الــثــورة الــســوريــة ( متجدد )




الملخص اليومي لمرصد طوران 16-02-2018 لمشاهدة تقارير مرصد طوران (السياسية، العسكرية، الإقتصادية، الإعلامية، النتاج الفكري) كاملة على الرابط التالي :

DWKMlKNW0AIOXgH.jpg
 


الهلال الأحمر السوري... الواقع والالتزام بالمبادئ السبعة



DWF7wSJX4AIUfIG.jpg
 
سوريا في كتاب "النار والغضب"
==================


1517898140_trans.jpg


سجل كتاب “النار والغضب: داخل البيت الأبيض لترامب” انتشارًا هائلًا لما كشفه عن كواليس الإدارة الأمريكية الجديدة في سنتها الأولى. تجاوزت مبيعاته 400 ألف نسخة، وترجم إلى عدة لغات في فترة قياسية. ورغم تناول الكتاب سيرة فاضحة للرئيس الأمريكي عن سلوكه في البيت الأبيض أو آراؤه التي أسرّ بها في غير مكانها، ورغم النقد الذي وُجّه لأسلوب مؤلّفه في جمع المعلومات، إلا أنّه احتوى تفاصيل تجدر الإشارة إليها عن تعامل الإدارة الأمريكية مع عدد من القضايا الدولية.

تطرّق الكتاب إلى سوريا في أربعة فصول من أصل اثنين وعشرين فصلًا. بدءًا بمواجهة ترامب لمجتمع الاستخبارات الأمريكي واتّهامه بالفشل في مواطن عدّة، وكواليس اتّخاذ قرار ضرب قاعدة الشعيرات التابعة لنظام الأسد، ثمّ تسريب معلومات سريّة إلى الروس، وتقييم خيارات الأطراف الدولية في التعامل مع الإدارة الجديدة. وفيما يلي بيان ذلك من خلال نصّ الكتاب بتصرّف.

الفصل الثالث "اليوم الأول": ترامب في مواجهة الاستخبارات

عمل ترامب في أثناء الحملة الانتخابية وبعد فوزه بالرئاسة على استهداف الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية - الأجهزة السبعة عشر كلها، مثل وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA)، ومكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، ومجلس الأمن القومي (NSC) - على أنها غير كفؤة وكاذبة. وتضمنت أفكاره ضد أجهزة الاستخبارات المعلومات الخاطئة التي قدّمتها عن وجود أسلحة دمار شامل قبل غزو العراق، وما أسماه بالفشل الاستخباراتي للرئيس السابق أوباما في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا، ومؤخرًا التسريبات الاستخباراتية بشأن علاقته المزعومة مع روسيا.

بدا ترامب في نقده كأنّه يصطفّ إلى جانب اليسار الذي ما فتئ ينتقد أجهزة الاستخبارات لنصف قرن ماضٍ. ولكن الحال بات معكوسًا الآن، فالليبراليون ومجتمع الاستخبارات باتوا في معسكر واحد في مواجهة دونالد ترامب. كان اليسار في معظمه رافضًا بشدة لموقف مجتمع الاستخبارات تجاه إدوارد سنودن كخائن أفشى أسرار البلاد لموقع ويكيليكس، ووصفوا خطوته بأنّها مبنية على نية حسنة. وفجأة تبنى اليسار المعلومات التي قدّمتها الاستخبارات عن علاقة ترامب الشائنة بالرّوس.

الفصل الرابع عشر “غرفة العمليات”: قرار الرد على الهجوم الكيميائي

قبل الساعة السابعة من صباح 14 نيسان/ أبريل 2017، اليوم الرابع والسبعين من رئاسة ترامب، هاجمت قوات النظام السوري بلدة خان شيخون التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية بالأسلحة الكيميائية. قُتِل عدد كبير من الأطفال. كانت المرة الأولى التي يتطفّل فيها حدث خارجي على رئاسة ترامب. تتشكّل معظم الرئاسات بالأزمات الخارجية، ويُعد أكثر أدوار الرئاسة أهمّية إبداء ردّ الفعل على الحوادث الخارجية. كانت الضجّة التي ثارت حول ترامب في معظمها تدور حول الرّأي الشائع عن عدم رباطة جأشه في وجه العاصفة. وربّما تسبّبت الأزمة الداخلية في البيت الأبيض بطغيان هذا الانطباع عنه لدى الأطراف الخارجية.

