26 يناير 1952: اليوم الذي احترقت فيه القاهرة واحترق معه المستقبل

إنضم
7 مارس 2022
المشاركات
13,207
التفاعل
19,856 349 12
الدولة
Egypt
بسم الله الرحمن الرحيم


في صباح السادس والعشرين من يناير عام 1952، احترقت القاهرة. لم يكن مجرد حريق في شوارع المدينة، بل زلزالًا حضاريًا اجتاح قلب مصر، لتبدأ البلاد بعدها رحلة انحدار طويلة لم تتوقف حتى يومنا هذا. سُوّيت عشرات المعالم بالأرض: دور السينما، الفنادق الراقية، المتاجر الكبرى، مكتبات كانت منارات للثقافة، ونوادي مثلت روح التعايش والانفتاح… احترق كل شيء، ولم تنجُ إلا الرماد والمرارة.


كانت مصر قبل ذلك اليوم تقف على أعتاب حداثة حقيقية. ملكية دستورية بنظام برلماني، صحافة حرة، طبقة وسطى صاعدة، نخب ثقافية متألقة، واقتصاد منفتح على العالم. رغم الاحتلال البريطاني والفساد السياسي الذي أصاب النظام في سنواته الأخيرة، إلا أن ملامح المدنية كانت واضحة، والطبقات المتعلمة والطموحة تترقب إصلاحًا تدريجيًا من داخل الدولة لا من خارجها.


لكن النار لم تلتهم الجدران وحدها، بل التهمت معها الحلم. لم تمضِ أشهر حتى سقطت الملكية، لا لتُستبدل بجمهورية العدل والحرية، بل بنظام عسكري مركزي أحكم قبضته على كل شيء: السياسة، الاقتصاد، الثقافة، والعقل الجمعي. جمهورية بدأت بشعارات كبرى، وانتهت إلى دولاب مغلق من القمع والفشل والجمود.


لقد احترقت القاهرة في ساعات، لكن ما تلا الحريق كان احتراقًا بطيئًا للدولة والمجتمع والهوية. كان ذلك اليوم، بلا مبالغة، لحظة فُتحت فيها أبواب المجهول، واختنق فيها المستقبل بدخان لم يتبدد حتى اليوم.




1752406698357.png

الأوضاع في مصر قبل الحريق: ملامح مجتمع كان يمكن أن ينجو

قبل أن تشتعل النيران في قلب القاهرة، كانت مصر الملكية تقف عند مفترق طرق حساس. كان الاحتلال البريطاني لا يزال حاضرًا بثقله، والملك فاروق محاطًا باتهامات بالتدخل والفساد، لكن خلف هذا المشهد المضطرب، كانت دولة في طور التكوين، تمتلك مؤسسات دستورية، ونخبة ثقافية، واقتصادًا قوميًّا بدأ يشق طريقه بثقة. الملكية المصرية لم تكن مجرد واجهة لحكم فردي كما يصورها خطاب ما بعد يوليو، بل كانت تجربة دستورية نادرة في العالم العربي، أُقرت منذ عام 1923 بدستور حديث يحدد سلطات الملك، ويؤسس لفكرة البرلمان المنتخب، ويرسخ الصحافة الحرة والسلطة القضائية المستقلة. وفي ذلك المناخ، كانت الصحف تعارض وتحاسب، وتُغلق أحيانًا وتعود أقوى، وكان من الطبيعي أن يتواجه رئيس الوزراء والملك في صراع سياسي دستوري داخل الإطار المدني، لا خلف ظهر المؤسسات بالبندقية, ورغم أن الملك فاروق اتُّهم كثيرًا بالتدخل في السياسة، إلا أن الحياة النيابية لم تكن شكلية، بل كانت ساحة حقيقية للصراع الوطني, حزب الوفد، مثلًا، كان حزبًا شعبيًا ضخمًا يضم العمال والفلاحين والطلبة، وكان بمقدوره إسقاط الحكومات في الشارع. وخصومه، مثل السعديين والأحرار الدستوريين، كانوا من النخبة الإصلاحية التي تتنافس على برامج حقيقية.


1752407716072.png

الملك فؤاد يفتتح البرلمان بحضور سعد باشا زغلول واحمد زيوار باشا سنه 1925​


القاهرة في تلك الحقبة لم تكن مدينة عربية فحسب، بل مركزًا عالميًا نابضًا بالثقافة والتنوع والانفتاح. حيث وسط المدينة كان يعج بالحياة الفكرية،فكانت القاهرة تُناظر باريس في سحرها الأوروبي الشرقي. شارع فؤاد الأول (طلعت حرب حاليًا) كان يضجّ بمقاهي النخبة والمثقفين، من مقهى "جروبي" إلى "زهرة البستان". على الأرصفة، يجلس توفيق الحكيم يتأمل ويكتب، وتمر بجواره عربات أنيقة لسيدات من الطبقة الوسطى المتعلمة، يدرن أندية خيرية ومدارس أهلية.من مقاهي المثقفين في شارع فؤاد الأول، إلى دور السينما والمكتبات التي تعرض آخر نتاج الفكر الفرنسي والبريطاني، مرورًا بندوات الجامعات التي كان يحضرها طه حسين والعقاد وسلامة موسى. كانت الحياة الثقافية نشطة إلى درجة أن القارئ المصري العادي في حي شبرا أو مصر الجديدة كان يقرأ كل أسبوع مقالات مترجمة عن نيتشه وسارتر، في مجلات تُطبع في وسط البلد وتصل إلى الصعيد. في تلك الفترة كتب طه حسين عبارته الخالدة: "إن التعليم كالماء والهواء"، وكان يناضل من موقعه كوزير للمعارف من أجل مجانية التعليم، وهي فكرة رآها آنذاك كثير من نخب القصر خيالية، لكنها تحققت داخل الإطار الملكي، لا بعده.


أما على المستوى الاقتصادي، فقد بدأت مصر تحرر نفسها من التبعية الخالصة للزراعة عبر مشروع قومي وطني تبنّاه طلعت حرب، حين أسس بنك مصر عام 1920. لم يكن البنك مجرد مؤسسة مالية، بل مشروعًا حضاريًا لبناء اقتصاد مصري مستقل، أنشأ أكثر من خمس وعشرين شركة في الصناعة والنقل والطيران والتأمين. في المحلة الكبرى وحدها، وقفت مصانع الغزل والنسيج كقلعة وطنية توظف الآلاف من أبناء الطبقة العاملة، برواتب حقيقية، وتغطية صحية، ونقابات حرة. كان هناك حلم واضح ببناء اقتصاد وطني منتج، لا ريعي ولا عسكري، وإنما ينهض على التصنيع والمنافسة والأسواق,وكان الاقتصاد المصري حينها يُعد من بين الأكثر تنوعًا في المنطقة، بل إن الجنيه المصري كان يعادل الجنيه الإسترليني في القيمة.


