إسرائيل تستخلص عِبَر معركة الموصل لمواجهة "حماس"
قوة نيران هائلة استراتيجية إسرائيل المقبلة
صالح النعامي
تقارير - دولي
27 يناير 2018
تعكف القيادة الإسرائيلية، أخيراً، على دراسة احتمال نشوب حرب مقبلة مع حركة "حماس" و"
حزب الله" اللبناني، مستخدمة هذه المرة حرب الموصل كنموذج لاستخلاص العبر في المواجهة، فضلاً عن وضعها استراتيجية حرب، تعتمد على تحقيق نصر سريع وكاسح.
وكشف موقع "وللا" الإسرائيلي، اليوم السبت، أنّ قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال قد درست بشكل معمق حرب "الموصل"، التي تم خلالها دحر
تنظيم "داعش"، لمواجهة
حركة "حماس".
وذكر الصحافي الإسرائيلي، أمير بوحبوط، في مقال نشره الموقع العبري، أنّ الجيش الإسرائيلي لاحظ تشابهاً بين المخططات الهجومية التي اعتمدها "داعش" وتلك التي يفترض أن تعتمدها "حماس"، خصوصاً لجهة الأنفاق والأجسام المفخخة والقناصة.
وحسب بوحبوط، فإنّ القيادة العسكرية خلصت إلى أن "
لسع الوعي" هو أحد المركبات المهمة لنجاح المواجهة المقبلة ضد غزة.
في السياق ذاته، كشف موقع "وللا"، أمس الجمعة، فحوى وثيقة استراتيجية أعدها الجيش الإسرائيلي قبل أشهر، وتنص على ضرورة تحقيق نصر سريع، كاسح، وواضح في أية حرب تشن ضد أي من الأعداء.
ووفق ما كشفه معلق الشؤون العسكرية في الموقع العبري، أمير أورن، فإن الاستراتيجية الجديدة تقوم على حسم المواجهة في بدايتها لضمان تقليص أمد الحرب والتقليل من الخسائر البشرية في الجانب الإسرائيلي.
ولفت أورن إلى أن الوثيقة تنطلق من افتراض مفاده بأن المجتمع الإسرائيلي يبدي حساسية كبيرة للخسائر البشرية ولإطالة أمد المواجهة، ما يزيد من الحاجة إلى حسم سريع وتحقيق نصر واضح.
وأشار أورن إلى أن رئيس هيئة الجيش جادي إيزنكوت، الذي أشرف على صياغة الوثيقة يحاول اقتفاء أثر رئيس الأركان الأسبق موشيه ديان الذي خطط لمعركة "كاديش" (حرب 56)، حيث جرى حسم هذه المعركة في بدايتها.
"
الخطة الجدية تنطلق من افتراض أنه تتوجب تصفية أكبر عدد من قادة "حزب الله" أو حركة "حماس"
"
وفي ما يتعلق بالمواجهة المقبلة مع "حزب الله" وحركة "حماس" تحديداً، فإن الاستراتيجية الجديدة تشدد على ضرورة أن يستخدم الجيش قوة نيران هائلة بحيث لا تدع للعدو مجالاً إلا القبول بوقف إطلاق النار بشكل سريع وعاجل.
ويتضح من الوثيقة أنّ متطلبات الحسم تشمل المس بـ"مراكز الثقل السلطوي والهيئات القيادية للعدو في بداية المواجهة". وتولي الاستراتيجية أهمية كبيرة "لعمليات التصفية التي تطاول الأشخاص الذي يشغلون الأطر القيادية لدى العدو".
وفي هذا الصدد، بيّن المعلق الإسرائيلي أن الخطة الجدية تنطلق من افتراض أنه تتوجب تصفية أكبر عدد من قادة "حزب الله" أو حركة "حماس" في حال نشبت مواجهة مع أحد التنظيمين.
وتمنح الخطة الجديدة دوراً مهماً لعمل الوحدات الخاصة التي تعمل في عمق أرض "العدو"، والتي تعرف
بـ"لواء العمق"، وهو اللواء الذي يضم عدداً من وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي.
وبحسب الوثيقة، فإنه يفترض أن يتم نقل عناصر "لواء العمق" عبر عمليات إنزال كبيرة، بهدف التمكن من المس بشكل مباشر بالبنى التي تشكل الجسم السلطوي للعدو وتمثل مركز ثقله، كذلك تشمل الاستراتيجية ضرب "أهداف ذات قيمة استراتيجية للعدو"، وضمن ذلك المس بقيادات ميدانية تتولى إدارة الجهد العملياتي.
