يتوقف نجاح الهجوم الجوي، في المقام الأول، على إسكات الدفاع الجوي المُعادي. ويمكن بلورة الطرق المستخدمة لتحقيق هذه المهمة، في فئتين، تتكاملان معاً في عملية واحدة. الفئة الأولى هي الإعاقة الإلكترونية، بصورها المختلفة، ويسمّونها "القتل الناعم أو الهادئ" Soft – Kill والفئة الثانية هي القصف والتدمير، ويسمّونها "القتل الشديد أو العنيف" Hard – Kill، وتعتمد على نوعيات مختلفة من الأسلحة، من أهمها الصواريخ المضادّة للإشعاع Anti Radiation Missiles، وتسمّى، أحياناً، الصواريخ المضادّة للرادار Anti Radar Missiles، ويُكتفى عادة باستخدام الأحرف الأولى "آرم ARM"
وتتلخص فكرة عمل هذا السلاح، في تجهيز رأس الصاروخ بجهاز استقبال راداري، يلتقط الطاقة الكهرومغناطيسية، المنبعثة من جهاز الرادار المُعادي، ويُوجِّه الصاروخ نحْوه، باستخدام بعض المعدات المساعدة. وتسمّى هذه الطريقة التوجيه الراداري السلبي. وبهذا، يصبح أمام جهاز الرادار خياران: أولهما أن يمتنع عن البث، فيعجز عن رؤية الطائرات المعادية. وثانيهما، أن يستمر في الإشعاع، فيضئ للصاروخ المضادّ طريقه إليه. والنتيجة، في الحالتين، واحدة.
(الصاروخ shrike agm_45)
وقد بدأ استخدام الصواريخ المضادّة للإشعاع في نوفمبر 1965 حينما أطلقت الطائرات الأمريكية، في فيتنام، الصواريخ Shrike ضد قواعد صواريخ SAM أرض - جو. وبعد ذلك، تطورت، وتعددت الصواريخ المضادّة للرادار. وظهر منها أنواع أمريكية وروسية وفرنسية وبريطانية. إضافة إلى صاروخ إيطالي جديد، ما زال في مرحلة الإنتاج.
(سنتحدث الان عن اهم الصواريخ الموجود حاليا وهو الصاروخ الامريكي HARM وبعدها سنتحدث عن اهم الصواريخ الامريكيه والروسيه والاوروبيه )
هو أحدث الصواريخ الأمريكية المضادّة للرادار، وأهمها. ويدل حرف (H)، الذي يسبق كلمة ARM، على أن الصاروخ ذو سرعة عالية High Speed، تقترب من ثلاثة أضعاف سرعة الصوت. وقد أُنتج منه، حتى عام 1998، ثلاثة أجيال A, B, C، ظهر الجيل الأول في عام 1980، وأُدخل في خدمة العمليات، عام 1983، وفي أواخر عام 1988، تسلَّمت القوات الأمريكية خمسة آلاف صاروخ من الجيل الثاني (النوع B).
وقد استخدم (النوع B) في حرب تحرير الكويت. إذ أطلقت الطائرات الأمريكية منه أكثر من ألفَي صاروخ، ضد الدفاع الجوي العراقي.
أمّا الآن، فإن الطائرات الأمريكية مُسلَّحة بالجيل الثالث (النوع C) Bloc – 4 .
وهو من النوع المتشظي، أي الذي ينفجر عندما يقترب من الهدف، ويتحول إلى مجموعة كبيرة من الشظايا. والرأس مجهز بطبة - تعمل بالليزر، تقيس ارتفاع الصاروخ عن الأرض، باستمرار، وتحدد لحظة الانفجار المناسبة، التي تحقق أفضل انتشار للشظايا.
. تطوير منظومة الصاروخ HARM
يوجد، في قيادة القوات الجوية الأمريكية، قسم متخصص بالأبحاث المتعلقة بإسكات الدفاع الجوي المعادي وتدميره. ويسمى Lethal SEAD Division، ويتمركز في قاعدة Egllin الجوية. وحلّل هذا القسم، بعد نهاية حرب الخليج، العمليات التي جرت أثناء الحرب
.في ضوء المتغيرات الآتية:
· العدائيات المنتظرة في القرن 21.
· تطوير الصاروخ HARM
· قِدَم طائرات Phantom، التي استُخدِمت منذ الستينيات في واجب إخماد الدفاع الجوي SEAD وذلك بهدف تطوير المنظومة، التي تشمل الصاروخ والطائرة الحاملة ومنظومة قيادة النيران، لكي تتمكن من مواجهة العدائيات المنتظرة، في القرن القادم.
وتَوصَّل القسم إلى النتائج التالية:
أ. العدائيات المنتظرة
نجحت منظومة HARM، في حرب الخليج. ولكن الدفاع الجوي العراقي، على الرغم من كثافته، لا يُعَدّ نموذجاً لما سوف تواجهه العمليات الجوية الهجومية، في المستقبل. فقد تطورت صواريخ أرض/ جو SAM، وأجهزة الرادار، التي تساندها، والمدفعية المضادّة للطائرات، ومراكز العمليات. كما اكتسب رجال الدفاع الجوي خبرات واسعة.
وتتلخص أهم التطورات في الآتي:
المناورة بالترددات
أصبحت رادارات الدفاع الجوي الحديثة تستخدم أجهزة إرسال قادرة على تغيير التردد، عشوائياً، وبصفة مستمرة، في تزامن دقيق مع أجهزة الاستقبال، وهو مـا يعرف بـ "رشاقة التردداتFrequency agility" ولا شك أن هذه الرشاقة، أو على الأصح المراوغة، تساعد، إلى حد كبير، على تضليل الصواريخ HARM
(2) الترددات الاحتياطية
كما تتميز الرادارات الحديثة بقدرتها على العمل على ترددات مختلفة، قد تصل إلى أربعة ترددات رئيسية، بعيد بعضها عن بعض، وربما تزيد. ومن ثم، يمكِن رجال الدفاع الجوي الاعتماد على واحد أو اثنين من هذه الترددات، أثناء التدريب والرماية، في وقت السلم، والاحتفاظ بالترددات الباقية، في سِرِّية تامة، لاستخدامها في وقت الحرب. ولمّا كان صاروخ HARM لا يمكنه التعامل إلاّ مع الترددات الموجودة داخل ذاكرته، التي تم تغذيته بها من قبْل، لذلك فهو لن يشعر بهذه الترددات الجديدة، فيضلّ طريقه، ويصبح موقع الصاروخ SAM المعادي كميناً لاصطياد الطائرات، بما فيها تلك التي تحمل الصاروخ HARM.