1752408083255.png

الملك فؤاد يجلس في السرادق المقام بشركة غزل ونسيج القطن بالمحلة الكبرى حيث كان يستمع إلى خطبة طلعت حرب


حتى أزمة الإقطاع التي يُبالغ البعض في تصويرها، كانت تُعالَج من داخل الدولة. ففي أواخر الأربعينيات، بدأت حكومة النحاس باشا – بدعم من الوفد – إعداد مشروع قانون لتحديد الملكية الزراعية بحد أقصى 200 فدان، وهو الحد ذاته الذي أُقر لاحقًا بعد الثورة. لكن الفرق أن مشروع الوفد كان يتم عبر البرلمان والتوافق والمشاورات، لا بالمرسوم والفرض القسري. وقد قال مصطفى النحاس في إحدى جلسات مجلس النواب: "نريد عدالة اجتماعية تُرضي الفلاح، دون أن نخنق الأرض المنتجة". كانت النية واضحة: إصلاح متدرج، لا هدم متهور.


الطبقة الوسطى، ابنة هذا الزمن، كانت في قمة حضورها. الشاب الذي تخرّج من السعيدية أو الخديوية، دخل كلية الحقوق أو الطب أو دار العلوم، ووجد نفسه موظفًا محترمًا في الحكومة أو في شركة مصر للطيران، يقرأ في المساء نجيب محفوظ ويستمع إلى أسمهان. لم يكن ابن التاجر الصغير أو الفلاح مكسور الحلم، بل كانت أمامه سلالم حقيقية للصعود، تؤمن بها الدولة وتدعمها الصحافة. وفي كل حي، كانت هناك جمعية ثقافية أو نادٍ أدبي، وكانت الجامعات تستقبل بعثات إلى فرنسا وبريطانيا، يعود أصحابها ليعملوا في الوزارات والجامعات، لا ليُقصوا ويُهمّشوا كما حدث لاحقًا مع العقول المستقلة,فخرجت لنا أجيالًا صعدت إلى قلب الحياة السياسية والثقافية. وكان التعليم العام مجانيًا، ذا مستوى مرتفع، حتى أن شهادة التوجيهية المصرية كانت تُعادل البكالوريا الفرنسية.



1752408878492.png

احد فصول محو الاميه للفتيات


حتى في الصحافة، كانت الكلمة تملك سلاحها. مجلة روز اليوسف، التي أسستها سيدة مسيحية مهاجرة من لبنان، تحولت إلى أكثر الصحف السياسية تأثيرًا، وكانت تنشر مقالات تنتقد الملك والاحتلال، وتناقش قضايا العدالة الاجتماعية، وترسم كاريكاتيرًا يُزلزل الحكومة. كانت الكلمة تُقاوِم، وكانت الحرية تُمارَس، وكانت السلطة تُنتقَد من داخل النظام، لا خارجه. وقد كتب توفيق الحكيم في مذكراته عن تلك المرحلة قائلًا: "كانت مصر تتحدث، وكان للحوار طعم، وللمعارضة معنى".


الحياة السياسية كانت نابضة، حتى وإن شوهها الاحتلال أو أفسدها القصر أحيانًا. حزب الوفد لم يكن نخبة بيروقراطية، بل حركة شعبية حقيقية لها جذورها في الشارع. وكانت الانتخابات تُجرى، وإن شابها التزوير أحيانًا، لكنها كانت قائمة، وكان النائب يُحاسب من دائرته. وفي لحظة نادرة في تاريخ المنطقة، كان الشعب المصري يعرف من يمثله، ويعرف إلى من يكتب الخطاب، ومن يقف له تحت قبة البرلمان.

وربما يلخص السياسي مكرم عبيد باشا روح تلك المرحلة حين قال في مجلس النواب ذات مرة:

"إننا لا نطلب أكثر من أن نُحكم من داخل مصر، لا من الخارج، وأن نُحاسب حكومتنا بألسنتنا لا بالسلاح".

كانت هناك مشكلات دون شك: فساد في بعض النخب، تباين طبقي، تردد الملك في بعض المواقف. لكن السياق العام كان يوحي بأن مصر تتغير — ببطء، نعم — لكنها تتغير بثقة. لم تكن بحاجة لزلزال، بل لإصلاح تدريجي, لكن ما لم يتوقعه أحد هو أن الزلزال سيأتي في صورة لهب، وأنه سيحرق ليس فقط مباني وسط البلد، بل كل هذا التراكم المدني والمؤسساتي الذي بناه المصريون عبر عقود.

مصر كانت تُبنى، صحيح أنها لم تكتمل، وصحيح أن الفساد تسرّب للنظام في أواخره، لكن الأهم أن هناك كان مسارًا مدنيًا إصلاحيًا واضحًا، طريقًا لم يستكمل، لا لأنه فشل، بل لأن النار أجهزت عليه. فحين احترقت القاهرة، لم تحترق مباني وسط البلد فقط، بل احترق مسار بأكمله: مسار برلماني، ثقافي، اقتصادي، مدني، كان يمكن له أن يُنتج تجربة مصرية حرة ذات طابع خاص. لقد احترقت مدينة، لكن على رمادها أُعلنت بداية النهاية.


 
الإسماعيلية... الشرارة التي سبقت اللهب

لم يشتعل حريق القاهرة في فراغ، بل جاء في خضم لحظة فارقة كانت فيها مصر تقف فوق فوهة بركان سياسي واجتماعي، تغلي تحته التناقضات وتتصاعد فيه التوترات من كل جانب. ففي الشهور الأخيرة من عام 1951، كانت العلاقة بين القصر والحكومة المنتخبة تشهد توترًا متصاعدًا، زاد من تعقيد المشهد الوطني العام. الملك فاروق، وقد مضى على جلوسه على العرش أكثر من عقد، كان يواجه تحديات متشابكة: احتلال أجنبي لا يريد الرحيل، طبقة سياسية تطالب بإصلاحات عميقة، وشارع يزداد غليانًا مع كل يوم.


وفي هذا السياق المضطرب، اتخذ مصطفى النحاس باشا، رئيس حكومة الوفد وأحد أبرز زعماء الحركة الوطنية، خطوة حاسمة في 8 أكتوبر 1951، حين أعلن إلغاء معاهدة 1936 من طرف واحد، وهي المعاهدة التي كانت تنظّم الوجود البريطاني العسكري في مصر، لا سيما في منطقة قناة السويس. قرار الإلغاء لم يكن مجرد خطوة سياسية، بل كان بمثابة إعلان رمزي لاستعادة الكرامة الوطنية، وإشارة واضحة إلى أن الصبر الشعبي قد نفد.


1752409955573.png


بهذا الإعلان، بات الوجود البريطاني في مصر غير شرعي قانونيًا، وتصاعدت على إثره دعوات المقاومة المسلحة في مدن القناة، وخصوصًا الإسماعيلية وبورسعيد والسويس. هناك، توحّدت جهود شباب الفدائيين، وطلاب الجامعات، وأفراد من الشرطة، في تشكيل نواة مقاومة حقيقية بدأت تنفذ عمليات نوعية ضد المعسكرات البريطانية، وتقطع خطوط الإمداد، وتستهدف عربات التموين والجنود في مواقعهم. ولم يكن السلاح بعيدًا؛ إذ كانت تُنقل الأسلحة من القاهرة إلى الفدائيين علنًا في بعض الأحيان، وسط حالة من الدعم الشعبي العارم والتواطؤ الصامت من مؤسسات الدولة التي كانت عاجزة عن المواجهة العلنية لكنها مفعمة بروح الوطنية الصامتة.

