التجربة الرهيبة ..... بقلم د. نبيل فاروق

aldrado

عضو
إنضم
17 نوفمبر 2008
المشاركات
35
التفاعل
0 0 0
منقــــــــــــــــــــــــــــول

الفصل الاول
كل شيء كان يبدو هادئا ، في صيف عام1954م، عندما أوقف " جون كاربنتر" ، الصحفي في جريدة محلية صغيرة في " بوسطون " سيارته ، أمام مقهى شعبي بسيط ، على مشارف ولاية "نيوجيرسي" الأمريكية ،ليتناول فنجانا من القهوة ، قبل أن يكمل رحلته الطويلة ، لحضور حفل زفافشقيقه الوحيد " ألبرت " في مدينة " دوفر " ...
وداخل المقهى ، كان هناك ثلاثة من كبار السن ،يتناولون افطارهم في هدوء ويتبادلون أحاديث هامسة ، وكأنهم يخشون أن يرتفعصوتهم ، فيحطم ذلك الصمت الساكن الذي يلف المكان كله .
وبصوت خافت ، صنعه احساسه بالمكان ، طلب " جون " فنجان قهوة دون سكر ، و ...
وفجأة ، اقتحم ذلك الرجل المكان ...
رجل تجاوز الأربعين من عمره بعام أو اثنين علىالأكثر ، ويوحي بنيانه بأنه كان يمارس يوما عملا شاقا منتظما يحتاج الى قوةبدنية عالية ، في حين يمنحه شعره الذي امتزج سواده ببياض ، مظهرا أقرب الىالوسامة المعتدلة ، التي كان من الممكن أن يتمتع بها وجهه كله ، لولانظراته الزائغة ، ولهجته الحادة الى حد ما ، وهو يهتف بصوت مرتفع ، بداوكأنه قد شق السكون والصمت في قسوة :
- - من صاحب تلك السيارة الصغيرة في الخارج ؟!
كان من الواضح أن كل الحاضرين يعرفونه جيدا ،فقد أداروا أبصارهم اليه لحظة في اشفاق ، ثم لم يلبث كل منهم أن عاد الى مايشغله ، وكأنهم لم يسمعوا حتى ما هتف به المقبل .
أما " جون " فقد انتفض جسده مع الهتاف المباغت ،الذي أفسد ما شعر به من استرخاء في المكان ، فاستدار الى صاحبه ، وهمبابلاغه أنه صاحب السيارة الصغبرة ، وان كان المكان متسع ، بحيث لا يمكن أنيتصور أن سيارته هذه ، يمكن أن تسبب لأي انسان أية مشكلة من أي نوع ولكنهلم يكن قد نطق بحرف واحد بعد ، عندما اتجه الرجل نحوه مباشرة ، ولوّح ايهبسبابته في وجهه هاتفا :
- أنت صحفي ... أليس كذلك ؟!
ازدرد " جون " لعابه ، وهو يجيبه :
- بلى ... هل من خدمة يمكنني أن ...
قاطعه الرجل ، قبل أن يتم سؤاله :
- انك تعتقد أنني مجنون ... أليس كذلك ؟!
لم يدر " جون " بم يمكن أن يجيب سؤالا هكذا ، وشعر بحرج شديد في أعماقه ، وهو يتطلع الى الرجل مغمغما :
- الواقع أن ...
مرة أخرى ، قاطعه الرجل ، وهو يميل نحوه ، قائلا في توتر بالغ :
- هذا ما يريدونه بالضبط ... أن نبدو كالمجانين ... أن يظن الكل أننا فاقدو العقول ... أتعلم لماذا ؟!
لم يفهم " جون " من هؤلاء ، ولا ما الذي يريدونه ، الا أنه تمتم في خفوت ، وهو يتطلع الى الرجل مباشرة :
- لماذا ؟!
أشار الرجل الى رأسه ، وهو يميل نحوه أكثر ، قائلا بلهجة عجيبة :
- حتى لا يصدقنا أحد .
تضاعفت حيرة " جون " وهو يتطلع الى وجه الرجل ، الذي اعتدل بحركة واحدة ، وهزّ رأسه ، مستطردا في أسى بالغ :
- ولقد نجحوا في هذا ... لم يصدقنا أحد ... لقد عشت التجربة بنفسي ، ورأيت مايمكن أن يصيب أكثر الناس عقلا بالجنون ولا أحد يصدقني .
بدا الضجر والتبرم ، على وجه صاحب المقهى ، وهو يقول في شيء من الغلظة والخشونة :
- عد الى منزلك يا " فيليب " ... الوقت ما زال مبكرا على ما تفعله .
لوّح " فيليب " هذا بذراعه كلها ، صائحا :
- الوقت ما زال مبكرا ؟! ... أي قول هذا يا رجل ... الصحافة ينبغي أن تعرف الحقيقة ... كل الحقيقة .
جذبت العبارة انتباه " جون " بشدة ، وخاصة عندما حملت الكلمتين التي تعنيان عنده كل شيء .
الصحافة ... والحقيقة ...
وفي حدة واضحة ، كرر صاحب المقهى :
- عد الى منزلك يا " فيليب " .
ولكن " جون " أشار اليه بالهدوء ، وهو يسأل الرجل في اهتمام :
- أية حقيقة يا سيد " فيليب " ؟!
أجابه الرجل في سرعة :
- " دوران " ... اسمي " فيليب دوران " ... خاطبني باسم السيد " دوران " ...
سأله " جون " مرة أخرى ، وهو يسأله في اهتمام أكبر :
- حسنا يا سيد " دوران " ... ما الحقيقة التي تعنيها ؟
التقط " فيليب " نفسا عميقا ، قبل أن يميل نحوه ، قائلا بلهجة خاصة توحي بأهمية وخطورة الأمر :
- حقيقة السفينة " دي - 173 " .
وبح صوته مع الانفعال الجارف ، وهو يميل أكثر ، مكملا :
- لقد رأيتها تختفي أمام عيني ... بكل ما عليها ، ومن عليها.
لم يفهم " جون " ما يعنيه هذا بالضبط ، لكنه تمتم :
- تختفي ؟! أتقصد تغرق ؟!
هز " فيليب " رأسه في قوة ، وهو يلوح بذراعه ، هاتفا :
- لا ... لم تغرق ... اختفت ... تلاشت ... أحاط بها بخار رمادي خفيف ، ثم اختفت...
وارتفع صوته بغتة ، كما لو أن نوبة من الجنون قد أصابته ، وهو يتابع :
- تماما مثل فيلم " الرجل الخفي "... هل تذكره ؟!
اتسعت عينا " جون " عن آخرهما ، وهو يحدق في وجه " فيليب " في حين صاح صاحب المقهى في غضب :
- " فيليب "... لقد حذرتك من القدوم الى هنا ، وترديد تلك الخزعبلات... هيا... انصرف... عد الى منزلك ، والا ...
صاح " فيليب " في ثورة :
- ليست خزعبلات... لقد رأيتها بنفسي .
اختطف صاحب المقهى بندقيته ، وصوّب فةهتها الى " فيليب " صائحا في خشونة شديدة قاسية :
- عد الى منزلك .
مط " فيليب " شفتيه في يأس ، وهز رأسه مستسلما ، ثم أدار وجهه الى " جون " وكرر في اصرار :
- لقد رأيتها تختفي .
ثم استدار، وغادر المكان بخطوات متثاقلة مرهقة ،جعلته يبدو وكأنه يفوق عمره الحقيقي بثلاثين عاما على الأقل ، في حين أعادصاحب المقهى بندقيته الى موضعها ، وهو يقول في غلظة :
- لا تلق بالا لحديثه هذا... انه مجنون بالفعل... كان مجندا في مشاة البحرية ، خلال الحرب العالمية الثانية ، وخرج منها عام1944م ، بسبب جنون صنعه الخوف ، وقضى ما يقرب من ثماني سنوات ، في مصحةللأمراض النفسية والعصبية ، ومنذ سمحوا له بالخروج منها ، وهو يردد هذهالسخافات .
تألقت عينا " جون " على نحو أدهش صاحب المفهى نفسه ، وهو يسأله في لهفة شديدة :
- كان أحد جنود مشاة البحرية ؟! قل لي يا رجل : هل تعلم أين كانت وحدته بالضبط ؟!
رمقه صاحب المقهى بنظرة حذرة ، وهو يجيب :
- في " فيلادلفيا " حسبما أذكر .
وهنا تضاعف تألق عيني " جون " وهو يهتف :
- " فيلادلفيا "... آه... كنت أتوقع هذا .
ثم اندفع خارج المقهى ، في محاولة للحاق بالرجل ، وهو يهتف :
- سيد " دوران "... انتظرني... أريد أن أتحدث اليك... صحفيا .
واتسعت عيون الجميع في دهشة مستنكرة ، وقد بدا لهم لحظتها أن " جون " هو المجنون الحقيقي في هذا الأمر .
ولم يخطر ببال أحدهم لحظة واحدة ، أن " جونكاربنتر " قد وضع يده ، في تلك اللحظة التاريخية ، على طرف الخيط ، الذيسيقوده الى كشف أخطر تجربة بحرية عسكرية ، أجرتها الولايات المتحدةالأمريكية ، في تاريخها كله...
تجربة " فيلادلفيا "...
الرهيبة...
 
