الأزمة اليمنية.. ماذا يعني انتقال الحوار من الرياض إلى جنيف؟
جاء إعلان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، عن انتقال الحوار اليمني من العاصمة السعودية الرياض إلى جنيف، قبيل انتهاء مؤتمر الرياض الذي شارك فيه لأول مرة منذ اندلاع العمليات العسكرية “عاصفة الحزم”، أكثر من 400 شخصية من الأحزاب والقوى السياسية والوطنية اليمنية، باستثناء جماعة الحوثي، وجناح الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في المؤتمر الشعبي، وأكد المبعوث الأممي أنه حصل على تأكيدات بمشاركة الحوثيين في مؤتمر جنيف؛ مما يعني أن ملف الحوار انتقل من الرياض إلى سويسرا، وسينعكس ذلك على الموقف الخليجي برمته -باستثناء سلطة عمان- من الأزمة، وقد يؤدي إلى تعقيد الموقف واستمرار الحرب.
ولكن، السؤال المثير للجدل يتعلق بموقف القاهرة من الحوار اليمني؟ ولماذا أعلن المبعوث اليمني من القاهرة -وكان قبلها بساعات قليلة في الرياض- عن موافقة الحوثيين على حضور مؤتمر جنيف؟ وهل هذا يعني بداية خلاف جديد بين القاهرة والرياض؟ خصوصًا أن النظام المصري يعلم جيدًا أن دول الخليج الست اتفقت على أن يكون الملف اليمني في الرياض التي تقود عمليات عاصفة الحزم، وبعدها “إعادة الأمل”؟
أول إعلان رسمي
إسماعيل ولد الشيخ، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، أكد أنه التقى جماعة الحوثي في اليمن، ولديه ضمانات بأنهم سيحضرون اجتماعات جنيف لحل الأزمة اليمنية، ويعد هذا أول إعلان رسمي من جانب الأمم المتحدة بشأن وجود معلومات تفيد بحضور الحوثيين لمؤتمر جنيف المقبل.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية، عن المبعوث الأممي عقب لقائه بوزير الخارجية المصري سامح شكري، في القاهرة، قوله: “قمت بزيارة صنعاء حيث التقيت بممثلين عن الحوثيين، وحتى الآن لدي ضمانات على مشاركتهم في الحوار”، وأوضح المبعوث الأممي أنه يتمسك بنقطتين أساسيتين؛ الأولى لابد من العمل على تجديد الهدنة الإنسانية؛ إذ إن الوضع الإنسانى لا يزال صعبًا، وذلك رغم أن الهدنة الإنسانية توقفت، والنقطة الأخرى: العمل على عقد اجتماع جنيف الذي تدعو له جميع الأطراف اليمنية لكي يكون شاملًا لكل الأطراف اليمنية.
دولة ثالثة
ووصف المبعوث الأممي اجتماع الرياض بأنه “هام للغاية، وأن مخرجاته ستساعدنا وستكون لنا بمثابة الجسر لاجتماع جنيف”، وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أنه يعمل من أجل عقد مؤتمر للحوار (في دولة ثالثة غير السعودية أو اليمن) بين الأطراف اليمنية، ونفى “ولد الشيخ” بشدة وجود تهميش للأمم المتحدة في اجتماع الرياض، قائلًا: “شاركنا في الجلسة الافتتاحية للاجتماع، وباقي الجلسات كانت عبارة عن حديث بين اليمنيين بعضهم وبعض”، مشيرًا إلى أنه التقى خلال زيارته للرياض مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ونائب الرئيس رئيس الوزراء خالد بن محفوظ بحاح.
وحول لقائه اليوم بوزير الخارجية المصري، قال “ولد شيخ أحمد” إنه بالنسبة للأمم المتحدة فإن مصر تقوم بدور هام في المنطقة والعالم العربي؛ وبالتالي كان لابد من إجراء مشاورات مع المسؤولين المصريين، وذلك على ضوء مباحثاته مع “شكري” من أجل الاستفادة من خبرة الوزير والسفراء المعنيين، وأضاف أنه تم خلال اللقاء تناول مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” لعقد حوار في جنيف بين أطراف الأزمة اليمنية نهاية الشهر الجاري.
القاهرة تدخل على الخط
وفي بيان للخارجية المصرية عقب اللقاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية “بدر عبد العاطي” إن المبعوث الأممي “عرض على الوزير شكري شرحًا مفصلًا للأوضاع الأمنية والسياسية والإنسانية في اليمن، في ضوء زيارته الأخيرة لليمن ومشاركته في مؤتمر الرياض الذي افتتحه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي”.
