أنفاق غزة.. رعب يطارد الاحتلال قبل عملية عسكرية متوقعة
الأنفاق ورقة استراتيجية أثبتت فعاليتها في الحرب الأخيرة
ينظر الاحتلال الإسرائيلي لاستشهاد 7 من عناصر كتائب عز الدين القسّام أثناء عملهم بحفر الأنفاق، بقلق بالغ وحذر شديد، كما استخلص منها استنتاجات تدفعه ليستمر بمراقبة التطورات في القطاع ورصد كل التحركات، لتوقع قدرات الكتائب وخطط حركة حماس بشأن المعركة القادمة.
فبحسب ما ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن ازدياد الحوادث في الأنفاق بقطاع غزة يرمز إلى أن كتائب القسام تسرّع من الانتهاء من حفر الأنفاق وترميم المتضرر منها، استعداداً لانطلاق المعركة القادمة؛ وبالمقابل يعمل جيش الاحتلال الإسرائيلي على العثور على هذه الأنفاق من أجل إحباط أي عملية تؤدي للتصعيد.
ولتبيان استعداد الكتائب في غزة للحرب، أشارت الصحيفة إلى خطاب رئيس حكومة حماس في غزة، إسماعيل هنية، الذي ألقاه قبل أيام بمناسبة تشييع جثامين شهداء الأنفاق، لافتة إلى أن الخطاب كشف جانباً من نوايا التنظيم.
إذ قال متحدثاً عن الأنفاق: إنها بنيت "لحماية الشعب الفلسطيني وتحرير الأماكن المقدسة"، وإن طولها بلغ ضعفي طول الأنفاق التي حفرت خلال حرب فيتنام، وأوضح أن فترة الهدوء الحالية في غزة ليست فترة راحة وإنما هي استعداد للمواجهة العسكرية القادمة.
وأضافت الصحيفة أن مسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي تطرقوا في الفترة الأخيرة لاحتمال تنفيذ كتائب المقاومة في غزة لعملية نوعية عبر الأنفاق ضد أهداف إسرائيلية، وكان من بينهم رئيس الأركان "غادي آيزنكوت" ووزير التعليم العضو في الكبينيت الأمني بحكومة الاحتلال، نفتالي بينيت.
من ناحيته، قال ضابط مسؤول في الجبهة الجنوبية لجيش الاحتلال أثناء لقائه مع سكان البلدات القريبة من القطاع: إن "حماس جاهزة للدورة التالية (من القتال)".
وفي هذا السياق، يرى المحلل العسكري الإسرائيلي "عاموس هارئيل"، أن ما يحدث في قطاع غزة "مثير للاهتمام"، فازدياد الحوادث في الأنفاق يدل على أن الكتائب "مستعجلة" لإتمام الأنفاق مع اقتراب اتخاذ قرار محتمل لتنفيذ عملية، وهنا يذكر أنه في الأسبوع الماضي قام الجانب الإسرائيلي بالتقاط صور أثناء عمليات حفر مكثفة في محيط القطاع من أجل العثور على الأنفاق الهجومية قبل فوات الأوان.
وعليه، يبدو طرفا الصراع في سباق مع الزمن، فمن ناحية تريد الكتائب الإسراع بالانتهاء من استعداداتها، في الوقت الذي يسعى فيه جيش الاحتلال للكشف عن هذه الأنفاق وإبطال فعاليتها، انطلاقاً من افتراضه أن الكتائب سوف تنفذ عملية من خلال الأنفاق قريباً جداً.
وفي سياق متصل يقول هارئيل إن نيّة حماس بترميم الأنفاق كانت واضحة منذ انتهاء الحرب الأخيرة، فقد رفض أي مبادرة وساطة تشترط نزع سلاح الكتائب مما يعني التوقف عن حفر الأنفاق.
كما أن تصريحات هنية في خطابه الأخير تؤكد أن الأنفاق هي ورقة ضغط استراتيجية مهمة في مواجهة مسلحة مع الاحتلال الإسرائيلي، ففي تحليل أجري بعد انتهاء الحرب الأخيرة، بين أن العمليات التي نفذت عن طريق الأنفاق هي التي تسببت بمقتل أكبر عدد من الجنود في الجانب الإسرائيلي، وفي حين وجد الاحتلال طرقاً فعالة للحد من تأثير الصواريخ إلا أنه لم يجد طرقاً لوقف تأثير قذائف الهاون التي أطلقت من جانب الشريط الحدودي للبلدات الإسرائيلية المجاورة له.
ومنذ ذلك الحين، يرى هارئيل أن حماس زادت من اعتمادها على الأنفاق كسلاح هجومي، ويعتبر أن الأزمة مع إيران فيما يتعلق بدعم الأسلحة الأساسية، إلى جانب سياسة مصر ضد الأنفاق دفع الحركة للاعتماد على تصنيع الصواريخ ذاتياً، وهي صواريخ قصيرة المدى ذات فعالية أقل من السابق، إلا أنها بالمقابل ستحاول في المعركة القادمة اتخاذ خطوات مفاجئة تماماً كما فعلت في الحرب الأخيرة، أي عندما حاولت تنفيذ هجوم بطائرة بلا طيار وهجوم آخر عن طريق كتائب بحرية.
إلى جانب ذلك، يقول الكاتب إن حماس في عقيدتها العسكرية تقترب من "حزب الله" اللبناني، لا سيما من ناحية الأفكار العملياتية التي نشأت بعد حرب تمّوز 2006، منها ما نفذ ومنها ما لم ينفذ بعد.
وهنا يشير إلى تلميحات "حزب الله" التي قد تتبناها حماس وتحاول تطبيقها، وهي تنفيذ عمليات نوعية بالسيطرة على مساحة أو بلدة على حدود الأراضي المحتلة، بهدف الخطف أو القتل، وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى احتمال اتخاذ الجناح العسكري لحركة حماس قراراً ببدء المعركة دون الرجوع للمستوى السياسي.
وفي هذا السياق يرى الكاتب أن هناك سيناريوين اثنين من شأنهما التسريع من تدهور الأوضاع في القطاع:
الأول، محاولة حركة حماس تنفيذ ضربة استباقية عن طريق عدة أنفاق في الوقت نفسه، خوفاً من أن يكشف الاحتلال عنها قبل استخدامها.
والثاني، هو نجاح التنظيم بتنفيذ عمليات تفجيرية كبيرة في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، مما سيؤدي لعملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية.
ويرى هارئيل أن اندلاع حرب جديدة هو سيناريو قابل للمنع، ويتعلق ذلك باتخاذ قرارات متزنة من الجانب الإسرائيلي، إلى جانب تمكن جيش الاحتلال وجهاز الشاباك من الكشف عن خطط حركة حماس الهجومية وإحباطها.