http://www.almasryalyoum.com/news/details/803816
ملحوظة: كُتِب هذا المقال قُبَيل الإعلان عن الاكتشاف الكبير لحقل الغاز الجديد فى المياه المصرية بالبحر المتوسط، وكأن هذا الاكتشاف جاء فى وقته ليدعم الإعراض عن الوقوع فى فخ تلك المُفاعِلات النووية الكابوسية، بفتح باب الأمل فى بدائل أفضل لأزمة الطاقة، ويدعونا للثقة فى أن الله يريد بنا خيرا، لنختار لأنفسنا الخير. وهى إشارة أحسبها فوق بشرية لمُتَّخِذ القرار - أضاء الله طريقه - تخبره أن الخير فى مكان آخر، غير تلك الطاقة النووية الانشطارية المثقلة بِالْهَمِّ والمثالِب.
أى «حلم نووى» هذا الذى لا نمتلك وقوده، وتحيرنا نفاياته، وأخطاره لدينا تفوق مثيلاتها لدى غيرنا ، وهو باهظ تكاليف الإنشاء والتشغيل والترميم، وكهرباؤه أغلى سعرا، ثم- وهذا هو المسكوت عنه- لا تنتهى همومه مع انتهاء أجله؛ فعملية تفكيكه وتطهير موقعه تستهلك سنوات وتكاليف تنوء بها دول كبرى.
إنها مقامرة تُسدِّد خسائرَها المُرجَّحة أجيالُ المستقبل. وهذا موقف لا أخلاقى بمفهوم الاستدامة Sustainability، ينبغى أن يلفت ضمائرنا وعقولنا إلى بدائل أفضل تناسب أحوالنا، دون أن يعنى ذلك توقف البحث فى العلوم والتقنيات النووية المهمة للطب والزراعة والصناعة وغيرها، وحتى فى مجال الطاقة الذى يمثل الاندماج النووى- لا الانشطار- حلما مستقبليا كبيرا واعداً، يعمل عليه نوويو العالم بمثابرة ودأب، وبينهم الهنود الذين حققوا بادرة أمل فى ساحته منذ أسابيع قليلة. فلماذا نصر على تزيين الكوابيس القديمة لتبدو أحلاما جديدة؟!
■ ■ ■ ■
إننى أعشق آداب الروس العظيمة وفنونهم الرفيعة، ويشجينى سماع لغتهم والتحدث بما أتذكره منها، وأمتنّ لعلمهم الذى نهلت منه، وأثق بأنهم من أفضل الفيزيائيين فى العالم، وقد طوروا تقنياتهم وتصميماتهم بعد تشيرنوبل ليصيروا من أفضل بُناة المحطات النووية عالية الأمان فى كل الدنيا، إلا أننى استقبلت بارتياح أنباء عدم الاتفاق النهائى مع روسيا لبناء أول مفاعل نووى فى مصر وتزويده بالوقود، وربما التكفل بنفاياته المشعة على غرار ما فعلوه مع الإيرانيين فى مفاعل بوشهر.
ولارتياحى أسبابٌ تستند إلى انتقادات جدية لهذه المفاعلات الخطرة والمكلفة والآفلة، عرضت منها الكثير فيما كتبت وسأعرض الآن المزيد. وإذا كان هذا موقفى تجاه الروس الذين أثق بأنهم أفضل وأصدق من غيرهم معنا، فمن باب أولى أن أكون رافضا لغيرهم فى توريطنا فيما يسمى «الحلم النووى». الذى أراه حزمة كوابيس؛ لأسباب عديدة، بعضها معروف، وبعضها مسكوت عنه.