رد: التجربة الرهيبة ..... بقلم د. نبيل فاروق

الفصل الثانى
منذ وضع نظريته النسبية ، عام1905م ،سجل " ألبرت أينشتين " اسمه في تاريخ العلم الحديث ، كواحد من أكثر العلماءعبقرية وجرأة ، خاصة وأن نظريته المدهشة قد صنعت منعطفا هائلا في مسارالعلم الفيزيائي كله...
ولأن طبيعة العلماء تدفعهم دوما للبحث والدراسة ، مهما حققوا من نتائج ، ومن نجاحات ، فقد انشغل العالم الفذ ، منذ أوائل العام1916م ، في دراسة ما أطلق عليه اسم " نظرية الحقل الموحد " .
ففي ذلك الحين ، راودت " أينشتين " فكرة ألا تكون الجاذبية الأرضية قوة علىالاطلاق ، بل مجرد خاصية من خواص ما أسماه " الزمكان " أو ارتباط طاقةالزمن بالمكان .
وتمادى " أينشتين " في بحثه هذا ، الى درجة قوله : بأن ما يطلق عليه اسمالمادة ، ليس أكثر من منطقة ، حدث فيها تركيز بالغ القوة ، الطاقة ذلكالحقل الموحد ، بحيث صارت ملموسة و محسوسة .
باختصار ، أراد صاحب النظرية النسبية أن يثبت ، أن المادة هي صورة من صور الطاقة ، وليس العكس .
وعلى الرغم مما يتمتع به "ألبرت آينشتين" من مصداقية واحترام في الأوساطالعلمية والفيزيائية ، إلا أن نظريته الجديدة هذه قوبلت بشيء من التحفظوالحذر ، باعتبار أن كل قواعد العلم تؤكد أن المادة والطاقة تتواجدان جنباًإلى جنب في الحياة ، وأن المادة يمكن أن تتحول إلى طاقة ، بالاحتراق أوالتبخر مثلاً ، في حين تقول نظرية "أينشتين" الجديدة أن كل ما يحدث هو أنالطاقة تعود إلى حالتها الأولى فحسب ، عندما تتحلل من صورتها المادية.
وعلى الرغم من الاعتراضات العديدة ، واصل "آينشتين" العمل في نظريته هذه ،وفي محاولاته لإثبات أن الجاذبية ليست قوة في حد ذاتها ، وإنما هي تأثير منتأثيرات الاندماج ، أو التناغم بين عدة قوى أخرى ، على رأسها المجالاتالكهرومغنطيسية الأرضية.
وفي عام1927م ، بدأ "آينشتين" يمزج نظريته هذه ، معنظرية تبادل الطاقة ، التي تقول : إن كل نوع من الطاقة يمكن أن ينشأ مننوع آخر منها ، تماماً كما يمكن توليد الكهرباء بواسطة مغنطيس ، فيالمولدات الكهربائية العادية ، في الوقت نفسه الذي يمكن فيه توليدالمغنطيسية من الكهرباء ، كما نجد في المغناطيس الكهربي.
وهنا ، وضع العالم الفيزيائي العبقري يده ، على حقائق "نظرية الحقل الموحد".
وهذا الحقل هو ما ينشأ من مزج الطاقة الكهربية بالمجال المغناطيسي للأرض ، والجاذبية الأرضية ، والأشعة الكونية والنووية معاً.
وطوال عمره ، الذي تجاوز السادسة والسبعين ، ظل "آينشتين" وحده في هذاالملعب ، يسعى لإثبات "نظرية الحقل الموحد" ، في حين يصر باقي العلماء علىأنه يلاحق هدفاً وهمياً ، في محاولة عابثة ، لإيجاد قواعد لنظام الفوضى "على حد قولهم".
ولكن هناك بعض الأدلة ، التي تشير إلى أن "آينشتين" قد أجرى بالفعل تجربة عملية ، على تأثير الحقل الموحد هذا.
وأنها كانت تجربة رهيبة ...
إلى أقصى حد ...
ففي "نيوجيرسي" عام1954م وعندما لحق الصحفي "جونكاربنتر" بذلك الرجل "فيليب دوران" الذي يتصوره سكان بلدته مجنوناً ،وجمعتهما جلسة واحدة هادئة ، قال "فيليب" :
- كان هذا في أكتوبر1943م ، عندما أخبرونا أنهمسيجرون تجربة خاصة جداً ، على سلاح جديد ، لو نجح ، فسيؤدي إلى سحقالأسطولين ، الألماني والياباني معاً ، بأقل خسائر ممكنة ... وفي ذلك اليوم، اجتمع كبار القادة في "فيلادلفيا" في القاعدة البحرية هناك ، وجاء بعضالمدنيين ، أحدهم كان طويل الشعر أشيبه ، صاحب شارب كث ، أثار سخريةالبحارة وكان من الواضح أنهم يولونه جميعاً اهتماماً بالغاً ، وهو يشرف علىتركيب بعض الأجهزة التي لم أر مثلها قط ، ثم جاءت السفينة دي ئي 173.
راح "فيليب" يلهث على نحو عجيب ، من فرط الانفعال ، عندما بلغ هذه النقطة ، فناوله "جون" قدحاً من الماء ، وهو يسأله في اهتمام :
هز "فيليب" رأسه نفياً ، وهو يشرب من قدح الماء ، ثم أجاب :
- أظنني رأيته في مكان ما ، ولكنني لست أذكر أين بالضبط ؟!
أومأ "جون" برأسه متفهماً ، وسأله :
- ماذا حدث بعد قدوم السفينة دي ئي173؟!
تنهد "فيليب" في عمق ، قائلاً وقد عاوده ذلك اللهاث والانفعال :
- كانت هناك سفينتان أخريان ، على جانبي دي ئي173وعلى متنها تلك الأجهزة العجيبة ، ولقد راحتا تبثان طاقة ما ، نحو السفينة ... في البداية ، بدا الأمر أشبه بأزيز ينتشر في الهواء ، ثم تحول إلى طنينقوي ، وبعدها أصبح ارتجاجاً عنيفاً ، جعلني أغلق عيني في قوة ، ورأسي يكادينفجر ، وعندما فتحتهما ثانية ، كان هناك ضباب رمادي خفيف ، يحيط بالسفينةدي ئي173ثم لم يلبث ذلك الضباب أن أصبح شفافاً ، واختفت داخله السفينة تماماً ، حتى لم يعد يظهر سوى أثرها على سطح الماء.
اتسعت عيناه ، وكأنما يستعيد تلك اللحظات الرهيبة ، وهو يلوح بكفيه في الهواء ، متابعاً في انفعال :
- كنت أسمع صراخاً رهيباً ، ينبعث من الفراغ الذي تركته السفينة خلفها ،كأنما يعاني بحارتها عذاباً يفوق احتمال البشر ، ولكن الكل أكدوا أنهم لايسمعون شيئاً ، وأنني أتوهم فحسب ، حتى عادت السفينة للظهور ، وتلاشت تلكالسحابة الرمادية وعرفنا ما حدث.
كان الهلع محفوراً على ملامحه ، وهو ينطق الجملة الأخيرة ، مما دعا "جون" إلى أن يسأله في لهفة :
- وماذا حدث؟!
اتسعت عينا الرجل أكثر ، وهو يلوح بذراعيه كلهما ، مجيباً :
- أمور رهيبة ... رهيبة إلى حد لا يمكن وصفه.
ثم مال نحوه ، مضيفاً في ارتياع :
- الرجال أصيبوا بصدمة هائلة ... بعضهم شعر بآلام مفزعة ، في كل خلية منجسده والبعض الآخر شاهد أشباحاً والبعض الثالث فوجئ بمخلوقات عجيبة تهاجمه ... المهم أنهم عانوا جميعاً من عذاب لا مثيل له ، خلال الدقائق القليلة ،التي اختفوا فيها مع دي ئي173.
اتسعت عينا "جون" عن آخرهما ، وهو يحدق في وجه "فيليب" الذي شحب حتى نافس وجوه الموتى ، من هول ما تستعيده ذاكرته.
ولم تكن هذه أول مرة يسمع فيها الصحفي "جون كاربنتر" بأمر تجربة "فيلادلفيا" الرهيبة هذه.
ففي عام1953م ، التقى بضابط سابق من البحرية ، همسفي أذنه بأنه قد سمع ، من بعض القادة القدامى ، أن تجربة علمية مدهشة قدأجريت ، في منطقة أمنية خاصة ، في ساحة بحرية في "فلادلفيا" لإخفاء مدمرةكاملة ، كوسيلة لابتكار سلاح سري خفي ، قادر على مباغتة الأسطول اليابانيفي عرض المحيط الهادي.
ومنذ ذلك الحين ، ترامى إلى مسامعه الكثير من الأحاديث ، حول التجربةالرهيبة ، ولكنها كلها لم تحمل جملة تأكيد واحدة ، مما جعله يتجاهل الأمربرمته ، ولا يوليه الاهتمام الكافي ، باعتبار أن كل ما يسمعه مجرد إشاعات ،أو أمور أسيء فهم مدلولاتها ، كما يحدث في كثير من الأحيان.
حتى التقى بذلك الرجل "فيليب دوران".
فعلى الرغم من أن الكل يعتبر "فيليب" هذا مجنوناً ، إلا أن كونه أحد مشاةالبحرية ، خلال الحرب العالمية الثانية ، في منطقة "فيلادلفيا" بالذات ،كان يمنح حديثه شيئاً من المنطقية.
ثم أنه كان أول شاهد عيان على ما حدث ...
وبحركة مفاجئة ، هب "جون" من مقعده ، واندفع نحو كومة مهملة من الصحف ،والتقط من بينها صحيفة قديمة ، وضعها أمام "فيليب" ، وهو يشير إلى صورة فيواجهتها متسائلاً :
- هل يمكنك أن تجد ذلك الأشيب طويل الشعر ، كث الشارب هنا ؟!
ألقى "فيليب" نظرة ممعنة على الصورة ، قبل أن يشير إلى أحد الأفراد فيها وهو يجيب في ثقة وحزم :
- إنه هذا الرجل.
وتألقت عينا "جون كاربنتر" في شدة ...
فالرجل الذي تعرّفه "فيليب" في الصورة ، باعتباره ذلك الذي كان يشرف على الأجهزة ، في تجربة "فيلادلفيا" ، لم يكن سوى "آينشتين" ...
"ألبرت أينشتين" ... شخصياً.