ربّما لا يكون حتى هذا الهجوم الوحشي على أطفال في حرب مستمرة منذ زمن طويل كافيًا لإحداث النقلة الرئاسية التي كان ينتظرها الجميع. رغم ذلك، فقد استخدمت هذه الأسلحة من قبل الجاني الذي تكرّر عدوانه، بشار الأسد. هذه الأزمة كانت ستتطلب ردًّا مدروسًا وماهرًا من أي إدارة أمريكية. وفي الواقع، كان تعامل أوباما مع هذه المسألة أقلّ مهارةً في زعمه أنّ الأسلحة الكيميائية خطّ أحمر، ثمّ سماحه بتجاوز هذا الخط. لم تكن غالبية إدارة ترامب مستعدة لتوقّع ردّ فعل الرئيس، أو ما إذا كان سيبدي ردّ فعل أصلًا. ولم يستطع أحد تحديد مدى أهمية هذه الأسلحة بالنسبة لترامب.

إذا كان وجود ترامب في البيت الأبيض مقلقًا إلى حد غير مسبوق في التاريخ الأمريكي، فإنّ آراءه في السياسة الخارجية كانت الأكثر جهلًا وعشوائية وتقلبًا. لم يعرف مستشاروه ما إذا كان انعزاليًا أو عسكريًا، أو قدرته على التمييز بين الاثنين. كان ترامب متيمًا بالجنرالات ومصممًا على أن شعبًا بقيادة عسكرية متمرّسة سيتبوّأ موقع الصدارة في السياسة الخارجية، لكنّه كره تلقّي النصائح. كان ضد تولي الولايات المتحدة بناء الدول الأخرى، لكنه اعتقد أنّه لا يمكنه أن يتحسّن في بعض المجالات. لم يملك خبرة في السياسة الخارجية، لكنه لم يحترم الخبراء أيضًا. وفجأة ظهر تساؤل كيف سيرد الرئيس على هجوم خان شيخون ومن سيتولى ذلك من إدارة ترامب.

بحلول منتصف صباح الرابع من نيسان، عقد اجتماع لإحاطة الرئيس بالهجوم الكيميائي. رأى الرئيس ودائرته المقربة من مجلس الأمن القومي - وبينهم ابنته إيفانكا - أن الهجوم فرصة مباشرة لتسجيل اعتراض أخلاقي. كان الحادث جليًا: مرة أخرى انتهكت حكومة بشار الأسد القانون الدولي باستخدام أسلحة كيميائية. كان هناك فيديو يوثق الهجوم، واتفاق بين أجهزة الاستخبارات على مسؤولية الأسد. الوضع السياسي كان مواتيًا: فشل باراك أوباما في الرد عند مواجهة هجوم كيميائي سوري، والآن بإمكان ترامب الرد. أما الخطورة فكانت ضئيلة فالرد سيكون محدودًا. أضف إلى ذلك أن الإدارة ستبدو كأنّها وقفت في وجه الروس وحلفاء الأسد غير الفعّالين في سوريا، الأمر الذي سيسجّل لصالح ترامب محليًّا.

كبير استراتيجيي الإدارة الأمريكية ستيف بانون، الذي بدت مغادرته للإدارة وشيكة للجميع، كان الوحيد الذي عارض الرد العسكري على الهجوم: أبعدوا الولايات المتحدة عن المشاكل العالقة ولا تزيدوا من تورطنا فيها. مثّل الرد العسكري لبانون عودةً للأساليب نفسها التي أدّت إلى الفوضى في الشرق الأوسط. كان بانون في مواجهة مستشار الأمن القومي هربرت مكماستر، و“جارفانكا” الاسم الذي أطلقه بانون على إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر. وافق ترامب على طلب مكماستر إقالة بانون من مجلس الأمن القومي التي كان سيعلنها في اليوم التالي، إلا أنّ رأي بانون راق له: لماذا ينبغي أن نرد على الهجوم؟ وما الذي سنجنيه من ذلك؟. في مجلس الأمن القومي عصر ذلك اليوم، تحدّث بانون عن وجود هجمات أسوأ من هذا الهجوم: إذا كنتم تبحثون عن الضحايا من الأطفال يمكنكم العثور عليهم في أي مكان، لماذا هؤلاء؟

مع انقضاء اليوم، كانت إيفانكا ودينا باول نائبة مستشار الأمن القومي للشؤون الاستراتيجية منشغلتين بإقناع الرئيس بإبداء رد فعل ليس أقل من عقوبات أو إدانة كاملة لاستخدام الأسلحة الكيميائية أو السيناريو الأفضل: الرد العسكري. كان كوشنر يشتكي لإيفانكا عدم تجاوب الرئيس، وبدا واضحًا له ولمكماستر أن ترامب كان منزعجًا من الحاجة إلى التفكير بالهجوم أكثر من انزعاجه من الهجوم نفسه. أدركت إيفانكا وباول أن الطريقة الوحيدة لإقناع ترامب بالنظر في المسألة هي من خلال الصور لرفضه وحتى انزعاجه من الجداول والوثائق التي يتبادلها مسؤولو الإدارة في العادة، فأعدّتا عرضًا مرئيًا يُظهر أطفال خان شيخون والزّبد يخرج من أفواههم. نجح العرض وأصيب ترامب بالذهول وبدا له أنّه لا يمكن تصور عدم صدور رد فعل من الولايات المتحدة وبات منفتحًا على جميع الخيارات العسكرية.

