كذب المنجمون ولو صدفوا.. مخابرات محور الممانعة و المنجمين
====================
فؤاد عبدالعزيز | 2018-01-01 14:58:04
أتابع بشكل جيد توقعات المنجمين السياسية على مدار العام ومع نهاية كل عام، لقناعتي بأن هؤلاء المشعوذين، لا ينطقون عن فراسة كما يدعون، وإنما يعملون مع أجهزة المخابرات والأنظمة السياسية، التي تزودهم بالمعلومات التي يجب أن يوجهوا من خلالها الرأي العام في بلدانهم وفي البلدان الأخرى.
التوجهات السياسية في توقعات المنجمين، لم تعد خافية على أحد، ويمكن للإنسان البسيط أن يستشفها على الفور، وحالما يعرف انتماء هذا المنجم السياسي والطائفي، من ذاك.
وتصبح الأمور أكثر وضوحا مع المنجمين اللبنانيين، الذي يمثل كل منهم تيارا سياسيا وطائفة بعينها، وهم بالإضافة إلى ذلك يمتلكون مزايا، أنهم يعرفون كيف يسوقون لأنفسهم عبر الشاشات ولدى الجماهير والأنظمة السياسية، لهذا نجد القنوات التلفزيونية تتسابق على استضافتهم، بإيعاز من أجهزة المخابرات، وتقدم لهم مبالغ طائلة.
أذكر في الشهر الأخير من عام 2009، وكنت أعمل في تلفزيون "الدنيا، أنه جاءهم إيعاز من المخابرات بضرورة تسجيل حلقة مع "
ماغي فرح" تتحدث فيها عن توقعاتها للعام 2010، بما فيها الأبراج، مع التركيز على برج الرئيس.
فطلبت "ماغي فرح" مبلغ عشرين ألف دولار مقابل ساعة واحدة، على أن يتم التسجيل حصرا في بيروت، وأي دقيقة إضافية على الساعة، سوف يزداد المبلغ.
يومها جن جنون إدارة التلفزيون على هذا المبلغ، وكل محاولاتها لإقناع المخابرات بأنهم يستطيعون استضافة "نجلاء قباني"، التي كانت متعاقدة معهم، بدل "ماغي فرح" باءت بالفشل، فاضطروا مرغمين، لإرسال "هناء الصالح" إلى بيروت وتسجيل الحلقة معها، والتي طلبت كذلك أن يتم تسليمها المبلغ قبل التصوير.
ولفت انتباهي في توقعات المنجمين اللبنانيين الأخيرة، حادثتان، الأولى كانت مع "
سمير زعيتر"، الذي كشف في لقاء مع قناة "الجديد"،
أن علي عبد الله صالح عرض عليه مبلغ 50 مليون دولار عندما كان رئيسا لليمن، مقابل إقناع رئيس وزرائه بالاستقالة، من خلال تقديم توقعات سوداوية له، فيما يخص مستقبله السياسي،
ثم توقع في نفس اللقاء، بأن علي عبد الله صالح في دائرة الخطر، وكان ذلك قبل مقتله بيومين.
ولم يخف " سمير زعيتر" ارتباطه بأجهزة المخابرات، في عدد من الدول العربية، وأن الكثير من توقعاته مستمدة منهم، كما لم يخف انتماءه لحزب الله ولجماعة الحوثيين في اليمن وتواصله معهم باستمرار، بحكم كونه شيعيا، وقال كذلك في نفس اللقاء، أن يعنيه كثيرا مصلحة الطائفة الشيعية عندما يعلن عن توقعاته.
أما الحادثة الثانية، فكانت مع "
مايك فغالي"، على قناة "أو تي في" التابعة لـ"ميشيل عون"، والذي توقع أن تشهد إيران في 2018 تظاهرات كبيرة ضد النظام، وكان ذلك قبل بدئها بيومين فقط، وكذلك
اعترف فغالي في ذات اللقاء بأن علاقاته السياسية والمخابراتية، تلعب دورا كبيرا في توقعاته، بينما لا تشكل الفراسة إلا جزءا بسيطا من هذه التوقعات.
وما ينطبق على هذين المشعوذين، يمكن قياسه على البقية الكثيرة من المنجمين، والذين يتمركز أغلبهم وأشهرهم، في لبنان، من "ميشيل حايك" إلى "سمير طنب" إلى "ليلى عبد اللطيف" و"ليلى المقداد" و"نيفين أبو شمالة" ..إلخ ،
وهؤلاء جميعهم تتغير توقعاته بحسب تغير موقف الجهة السياسية التي تدفع لهم أكثر، أو ينتمون إليها.
فعلى سبيل المثال، كانت "ليلى عبد اللطيف" ضد النظام السوري تبعا للجهة التي تدفع لها، وتوقعت في العام 2015 على ما أذكر، بأن بشار الأسد سوف يسقط، ثم بعد أشهر تغير موقفها وأصبحت تدافع عن النظام المقاوم والممانع.
وأيضا، هناك مشعوذة مصرية اسمها "جوي عياد"، كانت تقف ضد النظام السوري، ثم فجأة أعلنت تشيعها، وأخذت تدافع كذلك عن إيران وعن نظام المقاومة والممانعة في سوريا وتقدم له توقعات مناسبة له.
نستنتج مما سبق، أن إيران والميلشيات التابعة لها في المنطقة العربية، انتبهت جيدا، لدور هؤلاء المشعوذين في المجتمعات العربية، ومدى تأثيرهم وقدرتهم على توجيه الرأي العام، لهذا قامت بشراء أشهرهم وأبرزهم، وكانوا جزءا من أدواتها في المنطقة العربية، للترويج لأنشطتها، ومن ثم محاربة الأنظمة العربية التي لا تتوافق مع سياساتها.
هذا هو المشهد باختصار.
*من كتاب "زمان الوصل"