وأول سورة الحج في الساعة قال سبحانه :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)} .
جاء في البحر المحيط : مناسبة أول سورة الحج لما قبلها أنه ذكر تعالى حال الأشقياء والسعداء وذكر الفزع الأكبر وهو ما يكون يوم القيامة ، وكان مشركو مكة قد أنكروا المعاد وكذبوه بسبب تأخر العذاب عنهم . نزلت هذه السورة تحذيراً لهم وتخويفاً لما انطوت عليه من ذكر زلزلة الساعة وشدة هولها وذكر ما أعد لمنكرها وتنبيههم على البعث بتطويرهم في خلقهم وبهمود الأرض واهتزازها بعد بالنبات (1) .
1 ـ قال سبحانه في خواتيم سورة الحج :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)} . وقال في آخر آية منها :
{ ... فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)} . وقال في أول سورة المؤمنون :
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)} . فذكر الصلاة والزكاة في خاتمة سورة الحج وأول سورة المؤمنون .
2 ـ وقال تعالى في خواتيم الحج :
{ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . وقال في أول المؤمنون :
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } . فترجى لهم الفلاح إذا فعلوا ذلك ، وقد حصل الفلاح لمن فعل .
جاء في روح المعاني (1) :
ومناسبة سورة المؤمنون لآخر سورة الحج ظاهرة ، لأنه تعالى خاطب المؤمنين بقوله سبحانه في أواخر سورة الحج :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا ... (77)} . وفيها :
{ ... لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)} . فناسب أن يحقق ذلك فقال عزّ وجل في أول سورة المؤمنون :
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)} .
1 ـ ذكر سبحانه في أواخر سورة المؤمنون عذاب الظالمين الكافرين في الآخرة :
{ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (105)} . وفي أول سورة النور ذكر عذاب من يستحق العذاب من المسلمين في الدنيا والآخرة وهو الزاني والزانية وعقاب القذف والإفك فقال :
{ ... وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)} .
2 ـ قال تعالى في أواخر سورة المؤمنون :
{ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)} .
وقال في أول سورة النور :
{ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ... (2)} . والذي أنزل السورة وفرضها هو رب العرش الكريم .
والذي ينزل الأحكام ويفرضها إنما هو الملك الحق .
والذي يفرض الأحكام ويحدد العقوبات ويأمر بإقامة الحدود إنما هو الملك الحق .
ثم إن أول سورة النور مرتبطة بأول سورة المؤمنون فقد قال عزّ وجل في أوائل سورة المؤمنون :
{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)} ، قد ذكر في أول سورة النور من لم يحفظ ذلك وعقوبته فكان التناسب بين السورتين في المبدأ والختام .
جاء في روح المعاني (1) :
وجه اتصال هذه بسورة المؤمنون أنه سبحانه لما قال فيها : { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)} ذكر في سورة النور أحكام من لم يحفظ فرجه من الزانية والزاني وما اتصل بذلك من شأن القذف وقصة الإفك والأمر بغض البصر الذي هو داعية الزنا ، والاستئذان الذي جعل من أجل النظر ، وامر فيها بالإنكاح حفظاً للفرج ، وأمر من لم يقدر على النكاح بالاستعفاف ونهى عن إكراه الفتيات على الزنى .
(1) روح المعاني 18/74 وانظر البرهان في تناسب سور القرآن لأحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي وتحقيق د. سعيد بن جمعة الفلاح ط1 ـ 1428 هـ ـ ص 133 .
1 ـ قال سبحانه في آخر سورة النور :
{ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... (64)} .
وقال في أول سورة الفرقان :
{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)} .
فذكر في آيه النور :
{ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } وقال في آية الفرقان :
{ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } .
فذكر في الآيتين ان له سبحانه ملكهما وملك ما فيهما .
وقد يملك الفرد شيئا ولا يملك ما فيه فقد يملك داراً ويؤجرها فتكون له الدار وما فيها للمستأجر .
أما الله سبحانه فله ملكهما وملك ما فيهما وقد كملت احد الآيتين الأخرى .
2 ـ قال تعالى في أواخر سورة النور :
{ ... فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} .
وهذا تحذير وإنذار .
وقال في أول سورة الفرقان :
{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} .
فكلتا الآيتين إنذار فقوله :
{ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا }
هو مناسب لقوله :
{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ } فكلاهما إنذار .
3 ـ قال عزّ وجل في آخر سورة النور :
{ ... وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)} .