(3) خفة الحركة
أغلب الصواريخ أرض / جو الحديثة، مثلSAM – 6, 8, 11 وغيرها، تتمتع بخفة حركة عالية. وتستطيع الانتقال من موقع إلى آخر على مسافة، قد تصل إلى 15 كم، خلال الفترة الزمنية ما بين تلقّي طيار الصواريخ HARM التلقين النهائي، وربط آخر المعلومات على الحاسب الآلي، وبين وقت وصول الطائرة إلى المنطقة، التي تكون قد أصبحت خالية من الأهداف. مما يعرّض الطائرات المسلحة بالصواريخ HARM وغيرها، لنيران مفاجئة من المواقع الجديدة، التي لا تعلم عنها شيئاً.
4_ الأسلحة الصامتة
يلاحظ، في السنوات الأخيرة، أن بعض صواريخ أرض/ جو الحديثة، تبث قدراً ضئيلاً من الطاقة الكهرومغناطيسية، أو هي لا تبث على الإطلاق، لأنها تعتمد على وسائل توجيه وقيادة نيران أخرى (كهروبصرية مثلاً). ولذلك، يسمونها الأسلحة الصامتة Silent، ومعنى ذلك حرمان الصاروخ HARM من الطاقة، التي يستخدمها للتوجه إلى أهدافه.
5_الخبرات المكتسبه .
وأخيراً، فإن رجال الدفاع الجوي، مثلهم مثل مخططي الهجوم الجوي، لا بد أنهم استفادوا من خبرات حرب الخليج الثانية وما قبلها. ولا شك في، أنهم أصبحوا يجيدون التحكم في عملية بث الإشعاع، واستخدام أساليب تكتيكية مبتكرة لتضليل الصواريخ HARM ، وسائر الصواريخ المضادّة للإشعاع.
ب. الطائرات حاملة الصواريخ
تقادمت طائرات Phantom، وتخلفت أجهزتها الإلكترونية عن ملاحقة التطور في منظومات الدفاع الجوي. ومن ثم، تقرر الاستغناء عن هذه الطائرات، واستخدام نوعيات حديثة بدلاً منها.
جرت دراسات عدة لتحديد الطائرات البديلة. واستقر الرأي، مبدئياً، على الطائرة F – 16 C للقوات الجويه
والطائرة FA/18 للقوات البحرية.
مع ملاحظة عدم تخصيص هذه الطائرات لمهمة إخماد الدفاع الجوي فقط، كما كان متّبعاً مع أسراب Phantom، وإنما تنفذها في بداية العمليات، وعند الحاجة. وبعد أن يتم إخماد الدفاع الجوي المعادي، تُكلَّف بمهام أخرى.
وما زالت الدراسات والتجارب مستمرة على نوعيات أخرى من الطائرات، تشمل المقاتلات F – 15 E (ذات المقعدين) وغيرها.
ج. تطوير الصاروخ HARM
تقرر، بعد حرب الخليج، تطوير الصاروخ HARM، وإنتاج الجيل الثالث منه (C)، الذي يمكِنه التعامل مع أجهزة الرادار الحديثة، التي تستخدم الترددات الرشيقة (المُناوِرة أو المراوِغة) والنطاقات الواسعة المنتشرة Frequency agility & Spread Spectrum.
وفي عام 1994 بدأ تسليح الطائرات الأمريكية بالطراز الجديد. وتتلخص التعديلات التي أُدخلت على الصاروخ في الآتي:
(1) استخدام باحث جديد، أكثر حساسية، ويعمل على نطاق ترددات أوسع، ليتمكن من مواجهة معدات الدفاع الجوي الحديثة.
(2) استخدام منظومة توجيه متطورة، تُحسِّن أداء الصاروخ، للتغلّب على المناورة الإلكترونية للأجهزة المعادية. والعمل بكفاءة في مواجهة التهديدات الكثيفة.
(3) استخدام كمبيوتر جديد، سعته 256 كيلو بايت، أي أربعة أضعاف سعة النوع (B).
(4) استخدام رأس حربي جديد، يحتوي على عشرة آلاف مكعب من سبيكة التنجستين، مساحة كل وجه حوالي 3/16 بوصة، وتعادل كثافتها ثلاثة أضعاف كثافة الصلب المستخدم في الأجيال السابقة، مما أدى إلى مضاعفة قوّته التدميرية. وقد أوضحت التجارب، التي أجريت في مراكز الاختبارات، في البحيرة الصينية China Lake، أن هذه المكعبات، يمكِنها اختراق نصف بوصة في الصلب العادي، وربع بوصة في الألواح المدرعة. وهو ما يكفي لتعطيـل هوائيات أجهزة الرادار.
(5) كما جُهِّز الرأس الحربي بطبة تقاربية Proximity Fuze، أكثر تطوراً.
طرائق الاشتباك
تُجهَّز الطائرات المسلحة بالصاروخ HARM بمنظومة قيادة نيران، تكتشف الرادارات المعادية، وتُحدد بياناتها المختلفة، وتضع أسبقية الاشتباك بها، وتتحكم في الإطلاق. وتعمل في توافق تام مع أجهزة الصاروخ، الذي يمكِنه أن يُطبِق على الهدف Lock on، إمّا قبل الإطلاق، باستخدام معلومات جهاز رادار الإنذار في الطائرة، أو بعد الإطلاق، بوساطة الباحث الخاص بالصاروخ. وباستخدام المعدات الموجودة في الطائرة والصاروخ، وُضِعت ثلاث طرق للاشتباك، تُستخدم كل واحدة منها، طبقاً للموقف.
