خسائر كبيرة لحزب الله في "البوكمال: قتال شرس بين إيران و"تنظيم الدولة في الصحراء السورية
==============
"لا تتقدموا، هذا خطر! يمكنهم أن ينتشروا في الصحراء. أو يمكن أن يستخدموا الانتحاريين. من الأفضل أن تتقدموا إلى تلك التلة لكي تقطعوا طرق تموينهم"! والكلام باللغة الفارسية هو للجنرال قاسم سليماني الذي كان يوصي مقاتلين من ميليشيات "الفاطميون" الأفغانية بالحذر في فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام، كما نقل مراسل صحيفة "لوموند" الفرنسية، مجيد زروقي.
وكانت القوات الإيرانية، المتحالفة مع حزب الله ووحدات من الجيش السوري، قد أعلنت -بعد إخراج "تنظيم الدولة" من مدينة "البوكمال"- أنها كانت تستعد لطرد مقاتلي التنظيم من المناطق الصحراوية ومن القرى القليلة التي ظلت يسيطر عليها مقاتلوه في منطقة دير الزور. ومع ذلك، فإن قاسم سليماني بات يعتقد أن تخفيف وتيرة التقدم أمر ملح.
ولأنها دخلت في سباق سرعة نحو الحدود العراقية مع ميليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" الكردية بمعظمها والمدعومة من الولايات المتحدة، والتي كانت تتقدم على الضفة المقابلة لنهر الفرات، فإن القوات الإيرانية-السورية كانت قد تقدّمت بسرعة خلال الشهر الماضي. وأعلنت عن السيطرة على "البوكمال" في 9 نوفمبر، ولكنها تقهقرت منها بعد يومين فقط! فقد اكتشفت أنها وقعت في "كمين" بسبب سرعة تقدمها.
ونقلا عن شهادات سكان المنطقة ومقاتلين مؤيدين لنظام بشّار، فقد فوجئ مقاتلو حزب الله بجهاديين نصبوا لهم كميناً في أنفاق قاموا بحفرها في وسط المدينة، ولأن مقاتليه كانوا "رأس الحربة" في الهجوم، فقد خسر حزب الله أكثر من 30 قتيلاً في تلك المعارك، أي أن شهر نوفمبر كان الأكثر دموية منذ سنة ونصف السنة لحزب الله الذي خسر حتى الآن 1200 قتيلاً منذ بدء عملياته العسكرية في سوريا في أكتوبر 2012، وفقا لما أورده مراسل الصحيفة الفرنسية.
وبذلك ترتفع خسائر لواء "الفاطميون" ومعه "الباسداران" الإيرانيين إلى أكثر من 1000 قتيل حسب إحصاء يقوم به المحلل الإيراني "علي ألفونيه" الذي يُحصي "الجنازات" التي تُقام في إيران لمقاتلين سقطوا في سوريا أو العراق. ولا تُعرَف خسائر قوات الأسد في المنطقة لأن النظام توقّف عن نشر إحصاءات بخسائره.
وفي النهاية، أعلنوا السيطرة على مدينة "البوكمال" في 21 نوفمبر على لسان الرئيس روحاني. وكانت إيران في حاجة إلى ذلك الإعلان قبل أن يلتقي روحاني مع نظيريه الروسي والتركي في موسكو في اليوم التالي.
ومنذ ذلك التاريخ، كما كتب المراسل، فإن مقاتلي "تنظيم الدولة" يدافعون بشراسة عن ممرّ ضيق في ضواحي "البوكمال" يربط بين ما تبقى من مناطق ما زالوا يسيطرون عليها بجوار "دير الزور" وألوف الكيلومترات المربعة الصحراوية القريبة، لجهة الشمال التي تمثّل ما تبقى من أراضي كيانهم في سوريا والعراق.
وعلى مداخل تلك الصحراء التي يعرب قاسم سليماني عن خشيته من انتشار مقاتلي "الدولة"، فوجئ الإيرانيون بصواريخ مضادة للدبابات لا تزال في أيدي مقاتلي التنظيم الذين استخدموها بكثافة. وقد دمروا دبابة T-90 واحدة على الأقل، علماً أن هذه الدبابة تمثل أحدث ما باعه الروس لحلفائهم.
وبينما يعود "تنظيم الدولة" إلى مرحلة العمل السرّي وحرب العصابات في سوريا والعراق، كما كتب المراسل الصحفي، فإن الجيب الصغير المتبقي لها على الحدود السورية-العراقية يضمّ آخر وحداتها المقاتلة "التقليدية"، التي تضمّ ما تبقّى من "ولايتي الخير والفرات"، وهذه تُعتبر الأفضل تسليحاً في التنظيم ويُعتقد أن القيادة تتمركز فيها. وإذا كانت هناك حاجة لدليل على مدى شراسة القتال، فإن مقاتلات "توبوليف-22" الإستراتيجية الروسية، التي تنطلق من قواعد في جنوب روسيا، شنّت 3 غارات على المنطقة خلال أسبوع.
وقد أعلن وزير الدفاع الروسي، منذ يومين، أن طيرانه قام بعشرات الغارات دعماً للقوات السورية التي تشن هجوماً منفصلاً ضد "تنظيم الدولة"، ولكن مقاتلي هذا الأخير أسقطوا مقاتلة سورية إلى الشمال من "البوكمال" في اليوم نفسه تقريبا.