وقال في أول سورة الفرقان :
{ ... وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)} .
فالذي خلق كل شيء فقدره تقديرا هو بكل شئ عليم .
جاء في البحر المحيط (1) :
مناسبة أول سورة الفرقان لآخر سورة النور أنه لما ذكر وجوب مبايعة المؤمنين للرسول ، وأنهم إذا كانوا معه في أمر مهم توقف انفصال واحد منهم على إذنه وحذر من يخالف أمره ، وأن له ملك السماوات والأرض وأنه تعالى عالم بما هم عليه ومجازيهم على ذلك . وكان ذلك غاية في التحذير والإنذار ، ناسب بأن يفتتح هذه السورة بأنه تعالى منزه في صفاته عن النقائص كثير الخير . ومن خيره أنه أنزل الفرقان على رسوله منذراً لهم فكان في ذلك إطماع في خيره وتحذير من عقابه .
قال سبحانه في آخر سورة الفرقان :
{ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)} .
وقال في أوائل سورة الشعراء :
{ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (6)} .
ومن المناسبات بين أواخر سورة الفرقان وبداية الشعراء :
1 ـ ذكر تعالى عباد الرحمن في أواخر الفرقان :
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ... (63)} ... إلى آخر الآية (76) .
وذكر المكذبين في أوائل الشعراء فكانت استكمالا للمكلفين من العباد
2 ـ وذكر عزّ وجل اسم الرحمن في الموضعين
فقد ذكر عباد الرحمن في الفرقان
وقال في الشعراء :
{ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ ... (5)} ،
فالرحمن يريد أن يرحم عباده وذلك بإنزاله الذكر عليهم .
3 ـ توعد جل شأنه المكذبين بالعذاب في آخر الفرقان وذلك قوله :
{ ... فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)} .
وكذلك في الشعراء فقد قال :
{ فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (6)} .
4 ـ ذكر تقدست أسماؤه المكذبين في الموقعين فقد قال في الفرقان :
{ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } .
وقال في الشعراء :
{ فَقَدْ كَذَّبُوا } .
جاء في البحر المحيط (1) :
مناسبة أول سورة الشعراء لآخر ما قبلها أنه قال تعالى :
{ ... فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)} .
أوعدهم في أول هذه فقال في أثر إخبارهم بتكذيبه :
{ ... فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (6)} .
1 ـ ذكر سبحانه القرآن في أواخر سورة الشعراء فقال :
{ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211)} .
وذكره قبل ذلك فقال :
{ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195)} .
وذكره في أوائل سورة النمل فقال :
{ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)} ... { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)}.
فالتناسب ظاهر بينهما .
2 ـ ذكر تعالى في آخر سورة الشعراء الذين امنوا وعملوا الصالحات بعد ذكر الشعراء الذين في كل واد يهيمون فقال :
{ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)} .
وذكر في أوائل سورة النمل المؤمنين وأعمالهم فقال :
{ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3)} .
3 ـ هدد جل شأنه الذين ظلموا في آخر سورة الشعراء فقال :
{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } .
وهدد غير المؤمنين في أول النمل فقال :
{ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)} .
جاء في البحر المحيط (1) :
مناسبة أول سورة النمل بآخر ما قبلها واضحة لأنه قال في سورة الشعراء :
{ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210)} .
وقبله :
{ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192)}
وقال في سورة النمل :
{ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ (1)}
أي الذي هو تنزيل رب العالمين .
وأضاف الآيات الى القرآن والكتاب المبين على سبيل التفخيم والتعظيم لأن المضاف إلى العظيم عظيم .
1 ـ قال سبحانه في أواخر سورة النمل :
{ ... وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ (92)} .
وقال في أوائل سورة القصص :
{ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)} .
فذكر القرآن في الموضعين باسم القرآن في موضع والكتاب في القصص .
والمناسبة ظاهرة
2 ـ وقال تعالى في أواخر سورة النمل :
{ ... فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ (92)} .
وذكر في أول سورة القصص من اهتدى وهم موسى ومن آمن به ومن ضل وهم فرعون ومن تبعه وعاقبة كل منهما .
فكان ما في سورة القصص بيانا لما ورد في عاقبة الهدى والضلال اللذين ذكرهما في سورة النمل .
جاء في البحر المحيط (1) :
مناسبة أول سورة القصص لآخر السورة قبلها أن تعالى أمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في آخر سورة النمل بحمده وذلك قوله :
{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ... (93) }
ثم قال :
{ ... سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)} .