و في صباح يوم الجمعة، الخامس والعشرين من يناير عام 1952، كان قسم شرطة الإسماعيلية يقف صامدًا وسط مدينة محتلة عسكريًا. نحو 80 ضابطًا وجنديًا مصريًا من قوات الشرطة بقيادة الضابط البطل "يوسف عفيفي" رفضوا أوامر الاحتلال البريطاني بإخلاء القسم وتسليم سلاحهم. البريطانيون، الذين ضاقوا ذرعًا بتصاعد عمليات المقاومة الشعبية في منطقة القناة، قرروا توجيه ضربة قاسية لترهيب الشرطة وردع أي دعم للمقاومين.


في التاسعة صباحًا بدأت الدبابات تحاصر المبنى، وتلتها المدرعات، ثم انهمر وابل من القذائف البريطانية على قسم صغير لا تتجاوز مساحته مئات الأمتار، صُمم ليؤوي عددًا من الجنود لا ليقاوم جيشًا مدججًا. استمر القصف لساعات، لم يتوقف إلا بعد أن تهدمت جدران المبنى وسالت دماء العشرات من رجال الشرطة على البلاط. استشهد أكثر من خمسين رجلًا في يومٍ واحد، لا لشيء سوى لأنهم قرروا ألا يخلعوا شرفهم مع بزّاتهم.


1752409798169.png


ما إن انتشرت أخبار المذبحة حتى دوّت أصداؤها في أنحاء البلاد. كانت الجمعة يوم عطلة، والناس في منازلهم، والجرائد التي خرجت بأعداد مسائية حملت عناوين سوداء صارخة: "بريطانيا تذبح جنود مصر في الإسماعيلية"، "الشرطة ترفض الاستسلام… وتموت واقفة". كان المشهد في نظر المصري العادي مأساويًا ومهينًا: ضباط مصريون يُذبحون، بينما القاهرة صامتة، والحكومة مشلولة، والقصر غارق في حساباته الدقيقة.


لكنّ الحقيقة أن الموقف لم يكن سهلًا لأي طرف. لم تكن حكومة النحاس تملك وسائل عسكرية توازي القوات البريطانية في القناة، ولم يكن بإمكان القصر أن يعلن الحرب على بريطانيا وهو محاط من كل جانب بقيود المعاهدة القديمة، ومناورات الأحزاب، ومراقبة عالمية لما يجري في مصر التي كانت قد أصبحت محورًا إقليميًا في الصراع بين الشرق والغرب في بدايات الحرب الباردة. الملك فاروق، رغم ما يُقال، لم يُصدر أوامر بالقمع أو بالتخاذل، بل كانت الدولة كلها في لحظة ارتباك، تقف بين الغضب الشعبي العارم وبين الواقع الاستعماري الضاغط.


الناس، في تلك الساعات، لم يروا التفاصيل، بل رأوا الدم. ورأوا أن الاحتلال لا يزال يملي الشروط، وأن الحكومة لا تملك ردًا، وأن الفخر الوطني دُفن تحت أنقاض قسم شرطة صغير. في شوارع القاهرة، بدأت الاحتجاجات تتسع في نفس اليوم، طلبة الجامعة خرجوا في مسيرات ضخمة، والأحياء الشعبية مثل السيدة زينب، باب الشعرية، والجمالية، كانت تغلي كبركان. اللافتات ارتفعت تهتف: "القصاص"، "ارفعوا السلاح"، "الموت للاحتلال". وعلى الجدران، بدأت تظهر الكتابات بخط اليد: "لن نُذل بعد اليوم"، "ثأر الإسماعيلية آتٍ".


1752410130423.png


المشهد الشعبي كان واضحًا، الغضب لا يُحتوى، والشارع لا يعود إلى البيت. كان الغليان أكبر من أن يُدار بالحكمة التقليدية. ووسط ذلك، كانت تيارات كثيرة — بعضها وطني، وبعضها مندس، وبعضها تابع لأجهزة أجنبية — تستغل اللحظة. جهاز الأمن لم يكن مستعدًا، والبلاد بلا حكومة فاعلة — فحكومة الوفد كانت في نهاية أيامها، والخلاف بين النحاس والملك بلغ ذروته. وهكذا، صارت كل العناصر مهيأة للانفجار: غضب شعبي، دماء بريئة، فراغ سياسي، وتراكم طويل من التوتر الاجتماعي.


منظر قسم الشرطة المحطم في الإسماعيلية لم يكن مجرد صورة مؤلمة على صفحات الجرائد، بل كان رمزًا لانكسار الكرامة الوطنية. وقد كتب الصحفي الكبير إحسان عبد القدوس في تلك الأيام يقول:



"لقد أعاد البريطانيون إلينا الاحتلال بالمدافع… ولكنهم أعادوه إلى نفوس امتلأت بالرفض لا بالانكسار".

هكذا كانت اللحظة. لا دولة مستعدة للمواجهة، ولا احتلال راغب في التفاهم، ولا شعب قادر على الصبر أكثر. وفي تلك اللحظة المشحونة، لم يكن أحد يعرف أن النار ستنتقل من الإسماعيلية إلى وسط القاهرة في أقل من 24 ساعة… لتشتعل المدينة، ويحترق معها كل شيء.


1752410070121.png
 

26 يناير 1952: يوم الحريق – حين احترقت القاهرة في ساعات​


في صباح يوم السبت، السادس والعشرين من يناير، كانت القاهرة تختنق بشيء غير مرئي. الوجوه متوترة، والمزاج الشعبي يغلي منذ مجزرة الإسماعيلية. الأخبار تنتشر بسرعة: "جنازات الشهداء"، "طلبة الجامعة يتوعدون بالرد"، "قائمة بالمتعاونين مع الإنجليز". وفي هذا المناخ، خرجت مظاهرة طلابية كبيرة من جامعة فؤاد الأول، سرعان ما انضمت إليها مجموعات من العمال والحرفيين. وسرعان ما تحولت الشعارات الغاضبة إلى هتافات أشد: "الانتقام"، "القصاص"، "يسقط الاحتلال"، "يسقط الاستعمار ورموزه".


ثم كانت لحظة الانفجار.


عند تقاطع شارع فؤاد مع شارع عدلي، انطلقت أول شرارة. هوجم مبنى "كبريت" — واحد من كبرى المتاجر المملوكة لرأسمال أجنبي — وتحطمت واجهته الزجاجية. دقائق فقط، واشتعلت النيران. وفيما كانت الشرطة تحاول احتواء الحشود، سُمع صوت انفجار ثانٍ، ثم ثالث، ثم رابع. النيران بدأت تزحف جنوبًا: سينما ريفولي، فندق شبرد، جروبي، محلات بنزايون، بون مارشيه، هارودز المصري، عمارات ضخمة أُضرمت فيها النار بشكل منظم ومتعمد.


