الجزيرة العربية ومكانتها الفريدة: لماذا كانت مهداً للدعوة الإسلامية دون غيرها من الأمم؟

إنضم
7 مارس 2022
المشاركات
12,943
التفاعل
19,249 313 12
الدولة
Egypt
بسم الله الرحمن الرحيم


حين نتأمل نشأة الدعوة الإسلامية وانتقالها من مكة إلى أنحاء العالم، يبرز سؤال جوهري: لماذا كانت الجزيرة العربية دون غيرها من بقاع الأرض هي المهد الذي اختاره الله لرسالته الخاتمة؟ لماذا لم تكن فارس، أو الروم، أو الهند، أو وادي النيل؟ هذا السؤال لا يفتح فقط بابًا لفهم خصوصية المكان، بل يقودنا لاستكشاف أوضاع الأمم الكبرى في ذلك العصر – سياسيًا، اجتماعيًا، ودينيًا – ولماذا كانت جميعها، رغم حضاراتها العريقة، غير مؤهلة لاحتضان رسالة عالمية تهدف لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.


في هذا الموضوع، سنستعرض الظروف التاريخية العامة التي سادت العالم قبل بعثة النبي ﷺ، ثم نقارن بينها وبين الوضع الخاص للجزيرة العربية في ذلك الزمن، بما في ذلك سماتها الجغرافية والاجتماعية، وواقع القبائل، وأثر ذلك على تقبّل الرسالة وانتشارها.وسنُظهر كذلك كيف أن الدعوة الإسلامية واجهت صعوبات حقيقية داخل الجزيرة نفسها، لكنها استطاعت أن تتحول من دعوة في قلب الصحراء إلى رسالة للعالمين، وذلك بفضل خصوصيات المكان والإنسان، وأيضًا بفضل انفتاح الدعوة على غير العرب، الذين أسهموا بفعالية في بناء الدولة الإسلامية، بدءًا من الحبشة وفارس والروم، وانتهاءً بكل الشعوب التي انضوت تحت راية التوحيد.


ونؤكد منذ البداية أن هذا الطرح ليس لتفضيل جنس على آخر، ولا لادعاء تفوّق العرب، بل لتوضيح أن البيئة كانت عاملاً مساعدًا فقط، وأن الفضل الحقيقي يعود إلى الرسالة نفسها وعدالتها وصدقها، لا إلى عنصرٍ أو نسب. فكما علمنا الإسلام: "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى."



1751025518207.png


 

الأوضاع العالمية عشية البعثة: حضارات عظيمة ومجتمعات مختنقة عاجزة عن احتضان الرسالة


في مطلع القرن السابع الميلادي عندما بعث الله نبيه محمدًا ﷺ، كانت الكرة الأرضية تعج بالحضارات والممالك، من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب. كانت المظاهر الخارجية تشير إلى عصور ذهبية من الفنون والعمارة والسياسة,حيث كانت الممالك عظيمة، والإمبراطوريات متمددة، والمدن عامرة، وطرق تجارة تربط القارات.، لكن الأعماق كانت حبلى بالأزمات. لم تكن هناك أمة واحدة، في ذلك الزمان، تملك مزيجًا من الحرية والصفاء والعقيدة الحية التي تؤهلها لاستقبال رسالة توحيد تهدف لإخراج البشرية من ظلمات الجهل والطبقية والعبودية.

حيث ان الازدهار الظاهري كان يخفي تحت سطحه أمراضًا حضارية عميقة: استبداد سياسي، فساد ديني، تفسخ اجتماعي، وظلم طبقي حاد.
وفي حين بدت هذه الأمم في أوج قوتها المادية، فإنها كانت – في الحقيقة – أفقر ما تكون إلى الروح والحرية والعدالة، وكلها مقومات أساسية لاحتضان دعوة توحيدية عالمية تهدف لتحرير الإنسان.


الإمبراطوريتان الكبريان: الروم وفارس

في قلب هذا المشهد المضطرب، كانت الإمبراطورية الرومانية الشرقية (البيزنطية)، تحكم مناطق واسعة تشمل الشام ومصر والأناضول وأجزاء من أوروبا. هذه الإمبراطورية، وإن حافظت على شيء من الاستقرار الإداري والعسكري، كانت قد تحولت إلى جسد سياسي ثقيل تعصف به الانقسامات، يتخبط بين نزاعات الأسر الحاكمة، ويرزح تحت أعباء بيروقراطية خانقة تُحكم من القسطنطينية. المجتمع الروماني كان طبقيًا بامتياز، لا يكاد الفلاح أو الحرفي يخرج من دائرته المفروضة عليه فكان أغلب السكان يعيشون تحت نير الضرائب الثقيلة والفقر ، في حين يهيمن النبلاء والإقطاعيون على الثروة والسلطة.

أما على المستوى الديني، فقد أصبحت المسيحية، التي وُلدت كدعوة روحية خالصة، رهينة التحالف مع السلطة، فتحولت الكنيسة إلى جهاز قمعي يضطهد كل من يخالف تفسيرها الرسمي، حتى لو كانوا من داخل العقيدة نفسها فلقد تحالفت الكنيسة الرسمية مع السلطة، وأصبح من يخالف المذهب الملكاني يتعرض للاضطهاد والعزل. فلقد اضطُهد الأقباط في مصر، والسريان في الشام و غيرهم، بل وُصموا بالهرطقة لأنهم خالفوا المذهب الرسمي المدعوم من الدولة، مما جعل الدين أداة للتفرقة والبطش، لا وسيلة للهداية والرحمة.



على الجبهة المقابلة في المشرق ، كانت فارس الساسانية، منافس الروم الأول، تعاني من ذات العلل ولكن بصورة مختلفة. الدولة غارقة في صراعات أسرية داخلية، وسلسلة من الملوك الذين يصلون للحكم بالقتل والخيانة وانقلابات داخل الأسرة الحاكمة و ايضا توترات مستمرة مع الروم , جهاز الدولة الفارسي كان معقدًا ومستبدًا ،و محكومًا بنظام طبقي قاسٍ، على رأسه طبقة الكهنة (المجوس) والنبلاء، الذين احتكروا السلطة والثروة.


وكان الكهنوت المجوسي يمسك بخيوط النفوذ, حيث ان الديانة الزرادشتية قد تآكل جوهرها وتحولت إلى طقوس جامدة، وعقيدة نخبوية لا تصلح إلا للكهنة وأتباع البلاط،وأصبحت وسيلة للتمييز والقهر لا للهداية أو الإصلاح. انتشرت الطوائف المنحرفة، وازدهرت المانوية والمزدكية، وبلغ التفسخ الأخلاقي مبلغًا خطيرًا, اثناء ذالك باقي الشعب يعيش على الهامش، فلقد كان خاضعًا لنظام طبقي قاسٍ لا يسمح بالصعود أو التغيير. كانت فارس، في حقيقتها، إمبراطورية تسيطر بالقوة وتعيش في صراع دائم مع جيرانها، لا تمتلك أدنى مساحة لقبول فكر جديد يعيد توزيع السلطة أو يهدد امتيازات الصفوة.

1751028018384.png


مصر والشام والعراق: مستعمرات مقموعة و عراقة خمدت

1751029054932.png

كانت مصر واحدة من أعرق الحضارات في تاريخ البشرية، إلا أنها في زمن البعثة النبوية كانت قد فقدت استقلالها السياسي منذ قرون، وخضعت لحكم الرومان منذ عام 30 ق.م، وازدادت هيمنتهم بعد تحول الإمبراطورية إلى المسيحية في القرن الرابع الميلادي.وبينما احتفظت مصر بمكانتها كأرض زراعية غنية ومورد اقتصادي ضخم للإمبراطورية، فإن سكانها الأصليين – خاصة الأقباط – عاشوا حياة تهميش واضطهاد ديني واجتماعي.

