انت كذا رديت على موضوعك
بالظبط لكن هل انت شايف فاروق الي كان ده كلامه في حب مصر لا ينتمي لها

شاهد على العصر .. وذكرى يوليو ١٩٥٢ ..

يتحدث الدكتور عبدالمنعم جنيد الحارس الخاص للملك فاروق في حوار خاص مع جريدة الوفد و يدلي بشهادته عن شخص الملك فاروق و اللحظات الاخيرة له في مصر إبان ٢٣ يوليو ١٩٥٢ فيقول :
" كان الملك فاروق رجلاً نبيلاً متواضعاً للغاية وللحقيقة والتاريخ كما رأيت وشاهدت كان رجلاً وطنياً جداً أحب مصر وأحب شعبه، كان رجلاً شرقياً متديناً يؤدى الصلاة ولم يتاجر بإيمانه ولا تدينه، لا تصدقوا ما قيل عنه، كان يهتم بالحفلات الدينية ويقيم مقرأة للقرآن الكريم فى شهر رمضان بقصر عابدين، والغريب أنه كان يحب شهر رمضان جداً ويطعم الفقراء، هذا رأيته بنفسى، لم يشرب الخمور ولم يعشق النساء كما قالوا، كانت تسليته الوحيدة أن يذهب إلى نادي السيارات ويلعب الكارت للتسلية فقط " ..

و يسهب الدكتور عبد المنعم جنيد قليلا ليستعيد ذكريات بعيدة تعود لاكثر من ستين عاما فيقول " الملك فاروق كان شجاعاً ولم يكن جباناً أبداً ولم يكن الجيش كله ضده كما يتصور البعض، كانت هناك قطاعات من الجيش معه والسلاح البحرى بقيادة سليمان عزت كان ولاؤه الكامل للملك ولكن الملك رفض أن يتقاتل الجيش المصرى وضحى بعرشه من أجل الحفاظ على دماء المصريين، كما قال وهذه وطنية وتضحية كبيرة منه ..

الذى لا يعرفه أحد وأقوله بضمير مستريح أنه رفض تماماً المساعدة من أى دولة أجنبية ومستشار السفارة الإنجليزية حضر إليه صباح يوم الثورة من أجل المساعدة لكن الملك أبى مجرد فتح هذا الموضوع ورفض تماماً .. هذا الرجل كما رأيت حافظ على مصر وعلى المصريين ..

بعد ذلك يوم 25 يوليو اتجهنا إلى قصر المنتزه حضر الملك فى الساعة التاسعة صباحاً ودخل جناحه الخاص وحضرت الملكة والأميرات فى الساعة الخامسة مساء ويوم 26 صباحاً حضر المستشار سليمان حافظ ومعه وثيقة التنازل وكنت واقفاً متأهباً بالقرب من الملك وهناك خطأ تاريخى قد حدث وأنا الذى شاهدت ..

قيل إن الملك كانت يده ترتعش وهو يوقع على الوثيقة وهذا غير صحيح والحكاية كما شاهدتها أن الطاولة التى كانت عليها وثيقة التنازل أقل من مستواه وهو جالس نظراً لضخامته وبعد أن وقع وأخذها المستشار "سليمان حافظ" طلب الملك أن يعيد التوقيع عليها على طاولة مرتفعة حتى لا يشكك أحد فى توقيعه لأنه ملك شرعى بحكم الدستور والقانون وتنازل عن العرش استجابة لطلب بعض الضباط حفاظاً على سلامة البلاد ووحدة المصريين وبعد ذلك استدعانا علي ماهر باشا ، رئيس وزراء الثورة، وأبلغنا بالتعليمات الجديدة ..