1752410506445.png

1752410521990.png

في أقل من ساعتين، كانت القاهرة تغلي بالنيران والدخان. 700 منشأة احترقت بالكامل أو تضررت بشدة. عشرات من الفنادق، دور السينما، المطاعم، البنوك، المحال التجارية، كلها التهمتها النيران. ورغم عنف ما يحدث، فإن العجيب في الأمر أن السلب والنهب كان محدودًا، وكأن الهدف لم يكن الفوضى العشوائية، بل التدمير المحدد والدقيق لمواقع بعينها، خصوصًا تلك التي كانت ترمز للطبقة العليا، للاحتلال، أو للرأسمال الأجنبي.


الجيش لم يتحرك. قوات الأمن كانت مشلولة تمامًا. قيل إن بعض الضباط الكبار لم يُصدّقوا ما يحدث إلا بعد مرور نصف النهار. وقيل إن وحدات من الحرس الملكي وُضعت على أهبة الاستعداد لكنها لم تتدخل. وكان الملك فاروق في قصر عابدين يتابع الموقف من خلف ستائر ثقيلة، يحاول أن يفهم إن كان هذا الانفجار موجّهًا ضده، أم ضد حكومة النحاس، أم ضد الاحتلال وحده، أم أنه أمر أبعد من الجميع.


أما مصطفى النحاس، فكان في حالة صدمة. لم يكن أحد في حكومته يتوقع أن تسير الأحداث بهذا الشكل المنفلت. وفي مساء ذلك اليوم، اجتمع الملك بالنحاس، وبعد حوار قصير حسمه الملك بكلمات مقتضبة:
"يا باشا، لقد فشلت في الحفاظ على النظام، وأطلب منك الاستقالة."
وهكذا انتهت حكومة الوفد، وسقطت آخر حكومة مدنية حقيقية قبل أن تتعاقب حكومات انتقالية وصولًا إلى انقلاب يوليو.


لكن من أشعل النيران حقًا؟ هنا تبدأ الحكاية الغامضة. التحقيقات الرسمية لم تصل إلى نتيجة قاطعة، وروايات الشهود تضاربت، وتكهنات كثيرة طُرحت: هل كان الحريق مخططًا من جهات داخلية؟ هل هناك أصابع أجنبية أرادت ضرب الاستقرار؟ هل تسللت خلايا مسلحة إلى المظاهرات لتحويل الغضب الشعبي إلى كارثة مادية؟ أم أن الانفجار كان نتيجة تلقائية لمزيج من الغضب والسخط والفوضى المنظمة؟


الكاتب الصحفي محمد التابعي كتب بعد أيام في "آخر ساعة":



"لقد احترقت القاهرة في ست ساعات، لكن ما احترق فعلًا هو تاريخ طبقة، ومسار دولة، وصيغة مجتمع. وما بدأ كغضب شعبي انتهى كفصل أول في قصة سقوط لا نعرف نهايته بعد."

وفي المساء، حين خمدت النيران، كانت القاهرة ليست هي القاهرة. رماد في كل مكان. صمت ثقيل يغطي الشوارع. ومصري ينظر إلى المباني المحترقة وكأن قلبه قد احترق معها. لم يكن يعلم أن ما رآه لم يكن النهاية، بل البداية.

1752410435899.png

من أشعل النار؟ خيوط الحريق بين الغضب الشعبي والفاعل الخفي​


رغم فداحة ما جرى في يوم 26 يناير، فإن النيران كانت أسرع من أن تفسّر. مئات المنشآت احترقت، بعضها في آنٍ واحد، في مناطق متفرقة من وسط القاهرة، وبأسلوب يكاد يكون احترافيًا. وحين بدأت الدولة تُجمع رماد الدمار، طُرحت الأسئلة الصعبة: من يملك القدرة على إشعال مدينة كاملة في ساعات؟ هل كانت مظاهرات الطلبة والعمال كافية لفعل كل هذا؟ أم أن هناك من استغل لحظة الانفعال الشعبي لينفّذ ما كان مخططًا من قبل؟


في اليوم التالي، أعلنت الحكومة فتح تحقيق رسمي، لكن التحقيق بقي بلا نتائج حاسمة. لم تُقدّم أسماء، ولم تُحدّد جهة، بل فُتح الملف وأُغلق بعد أشهر، وكأن الدولة — بكل مؤسساتها — قررت أن تنسى لا أن تعرف. وحتى اليوم، بقيت الجريمة بلا متهم، ما فتح الباب لعشرات الروايات المتناقضة.


1752411090082.png

الرواية الأولى تقول إن الحريق كان نتيجة ثورة شعبية تلقائية، انفجر فيها الغضب المكبوت تجاه الاحتلال، والاحتكار، واللاعدالة. أصوات هذه الرواية ترى أن من خرجوا إلى الشوارع كانوا آلافًا، وأنهم انتقلوا من الهتاف إلى التكسير، ومن الغضب إلى الإشعال، في لحظة هستيريا جماعية، بدأت صغيرة وانفلتت كاللهب. ويستدل أنصار هذا الرأي بأن المشاعر في اليوم السابق كانت ملتهبة، وأن جنازات شهداء الإسماعيلية كانت كفيلة وحدها بإشعال المدينة، دون حاجة إلى مؤامرة.


لكن هذه الرواية، رغم شيوعها، تصطدم بالوقائع. فالشهادات التي جُمعت من الضباط والموظفين ورجال الإطفاء والصحفيين تتحدث عن عمليات بدت "منظمة". سيارات بلا لوحات، رجال لا يشاركون في الهتاف بل يلقون زجاجات المولوتوف، هجمات متزامنة على مبانٍ متفرقة، بل إن بعض الحرائق اندلعت في طوابق محددة دون غيرها، وكأن الفاعل كان يعرف تمامًا أين يضرب ومتى ينسحب.


1752410943962.png


الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أشار في كتاباته إلى أن الحريق حمل سمات "فعل سياسي مخابراتي"، وقال إن هناك عناصر غريبة تسللت بين الحشود، وإن قوات الأمن بدت كأنها تلقت أوامر بعدم التدخل، أو فوجئت بحجم ما يجري. أما الصحفي مصطفى أمين فقد كتب لاحقًا:


"لم يكن ذلك غضبًا… كان تنفيذًا. الذي أشعل القاهرة لم يكن جائعًا، بل كان مدرّبًا."

الرواية الثانية إذًا تُرجّح أن الحريق كان من تدبير جهة داخلية أو خارجية أرادت توجيه ضربة مزدوجة: إسقاط حكومة الوفد التي ألغت المعاهدة وتحدّت الاحتلال، وتخويف القصر والطبقة الحاكمة من الثورة القادمة. بعض الأصوات المحسوبة على الوفد اتهمت القصر بالتقصير — إن لم يكن التورط — وأشارت إلى أن غياب الجيش لم يكن صدفة، وأن استغلال الحريق لإقالة حكومة النحاس يدفع للتساؤل.


بينما هناك من رأى أن أصابع إنجليزية أو أجنبية حرّكت بعض "الطوابير الخامسة"، لتحقيق هدف استراتيجي: إغراق مصر في الفوضى حتى تفقد الحكومة شرعيتها، ويتم استبدالها بحكومة أكثر مرونة في التفاوض مع الاحتلال. تلك الفرضية تتقاطع مع مذكرات دبلوماسيين بريطانيين، اعترفوا لاحقًا بأن لندن كانت مستاءة من تصعيد حكومة النحاس، وكانت تبحث عن "بديل قابل للتفاهم".


