كتب مايكل كراولي، مراسل الشؤون الخارجية في مجلة "بوليتكو" الأمريكية أن المسؤولين الأمريكيين والخبراء يعتقدون أن المعركة الحقيقية الآن تتعلق بصراع إقليمي على السيطرة والنفوذ في سوريا.
فبعد ستة أشهر من الغارات الأمريكية على قاعدة جوية تابعة لنظام الأسد وسط سوريا إثر الهجوم الكيماوي على بلدة خان شيخون، اكتفى الرئيس ترامب اليوم بـ"التفرج" على الأحداث في الوقت الذي يأخذ فيه الرئيس الروسي بوتين زمام المبادرة لتشكيل سوريا ما بعد الحرب. ومن المقرر أن يستضيف بوتين رئيسي إيران وتركيا في منتجع سوتشي وستغيب عنه أمريكا. وتأتي قمة سوتشي بعد اجتماع مفاجئ بين بوتين والأسد.
ونقل الكاتب عن "يلان غولدينبر" الذي عمل في الخارجية والبنتاغون خلال إدارة باراك أوباما قوله: "فاز بويتن" في سوريا، وهذا راجع إلى "خطأ أوباما جزئيا وخطأ ترامب جزئيا". وقد لا يهتم ترامب بالخسارة لأنه يعتبر سوريا فشلا لإدارة أوباما ولا تستطيع الولايات المتحدة عمل أي شيء إزاء هذا الوضع، وفقا لشخص اطلع على أحد محادثاته، وانعكس هذا الموقف في قرار الرئيس الأمريكي هذا العام وقف برامج دعم وتدريب وتسليح جماعات المعارضة التي توصف بالمعتدلة وتقاتل نظام الأسد. لكن ترامب لم يحقق هدفا واحدا على الأقل في سوريا وهو وقف تأثير إيران التي عملت مع روسيا للدفاع عن الأسد.
ويشير "كروالي" هنا إلى ما قالته السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، في سبتمبر الماضي: "لن تكون إيران المسيطرة ولن يكون لإيران أية قيادة على ذلك الوضع بحيث تعمل المزيد من الأضرار". ولم يستطع ترامب مواجهة تأثير إيران، التي تشترك مع روسيا في الدفاع عن الأسد.
وفي النص الذي نشره البيت الأبيض للمكالمة التي جرت بينه وبوتين يوم الثلاثاء لم يشر إلى إيران. وبقدر ضئيل من القدرة على تشكيل ساحة المعركة السورية، يعمل مسؤولو ترامب مع الروس على أهداف محدودة، مثل التوسط في وقف إطلاق النار وخفض التوتر في مناطق التصعيد.
إلا أن الوجود العسكري الكبير لبوتين على أرض سوريا دفع روسيا إلى مقعد القيادة الدبلوماسية عندما يكون الأمر متعلقا بالتخطيط لمستقبل سوريا بعد توقف القتال، ومن هنا جاءت مكالمات الرئيس بوتين مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ووزير الخارجية القطري لتعطي صورة أنه يملك زمام المبادرة الدبلوماسية. ويرى بول سالم، الباحث في معهد الشرق الأوسط، أنه "أصبح من الواضح تماما أن مقامرة الأسد بوتين وإيران قد فازت بشكل كامل تقريبا في سوريا"، وأضاف قائلا: "يريد الروس إظهار ملاءمتهم ونفوذهم إلى ما بعد المرحلة العسكرية" والوساطة فى تسوية سياسية. ولم يحتج ترامب وكبار مسؤوليه على الدعم الروسي للأسد، إلا ما كان من شكاوى خافتة.
ورغم ذلك، يرى خبراء إقليميون أن بوتين ما زال يحتاج الى موافقة الولايات المتحدة على أي عملية سلام سورية، فالزعيم الروسي لا يريد أن يتحمل عبء المسؤوليات الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية للإمساك بكل البلد. ويمكن أن يتيح هذا فرصة دبلوماسية لترامب، الذي لم يكشف بعد عن إستراتيجية للظفر بتنازلات من بوتين مقابل الدعم الأمريكي.
ويعلق غولدنبيرغ الذي يعمل الأن في مركز الأمن الأمريكي الجديد: "لو كان هناك اتفاق لوقف الحرب الأهلية السورية ويبارك انتصاره، فهذا ما يريده بوتين"، استدرك قائلا: "والسؤال فيما إن كان ترامب ذكيا لكي يحصل على الثمن أم سيعطيه هذا مجانا".
** رابط المقال الأصلي:
https://www.politico.com/story/2017/11/21/trump-putin-russia-syria-257407?lo=ap_f1