من الآن أصبحنا حرس الملك الجديد أحمد فؤاد الثانى وسنرافقه مع والده فاروق على ظهر المركب المحروسة وحضرت شقيقته الأميرة فوزية والأميرة فايزة لوداعه وجاء الموعد ، نظر الملك إلى ساعته، وقال :
لابد أن أحافظ على كلمتى وعلى الموعد المحدد للمغادرة وانتقلت حقائب الملك التى تحمل الملابس الصيفية والتى جئنا بها من القاهرة وعددها 27 حقيبة إلى اللنش تحمل الملابس الصيفية للأسرة وكانوا قد تركوا ملابسهم الشتوية بالقاهرة وركب الملك فاروق اللانش ومعه الملك الجديد أحمد فؤاد والملكة والأميرات إلى اللنش وفى الموعد المحدد تماماً أصدر أوامره بالإقلاع وكان حريصاً على تنفيذ وعده وكلمته .. حقاً كان ملكاً ..

ثم جاء الرئيس محمد نجيب ، رئيس مجلس قيادة الثورة، وبعض الضباط الأحرار فى لنش ولحقوا بنا وأشرفت على صعودهم إلى المحروسة وودعوا الملك الذى قال لهم : أرجو لكم التوفيق فى مهمتكم الصعبة وأدوا له التحية وهبطوا إلى اللنش وغادرنا الأسكندرية وأطلق قائد البحرية سليمان عزت المدافع تحية للملك، أصبحنا فى عرض البحر لا نعرف أين سنذهب، سألت قائد المحروسة اللواء بحرى جلال علوبة : إلى أين سنذهب قال لى: لا أعرف التعليمات ستصلنا فيما بعد حتى وصلنا إلى مضيق "ملسينا" بين صقلية و إيطاليا وهناك تبينا أننا ذاهبون إلى نابولى وبمجرد دخولنا المياه الإقليمية الإيطالية بدأ الأسطول السادس الأمريكى يحيى المحروسة بتحية الملك ..

وأتذكر أن الأميرة فريال الابنة الكبرى للملك فاروق رحمها الله كانت فتاة صغيرة تتمشى على سطح المحروسة وعندما رأتنى جاءت إلىّ وسلمت علىّ وتحدثت معى وقلت لها مجاملاً : إن شاء الله سموك تكونى بخير وتعود الأمور طيبة وترجعى مصر تاني ..

الأميرة كانت تتميز بالعقل والثقافة والبساطة والتواضع الجم وكان ردها على كلامي :
التاريخ قال هو فيه ملك خرج وتنازل عن العرش ورجع تانى، ثم سألت عن أحوالنا وإن كنا نحتاج إلى أى شىء ..

وقبل وصولنا إلى نابولي ، حيث سنرسوا وبينما كنا جالسين على سطح المركب جاء إلينا الملك فاروق وقال لنا : الحمد لله أننى وجدت حولى مصريين معى وإذا كان فيه حاجة انتوا عايزينها قولوا لى عليها وإن شاء الله تكونوا مبسوطين، كان رابط الجأش بعد ذلك ودعنا وسلم علينا فرداً فرداً وكنا متأثرين بالفعل والملك تأثر لتأثرنا ..

كان مصرياً صميماً خاف على وطنه وعلى دماء أبناء وطنه ثم دخل حجرته وأجهش بالبكاء قبل أن يغادر المحروسة وهى آخر أرض مصرية سيتركها، كان عزيزاً عليه أن يترك مصر وكان الموقف صعباً جداً علينا وعندما وصلنا إلى نابولى طلب الملك ألا تؤخذ أى صورة له وبالفعل غطينا المحروسة تماماً ونزل الملك هو وأسرته فى اللنش فى عرض البحر يملكه صديقه الإيطالى بوسيتى ثم سلم علينا مرة أخرى فرداً فرداً وهو فى حالة سيئة والحقيقة التى يجب أن يعرفها الجميع أنه لم تؤخذ للملك أى صورة قبل أن يغادر قصر رأس التين حتى نزوله من اللنش فى إيطاليا وكل ما يعرض تمثيل سينمائي " ..
Nesma