مفاعلات وقودها لانمتلكه ونفاياتها ليس لدينا مدافنها الجيولوجية فى مغارات الملح العميقة كهذه .. فلماذا نهرول للحصول عليها؟
مخاطر حقيقية وأعباء أمنية
فيما يخص هاجس الأمان، فإن الاستبعاد المطلق لحادث تسرب إشعاعى من المفاعلات النووية لأسباب مختلفة- غير معقول وغير علمى وغير أخلاقى، خاصة أن ظروفنا تزيد من احتمالات لم تكن مطروحة قبل ظهور وباء التطرف الوحشى المجنون الذى يتذرع بفتاوى فاسدة تلائم ما فى خرائب نفوس مدبريه ومموليه وتابعيه، حيث لا قيمة للحياة لديهم ولا للأحياء، فلو تجاوزنا مشاكل التشغيل البشرية والتقنية، فهناك ما لا يمكن إنكاره من بؤر إرهابية متنامية ومدعومة من خصومنا الذين وصل بهم العمى الروحى إلى الرغبة فى تدمير دولة كمصر وسحق أهلها، لأنها أفلتت من حلم تسلطهم، وهؤلاء سيوفر لهم المفاعل النووى، أو عدة مفاعلات فى محطة الضبعة المشرعة على البحر والمفتوحة على الصحراء القلقة- هدفا مثاليا لقصف من البر أو البحر أو الجو، ومجرد بزوغ هذا الاحتمال- وهو قائم بالفعل فى خضم الفوضى فى ليبيا القريبة الذبيحة- سيجشم جيشنا وأجهزتنا الأمنية أعباءً فوق الأعباء التى تثقلهم فى حرب فعلية ضد وحشية الجنون ودناءة الخسة، تنوء بها أعتى الجيوش وأجهزة الأمن فى العالم.
وقود نووى مستورد.. إلى متى؟
لقد رجّح عدم امتلاكنا الوقود النووى، من خلال ما صرح به أكثر من نووى مصرى، أفاد بأن روسيا ستورِّد لنا 32 طنا من الوقود سنويا لكل مفاعل، وهذا بدوره يشير إلى تكفل الروس بتدبير أمر النفايات النووية، فالسؤال البديهى هنا: وهل يملك أى من هؤلاء المروجين للحلم النووى ضمانا لدوام هذه المكرمة الروسية، على امتداد أكثر من نصف قرن قادم يمثل العمر الافتراضى للمفاعلات الحديثة، فى عالم مكتظ بالصراعات والتغيرات العاصفة والاضطرارية؟ وروسيا، كما هو واضح من تجدد نُذر الحرب الباردة والجبهة المفتوحة فى خاصرتها الأوكرانية- صارت فى عين الإعصار. أعتقد أن الروس جادون وصادقون فيما يعدون به، لكن من يضمن المستقبل، وهل لدينا بديل فيما يخص الوقود النووى لهذه المحطات عند الحاجة إليه فى الخمسين سنة القادمة، بعد بدء تشغيل المفاعل؟ وهل لدينا مدافن جيولوجية صالحة لاستيعاب نفاياتها عالية الإشعاع؟!
نسف برج التبريد فى محطة نووية متقاعدة هو أبسط عمليات تفكيكها وإزالة أنقاضها المشعة التى تكلف بلايين وتستغرق سنوات
كهرباء المحطات النووية هى الأغلى!
وسأفترض عدم صحة كل ما أثرته قَبلا، وهو افتراض شديد التسامح وغير واقعى، فسيظل هناك ما يتعلق بالمسكوت عنه فى تكاليف إضافية تلحق بتكاليف إنشاء المفاعلات النووية المزمع إقامتها فى الضبعة، وتتعلق بطول شبكة نقل الطاقة الكهربائية، على امتداد مسافات كبيرة بين الضبعة والوادى، من حيث تكلفة هذه الشبكة وتأمينها ونسبة الفقد، التى تزيد مع طولها، لهذا يبدو الحديث عن محطتين نوويتين تعطيان 2400 ميجاوات- أمراً غير دقيق عما يصل للاستهلاك فعليا، وهنا يتبادر إلى الذهن النموذج البديل لمحطات طاقة يمكن إقامتها بالقرب من المستهلكين فى المعمور المصرى شديد القرب من الصحراء المترامية على جانبيه، ما يناسب المحطات الشمسية، حيث تكون شبكات نقل التيار أقصر ما تكون، ويكون الفاقد أقل ما يكون.