 
رد: التجربة الرهيبة ..... بقلم د. نبيل فاروق

الفصل الثالث
على الرغممن أن الصحفي ( جون كاربنتر ) قد حصل على قصة مدهشة ، حول تلك التجربةالرهيبة ، التي قامت بها البحرية الأميركية في ( فيلادلفيا ) في أكتوبر1943م ، لإخفاء السفينة الحربية ( de-173 ) والتي تسببت في كارثة بشعة ، لكل من كان على ظهر السفينة ، إلا أنه كانيدرك جيدًا استحالة نشر القصة ، خاصة وأن الشاهد الوحيد ، الذي روى ما حدث ،يعتبر من الناحية القانونية مجنونًا .
ولقد حار ( جون ) طويلاً ، في إيجاد حل لهذه المشكلة ، قبل أن يتفتق ذهنه عن حل جيد .
ففي الصفحة الثالثة ، من جريدته المحلية ، وأسفل أخبار الحوادث المحدودة ،روى ( جين ) كل ما حدث ، أثناء رحلته إلى ( دوفر ) ، لحضور حفل زفاف شقيقه ( ألبرت ) ..
وبأدق التفاصيل ..
ثم انتظر ..
كان كل ما يأمله ، هو أن تجري البحرية الأميركية اتصالاً به ، لتنفي القصة تمامًا ..
ولكن هذا لم يحدث أبدًا ..
لقد تجاهلت البحرية الأميركية الموقف تمامًا ، وكأنه لم يكن ، ولم تحاولالنفي أو التكذيب ، أو حتى الاستنكار ، بل تصرفت كما ينبغي أن تفعل ، لو أنهذه مجرد ترهات مخبول .
ومن المؤكد أن هذا التجاهل كان مدروسًا بمنتهى الدقة ، من قبل البحريةالأميركية ، إذ أن التجاهل التام كفيل بإنهاء الموقف كله ، في حين أن أي ردفعل إيجابي آخر ، مهما كان هدفه ، سيمنح ( جون ) فرصة الرد ، والتعليق ،وربما التمادي أيضًا ، وصنع قضية ترغب القيادة كلها في إغلاق كل أبوابهاإلى الأبد ..
والواقع أن هذا قد أغضب ( جون ) بشدة ..
أغضبه ، لأنه يفسد خطته كلها ، وينسفها من أساسها ، فمن غير المنطقي أنيواصل نشر أية مقالات ، حول الأمر نفسه ، دون ردود أفعال واضحة من جهة ما ،خاصة وأن معظم من قرأ القصة لم يولها الكثير من الاهتمام ، باعتبار أنراويها مجنون ، وأن القصة نفسها عسيرة التصديق .
وبدأ ( جون ) يشعر باليأس ، وفكر في تجاهل الأمر كله ، ونسيان ما سمعه من ( فيليب دوران ) و ..
وفجأة ، وصل ذلك الخطاب ..
خطاب يحمل توقيع ( باتريك ماس ) المتخصص ، والباحث في مجال الكهرباء ، والذي قال فيه ، بالحرف الواحد :
- مررت بتجربة غير عادية ، أثناء الحرب العالمية الثانية ، عندما كنت أخدم في صفوف البحرية ، في أواخر1945م ، عندئذ كنت في موقع ما ، أثناء خدمتي في ( واشنطن ) وأتيح لي أن أشاهدجزءً من فيلم خاص جدًا ، كان يشاهده بعض ضباط البحرية ، من كبار الرتب ،وكان يدور حول تجربة ما ، تجري في البحر ، ولأن مهامي الأمنية لم تكن تسمحلي بالجلوس ومشاهدة الفيلم ، إلا أنني استطعت أن ألمح جزءً منه ، حيث كانتهناك سفينتان تبثان نوعًا من الطاقة ، نحو السفينة الوسطى ، وأظنها كانتموجات صوتية ، إلا أنني لست واثقًا من هذا ... المهم أن السفينة الوسطى قداختفت ، داخل ضباب شفاف ، على نحو بطيء ، بحيث لم يعد لها من أثر ، سوى ماتركته على سطح الماء ، قبل أن تعود إلى الظهور في بطء ، وبعد الفيلم ، سمعتالقادة وهم يناقشون ما رأوه ، وكان أحدهم يقول : " إن سبب المشكلة ، التيأصابت أفراد طاقم السفينة ، هو استمرار الحقل الموحد لفترة طويلة " .
إلى هنا ، انتهت رسالة ( باتريك ) التي يمكن اعتبارها نسخًا لشهادة ( فيليب ) باستثناء أمر واحد فحسب .
أنها أول مرة ، يذكر فيها اسم ( الحقل الموحد ) ..
ولأن ( جون ) كان دارسًا جيدًا للعلوم ، فقد جذب المصطلح انتباهه واهتمامه ،فراح يبحث عنه ، في كل الموسوعات العلمية المعروفة ، وكل المجلات العلميةالمتخصصة ، حتى عثر أخيرًا على مقال ، يهاجم فيه أحد العلماء تلك النظريةالتي حاول ( أينشتين ) إثباتها ، منذ ما يقرب من أربعة عقود من الزمن ..
نظرية الحقل الموحد ..
وهنا ، أيقن ( جون ) من أن حديث ( فيليب ) لم يكن مجنونًا ، بل كان حقيقيًا إلى أقصى حد .
ونشر ( جون ) خطاب ( باتريك ) إلى جوار رأيه الشخصي حول الأمر ، كما ربط هذا بنظرية ( أينشتين ) ، حول الحقل الموحد للطاقة .