فرضت الدولة البيزنطية المذهب الملكاني (الخلقيدوني) على مصر، ورفضت الكنيسة القبطية هذا المذهب. فبدأت موجات اضطهاد واسعة ضد الأقباط الذين تمسكوا بمذهبهم (اليعقوبي).كانت السلطات البيزنطية تعتبر الأقباط متمردين، فأغلقت كنائسهم، وعزلت بطاركتهم، ونفت رجال دينهم، بل وسجنت وقتلت بعضهم.وبذلك فُقد الشعور بالأمان الديني، وتحول الدين من ملاذ للروح إلى ساحة للصراع الطائفي والمذهبي.أما اقتصاديًا، فقد فُرضت على الفلاحين ضرائب قاسية، واستُنزفت خيرات مصر لصالح القسطنطينية، دون مراعاة لاحتياجات السكان المحليين، ما أدى إلى حالة سخط مكتوم ومعاناة اجتماعية واسعة.

في هذه البيئة المضطربة، لم يكن من الممكن بأي حال أن تنشأ دعوة دينية جديدة، ناهيك عن أن تتوسع أو تؤثر، فقد كانت الدولة تحكم بكل ما أوتيت من قوة، والدين الرسمي صار أداة للسيطرة، لا للإصلاح.


1751028975584.png

أما بلاد الشام – التي تشمل اليوم سوريا ولبنان والأردن وفلسطين – فقد كانت هي الأخرى تحت السيطرة البيزنطية، ويُنظر إليها باعتبارها الحدّ الدفاعي الشرقي للإمبراطورية.حكمها الرومان عبر حكام عسكريين، وفرضوا على سكانها نفس المذهب الملكاني، بينما كان فيها تنوع ديني كبير، من طوائف مسيحية غير ملكانية مثل اليعاقبة والنساطرة، فضلًا عن اليهود، وبعض البقايا الوثنية.

وكانت العلاقة بين الدولة البيزنطية وسكان الشام متوترة، إذ رُفضت المذاهب المحلية، وتم إقصاؤها بالقوة.وبجانب ذلك، كانت الدولة تُشرف على حياة السكان الاجتماعية والسياسية بدقة، وتتعامل معهم بريبة، خشية التمرد أو التأثر بالفُرس.كما أن منطقة الشام كانت ساحة صراع سياسي وعسكري مفتوح بين الروم والفرس، وكانت تُستخدم كنقطة تجييش ومناورة، ما أفسح المجال للفساد العسكري والإداري.

هذه البيئة، التي تتسم بالتعددية الدينية المقموعة، والوجود العسكري الكثيف، والحصار الفكري، لم تكن صالحة لتقبّل دعوة جديدة مستقلة، بل كانت ستُواجه بالقمع المباشر، كما حدث مع الحركات المسيحية المحلية.


1751028922182.png

كانت بلاد العراق من أعظم مراكز الحضارة في التاريخ القديم، ومركز إشعاع ثقافي وعلمي منذ آلاف السنين. لكن بحلول القرن السابع الميلادي، كانت العراق قد فقدت استقلالها، وأصبحت خاضعة للهيمنة المباشرة للإمبراطورية الفارسية الساسانية، التي حكمت البلاد بعقلية احتلالية، تنظر إلى سكان العراق باعتبارهم أداةً في صراعها السياسي والعسكري مع الإمبراطورية الرومانية.

وكان العراق حينها ساحة دينية متشابكة، تتعايش فيها عدة طوائف وملل، لكنها لا تندمج ولا تتوحد , مثل المجوسية التي كانت الديانة الرسمية و المدعومة من قبل السلطة الساسانية، ولها امتيازات سياسية واقتصادية, و المسيحيون النساطرة الذين كانوا يشكلون طائفة واسعة في العراق، لهم مدارسهم الفكرية، لكنهم مرفوضون من الإمبراطورية البيزنطية، ومُراقبون من قبل الفرس, و الجاليات اليهودية التي كانت حاضرة بقوة في العراق منذ السبي البابلي، وتعيش حياتها الخاصة ضمن جاليات مغلقة نسبيًا, وكان هناك أيضًا العرب الوثنيون أو المسيحيون التابعون للمناذرة، يتوزعون في الصحراء الشرقية وعلى أطراف الفرات.

لكن هذه الطوائف، رغم تنوعها، لم تكن تملك حرية حقيقية للدعوة أو التجديد. فالدولة الفارسية كانت شديدة الشكّ في أي نشاط ديني جديد، وتفرض رقابة صارمة، وتتعامل مع الدين بوصفه أداة سياسية، لا مجال فيه لتعدد أو إصلاح.أما العرب في العراق، فرغم لغتهم ووحدتهم النسبية، كانوا ممزقين الولاء، تائهين بين فارس والروم، دون كيان مستقل أو وعي جماعي يؤهلهم لحمل رسالة إنقاذية شاملة, فلقد كان المجتمع العراقي عمومًا – رغم غناه الحضاري – يعاني من التكلس الديني، وغياب الحرية الفكرية، والانقسام الطائفي، والارتهان للسلطة الخارجية، مما جعله بيئة خانقة لأي دعوة جديدة قد تهدد التوازن المفروض.

لذلك، ورغم أن العراق كان في موقع استراتيجي مهم، وذو تراث ديني وثقافي ثري، إلا أنه لم يكن يتمتع بأي من شروط النشأة الدعوية الحرة. لا حرية، ولا وحدة، ولا استقلال، ولا استعداد لتقبل فكرة دينية تخرج عن الأطر القائمة.


1751030444982.png


حضارات الشرق: الهند والصين حضارتان عظيمتان، لكن بلا أفق روحي عالمي

عند مطلع القرن السابع الميلادي، كانت الهند تملك تراثًا حضاريًا عريقًا يمتد آلاف السنين، غير أنها كانت تمر بمرحلة انحدار سياسي شديد بعد انهيار إمبراطورية الغوبتا التي شكّلت آخر وحدة كبرى في الهند الشمالية.تمزقت الهند إلى ممالك محلية متنافسة، يحكمها ملوك صغار متنازعون، وغابت عنها الدولة المركزية الموحدة، فحلّ مكانها نظام إقطاعي عشائري، كثير الحروب قليل الاستقرار, لكن الأزمة الأعمق لم تكن سياسية فقط، بل اجتماعية ودينية أيضًا.كانت الهند حينها تخضع لهيمنة نظام الطبقات المغلق أو "الكاتاست"، الذي يُولد فيه الإنسان محددًا سلفًا حسب طبقته، ولا يمكنه الخروج منها طوال حياته.

كان يتكون من الطبقات الاتيه , طبقة البراهمة (رجال الدين) في القمة، تمسك بالسلطة الروحية والتعليمية, يليهم الكشاتريا (المحاربون)، ثم الفايشيا (التجار)، وأخيرًا الشودرا (الخدم), وأدناهم جميعًا طبقة المنبوذين (الباريا) الذين كانوا يُعاملون كأنهم "أقل من بشر"، لا يلمسون أحدًا، ولا يُسمح لهم حتى بظلالهم أن تقع على البراهمة, هذا النظام كبح أي إمكانية للمساواة أو العدالة، وجعل فكرة "الرسالة العالمية" التي تخاطب الناس على قدم المساواة مستحيلة.ففكرة أن "الناس سواسية كأسنان المشط" أو أن "لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى"، كانت صادمة جذريًا للمجتمع الهندوسي، الذي بُني على تمييز عنصري اجتماعي متجذر.

