هذا مقال أختصره من عشرات الصفحات احتراما لوقت القراء،
وخشية إملالهم،
أرجو ان يكون مفيد.
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
نكبة 67 هي حلقه في سلسلة صراعات ومعارك بين مصر ذلك الوقت وبين العالم الغربي،
فمصر آنذاك كانت تقف ضد بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والكيان الصهيوني مجتمعين،
والحرب كانت على كل الأصعدة تجارياً واستخباراتياً وإعلامياً وعسكرياً،
في البداية كان الضباط الأحرار يعولون على الولايات المتحدة كشريك ضد الاستعمار،
كونها عانت من الاستعمار البريطاني وكانت ترفع شعار حق الشعوب في 'تقرير المصير'
السفير الأمريكي مستر كافري قام بدور جيد في إدارة العلاقات مع الثورة المصرية،
وأبلغه الضباط الأحرار بالثورة قبل قيامها بقليل خشية أن تشوّش بريطانيا على الثورة،
ورغم أن الاستخبارات البريطانية كانت في كل مكان في القاهرة،
إلا أن الضربة جاءت سريعة وخاطفة وغير متوقعة بحيث عجزت بريطانيا عن إنقاذ الملك فاروق،
الذي منحته بريطانيا قبلها رتبة جنرال في جيشها تقديرا لجهوده.
بعد حفل عشاء أقامه مستر كافري للقيادة المصرية بمدة،
قام بررفع طلب القيادة المصرية بالحصول على صفقة سلاح من الولايات المتحدة مدفوعة الثمن،
إلا أن مستر كافري تفاجأ برد واشنطن !!
حيث عرضوا اتفاقية 'الأمن المتبادل' التي ذكرها بالتفصيل السادات في كتاب ياولدي ص101،
والتي تقيّد مصر تماما بالاستماع لمشورة ونصائح البعثة التدريبية الأمريكية،
مقابل سلاح مجاني،
وقالوا لمصر هناك 40 دولة تنعم بخيرات هذه الاتفاقية،
فرفض المصريون الاتفاقية وقالوا سندفع الثمن كاملا،
ورفض الأمريكان ذلك في الوقت الذي كانوا يرسلون فيه مساعدات عسكرية وغير عسكرية مهولة وضخمة للكيان الصهيوني،
ثم بعد ذلك بفترة في عام 53_54 قالوا لمصر ارفعوا كشوفات بقائمة الأسلحة التي تريدها مصر،
فشكل المصريون لجنة ورفعوا بالقائمة،
ثم قال لهم الأمريكان أرسلوا 100 ضابط على الأقل لمعاينة الأسلحة قبل شحنها لمصر،
أرسل المصريون الضباط وحينما ذهبوا لواشنطن لم يستقبلهم أحد،
وبقوا في الفندق عدة أيام،
تواصل المصريين مع مستر كافري فتعجب مرة أخرى لموقف بلده!!
ثم بعد جهود منه أخذوا الضباط المصريين وأطلعوهم على أسلحة خفيفة وفردية?
عاد الضباط وفهم المصريون الرساله،
ثم أوضحها الأمريكان لاحقاً وقالوا إما السلام مع اسرائيل والتوجه للصراع مع الشيوعية الدولية،
وإما لا أسلحة ولا تعاون تجاري،
رفض المصريون التخلي عن فلسطين بشكل صارم،
فسحب بعد ذلك الامريكان القرض المتفق عليه لبناء السد العالي،
ثم اتهم وزير خارجيتهم 'دالاس' مصر بأنها مفلسه ولذلك تم سحب العرض بالقرض وانه لايكن الا التقدير للشعب المصري!!!