وهنا ، تفجر الموقف إلى أقصاه ..
وانهالت الخطابات والتعليقات على الجريدة ..
وتحول الأمر فجأة إلى قضية كبرى ، حتى أن ثلاثًا من الصحف الكبرى ، فيالولايات المتحدة الأميركية ، أعادت نشر مقالي ( جون ) لتقرأ ( أميركا ) كلها قصة تجربة ( فيلادلفيا ) .
وهنا أصبح السكوت مستحيلاً ..
وعلى الرغم من أن البحرية الأميركية لم تصدر بيانًا رسميًا حول الأمر ، إلاأن أحد قادتها صرح ، في مؤتمر غير رسمي ، أن ما نشر مجرد خزعبلات ، وأنهمن المضحك أن يقال أن إخفاء سفينة حربية كاملة ، يمكن أن يكون حقيقة واقعية .
وبدلاً من أن يهدئ هذا التصريح الموقف ، فإنه أشعله بشدة ..
وبدأ ( جون ) يجري تحرياته على نطاق واسع بتمويل من إحدى الصحف الكبرى في ( واشنطن ) ، كما اضطر للاستعانة بثلاثة من المعاونين ، لفرز كل ما يصله منخطابات ورسائل وبرقيات ، لاختيار ما تلوح منه الجدية من بين سطوره واستبعادمحاولات الشهرة والجدل العقيم .
ولقد تأكد ( جون ) من أن ( فيليب دوران ) كان يعمل في قطاع الأمن ، في مشاة البحرية الأميركية ، في ( فيلادلفيا ) في أكتوبر1943م ، كما حصل على وثائق تثبت عمل ( باتريك ماس ) كخبير في الكهرباء ، وانتدابه من البحرية إلى القيادة في ( واشنطن ) خلال عام1945م ، مما يمنح شهادة الرجلين مصداقية لا بأس بها .
ثم توصل إلى حقيقة أخرى مدهشة .
فما يقرب من66%من أفراد طاقم السفينة الحربية ( de-173 ) تم إيداعهم مصحات نفسية وعصبية ، خلال الفترة من نوفمبر1943م ، وحتى ديسمبر1945م ، وبعضهم ظل هناك حتى منتصف الخمسينات .
وتساءل ( جون كاربنتر ) في مقاله التالي :
- أمن المنطقي أو المعقول ، أن يصاب كل هذا العدد من رجال البحرية ، من سفينة واحدة ، باضطراب عقلي مشترك ، دون سبب واضح ؟!
وجاء السؤال كطعنة في صميم القيادات البحرية الأميركية ، التي واصلت عدمالتعليق رسميًا ، ولكنها اخفت - في الوقت ذاته - كل الأوراق والوثائق ،الخاصة بالسفينة المنكوبة .
وعلى الرغم من توالي الشهادات من كل صوب ، على مكتب ( جون كاربنتر ) ومن أن العشرات من بحارة طاقم ( de-173 ) قد قصوا القصة نفسها ، وأيدوا ما قاله ( فيليب ) و ( باتريك ) ، إلا أنجميعهم كانوا يحملون شهادة طبية رسمية ، تؤكد أنهم ليسوا في حالتهمالطبيعية ، مما جعل شهادتهم بلا سند قانوني مؤكد . وربما كان هذا هو السببالرئيس ، الذي دفع قيادات البحرية إلى إيداعهم هذه المصحات ، خلال فترةالحرب ، وما بعدها ..
وفي رسالة أحد البحارة ، وهو ( مايكل جريج ) ، المسؤول الثاني عن الدفة ، قال الرجل :
- كنا على ظهر السفينة ، نعلم جيدًا أنهم سيقومون بتجربة سلاح ما ، وكانمعظمنا مفعمًا بالحماس ، ثم بدأت تلك المولدات الضخمة في العمل ، وشعرناوكأن رؤوسنا ستنفجر ، وكادت قلوبنا تثب من صدورنا ، مع عنف خفقاتها ،وبعدها أحاط بنا ضباب أخضر كثيف ، وأظلمت الدنيا من حولنا ، وكأننا قدفقدنا أبصارنا ، فاستولى الرعب على معظمنا ، وراح الكل يعدو بلا هدف ، فيكل مكان وكل اتجاه ، وتصورت أننا قد غرقنا في عالم آخر ، أو أن عقولنا قدأصابها الجنون ، مع تلك الهلوسات التي تراءت لنا ، فصديقي ( ميجور ) أقسمأنه يرى زوجته الراحلة ، والضابط ( براد ) راح يضحك في جنون ، والقبطان ( رود ) أخذ يدير الدفة في حركات هستيرية ، وهو يصرخ أنه من الضروري أن نخرجمن بحر الظلمات هذا ، أما أنا ، فلقد التقيت بمخلوقات من عالم آخر ، أو هيوحوش ، أو لعلها مجرد هلوسات مجنونة .. المهم أن ما عانيناه هناك لم يكنعاديًا أبدًا ، بل كان يستدعي أن نصاب بجنون حقيقي .
كان أول خطاب من أحد بحارة السفينة المنكوبة ، وإن كان إثبات هذا أمرًامستحيلاً ، بعد أن أخفت البحرية كل الوثائق الرسمية ، وواصلت إصرارها علىرفض التحدث عن الأمر ، على الرغم من سيل الخطابات ، واهتمام الرأي العام ،ثم وصل إلى ( جون ) فجأة خطاب خطير ..
خطير إلى أقصى حد ..
هذا لأنه كان كافيًا ليقلب الأمور كلها رأسًا على عقب ..
وبعنف ...
 
