نشره الملياردير "حليف بوتين"..
مقال لـ"محلل سوري" يصنف الأمويين والعباسيين بوصفهم محتلين
===============
إيثار عبدالحق- زمان الوصل | 2017-07-25 04:42:01
مالوفيف.. يوالي من والى بوتين والكنيسة ويعادي من عاداهما
• تخيل قوة شخص يتحكم بالأقلية التي تتحكم بنحو 144 مليون روسي
• منحه إعلام النظام لقب "محلل سياسي" وهو لا يزال طالبا في بداية دراسته
• "مالوفيف".. شخصية مركبة حد التعقيد جمعت صفات وإعجاب سورس والبطريرك ولوبين وراسبوتين
ضمن
مقال نشره لها "معهد أبحاث" روسي، وأعاد نشره موقع من أكبر المواقع المحسوبة على مخابرات النظام، صنف "محلل سياسي" سوري الفترتين الأموية والعباسية، ضمن عهود "الاحتلال" التي مرت على سوريا، أسوة بالفرس والروم وصولا إلى الفرنسيين.
المقال الذي نشره معهد "كاتيخون"، وأبرزه موقع وصفحة "دمشق الآن"، جاء تحت عنوان "خفايا اتفاق الجنوب السوري في هامبورغ"، وهو عنوان يتناول مستجدا (اتفاق الجنوب) لم يكمل 20 يوما بعد، لكن كاتبه "صلاح نشواتي" آثر أن يعود "إلى الوراء بلقطات سريعة" حسب تعبيره، منوها بأن "المنطقة بما يتضمن الجمهورية العربية السورية كانت تحت الاحتلال الفرنسي الذي سبقه العثماني والعباسي والأموي، وصولا للروم والفرس".
*"إله الأوليغارشية"
رغم كون "نشواتي" اسما مغمورا في أوساط "المحللين"، ورغم أن مقاله لا يتعدى أضغاث أفكار وأخلاط تحليلات، ربطها بصياغة متواضعة وعبارات مزجاة، فإن عناية مركز بحثي روسي بما كتب ونشره له، متبوعا باهتمام "دمشق الآن" أكبر الصفحات الموالية.. كانا محل تساؤل، دفع "زمان الوصل" للتحري عن "نشواتي" وعن المعهد الروسي "كاتيخون".
وسنبدأ بالمعهد الروسي، كونه اختار أن يفتح ذراعيه لمقالات من النوع الذي يتجرأ على اعتبار الحكمين الأموي والعباسي قوتي احتلال، حيث يتضح جليا أن المركز ما هو إلا خلية تابعة للقوى المتحكمة بمصير روسيا (بوتين وحاشيته).
فصاحب "كاتيخون" ومؤسسه هو
الملياردير الروسي "كونستانتين مالوفيف" المعروف بهيمنته على إمبراطورية تجارية ومالية تتنوع نشاطاتها، وتركز على الإعلام، دون أن تهمل النشاط "الخيري" لتمرير أهدافها.
ومع إن اسمه لا يظهر في الأخبار العربية عندما تتحدث عن الشأن الروسي، فإن شدة تأثير "مالوفيف" وقربه من الرئيس الروسي، جعلته مستحقا لعدة ألقاب منها: "
حليف بوتين"، "إله الأوليغارشية"، "سورس بوتين".
ويسترعي اللقبان الأخيران الانتباه لما يحملانه من إسقاطات، تتحدث عن رجل يتحكم بالأوليغارشية (الأقلية الحاكمة) كما يتحكم إله بملكوته، وهو ما يوحي بقوة "مالوفيف" الخارجة عن المألوف، والتي بوأته ليكون بمثابة "رب الحكام الروس".
وبالمناسبة، فقبل سنوات عمد مندوب النظام "بشار الجعفري" إلى تطعيم خطاب رنان له بلفظة "الأوليغارشية"، وهو يتحدث عن محاسن نظامه ومساوئ أنظمة الآخرين، ما سبب الصداع والتعب لجموع مؤيديه الذين يلقبونه "أسد الدبلوماسية"، قبل أن يهتدوا إلى معنى الكلمة ودلالتها التي تشير إلى حكم الأقلية، ليتنفسوا بعدها الصعداء حيث إن هذه التهمة لا تمس النظام الأسدي مطلقا.
أما لقب "سورس بوتين" فهو تذكير بما
لـ"مالوفيف" من حيازات مالية ضخمة تلف أذرعها على السياسة والعمل "الخيري" وتمويل الحركات والأحزاب، في مسلك يشابه سيرة المتمول الأمريكي اليهودي (الهنغاري الأصل) جورج سورس، المشهور بقدراته على ضرب اقتصادات دول بأكلمها.
وليس هذا فحسب، بل إن "مالوفيف" الذي لم يجاوز 43 من عمره إلا بداية الشهر الجاري، يتربع على عرش أكبر مؤسسة "خيرية" في عموم روسيا (سانت بازيل)، وهو إلى ذلك أرثوذكسي محافظ للغاية، ويمني مهووس بالحديث عن "روسيا العظيمة".
*حاز خصائص القرب
أرثوذكسية "مالوفيف" المغرقة أهلته ليكون صاحب حظوة لدى البطريرك والكنيسة، اللذين يرسمان اليوم كثيرا من ملامح السياسة والمجتمع، في معقل الشيوعية القديم، أما يمينيته فقد جعلته حليفا طبيعيا لكل متطرفي العالم، من أمثال "مارين لوبين" الفرنسية، و"هاينز ستراتش" النمساوي، ممن يسعد بوتين وحلفاؤه وأتباعه (إيران وبشار مثلا) أن يروهم مسيطرين على القرار الدولي.