وفي 5 نيسان، أحاط الجنرال مكماستر ترامب بالوضع في سوريا، وبيّن له أنّ هناك عدة خيارات متاحة أمام الإدارة، وكالعادة أثقل مكماستر ترامب بالتفاصيل، ليظنّ الرئيس أنّه يتم التلاعب به. في النهار التالي، وفي طريقه للقاء الرئيس الصيني في منتجعه “مارالاغو” بولاية فلوريدا على متن الطائرة الرئاسية، عقد ترامب لقاءً لمجلس الأمن القومي بشأن الرد على الهجوم بالأسلحة الكيميائية. كان القرار قد اتُّخِذ بشأن إطلاق الجيش الأمريكي صواريخ توماهوك باتجاه قاعدة الشعيرات الجوية التابعة لنظام الأسد. أمر ترامب من طائرته بأن يتم الهجوم في اليوم التالي. وفي أثناء لقاء ترامب مع الرئيس الصيني تم الهجوم على قاعدة الشعيرات. كانت لحظة سعيدة أسرّ فيها ترامب لأحد ضيوفه: “هذه واحدة كبيرة”. فريق الأمن القومي بدا مرتاحًا بصورة نادرة؛ فالرئيس الأهوج وغير المتوقع بدا متوقعًا وطيّعًا.

الفصل السادس عشر "كومي": فضح أسرار استخباراتية لروسيا

في العاشر من أيار/ مايو 2017، التقى الرئيس ترامب في مكتبه بالبيت الأبيض عددًا من كبار الشخصيات الروس، من بينهم السفير الروسي لدى واشنطن سيرغي إيفانوفيتش كيسلياك. تمحور اللقاء حول التحقيقات في علاقة ترامب بالروس. وخلال اللقاء قال ترامب: “قمت بطرد مدير الأف بي آي. لقد كان مجنونًا، كان شخصًا أبله بحق. واجهت ضغطًا كبيرًا بسبب روسيا. والآن أزيح كل ذلك جانبًا”.

في أثناء حديثه، كشف ترامب معلومات حصلت عليها الولايات المتحدة من إسرائيل، التي حصلت عليها من عميل لها في سوريا، عن استخدام تنظيم داعش أجهزة لابتوب لتهريب قنابل من خلال الطائرات. كانت المعلومات كافية لفضح العميل الإسرائيلي. زاد هذا الحادث من السمعة السيئة لترامب لدى دوائر الاستخبارات، ففي صنعة الاستخبارات تكون حماية مصدر المعلومة فوق كل الأسرار.

الفصل السابع عشر "محليًا وخارجيًا": تحليل الموقف الدولي تجاه الإدارة

شعر معظم الشركاء المعتادين للولايات المتحدة، وحتى أعداؤها بالاضطراب في مواجهة الإدارة الأمريكية الجديدة، في حين رأى آخرون فرصًا جديدة. فقد رأى الروس أن الولايات المتحدة قد تترك لهم أوكرانيا وجورجيا، وترفع عنهم العقوبات، مقابل تخليهم عن إيران وسوريا. وفي أثناء فترة الانتقال الرئاسي (تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 - كانون الثاني/ يناير 2017) تواصل مسؤول رفيع من الحكومة التركية مع رجل أعمال أمريكي بارز للاستفسار عمّا إذا كانت تركيا ستحظى بنفوذ أكبر لدى الإدارة الأمريكية إذا ضغطت على الوجود العسكري الأمريكي لديها أو قدّمت للرئيس الجديد موقعًا مميزًا لقصر على مضيق البوسفور.


عبد الرحمن السراج: باحث في العلاقات السورية الأمريكية


 

الرؤية الروسية للإصلاح الدستوري في سوريا
==================
مقدمة

أظهرت التحركات الروسية منذ بداية عام 2017 وحتى الآن تحرّكاً دؤوباً باتجاه الوصول إلى حل سياسي، يُكرّس التقدّم الميداني الذي حققته موسكو على الأرض، ويحمي المصالح الاستراتيجية الروسية في سوريا والمنطقة، على حساب المصالح الأميركية والغربية، وحتى على حساب مصالح الشريك الإيراني.