رد: التجربة الرهيبة ..... بقلم د. نبيل فاروق

الفصل الرابع
استمر صراع ( جون كاربنتر ) طويلاً لإثبات قيام البحرية الأميركية بتلك التجربةالرهيبة ، التي حاولت فيها إخفاء سفينة حربية كاملة ، لولا أن أصيب طاقمهابأضرار فادحة ، حتمت إيقاف التجربة وعدم تكرارها .
وعلى الرغم من سيل الخطابات والرسائل ، ومن شهود العيان ، الذين وصفوا ماحدث على سطح السفينة ، ظل الأمر كله أشبه بلعبة عبثية ، مع غياب الدليلالمادي الحاسم ، على حدوث تلك التجربة ، خاصة وأن كل الشهود كانوا من نزلاءالمصحات النفسية السابقين ، ومن بحارة السفينة أيضًا .
ومع مواصلة البحرية صمتها العنيد ، بدأ الموقف ينحسر ، وراح اهتمام العامة يقل تدريجيًا ، و ..
وفجأة ، وصلت رسالة بالغة الخطورة ..
رسالة تحمل توقيع العالم الفيزيائي المعروف ( ألند ) ..
وفي رسالته ، قال ( ألند ) :
- لن يمكنكم أن تتصوروا عظمة تجربة ( أينشتين ) التي لم يعترف بها أحد .. لقد دفعت يدي حتى المرفق ، داخل حقل الطاقة الفريد هذا ، بمجرد أن بدأ فيالتدفق ، في عكس اتجاه عقارب الساعة ، حول السفينة ( de-173 ) ، ولقد شعرت به يعبر يدي المحدودة داخله .. أما الهواء حول السفينة ،فقد تحول في بطء إلى لون قاتم ، قبل أن يتكون سديم رمادي ضبابي ، أشبهبالسحاب الخفيف ، أظنه الجسيمات الذرية ، أو الهواء المتأين ، حول السفينةالتي راحت تختفي تدريجيًا عن الأعين البشرية .. هذا الحقل يوحي بأن هناككهربية صافية تحيط به بمجرد تدفقه ، ولقد كان من القوة ، بحيث كاد يبتلعجسدي كله ، عندما بلغت كثافته أقصاها ، إذ راح يتحرك بغتة في اتجاه عقاربالساعة ، وأظن أن هذا الانعكاس في الحقل ، هو سبب فشل التجربة .
رسالة كهذه ، من عالم له مكانته مثل ( ألند ) ، كانت تكفي لكسر حاجز صمتالبحرية بعنف ، مما أجبر قيادتها على الإدلاء ببيان رسمي ، قالت فيهباختصار ، أقل ما يوصف به هو أنه مخل ، وغير مشبع :
- لا يوجد في ملفات البحرية كلها ، ما يحمل اسم ( تجربة فيلادلفيا ) .
ولقد فجر هذا البيان المختصر ، موجة من السخط والغضب في كل الأوساط .
بل موجة من السخرية أيضًا ، فقد كتب ( جون ) ، في مقاله التالي ، أنه لميسمع أو يقرأ ، في حياته كلها ، بيانًا أكثر سخافة وسذاجة ، من بيان قيادةالبحرية هذا ، إذ أنه ليس بالضرورة أن تحمل التجربة ، في ملفات البحرية ،اسم ( تجربة فيلادلفيا ) ، الذي أطلقه هو على الأمر ، وأنه من المحتم أنيكون لها كود سري خاص ، مثل ( الرجل الخفي ) ، أو ( الفراغ ) أو أي اسم آخر ..
ثم عاد ينشر شهادة البروفيسير ( ألند ) ، وكأنه يتحدى بها كل قيادات البحرية .
وانتقلت العدوى إلى عشرات الصحفيين الآخرين ، الذين راحوا يتساءلون بدورهمعن صحة التجربة من عدمها ، في الوقت نفسه الذي سعوا فيه للقاء البروفيسير ( ألند ) ، والتأكد من حقيقة ما ذكره في رسالته ..
وقبل حتى أن يعلن ( ألند ) صحة ما ورد في رسالته ، وصلت رسالة أخرى من عالم آخر ، إلى مكتب ( جون كاربنتر ) .
من البروفيسير ( فالنتين ) ، أحد أشهر علماء الطاقة في الولايات المتحدة الأميركية كلها .
وعلى عكس رسالة ( ألند ) ، لم يكن ( فالنتين ) شاهدًا على ما حدث ، وإنماكان ينقل حديثًا ، دار بينه وبين عالم آخر شهير ، وهو الدكتور ( جيسوب ) ..
وفي رسالته ، قال ( فالنتين ) :
- ( جيسوب ) أخبرني أن التجربة قد أجريت ، بواسطة مولدات مغناطيسية ، منالنوع المستخدم في البحرية ، والمعروفة باسم ( معادل المغناطيسية ) ، ولقدأصدرت تلك المولدات ذبذبات عالية للغاية ، ورنينًا مرتفعًا ، أوجد حقلاًمغناطيسيًا هائلاً ، حول السفينة .