أما على المستوى الديني، فكانت الهند تعج بـالديانات والمعتقدات، وعلى رأسها الهندوسية، وهي الديانة الأكبر، كانت غارقة آنذاك في التعدد والتجسيد والطقوس، حيث يُعبد عشرات الآلهة (فيشنو، شيفا، كريشنا...)، وتنتشر الأساطير والخرافات، وتُقدَّس البقرة، والنار، وحتى بعض البشر, و البوذية، التي نشأت كدعوة إصلاح أخلاقي قبل قرون، كانت قد فقدت حيويتها، وانحسرت داخل الأديرة، وتحولت إلى ديانة صفوية منقطعة عن عامة الناس، خصوصًا في الشمال, وظهرت طوائف ومذاهب فرعية أخرى تميل للتصوف أو التأمل الذاتي، بلا مشروع اجتماعي أو دعوي.

الدين في الهند آنذاك لم يكن وسيلة لتحرير الإنسان، بل وسيلة لترسيخ النظام الاجتماعي، وتبرير الطبقية، والتأكيد على أن الفقر والنبذ "قدر إلهي مستحق", في ظل هذا الوضع، لم تكن هناك أي أرضية صالحة لرسالة توحيد تقوم على وحدة الإنسان، والمساواة، والعدالة، بل كان النظام كله – دينيًا واجتماعيًا – ضد أي تغيير جذري.


1751029880113.png


اما الصين، فقد كانت، كعادتها، تمثل حضارة مستقرة ومنظمة، تمتلك تقاليد إدارية وفكرية عريقة.وفي زمن بعثة النبي ﷺ، كانت تمر بمرحلة انتقال تاريخي حساس:انهارت أسرة "سوي" (581–618م) بعد سلسلة من الانتفاضات وسوء الإدارة، وصعدت بعدها أسرة تانغ، التي ستصبح لاحقًا من أعظم الأسر في التاريخ الصيني، لكنها لم تكن قد بسطت سيطرتها الكاملة بعد.

رغم هذا الاضطراب السياسي، فإن المجتمع الصيني حافظ على تقاليده الفكرية، وخاصة الكونفوشيوسية وهي ليست دينًا سماويًا، بل فلسفة أخلاقية تعلي من النظام والتراتبية والواجب الاجتماعي، وتركّز على ضبط النفس والولاء للأسرة والحاكم، دون أن تقدم رؤية للخلق أو للآخرةو الطاوية وهي فلسفة أخرى تميل إلى الطبيعة والهدوء، والتأمل، والتوازن بين قوى "اليين" و"اليانغ"، بعيدة تمامًا عن فكرة إله واحد ورسالة, و البوذية (من فرع الماهايانا) و التي دخلت الصين قبل قرون، وانتشرت خاصة في الجنوب، لكنها تحولت إلى تقليد رهباني، يخاطب النخبة المثقفة، وينفر من العامة.

كانت الصين في جوهرها حضارة مغلقة على ذاتها، تملك إحساسًا عميقًا بالتفوق الثقافي، ولا تهتم بنقل أفكارها للعالم، ولا تقبل بسهولة بأفكار تأتي من خارجه.الإمبراطور كان يُعتبر "ابن السماء"، يحكم بتفويض كوني، ولا يطيق منازعة شرعيته.النظام الاجتماعي كان محكومًا بالتراتبية الصارمة والولاء للأسرة والدولة، ولا يُرحب بأي خطاب عالمي يدعو لتحرير الإنسان من كل قيد سوى قيد التقوى وعليه، فرغم أن الصين كانت تملك حضارة مبهرة، وإدارة راقية، وفنونًا متقدمة، فإنها كانت تفتقر إلى البعد الرسالي أو الانفتاح العقائدي، مما جعلها بيئة غير مهيأة على الإطلاق لنشوء دعوة توحيدية تغير وجه البشرية.


1751030214997.png
 

أوروبا الغربية: عصور الظلام بلا أفق روحي


في زمن بعثة النبي محمد ﷺ، كانت أوروبا الغربية تعيش في "العصور المظلمة"، عقب سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية.
تفككت القارة إلى ممالك متنازعة يحكمها زعماء قبليون، وانتشر الجهل والتخلف والانهيار الحضاري، حيث اختفت نظم التعليم، وانهارت التجارة، وتراجعت المدن.

في ظل هذا الفراغ، برزت الكنيسة الكاثوليكية قوةً مهيمنة، لكنها لم تكن دعوية أو إصلاحية، بل أداة سيطرة مطلقة , حيث فرضت العقيدة بالإكراه , و باعت صكوك الغفران, وحرّمت التفكير المستقل , ايضا المجتمع كان قائمًا على نظام الإقطاع، حيث يملك النبلاء الأرض والناس، بينما يعيش الفلاحون عبيدًا بلا حقوق, أما الثقافة والفكر، فقد أصابهما الجمود، وساد الجهل والخوف والتعصب، مع غياب تام لأي حرية دينية أو مساحة لفكر توحيدي جديد.

وهكذا، لم تكن أوروبا الغربية في ذلك الوقت صالحة بأي شكل لاحتضان رسالة الإسلام، إذ افتقرت إلى الحرية, العدالة ,الاستقلال الديني والتوجه العالمي ,بل كانت مجتمعًا مغلقًا وخاضعًا للكنيسة والإقطاع، لا يقبل التجديد ولا يفهم عالمية الرسالة الإلهية.


1751030817492.png

أفريقيا جنوب الصحراء والأمريكتان: مجتمعات معزولة لا تملك أدوات الرسالة


في أقصى جنوب الصحراء الكبرى، كانت أفريقيا تعيش حالة من الانعزال الجغرافي والثقافي عن بقية العالم القديم. فرغم وجود بعض الممالك النامية مثل مملكة أكسوم في الحبشة، فإن أغلب مناطق القارة كانت مأهولة بشعوب قبلية تعيش على الزراعة البدائية أو الرعي أو الصيد، وتنتظم في كيانات محلية صغيرة لا تمتلك أي مشروع حضاري أو سياسي موحد. الديانات السائدة في هذه المناطق كانت تقوم على عبادة الأسلاف والأرواح، ويغلب عليها الطابع الشفهي الطقسي، دون عقيدة مكتوبة أو مفهوم توحيدي شامل.


في مملكة أكسوم، التي كانت على اتصال ببيزنطة واعتنقت المسيحية في وقت مبكر، ساد نمط من التدين المحافظ المرتبط بالسلطة، وظلت المملكة منغلقة جغرافيًا خلف المرتفعات، دون أن تسعى لنشر الدين خارج حدودها أو تبني رسالة إنسانية شاملة. أما المجتمعات الأخرى فكانت تعيش في عزلة تامة، دون لغة موحدة أو مركز فكري أو ديني، ولم يعرف عنها أي تواصل حضاري مؤثر مع شبه الجزيرة العربية أو بلاد الشام أو وادي النيل في تلك الفترة.


وهكذا، فإن أفريقيا جنوب الصحراء، رغم ما كانت تملكه لاحقًا من قابلية للاستجابة للرسالة الإسلامية، لم تكن آنذاك بيئة ناضجة لنشوء دعوة توحيدية كبرى، إذ افتقرت إلى وحدة دينية أو سياسية، وافتقدت لأي تفاعل مع مراكز العالم القديمة.