الطريقة الأولى:
تسمى نظام الحماية الذاتية Self – Protect mode، وهي طريقة العمل الأساسية. وفيها يكتشف مُستقْبِل الإنذار، في الطائرة، الرادارات المعادية، ويحدد مواقعها ومواصفات إشعاعها، ثم يحوّل هذه البيانات إلى الحاسب الآلي في الطائرة، الذي يحدد أسبقية الاشتباك بهذه الأهداف. ثم يُصدر مجموعة كاملة من التعليمات، إلى الحاسب الآلي في الصاروخ Video – processor وفي الوقت نفسه، تظهر هذه التعليمات على الشاشة أمام الطيار، الذي يُطلق الصاروخ. وبعد انطلاقه يُوَجّه صوب الهدف بوساطة حاسبه الآلي. وعندما يَكتشف الصاروخ جهاز الرادار المعادي، يتجه إليه راكباً شعاعه، إلى أن يقترب منه. وفي اللحظة المناسبة، التي تحددها الطبة الليزرية، ينفجر الرأس الحربي ليدمر الجهاز، أو يعطله.
الطريقه الثانيه:
وتسمى طريقة التلقين المسبق Prebriefed mode وتُستخدم لإطلاق الصاروخ من مسافة بعيدة، تكون فيها الطائرة المُطلِقَة خارج مدى الكشف الراداري للدفاع الجوي المعادي. وفي هذه الحالة، يكون الإشعاع الملتقَط بوساطة الطائرة، أضعف من أن يُمكِّن الصاروخ من الإطباق على جهاز الرادار المعادي، وهو على هذا البُعد. ولهذا، يُطْلَق الصاروخ، بعد تغذية حاسبه الآلي بمسار يوصله إلى المنطقة، التي تتمركز فيها أجهزة الرادارات المعادية. وعندما يقترب الصاروخ من هذه الأجهزة، تبدأ عملية البحث، ثم الاكتشاف، بناءً على مواصفات الإشعاع المسجلة في ذاكرة الصاروخ، ثم ينقضّ على هدفه.
الطريقه الثالثه :
وهي طريقة البحث الحر Target of Opportunity mode وتُستخدم عندما لا تُتاح معلومات مسبقة كافية عن الرادارات المعادية. ولهذا، فإن الصاروخ لا يُطلَق صوب هدف محدد، وإنما في اتجاه منطقة بأسرها. ونظراً إلى أن باحث الصاروخ، يتميز بحساسية عالية، فإنه يعمل كمستشعر ومُستقبِل للإنذار في الوقت نفسه، ويحدد بيانات الرادار المعادي. أي أن الصاروخ يبحث عن الأهداف المحددة له في برنامجه، طبقاً لخواصّها الإلكترونية،لإحداثياتها، ثم يكتشفها ويقصفها. أمّا إذا فشل في اكتشاف أي هدف، فإنه يُدمّر نفسه ذاتياً.
منظومة قيادة النيران
لكي تتحقق الاستفادة الكاملة من إمكانات الصاروخ HARM، يجب تجهيز الطائرة، التي تُطْلقه، بمنظومة قيادة نيران، توفر معلومات دقيقة، وحديثة، ومستمرة، عن موقع الهدف، والموقف الإلكتروني بصفة عامة، وتُحدِّد الهدف المناسب، واللحظة المثلى لإطلاق الصاروخ. ومن دون استيفاء هذا الشرط، يقلّ احتمال الإصابة بالصاروخ إلى حدّ كبير.
ولهذا، فإن أسراب الطائرات Phantom، التي خُصِّصت، من قبْل، لمهمة إخماد الدفاع الجوي، جُهِّزت بمنظومة متكاملة هي APR – 47، التي كانت تكتشف أجهزة الرادار المعادية بدِقة، وتوفر صورة واضحة عن للموقف الإلكتروني المعادي Electronic Order of Battle EOB، تشمل أنواع الصواريخ أرض/ جو، وتمركزها، وترددات أجهزتها، مما يساعد على تقدير التهديدات بدقة، وتحديد أسبقية الاشتباك بكل منها، وذلك حتى يمكن الطيار اتخاذ القرار بمهاجمة الصواريخ أرض/ جو الأكثر خطراً، في البداية. وظلت هذه المنظومة تقود نيران الصواريخ بكفاءة، إلى أن تقرر وضع طائرات Phantom في المخازن، وتكليف الطائرات F – 16 وغيرها بهذه المهمة. وعند ذلك، فكر المعنيون في نزع المنظومة APR – 47 من طائرة Phantom، وتركيبها في الطائرات الجديدة، مع إجراء بعض التعديلات لها، لكي تواجه الصواريخ أرض/ جو الحديثة، مثل SAM – 10, 12. ولكن تبيّن أن هذه التعديلات، ستؤدي إلى وضع تصميم جديد تماماً، وأن الطائرات F – 16، تحتاج إلى منظومة أكثر تطوراً. وبالفعل، تم اختيار المنظومة الجديدة AN/ ASQ – 213، التي يشار إليها بالأحرف HTS، اختصاراً لكلمات HARM Targeting System، ويدل اسمها على أنها تُحدّد مواقع الأهداف المعادية للصاروخ HARM وقيادة نيرانه.
وتحتوي منظومة HTS على أجهزة استشعار راداري، وحاسب إلكتروني، وشاشة عرض، وأجهزة تحكّم وإطلاق، إضافة إلى مصفوفة هوائيات.. ومنذ بداية تجهيز الطائرات F – 16 بهذه المنظومة، عام 1994، والتجارب مستمرة لتحديد مدى ملاءمتها للصاروخ HARM، وقدْرتها على اكتشاف الرادارات المعادية.
وأوضحت التجارب وجود نقاط الضعف الآتية في المنظومة:
· الوقت الذي تستغرقه في اكتشاف الهدف أطول من اللازم.