كان من الواضح أن ( فالنتين ) على علم بالتجربة في حينها ، وأن ( جيسوب ) أحد المشاركين فيها ، مما أثار مشاعر الكل ، ودفع سيلاً من الصحفيين ورجالالإعلام نحو ( فالنتين ) ، الذي فوجئ بهذا الجيش حوله ، وبآلاف الأسئلةالتي تخترق أذنيه ، وعقله ، وكيانه كله ، فارتبك واضطرب ، وحاول نفي معرفتهبالأمر ، على الرغم من اعترافه بإرسال تلك الرسالة إلى ( جون ) ، وكل ماقاله أمام الصحفيين هو :
- كل ما أعلمه هو أن الأمر يحتاج إلى ثلاثة من حقول الطاقة المختلفة ،لتتناسب مع مستويات الفراغ الثلاثة ، وأن الأمر يرتبط بالرنين المغناطيسيالفائق ، على نحو ما ..
وعلى الرغم مما قاله ( فالنتين ) ، فإن ( جيسوب ) أصرّ على الصمت التام ،ولم ينف أو يؤيد ما قاله زميله ، ورفض تمامًا الإدلاء بأية أحاديث صحفية ،أو حتى إجابة سؤال واحد .
وهكذا فقد ( جون ) دليلاً قويًا ، كان يمكن أن يحسم الأمر تمامًا ..
ولكن حملته نجحت في تفجير القضية ، وفي دفع العقول إلى التفكير في صحة ما حدث .
بل دفعت فريقًا من العلماء أيضًا إلى دراسة احتمالات حدوث تلك التجربة عمليًا .
وجاءت النتائج مدهشة ..
معظم العلماء أكدوا أن الأمر قابل للحدوث ، من الناحية العلمية ، إذا ماأمكن توليد حقل كهرومغناطيسي فائق ، حول جسم ما ، مع الاستعانة بقوةالجاذبية الأرضية ، والرنين البالغ ، ولكن هذا لا يمكن أن يصلح ، منالناحية العلمية ، بالنسبة للبشر والكائنات الحية .
فالهدف من التجربة ، هو كسر الانعكاسات الضوئية ، والوصول بالانكسار إلىالصفر ، بحيث تعبر الأشعة من خلال الجسم مباشرة ، على نحو يجعله غير مرئي .
ولو حدث هذا مع البشر ، فسيعني أن الضوء لن يسقط أو يستقر عند شبكية العين .
وهذا يعني أن يصاب الإنسان بالعمى التام ، فلا يرى من حوله سوى ظلام دامس .
بل كتب أحد العلماء مقالاً ، يؤكد فيه أن النظرية نفسها ، تجعل قصة ( الرجلالخفي ) ، للكاتب الشهير ( هربرت جورج ويلز ) مجرد عبث غير علمي ، باعتبارأن ذلك الرجل سيصبح أعمى ، يحتاج إلى من يمد له يد المساعدة ، خلال فترةاختفائه .
وخلال تلك الفترة ، انتبه ( جون كاربنتر ) إلى حقيقة مدهشة ، لم يحاولاستغلالها قط ، وهو يشن حملته هذه لإثبات حدوث تجربة ( فيلادلفيا ) الرهيبة .
( ألبرت أينشتين ) ..
فشهادة ( فيليب دوران ) في بداية الأحداث ، كانت تشير إلى أن ( أينشتين ) بنفسه كان يشرف على تلك المولدات المغناطيسية ، في ساحة البحرية في ( فيلادلفيا ) ، أثناء إجراء التجربة ، واسم شهير مثله ، كفيل بإثارة الموقفكله ، على نحو مختلف تمامًا .
وهنا ، وحتى لا يتورط ( جون ) فيما يمكن أن يدينه قانونًا ، راح يجري بعض الأبحاث ، حول حياة وعمل ( ألبرت أينشتين ) ..
وكانت النتائج رائعة ..
ففي عام1940 م ، نشر ( أينشتين ) نظرية ( الحقل الموحد ) لأول مرة ، ثم تم تعيينه في البحرية الأميركية ، كعالم له شأنه ، في31مايو1943م ، وحتى30يونيو1944م ، وكأنما كانت البحرية تحتاج إلى وجوده الرسمي ، في هذه الفترة بالتحديد .
والأهم أن ( أينشتين ) قد نقل مكتبه في البحرية إلى ( فيلادلفيا ) ، كما تقول الوثائق الرسمية ، من18سبتمبر1943م ، وحتى30أكتوبر من العام نفسه .
ولكن الأكثر خطورة هو أن ( أينشتين ) قد أعلن ، منذ عامين فحسب ، ردًا علىبعض معارضي نظريته ، أن لديه نتائج تجريبية مقنعة للغاية ، عن العلاقة بينالقوى الكهرومغناطيسية والجاذبية الأرضية ، وإن لم يجد بعد دليلاً رياضيًاعلى هذا ، مما يوحي بأنه قد شاهد تجربة عملية ، تؤكد هذا .
ووفقًا للتواريخ والملابسات ، لابد وأن تكون هذه هي تجربة ( فيلادلفيا ) ..
ومع نشر هذا الأمر ، قامت الدنيا ولم تقعد ، نظرًا لوجود اسم ( أينشتين ) هذه المرة ، مرتبطًا بالتجربة الرهيبة .
واندفع جيش من الصحفيين نحو ( ألبرت أينشتين ) هذه المرة ، وهو يمني نفسهبالحصول على سيل من المعلومات ، من هذا العالم العبقري البسيط ..
ولكن كانت في انتظارهم جميعًا مفاجأة ..
مفاجأة مذهلة ..
ومؤلمة ..
بحق ...