وبدا واضحاً أن الدستور القادم لسوريا يحظى بأولوية في الرؤية الروسية للحل، إذ عملت روسيا مع عدد من المجموعات السورية، وحتى مع مراكز تفكير غربية، على إنتاج مسودة مقترحة للدستور، وقامت بطرحها في لقاء الإستانة الأول. وبقي الحديث عن الدستور حاضراً في الخطاب الروسي طوال الوقت، وتكرّس ذلك بصورة واضحة في فكرة مؤتمر سوتشي، الذي عُقد نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث تركّز عمل المؤتمر بالكامل على الإصلاحات الدستورية، وتشكيل لجنةٍ سوريةٍ برعاية من الدول الراعية لمسار الإستانة لصياغة الدستور، لتكون هذه اللجنة محل اعتماد الأمم المتحدة في هذه السلة التفاوضية.

وبين تتالي التصريحات الروسية الرسمية، وتزايد الجدل بين قوى المعارضة حول قضايا الإصلاح الدستوري، تسعى الورقة لمناقشة أبرز الأفكار المطروحة للإصلاح الدستوري وفق الرؤية الروسية، ومدى ارتباط قضايا الإصلاح الدستوري بالحل السياسي للأزمة السورية، وخيارات المعارضة للتعاطي مع هذه الرؤية.


أولاً: الأفكار المطروحة للإصلاح الدستوري وفق الرؤية الروسية



سعت روسيا خلال الفترة الماضية إلى الدفع بقضايا الإصلاح الدستوري كأولوية في المفاوضات السورية، وتسعى من خلال ذلك إلى تجاوز نقاط الاتفاق الدولية السابقة وخصوصاً بيان جنيف (1)، والقاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي وصياغة إعلان دستوري يُنظّم عمل المرحلة الانتقالية، وقرارات مجلس الأمن السابقة الذكر.

فمع نهاية مباحثات الجولة الأولى لمباحثات "إستانة" في 24 كانون الثاني/ يناير 2017، طرحت روسيا مسوّدة لمشروع دستور جديد لسوريا يتضمن رؤيتها لقضايا الإصلاح الدستوري، وأكدت أن المسودة وُضعت للاسترشاد فحسب، وتشجيع السوريين للبدء بمناقشة الدستور، مع طرحها إمكانية تعديل الدستور القائم وفق الرؤية نفسها.

وتضمنت المسوّدة (85) مادة، تناولت صلاحيات رئيس الجمهورية والبرلمان، وعلاقة السلطات ببعضها، فضلاً عن مواد تتناول تمثيل الأقليات في سلطات ومناصب الدولة، مع طرحها لهوية فدرالية تركز في أكثر من مادة على تحقيق طموحات المكون الكردي ( ).

وتقترح المسوّدة توسيع صلاحيات البرلمان على حساب صلاحيات رئيس الجمهورية، بما في ذلك تنحية رئيس الجمهورية وإقرار مسائل الحرب والسلم، وتعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وحاكم المصرف المركزي وإقالته.

كما تقترح إزالة تعابير تشير إلى عروبة الدولة وإحلال اسم "الجمهورية السورية"، وحذف المادة التي تنص على أن دين الدولة هو الإسلام، وأن الفقه الإسلامي هو مصدر رئيس للتشريع، والتأكيد على المساواة بين اللغتين العربية والكردية كلغتين رسميتين في أجهزة الحكم الذاتي.

كما تشير المسودة الروسية إلى ضرورة مراعاة التمثيل النسبي لجميع الأطياف الطائفية والقومية في التعيينات الحكومية، مع تخصيص بعض المناصب لتمثيل الأقليات.

وتشدّد المسودة على عدم جواز استخدام القوات المسلحة في المجال السياسي، واضطهاد السكان، أو عملية انتقال السلطة.

وتؤكد المسودة على سمو القانون الدولي والمعاهدات التي تقرها سوريا واعتبارها جزءاً أساسياً من النظام القانوني للدولة، وجاء في البند الثالث من المادة السابعة بالمسودة: "تكون مبادئ وأحكام القانون الدولي المعترف بها ومعاهدات سوريا الدولية جزءاً لا يتجزأ من نظامها القانوني".

وأبقت المسودة الروسية لمشروع الدستور السوري على مدة ولاية رئيس الجمهورية والمحددة بسبع سنوات مع إمكانية الانتخاب لولاية ثانية( ) .