1751031254279.png

وعلى الجانب الآخر من المحيط، في الأمريكيتين، كانت هناك حضارات متقدمة ماديًا، لكنها معزولة تمامًا عن العالم القديم. في أمريكا الوسطى، ازدهرت حضارة المايا، التي تميزت بعلم الفلك والهندسة والكتابة، لكنها كانت حضارة وثنية بامتياز، تمتلئ آلهتها بالرموز الكونية والتجسيدات، ويُقدَّم لها البشر قرابين يومية. أما الأزتك، فقد أقاموا إمبراطورية عسكرية كبرى في قلب المكسيك، وجعلوا من القرابين البشرية طقسًا مقدسًا يتكرر آلاف المرات سنويًا، حيث كان الكهنة يستخرجون قلوب الضحايا وهم أحياء على مذابح المعابد.


وفي جبال الأنديز، ظهرت حضارة الإنكا التي أقامت نظامًا إداريًا متقنًا، لكنه كان قائمًا على عبادة الشمس وتقديس الإمبراطور باعتباره ابنها، وفرضت سلطتها على شعوب الجبال عبر القوة والرموز المقدسة. لم تكن أي من هذه الحضارات تملك مفهومًا توحيديًا أو تصورًا عن رسالة سماوية. كانت الحياة الدينية فيها محصورة في الطقوس الجماعية، مرتبطة بالخرافة والعنف، وتخضع تمامًا للكهنة والسحرة والطبقات الحاكمة. كما أن انعزال الأمريكيتين عن العالم القديم، وانعدام أي تواصل تجاري أو ثقافي مع آسيا أو أفريقيا أو أوروبا، جعل وجود أي دعوة دينية عالمية فيها أمرًا مستحيلًا من الناحية العملية.


لقد كانت تلك الحضارات، رغم عظمتها المادية والتنظيمية، مغلقة على ذاتها، تنظر إلى غيرها بعين الازدراء أو العداء، وتتعامل مع الإنسان على أنه أداة لإرضاء القوى الغيبية، لا ككائن حر مخاطَب بالوحي أو محمّل برسالة.


ولهذا، فإن قارتي أفريقيا جنوب الصحراء والأمريكتين، كما كانتا في مطلع القرن السابع الميلادي، لم تكونا على الإطلاق مهيأتين لتكونا منطلقًا لدعوة توحيدية عالمية كالإسلام، سواء من حيث الواقع الديني، أو البنية السياسية، أو درجة التفاعل مع بقية شعوب الأرض.


الشعوب القبلية والرحّل: قسوة وجمود

ورغم أن مراكز الحضارة الكبرى كانت تعاني من الجمود والفساد، فإن القبائل والشعوب الرحّل المنتشرة في أطراف آسيا وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية لم تكن أحسن حالًا, كانت هذه المجتمعات في الغالب تعيش على الغزو والتنقل، وتفتقر إلى الاستقرار اللازم لبناء فكر دعوي منظم، أو رسالة تتطلب التدرج والصبر والانتشار السلمي.


في أقصى الشمال الإفريقي، كانت القبائل الأمازيغية – رغم شجاعتها وبأسها – في حالة من التشرذم الداخلي والصراعات المتكررة، ولم تكن تملك كيانًا موحدًا أو مشروعًا فكريًا مشتركًا, كان الأمازيغ يتنقلون بين الولاء للرومان تارة، والبيزنطيين تارة أخرى، ويتبعون أنظمة دينية مختلفة بين وثنية قديمة ومسيحية محلية. وعلى الرغم من أن بعضهم كان يميل للتدين الفطري، فإن غياب القيادة الموحدة والافتقار لرسالة أخلاقية جامعة جعلاهم غير قادرين على حمل دعوة ذات بعد عالمي في ذلك العصر.


وفي أواسط آسيا، كانت القبائل التركية والمغولية والتتارية تعيش في مجتمعات بدوية قاسية، تقوم أساسًا على القتال والغزو، وتقديس الزعامة القبلية والقوة البدنية, لم تكن هذه الشعوب قد دخلت بعد في مرحلة التمدن الحقيقي، كما أن حياتها المرتحلة، القائمة على التنقل وراء المراعي والغنائم، لم تسمح ببناء مؤسسات فكرية أو دينية مستقرة,أما الديانات السائدة هناك فكانت خليطًا من الشامانية والمعتقدات الوثنية، تركز على الأرواح والطبيعة، ولا تملك هيكلًا عقائديًا يمكن البناء عليه لنشوء دين عالمي.


وفي أوروبا الشرقية، كانت الشعوب السلافية وغيرها من القبائل الجرمانية تعيش خارج نطاق الدول الكبرى، تتحارب وتتنازع، وتقدّس الأصنام والطبيعة، دون منظومة قيمية منظمة, حياتهم كانت قبلية، مغلقة، ولا تتقبل الآخر بسهولة، مما يجعلها بيئة غير صالحة لظهور دعوة عالمية تتطلب التسامح والحوار والصبر الطويل على الأذى.


أما القبائل البدوية المنتشرة في مناطق مثل آسيا الوسطى والصحراء الكبرى، فكانت حالتها مشابهة, رغم شدة البأس والبساطة الفطرية، فإن الانقسام الحاد، والجهل، والافتقار لأي وحدة لغوية أو دينية، جعلت منها بيئات تعيش على الهامش، لا تملك مقومات القيادة الدينية أو الفكرية للعالم.


وباختصار، فإن هذه الشعوب، على اختلاف مواقعها وقوتها، كانت تفتقر إلى شروط أربعة أساسية لنشوء دعوة عالمية, الاستقرار السياسي الذي يسمح ببناء مجتمع متماسك و الحرية الفكرية التي تتيح طرح أفكار جديدة دون قمع و الوحدة اللغوية أو الدينية التي تسهّل الانتشار داخل المجتمع ,و الروح الأخلاقية والميل الفطري نحو التوحيد والعدل.

وكانت الجزيرة العربية، رغم تخلفها المادي، تملك نواة لهذه الشروط مجتمعة، وهو ما سنراه


العرب خارج الجزيرة: غساسنة ومناذرة تابعون

ورغم أن أغلب العرب كانوا يعيشون داخل الجزيرة، فقد وُجدت أيضًا ممالك عربية على أطرافها، أبرزها الغساسنة في الشام والمناذرة في العراق, هؤلاء العرب كانوا أقرب إلى مراكز القوة العالمية، وأكثر اتصالًا بالحضارات الكبرى، لكنهم لم يكونوا بأحسن حالًا من غيرهم.

فـ الغساسنة، الذين استقروا في جنوب الشام وتحالفوا مع الإمبراطورية البيزنطية، كانوا مسيحيين ملكانيين موالين للروم، يتبعون الكنيسة الرسمية، ويمثلون ذراعًا سياسية وأمنية للإمبراطورية, و كانوا يعيشون في كنف السلطة الرومانية، ويتقاضون الدعم منها، ويخضعون لسياساتها، ولم يكونوا يملكون حرية دينية أو استقلالًا فكريًا يسمح لهم بالخروج عن تعاليم الكنيسة، أو بالتفكير في دعوة مستقلة ,أما المجتمع الذي حكموه، فقد كان متأثرًا بالروم ثقافيًا، منقسمًا طائفيًا، ولا يحتضن أي فكرة خارج الإطار الرسمي.


كذلك كان حال المناذرة في العراق، حلفاء الفرس، الذين اتخذوا من الحيرة عاصمة لهم, ورغم أنهم كانوا أقرب للعرب من حيث اللغة والهوية، فقد كانوا خاضعين تمامًا للسلطة الساسانية، ويتبعون توجهاتها السياسية والدينية, وبينما كان بعضهم يدين بالمسيحية، كان آخرون يميلون إلى المجوسية أو الوثنية القديمة، مما جعلهم مجرد أدوات في يد الإمبراطورية الفارسية، يفتقرون للسيادة أو المبادرة المستقلة.