وهناك من ذهب أبعد من ذلك، قائلًا إن جهات "مصريّة وطنية" — مثل بعض خلايا الضباط الأحرار — ربما غضّت الطرف أو حتى سهّلت بعض التحركات، لخلق صدمة تسرّع الانهيار السياسي. هذه الفرضية تظل مثيرة، لكنها غير مدعومة بأدلة قاطعة، ويشكك فيها كثيرون من داخل تنظيم الضباط أنفسهم، ويؤكدون أن تحركهم لم يبدأ فعليًا إلا بعد شهور من الحريق.


المفارقة الكبرى أن كل هذه الروايات لم تُحسم، وبقي الحريق معلقًا في الذاكرة الوطنية بلا جاني. لقد احترقت القاهرة، وسقطت حكومة الوفد، ولم تُقدّم أي جهة للمحاكمة، وكأن المطلوب كان ألا يُعرف الفاعل، أو أن معرفة الفاعل أخطر من الجريمة نفسها.


1752411116809.png


ولذلك، حين كتب الصحفي محمد التابعي في "آخر ساعة" بعد أيام من الحريق، قال عبارته الشهيرة:


"الحريق لم يكن نهاية شيء، بل كان بداية كل شيء… وما ظننّاه مؤامرة ضد الاحتلال، كان ربما مؤامرة ضد مصر."


اليوم التالي: السقوط السياسي... من استقالة الوفد إلى انهيار النظام القديم​


حين بزغ صباح 27 يناير، كانت شوارع وسط القاهرة لا تزال تفوح برائحة الرماد، والدخان يعلو من أطلال فنادق ومبانٍ كانت بالأمس قلب الحياة النابض. الناس يمشون في صمت مذهول، يحدقون في الخراب كأنهم لا يصدقون أن كل هذا حدث في ساعات. لكن تحت هذا السكون الرمادي، كانت أركان الدولة نفسها تتصدّع.


الملك فاروق لم يتردد طويلًا. ففي مساء يوم الحريق، استدعى مصطفى النحاس باشا، وكان اللقاء صامتًا، مختنقًا. الملك، وهو يرى أمامه بلدًا يحترق وشرطة عاجزة، لم يجد في نفسه رغبة في استمرار حكومة لم تمنع الكارثة، ولم تحسم فوضى القناة. فبهدوء حاسم، قال للنحاس: "لقد فشلت في حماية النظام، أرجو أن تتقدّم باستقالتك."
وفعل النحاس، فغادر الوفد الحكم، وغابت آخر حكومة جاءت بصندوق الانتخاب.


لكن تلك الاستقالة لم تكن مجرد نهاية لحكومة، بل كانت نقطة اللاعودة في مسيرة السياسة المصرية. فقد عُيّن خلفًا له علي ماهر باشا، رجل القصر الهادئ المتحفظ، المعروف بولائه للملك أكثر من ولائه لأي تيار شعبي. ومن اللحظة الأولى، بدا أن المهمة لم تكن التهدئة أو الإصلاح، بل احتواء الغضب، وإعادة ترتيب المشهد بما يناسب القصر لا الوطن.


وفي الشارع، كانت الناس تراقب في صمت. لم تكن الثقة في القصر كافية، ولم يكن الغضب قد خمد. لقد خرج الوفد، الحزب الشعبي الأوسع تمثيلًا، وخرجت معه آخر بقايا السياسة كما عرفها الناس منذ ثورة 1919. سقط البرلمان، وسقطت شرعية الاختيار، وسقط الأمل في أي انتقال سلمي من الاحتلال إلى الاستقلال، ومن الفوضى إلى النظام.


لم يكن الملك وحده المسؤول، ولا كان الوفد بلا خطايا، لكن النتيجة كانت واحدة: انهيار النظام القديم، لا بالقوة، بل بالاحتراق الداخلي. ذلك النظام الذي عاش على شرعية الملكية الدستورية، والبرلمان المنتخب، وحياة حزبية تعاني لكنها قائمة، سقط في اللحظة التي غاب فيها التوازن بين السلطة والمعارضة، بين القصر والشارع، بين الضبط والانفجار.


في ذلك اليوم، كتب الشاعر إبراهيم ناجي في دفتره:


"رأيت قاهرة بلا قلب، ومصر بلا رأس، وحلمًا قديمًا يتبخر بين الركام."

بدأت سلسلة من التعيينات والقرارات المرتبكة، تبعها استقطاب في الجيش، ومناورات في القصر، وقلق في الشارع. بدا وكأن كل شيء أصبح ممكنًا… وكل شيء أصبح مهددًا. فالبلاد بلا برلمان، والشعب بلا ممثلين، والنظام بلا غطاء شعبي. وما حدث بعد ذلك، في شهور قليلة، كان نتيجة مباشرة لهذا الفراغ الرهيب: انقلاب يوليو.


ولذلك، فإن 26 يناير لم يكن يومًا واحدًا، بل لحظة مفصلية. فالحريق لم يأكل الخشب فقط، بل أكل الشرعية السياسية، ودفن الطبقة الحاكمة، وترك خلفه شعبًا مذهولًا وجيشًا يراقب… وقصرًا يحاول استعادة السيطرة لكنه فقد كل شيء دون أن يدري.
 

من الملكية إلى الجمهورية: الطريق إلى يوليو بدأ من بين الرماد​


حين خمدت نيران القاهرة، لم تكن المدينة وحدها قد تغيّرت. كان هناك شيء أعمق قد انكسر في روح الدولة. النظام السياسي الذي استند لعقود إلى شرعية برلمانية، وتوازن هشّ بين الملكية والدستور، والنخبة والشارع، وجد نفسه فجأة عاريًا أمام عاصفة فقدت كل يقين. سقط الوفد، وسقطت معه فكرة التداول المدني للسلطة، وبدأت خريطة مصر ترسم من جديد، لا بالحبر، بل برماد.


في الشهور الستة التالية، لم تكن مصر تُحكم فعليًا، بل كانت تُدار. حكومات تأتي وتذهب، قرارات شكلية، وجهاز دولة مُنهك، وملك لم يعد يملك زمام اللحظة. الشارع من جهته لم يعد يثق في الأحزاب، ولا في الوزراء، ولا في القصر، بعد أن رأى العاصمة تحترق دون أن يتحرك أحد لإنقاذها. وهنا، في هذا الفراغ السياسي المهول، كانت العين تتجه نحو المؤسسة الوحيدة التي بدت صامدة ومنضبطة… الجيش.


داخل أسوار الكلية الحربية، وفي اجتماعات سرّية في شقق متفرقة من القاهرة والجيزة، كان "الضباط الأحرار" يرقبون المشهد عن كثب. لم يشعلوا الحريق، لكنهم فهموا رسالته. رأوا أن النظام فقد غطاءه، وأن الشارع بلا قيادة، وأن لحظة التغيير لم تعد حلمًا بعيدًا بل ضرورة حتمية. لم تكن الحركة آنذاك تملك خطة لبناء دولة، بل كانت تملك يقينًا واحدًا: أن ما كان لم يعد يصلح، وأن من حكموا قد أفلسوا.


