الشروق تنشر معلومات حصرية عن ظروف اعتقال المختطفين الجزائريين
الرهائن محتجزون في تابريشات والقنصل مربوط إلى شجرة
لم أستطع أن أتخيل يوما أن يصبح الإنسان سلعة يباع ويشترى في سوق النخاسة، أو يقايض به من أجل مبالغ مالية قد يعجز الطرف المطالب بهذه المبالغ تسديدها كما هو الحال بالنسبة لبعض الرهائن، أو ترفض الدولة التي ينتمي إليها الرهائن تسديد هذه الفدية تبعا لمبادئها في رفض التفاوض مع الجماعات الإسلامية المسلحة.
من خلال هذه المقاربة، كنت طيلة تواجدي في مدينة "غاو" أبحث عن حقيقة جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا والفصائل المسلحة التي انضمت إليها، من عرب وأمازيغ وعجم وأزواديين أبناء المنطقة، وحاولت الشروق تقصي مكان تواجدهم من خلال شهادات حية لقيادات في أنصار الدين .
قائد أنصار الدين سند بوعمامة: "لم نتوسط لإطلاق سراح الرهائن الجزائريين"
في خضم تداخل الأحداث والمعطيات في بلاد الأزواد، أصبحت قضية الدبلوماسيين الرهائن الجزائريين أكبر قضية في المنطقة، حيث أصبحت الشغل الشاغل لكل الجماعات المسلحة من أنصار الدين والتوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم أهل السنة والجماعة والحركة الوطنية لتحرير الأزواد، حاولت من خلال أخذ تصريحات لمسؤولين مسلحين في هذه الجماعات وجس النبض عن موقفهم من السعي في إطلاق سراح الدبلوماسيين الجزائريين، فكان أول حديث لنا كان مع سند بوعمامة القيادي في أنصار الدين بمدينة تومبوكتو، خلال توسطه لإطلاق سراح الرهينة السويسرية، هذه الأخيرة التي احتجزها أفراد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والمقاتلين السلفيين خلال سيطرتهم على مدينة تومبوكتو، حيث كانت كاميرا الشروق حاضرة خلال كل أطوار عملية المفاوضات وتسليم الرهينة في قلب الصحراء وسط تعزيزات عسكرية مسلحة وحضور الطائرة المروحية التي أقلت الجينرال البوركينابي وأفراد من المخابرات الإفريقية ودبلوماسي سويسري.
وقال حينها قيادي أنصار الدين سند بوعمامة في رده على سؤال عن استعدادهم لإطلاق سراح الرهائن الأجانب الذين يقبعون تحت سيطرة جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي: "أنا شخصيا لست مستعدا للعمل على التوسط لإطلاق سراح الدبلوماسيين الجزائريين"، وهو التأكيد الذي يدحض كل المعطيات التي تقول أن أنصار الدين يتوسطون لإطلاق سراح الرهائن الدبلوماسيين الجزائريين بين النظام الجزائري والتوحيد والجهاد في غرب إفريقيا.
الرهائن الجزائريون احتجزوا في منطقتي تابنكورت وتابريشات
تحصلت الشروق على معلومات دقيقة من خلال شهادات لمسؤولين وقادة ميدانيين في أنصار الدين وشهود عيان، عن مكان تواجد الرهائن الجزائريين الدبلوماسيين الذين احتجزتهم جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا بداية شهر أفريل الماضي، وأفاد ذات المتحدثين لميكرفون الشروق أن تجارا مزدوجي الجنسية الجزائرية المالية لهم ضلوع في عملية الاختطاف التي راح ضحيتها الدبلوماسيون الجزائريون السبعة، وتمت عملية اقتحام القنصلية الجزائرية عقب محاصرتها من طرف مقاتلين سلفيين نايجريين هددوا حراس القنصلية من عناصر الحركة الوطنية لتحرير الأزواد بالقيام بعملية استشهادية في حال عدم انسحاب مقاتلي الحركة الوطنية من موقع القنصلية الجزائرية، وبعدها هجم أفراد التوحيد والجهاد النايجريون على مكاتب القنصلية، أين اقتادوا القنصل والدبلوماسيين الستة إلى مكان عبر الصحراء يعرف بمنطقة "تابريشات"، حيث باتوا ليلتين أو ثلاث هناك، ثم نقلوا إلى تابنكورت المنطقة الأكثر صعوبة على مسافة تزيد عن 140 كلم من مدينة "غاو". من جهة أخرى قال قائد كبير في قبيلة "كنتة" التي تتربع على سيطرة كبيرة في الجنوب الجزائري والشمال المالي "الأزواد حاليا"" وحتى شمال النيجر، أن رعاة شاهدوا القنصل الجزائري مقيدا إلى جذع شجرة في منطقة تابنكورت خلال الأيام الماضية التي بلغت درجة حرارتها أكثر من 50 درجة مئوية.
وفي السياق ذاته، قال قيادي جزائري من جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، لصحفي الشروق بحضور أبو الوليد عدنان، القيادي في جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا والمتحدث باسمها، عند حديثه عن الدبلوماسيين الجزائريين الرهائن، أنهم يعاملون الأسرى طبقا لتعاليم الدين والشريعة، وأنهم لا يفرقون بين أسود أو أبيض في المعاملة، كما أنهم يعطونهم الأكل والشرب يوميا ولا يعانون من أي مرض حاليا.