لهذا أصدق ما ورد فى جدل مماثل لحالتنا فى جنوب أفريقيا بعد الاتفاق المبدئى مع روسيا لإقامة عدة مفاعلات نووية، وفيه قالت دراسة «مجلس البحوث العلمية والصناعية» بجنوب أفريقيا إن الكهرباء المولَّدة نوويا هى الأغلى من غيرها، فسعر الكيلووات منها 1 راند (عملة جنوب أفريقيا)، ومن الفحم 0.8 راند، والطاقة الشمسية (الكهرو ضوئية) 0.8 راند، والرياح 0.6 راند، بأسعار اليوم، مع ملاحظة أن جنوب أفريقيا لديها وفرة من اليورانيوم وخبرة فى عمليات التخصيب منذ فترة الحكم العنصرى، حيث كانت دولة نووية قبل أن يأتى نيلسون مانديلا، ويزيح ذلك التوجه العدوانى فى تصنيع أسلحة الدمار الشامل عن كاهل الدولة الجديدة، التى لا تزال نمرا أفريقيا شبه منفرد بكل المقاييس الاقتصاية والعِلمية والتقنية، ودعونا لا نكابر حتى نكبر.
الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون
يبقى الجانب الذى لم يتحدث عنه أى من نوويينا، وكأنه غير موجود، بينما هو السؤال الأكبر والأخطر بخصوص المفاعلات النووية فى عالم اليوم، ويتعلق بعدم ذكر تكاليف وأعباء ومخاطر ومُعضلات تفكيك هذه المُفاعلات عند انتهاء العمر الافتراضى لها وتطهير المواقع التى كانت تشغلها من كل آثار إشعاعية ضارة بالحياة والأحياء، والتى ستكون عبئا بيئيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا على أولادنا وأحفادنا، سكت أو سها عنه نوويونا، رغم أنه بات يؤرق مجتمعات المفاعلات القديمة التى قرُب انتهاء آجالها، ويربك صناع المفاعلات الجديدة، فالسلطات البريطانية قدَّرت تكاليف تفكيك وتنظيف مواقع 19 مفاعلا، بنحو 100 مليار جنيه إسترلينى، أى أكثر من 5 مليارات جنيه إسترلينى للمفاعل الواحد، وفى فرنسا حددوا المتوقع لتفكيك المفاعلات القديمة بنحو 300 مليار يورو، ناهيك عن الصعوبات التقنية والبيئية والصحية التى تكتنف عمليات التفكيك والتطهير والدفن شبه النهائى للمكونات مرتفعة التلوث الإشعاعى، بل إن هناك مخاوف متزايدة من تلك الأنقاض ذات التلوث الإشعاعى المنخفض.
اليابان الغنية ذات العلم الدقيق والتقنيات البارعة أعلنت أنها لا تمتلك خبرة تفكيك مفاعل فوكوشيما المنكوب وطلبت العون الدولى
شرٌ لا ينتهى بانتهاء أجله!
فى 26 يناير 2009 أعاد موقع مجلة «العلمى الأمريكى» نَشْر مقالة موسعة، وردت فى عدد مارس 2003 تحت عنوان «تفكيك المفاعلات النووية» جاء فيها: «إن تفكيك decommissioning منشأة نووية بلغت نهاية عمرها مهمة معقدة. وكان المقال ينصب على تفكيك المفاعل «مين يانكى»، وقدرته 900 ميجاوات، عمل من سنة 1972 حتى 1996، ثم خضع للتفكيك وإبعاد نفاياته، ابتداء من 1997 ولمدة 8 سنوات، جرى التعامل أثناءها مع 105 آلاف طن من النفايات، منها 68 ألف طن خرسانة، بينها 59 ألف طن ذات نشاط إشعاعى.