وتبدو فكرة طرح مسوّدة الدستور بحد ذاتها تجسيداً لسلوك استعماري تحاول روسيا تنفيذه، إذ تسعى لتوجيه رسالة أكانت للسوريين أم للدول الأخرى، مفادها أن لروسيا اليد العليا في رسم سوريا المستقبل، كما تعكس مبادرةً روسيةً لفرض معطيات سياسية، على غرار سياستها العسكرية القائمة على فرض وقائع بالقوة، ثمّ دعوة الفاعلين للبحث في آليات للتعامل مع هذه الوقائع.


محددات الرؤية الروسية للإصلاح الدستوري

ترتَكز الرؤيةُ الروسية في الإصلاح الدستوري في سوريا على ثلاثة محددات:

• تطبيق مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في مرافق الدولة كافة، الذي سينعكس على السلم الأهلي بإبقاء بذور الصراع حاضرة مستقبلاً، بالإضافة إلى عدم إمكانية وضع سياسة خارجية مستقرة وموحّدة بين المؤسسات السيادية للدولة، كحال لبنان.

• تأكيد مبدأ اللامركزية وتوزيع السلطات بين الحكومة المركزية والمناطق، لاستيعاب طموحات أي مكوّن في الحاضر أو المستقبل، كمساعي بعض القوى الكردية في الوقت الحالي لإنشاء كيان حكم ذاتي.

• التوازن بين السلطات عبر توزيع أكبر للصلاحيات، وتوسيع صلاحيات المجالس التمثيلية.

وفي ذلك لم تخرج روسيا عن الإطار العام الذي سعت الدول الكبرى لتطبيقه في الكثير من دول العالم التي شهدت صراعات وحروباً داخلية، في أثناء محاولاتها فرض حلول سياسية ودستورية دون أن تراعي خصوصية تلك الدول ومجتمعاتها، مما أنشأ كيانات ضعيفة بنيوياً وتعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية مزمنة.

من جهة أخرى، فإن تطبيق اللامركزية الإدارية بوجود مبدأ المحاصصة الطائفية قد يدفع أبناء الأقليات الأخرى في سوريا، التي يُمثّل وجودها أغلبية في مناطق جغرافية معيّنة، إلى المطالبة بالمزيد من أشكال الحكم الذاتي، بما يمكن أن يؤدّي إلى ولادة كياناتِ نفوذ مستقبلية لقوى إقليمية ودولية.


الإصلاح الدستوري في مسار التسوية السياسية



تسارعت الأمور بعد طرح موسكو لمسوّدة الدستور في بداية عام 2017، فتبنّت الوساطة الأممية مبدأ "السلال الأربع" التي كشف عنها الوسيط الأممي "دي ميستورا" مع نهاية محادثات جنيف 4 في آذار/ مارس من العام نفسه، وتتضمن إقامة حكم غير طائفي ووضع جدول زمني لدستور جديد، وإجراء انتخابات، ومكافحة الإرهاب( ) .

وفي تماهٍ مع الرؤية الروسية أيضاً، أعلن المبعوث الأممي في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، أن مباحثات جنيف (8) ستركز على نقطتين أساسيتين هما: التحضير للدستور الجديد، وإجراءات عقد انتخابات تحت إشراف ورعاية الأمم المتحدة. وكانت الأجندة التي تبنتها الوساطة الأممية قد فرضت تحولاً عن المسار الذي نص عليه بيان جنيف (1)، عبر تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، تتولى إصدار إعلان دستوري يدشن لمرحلة انتقالية يتم من خلالها صوغ دستور جديد( ) .

وفي خلال ذلك وتحديداً يوم 23 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عقد زعماء روسيا وإيران وتركيا قمةً ثلاثيةً في سوتشي، اتفقوا فيها على خطوات للتوصل إلى تسوية سياسية تنهي الحرب في سوريا، ويشمل ذلك تنظيم مؤتمر حوار تشارك فيه كل المكونات السورية، وتعزيز وقف إطلاق النار، وزيادة المساعدات للمتضررين من الحرب( ) ، وانضوت هذه القمة على أهمية كبيرة لجهة توقيتها والأحداث التي ارتبطت بها، إذ جاءت القمة بعد يومين من زيارة قام بها بشار الأسد إلى سوتشي التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعلن الكرملين يوم 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أي في اليوم التالي، أن الرئيس فلاديمير بوتين أطلع قادة الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل على نتائج لقائه بالأسد( ) ، وبذلك يوحي أن هناك محاولة لبناء توافق دولي في الملف السوري باتت تُرسم ملامحه بيد روسيا.