وهكذا، فإن العرب خارج الجزيرة – رغم قربهم من مراكز الحضارة – كانوا جزءًا من منظومات متصلبة وقامعة، فاقدين للحرية والاستقلال، ومحكومين بولاءات سياسية ودينية تمنع أي دعوة جديدة من النشوء أو الانتشار.
ولذلك، لم تكن لا الحيرة ولا الشام، رغم عربيتها الظاهرية، صالحة لاحتضان رسالة عالمية تهدف لتحرير الإنسان.


1751031827440.png
خلاصة المشهد

رغم وفرة الحضارات، لم يكن في العالم بأسره أمة واحدة مهيأة لاحتضان الرسالة الإسلامية.الحكام مستبدون، والكهنة طغاة، والمجتمعات طبقية أو بدائية أو مغلقة.كانت البشرية بحاجة إلى أرض حرة، وإن كانت فقيرة؛ ومجتمع بدوي، وإن كان بلا دولة؛ لكنه يمتلك الفطرة، والكرامة، والقدرة على السماع والتجاوب.


وهكذا تتجه الأنظار إلى قلب الصحراء… إلى الجزيرة العربية.
 

الجزيرة العربية: أرض بلا دولة… لكنها مهيأة لحمل الرسالة


في حين بدت معظم حضارات العالم في زمن البعثة النبوية غارقة في الانغلاق والجمود والانقسام، كانت الجزيرة العربية على النقيض تمامًا، تبدو للوهلة الأولى وكأنها أرض منسية، بلا دولة مركزية، ولا جيش منظم، ولا مؤسسات حضارية واضحة، لكنها رغم ذلك كانت تحمل من الملامح ما جعلها البيئة الأنسب لنشوء دعوة عالمية متحررة، تمتد إلى ما وراء حدودها، وتُحدث انقلابًا روحيًا وحضاريًا في مسار التاريخ.


رغم قسوة الصحراء، وانعدام الموارد الطبيعية، وغياب الملكيات العظمى، كانت الجزيرة العربية تتمتع بعدد من الخصائص الفريدة التي لم تتوفر في غيرها، وجعلتها – بتقدير الله – موطنًا مثاليًا لبعثة النبي محمد ﷺ، ومنها ما يلي:


أولًا: مظاهر الجاهزية الفريدة في الجزيرة العربية



  • الحرية العقدية والدينية: غياب الاستبداد العقائدي , حيث لم تكن الجزيرة تحت سلطان ديني مؤسسي، فلا كنيسة تهيمن على الناس، ولا مجوسية رسمية تُفرض بقوة الدولة، ولا بطاركة يُكفّرون المخالفين أو يشرعنون للملوك.كانت القبائل مستقلّة، والناس يؤمنون بما يشاؤون، ويعبدون من يشاؤون، ويكفرون متى أرادوا دون محاكم تفتيش أو عقوبات سياسية. هذا الفراغ العقائدي، وإن صاحبه انحراف وثني في العبادة، إلا أنه مثّل أرضًا خصبة لزرع التوحيد النقي.فقد كانت العقول غير مثقلة بالفلسفات، والقلوب ما زالت تعرف شيئًا من ذكر إبراهيم وإسماعيل، وترتبط بالكعبة وبقايا الحنيفية، رغم سيطرة الأصنام على محيطها.

  • قوة اللغة العربية والثقافة الشفوية الفاعلة, حيث تميّز العرب عن بقية الشعوب بامتلاكهم لغة حيّة، بالغة البلاغة، منتشرة من اليمن إلى شمال الحجاز، تجمعهم في الأسواق والمناسبات والشعر والجدال.ولأنها لغة مشتركة وذات طاقة بيانية عالية، فإن نزول القرآن بها منح الوحي قوة هائلة في الإقناع والتأثير والانتشار. كما أن الثقافة العربية لم تكن مكتوبة ومحصورة في النخب، بل شفوية يُمارسها الجميع، ويُشارك فيها الرجل والمرأة، والسيد والعبد، في المجالس والأسواق.مما جعل نشر الدعوة لا يحتاج إلى طبقة "مثقفين" أو مترجمين أو كهنة، بل تصل الرسالة من فم إلى فم، ومن صدر إلى صدر.

  • التركيبة القبلية: توازن دون استبداد , علي رغم أن النظام القبلي كان سببًا في النزاعات والصراعات، إلا أنه منع تكوّن دولة مستبدة تُطبّق دينًا واحدًا أو سياسة عقائدية مغلقة، كما في الروم أو الفرس.فالسلطة كانت موزعة أفقيًا، والولاء للعشيرة، لا للعرش. وهذا ساعد الدعوة الإسلامية في التحرك بين القبائل، وفي بناء تحالفات، وفي الهروب من الأذى نحو مناطق أكثر تقبّلًا, كما أن غياب السلطة المركزية منح النبي محمد ﷺ لاحقًا، فرصة إنشاء أول دولة عربية مستقلة بلا إرث سياسي سابق ولا هيمنة عسكرية مفروضة.

  • الموقع الجغرافي: تماس لا تبعية تقع الجزيرة في قلب الطريق بين الشرق والغرب، على خطوط التجارة التي تربط اليمن بالحجاز، والشام بالعراق، والهند بالحبشة.وقد مرّت من خلالها قوافل الحضارات الكبرى، لكنها لم تبتلعها,فقد تعرّف العرب على الفرس والروم والأحباش والهنود، لكن دون أن يتحولوا إلى "أدوات" في مشاريعهم.أبقت الجزيرة على استقلال ثقافي وديني نسبي، جعلها شاهدة على فشل تلك الحضارات، لكنها غير ملوثة بها.

1751034530395.png


ثانيًا: التحديات الداخلية التي واجهت الدعوة رغم ملاءمة البيئة


  • رفض الطبقة القرشية لفكرة التغيير ,قريشباعتبارها سيدة مكة وحامية الأصنام والكعبة، رأت في الدعوة الإسلامية تهديدًا صريحًا لسلطتها.الإسلام دعا إلى مساواة الناس، وإلى إلغاء الطبقية، ورفض تقديس الأصنام، وهو ما يعني نهاية التميّز الطبقي والقبلي, و فقدان مكاسب التجارة الموسمية المرتبطة بالحج الجاهلي , و تفكك منظومة الولاء القبلي لصالح ولاء عقدي ,ولذلك، لم تكن معارضة قريش فكرية بقدر ما كانت صدامًا مع مشروع التغيير الاجتماعي والسياسي.

  • قيود العرف القبلي ونبذ الخارج عن الجماعة , حيث ان الدعوة إلى دين جديد في الجزيرة كانت تُعتبر خيانة للأجداد، وتمردًا على القبيلة، ومصدرًا للعار.وكانت النتيجة أن كثيرًا من أوائل المسلمين، واجهوا تعذيبًا من أسرهم أنفسهم، لا من خصوم خارجيين، لأنهم خرجوا عن الإجماع العشائري, وقد استخدمت قريش كل أدوات الضغط: الحصار، المقاطعة، السخرية، التهديد، وحتى محاولة القتل المباشر للنبي ﷺ.