 
رد: التجربة الرهيبة ..... بقلم د. نبيل فاروق

الفصل الخامس
ما ان ظهراسم "ألبرت أينشتين" في مقالات "جون كاربنتر" حول تجربة "فيلادلفيا" ، حتىانتعش الأمر مرة أخرى ، في العقول و القلوب ، واندفع الصحفيون ورجالالإعلام ، يبحثون عن العالم العبقري ، لسؤاله عن دوره في تلك التجربة ،التي حاولت البحرية الأمريكية من خلالها ، إخفاء سفينة حربية كاملة ، بكلمعداتها وكامل طاقمها ، عن الأعين المجردة ، وعن تلك النتائج غير المتوقعة ،التي كادت تصيب الطاقم كله بالجنون .
ولكن " أينشتين " لم يجب على أي سؤال من أسئلتهم ، لأنهم عندما وصلوا إلى منزله ،كان قد غادر الحياة كلها ، ومات في هدوء ، في عام 1955 م .
ومع رحيل " أينشتين " ، في هذا التوقيت الدقيق جدا ، خبا الحماس فجأة ، بشأن تجربة " فيلادلفيا " ، ولم يعد أحد يتابع أخبارها أو حتى المقالات الحماسية ، التييكتبها " جون "
عنها ...
ومع الوقت ،نسى " جون " الأمر نفسه ، وبدأ يستغل شهرته في إلقاء المحاضرات ، وإقامةالندوات ، وسرعان ما تزوج ، وانشغل بعائلته الجديدة عن الأمر كله .
وفي أوائلالستينات ، فوجيء الكل بعالم فيزيائي كبير ، وهو " فرانكلين راينهارت " ،يقول في حديث تلفيزيوني مذاع ، على الهواء مباشرة :
-" أينشتين " كان يعرف جيدا تجربة " فيلادلفيا " وكان يعمل فيها منذ عام 1940 م ، معالبروفيسير " رودلف لارنبرج " ، ولقد طلبا مني معاونتهما في مشروع يتعلقباستخدام الحقول الكهرومغناطيسية القوية ، لإحاطة السفن والمدمرات الحربيةبغلاف واق ، يؤدي إلى انحراف الطوربيدات بعيدا عنها ، ولقد بدأنا العمل فيذلك المشروع بالفعل ، ثم لم نلبث أن طوّرنا الفكرة ، الى إطلاق الحقلالكهرومغناطيسي في الهواء ، بدلا من الماء ، لإخفاء السفن بصريا ، وكل ماكان يقلقنا هو الآثار الجانبية ، التي قد تحدث نتيجة للتجربة ، وكان منضمنها احتمال غليان الماء ، أو تأين الهواء حول السفينة ، أو أي من تلكالأمور ، التي قد تؤدي إالى حالة من عدم الاستقرار ، إلا أن أحدا منا ، حتى " أينشتين " نفسه ، لم يفكر في احتمالات إحلال الكتلة والتداخل بينالأبعاد .
عبارةالبروفيسير " راينهارت " الأخيرة لم تكن مفهومة للعامة ، ولكنها أثارت فيالعقول احتمالا جديدا ، لم يخطر ببال أحد أبدا ، طوال فترة الحديث عـنتجربة " فيلادلفيا " .
ترى هل تسببت التجربة في حدوث فجوة بين الأبعاد المختلفة ، أم أنها قد فتحت بوابة إلى عالم آخر ؟!
احتمالات بدت أشبه بالخيال العلمي ، على الرغم من علميتها المطلقة...
ولقد حاولالصحفيون الاستفسار عما قاله الدكتور " راينهارت " ، ومعرفة ما الذي كانيعنيه بمصطلحي " إحلال الكتلة " ، و " التداخل بين الأبعاد " !
ولكن " راينهارت " أيضا لم يجب أسئلتهم ، لأنه لقي حتفه في حادث سيارة مروع ، تمزقمعه جسده تماما وهنا ، وعلى الرغم من عدم التصريح بهذا ، اتجهت أصابعالاتهام الصامتة إلى السلطات الحكومية ، وإلى القوات البحرية الأمريكيةبالتحديد ، باعتبارها المسؤولة عن مصرع " راينهارت " ، كمحاولة منها لإخراسالألسن ، التي تلوك موضوع تجربة " فيلادلفيا " الرهيبة ، ومحو أية أدلة ،مادية أو بشرية ، خاصة وأن " فيليب دوران " قد اختفى في ظروف غامضة ، بعدخروجه من ذلك المقهى البسيط ، على حدود " نيوجيرسي " ، في حين تم تعيينالبروفيسير " ألــند " في المخابرات المركزية ، بحيث يخضع لقانون السرية ،الذي يحظر عليه الكلام في الأمر ، أو في أية أمور أخرى ، تتعلق بالأمنالقومي .
وأدرك الكل، وعلى رأسهم " جون كاربنتر " نفسه ، أن الأمر يتجاوز حدود قدراتهم ،فلاذوا بالصمت التام ، باعتبار أن حياتهم أغلى من البحث عن حقيقة تجربةفاشلة ، أيا كانت معطياتها .
ومرتالسنوات في هدوء ، وأصدر " تشارلز بيرلتز " كتابا شهيرا عن تجربة " فيلادلفيا " ، في أوائل السبعينات ، بدا وكأنه أخر قول في هذا الأمر ، الذيانخفض الاهتمام به ، وتحوّل إلى أسطورة شبه غامضة ، تماما مثل " مثلثبرمودا " ، و " الأطباق الطائرة " ، و " وحش بحيرة لوخ نيس " وغيرها .