ويُلاحظ أن الرؤية الروسية للإصلاح الدستوري تتقاطع في عدة جوانب منها مع الرؤيتين الإيرانية والتركية، فالدول الثلاث لا ترغب بصياغة الدستور تحت رعايةٍ غربية، وترغب في عكس حضورها الميداني الحالي في مستقبل سوريا السياسي، الذي تبدأ ملامحه أولاً في الدستور.

وقد عكس مؤتمرُ سوتشي التوافقَ الثلاثي بين الدول الفاعلة على الأرض، إذ تركّزت أعمال المؤتمر بالكامل على إنتاج لجنة دستورية تعتمدها الدول الثلاث، وتكون مهمتها منصبّة على اقتراح التعديلات الدستورية في المرحلة الأولى وكتابة دستور جديد في مرحلة لاحقة، بما يسحب ملف الدستور تحديداً من مهام الهيئة العليا للمفاوضات.

لكن من المهم الإشارة إلى أن توافق الدول الثلاث على بعض الجوانب المتعلقة بالدستور والحل السياسي لا يعني أنها تتشاطر الرؤية ذاتها، فإيران لا ترغب أصلاً في منح المعارضة فرصة المشاركة في الإصلاح الدستوري، وترى أن النظام الذي تُشرف على إدارته على الأرض ليس في وضع يضطره تقديم تنازلات كبيرة في هذا المجال، كما أن إيران ترفض فكرة نزع الصلاحيات المركزية وتوزيعها على الأطراف أو أي فكرة يمكن أن تؤدّي إلى حالة "فدرلة"، في حين ترفض تركيا فكرة الفيدرالية الإثنية، وإن كانت لا تُمانع بفيدرالية جغرافية، في الوقت الذي ترى روسيا، وهي نظام فيدرالي أصلاً، أن هذا هو النظام الأمثل للحكم في سوريا.

وتتقاطع الرؤية الثلاثية التي أنتجها مؤتمر سوتشي مع رغبة الأمم المتحدة في تجسير الهوة بين مساري جنيف والإستانة، وهي الهوة التي أظهرت مسار جنيف بمظهر العاجز عن تحقيق الإنجاز رغم اعتماده دولياً، ومن ثم فإنّ المنظمة الدولية ترى في اللجنة الدستورية التي أفرزها سوتشي مدخلاً لتحقيق رغبات الدول الفاعلة على الأرض فيما يتعلق بالدستور، ورغبات المجتمع الدولي فيما يتعلق بتحقيق تقدّم في مسار الحل السياسي.

وفي قراءة ما سبق، بات واضحاً أن روسيا أصبحت تملك الدور المركزي والمحوري في ترتيبات حل الأزمة السورية. وقد تعزّز هذا الدور بفعل عوامل عدة أبرزها التراجع المستمر للدور الأمريكي في المنطقة أمام التمدد الاستراتيجي لروسيا، وتراجع المعارضة سياسياً وعسكرياً أمام الضغط الروسي المستمر، ما دفع بذلك بالقوى الداخلية والإقليمية كافة إلى التنسيق مع روسيا، التي باتت تملي شروطها على أطراف الأزمة كافة، بما تملكه من أدوات سياسية وعسكرية.


خيارات المعارضة للتعامل مع الرؤية الروسية



تواجه المعارضة السورية خيارات صعبة في المسارين السياسي والعسكري. فهي تواجه ميدانياً تقلصاً مستمراً في مساحة السيطرة، حتى وصلت إلى أقل من 12% في نهاية شهر كانون الثاني/ يناير الماضي (بما فيها مناطق درع الفرات التي تُسيطر عليها تركيا)، ومن المرجح أن تنخفض بشكل أكبر في الأشهر المقبلة. أما من الناحية السياسية فإنّها تواجه تراجعاً أميركاً، ومن ثم غربياً، في الاهتمام بالملف السوري عموماً، وانسحاباً إقليمياً مماثلاً، بما لا يترك الكثير من المجال للمناورة في حَلبة أضحت فيها مساحات التأثير المحلي محدودةً للغاية.

وعلى المستوى الداخلي، تُعاني المعارضةُ أصلاً من حالة الانقسام الواسعة، فعلى المستوى العسكري تستشري الفصائلية بصورة مزرية، في حين تواجه المؤسسات السياسية حالة من الانقسام وتنازع الشرعية. وتنعكس هذه الأوضاع على قدرة المعارضة بشقيها السياسي والعسكري على إنتاج استراتيجية واحدة للتعامل مع الرؤية الروسية أو أي رؤية أخرى، فضلاً عن قدرتها على إنتاج رؤيتها الخاصة أصلاً.

