التناسب بين سور القران الكريم في الخواتيم والمفتتح / د. فاضل السامرائي

خواتيم سورة العاديات ومفتتح سورة القارعة


خاتمة سورة العاديات في اليوم الآخر قال سبحانه :
{ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ (11)} .

وسورة القارعة إنما هي في اليوم الآخر وتبدأ بقوله تعالى :
{ الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَاالْقَارِعَةُ (3)} .وهي يوم القيامة.
فكأن السورتين تكمل إحداهما الأخرى.
 
خواتيم سورة القارعة ومفتتح سورة التكاثر


كلتا السورتين في اليوم الآخر ، فسورة القارعة تبدأ من أول أحداث يوم القيامة إلى موازين الأعمال والجزاء .

وتبدأ سورة التكاثر من التكاثر في الدنيا إلى زيارة المقابر وإلى ما بعدها وهو قوله سبحانه :
{ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} .

جاء في نظم الدرر (1) : لما أثبت سبحانه في سورة القارعة أمر الساعة قسم الناس فيها الى شقي وسعيد وختم بالشقي ، افتتح سورة التكاثر بعلة الشقاوة ومبدأ الحشر لينزجر السامع.

(1) نظم الدرر 8/516
 
سورة التكاثر وسورة العصر *


ذكر سبحانه في سورة التكاثر من أولها التكاثر وما يتبع ذلك من رؤية الجحيم وما بعده .

وذكر تعالى في أوائل سورة العصر الخاسر وهو من ألهاه التكاثر بقوله : { إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} وذكر من لم يلهه التكاثر وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات ..إلخ ، بقوله عزّ وجل: { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} .

جاء في روح المعاني (1) : أن سورة العصر فيها إشارة إلى حال من لم يلهه التكاثر.

وجاء في البحر المحيط (2) : لما قال عز وجل في سورة التكاثر : { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} وقع التهديد بتكرار : { كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)} بين حال المؤمن والكافر .

(1) روح المعاني 30/227
(2) البحر المحيط 8/509

* بتصرف بسيط جداً
 
سورة العصر و سورة الهمزة

بين سبحانه في سورة الهمزة أحوال بعض الخاسرين من الذين لم يؤمنوا ويعملوا الصالحات (1).

(1) أنظر روح المعاني 30/229
 
سورة الهمزة وسورة الفيل


بين سبحانه عاقبة من يعتدي على الناس بالهمز واللمز في الآخرة .

وبين تعالى في سورة الفيل من حاول الاعتداء على بيت الله في الدنيا فأهلكه .
 
سورة الفيل وسورة قريش *


كلتاهما في الكلام على سكنة البلد الحرام ..
فذكر سبحانه في سورة الفيل من اعتدى على البلد الحرام وكيف أهلكه .

وذكر تعالى في سورة قريش كيف حمى الله سكان البلد الحرام فأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
فكأنهما سورة واحدة .

* بتصرف بسيط جدا .
 
خواتيم سورة قريش وسورة الماعون *


لما ذكر سبحانه في أواخر سورة قريش أنه أطعمهم من جوع بقوله :
{ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)} ،
ذمَّ عزّ وجل في سورة الماعون من لم يحض على طعام المسكين بقوله :
{ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)} .

ولما قال تعالى في أواخر سورة قريش :
{ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)} ،
ذمَّ جلّ شأنه في سورة الماعون من سها عن صلاته فقال :
{ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} .

انظر روح المعاني 30/241
* بتصرف بسيط جدا
 
سورة الماعون وسورة الكوثر


وصف الله تعالى في سوره الماعون المنافق بأربعة أمور :
البخل وترك الصلاة والرياء ومنع الزكاة .
فذكر عز وجل سورة الكوثر في مقابلة من بخل : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} ، أي الخير الكثير .
وفي مقابلة ترك الصلاة : { فَصَلِّ ... (2)} أي دم على الصلاه.
وفي مقابلة الرياء : { ... لِرَبِّكَ ... (2)}.
وفي مقابلة منع الماعون : { ... وَانْحَرْ (2)}. وأراد به سبحانه التصدق بلحوم الأضاحي .

أُنظر روح المعاني 30/244 والبحر المحيط 8/519
 
سورة الكوثر وسورة الكافرون


أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم في سورة الكوثر بالصلاة لربه فقال له :
{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} ،
وأمره تعالى أن يقول في أوائل سورة الكافرون :
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) ... } ،
فهو يصلي لربه و يعبده ولا يعبد ما يعبدون .
 
خاتمة سورة الكافرون ومفتتح سورة النصر



جاء في البحر المحيط :
لما كان في قوله تعالى في آخر سوره الكافرون : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} موادعة ،
قال سبحانه في أول سوره النصر : { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} ،
بما يدل على تخويفهم وتهديدهم ، وأنه آن مجيء نصر الله وفتح مكة واضمحلال ملة الأصنام وإظهار دين الله تعالى .


البحر المحيط 8/523
 
سورة النصر وسورة المسد *


لما ذكر سبحانه في سورة النصر دخول الناس في ملة الاسلام بقوله : { وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} ،
عقبه تعالى في سورة المسد بذكر هلاك بعض من لم يدخل فيها وخسرانه بقوله : { سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)} (1) .

(1) روح المعاني 30/259 وانظر البحر المحيط 8/205

* بتصرف بسيط
 
سورة المسد وسورة الإخلاص


قال سبحانه في سورة المسد في أبي لهب :
{ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)} ،
وهو يعم كل كافر .
وقال تعالى في سوره الإخلاص : { اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} ،
أي لا يغني عن الكافر ماله وما كسب وانما يكفيه الله الصمد وهو المقصود في الحوائج الذي لم يكن له كُفُوًا احد .
 
سوره الإخلاص والمعوذتين


لما ذكر سبحانه في سورة الإخلاص انه { اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} ،
ناسب ذلك الاستعاذة من كل شر ومخوف .

والحمد لله رب العالمين
 
المراجع

ـ البحر المحيط لأبي حيان طبعة 1 سنة 1328 هـ مطبعه السعادة ـ مصر .
ـ البرهان في تناسب سور القرآن لأحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي تحقيق د. سعيد بن جمعة الفلاح ، دار ابن الجوزي سنة 1428 هـ .
ـ التفسير القيم لابن القيم جمع محمد أويس الندوي ـ مطبعة السنة المحمديه 1386 هـ 1973 م .
ـ تفسير ابن كثير طُبع بدار إحياء الكتب العربية ـ عيسى البابي الحلبي وشركاه
ـ روح المعاني في تفسير القرآن الكريم ـ لشهاب الدين السيد محمود الألوسي ، إدارة الطباعة المنيرية ، دار إحياء التراث العربي
ـ فتح القدير لمحمد بن علي الشوكاني ـ طبعة 1 مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده مصر سنه 1349هـ .
ـ مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي ـ طبع دار الكتب العلمية ـ بيروت طبعة 1 سنه 1421 هـ .
ـ نظم الدرر في تناسب الآيات ـ لبرهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي ،تحقيق عبد الرزاق غالب المهدي ، دار الكتب العلمية بيروت 1415 هـ 1995 م .
 
عودة
أعلى