· مسافة الاكتشاف هي أقلّ مما يجب.
· عدد الأهداف، التي يمكن تحليل معلوماتها، هو أقل من عدد الأهداف التي كانت تحللها المنظومة السابقة (منظومة طائرات Phantom).
· نطاق تردداتها لا يغطي جميع ترددات أسلحة الدفاع الجوي، القديم منها والحديث، والمنتظر مواجهتها في أي عمليات مقبِلة.
· قدْرتها على اكتشاف الرادارات، التي تعمل على ترددات منخفضة، أقلّ من إمكانات الصاروخ HARM
· مجال رؤية المنظومة محدود في مخروط أمام الطائرة، لا يزيد اتّساعه على 87هْ، على جانبَي مقدمة الطائرة.
· برامج الحاسب الآلي، التي استُخدِمت في المنظومة، أثناء التجارب الأولى، لم تكُن على المستوى المطلوب. ولهذا، كانت العملية تحتاج إلى التحكم اليدوي، في كثير من الإجراءات اللازمة لتحديد موقع الهدف، وإطلاق الصاروخ.
إزاء هذه العيوب، تقرر في البداية، استخدام منظومة HTS بصورة مؤقتة، إلى حين إنتاج منظومة جديدة. ولكن قيود الموازنة، جعلت وزارة الدفاع الأمريكية، تقرر استخدامها بصفة دائمة، مع تطويرها، وإدخال عدة تعديلات عليها، لتحقق الآتي:
· تحسين برامج الحاسب الآلي، لزيادة سرعته ودِقته، وتقليل العمليات اليدوية، التي كان الطيار يلجأ إليها مضطراً.
· التغلب على مشكلة انعدام المعلومات الواضحة عن الإشعاع المعادي.
· تقليل الغموض واللَّبْس في تقدير التهديدات.
· زيادة عدد الأهداف، التي يمكِن تتبعها في وقت واحد.
· سرعة معالجة البيانات.
· تمكين المنظومة من اكتشاف أجهزة الرادار، التي تعمل على ترددات منخفضة.
وقد حصلت القوات الجوية الأمريكية على 112 منظومة HTS، وجُهّزت بها الأسراب 77، 78، 79، من اللواء الجوي الرقم 20 F – 16، وتقوم، حالياً، بالتدرب على إطلاق الصاروخ HARM.
أ_المعلومات
يعتمد نجاح خطة الهجوم بالصواريخ المضادّة للإشعاع، على توفير معلومـات عن العدو، تشمل الآتي:
1_ معلومات دقيقة عن تمركز الصواريخ أرض ـ جو، وأجهزة رادار الإنذار، وقيادة النيران والتوجيه.
2_ معلومات لحظية عن المواقع الجديدة، التي تنتقل إليها وحدات الدفاع الجوي خفيفة الحركة.
3_ معلومات شاملة عن الموقف الإلكتروني المُعادي، وترددات جميع الأجهزة الرادارية، خاصة ترددات الحرب، التي لا يمكِن التقاطها في زمن السلم.
ولتحقيق ذلك، وبعد دراسات موسعة، ومجموعة من التجارب، قررت قيادة القوات الجوية الأمريكية، الآتي:
تجميع المعلومات عن مصادر الإشعاع للعدو المحتمل، مسبقاً، وباستمرار، أثناء السلم. وذلك باستخدام جميع وسائل الاستطلاع الممكِنة، والتي تشمل طائرات الاستطلاع الإلكتروني، وطائرات الاستطلاع التكتيكي، والأقمار الصناعية، وأجهزة الاستخبارات المختلفة. ثم تحديث هذه المعلومات أولاً بأول.
وعندما يتأزم الموقف السياسي، وتصبح الحرب محتمَلة، تُدفع طائرات الاستطلاع الإلكتروني إلى مسرح العمليات المنتظر، لالتقاط كل ما تبثه الأجهزة الإلكترونية المعادية، وتدقيق ما سبق جمْعه من معلومات، وتحديثه. وربما نجحت في التقاط ترددات الحرب، أثناء اختبار الطرف المعادي أسلحته ومعداته وتجهيزها للمعركة. ومن ثمّ تُسجّل مواقع أجهزة الرادار، وجميع خواصّها، في برنامج عمل الصاروخ HARM ومنظومة قيادة نيرانه.
وقد أثبتت التجارب العملية، أن مصاحبة طائرة الاستطلاع الإلكتروني RC - 135 Rivet Joint للطائرات
F – 16، في عمليات إخماد الدفاع الجوي، تحقق الإمداد المستمر، واللحظي، لطائرات القصف بأي معلومات جديدة عن الموقف الإلكتروني المُعادي، وتتغلّب على إحدى نقاط الضعف الرئيسية في منظومة قيادة النيران HTS، التي لا تستطيع رؤية الأهداف، إلاّ في مخروط محدود أمام الطائرة (87 ْ). بينما يمكن الطائرة
RC – 135 إمداد طائرات القصف بمعلومات عن رادارات العدو، في جميع الاتجاهات (360 ْ)، وتحديد مسافات هذه الأجهزة، في ثوان معدودة، ورصْد مواقعها رصداً قلّما يخطئ.
وللتغلّب على مشكلة بطاريات الصواريخ أرض - جو، خفيفة الحركة، التي تنتقل من موقع إلى آخر بسرعة، سوف تعمل طائرة الاستطلاع E – 8 Joint STARS، في تكامل، مع مجموعة الإخماد. فتقوم طائرة الاستطلاع الإلكتروني RC – 135 بإعلامها بموقع البطارية الحالي، بينما تتابع الطائرة E – 8 هذه البطارية، أثناء تحركها، إلى أن تصل إلى موقعها الجديد، فتُعلِم سائر طائرات المجموعة بإحداثياته.