وتترك هذه المعطيات خيارات محدودة أمام الهيئة العليا للمفاوضات، الجسم الذي أنيط به التعامل مع مسار جنيف من جهة المعارضة. ومن أبرز هذه الخيارات:

1- التمسك ببيان جنيف (1) والمطالبة بتنفيذ مقتضياته، خصوصاً لجهة تشكيل هيئة حكم انتقالية ووضع إعلان دستوري، وجعله مرجعية في أي عملية تفاوضية حول الأزمة السورية، باعتبار أنه يحظى بدعم دولي ومرجعية أممية، إضافة إلى ضرورة تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة.

2- التركيز على مسار جنيف، باعتباره المسار الذي يحدّ بدرجة ما من تغوّل روسيا على العملية التفاوضية.

3- التعاطي بعقلانية وإيجابية مع الخيارات المتاحة حالياً، بما في ذلك اللجنة الدستورية المنبثقة عن سوتشي، التي يبدو أنها ستصبح أمراً واقعاً بعد اعتمادها من الأمم المتحدة. ويمكن أن يؤدّي التعنّت والرفض المطلق لها إلى خروج الهيئة العليا من سلة الدستور نهائياً.

4- العمل على بناء رؤية دستورية خاصة بالمعارضة، كي يتحوّل العمل المعارض من الحالة السلبية المقتصرة على التعاطي مع رؤى الآخرين إلى حالة إيجابية يتعاطى فيها الآخرون مع رؤية المعارضة.

5- الاستفادة من الفجوة الكبيرة بين الرؤيتين الروسية والإيرانية للإصلاحات الدستورية والحل السياسي برمته، إذ تتفق الدولتان على أهمية تحييد الغرب عن هذه الملفات، لكنهما تختلفان بصورة واضحة حول مضمون الدستور وشكل الحل.

6- توسيع نطاق التشاور مع كل أطراف المعارضة، بشكل يمنح الهيئة القدرة على تمثيل كل الفاعلين، بمن فيهم أولئك الذي تم تغييبهم عن مؤتمر الرياض (2)، الذي كان قد أفرز الهيئة.



خاتمة



تسعى روسيا بعد أن حققت نجاحاً عسكرياً ملحوظاً بفعل استخدامها المفرط للقوة على مدار العامين الماضيين إلى تكريس رؤيتها في مسارات الحل السياسي للأزمة السورية بما يتوافق مع مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

لكن المساعي الروسية تصطدم بعدد من المعطيات على المستوى الدولي أو المحلي، فرغم تراجع الدور الأمريكي في ملفات المنطقة، وبروزٍ أكبر للدور الروسي، ما تزال الولايات المتحدة تملك الهيمنة على ربع البلاد من خلال قواعدها العسكرية التي تجاوز عددها اثني عشر، كما أنها ما زالت الدولة الأكثر تأثيراً في العالم والمنطقة، ولا يمكن لموسكو تجاوزها، كما أنها تصطدم برؤيةِ وخيارات شريكها الإيراني، الذي ينطلق من منظومة مصالح مختلفة بشكل كبير.

وتبقى الإشارة أخيراً إلى أنه لا معنى لأي عملية إصلاح دستوري دون وجود تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية، تحقق الحد الأدنى من العدالة الانتقالية، وتُحدث تغييراً حقيقياً في سوريا، وهذا مرتبط بوقف العمليات العسكرية على الأرض، وتحقيق توافقات بين القوى الدولية الفاعلة.


الهوامش:​
1-

2-
3-
4- .
5-
6-
 
الله يعزك قناة الميادين لاتعتبر دليل موثوق




·

مراسلتنا: الجيش السوري يرفض طلب الأكراد بدخول عفرين قبل تسليمهم السلاح



مراسلتنا: الجيش السوري يرفض طلب الأكراد بدخول عفرين قبل تسليمهم السلاح
================


تاريخ النشر:15.02.2018 | 19:57 GMT |

آخر تحديث:15.02.2018 | 20:22 GMT |

5a85e7aed43750dc158b4611.jpg


أفادت مراسلة RT في سوريا، بأن الجيش السوري رفض طلبا من الأكراد بدخول القوات الحكومية السورية إلى عفرين، قبل تسليم التنظيمات الكردية سلاحها.

ونقلت المراسلة عن مصدر عسكري خاص تأكيده أن القيادة السورية اشترطت لدخول الجيش السوري إلى عفرين، تسليم وحدات حماية الشعب الكردي السلاح للدولة السورية.

