقا من فهمه لواقع الجماعات الأخرى، فإن التنظيم يحاول بتكثيف الهجمات على مواقع "جبهة فتح الشام"، إحداث اختراق في جغرافية سيطرة الجبهة مستغلا حالة الضعف التي تمر بها، ومعروف أن معظم أساليب الهجمات المباغتة التي يشنها التنظيم تعتمد في الأساس على استغلال الثغرات الأمنية في الخطوط الأمامية للعدو.
ولتجنب مصير مشابه لمدن الموصل والرقة مع تزايد الضغوط الدولية والمحلية على "جبهة فتح الشام" بعد توافق روسيا وأمريكا ومعهما الدول الحليفة، إيران وتركيا، على ضرورة إنهاء الوضع القائم في إدلب وإخراجها من سيطرة هيئة تحرير الشام التي تعد الواجهة الأكثر قبولا لجبهة فتح الشام، الجهة المسلحة الأكبر والأكثر نفوذا في الهيئة، تبدو "جبهة فتح الشام" في دائرة الخطر وعلى رأس أولويات استهداف التحالفات الدولية في المرحلة التالية، وهو ما قد يدفع قيادة تنظيم "الدولة" للاستعداد الجدي إما للسيطرة على إدلب أو على الأقل استثمار حالة الفراغ المتوقعة في حال تعرضت إدلب لهجوم متوقع. لكن لا أحد في هذه المرحلة يمتلك ما يكفي من المعلومات لمعرفة قدرات تنظيم "الدولة" الحقيقية على تحرك عسكري واسع قادر على ملء الفراغ المحتمل، أو خوض معارك عسكرية تقليدية.
وفي كل الأحوال ومع احتمالات أن تشهد محافظة إدلب صراعات عسكرية متعددة الأطراف، قد لا يبدو من المنطقي تصور غياب تنظيم "الدولة" عن المشهد العام في المحافظة.