1752411696529.png

وفي فجر 23 يوليو 1952، وبعد ستة أشهر فقط من حريق القاهرة، خرج الجيش من ثكناته ليسيطر على الإذاعة، ويعلن إنهاء "العهد البائد". لم يكن في البيان الأول ذكر للجمهورية، ولا للثورة، ولا حتى للملكية. كانت لغة ناعمة، مترددة، تطلب الإصلاح لا الاجتثاث. لكن الحقيقة أن كل شيء كان قد حُسم منذ يناير: سقطت السياسة، فنهض العسكر.


وهكذا، ولدت الجمهورية من رحم الرماد.


لكنها لم تكن الجمهورية التي حلم بها من نادوا بالحرية والاستقلال منذ ثورة 1919، ولا تلك التي طالب بها طه حسين والعقاد وسلامة موسى في مقالاتهم عن الأمة الحديثة. كانت جمهورية وُلدت في الخوف، وشُيّدت على أنقاض ثقة شعبية مهدورة، وأُعلنت باسم الشعب دون أن يُستفتى الشعب.


ومع الأيام، بدأ الحلم يتحوّل إلى قبضة. أُلغيت الأحزاب، ثم صودرت الصحافة، ثم جُرّدت الجامعات من استقلالها، ثم صُبغ كل شيء بلون واحد: صوت الزعيم، صورة الزعيم، فكر الزعيم. وبينما كانت الجمهورية تعد بالحرية والعدالة، كانت تبني دولةً لم يعد فيها مكان للاختلاف، ولا مساحة للمعارضة، ولا صوت إلا للبيان.


1752411785749.png

وهكذا — كما كتب يوسف إدريس لاحقًا —


"أردنا أن نُخرج الإنجليز، فأخرجنا معهم البرلمان. أردنا أن نهدم الإقطاع، فهُدمت معه الحرية. وحين استيقظنا، كانت مصر لم تعد تشبه نفسها."

من الملكية التي وُصفت بالضعف، إلى الجمهورية التي قيل إنها الخلاص، مشى المصريون على طريق من الأمل، لكنه كان محفوفًا بالجدران العالية. لم يكن 23 يوليو لحظة فاصلة فحسب، بل كان — في الحقيقة — سطرًا كُتب بالحبر الذي سال من يوم 26 يناير. فالحريق لم يُسقط النظام فقط، بل مهّد لما بعده، دون أن يدري أحد أن القادم قد لا يكون خلاصًا… بل صورة أخرى من اللهيب.


من الملكية إلى الجمهورية: المقارنة التي لا تريد الدولة أن تُقال​


قبل يوليو 1952، كانت مصر — رغم الاحتلال البريطاني — دولة تعرف السياسة، وتملك حياة دستورية عمرها عقود. كانت هناك أحزاب حقيقية، وجرائد مستقلة، وبرلمان منتخب، وصحفيون يناقشون الملك نفسه في العلن. لم تكن الحياة مثالية، لكن كان هناك هامش من الحرية، ومؤسسات تدير الدولة، ودستور يُحتكم إليه، ومعارضة تتكلم، وشعب يُنتخب من يمثله.


كان في مصر مجتمع حيّ:
طبقة وسطى صاعدة، ريف يتعلم، مدن تتوسع، وطبقة من الباشاوات والنخب كانت — رغم تحفظ البعض عليها — تؤمن بدور الدولة الحديثة، فأنشأت الجامعات، والمكتبات، والجمعيات الخيرية، والمستشفيات. وكان الاقتصاد المصري، في تلك السنوات، يُعد من الأكثر تنوعًا في المنطقة. الزراعة المصرية كانت تصدّر القطن والقمح والسكر، والصناعة تنمو في قطاعات النسيج والغذاء والحديد، والبورصة المصرية كانت ثالث أقوى بورصة في العالم بعد لندن ونيويورك.


وفي القاهرة، كانت الحياة الثقافية في أوجها: الأوبرا، المسارح، صحف كـ"المصري"، "البلاغ"، "الرسالة"، "الأهرام" — التي كانت آنذاك مستقلة فعلاً — تُنشر بها مقالات العقاد وطه حسين والزيات. وكانت المجلات تترجم الأدب العالمي، وتنشر الفكر، وتنتقد الحكومة دون خوف.


بل إن مصر كانت موصولة بالعالم. طلبتها يسافرون لباريس ولندن للدراسة، والبعثات العلمية تُرسل إلى الخارج، والأجانب يقيمون فيها ويتعلمون العربية، والكتب تصل بلا رقابة، والجامعات تُدار بالكفاءة لا بالولاء.


ثم جاءت الجمهورية.


جمهورية بدأت من بيان للضباط، وانتهت بتأميم السياسة، وسحق المعارضة، وإلغاء الأحزاب، ومصادرة الصحافة، وحبس كل صوت مستقل. تحوّلت الدولة إلى آلة بيروقراطية عسكرية، يحكمها رجل واحد، ويصفق له الجميع، وتُبنى حوله الأساطير، بينما تنهار مؤسسات الدولة الحقيقية.
الجمهورية بدأت بوعود العدالة الاجتماعية، لكنها صنعت نظامًا لا يعرف إلا "التوزيع السياسي للفقر"، و"الاشتراكية العسكرية" التي انتزعت الأراضي من الإقطاعيين، ثم منحتها لموظفي الدولة أو لمشاريع فاشلة لم تُدِرها الكفاءة بل الولاء.


في عهد الجمهورية، تحوّل التعليم من أداة لصناعة النخبة إلى وسيلة للتجهيل الجماعي. صارت المدارس مكتظة بلا فكر، والجامعات مصانع شهادات بلا علم. وأصبح الإعلام منبرًا للبروباغندا، لا للرأي.
أما الاقتصاد، فشهد تأميمًا عشوائيًا أفقده الحيوية، ثم انفتاحًا فوضويًا جعله مرتعًا للفساد، ثم خصخصة لصوصية جرّدت الدولة من أصولها، وجعلت الاقتصاد رهينة عند حفنة من المنتفعين.


وفي الثقافة؟ خبا صوت طه حسين، ومات العقاد محاصرًا، وسُجن نجيب سرور، وهُدد نجيب محفوظ، وهرب المبدعون خارج الحدود. تحولت مصر من منارة للمنطقة إلى دولة خائفة من كتاب، من قصيدة، من لافتة.


النتيجة أننا انتقلنا من دولة كانت تصنع طه حسين وسلامة موسى ونجيب محفوظ، وتنتج أفلامًا مثل "الزوجة الثانية" و"القاهرة 30"، إلى دولة تُنتج برامج رقص، ومسلسلات أمنية، وتمنع كتابًا عن التاريخ لأنه "يشوّه صورة الحاكم".


أما اليوم، فنحن في دولة لا هي ملكية دستورية راقية، ولا هي جمهورية عادلة. دولة تُدار بالتوجيهات، وتخاف من الأسئلة، وتعتبر كل من يرفع رأسه مشروع خائن.

1752412395505.png


كتب جلال أمين ذات مرة:


"لقد كسبنا الجمهورية… وخسرنا المجتمع."
ولعله كان محقًا.
 