وكان مما فسّر به آياته تعالى معجزات الرسول وأنه أضافها الله تعالى إليه ، إذ كان هو المخبر بها على قومه فقال :
{ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)} .
إذ كان الكتاب هو أعظم المعجزات وأكبر الآيات البينات . والظاهر أن الكتاب هو القرآن .
1 ـ قال سبحانه في أواخر سورة القصص :
{ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ... (85)} .
قيل إن هذه الآية نزلت بالجحفة بعد أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا (1) .
وقال في أول سورة العنكبوت :
{ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)} .
والهجرة إنما كانت من أثر الفتنة عليه صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين فقد فتن أهل مكة المؤمنين وآذوهم .
2 ـ قال تعالى في أوائل سورة العنكبوت :
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} .
وذكر في أواخر سورة القصص فتنة قارون وعاقبته بقوله :
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ ... (76)} إلى أن قال : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ... (81)} .
فكانت قصة قارون مثلاً في الفتنة .
3 ـ ذكر عزّ وجل في آخر سورة القصص من جاء بالحسنة ومن جاء بالسيئة فقال :
{ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84)} .
وذكرهما في أوائل سورة العنكبوت فقال :
{ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ (4) } ،
وقال :
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7)} .
وقد ذُكر أكثر من مناسبة في تتاليهما ، جاء في روح المعاني :
وجه اتصال سورة العنكبوت بما قبلها أنه تعالى أخبر في أول سورة القصص عن فرعون أنه :
{ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)} .
وافتتح سورة العنكبوت بذكر المؤمنين الذين فتنهم الكفار وعذبوهم على الإيمان بعذاب دون ما عذب به فرعون بني إسرائيل بكثير تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم وحثّاً على الصبر ، ولذا قيل هنا :
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ... (3)} .
وأيضا لما كان في خاتمة سورة القصص الإشارة إلى هجرة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في قوله تعالى :
{ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ... (85)}
على بعض الأقوال . وفي خاتمة سورة العنكبوت الإشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله تعالى :
{ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56)} ،
ناسب تتاليهما (2) .
الهوامش
(1) انظر روح المعاني 20/128
(2) روح المعاني 20/132
1 ـ قال سبحانه في آخر سورة العنكبوت : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} .
وقال في أوائل سورة الروم : { ... وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)} .
فذكر فرح المؤمنين بنصر الله والمؤمنون هم الذين يجاهدون في الله وقد وعد ربنا بأنه يهديهم سُبُلَه وأن الله معهم .
جاء في روح المعاني (1) : وجه اتصال سورة الروم بالسورة السابقة أن سورة العنكبوت ختمت بقوله تعالى : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} ، وافتتحت سورة الروم بوعد من غُلِبَ من أهل الكتاب بالغلبة والنصر وفرح المؤمنين بذلك وأن الدولة لأهل الجهاد فيه ولا يضرهم ما وقع لهم قبل ذلك من هزيمة .
2 ـ قال تعالى في أواخر سورة العنكبوت : { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)} .
وقال في أوائل سورة الروم : { ... وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)} .
فأشار في آية العنكبوت إلى أنهم لا يعلمون أمر الآخرة وأنها هي الحيوان .
وذكر في أوائل سورة الروم أن أكثر الناس يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم غافلون عن الآخرة .
1 ـ قال سبحانه في أواخر سورة الروم : { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58)} .
وقال في أول سورة لقمان : { الم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ (3)} .
فكلتا الآيتين في القرآن الكريم .
فقد قال في آية الروم : { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ } ، ووصفه في آية لقمان بأنه حكيم .
فالذي فيه من كل مثل إنما هو كتاب الحكيم .
2 ـ قال تعالى في أواخر سورة الروم : { كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59)} .
وقال في أول سورة لقمان : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7)} .
والذي ذكر في آية لقمان إنما هو مطبوع على قلبه بغير علم ، فقد ذكر انه يضّل الناس بغير علم، كما قال في آية الروم : { كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } .
3 ـ قال عز وجل في آخر آية من سورة الروم : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)} .
وقال في أوائل سورة لقمان : { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)} .
وقال : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)} .
فذكر في آية الروم الذين لا يوقنون فقال : { وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } .
وذكر الذين يوقنون في آية لقمان فقال : { ... وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)} .
وبين من هم وما صفاتهم .