  • قسوة البيئة: الدعوة في صحراء شحيحةالجزيرة ليست بلاد نهرين أو وادٍ خصيب، بل بيئة صحراوية، صعبة التنقل، قليلة الموارد، قاسية في مناخها، ما جعل الحركة الدعوية مرهقة، وتحتاج إلى صبر بدني ونفسي كبير ,وكانت المقاطعة الاقتصادية في "شعب أبي طالب"، نموذجًا حيًا على كيف أن الفقر والبيئة يمكن أن يُستخدما أداة خنق لفكرة نبيلة.

1751034658961.png


ثالثًا: الجزيرة والحضارات الكبرى – تفاعل بلا خضوع


  • الروم والغساسنة: التحالف دون التورط , حيث ان الروم اعتمدوا على عرب الشام (الغساسنة) في حراسة الحدود، لكنهم لم يتوغلوا في الجزيرة.كانوا ينظرون للعرب كأدوات سياسية لا كشركاء ثقافيين، ولذلك فشلوا في استمالة الداخل العربي دينيًا أو سياسيًا, وكان للغساسنة نفوذٌ رمزي، لكنه لم يكن كافيًا لتغيير ثقافة الجزيرة أو فرض نموذج ديني معين، فظلت المسيحية خارج نطاق الهيمنة في الداخل العربي.

  • الفرس والمناذرة: تأثير محدود ومحاصرالفرس مارسوا سيطرة فعلية على المناذرة في العراق، واستخدموهم كخط دفاع أمامي ضد الروم، لكنهم لم يفرضوا المجوسية على العرب, و لم ينجحوا في إقناع الناس بقيمهم العقدية, و انهار نفوذهم لاحقًا مع الصراعات الداخلية وضعف الدولة الساسانية , ولهذا، حين واجهتهم الدعوة الإسلامية، كانت الأرضية مهيأة للانتقال إلى نظام أكثر عدالة ووضوحًا.

  • الحبشة وأبرهة: فشل التدخل الديني المباشر في واقعة "أصحاب الفيل"، حاول الأحباش تحويل القبلة إلى صنعاء، وهدم الكعبة، وفرض المسيحية بالقوة.لكن الهزيمة الإلهية لذلك الجيش أرسلت رسالة: الجزيرة ليست ساحة للغزو العقائدي الأجنبي, وقد أثبت التاريخ أن الحبشة – رغم علاقتها التجارية والدينية – لم تتمكن من بسط نفوذها الفكري، بل استضافت المسلمين الأوائل كلاجئين لاحقًا، في مشهد يعكس تحوّل العلاقات.
1751035142819.png

خلاصة هذه المرحلة انه لم تكن الجزيرة العربية مهيأة بالمعنى المادي أو المؤسسي، لكنها كانت مستعدة روحيًا ونفسيًا وتاريخيًا لحمل الرسالة, حيث انها لم تكن ملوثة بالعقائد المحرّفة , و لم تكن مرتهنة لإمبراطورية, و لم تكن خاضعة لحكم مستبد, وكانت لا تزال تحتفظ بفطرة سليمة، وعقل لم يُستعمر.


وفي هذا التوازن النادر بين الحرية والفطرة، وبين التفاعل والاستقلال، وُلد الإسلام من عمق الصحراء، ليخاطب الإنسانية جمعاء.
 
التعديل الأخير:

مراحل نشوء الدعوة داخل الجزيرة… من مكة إلى العالم، وكيف شارك الأعاجم في حملها


لم يكن انطلاق الدعوة الإسلامية من الجزيرة العربية مجرّد حدث ديني معزول، بل كان بداية لتحول حضاري عالمي. وقد مرّت هذه الدعوة بمراحل دقيقة، تراوحت بين الصراع والبناء، العزلة والتحالف، التبليغ السلمي والمواجهة المسلحة، حتى خرج الإسلام من قلب الجزيرة إلى أطراف الأرض، حاملاً معه نموذجًا جديدًا في التوحيد والعدالة والإنسانية. وكان من أبرز ما ميّز مسارها أنها، على الرغم من انطلاقها من بيئة عربية قبلية، لم تحتكر الرسالة للعرب، بل احتضنت في صفوفها رجالًا ونساءً من أجناس وأعراق مختلفة، وأسندت إليهم أدوارًا محورية في حمل هذا الدين إلى أبعد مدى.


من مكة... حيث بدأ كل شيء


في مدينة مكة، تلك البقعة الصغيرة في قلب الصحراء، وُلد النبي محمد ﷺ، وبدأ دعوته إلى التوحيد بين قومه الذين اعتادوا عبادة الأصنام وتقديس الأعراف القبلية. لم تكن البيئة في مكة مهيأة سياسيًا أو اقتصاديًا لتقبل رسالة عالمية، لكنها كانت – كما أشرنا – تملك قدرًا من الفسحة الدينية والفطرية التي تسمح بانطلاق فكرة روحية جديدة.


بدأت الدعوة سرية، تُخاطب الأفراد في نطاق محدود، ثم ما لبثت أن تحولت إلى جهرية، تصطدم مباشرة بالبنية القرشية المتجذرة التي كانت ترى في الرسالة تهديدًا وجوديًا لمكانتها الدينية والتجارية.


لكن النبي ﷺ لم يبدأ المواجهة بالسلاح، بل بدأها بالكلمة: يدعو، يعظ، يصبر، ويُؤسس في القلوب عقيدة نقية تنزع الخوف من غير الله، وتمنح الإنسان كرامته، وتربطه بخالقه مباشرة دون وساطة كهنوت أو نسب أو مال.
هذه المرحلة، رغم قسوتها على المؤمنين الأوائل، كانت مرحلة بناء داخلي راسخ، تعمّق فيها معنى الإيمان وتربّت فيها النفوس على الصبر والثبات، وهي التي كوّنت ما يمكن وصفه بـ"الجيل المؤسس" الذي حمل الدين لاحقًا.



من الهجرة إلى الدولة


حين اشتد الأذى، وبلغ الطغيان مبلغه، أُمر النبي ﷺ بالهجرة إلى المدينة المنورة (يثرب سابقًا)، ليبدأ هناك فصلًا جديدًا من فصول الدعوة< المدينة لم تكن ذات قوة اقتصادية أو سياسية كبيرة، لكنها كانت تحوي قابلية للتغيير، وكان سكانها يعانون من تمزقات قبلية بين الأوس والخزرج، فأدركوا أن في دعوة محمد مشروعًا يوحّدهم، ويمنحهم مكانة جديدة.


وهناك، ولأول مرة في تاريخ الجزيرة، تأسس كيان سياسي من نوع جديد: دولة لا تقوم على الدم، بل على العقيدة؛ لا تقوم على الفتح، بل على الشراكة. وكتب النبي ﷺ "وثيقة المدينة"، التي نظّمت العلاقات بين المسلمين واليهود والمشركين، وأرست قواعد المواطنة على أساس العدل والحرية الدينية، لا على التبعية العرقية أو الدينية.


وبدأت التحديات تأخذ شكلاً عسكريًا؛ فكان لا بد من الدفاع عن الكيان الوليد أمام تحالفات قريش واليهود وبعض القبائل المنافقة. خاض المسلمون معارك بدر وأحد والخندق، ليس طلبًا للغنيمة، بل حفاظًا على الحق في الوجود والحرية في الإيمان.
وفي ظل هذه المواجهات، كانت الرسالة تترسخ في النفوس، والهيبة تترسخ في العيون، والجزيرة كلها تراقب التحوّل العجيب من جماعة مضطهدة إلى أمة مستقلة.