وبما أن للمنشآت النووية الحديثة طاقة توليد تفوق بنحو 50 فى المائة طاقة المنشآت القديمة، فيكون حجم أنقاضها أكبر وأخطر. وبالفعل زادت طاقة ونفايات المفاعلات الأحدث، لكن تعقيدات التفكيك لم تَخِف وطأتها، ولا طول مداها الزمنى، فثمة مفاعلات استمر تفكيكها 22 عاما، أما تطهير موقع هذه المفاعلات، فأمر أعقد وأطول وأكثر كلفة، فاليابان بكل غِناها وعمقها العلمى والتقنى طلبت العون الدولى فى تطهير مفاعل فوكشيما المتضرر معترفة بنقص خبرتها فى هذا الشأن، وفرنسا تشكو من امتلاء مدافنها النووية، وكندا استعانت بتحالف من عدة شركات أمريكية وبريطانية بينها رولز رويس لتفكيك مفاعل «ماجنوكس» مقابل 7 بلايين جنيه إسترلينى.
شقق فاخرة تقتل بالسرطان
الجديد والمخيف أكثر فى عملية تفكيك المفاعلات المتقاعدة أن المخلفات التى كانت تعد منخفضة الإشعاع، وكان يُسمح بإعادة تدويرها، بتطهيرها واستخدامها فى مكونات تقنية وإنشائية جديدةــ ثبت أنها قاتلة، حتى إن النوويين الألمان بدأوا يرحبون بدخول منتقدى الطاقة النووية الذين كانوا مغضوبا عليهم ليكونوا شركاء فى مراقبة عملية التفكيك للمفاعلات المتقاعدة، ويُقدَّر أن هذه المخلفات تحتوى على أسلاك نحاسية طولها عدة آلاف من الكيلومترات، كان يُصرَّح بإعادة استعمالها لانخفاض درجة إشعاعها، ومثلها 300 ألف طن من الحديد والصلب، أما الآن، فقد حدث أن مات بالسرطان فى وقت قياسى وأعمار صغيرة 60 شخصا من قاطنى شقق حديثة فاخرة فى تايوان، فقام فريق بحثى من جامعة «يانج مينج» الوطنية التايوانية بتقصِّى الظاهرة، فثبت أن هذه الشقق الفاخرة دخل فى تشييدها حديد من أنقاض مفاعلات نووية مُفككة كان مُصنَّفا بأنه آمن لانخفاض إشعاعه، وتم استيراده من الهند والصين!
من شمس أفريقيا وحرارة قلبها
«لماذا يتوجب على جنوب أفريقيا ألا تتورط فى النووى؟».. ترجمة عنوان لتقرير نشرته فى 19 أغسطس 2015، منذ أسبوعين، مجلة Buiness Report الجنوب أفريقية بعد قرب الاتفاق النهائى مع روسيا لبناء عدة مفاعلات بقدرة إجمالية 9.6 جيجاوات، وقد تضمنت انتقادات هذا التقرير، إضافة للمخاطر المحتملة للمنشآت النووية وزيادة أسعار الكهرباء المتولدة منها على غيرها، ارتفاع تكلفة المنشآت النووية، فالمفاعل بقدرة 1000 ميجاوات يتكلف ما لا يقل عن 6 بلايين دولار، كما أن عمليات تفكيك هذه المفاعلات بعد خروجها من الخدمة تُشكِّل عبئا ماليا وبيئيا كبيرا وخطيرا لم يتحسَّب له مؤيدوها.
وخلص التقرير إلى أن مفاعلات الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء تمضى إلى طريق مسدود، وليس لها مستقبل، استنادا إلى تراجع إمدادات الطاقة من المفاعلات النووية عالميا من 8% عام 2000 إلى 4.4% عام 2014، إضافة لما جاء فى دراسة شركة الخدمات البنكية فى سويسرا ونَصَّه: «إن الطاقة الشمسية سوف تحل فى نهاية المطاف محل الطاقة النوية والفحم فى توليد الكهرباء». وإلحاقا بذلك، وتحت فقرة عنوانها «أفريقيا تلتحق بثورة الطاقات المتجددة» جاء أن هناك 145 دولة اعتمدت سياسات لدعم الطاقة المتجددة (وبالمناسبة الطاقة النووية الانشطارية ليست متجددة ولا مستدامة، فهى ناضبة الوقود، مثلها مثل الفحم والنفط والغاز)، فكينيا تتقدم لزيادة حصيلتها من هذا المورد، بما يساوى 1.4 جيجاوات، وسوف تنتج 50% من الطاقة التى تحتاجها من الطاقة الشمسية فى عام 2016 مُبشِّرةً الكينيين بكهرباء أرخص مع اكتمال مشروعهم الشمسى. أما إثيوبيا، فتخطط للحصول على 570 ميجاوات من حرارة باطن الأرض وطاقة الرياح!