وقال في آية الروم : { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } .
وذكر ذلك في آية لقمان فقال : { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا } .
جاء في البحر المحيط (1) : مناسبة سورة لقمان سورة الروم انه قال تعالى في سورة الروم : { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ... (58)} . فأشار الى ذلك بقوله في سورة لقمان : { الم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2)} . وكان في آخر سورة الروم : { ... وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ ...(58)} . وفي سورة لقمان : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا ... (7)} . و{ تِلْكَ } اشارة الى البعيد فاحتمل أن يكون ذلك لبعد غايته وعلو مكانته .و{ آيَاتُ الكِتَابِ } هي القران .
1 ـ قال سبحانه في آخر سورة لقمان : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)} .
فذكر اليوم الآخر والساعة .
وقال في أوائل سورة السجدة : { وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10)} .
فكأنه أجاب في سورة لقمان عن سؤالهم واستهزائهم في سورة السجدة : { وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } .
وذكر في آية السجدة : { بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ } .
وذكر في آية لقمان ما ذكر من أمور اليوم الآخر وحذرهم مما يكون فيه .
ثم حذرهم ربهم في سورة السجدة من ذلك بقوله : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)} .
فكأن الموضعين متكاملان في ذلك .
2 ـ ذكر الله تعالى في آخر آية من سورة لقمان : { ... وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ... (34)}
وذكر في سورة السجدة بداية خلق الإنسان فقال : { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8)} . فالموضعان متناسبان .
3 ـ قال عز وجل في آخر سورة لقمان : { ... وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)} .
وقال في سورة السجدة : { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)} .
فكلتا الآيتين في آجال الإنسان وموته .
1 ـ قال سبحانه في خاتمة سورة السجدة : { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ (30)} .
وقال في أول سورة الأحزاب : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)} .
فعدم طاعة الكافرين والمنافقين إنما هو من الإعراض عنهم .
2 ـ قال تعالى في أواخر سورة السجدة : { قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ (29)} .
ولو أنهم آمنوا في الدنيا لنفعهم إيمانهم.
وقد أمر الله تعالى نبيه في سورة الأحزاب بتقوى الله وهي التي تنفع في الدنيا ويوم الفتح ويوم الفتح هو يوم القيامة (1) .
3 ـ قال عز وجل في أواخر سورة السجدة : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ (22)} .
وقال في أوائل سورة الأحزاب : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2)} .
فذكر في آيات السجدة من أعرض عن آيات ربه .
وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم في سورة الأحزاب باتباع آيات ربه وهي ما يُوحى إلى نبيه منه .
جاء في البحر المحيط : مناسبة أول سورة الأحزاب لآخر سورة السجدة واضحة وهو أنه حكى عنهم أنهم يستعجلون يوم الفتح وذلك قوله تعالى : { وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (28)} ،وهو الفصل بينهم وأخبر تعالى أنه يوم الفتح لا ينفع إيمانهم .
فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم في أول سورة الأحزاب بتقوى الله ونهاه عن طاعة الكفار والمنافقين فيما أرادوا به (2).
الهوامش
(1)انظر فتح القدير 4/250 ، روح المعاني 16/25
(2)البحر المحيط 7/210
د. فاضل السامرائي أستاذ النحو في جامعة الشارقة ممن أحب السماع إليهم.. عنده مخزون ثقافي عالي جدا ولمسات بيانية عجيبة.. سمعت تقريبا جميع حلقاته التي عرضت على قناة الشارقة الفضائية.
السؤال:
هل ما أوردته أخي نبيل من مشاركات كلها تخص د. فاضل السامرائي أم هي مجهودات شخصية لك..؟
وما هي المصادر التي تستاق منها تناسب السور واللمسات البيانية والاعجازية للقرآن الكريم..؟
1 ـ قال سبحانه في أواخر سورة الأحزاب : { يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)}.
وقال في أوائل سورة سبأ : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ ... (3)}.
فالموضعان في الساعة .
2 ـ ذكر تعالى عقوبة الكافرين في أواخر سورة الأحزاب فقال : { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65)} ... { رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)} .
وذكر المؤمنين وخاطبهم بقوله :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} .
وذكرهما في أوائل سورة سبأ فقال في الكافرين :
{ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)} .
وقال في المؤمنين : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} .
3 ـ قال عزّ وجل في آخر سورة الأحزاب :
{ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (73)} .