ولمعرفة ترددات الحرب، قبل الهجوم، سوف تُطْلق من الجو أهداف خداعية صغيرة Miniature Air Launched Decoys MALD، مزودة بعدسة إلكترونية، ترسل إشارات مشابهة لتلك المنعكسة من الطائرات الحقيقية. وعندما تلتقط الرادارات المعادية هذه الإشارات، يعتقد العاملون عليها أنهم يواجهون هجوماً جوياً حقيقياً. ومن ثمّ، يتحولون إلى ترددات الحرب، مع بث الطاقة في الأثير. وهذا هو المطلوب. وقد استُخدِمت أهداف خداعية مشابهة في حرب تحرير الكويت، في عملية تُعَدّ من أكبر عمليات الخداع في الحملة الجوية، إذ أدت الموجة الأولى من هجمات التحالف، إلى تأهُّب ما تبقى من أسلحة الدفاع الجوي العراقي. فعندما اكتشف مشغلو الرادارات العراقية أعداداً كبيرة من الأهداف، تنطلق نحوهم، مرة أخرى، اعتقدوا أنها موجة أخرى من طائرات التحالف. وفي محاولة يائسة، لتحديد مواقع تلك الأهداف، قام العراقيون بتشغيل راداراتهم بأقصى طاقتها، فكشفوا بذلك عن مواقعها. ولكن الموجة الثانية، لم تكُن طائرات على الإطلاق، بل كانت طائرات من دون طيار، أو أهدافاً وهمية، تظهر على شاشات الرادار كأنها هجوم جوي وشيك. وبعد موجة الطائرات من دون طيار والأهداف الوهمية، جاءت طائرات F – 4G Wild Weasels، وطائرات F – 18 Hornets، وتركّزت مهمتها الأساسية في إسكات الدفاعات العراقية. وما أن بدأ تشغيل الرادارات العراقية، حتى انقضّت تشكيلات من تلك الطائرات، لتدمّر العشرات من مواقع الدفاع الجوي، باستخدام الصواريخ العالية السرعة، والمضادّة للإشعاع، والمعروفة باسم "هارم HARM"، وتكرر النمط التدميري نفسه، تلك الليلة، حول البصرة والكويت.
كما يجري العمل، حالياً، في برنامج لإضافة وحدة قياس جديدة، وجهاز استقبال لمعلومات شبكة أقمار الملاحة GPS، إلى الطائرات المسلحة بالصواريخ HARM.
أمّا عن تسليح الطائرات، فسوف يكون صاروخين إلى أربعة صواريخ HARM، وصواريخ جو/ جو Sidewinder AMRAAM، للدفاع الذاتي ضد طائرات الاعتراض المعادية، إضافة إلى مستودع إعاقة إلكترونية. كما ستعمل هذه الطائرات في حماية طائرات الحرب الإلكترونية، التي تقوم بتوجيه إعاقة ضد أجهزة الرادار المعادية، من مسافات بعيدة، خارج مرمى أسلحة الدفاع الجوي.
وتبقى مشكلة الصواريخ أرض/ جو "الصامتة"، أي التي لا تبث طاقة كهرومغاطيسية. فعلى الرغم من أنها خارجة عن نطاق عمل الصاروخ HARM، إلا أنها تُشكِّل تهديداً واضحاً للطائرات المُكلَّفة بإطلاقه. وللتغلب على هذه المشكلة، تقصف طائرات أخرى هذه المواقع، بنوعيات أخرى من الأسلحة غير المضادّة للإشعاع، يجري إنتاجها، حالياً، وهي الصاروخ Silent Hard Kill SHARK والصاروخ Joint Stand – Off Weapon Jsow، وغيرهما.
ب_معلومات اضافيه :
بعد حرب الخليج الثانية، تقرر إنتاج 21 ألف صاروخ HARM، من النوع الجديد (C) إضافة إلى 1400 رأس توجيه، لتركيبها في الصواريخ HARM، من النوع (B).
(2) طلبت مجموعة من الدول شراء الصاروخ HARM وهي: ألمانيا وإسرائيل، وإيطاليا، وكوريا الجنوبية والكويت وهولندا والنرويج وباكستان وأسبانيا وتركيا.
5_الخبرات المكتسبه .
وأخيراً، فإن رجال الدفاع الجوي، مثلهم مثل مخططي الهجوم الجوي، لا بد أنهم استفادوا من خبرات حرب الخليج الثانية وما قبلها. ولا شك في، أنهم أصبحوا يجيدون التحكم في عملية بث الإشعاع، واستخدام أساليب تكتيكية مبتكرة لتضليل الصواريخ HARM ، وسائر الصواريخ المضادّة للإشعاع.
ب. الطائرات حاملة الصواريخ
تقادمت طائرات Phantom، وتخلفت أجهزتها الإلكترونية عن ملاحقة التطور في منظومات الدفاع الجوي. ومن ثم، تقرر الاستغناء عن هذه الطائرات، واستخدام نوعيات حديثة بدلاً منها.
جرت دراسات عدة لتحديد الطائرات البديلة. واستقر الرأي، مبدئياً، على الطائرة F – 16 C للقوات الجويه
والطائرة FA/18 للقوات البحرية.
مع ملاحظة عدم تخصيص هذه الطائرات لمهمة إخماد الدفاع الجوي فقط، كما كان متّبعاً مع أسراب Phantom، وإنما تنفذها في بداية العمليات، وعند الحاجة. وبعد أن يتم إخماد الدفاع الجوي المعادي، تُكلَّف بمهام أخرى.
وما زالت الدراسات والتجارب مستمرة على نوعيات أخرى من الطائرات، تشمل المقاتلات F – 15 E (ذات المقعدين) وغيرها.
ج. تطوير الصاروخ HARM
تقرر، بعد حرب الخليج، تطوير الصاروخ HARM، وإنتاج الجيل الثالث منه (C)، الذي يمكِنه التعامل مع أجهزة الرادار الحديثة، التي تستخدم الترددات الرشيقة (المُناوِرة أو المراوِغة) والنطاقات الواسعة المنتشرة Frequency agility & Spread Spectrum.