التعديل الأخير:

حين أُطفئت النيران… لكن بدأت النار الحقيقية​


حين أُطفئت نيران القاهرة في مساء 26 يناير 1952، لم يكن أحد يدري أن تلك كانت بداية الحريق الحقيقي، لا نهايته. فالذي احترق في ذلك اليوم لم يكن فقط وسط العاصمة، ولا فقط فنادقها ومحالها ومقاهيها… بل احترقت فكرة مصر الحديثة، وتبخّر معها أمل الإصلاح التدريجي، والانتقال السلمي من الاستعمار إلى الاستقلال، ومن المجتمع الطبقي إلى الدولة العادلة.


من بين الرماد، خرج نظام جديد، لا يعترف بالسياسة إلا بوصفها خطرًا، ولا يرى في الحرية إلا تهديدًا، ولا يُؤمن إلا بالصوت الواحد، والزعيم الواحد، والقرار الواحد.
نظام ارتدى ثوب الجمهورية، لكنه لم يؤمن يومًا بالديمقراطية، وبنى جيشًا قويًا لكنه قهر شعبه، ورفع شعار العدالة الاجتماعية ثم غرق في المحسوبية والاحتكار والتوريث المقنّع.


لقد فتح الحريق بابًا لم يُغلق حتى اليوم.


باب دولة تمنع الكلام، وتصادر الذاكرة، وتُعيد كتابة التاريخ بالحبر الذي لا يجفّ أبدًا على جدران المخابرات.
باب تحوّلت فيه المؤسسات إلى صور، والانتخابات إلى عروض مسرحية، والتعليم إلى تمثيلية كبرى، والثقافة إلى خطر يجب احتواؤه…
بابًا خرجت منه مصر القديمة — التي كانت تعرف من هي، وإن اختلفت حول الطريق — ودخلنا في مصر جديدة… ضائعة، خائفة، تُدار لا تُحكم، وتعيش يومها بيومها.


نعم، كانت الملكية مليئة بالأخطاء، وكانت السياسة مثقلة بالتنازلات، لكن كانت هناك حياة.
أما بعد الحريق، فما بقي لنا إلا دولة بلا صوت، وشعب بلا ذاكرة، وماضٍ لا نعرفه إلا مما تسمح به المقررات أو تمنعه نشرات الأخبار.


الأسوأ أننا لم نتعلّم.
ففي كل مرة تشتعل النار، نسكت.
وفي كل مرة يُمنع الكلام، نصفّق.
وفي كل مرة يُحرق شيءٌ من الوطن، نكتفي بإغلاق النافذة… كي لا يدخل الدخان.


لكن رائحة الحريق الأول… ما زالت في الهواء.


 
عندما أقرا في هذا التاريخ والتحول من الملكية الى الجمهورية دائما اتأمل الاية "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"

مصر الملكية لم تكن لأهلها، كانت محكومة من الغرب عن طريق نظام طبقي مشابه للأنظمة الغربية القديمة. الطبقة الكادحة لأهل البلد، والطبقة الأعلى لخليط ولاؤها للخارج. تجد ذلك في الصور في الشوارع والمحلات، يكاد لا تجد كتابة عربية جلها فرنسية. حتى في التطور العسكري مثل مشروع الطائرة القاهرة ومحركها الممتاز كان صناعة بأيدي علماء اسبان وعندما انتهت الملكية رجعوا الى موطنهم وذهبت تقنياتهم معهم. مثل هذا كثير.
انهارت الملكية لكن نسال الله ان يكون ذلك خيرا لها على ما في الواقع من مشقة وقساوة فذلك في نظري افضل من بلد يبدوا لي انه كان مختطف
 
عندما أقرا في هذا التاريخ والتحول من الملكية الى الجمهورية دائما اتأمل الاية "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"

مصر الملكية لم تكن لأهلها، كانت محكومة من الغرب عن طريق نظام طبقي مشابه للأنظمة الغربية القديمة. الطبقة الكادحة لأهل البلد، والطبقة الأعلى لخليط ولاؤها للخارج. تجد ذلك في الصور في الشوارع والمحلات، يكاد لا تجد كتابة عربية جلها فرنسية. حتى في التطور العسكري مثل مشروع الطائرة القاهرة ومحركها الممتاز كان صناعة بأيدي علماء اسبان وعندما انتهت الملكية رجعوا الى موطنهم وذهبت تقنياتهم معهم. مثل هذا كثير.
انهارت الملكية لكن نسال الله ان يكون ذلك خيرا لها على ما في الواقع من مشقة وقساوة فذلك في نظري افضل من بلد يبدوا لي انه كان مختطف
لا حضرتك الطائره كان اسمها حلوان 300 و كانت ايام عبدالناصر و كانت بمساعده مهندسين المان و هم ذات نفسهم كانوا شغالي في اسبانيا قبل مصر عموما كنت اتكلمت عن مشروع الطائره دي قبل كده هنا 4 - مصر (Helwan HA-300) " في منتصف الستينيات" :-

بالنسبه انه ليه مصر تعتبر في الملكيه افضل من الجمهوريه فالفيديو ده افضل رد

 
وهناك من ذهب أبعد من ذلك، قائلًا إن جهات "مصريّة وطنية" — مثل بعض خلايا الضباط الأحرار — ربما غضّت الطرف أو حتى سهّلت بعض التحركات، لخلق صدمة تسرّع الانهيار السياسي
 
عندما أقرا في هذا التاريخ والتحول من الملكية الى الجمهورية دائما اتأمل الاية "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"

مصر الملكية لم تكن لأهلها، كانت محكومة من الغرب عن طريق نظام طبقي مشابه للأنظمة الغربية القديمة. الطبقة الكادحة لأهل البلد، والطبقة الأعلى لخليط ولاؤها للخارج. تجد ذلك في الصور في الشوارع والمحلات، يكاد لا تجد كتابة عربية جلها فرنسية. حتى في التطور العسكري مثل مشروع الطائرة القاهرة ومحركها الممتاز كان صناعة بأيدي علماء اسبان وعندما انتهت الملكية رجعوا الى موطنهم وذهبت تقنياتهم معهم. مثل هذا كثير.
انهارت الملكية لكن نسال الله ان يكون ذلك خيرا لها على ما في الواقع من مشقة وقساوة فذلك في نظري افضل من بلد يبدوا لي انه كان مختطف
مع احترامى ليك بس انتا قرأتك للتاريخ والواقع المصرى مليان بالسطحيه والقشور
صحيح الأجانب فى عهد الملكية كان ليهم امتياز بس هما كمان أثروا على مصر تأثير حضارى فى الصحه والتعليم والثقافة والفن والعماره والبناء وحتى الإدارة
النظام الملكى كان شبه دستورى وفي أكثر من 18 حزب بيتداولو على الحكم وكثير من الأحزاب كانت ضد القصر
كانت حريه الصحافه والاعلام والتعبير عن الرأي أكثر حرية وبدون قيود

و كان فى توازن بين الإدارة والانفتاح على الغرب مش ذى ال سلطوية المطلقه كما فى العهد الجمهورى اللى طرد الأجانب ورجال الأعمال وأخذ أموالهم واستبدلهم بإقطاعيين جدد من العساكر و الدراويش تحت مسمى الوطنيين الجدد
 