وأضاف المصدر، أن الرد من الجانب الكردي جاء بالرفض، مؤكدا أنه بذلك لم يتفق الطرفان.


وكان القائد العام لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية، سيبان حمو، لم يستبعد مطلع الأسبوع الجاري، إمكانية دخول الجيش السوري إلى عفرين لمساعدة الفصائل الكردية على التصدي للهجوم التركي ضمن عملية "غصن الزيتون".

وسبق أن طالبت الإدارة الذاتية الكردية في عفرين دمشق إثر إطلاق الجيش التركي حملة "غصن الزيتون" في عفرين، بالتدخل لحماية المنطقة ونشر القوات على الحدود مع تركيا.

يذكر أن الجيش التركي بدأ في الـ20 يناير الماضي، عملية عسكرية أطلق عليها "غصن الزيتون" يستهدف من خلالها المسلحين الأكراد في عفرين شمالي سوريا. وأعلنت الأركان التركية مؤخرا، عن تحييد 1528 مسلحا منذ انطلاق العملية، وأكدت أنها تمكنت خلال الساعات الـ24 الماضية من تحييد 43 من المسلحين الأكراد وآخرين تابعين لتنظيم "داعش".

المصدر: RT + وكالات


اذن يوجد اتفاق بدخول النظام الى عفرين ! مقابل تسليم المليشيات الكردية للسلاح ؟
 
قيادي في الزنكي يكشف معلومات مثيرة
كشف الرجل الثاني في حركة نور الدين الزنكي "حسام أطرش" عن نية "هيئة تحرير الشام" فتح معبر مع النظام السوري غرب مدينة حلب.
وقال "الأطرش" في تدوينة على قناته في تلغرام: "يسألنا كثير من الأخوة عن موقف الزنكي من تحشيدات الهيئة وتشهيرها الإعلامي.. جوابنا: أبو محمد الجولاني أذكى من أن ينتحر".
وأضاف: "ولكن هذه الضوضاء التي يفتعلها ليغطي على عملية فتح معبر الراشدين مع نظام الأسد بحلب، لن تمشي على الزنكي ولن يحصل ذلك حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط
".
وأردف قائلاً: " يسألنا بعض الإخوة عن سبب منعنا لفتح معبر الراشدين.. الجواب: النظام النصيري يخطط لنقل 5000 داعشي بالباصات الخضراء من دير الزور لإدخالهم إلى الريف الغربي لحلب، والذي يعتبر قلعة الثورة من أجل تفكيكه وإنهاء ثواره".
‏وحول قضية تسليم الطيار الروسي قال الأطرش: "ولكن من الملاحظ أن قضية تسليم الطيار الروسي ماتت من الإعلام، ولم تعد تذكر في جملة اتهامات الذباب الإلكتروني؟ أم أن بيان الروس من أن جبهة النصرة من سلمت الطيار كان كافياً لسكوتهم؟".
وسبق أن شهدت مناطق ريف حلب الغربي مواجهات بين "هيئة تحرير الشام" و "حركة نور الدين الزنكي" قبل عدة أشهر، قتل فيها وجرح العشرات من الجنود دون أن تتمكن الهيئة من السيطرة على مواقع الحركة.
 
#استطلاع_رأي
من هو المسؤول عن الفلتان الأمني بمدينة ادلب وريفها؟!
رابط اليوتيوب :
 
"القبعات البيضاء" .. نصاع صفحتهم.. قوبلت من القتلة "بالإفتراء وخلق الأكاذيب" !

ماذا تقول لهم؟

 
وقفة احتجاجية لأهالي #معرة_النعمان طالبت فيها بعودة الشرطة الحرة ودعمها
#ادلب

28056540_10160284213445727_8452199819180279005_n.jpg



27972579_10160284214820727_3270850996449782678_n.jpg
 
"لا علاقة تربطني بلبنانية وأتعهد بعدم الزواج من لبنانية طوال فترة دراستي"
ما القصة؟

 
أول مظاهرة في دمشق لم تفرقها العصابة الطائفية بالسلاح ...لكنها ضد التدخل التركي لمواجهة عصابات بي كي كي في عفرين

27973196_10157166999213761_3187929412823152067_n.jpg
 
اذن يوجد اتفاق بدخول النظام الى عفرين ! مقابل تسليم المليشيات الكردية للسلاح ؟

نعم الاكراد يريدون دخول الجيش الاسدي لعفرين لكن دون تسليم سلاحهم الثقيل

لكن النظام السوري يصر على تسليم الاكراد جميع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة له مقابل دخوله لمدينة عفرين

 
عودة
أعلى