وفي عام 1994 بدأ تسليح الطائرات الأمريكية بالطراز الجديد. وتتلخص التعديلات التي أُدخلت على الصاروخ في الآتي:
(1) استخدام باحث جديد، أكثر حساسية، ويعمل على نطاق ترددات أوسع، ليتمكن من مواجهة معدات الدفاع الجوي الحديثة.
(2) استخدام منظومة توجيه متطورة، تُحسِّن أداء الصاروخ، للتغلّب على المناورة الإلكترونية للأجهزة المعادية. والعمل بكفاءة في مواجهة التهديدات الكثيفة.
(3) استخدام كمبيوتر جديد، سعته 256 كيلو بايت، أي أربعة أضعاف سعة النوع (B).
(4) استخدام رأس حربي جديد، يحتوي على عشرة آلاف مكعب من سبيكة التنجستين، مساحة كل وجه حوالي 3/16 بوصة، وتعادل كثافتها ثلاثة أضعاف كثافة الصلب المستخدم في الأجيال السابقة، مما أدى إلى مضاعفة قوّته التدميرية. وقد أوضحت التجارب، التي أجريت في مراكز الاختبارات، في البحيرة الصينية China Lake، أن هذه المكعبات، يمكِنها اختراق نصف بوصة في الصلب العادي، وربع بوصة في الألواح المدرعة. وهو ما يكفي لتعطيـل هوائيات أجهزة الرادار.
(5) كما جُهِّز الرأس الحربي بطبة تقاربية Proximity Fuze، أكثر تطوراً.
طرائق الاشتباك
تُجهَّز الطائرات المسلحة بالصاروخ HARM بمنظومة قيادة نيران، تكتشف الرادارات المعادية، وتُحدد بياناتها المختلفة، وتضع أسبقية الاشتباك بها، وتتحكم في الإطلاق. وتعمل في توافق تام مع أجهزة الصاروخ، الذي يمكِنه أن يُطبِق على الهدف Lock on، إمّا قبل الإطلاق، باستخدام معلومات جهاز رادار الإنذار في الطائرة، أو بعد الإطلاق، بوساطة الباحث الخاص بالصاروخ. وباستخدام المعدات الموجودة في الطائرة والصاروخ، وُضِعت ثلاث طرق للاشتباك، تُستخدم كل واحدة منها، طبقاً للموقف.
الطريقة الأولى:
تسمى نظام الحماية الذاتية Self – Protect mode، وهي طريقة العمل الأساسية. وفيها يكتشف مُستقْبِل الإنذار، في الطائرة، الرادارات المعادية، ويحدد مواقعها ومواصفات إشعاعها، ثم يحوّل هذه البيانات إلى الحاسب الآلي في الطائرة، الذي يحدد أسبقية الاشتباك بهذه الأهداف. ثم يُصدر مجموعة كاملة من التعليمات، إلى الحاسب الآلي في الصاروخ Video – processor وفي الوقت نفسه، تظهر هذه التعليمات على الشاشة أمام الطيار، الذي يُطلق الصاروخ. وبعد انطلاقه يُوَجّه صوب الهدف بوساطة حاسبه الآلي. وعندما يَكتشف الصاروخ جهاز الرادار المعادي، يتجه إليه راكباً شعاعه، إلى أن يقترب منه. وفي اللحظة المناسبة، التي تحددها الطبة الليزرية، ينفجر الرأس الحربي ليدمر الجهاز، أو يعطله.
الطريقه الثانيه:
وتسمى طريقة التلقين المسبق Prebriefed mode وتُستخدم لإطلاق الصاروخ من مسافة بعيدة، تكون فيها الطائرة المُطلِقَة خارج مدى الكشف الراداري للدفاع الجوي المعادي. وفي هذه الحالة، يكون الإشعاع الملتقَط بوساطة الطائرة، أضعف من أن يُمكِّن الصاروخ من الإطباق على جهاز الرادار المعادي، وهو على هذا البُعد. ولهذا، يُطْلَق الصاروخ، بعد تغذية حاسبه الآلي بمسار يوصله إلى المنطقة، التي تتمركز فيها أجهزة الرادارات المعادية. وعندما يقترب الصاروخ من هذه الأجهزة، تبدأ عملية البحث، ثم الاكتشاف، بناءً على مواصفات الإشعاع المسجلة في ذاكرة الصاروخ، ثم ينقضّ على هدفه.
الطريقه الثالثه :
وهي طريقة البحث الحر Target of Opportunity mode وتُستخدم عندما لا تُتاح معلومات مسبقة كافية عن الرادارات المعادية. ولهذا، فإن الصاروخ لا يُطلَق صوب هدف محدد، وإنما في اتجاه منطقة بأسرها. ونظراً إلى أن باحث الصاروخ، يتميز بحساسية عالية، فإنه يعمل كمستشعر ومُستقبِل للإنذار في الوقت نفسه، ويحدد بيانات الرادار المعادي. أي أن الصاروخ يبحث عن الأهداف المحددة له في برنامجه، طبقاً لخواصّها الإلكترونية،لإحداثياتها، ثم يكتشفها ويقصفها. أمّا إذا فشل في اكتشاف أي هدف، فإنه يُدمّر نفسه ذاتياً.
منظومة قيادة النيران
لكي تتحقق الاستفادة الكاملة من إمكانات الصاروخ HARM، يجب تجهيز الطائرة، التي تُطْلقه، بمنظومة قيادة نيران، توفر معلومات دقيقة، وحديثة، ومستمرة، عن موقع الهدف، والموقف الإلكتروني بصفة عامة، وتُحدِّد الهدف المناسب، واللحظة المثلى لإطلاق الصاروخ. ومن دون استيفاء هذا الشرط، يقلّ احتمال الإصابة بالصاروخ إلى حدّ كبير.