وذكر جزاء كل منهما في سورة سبأ كما ذكرنا وذلك قوله في الكافرين :
{ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)} .
وقوله في المؤمنين :
{ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} .
فالمناسبة ظاهرة كما هو بيّن .
د. فاضل السامرائي أستاذ النحو في جامعة الشارقة ممن أحب السماع إليهم.. عنده مخزون ثقافي عالي جدا ولمسات بيانية عجيبة.. سمعت تقريبا جميع حلقاته التي عرضت على قناة الشارقة الفضائية.
السؤال:
هل ما أوردته أخي نبيل من مشاركات كلها تخص د. فاضل السامرائي أم هي مجهودات شخصية لك..؟
وما هي المصادر التي تستاق منها تناسب السور واللمسات البيانية والاعجازية للقرآن الكريم..؟
1 ـ قال سبحانه في أواخر سورة الأحزاب : { يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)}.
وقال في أوائل سورة سبأ : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ ... (3)}.
فالموضعان في الساعة .
2 ـ ذكر تعالى عقوبة الكافرين في أواخر سورة الأحزاب فقال : { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65)} ... { رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)} .
وذكر المؤمنين وخاطبهم بقوله :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} .
وذكرهما في أوائل سورة سبأ فقال في الكافرين :
{ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)} .
وقال في المؤمنين : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} .
3 ـ قال عزّ وجل في آخر سورة الأحزاب :
{ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (73)} .
وذكر جزاء كل منهما في سورة سبأ كما ذكرنا وذلك قوله في الكافرين :
{ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)} .
وقوله في المؤمنين :
{ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} .
فالمناسبة ظاهرة كما هو بيّن .
2 ـ قال تعالى في أواخر سورة فاطر : { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)} .
وضرب لهم في أوائل سورة يس مثلا لعاقبة الذين كذَّبوا من قبلهم وهو قصة أصحاب القرية وذلك قوله : { وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ (13)} إلى قوله : { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)} .
1 ـ قال سبحانه في أواخر سورة يس :
{ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ (74)} .
وقال في أوائل سورة الصافات :
{ إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)} .
فرد على اتخاذ المشركين من دون الله آلهة بأنه إله واحد وهو رب السماوات والأرض وما بينهما .
2 ـ قال تعالى في أواخر سورة يس :
{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)} .
وقال في أوائل سورة الصافات :
{ وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ (15) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17) قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ (18) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ (19)} .
فذكر قول الكفرة في إنكار اليوم الآخر ورد عليهم في الموضعين .
3 ـ قال عزّ وجل في آخر سورة يس :
{ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)} .
وقال في أوائل سورة الصافات :
{ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)} .
والذي خلق السماوات والأرض هو ربهما .
ورب السماوات والأرض هو الذي بيده ملكوت كل شيء.
جاء في البحر المحيط (1) : مناسبة أول سورة الصافات لآخر سورة يس أنه تعالى لما ذكر المعاد و قدرته على إحياء الموتى ، وأنه هو منشئهم ، وإذا تعلقت إرادته بشيء كان . ذكر تعالى وحدانيته ، إذ لا يتم ما تعلقت به الإرادة وجوداً وعدماُ إلا بكون المريد واحداً ، وتقدم الكلام على ذلك في قوله جل شأنه في سورة الأنبياء :
{ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)} .
1 ـ قال سبحانه في أواخر سورة الصافات :
{ وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنْ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170)} .
وقال في أول سورة ص :
{ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2)} .
فذكر الذكْرَ والكُفْرَ به في الموضعين .
جاء في البحر المحيط (1) : مناسبة سورة ص لآخر سورة الصافات أنه لما ذكر تعالى عن الكفار أنهم كانوا يقولون : { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنْ الْأَوَّلِينَ } ، لأخلصوا العبادة لله وأخبر عنهم أنهم أتاهم الذكر فكفروا به بدأ في سورة ص بالقسم بالقرآن لأنه الذكر الذي جاءهم ، وأخبر عنهم أنهم كافرون وأنهم في تعزز ومشاقة للرسول الذي جاء به . فذكر من أهلكَ من القرون التي شاقّت الرسل ليتعظوا .
2 ـ وقال عزّ وجل في أواخر سورة الصافات :
{ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ (177)} .
وقال في أوائل سورة ص :
{ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الْأَحْزَابِ (11)} ... { وَمَا يَنظُرُ هَؤُلَاء إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ (15)}.
فذكر عقابهم في الموضعين .