ثم اعتذر البنك الدولي عن تقديم قرض لبناء السد مع أن مصر وفرت كل الشروط،
ثم قاموا مع فرنسا وبريطانيا بمنع شراء القطن المصري،
وقاموا بتجميد أرصدة مصر بالدولار في الولايات المتحدة،
ورفض دالاس بيع مصر القمح والدواء حتى خلت الصوامع المصرية من القمح تماما،
والقيادة المصرية لم تصدق وقتها أن أمريكا تفعل كل ذلك من أجل الكيان الصهيوني،
وخابت آمالهم بعد أن كانوا يعتقدون أن أمريكا أم الحرية وعدوة الاستعمار وحاملة شعار
'حق الشعوب في تقرير المصير'
وهو شعار معادي للاستعمار،
حينها اجتمعت القيادة المصرية وعزم عبدالناصر على تسديد ضربة قاصمة،
حيث لابد مما لابد منه،
بداية بصفقة الأسلحة مع تشيكوسلوفاكيا،
والرد المذهل بعد أسبوع فقط من سحب العرض وتجميد الأرصدة والتعاملات التجارية،
بتأميم قناة السويس يوم 26 يوليو 1956،
فجن جنون الغرب وعقدت بريطانيا مؤتمر لندن الذي جمعت فيه 18 دولة ممن يستخدمون القناة،
وعزم عبدالناصر الذهاب للمؤتمر لمواجهتهم بالحقائق،
لولا الهجوم الهائل عليه في الصحافة الغربية،
فعقدت مصر اجتماع حضرته 30 دولة رداً على مؤتمر لندن الفاشل الذي لم يخرجوا منه بقرار،
وبعد رفع الأمر لمجلس الأمن،
قرر مجلس الأمن عقد جلسة تفاوض بين مصر وفرنسا وبريطانيا يوم 29 يوليو 1956،
ولكن لعلم ثنائي الاستعمار بفشل موقعهم التفاوضي وأن القانون الدولي مع مصر،
أبرموا امراً بليل وأوعزوا للصهاينة فضربوا مصر ذلك اليوم ولم يتم اللقاء،
وبدأ العدوان الثلاثي الذي كان فيه ضربة كضربة 67
وعزل وتطويق للجيش المصري في سيناء،
لكن فشلت الضربة الصهيونية المرتبكة المرعوبة،
وبدأ المصريين الإعداد للإجهاز على الجيش الصهيوني في سيناء،
وكانت كل المعطيات المادية والميدانية تشير الى أن مصر ستسحقهم تماما،
لكن فرنسا وبريطانيا لم يتركوا الكيان الصهيوني المدلل وقاموا بتوجيه الإنذار الثنائي من فرنسا وبريطانيا،
وفهم المصريون أنهم سيتدخلون لحماية الصهاينة،
وسحبوا الجيش كله من سيناء حتى المدن الكبرى ليعمل مع المقاومة الشعبية،
وطيلة فترة العدوان الثلاثي فشلوا في تحقيق أي شئ،
ثم هدد السوفييت بالتدخل على لسان 'بولجانين'
بكلمات ملئت لندن بالخوف:
'إننا مصممون كل التصميم على استخدام القوة للقضاء على العدوان وانهاء الحرب في مصر،
وإن على بريطانيا ان تفكر في موقف يجعلها عرضة للهجوم من دولة أقوى منها كثيرا..
تستطيع ان تشن عليها هجوما بالصواريخ الموجهة لابالطائرات والسفن'
وكانت هذه آخر صفحة استعمارية بريطانية في مصر،
ولم تكتفي مصر بذلك بل طاردت البريطانيين في الإمارات وعدن والأردن وساعدوا الملك حسين على تعريب قيادة الجيش وطرد البريطانيين،
واستقلت الإمارات لاحقا بفضل جهود مصر،
ولذلك لم تنسى الإمارات فضل مصر حتى اليوم،
وطاردت فرنسا في الجزائر ودعمت الثورة ودربتها وكانت الصحف الفرنسية تقول ان قرار استقلال الجزائر تم اتخاذه في القاهرة،
أما الولايات المتحدة فقد وجهت لها مصر صفعة العصر،
فأدخل المصريون السوفييت كشركاء في التسليح،
وساعدوا مصر في بناء السد العالي،
وبناء مصانع الصلب والمشاريع الزراعية وغيرها،
وأدخلوهم لسوريا والعراق واليمن والجزائر،
بعد أن كانت المنطقة متاحة للأمريكان وخالية من السوفييت،
لذلك كان لابد أن تذوق مصر ماذاقت في 67،
والحرب دائما كر وفر،
يوم لك ويوم عليك،
لكن خطوات مصر كانت عميقة جدا وتركت آثارها على وجه المنطقة إلى اليوم،
رغم فارق القوى الهائل بينها وبين الآخرين.
عظيمة يامصر..
وحفظ الله شعبها وجعلهم دائماً في خير
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
المنتدى العربي للدفاع والتسليح
☆كاهن حرب☆