تراجع أسعار النفط يخفف الأزمات الاقتصادية التي تحاصر الأردن
الأزمة السورية وارتفاع الديون الخارجية يخنقان آفاق الاقتصاد، وعمان تخشى انعكاس تراجع النفط على المساعدات الخليجية.
العرب
[نُشر في 02/02/2015، العدد: 9816، ص(11)]
الحرب في العراق عطلت تدفق صادرات الأردن إلى أحد أكبر أسواقها
واشنطن - انعكس تراجع أسعار الطاقة في مؤشرات إيجابية على انتعاش النشاط الاقتصادي الأردني، لكنها تبدو عاجزة عن تعويض ارتدادات الأزمة السورية وارتفاع الديون الخارجية، وسط مخاوف من أن يؤثر تراجع أسعار النفط على المساعدات الخليجية.
أكد البنك الدولي وجود مؤشرات على أن النشاط الاقتصادي في الأردن، آخذ في الانتعاش، مستفيدا من تراجع أسعار النفط، بحسب تقريره الفصلي عن اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال مراقبون إن الانخفاض الحاد في أسعار النفط خفّف الضغوط على ميزان المعاملات التجارية والمالية العامة للدولة، التي تستورد احتياجاتها من الطاقة بالكامل من الخارج، حيث كانت فاتورة الواردات تبلغ نحو 6.5 مليار دولار سنويا.
وأضافوا أن تراجع أسعار النفط كان له أثر إيجابي على الأردن، وقد يسهم في تخفيف الضغوط على المواطنين واللاجئين، وسيرفع عن كاهل الحكومة الحاجة إلى دعم الوقود، ويؤدي بالتالي إلى خفض عجز الموازنة الذي تزيد نسبته عن 10 بالمئة.
وكانت الحكومة الأردنية قد خفضت الدعم عن المشتقات النفطية في نوفمبر 2012، في إطار إلغاء الدعم عن كافة السلع والخدمات بهدف خفض عجز الموازنة الذي من المتوقع أن يصل خلال العام الحالي إلى نحو 1.1 مليار دولار.
وقررت مطلع الأسبوع الحالي خفض أسعار كافة المشتقات النفطية بنسبة تصل إلى 12 بالمئة، بما في ذلك الغاز المنزلي الذي يتم تخفيضه للمرة الثانية.
وتظهر إحصاءات رسمية أن النمو في قطاع السياحة ارتفع بنسبة 9 بالمئة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، لتصل عوائد القطاع خلال تلك الفترة إلى 2.4 مليار دولار بمقارنة سنوية.
جمال قموه: "اعتماد الأردن الكامل على واردات الطاقة يعرقل تنمية الاقتصاد"
ويعود ذلك النمو أساسا إلى الزيادة في عدد السائحين القادمين من الخليج والولايات المتحدة، إضافة إلى المغتربين الأردنيين العائدين إلى عمان لقضاء العطلات.
ومن المتوقع أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 4 بالمئة في العام الحالي، مقارنة بنحو 3.3 بالمئة في العام الماضي، وذلك بفضل انتعاش النشاط الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط الذي خفف من الضغوط على ميزان المعاملات التجارية.
لكن المحللين يحذرون من وجود عوامل سلبية قد تلغي تأثير العوال الإيجابية، إذا طال أمد تراجع أسعار النفط. ويشيرون إلى أن ذلك قد يؤدي إلى انخفاض المساعدات المقدمة من دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتمد عليها عمان لتمويل عجز الموازنة.
كما أن ذلك قد يؤدي أيضا إلى تراجع تحويلات المغتربين الأردنيين في البلدان المنتجة للنفط.
ويقول جمال قموه، رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني، إن مشكلة الطاقة تعرقل تنمية الاقتصاد بشكل كبير جدا، لأن فاتورة الطاقة التي يحتاجها الأردن تتجاوز 6.5 مليار دولار سنويا، بسبب اعتماد الأردن الكامل على واردات الطاقة.
وتشكل تكلفة تلك الفاتورة ما نستبه 21 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للأردن، مقارنة بنحو 3.7 مليار دولار ونسبة 13.3 بالمئة من الناتج الإجمالي للبلاد في عام 2011، أي قبل انقطاع الغاز المصري.
نصار القيسي: "اللاجئون السوريون يزاحمون الأردنيين على الوظائف ويقبلون برواتب أقل"
كما يشكل الدين الخارجي عبئا آخر على الاقتصاد الأردني بعد أن تجاوز 28 مليار دولار.
وتعتبر الصادرات والاستثمارات المتزايدة، المصدر الرئيسي للنمو الاقتصادي في الأردن، إلى جانب التكامل الوثيق مع دول
الخليج. ومن المتوقع أن يؤدي السماح بدخول الصادرات الأردنية إلى أسواقها فوائد اقتصادية كبيرة للأردن في السنوات المقبلة، لكن الارتدادات السلبية لتراجع أسعار النفط على موازنات دول الخليج، قد يقلل المكاسب الاقتصادية الأردنية من أسواقها.
ورغم وجود مؤشرات قوية على انتعاش الاقتصاد الأردني إلا أن ذلك لا يحجب جملة التحديات التي يواجهها، في ظل الاعتماد الكامل على واردات الطاقة، وفي ظل التطورات الأمنية في دولتي الجوار، سوريا والعراق.
ويقول خبراء وسياسيون أردنيون، إن اتساع رقعة النزاع الإقليمي وامتداده المجالي في سوريا والعراق، يشكل ضغطا متزايدا على الاقتصاد الأردني، الذي يعتمد أيضا على استيراد جزء من احتياجاته النفطية من العراق، إحدى البوابات الرئيسية للصادرات والواردات الأردنية.
ويرى النائب نصار القيسي، مقرر اللجنة الاقتصادية والمالية في مجلس النواب الأردني، أن من أبرز الآثار الاقتصادية التي سببتها الأزمة السورية هو تزاحم اللاجئين السوريين على الوظائف وقبولهم برواتب أقل من الأردنيين ممّا يؤثر على فرص العمل.
ويقول وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني إبراهيم سيف، إن نسبة الاستجابة الدولية للاحتياجات المالية لدعم اللاجئين السوريين في الأردن، لم تتجاوز الـ30 بالمئة العام الماضي.
وتعاني المنتجات الأردنية من كساد كبير بسبب القتال الدائر في العراق في محافظة الأنبار التي تمر من خلالها الصادرات الأردنية، مما أدى إلى تراجع حاد في الصادرات إلى أحد أكبر أسواق البضائع الأردنية.
http://www.alarabonline.org/?id=44244