لم يفلح اتفاق “تخفيف التوتر” الموقّع في الجنوب السوري بكبح عمليات قوات الأسد في المنطقة، بل كان غطاءً سياسيًا لحسابات الأرض، ومرحلة جديدة يحاول من خلالها النظام استعادة مناطق “استراتيجية” من فصائل المعارضة، لتكون ورقة رابحة في يده في الجولات المقبلة.
ويبدو أن معارك مزرعة بيت جن في ريف دمشق الجنوبي الغربي بداية لسلسلة حلقات من مسلسل جديد تسعى قوات الأسد إلى تطبيقه بالسيطرة أولًا على نفوذ الفصائل جنوبي دمشق، على أن تفتح جبهات منطقة مثلث الموت من جديد، وصولًا للتوغل في عمق مناطق المعارضة في ريف درعا الغربي.
وتؤكد الحشود والتعزيزات التي استقدمتها قوات الأسد والميليشيات المساندة لها، في الأيام الماضية، إلى مناطق متفرقة من ريف درعا أن مرحلة عسكرية جديدة يقبل عليها الجنوب، وتشابه ظروف عام 2015، الذي شهد سجالًا عسكريًا يعتبر الأكبر في المنطقة منذ مطلع 2011.
كما تعتبر المصالحات الأخيرة التي قام بها النظام في المناطق الجنوبية الغربية من دمشق، ومن بينها خان الشيح وكناكر والكسوة، إحدى الخطوات التي من شأنها تأمين حزام خارجي لدمشق، في حال الإقدام على عمل عسكري
معركة بيت جن ترجح الكفة
--------------
لا يمكن فصل المعارك في مزرعة بيت جن غربي دمشق عن المناطق الأخرى المرتبطة بها في القنيطرة ودرعا، وسواء في حال السيطرة عليها أو الخسارة، ستحدد خريطة عسكرية جديدة للنظام السوري وميليشياته الرديفة أو فصائل المعارضة.
وتستمر معارك قوات الأسد على المزرعة، منطلقة من أكثر من محور، من الجهة الشمالية على الخط الفاصل مع بيت ساير وكفر حور، أو من الجهة الجنوبية من منطقة الهناكر (المدخل الشرقي لبيت جن) التي أعلن النظام السيطرة عليها، الأسبوع الماضي.
ولا تختلف عمليات الأسد في ريف دمشق الغربي، فالسيناريو ذاته الذي اتبعته في منطقة وادي بردى وعين الفيجة في الريف الغربي لدمشق، بدءًا بتقسيم المنطقة، ووصولًا لفرض اتفاق يقضي بخروج جميع المقاتلين والمدنيين.
ووفق خريطة السيطرة الحالية يسعى النظام لعقد تسوية في كل من بيت تيما، كفر حور، بيت سابر، وفي حال سيطر على مغر المير، سيعزز من إمكانية عقد التسوية، بعد فصل تلك البقعة، وتقارب مساحتها 21 كيلومترًا مربعًا، عن تجمع بيت جن.
في حسابات الفصائل العسكرية، فإن المعارك مستمرة حتى تنكسر الحملة، رغم الضغط الكبير و”التخاذل” لفك الحصار عنها، بحسب ما يقوله قياديون في المنطقة، فالمعركة مهمة جدًا وخسارتها كبيرة لآخر المعاقل بالغوطة الغربية.
المحلل العسكري العقيد الركن عبد الله الأسعد اعتبر، في حديث إلى عنب بلدي، أن التطورات الحالية تأتي من أجل فصل جنوب درعا عن القنيطرة بعد معركة بيت جن، إذ يتبع النظام خطة زمنية يعمل عليها في مراحل وتسلسل على كامل الجغرافيا السورية.
وعلى ما يبدو، فإن ما يؤخر النظام بعض تحركاته في درعا هي المواجهات التي بدأها في ريف حماة الشرقي والشمالي للوصول إلى ريف إدلب الجنوبي.
وبحسب الأسعد، فإن إيران تسعى لأن تكون الأوراق التي في يدها أكثر من روسيا في الجنوب، على الرغم من القاعدة البدائية للأخيرة في قرية موثبين القريبة من مدينة الصنمين، ونقاط الاستشعار في الأردن.
سير العمليات العسكرية التي يشنها النظام للسيطرة على المنطقة، تشير إلى أن حالها سيستمر إلى أكثر من أربعة أشهر، ما يهيئ ظروفًا من شأنها أن تفتح معارك مثلث الموت قبل الانتهاء من حسم معركة مزرعة بيت جن.
وأمام ما يفرضه الواقع الحالي ستكون المعارك في منطقة جبل الشيخ بطيئة جدًا على خلفية الظروف المناخية، ما يدفع قوات الأسد لفتح محور الأرياف الثلاثة بعمل عسكري رديف قبل بيت جن.
خريطة توضح السيطرة العسكرية في جنوب سوريا (livemap)