ولهذا، فإن أسراب الطائرات Phantom، التي خُصِّصت، من قبْل، لمهمة إخماد الدفاع الجوي، جُهِّزت بمنظومة متكاملة هي APR – 47، التي كانت تكتشف أجهزة الرادار المعادية بدِقة، وتوفر صورة واضحة عن للموقف الإلكتروني المعادي Electronic Order of Battle EOB، تشمل أنواع الصواريخ أرض/ جو، وتمركزها، وترددات أجهزتها، مما يساعد على تقدير التهديدات بدقة، وتحديد أسبقية الاشتباك بكل منها، وذلك حتى يمكن الطيار اتخاذ القرار بمهاجمة الصواريخ أرض/ جو الأكثر خطراً، في البداية. وظلت هذه المنظومة تقود نيران الصواريخ بكفاءة، إلى أن تقرر وضع طائرات Phantom في المخازن، وتكليف الطائرات F – 16 وغيرها بهذه المهمة. وعند ذلك، فكر المعنيون في نزع المنظومة APR – 47 من طائرة Phantom، وتركيبها في الطائرات الجديدة، مع إجراء بعض التعديلات لها، لكي تواجه الصواريخ أرض/ جو الحديثة، مثل SAM – 10, 12. ولكن تبيّن أن هذه التعديلات، ستؤدي إلى وضع تصميم جديد تماماً، وأن الطائرات F – 16، تحتاج إلى منظومة أكثر تطوراً. وبالفعل، تم اختيار المنظومة الجديدة AN/ ASQ – 213، التي يشار إليها بالأحرف HTS، اختصاراً لكلمات HARM Targeting System، ويدل اسمها على أنها تُحدّد مواقع الأهداف المعادية للصاروخ HARM وقيادة نيرانه.
وتحتوي منظومة HTS على أجهزة استشعار راداري، وحاسب إلكتروني، وشاشة عرض، وأجهزة تحكّم وإطلاق، إضافة إلى مصفوفة هوائيات.. ومنذ بداية تجهيز الطائرات F – 16 بهذه المنظومة، عام 1994، والتجارب مستمرة لتحديد مدى ملاءمتها للصاروخ HARM، وقدْرتها على اكتشاف الرادارات المعادية.
وأوضحت التجارب وجود نقاط الضعف الآتية في المنظومة:
· الوقت الذي تستغرقه في اكتشاف الهدف أطول من اللازم.
· مسافة الاكتشاف هي أقلّ مما يجب.
· عدد الأهداف، التي يمكن تحليل معلوماتها، هو أقل من عدد الأهداف التي كانت تحللها المنظومة السابقة (منظومة طائرات Phantom).
· نطاق تردداتها لا يغطي جميع ترددات أسلحة الدفاع الجوي، القديم منها والحديث، والمنتظر مواجهتها في أي عمليات مقبِلة.
· قدْرتها على اكتشاف الرادارات، التي تعمل على ترددات منخفضة، أقلّ من إمكانات الصاروخ HARM
· مجال رؤية المنظومة محدود في مخروط أمام الطائرة، لا يزيد اتّساعه على 87هْ، على جانبَي مقدمة الطائرة.
· برامج الحاسب الآلي، التي استُخدِمت في المنظومة، أثناء التجارب الأولى، لم تكُن على المستوى المطلوب. ولهذا، كانت العملية تحتاج إلى التحكم اليدوي، في كثير من الإجراءات اللازمة لتحديد موقع الهدف، وإطلاق الصاروخ.
إزاء هذه العيوب، تقرر في البداية، استخدام منظومة HTS بصورة مؤقتة، إلى حين إنتاج منظومة جديدة. ولكن قيود الموازنة، جعلت وزارة الدفاع الأمريكية، تقرر استخدامها بصفة دائمة، مع تطويرها، وإدخال عدة تعديلات عليها، لتحقق الآتي:
· تحسين برامج الحاسب الآلي، لزيادة سرعته ودِقته، وتقليل العمليات اليدوية، التي كان الطيار يلجأ إليها مضطراً.
· التغلب على مشكلة انعدام المعلومات الواضحة عن الإشعاع المعادي.
· تقليل الغموض واللَّبْس في تقدير التهديدات.
· زيادة عدد الأهداف، التي يمكِن تتبعها في وقت واحد.
· سرعة معالجة البيانات.
· تمكين المنظومة من اكتشاف أجهزة الرادار، التي تعمل على ترددات منخفضة.
وقد حصلت القوات الجوية الأمريكية على 112 منظومة HTS، وجُهّزت بها الأسراب 77، 78، 79، من اللواء الجوي الرقم 20 F – 16، وتقوم، حالياً، بالتدرب على إطلاق الصاروخ HARM.
أ_المعلومات
يعتمد نجاح خطة الهجوم بالصواريخ المضادّة للإشعاع، على توفير معلومـات عن العدو، تشمل الآتي:
1_ معلومات دقيقة عن تمركز الصواريخ أرض ـ جو، وأجهزة رادار الإنذار، وقيادة النيران والتوجيه.
2_ معلومات لحظية عن المواقع الجديدة، التي تنتقل إليها وحدات الدفاع الجوي خفيفة الحركة.
3_ معلومات شاملة عن الموقف الإلكتروني المُعادي، وترددات جميع الأجهزة الرادارية، خاصة ترددات الحرب، التي لا يمكِن التقاطها في زمن السلم.
ولتحقيق ذلك، وبعد دراسات موسعة، ومجموعة من التجارب، قررت قيادة القوات الجوية الأمريكية، الآتي:
تجميع المعلومات عن مصادر الإشعاع للعدو المحتمل، مسبقاً، وباستمرار، أثناء السلم. وذلك باستخدام جميع وسائل الاستطلاع الممكِنة، والتي تشمل طائرات الاستطلاع الإلكتروني، وطائرات الاستطلاع التكتيكي، والأقمار الصناعية، وأجهزة الاستخبارات المختلفة. ثم تحديث هذه المعلومات أولاً بأول.
