في رواية "فرانكشتاين" الشهيرة لماري شيلي، يسعى الدكتور فرانكشتاين إلى صنع كائن حي من أجزاء بشرية ميتة، بدافع من الطموح العلمي والرغبة في تجاوز حدود الطبيعة. ينجح في خلق "الوحش"، لكنه سرعان ما يفقد السيطرة عليه، ليصبح الكائن انعكاسًا مشوهًا لطموحه، يتجول في الأرض بلا روح حقيقية، يرفضه الجميع، ويثير الرعب أينما حلّ، لأنه ببساطة لم يولد من حياة، بل جُمع من موت.
القومية العربية، كما ظهرت في القرن العشرين، كانت مشروعًا لجمع الشعوب العربية تحت هوية واحدة، مستمدة من اللغة والتاريخ والثقافة. لكنها، تمامًا مثل "فرانكشتاين"، لم تُبْنَ على جسد حي نابض من إرادة الشعوب وتنوّعها وتفاعلها الطبيعي، بل على أشلاء إمبراطوريات سابقة، وخطابات شعاراتية، وأنظمة قمعية خدرت المجتمعات بدلًا من إحيائها.كُتبت دساتير، رُفعت أعلام، نُظمت أناشيد، لكن الروح لم تُبث في الجسد. ظلّ الكائن يتحرك، يتكلم، يصدر تهديدات، ويطالب بالمجد، لكنه لم يكن حيًا بحق. كان مزيجًا من الأحلام المتناقضة، تُحرّكه أحيانًا عواطف الجماهير، وأحيانًا مطامع الحكام، دون مشروع حقيقي يعترف بالواقع ويطوّره.
اليوم، عندما نتكلم عن القومية العربية، يمكننا أن نتجادل إن كانت قد ماتت، لكنها بالتأكيد لم تكن يومًا حيّة.
القومية العربية، كما ظهرت في القرن العشرين، كانت مشروعًا لجمع الشعوب العربية تحت هوية واحدة، مستمدة من اللغة والتاريخ والثقافة. لكنها، تمامًا مثل "فرانكشتاين"، لم تُبْنَ على جسد حي نابض من إرادة الشعوب وتنوّعها وتفاعلها الطبيعي، بل على أشلاء إمبراطوريات سابقة، وخطابات شعاراتية، وأنظمة قمعية خدرت المجتمعات بدلًا من إحيائها.كُتبت دساتير، رُفعت أعلام، نُظمت أناشيد، لكن الروح لم تُبث في الجسد. ظلّ الكائن يتحرك، يتكلم، يصدر تهديدات، ويطالب بالمجد، لكنه لم يكن حيًا بحق. كان مزيجًا من الأحلام المتناقضة، تُحرّكه أحيانًا عواطف الجماهير، وأحيانًا مطامع الحكام، دون مشروع حقيقي يعترف بالواقع ويطوّره.
اليوم، عندما نتكلم عن القومية العربية، يمكننا أن نتجادل إن كانت قد ماتت، لكنها بالتأكيد لم تكن يومًا حيّة.