تحليل مميز
استطاعت بالأمس مليشيات الاسد ممثلة بقوات النمر قادمة من دير الزور والفرقة الرابعة بقيادة العميد زاهي ديب (نقل من دمشق الى عقيربات قبل اشهر) والفرقة الثامنة دبابات بقيادة العميد جمال يونس القائد السابق للواء 555 قلمون (عين حديثا بعد مشاركته في صد هجوم الثوار على مطار حماة) وكتيبة اقتحام من اللواء 131 مدرعات (قتل قائدها المقدم عباس صالح قبل 3 أسابيع وباقي الكتائب متواجدة على محور خناصر حيث تم أسر 3 عناصر منها) ومليشيات درويش، من السيطرة على ابودالي بعد معارك فقدت من خلالها هذه المليشيات العشرات من المقاتلين. وكما هو معروف الآن لدى جميع العسكريين وحتى المدنيين المتابعين لسير المعارك ان مليشيات الاسد تعتمد على الالتفاف والقصف وتتجنب المواجهات المباشرة داخل القرى او البلدات لعدة اسباب اهمها قلة المقاتلين وخوفها من حرب العصابات والمدن.
قمنا في مركز نورس بوضع خطة تفصيلية ونشرناها عن سير عمليات هذه المليشيات وكيف انها تريد الوصول لابو الضهور من محورين لاسقاط ريف حماة الشرقي والشمالي دون معارك وهدفها بعد ذلك السيطرة على استراد حماة-حلب. لكن حتى الآن لم يتم تفعيل تلك الخطة بشكل جدي، حيث لم نرصد تحركات للمليشيات الايرانية او الروسية على المحور الأهم وهو محور غرب خناصر ، فصحيح ان اجتماعات مكثفة جرت هناك، وتم نقل بعض الضباط والجنود الروس، مع وجود مئات العناصر الشيعية وعشرات من مقاتلي حزب ايران اللبناني هناك، لكن لدينا مقولة مشهورة تقول "قل لي ماذا يفعل الايرانيين، أقل لك أين تتحرك" وقد يعود السبب لعدم البدء بالخطة هو عدم وجود اتفاق بين اللاعبين الاقليميين حتى اللحظة، وبالتالي ترك الحرية لمليشيات الاسد في شن معارك عبثية على المستوى التكتيكي، فالمليشيات الاسدية تستخدم الدافع النفسي الناتج عن تسويق انتصاراتها في بيت جن وريف دير الزور بالاضافة للاستفادة من رغبة شبيحة الدرويش الوصول لابو دالي لإعادة هيبتهم المفقودة كزخم أكثر من استخدامه لأهداف تكتيكية.
إن أهم ماقامت به مليشيات الاسد قبل سنوات هو الانسحاب من المناطق الغير مفيدة والتموضع في أماكن مهمة تقوم بالاستماتة للدفاع عنها، قبل أن تبدأ الآن بالتمدد مستفيدة من تقليل عدد الجبهات المفتوحة،
لكن وبما ان مليشيات الاسد مازالت مهددة على الجبهات الشرقية، فتمددها في ريف حماة وادلب سيكون وبالا عليها لأنه قد يهدد انهيار جبهات بالكامل دون تمكنها من نقل القوات بالزمن المطلوب.
عن اي ادلب تتحدث اقزام الأسد البائدة، دون ان تنتبه الى ان من تستقوي بهم بدؤوا بالانحسار، بعد تخفيف الزخم الروسي، وبعد التهديد الايراني من الداخل، والذي قد يجبر الملالي على الانسحاب من سوريا لإنقاذ أنفسهم من شعبهم. ففي ادلب عشرات الآلاف من المقاتلين الأشاوس بكل معنى الكلمة، تجمعوا من مختلف الاصقاع، لكنهم لم يدخلوا للمعركة حتى هذه اللحظة، بسبب النزاع الداخلي والذي وضعه الله سببا للفشل، قال تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَب رِيحكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ). الله وسننه في الكون هو مايجب ان نخشاه.
إن إطالة زمن الحرب وزمن المعارك هو لصالح الثوار، فصحيح أنه مضر على بعض المستويات، لكن الضرر حتما هو اكبر لمليشيات الأسد، وللمجتمع الدولي الذي يعاني من أزمة اللاجئين، وللدول التي تدعم الأسد لأنها لاتستطيع ان تبقي دعمها مفتوحا دون أجل مسمى.
إن استنزاف هذه المليشيات عن طريق الكمائن وشن هجمات مباغتة والتوقف عن التفكير بمبدأ السيطرة على الأرض، لضرب هذه القوات وايجاعها (حرب البرغوث والكلب) والتي تعاني نقصا حادا بالمقاتلين وتحاول تعويضه بالمصالحين والمجندين قسرا (لانستبعد ان تقوم باحضار مصالحي الغوطة الغربية لحرقهم على هذا المحور)، ومازالت تلعق جراحها من معارك دير الزور بعد خسارتها لمئات المقاتلين هناك،
لذلك، لايجب ان يتم السماح لهذه المليشيات ب
-----
(1) اختيار أرض المعركة
و (2) استنزاف الثوار بمعارك "نطح مباشر" مع امتلاكها "لقرون أقوى" ممثلة بالدبابات والمدافع والطيران والاستطلاع.
وعليه، فإن على الثوار ;
-----------
(1) ضبط النفس، وعدم السماح للمليشيات بالتلاعب بنفسياتهم (تسويق اعلام الأسد لفكرة استرجاع ادلب)
و(2) عدم انجرارهم لمعارك استنزاف للعدد والعتاد دون أن يكون لهذه المعارك فائدة عسكرية و (3) اختيار الأرض وعدم كشف أماكنهم. لايأتي هذا الا بعد الفهم لمخاطر كشف المواقع، ولتأثير الجغرافيا والعامل النفسي على المعركة،
فخالد بن الوليد رضي الله عنه انسحب من جميع مدن الشام، دون اكتراث للمدن المهمة التي فتحها، ليتموضع في اليرموك بهدف إفناء جيش البيزنطيين هناك للابد، وكذلك على الثوار اختيار ارض المعركة وعدم الانجرار لها، والاستلقاء للاستمتاع بمشاهدة زوال زخم العامل النفسي لدى مليشيات الأسد بعد ابتعادهم قليلا عن المواقع التي يبكون أطلالها كأبو دالي وماحولها.