يعتبر لفظ "سوريا"
يوناني الأصل؛ واستخدم في أقدم أطواره للإشارة إلى
ناطقي السريانية في
الهلال الخصيب؛فإنّ الموقع الجغرافي المتوسط لسوريا وأراضيها الخصبة، لعب دورًا في اجتذاب عدد كبير من الهجرات إليها عبر
التاريخ، وتمازج هذه المكونات مع بعضها البعض. حاليًا يشار إلى ناطقي السريانية وذوي ثقافتها في اللغة
العربية باسم
سريان، أما الهوية السورية الحديثة فقد بدأت ملامحها بالتشكل باستعراب غالبية البلاد خلال
القرون الوسطى؛ ويعتبر القرن التاسع عشر مرحلة حاسمة في تكوينها حيث ظهرت أندية وجمعيات أدبية وسياسية ومفكرين نادوا وأسسوا في الهوية السورية، وهو ما تصاعد خلال القرن العشرين. فإن كان
الانتداب الفرنسي على سوريا قد قسّم ما يعرف باسم
«الولايات السورية العثمانية» إلى
ثمانية كيانات فإن خمسة منها قد اتحدت مجددًا بشكل تدريجي حتى عام 1936 لتشكل الجمهورية والهوية السورية بالمعنى المتعارف عليه اليوم.
فإن لفظ سوريا هو تحريف
يوناني من أيام
الدولة السلوقية للفظ
آشور، بحذف الألف، وقلب الشين سين؛
[4] وقد ظهر الاسم بلفظه في الأدب اليوناني القديم، كما في مؤلفات
هيروديت وهوميروس، للإشارة إلى
ناطقي السريانية في المنطقة، واستخدم أيضًا في مراحل لاحقة للإشارة إلى ساكني
ولاية سوريا السلوقية ثم الرومانية، إذ ظهر لفظ "ملوك سوريا" للمرة الأولى في القرن الرابع قبل الميلاد حينما قامت
الدولة السلوقية على أنقاض امبراطورية
الإسكندر المقدوني؛ وحين فتحت الإمبراطورية الرومانية المنطقة عام 64 قبل الميلاد، ورثت التسمية السلوقية: "وتوحدت البلاد باسم سوريا في دولة واحدة، وعاصمة واحدة، وحكومة واحدة، تشمل الثقافات الآرامية والعبرية والإغريقية والعربية"،
[5][6] وأخذت
الآرامية -
السريانية، تنتشر حتى باتت لسان المنطقة، ويشار إلى
الحقبة التدمرية في
القرن الثالث بوصفها نموذجًا لتلك المرحلة: "كان سكان تدمر خليطًا من الآراميين والعرب، لكنهم كتبوا جميعًا بالآرامية،...، لقد لعب انتشار اللغة الآرامية دور الانصهار الاثني واللغوي لشعوب سوريا القديمة في خطى جديدة نحو الوحدة بالمعنى المعاصر"
الأعراق
---
لا تعتبر سوريا بلدًا موحدًا عرقيًا أو قوميًا، موقع البلاد ونشاطها التجاري وغناها، جعلها منطقة اجتذاب للهجرات منذ القدم. الشعب السوري في الأساس هو من
العرق السامي،
[45] أقدم أشكال الهجرة هي هجرة القبائل العربية من
شبه الجزيرة العربية مما قبل الإسلام، غير أن تثبيت الهوية العربية باستعراب غالبية البلاد، لم يتم قبل عصر
الدولة العباسية نحو القرن العاشر. استقرار القبائل الكردية في حلب والجزيرة يعود أيضًا لمرحلة ضعف الدولة العباسية في القرن الحادي عشر وما تلاه؛ وكان للحروب الأهلية بين الأمراء، لاسيّما
السلاجقة دورًا في استيراد قبائل تركمانية لمساندتهم في الحروب الداخلية.
حديثًا، فإن
الشركس الذين طردوا من
القوقاز بعد
الحرب الروسية الشركسية،
[46] أوجدت الدولة لهم مجتمعات صغيرة في البلاد. غالب الدروز في
محافظة السويداء أو
الجولان، هم ذوي أصول مصرية، استقروا في الجبل منذ القرن الثامن عشر وافدين من لبنان والجليل.
[47] الأرمن بدورهم، رّحلوا قسرًا من بلادهم إلى حلب ودير الزور على وجه الخصوص خلال
فترة المذابح، ويوجد تجمعات أرمنية في غالب المدن السورية الكبرى؛ في المرحلة ذاتها استقرّ في الجزيرة آشوريون وافدين من شمال العراق بنتيجة
المذابح أيضًا.
[48][49]
عرب
لواء إسكندرون الذي رفضوا ضم اللواء إلى
تركيا، هاجرت أعداد كبيرة منهم مع أسرهم نحو اللاذقية وحمص ودمشق؛
[50] كما يلاحظ في المدن الكبرى، لاسيّما دمشق وحلب، وجود ذوي أصول بلقانية أو ألبانية كانوا قوام الفرق العسكرية العثمانية التي أوكلت حفظ الأمن في البلاد، ثم استقرّت فيها واندمجت في نسيجها إجمالاً.
[51][52] ورغم هذا التنوع الثقافي، فإن غالبية السوريين يمكن تصنيفهم في خانة العرب أو المستعربين بنسبة 86%، في حين تبلغ نسبة الأكراد نحو 9%، والأقليات القومية الأخرى كالأرمنية والآشورية والشركسيّة 4%؛
[53] حسب رأي عدد من المؤرخين أمثال توري غوردون، فهذا التنوّع أثر سلبًا على وحدة البلاد وهويتها، لاسيّما مع التفرّد المناطقي:
[54]
على صعيد الموقف الشخصي والعائلي،
فإن غالبية السوريين، تعرّف عن ذاتها أولاً بانتمائها الديني أو الطائفي أو المناطقي، وفي المرتبة الثانية تعرّف عن نفسها «كمواطنين سوريين».
الدراسات الجينية
----------
تفيد أغلب النظريات بنشوء مورثة
هاپلوغروپ J1 في بلاد الشام، غير أن إحدى الدراسات الحديثة من عام 2010 تفيد بأنها نشأت في منطقة أكثر بعدًا إلى الشمال، انتقل أهلها تدريجيًا إلى
شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب.
[55] تنتشر هذه المورثة في سوريا حسب الدراسات الجينية بما يقارب 33.6% من السكان، ترتفع في نسب مأخوذة من إسماعيلي دمشق إلى 59%، وفي حماه إلى 47%، وتنخفض في جبال العلويين إلى 26%، كما أنها في السويداء بنحو 15% فقط، وبين ناطقي الآرامية في
معلولا 6.8% فحسب. تعتبر هذه المورثة إحدى المورثات المنتشرة بكثرة بين العرب، وترتفع في شبه الجزيرة العربية، وبين العرب البدو،
[56][57] ولذلك يمكن اعتبارها "مورثة عربية".
من المورثات الأخرى ذات الانتشار، هي المورثة آر 1. بي. والمتواجدة في سوريا بنسبة 15%، وغالبية حاميلها يتركزون حاليًا في في
أوروبا الغربية غير أن منشأها هو في آسيا الغربية أي في المنطقة التي تقع فيها البلاد؛ المورثة الثالثة هي
إي.1.بي1.بي الأفريقية المنشأ، توجد أيضًا في سوريا بنسبة 10% بين السكان، وترتفع بين الدروز إلى 15%.