وإلى جانب هؤلاء تبرز علاقات "مالوفيف" مع المتطرفين الروس الذي تعج بهم البلاد، وفي مقدمتهم "ألكسندر دوجين" الملقب بـ"راسبوتين بوتين"، في إشارة واضحة إلى "راسبوتين" الأصلي، الذي لا يزال الروس -رغم مرور أكثر من قرن على مصرعه- يتناقلون قصص فسوقه ومجونه الجنسي وسيطرته على قرار القيصر حينها.
ونظرا لكونه من الدائرة المتحكمة في روسيا البوتينية، لم يكن غريبا أن يظهر موقف "مالوفيف" شديد العدائية تجاه أوكرانيا، داعما للانفصاليين ماليا وسياسيا، ملبسا مطامعه ومطامع "بوتين" في شبه جزيرة القرم رداء دينيا، باعتبار "عودة القرم" إلى موسكو تجسيدا
لـ"مشيئة الرب"، حسب زعمه.
ما الذي بقي
لـ"مالوفيف" حتى يكون مستحقا لود بوتين، قيصر روسيا الجديد، وقربه؟!.. المال، عنده منه المليارات.. النفوذ، لا حدود له ولا لأشكاله.. الدين، أرضيته جاهزة وغطائه متوفر عند الطلب.. الدعاية، بحر لا ساحل له مع ما يملكه الرجل من وسائل أو ما يشتريه من مساحات فيما لا يملك.. الأعمال "الخيرية"، بارع في استثمارها إلى حد أنه بات نصير الفقراء الذين يسرقهم!.. التطرف والشوفينية، زاده منها كثير ونتاجه في ميدانها غزير.. فما الذي بقي.. بقي شرط الفساد السياسي الفج، وهو ما مارسه "مالوفيف" بشكل علني في خريف 2012، عندما فاز في انتخابات إحدى مجالس المقاطعات الروسية، رغم القرار الصادر من إحدى المحاكم ببطلان ترشحه، وقيامه بشراء أصوات الناخبين بسعر 500 روبل لكل صوت (يابلاش.. نحو 8.5 دولار).
*سابقة
من سيرة "مالوفيف" صاحب مركز أبحاث "كاتيخون" التي حاولنا اختصارها قدر الإمكان، ننتقل إلى سيرة "صلاح نشواتي" الذي حباه "كاتيخون" وصاحبه بالنشر لديهما، ليقول ما قاله عن "الاحتلال" الأموي والعباسي لسوريا.
ورغم قلة "كم" المعلومات المتوفرة عن "نشواتي" كونه صغيرا في السن، فإن "نوع" هذه المعلومات صادم ومثير لعلامات التعجب والاستفهام، فـ"المحلل السياسي" كان إلى ما قبل سنة ونصف مجرد "طالب" في كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق (معهد العلوم السياسية بالتل سابقا).
وربما لا يصدق قارئ هذه السطور إذا ما أخبرناه أن "نشواتي" ظهر على إحدى قنوات النظام سنة 2013 بينما كان في السنة الثانية على أبعد تقدير (أي 20 أو 21 عاما).. ظهر بصفة "محلل سياسي"، ليتحدث عن قضايا بحجم افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ومدلولات خطاب أوباما (الرئيس الأمريكي) خلالها، ومحادثات الملف النووي الإيراني، والتفاهمات الروسية الأمريكية لتسوية ملف كيماوي النظام، عقب مجزرة الغوطة الرهيبة في آب/أغسطس 2013.
ومع كثرة خطايا وأخطاء إعلام الأسد، واستغبائه للجمهور، و"استرخاصه" للضيوف، وإعماله للمحسوبيات، فإن ظهور "نشواتي" عام 2013، بصفة "محلل سياسي" كان سابقة على كل هذه الأصعدة، ما زال الجواب عن دافعها الحقيقي غائبا، والسؤال مشرعا عن نوع وحجم الواسطة التي تقف وراء طالب غر، وتخوله أن يستأثر بالظهور على الشاشة محاورا وحيدا، لمدة تفوق 50 دقيقة، وهو ما لم يحظ به أبناء متنفذين كبار للغاية.
وعلى أي حال، كان "نشواتي" -حتى نهايات 2015- يظهر على ساحة إعلام النظام بصفة "عضو الهيئة الإدارية في كلية العلوم السياسية"، ثم بدأت الإخبارية السورية تستعين به بشكل متكرر وكأنه متعاقد معها.
وللأمانة، فقد عرّف مذيع البرنامج الذي استضاف "نشواتي" أواخر آذار 2016 بأنه "خريج كلية العلوم السياسية"، وبعد ذلك بعدة أيام فقط عاد فاستضافه معرفا عنه بأنه "الباحث في الشؤون السياسية"، ثم ثبت اللقب على الشاب "المجتهد"، تماما كما ثبت لقب "المهندس" و"رجل الأعمال" على الشاب "المجتهد" رامي مخلوف.
ولأن الروس باتوا من "أهل البيت" والآمرين فيه، فقد كان لابد من إكمال حظوة "نشواتي" لدى النظام بحظوة لدى موسكو، ليجد الطرفان (نشواتي ومالوفيف) نفسيهما في طريق واحد، افتتحاه باعتبار
الأمويين والعباسيين قوى احتلال، وربما يختمانه –من يدري- بالقول إن سوريا كانت مملكة روسية قبل أن يحتلها السوريون.