1751049252059.png

من فتح مكة إلى فتح القلوب


حين عاد النبي ﷺ إلى مكة بعد سنوات طويلة من النفي والقتال، لم يكن ذلك بغرض الانتقام، بل للوفاء بوعد النبوة، وتطهير البيت الحرام من الأصنام.
دخل مكة في مشهد مهيب، دون أن يريق دمًا، بل قال لأهلها:


"اذهبوا فأنتم الطلقاء"

كان هذا الفتح نقطة التحول الحاسمة، حيث أدركت القبائل أن الإسلام ليس دعوة طائفية ولا انتقامية، بل مشروع حياة.
وانهالت الوفود على المدينة تعلن إسلامها، وبدأ التوسع الحقيقي في شبه الجزيرة. لكن الأهم من هذا التوسع المكاني، هو أن الإسلام لم يعُد مشروع قريش فقط، بل أصبح مشروع العرب جميعًا.



إشراك غير العرب: من قريش إلى الإنسانية


رغم أن النبي محمد ﷺ عربي، وأن القرآن نزل بلغة العرب، فإن الإسلام منذ بدايته أعلن رسالته العالمية. لم يقل الله: "وما أرسلناك إلا لقريش"، بل قال:


"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" – [الأنبياء: 107]

ولم يقل النبي ﷺ يومًا: "الإسلام لنا"، بل قال:


"الناس سواسية كأُسنان المشط، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"

ومنذ لحظة مبكرة جدًا، شارك غير العرب في الدعوة:



  • سلمان الفارسي: الذي قضى سنوات يبحث عن الحق، ووجد ضالته في الإسلام، وكان مستشار النبي في غزوة الخندق، وعبّر النبي عنه بقوله: "سلمان منا أهل البيت".
  • بلال الحبشي: عبدٌ حبشيٌّ، كان أوّل مؤذن في الإسلام، ورمزًا لتحرير الإنسان من ربقة اللون والمكانة.
  • صهيب الرومي: لم يكن من العرب، لكنه كان من أوائل المؤمنين، وشارك في مراحل الدعوة منذ مكة حتى وفاته.

ثم توالى دور الأعاجم بعد وفاة النبي: أسلم الفرس بأعداد كبيرة، وانخرطوا في التعليم والفقه والحديث، وكان من بينهم كبار علماء الأمة:


  • أبو حنيفة النعمان (فارسي الأصل)
  • البخاري ومسلم والترمذي (من أصول خراسانية)
  • الفارابي وابن سينا وابن الهيثم (أعاجم خدموا الحضارة الإسلامية علميًا)
  • الليث بن سعد: فقيه مصر الكبير، أعلم من الإمام مالك في زمانه.

والترك، الذين دخلوا الإسلام لاحقًا، تحولوا إلى مدافعين عنه عبر القرون، وأسّسوا دولًا حملت رايته، أبرزها الدولة العثمانية.
أما الأمازيغ، فكانوا من أوائل الشعوب التي قاتلت مع العرب لا لأجل الغنيمة، بل لنشر الإسلام في الأندلس.


والكرد، دخلوا الإسلام طوعًا، وخرج من نسلهم صلاح الدين الأيوبي، محرّر القدس، الذي لم يكن عربيًا، لكنه كان مسلمًا حمل الرسالة بأمانة وعزة.


1751049576349.png


1751049772104.png


لماذا شارك الأعاجم؟


لأن الإسلام منذ اللحظة الأولى، لم يكن قائمًا على العِرق، بل على العقيدة. لم يكن الدين الجديد نخبويًا، بل رحبًا، يُساوي بين الجميع، ويقول:


"إن أكرمكم عند الله أتقاكم"

فوجد فيه المستضعفون، والمهمشون، والباحثون عن المعنى، ملاذًا لا يُحاسبهم على أصولهم، بل يرفعهم بإيمانهم.


1751050007515.png





انطلقت الدعوة من جوف الصحراء، بلسان عربي، لكنها لم تكن قيدت نفسها بذلك اللسان، بل حملت في جوهرها قدرة فريدة على اختراق الحواجز العرقية واللغوية والثقافية.
لقد كانت رسالة الإسلام عالمية من اللحظة الأولى، ولم تكن عروبة النبي ﷺ عائقًا أمام انتشارها، بل كانت وعاءً لغويًا وحضاريًا مناسبًا لبداية الانطلاق، ثم ما لبثت أن تحولت إلى دعوة إنسانية أممية، صاغت حضارة كاملة قادها العرب والفرس والروم والترك والأمازيغ والأكراد والهنود وغيرهم كتفًا إلى كتف.


فالجزيرة العربية حملت الرسالة، لكن الشعوب الأخرى نصرتها، ونقلتها، وبنَت بها نموذجًا عالميًا فريدًا لا مثيل له في التاريخ.
 

دروس مستفادة من النشأة... لماذا يجب فهم السياق لفهم جوهر الإسلام؟


حين نعود بالزمن إلى بدايات الإسلام، ونتأمل السياق الجغرافي والإنساني الذي انطلقت منه الرسالة، نكتشف أن الإسلام لم يكن ظاهرة دينية فجائية، ولا مجرّد حركة إصلاح في جزيرة مهملة، بل كان جوابًا إلهيًا على انسداد حضاري عالمي. وكان لا بد أن يبدأ من بيئة لا تستبد بالدين، ولا تحتكر الحقيقة، ولا تُدجّن الإنسان، ليُعاد بعث الإنسان في صورته الحرة الأصيلة.


1. عالمية الإسلام لا تأتي من جغرافيته بل من رسالته


الجزيرة العربية، رغم أنها كانت نقطة الانطلاق، لم تكن المركز الأبدي للإسلام، بل كانت منصة البداية. الإسلام لم يُقدّس الأرض ولا العرق، بل قدّس الرسالة ومضمونها.

وقد أثبت التاريخ أن كثيرًا ممن حملوا الإسلام إلى أقاصي الأرض لم يكونوا عربًا، ولا من قريش، بل من فارس، والأمازيغ، والترك، والأكراد، والمصريين ، والهنود، بل وحتى من شعوب كانت وثنية، ثم تبنّت الرسالة ودافعت عنها.



الإسلام أتى ليكون "رحمة للعالمين"، لا شرفًا لقوم دون غيرهم.

2. الأصل في الإسلام هو تحرير الإنسان لا استعباده


أُرسل النبي ﷺ إلى قوم يعبدون الأصنام، ويتبعون الأعراف، ويُقدّسون الدم والمال والنسب. فجاء بكلمة واحدة تهدّ كل تلك التراتبيات:


"لا إله إلا الله"

هذه الكلمة كانت ثورة حقيقية، لأنها حرّرت الإنسان من "الدين الرسمي"، ومن "الكهنة"، ومن "السيادة الطبقية"، وجعلته مسؤولًا عن مصيره بإيمانه وعقله وضميره.
ولذلك، لا يمكن أن يُفهم الإسلام إن حُصِر في قوالب السياسة أو القومية أو الثقافة الضيقة، لأن جوهره هو تحرير الإنسان ليكون عبدًا لله وحده.



3. السياق الجغرافي ساعد الرسالة… لكنه لا يبرر الغرور القومي


صحيح أن الجزيرة العربية كانت مناسبة لانطلاق الرسالة، لما فيها من حرية نسبية، وفطرة محفوظة، وعلاقات تجارية ممتدة، لكن ليس معنى ذلك أن العرب كانوا الأفضل في المطلق.
بل على العكس، جاء الإسلام ليقول بوضوح:



"إن أكرمكم عند الله أتقاكم"

ولو كانت الجزيرة ملوثة باستبداد ديني، أو خاضعة لسلطان أجنبي، أو منشغلة بفلسفات عقلانية بعيدة عن التوحيد، لما نجحت الرسالة في التمدد منها.