وعندما يتأزم الموقف السياسي، وتصبح الحرب محتمَلة، تُدفع طائرات الاستطلاع الإلكتروني إلى مسرح العمليات المنتظر، لالتقاط كل ما تبثه الأجهزة الإلكترونية المعادية، وتدقيق ما سبق جمْعه من معلومات، وتحديثه. وربما نجحت في التقاط ترددات الحرب، أثناء اختبار الطرف المعادي أسلحته ومعداته وتجهيزها للمعركة. ومن ثمّ تُسجّل مواقع أجهزة الرادار، وجميع خواصّها، في برنامج عمل الصاروخ HARM ومنظومة قيادة نيرانه.
وقد أثبتت التجارب العملية، أن مصاحبة طائرة الاستطلاع الإلكتروني RC - 135 Rivet Joint للطائرات
F – 16، في عمليات إخماد الدفاع الجوي، تحقق الإمداد المستمر، واللحظي، لطائرات القصف بأي معلومات جديدة عن الموقف الإلكتروني المُعادي، وتتغلّب على إحدى نقاط الضعف الرئيسية في منظومة قيادة النيران HTS، التي لا تستطيع رؤية الأهداف، إلاّ في مخروط محدود أمام الطائرة (87 ْ). بينما يمكن الطائرة
RC – 135 إمداد طائرات القصف بمعلومات عن رادارات العدو، في جميع الاتجاهات (360 ْ)، وتحديد مسافات هذه الأجهزة، في ثوان معدودة، ورصْد مواقعها رصداً قلّما يخطئ.
وللتغلّب على مشكلة بطاريات الصواريخ أرض - جو، خفيفة الحركة، التي تنتقل من موقع إلى آخر بسرعة، سوف تعمل طائرة الاستطلاع E – 8 Joint STARS، في تكامل، مع مجموعة الإخماد. فتقوم طائرة الاستطلاع الإلكتروني RC – 135 بإعلامها بموقع البطارية الحالي، بينما تتابع الطائرة E – 8 هذه البطارية، أثناء تحركها، إلى أن تصل إلى موقعها الجديد، فتُعلِم سائر طائرات المجموعة بإحداثياته.
ولمعرفة ترددات الحرب، قبل الهجوم، سوف تُطْلق من الجو أهداف خداعية صغيرة Miniature Air Launched Decoys MALD، مزودة بعدسة إلكترونية، ترسل إشارات مشابهة لتلك المنعكسة من الطائرات الحقيقية. وعندما تلتقط الرادارات المعادية هذه الإشارات، يعتقد العاملون عليها أنهم يواجهون هجوماً جوياً حقيقياً. ومن ثمّ، يتحولون إلى ترددات الحرب، مع بث الطاقة في الأثير. وهذا هو المطلوب. وقد استُخدِمت أهداف خداعية مشابهة في حرب تحرير الكويت، في عملية تُعَدّ من أكبر عمليات الخداع في الحملة الجوية، إذ أدت الموجة الأولى من هجمات التحالف، إلى تأهُّب ما تبقى من أسلحة الدفاع الجوي العراقي. فعندما اكتشف مشغلو الرادارات العراقية أعداداً كبيرة من الأهداف، تنطلق نحوهم، مرة أخرى، اعتقدوا أنها موجة أخرى من طائرات التحالف. وفي محاولة يائسة، لتحديد مواقع تلك الأهداف، قام العراقيون بتشغيل راداراتهم بأقصى طاقتها، فكشفوا بذلك عن مواقعها. ولكن الموجة الثانية، لم تكُن طائرات على الإطلاق، بل كانت طائرات من دون طيار، أو أهدافاً وهمية، تظهر على شاشات الرادار كأنها هجوم جوي وشيك. وبعد موجة الطائرات من دون طيار والأهداف الوهمية، جاءت طائرات F – 4G Wild Weasels، وطائرات F – 18 Hornets، وتركّزت مهمتها الأساسية في إسكات الدفاعات العراقية. وما أن بدأ تشغيل الرادارات العراقية، حتى انقضّت تشكيلات من تلك الطائرات، لتدمّر العشرات من مواقع الدفاع الجوي، باستخدام الصواريخ العالية السرعة، والمضادّة للإشعاع، والمعروفة باسم "هارم HARM"، وتكرر النمط التدميري نفسه، تلك الليلة، حول البصرة والكويت.
كما يجري العمل، حالياً، في برنامج لإضافة وحدة قياس جديدة، وجهاز استقبال لمعلومات شبكة أقمار الملاحة GPS، إلى الطائرات المسلحة بالصواريخ HARM.
أمّا عن تسليح الطائرات، فسوف يكون صاروخين إلى أربعة صواريخ HARM، وصواريخ جو/ جو Sidewinder AMRAAM، للدفاع الذاتي ضد طائرات الاعتراض المعادية، إضافة إلى مستودع إعاقة إلكترونية. كما ستعمل هذه الطائرات في حماية طائرات الحرب الإلكترونية، التي تقوم بتوجيه إعاقة ضد أجهزة الرادار المعادية، من مسافات بعيدة، خارج مرمى أسلحة الدفاع الجوي.
وتبقى مشكلة الصواريخ أرض/ جو "الصامتة"، أي التي لا تبث طاقة كهرومغاطيسية. فعلى الرغم من أنها خارجة عن نطاق عمل الصاروخ HARM، إلا أنها تُشكِّل تهديداً واضحاً للطائرات المُكلَّفة بإطلاقه. وللتغلب على هذه المشكلة، تقصف طائرات أخرى هذه المواقع، بنوعيات أخرى من الأسلحة غير المضادّة للإشعاع، يجري إنتاجها، حالياً، وهي الصاروخ Silent Hard Kill SHARK والصاروخ Joint Stand – Off Weapon Jsow، وغيرهما.
ب_معلومات اضافيه :
بعد حرب الخليج الثانية، تقرر إنتاج 21 ألف صاروخ HARM، من النوع الجديد (C) إضافة إلى 1400 رأس توجيه، لتركيبها في الصواريخ HARM، من النوع (B).
(2) طلبت مجموعة من الدول شراء الصاروخ HARM وهي: ألمانيا وإسرائيل، وإيطاليا، وكوريا الجنوبية والكويت وهولندا والنرويج وباكستان وأسبانيا وتركيا.