رد: انزعوا فتيل الفتنة بين السنة والشيعة/د.عائض القرني
س: أنا أتصوّر أن العائق الأساس بين السنة والشيعة في مسألة التقريب، هي التصورات والانطباعات التي يحملها الشيعة عن الصحابة الكرام. وأنا بصفتي سنياً معظِّماً لمقام أولئك الكرام، وعارفاً بقدرهم في دين الإسلام، أجد صعوبةً شديدةً في قبول من يتبنى مثل هذا الشتم والسبّ. للتو قلت أنت عن الصحابة إنك لا تسبهم، ثم قلت: "لكننا عندما نتحدث عن مسألة الإمامة والخلافة، فلنا رأي فيها معروف". هذا الرأي المعروف، هل يقتضي أنهم غادرون أو متآمرون ـ عياذاً بالله ـ جاحدون لعهد النبي(ص)، وأنهم طلاب زعامة ومفترون على دين الإسلام بإنكار مبدأ الإمامة الكبير الذي عهد به النبي(ص) إليهم؟ وما رأيك لو سمعت من يسم علياً(ع) بمثل هذا؟
ج: أنا لا أوافق، في الجدل العلمي، أن يُتحدث عن بعض المصطلحات المثيرة في هذا المجال. إن مسألة الشرعية وعدم الشرعية تخضع لجدلٍ علمي موضوعي؛ هل إن هؤلاء يملكون الشرعية أم لا ؟ أمّا لماذا أخذوا الخلافة؛ فربّما كان هناك بعض الآراء التي ترى شرعية ذلك، وبعضها لا يرى ذلك. أنا أعتقد أن الحديث عن هذه المصطلحات المثيرة لا يُراد بها إلا الإثارة والبعد عن اللغة العلمية. وأما ما ذكرته أخيراً عن وسم عليّ(ع)، بمثل ما ذكر في السؤال، فما نقوم به هو أن نردّ على من يقول ذلك، ولكنّنا لا نكفّره.
س: هلا تكرَّمت بذكر أسماء لعلماء شيعة كبار متقدمين ومتأخرين تخلو تقريراتهم من الوقيعة في الصحابة الكرام، كي نستشهد بها من جهة لمن يسبون الصحابة، وكي نشهرها من جهة أخرى تجاه من يرفضون التقارب من السنة؟
ج: أنا لا أتحدّث عن أسماء، بل عن مبادئ. ونحن عندما نقرأ كتاب المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين، أو كتب السيد محسن الأمين، أو السيد مرتضى العسكري، فإننا نجد أنّهم ينطلقون بلغة علمية سليمة.
تجاوز هذه المرحلة
تجاوز هذه المرحلة
س: العقلاء في الطائفتين يتساءلون: هل يوجد ما يمنع من تجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة متقدِّمة، وهي سعيك إلى نشر فضائل هؤلاء الصحابة بين الشيعة، وبيان مقامهم في دين الإسلام، لرتق خرق أصاب الأمة بسببها، وخطوة جادة وهامة لتحقيق التقارب المنشود بين طائفتي الأمة؟
ج: إنني أعتقد أن مثل هذا لن يحل المشكلة، بل إنّ حل المشكلة هو بأن ننطلق من القاعدة الإسلامية التي تجمع المسلمين في الخطوط العقيدية الأساسية والخطوط العامة، عندها من الممكن جداً الدخول في التفاصيل، وهذا ما نتعلّمه من الإمام علي(ع) في نهج البلاغة، فقد أبَّن الخليفة عمر بن الخطاب، وأبَّن طلحة والزبير اللذين خرجا لحربه، وأشار على عمر بعدم الشخوص بنفسه لقتال الفرس عندما استشاره في ذلك. وهذا كله موجود في نهج البلاغة، لكن الكثيرين لا يقرأون.