ثم مات الدكتور " جيسوب " عام 1973 م ، آخر من ارتبط اسمه ، من العلماء بتجربة " فيلادلفيا " .
وتنفس قادة البحرية الأمريكية الصعداء ، باعتبار أن هذا يحسم الأمر تماما ، بعد سنوات من الشد والجذب .
ولكن " جيسوب " كان قد ترك وراءه مفاجأة غير سارة لهم .
مفاجأة تتمثل في خطاب بخط يده ، تركه لدى محاميه ، وطلب تسليمه إلى " جون كاربنتر " بعد وفاته . وفي رسالته قال " جيسوب " :
-تجربة " فيلادلفيا " كانت كارثة حقيقية بكل المقاييس ، ولقد توقعت فشلها ، قبل حتىأن تبدأ ، فقد اعتمد فيها " أينشتين " على نظرية " الحقل الموحد " ، التيأعارضها بشدة ، وعلى مزج المجال الكهرومغناطيسي بالجاذبية الأرضية ، معاشعاع نووي محدود ، والواقع أنني قد التقيت ببعض ضباط وعلماء البحرية ، حولهذا الأمر ، وأخبرتهم أنها تجربة مهمة بحق ، ولكنها بالغة الخطورة ،وقاسية جدا على المتورطين فيها ، والذين سيتعرضون الى رنين مغناطيسي هائل ،وهذا يعادل ما يمكن أن نطلق عليه الطمس المؤقت للبعد ، الذي نحيا فيه ... شيء يخرج عن نطاق السيطرة ، ويمكن أن يؤدي الى اختراق بعدنا إلى مستوى آخر ،أو بعد آخر... ولكنهم لم يستمعوا إليّ... ربما لأنني أقل شهرة من " أينشتين " ، الذي يعتبرونه أسطورة في الفيزياء... المهم أن التجربة قدأجريت ، ونجح " أينشتين " في اثبات العلاقة بين أنواع الطاقة وحقول القوىالمختلفة ، وأكّد صحة الجزء الخاص بالاندماج ، في نظريته للحقل الموحد ، إذاختفت السفينة بالفعل ، ولكن الحقل تسبب في ايجاد منطقة مضطربة ، بدلا منالغياب الكامل للألوان ، كما أن وجود أفراد الطاقم المساكين ، داخل حقلعنيف للطاقة ، أصابهم باضطربات عنيفة ، حتى أننا كنّا نسمع صراخهم المذعور ،خلال الدقائق القليلة ، التي اختفت فيها السفينة ، كما لو أن أحدا داخلهايذبحهم كالنعاج .
وفي نهاية خطابه ، كتب " جيسوب " وكأنه يعتذر عن اشتراكه في التجربة الرهيبة :
-وأيا كانتالنتائج ، أو حتى الفوائد المرجوّة من هذه التجربة ، فلم يكن من الجيدأبدا أن أسمح لهم بإجرائها ، أو أشارك فيها... تقبلوا أسفي .
ونشر " جون " رسالة " جيسوب " ثم استقل سيارته ، للعودة إلى منزله .
ولكنه لم يصل إليه أبدا .
لقد اختفى " جون كاربنتر " واختفت معه رسالة " جيسوب " الأصلية إلى الأبد ، دون أنتتوصل التحقيقات الكثيفة ، التي أجرتها الشرطة ، إلى جثته ، أو حطام سيارته، أو أدنى أثر له .
بل دون أي سبب ، سوى أنه قد تجاوز حدوده ، في السعي خلف تجربة " فيلادلفيا " ، والعمل على سبر أغوارها ، وكشف أسرارها .
وباختفاء " جون كاربنتر " ، أسدل الستار على تلك التجربة المذهلة ، ولم يعد هناك منيتحدث عنها. بجدية على الأقل... وعلى الرغم من أن كتاب " تشارلز بيرلتز " قد صدر في ثلاث عشرة طبعة ، حتى لحظة كتابة هذه السطور ، إلا أن الاهتمامبتجربة " فيلادلفيا " قد تناقص عمليا ، حتى اقتصر على قراءتها ، والانبهاربما حققته ، نظريا على الأقل...
ومازال هناك علماء يصرون على أن هذا ممكن...
وآخرون يستنكرون حدوثه بشدة...
ومازالت هناك عشرات الأسئلة المطروحة...
هل حدثت تجربة " فيلادلفيا " بالفعل ؟!
وماذا كانت نتائجها بالضبط ؟!
ولماذا التستر الشديد عليها ؟!
صحيح أنأحدا لا يعرف جواب تلك الأسئلة ، ولا حتى الاسم الحقيقي للتجربة ، في ملفاتالبحرية الأمريكية السرية ، ولكنها تحولت في الأذهان إلى أسطورة غامضة .
أسطورة حدثت في فيلادلفيا .
أسطورة تجربة...
رهيبة...
جدا...

تمت بحمد الله
 
رد: التجربة الرهيبة ..... بقلم د. نبيل فاروق

موضوع جميل جدا لم استطع التووقف عن قراءته تقبل تقييمى

ولكن هل يمكن ان يكون هذا حقيقى اقصد هل التفاصيل المذكورة فى القصة حقيقية
 
رد: التجربة الرهيبة ..... بقلم د. نبيل فاروق

شكراً على مررورك .... لكن الموضوع فعلاً حقيقي ..... وهناك معلومات غير موثقة تفيد بأن بعض السفن الحربية الصينية اختفت بالكامل فى منطقة بحر اليابان ولكن ليس لدي دليل على هذا
 
عودة
أعلى