مع احترامى ليك بس انتا قرأتك للتاريخ والواقع المصرى مليان بالسطحيه والقشور
صحيح الأجانب فى عهد الملكية كان ليهم امتياز بس هما كمان أثروا على مصر تأثير حضارى فى الصحه والتعليم والثقافة والفن والعماره والبناء وحتى الإدارة
النظام الملكى كان شبه دستورى وفي أكثر من 18 حزب بيتداولو على الحكم وكثير من الأحزاب كانت ضد القصر
كانت حريه الصحافه والاعلام والتعبير عن الرأي أكثر حرية وبدون قيود

و كان فى توازن بين الإدارة والانفتاح على الغرب مش ذى ال سلطوية المطلقه كما فى العهد الجمهورى اللى طرد الأجانب ورجال الأعمال وأخذ أموالهم واستبدلهم بإقطاعيين جدد من العساكر و الدراويش تحت مسمى الوطنيين الجدد
وما رأيك في انبطاح الملكية تحت الاحتلال البريطاني؟ وما عاناه الشعب من انعدام للرعابة الصحية وغيره

نعم الواقع مرير ، لكن من قامو بالثورة وأيدوها لم يكن يعلمو الغيب ولو محمد نجيب استمر وسلم السلطة للمدنيين اعتقد كنا هنكون افضل من الملكيين بمراحل
 
وما رأيك في انبطاح الملكية تحت الاحتلال البريطاني؟ وما عاناه الشعب من انعدام للرعابة الصحية وغيره

نعم الواقع مرير ، لكن من قامو بالثورة وأيدوها لم يكن يعلمو الغيب ولو محمد نجيب استمر وسلم السلطة للمدنيين اعتقد كنا هنكون افضل من الملكيين بمراحل
مصر كانت تخضع لسلطة انجلترا خصوصاً مع الحرب العالمية الثانية ودخول الألمان لمصر فالانجليز احكموا سيطرتهم على المعابر الحدودية فى ذلك الزمن إنجلترا كانت محتله نص العالم لكن الاحتلال انتهى فعلياً لمصر عام 1922 عدا قناه السويس ومعايير الحدود وبعض القواعد العسكرية لزوم تأمين السفن والامداد

الرعاية الصحية والتعليم مكنش موجود فى كل القرى كان فى أغلب المراكز والمدن والقرى الكبيره وكان مستواه ممتاز وجزء أيضا من ثقافه الريف التداوى بالاعشاب والعطاريين والكتاتيب
 
وما رأيك في انبطاح الملكية تحت الاحتلال البريطاني؟ وما عاناه الشعب من انعدام للرعابة الصحية وغيره

نعم الواقع مرير ، لكن من قامو بالثورة وأيدوها لم يكن يعلمو الغيب ولو محمد نجيب استمر وسلم السلطة للمدنيين اعتقد كنا هنكون افضل من الملكيين بمراحل

الظرف الدولي الحربي مختلف في ذاك الوقت لو استمرت الملكية لكان افضل الان لنا من العسكر الطامع و حزب الاخوان الجائع
 
إن شاء الله سيكون هناك مستقبل عظيم. بعض العقود السيئة لا يمكن أن تحدد مستقبل بلد يمتلك تاريخًا يمتد لآلاف السنين.
 
لا حضرتك الطائره كان اسمها حلوان 300 و كانت ايام عبدالناصر و كانت بمساعده مهندسين المان و هم ذات نفسهم كانوا شغالي في اسبانيا قبل مصر عموما كنت اتكلمت عن مشروع الطائره دي قبل كده هنا 4 - مصر (Helwan HA-300) " في منتصف الستينيات" :-

بالنسبه انه ليه مصر تعتبر في الملكيه افضل من الجمهوريه فالفيديو ده افضل رد



مصر وقتها كانت مكتفئة طاقة بشرية ومساحة كبيرة زراعية متنوعة من الخضار و الفواكة و و مواشي ومنتوجات المواشي من لحوم و البان واجبان
والفائض يكون سلة غذائية للعالم بس ناس 52 قلبوا الدنيا فوق تحت
 
مع احترامى ليك بس انتا قرأتك للتاريخ والواقع المصرى مليان بالسطحيه والقشور
صحيح الأجانب فى عهد الملكية كان ليهم امتياز بس هما كمان أثروا على مصر تأثير حضارى فى الصحه والتعليم والثقافة والفن والعماره والبناء وحتى الإدارة
النظام الملكى كان شبه دستورى وفي أكثر من 18 حزب بيتداولو على الحكم وكثير من الأحزاب كانت ضد القصر
كانت حريه الصحافه والاعلام والتعبير عن الرأي أكثر حرية وبدون قيود

و كان فى توازن بين الإدارة والانفتاح على الغرب مش ذى ال سلطوية المطلقه كما فى العهد الجمهورى اللى طرد الأجانب ورجال الأعمال وأخذ أموالهم واستبدلهم بإقطاعيين جدد من العساكر و الدراويش تحت مسمى الوطنيين الجدد
شالوا ملك و جابوا مكانه مئه ملك و حاليا بقوا الف ملك بينهبوا و يسرقوا و يورثوا فسادهم لاجيال
 
وما رأيك في انبطاح الملكية تحت الاحتلال البريطاني؟ وما عاناه الشعب من انعدام للرعابة الصحية وغيره

نعم الواقع مرير ، لكن من قامو بالثورة وأيدوها لم يكن يعلمو الغيب ولو محمد نجيب استمر وسلم السلطة للمدنيين اعتقد كنا هنكون افضل من الملكيين بمراحل
قريه جمبي كان فيها اكبر مستشفي في الدقهليه كانت اتعملت ايام الملك كان فيها جناين و حمام سباحه و خدمات و مبيت و كل شئ و ده من مئه سنه البهوات لما مسكوا خربت و حاليا المستشفي خارج الخدمه و مزبله

كمان القري فيها كتاب و البعض كان فيها ابتدائي لكن الثانوي و الاعدادي كان في المراكز و المدن

الوضع مكنش فل مئه في المئه بس افضل من حاليا بكتير
 
مصر كانت تخضع لسلطة انجلترا خصوصاً مع الحرب العالمية الثانية ودخول الألمان لمصر فالانجليز احكموا سيطرتهم على المعابر الحدودية فى ذلك الزمن إنجلترا كانت محتله نص العالم لكن الاحتلال انتهى فعلياً لمصر عام 1922 عدا قناه السويس ومعايير الحدود وبعض القواعد العسكرية لزوم تأمين السفن والامداد

الرعاية الصحية والتعليم مكنش موجود فى كل القرى كان فى أغلب المراكز والمدن والقرى الكبيره وكان مستواه ممتاز وجزء أيضا من ثقافه الريف التداوى بالاعشاب والعطاريين والكتاتيب
القري كان فيها سلبيات كتير نابعه عن عادات وتقاليد عقيمه كان بيتم العمل علي حلها عن طريق محو الاميه و حملات التثقيف و نشر الوعي و اصلا حالاحوال المعيشيه و الاجتماعيه

لكن عبدالنصار وقف ده كله و خدرهم بحاجات وهميه فائدتها اقل من ضررها بكتير
 
عودة
أعلى