وتشبه الوثيقة بين عمليات الإنزال وتلك التي تمت خلال حروب إسرائيل السابقة، خصوصاً عمليات الإنزال الكبيرة التي قام بها الجيش الإسرائيلي على الضفة الغربية لقناة السويس في 1973 وعمليات الإنزال شمال مدينة بيروت في 1982.
وتنطلق الوثيقة من افتراض مفاده بأن عمليات الإنزال تقلّص الموارد التي يفترض أن يستثمرها الجيش في إنجاز الحسم، علاوة على أنها تقلص من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها بقية القوات.
وحسب الوثيقة، فإن تحويل هذه الاستراتيجية إلى واقع يتطلب الاستثمار في الجهد الاستخباري بحيث يتم توفير معلومات دقيقة تحقق عامل المفاجأة للعدو، إلى جانب ضرورة توظيف قوة نيران ساحقة، فضلاً عن تأمين وسائل نقل يضمن استخدامها تحقيق الأهداف.
وأعاد أورن إلى الأذهان حقيقة أن الوحدات الخاصة العاملة ضمن لواء العمق، الذي يطلق عليه "لواء 89"، سبق أن تدربت خلال العامين الماضيين في كل من اليونان وقبرص من أجل محاكاة معارك على أرض تشبه ظروفها أرض العدو.
وتشدد الوثيقة على ضرورة نقل المعركة دائماً إلى ساحة العدو الداخلية. لكن في المقابل، لا تستبعد الوثيقة أن يتمكن "حزب الله" أو "حماس" في مرحلة من المعركة من احتلال نقاط أو مواقع داخل إسرائيل، مبينةً أنه يتوجب الحكم على المعركة بميزان النتيجة، وتفترض أن الجيش الإسرائيلي سيتمكن في النهاية من "طرد الغزاة".
"
تولي الوثيقة الجديدة أهمية قصوى لما يعرف بـ "المواجهة بين الحروب"، وهي استراتيجية تقوم على شن عمليات سرية ضد العدو
"
وتولي الوثيقة الجديدة أهمية قصوى لما يعرف بـ "المواجهة بين الحروب"، وهي استراتيجية تقوم على شن عمليات سرية ضد العدو في الأوقات التي تفصل بين الحروب، وذلك من أجل تقليص قدرته والعمل على تآكلها، مثل الغارات التي تشنها إسرائيل على ما تعتبره إرساليات سلاح لـ"حزب الله" أو مخازن سلاح للحزب في سورية، وضد أهداف لحركة "حماس" في قطاع غزة وتصفية قيادات ميدانية وازنة للتنظيمين، على غرار اغتيال جهاد مغنية (نجل القيادي الراحل في "حزب الله" عماد مغنية) في سورية ومازن فقها (أحد قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام) في غزة.
وتأخذ الاستراتيجية بعين الاعتبار بروز العديد من المتغيرات، وفي مقدمتها قرب حسم المواجهة في سورية، وتعاظم تأثير إيران هناك، وتزايد إمكانية تفرغ "حزب الله" للمواجهة. إلى جانب ذلك تؤكد على ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق مع الجيش الأميركي.
وتولي الوثيقة أهمية كبيرة لمرحلة ما بعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إذ تتوقع أن يتوقف التعاون الأمني وتندلع حالة فوضى يمكن أن تقود إلى تعاظم مستوى العمليات ضد إسرائيل.
لكن أورن يشكك في نجاح الاستراتيجية في مواجهة الفلسطينيين، على اعتبار أن إصرار حكومة اليمين على التشبث بالمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية يضمن بقاء جذوة الصراع قائمة بمعزل عن نتائج أية معركة تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
من جهة ثانية، تركز الاستراتيجية الجديدة على مواصلة الاستثمار في مجال تطوير السايبر (منظومات الاتصال والمعلومات وأنظمة التحكم عن بعد) والحوسبة، إذ تشدد على أن بناء منظومات دفاع في مجال السايبر أهم بكثير من بناء منظومات هجومية، وذلك بسبب قابلية النظم المحوسبة التي تعتمد عليها البنى العسكرية والمدنية في إسرائيل لهجمات إلكترونية كبيرة.