داخل مفاعل الهند التجريبى الناجح للطاقة النووية الاندماجية التي تستلهم طاقة قلب الشمس النظيفة الغزيرة والمستدامة
ملاحظة مرعبة كاشفة!
فى التقرير آنف الذكر ثمة فقرة نوَّرتنى، وأرعبتنى، مفادها أن الاتفاق بين روسيا وجنوب أفريقيا، بشأن بناء مفاعلات الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء تضمن بندا يقول: فى حالة وقوع حادث نووى تتحمل جنوب أفريقيا كامل المسؤوليةIn the case of a nuclear accident، South Africa will accept all of the liability.. ومناط تنويرى من ذلك هو شهادة جهة عالمية عظمى فى العلوم والتقنيات النووية، هى روسيا، تقر فيها بأن الأحداث النووية ليست مُستبعدة كما يروج البعض لدينا. أما رُعبى من هذا البند، فمرجعه أن الروس هم أكثر مَن فى العالم خبرة بهول أعباء حادث نووى من واقع تجربتهم المريرة فى تشيرنوبل، ولايريدون تحمل مغبة حادث مماثل نيابة عن غيرهم، ولهم الحق فى ذلك. فهل نقدر على ذلك؟ أشك.
وأشك أكثر فى نخوة هذا العالم الموغل فى الأنانية إلا لو كانت يد المساعدة التى يمدها لغيره ستساعده أيضا، ففى كارثة تشرنوبل لم يصل المفاعل المنكوب بعد كل الجهود الهائلة لاحتوائه إلى درجة السكون والأمان برغم دفنه فى تابوت جبار من الجرانيت والخرسانة، فقد تشقق التابوت بفعل الزمن والقصف المستمر للإشعاع الذى لم يخمد فى قلب المفاعل المقبور، ولم تقدر أوكرانيا وحدها على احتواء التابوت المتشقق، فاستعانت بالاتحاد الأوروبى الذى بدافع مخاوفه الذاتية مما يخبئه هذا التابوت، ويهدد قلب أوربا، تكفَّل ببناء «هنجار» فولاذى عملاق وشاهق يبلع تابوت تشيرنوبل، ولو إلى حين. فمن سيمد لنا يد العون فى مثل ذلك- لا قدر الله- بل لا أستبعد أن يرقص البعض فى ملمة بهذا الهول تودى بنا. فلماذا نهرول نحو اللغم؟!
دعاء ورجاء
ساظل أحب روسيا لآدابها الإنسانية وفنونها الرفيعة وعلمها الكثير والكبير وناسها الودودين الدافئين، وسيظل يشجينى سماع اللغة الروسية والتحدث ببعض ما تبقى فى ذاكرتى منها، وسأظل موقنا أن روسيا أفضل من غيرها فى علاقتها معنا تاريخيا وحاليا ومستقبليا، لكننى سأظل أدعو الله ألا ينجح الاتفاق معها، أو مع غيرها، على بناء هذه الكوابيس النووية على أرضنا المُنهَكة. وسأقول:
إن من يحبنا حقا، كما نحن، و«على قد حالنا»، فعليه من باب أولى أن يدعم دخولنا «العصر الشمسى» المُيسَّر لنا، والالتحاق بثورة «الطاقات المتجددة»، النظيفة والآمنة والمُستدامة، ثم عندما نقوى ونأمن ونتقدم كفاية، نرحب بمحطات طاقة نووية واعدة أخرى، ليست بمخاطر وعراقيل تلك الانشطارية الآفالة، بل الاندماجية التى تستلهم إبداع الله فى الشمس ، و التى هى حلم العالَم النووى المستقبلى الحقيقى، وعلى نوويِّينا أن يشاركوا العالم فى تحقيق هذا الحلم المستقبلى، لا تزيين الكوابيس القديمة.