وبحسب البيان، قال المبعوث الأممي إنه كان يأمل في تمديد الهدنة الإنسانية لخمسة أيام أخرى، غير أن حدوث انتهاكات للهدنة من جانب الطرف الآخر المناوئ للشرعية قد عرقل حدوث ذلك، فيما عقب الوزير المصري بأن “تحركات التحالف الداعم للشرعية تفتصر على التهديدات المباشرة القائمة من جانب الطرف الآخر، وأنه إذا كان هناك حرص على أرواح الشعب اليمني فيتعين على الطرف المناوئ للشرعية أن يتوقف عن أعماله الاستفزازية والعدائية”.
غياب جماعة الحوثي
واختتمت في العاصمة السعودية الرياض، أعمال مؤتمر “إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية”، بحضور الفرقاء اليمنيين باستثناء جماعة “الحوثي”، ويعد مؤتمر الرياض، الأول من نوعه عقب اندلاع الحرب في اليمن إثر سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومفاصل الدولة بدءًا من سبتمبر/ أيلول الماضي، وتعوّل عليه أطراف يمنية ودولية، خاصة السعودية التي ربما تريد أن تكون مخرجاته الورقةَ الأساسية لمؤتمر جنيف، حسب خبراء وسياسيين يمنيين.
ويسود جدل في الشارع اليمني حول اللون الواحد المشارك في المؤتمر والمؤيد في الغالب للرئيس عبد ربه منصور هادي، باسثناء الحضور الجنوبي الفاعل، والذي غاب عن مؤتمر الحوار الوطني (مارس 2013 – يناير/ كانون الثاني 2014).
إسقاط الانقلاب
وطالب مؤتمر الرياض “من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية” بـ “إسقاط الانقلاب في اليمن” في إشارة لسيطرة الحوثيين على السلطة في البلاد، ومحاسبة الضالعين فيه، وإخراج الميليشيات من كافة المدن، وعودة المؤسسات الشرعية لممارسة مهامها من داخل الأراضي اليمنية، ودعا إعلان الرياض الصادر في ختام المؤتمر إلى استكمال العملية الانتقالية في اليمن واستكمال جهود بناء الدولة، وإطلاق مصالحة وطنية شاملة.
كما أوصى بالشروع في إعادة بناء المؤسسة العسكرية، واستكمال ما تبقى من بناء الدولة اليمنية، وأكد الإعلان على دعم المقاومة اليمنية الشرعية والشعبية، داعيًا إلى “الشروع في بناء قوات أمنية من جميع المحافظات اليمنية لحفظ الأمن والاستقرار”، وطالب مجلس الأمن الدولي بتنفيذ قراره رقم 2216، وسرعة إيجاد منطقة أمنية داخل الأراضي اليمنية تكون مقرًا لاستئناف نشاط مؤسسات الدولة.
وفي 14 أبريل/ نيسان الماضي، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2216 الذي يقضي بالانسحاب الفوري لقوات الحوثيين والرئيس اليمني السابق علي صالح من المناطق التي استولوا عليها وبتسليم أسلحتهم، والتوقف عن استخدام السلطات التي تندرج تحت سلطة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، والدخول في مفاوضات بهدف التوصل إلى حل سلمي.
قوة عسكرية عربية مشتركة
ودعا المؤتمر في ختام أعماله الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي إلى “تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة لتأمين المدن اليمنية الرئيسة والإشراف على تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وضمان الانسحاب الكامل لقوى التمرد من كافة المدن وتسليم الأسلحة والمؤسسات”، وأوصى المؤتمر الحكومة اليمنية بـ “متابعة واتخاذ ما يلزم لانتقال الحكومة إلى أرض الوطن في أقرب وقت ممكن”.
برنامج إغاثي إنساني عاجل
وأكد المؤتمر على “الأهمية القصوى للإسراع في تنسيق وتحقيق برنامج إغاثي إنساني عاجل يستوعب ويلبي كافة الاحتياجات الإنسانية للمدنيين الذين يتعرضون لأبشع هجمة عدوانية من قبل الحوثي وعلي عبد الله صالح وخاصة في مدينة عدن”، وفي كلمة خلال المؤتمر قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن “الحق هو المنتصر، والحوثيين لا يمثلون سوى 10 % من سكان صعدة (معقلهم الرئيس شمالي اليمن)”.
وأضاف هادي أن “كل جيران اليمن يقفون إلى جانبه، ونقدر جهود السعودية ومجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة”، وطالب “كل مكونات اليمن بالالتزام بمقررات مؤتمر الرياض”، معتبرًا أن “مؤتمر الرياض وجّه رسالة للعالم أن كل اليمنيين يقفون صفًا واحدًا ضد الانقلاب”، واعتبر هادي أنه “ليس هناك خيار أمام هذا المؤتمر إلا النجاح لمواجهة التحديات”، مضيفًا: “أكرر موقفنا الداعم لأي جهد دولي لتحقيق التحول السياسي في اليمن”. - See more at:
http://almashhad-alyemeni.com/news.php?id=53103#sthash.oQ5qBDL8.dpuf