ففهم السياق الجغرافي والتاريخي ضروري، ليس للتفاخر، بل لفهم "الحكمة الإلهية" في اختيار هذا الظرف والمكان.


4. لا قداسة إلا للرسالة… ولا شرف إلا بالحق


من أخطر ما يصيب الرسالة الإسلامية اليوم أن تُختزل في قوم أو طائفة أو شكل واحد من التدين.
بينما دروس النشأة تقول:



  • من مكّة خرج النبي العربي،
  • لكن من الحبشة وفارس والروم وأفريقيا وآسيا، جاء من يحملون الراية معه.
  • وقد وقف بلال الحبشي على الكعبة، يؤذّن يوم فتح مكة، بينما كانت سادة قريش تنظر إليه بدهشة.

وهذا المشهد الخالد هو خلاصة الرسالة:


"إنما المؤمنون إخوة"

لا شرف للون، ولا للعرق، ولا للمكان… الشرف الحقيقي للإيمان والعمل الصالح وحمل الرسالة بصدق.

1751050558137.png
 

خاتمة


لقد كانت الجزيرة العربية – رغم بساطتها – أكثر أرض أهلًا لأن تُطلق منها دعوة عالمية، لأنها لم تكن ملوثة بالمؤسسات القمعية، ولا بالفلسفات المتعالية، ولا بالدول المغلقة.
وحين وُلد الإسلام هناك، لم يرسخ هوية مغلقة، بل فتح بابه لكل إنسان، وأعطى لمن حمله من الأعاجم مكانًا لا يقل عن العرب، بل سابقهم كثير منهم في العلم والجهاد والخدمة.


وإذا أردنا اليوم أن نفهم الإسلام، أو ندعو إليه، أو نعيش في ظلاله، فلا بد أن نعود لفهم هذا الجوهر:

دين يخاطب الإنسان، لا العرق. دين يُعلي التقوى، لا النسب. دين يُصلح الأرض كلها، لا طائفة بعينها.
 
الحضارةالوضع السياسيالوضع الدينيالملامح الاجتماعيةمدى قابلية استقبال دعوة جديدة
الرومإمبراطورية مركزية صارمةأرثوذكسية رسمية + قمع الهرطقاتطبقية بين نخب دينية وشعوبضعيفة
فارسملكية مطلقة بيد كسرىزرادشتية منهارة + ثنوية فارسيةتفاوت طبقي كبير جدًاضعيفة
الهندممالك متفرقة تحت نظام طبقيهندوسية + بوذية + معتقدات شعبيةنظام كاستي مغلقشبه معدومة
الصينأسرة حاكمة مركزية (هان ثم تانغ)كونفوشيوسية + بوذية رسميةسيطرة الدولة على الدينمحدودة
مصر والشامخاضعة للروممسيحية بيزنطية + اضطهاد للأقباطمجتمع مسيحي مشتّت طائفيًاضعيفة
العراقتحت السيطرة الفارسيةمجوسية رسمية + وجود مسيحي ويهودياحتقان ديني + طبقيةضعيفة
الجزيرة العربيةلا دولة مركزيةوثنية شعبية + فطرة توحيدية باقيةقبائل حرة متفرقةمرتفعة جدًا
 
لافرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى

Screenshot_20250628_112156.jpg



عموما في حديث اخر بنفس صيغتك بتهيالي عموما المهم المعنى يكون وصل اخي الكريم
 

مشاهدة المرفق 796320


عموما في حديث اخر بنفس صيغتك بتهيالي عموما المهم المعنى يكون وصل اخي الكريم

الحديث يتكلم عن الأفراد ، وهذا حقيقي ومشاهدة عبر التاريخ ، أما عن الجنس فالمعروف أن الجنس العربي أفضل عن بقية الأجناس.
 
أرى أن أهم ميزه تميزت بها الجزيرة العربية عن باقي بقاع الأرض هو انها لم تكن تبع للدول والحضارات القديمة
لم تكن بها ما يطمعهم بها فكانت الأرض البكر حتى اذا جاء الاسلام لم يكن لأهلها مفخره سواه وهذا من حكمه
الخالق عز وجل فلو كانت لأهلها دون الاسلام فخر لأصبح تعارض بين الجاهليه والاسلام

حتى ان معاوية بن ابي سفيان رغم فضله الا ان لما تفاخر بكون من سلالة سادة قريش قبل الاسلام أصبحت سبه له
لان الفضل يكون فقط بالاسلام
 
أرى أن أهم ميزه تميزت بها الجزيرة العربية عن باقي بقاع الأرض هو انها لم تكن تبع للدول والحضارات القديمة
لم تكن بها ما يطمعهم بها فكانت الأرض البكر حتى اذا جاء الاسلام لم يكن لأهلها مفخره سواه وهذا من حكمه
الخالق عز وجل فلو كانت لأهلها دون الاسلام فخر لأصبح تعارض بين الجاهليه والاسلام

حتى ان معاوية بن ابي سفيان رغم فضله الا ان لما تفاخر بكون من سلالة سادة قريش قبل الاسلام أصبحت سبه له
لان الفضل يكون فقط بالاسلام

الجزيرة العربية يوجد فيها العديد من الحضارات القديمة و اول بيت وضع للناس و اول اسرة على الارض
وشهد لمكارم اخلاقهم الرسول صل الله عليه وسلم
لكن حتى هذه اللحظة تتعرض لتشويه من اللي ناقصين مكارم الاخلاق من الامم
 
أرى أن أهم ميزه تميزت بها الجزيرة العربية عن باقي بقاع الأرض هو انها لم تكن تبع للدول والحضارات القديمة
لم تكن بها ما يطمعهم بها فكانت الأرض البكر حتى اذا جاء الاسلام لم يكن لأهلها مفخره سواه وهذا من حكمه
الخالق عز وجل فلو كانت لأهلها دون الاسلام فخر لأصبح تعارض بين الجاهليه والاسلام

حتى ان معاوية بن ابي سفيان رغم فضله الا ان لما تفاخر بكون من سلالة سادة قريش قبل الاسلام أصبحت سبه له
لان الفضل يكون فقط بالاسلام

لا كانت لهم مفاخر وشيم ومكارم لم يمتلكها أغلب الشعوب المجاورة ، والتي كانت مرتهنة لكل من غزاها واستعمرها ، ومن عزتهم أنهم يطلقون على كل من ليس بعربي بعجمي ، وقد أقر الإسلام مفاخرهم وشيمهم وعزتهم بأنفسهم.
وأما معاوية فلم يكن ممن يقللون من شأن العرب ، بل هو من نقل عنه أن الخلافة ، خلافة الإمة الإسلامية ، لا تكون إلا للعرب وفي قريش تحديداً ، فأي أمة إسلامية لا تستقيم بخلافة إلا بنا ، فكفى بهذا فخراً.
 
الحديث يتكلم عن الأفراد ، وهذا حقيقي ومشاهدة عبر التاريخ ، أما عن الجنس فالمعروف أن الجنس العربي أفضل عن بقية الأجناس.
لا يوجد جنس أفضل من الاخر كلنا ولد آدم من النهايه فقط الظروف و عقليات البشر و تربيتهم من تحديد طبيعه حياتهم هم افضل او لا

كلامك لا يفرق عن الفارسي الذي يظن جنسه افضل جنس او الهندي او السلافي او الافريقي او المصري او الصيني او غيرهم من الحمقي العنصريين لان كل قوميه ترى نفسها الأفضل ده حتى كل محافظه او قريه او شارع او قبيله او عشيره ترى نفسها افضل من غيرها
 
عودة
أعلى