الأرشيف الوطني الفلسطيني - فلسطين في الذاكرة

شقيقان استشهدا في نفس المكان

الشقيقان محمود ومحمد لطفي مساد - من قرية برقين (جنين)، استشهدا برصاص الاحتلال في نفس المكان، شارع جنين- الناصرة، حيث استشهد محمود في ٤ أكتوبر ٢٠٠٠ وبعده بأسابيع وتحديدا في ٢١ نوفمبر استشهد شقيقه محمد..

FE5swJsX0Acj7IB
 

الحُولة: بحرة الغوارنة وبـَرّ الغُـرّ والبابـير

1280px-BUFFALOS_SOAKING_IN_A_MUD_HOLE_IN_THE_HULA_VALLEY._%D7%AA%D7%90%D7%95_%D7%9E%D7%A9%D7%AA%D7%9B%D7%A9%D7%9B%D7%99%D7%9D_%D7%91%D7%91%D7%99%D7%A6%D7%AA_%D7%94%D7%97%D7%95%D7%9C%D7%94.D828-050.jpg
جواميس حول بحيرة الحولة، ويظهر في الصورة مزارعون في مواسم الحصاد، عام 1946

جَفّت الحُولةُ من أهلها قبل أن يُجفَّفَ ماؤها. غير أنَّ تجفيف البحرة بعد النكبة قد ولّد فينا جفوةً عن ذاكرة الحولة وأهلها، غابتِها وسهلِها، وبحرتها التي ظلّتْ قصةَ حال المكان والسُّكان حولها قصيّةً من ذاكرتنا كفلسطينيّين إلى يومنا. وللحولة، حكايةٌ مبلولةٌ بماء بَحْرَتِها، قبل أن يمتصَّها الجفافُ والجفاءُ معاً.


في الجليل من شمال فلسطين، وإلى الناحية الشماليّة – الشرقيّة من مدينة صفد، تقعُ ديار الحـولة التي كان يُطلق عليها بحسب شيخ الربوة اسم "بلاد الخيط".1 والخيط هو نهرُ الشّريعة (الأردن)، وذلك لاستدامة واستقامة مجراه، فقيل عنه الخيط، الذي خَطّ خيطه بين بحرتي الحُولة وطبرية أسماءَ بعضِ قُراه، مثل: "مُغر الخيط" و "منصورة الخيط"، وحتى سهل الحولة عُرِف بـ"سهل الخيط".

يحدُّ الحُولةَ من شمالها قضاءُ مرج عيون، وجبلُ الشّيخ وبانياس السورييْن. أمّا إلى الغرب، فجبالُ عامل اللبنانيّة، وهضبة الجولان منها شرقاً، لتقع الحُولة على خطِّ الغور الأعلى، فسُميّ ساكنوها عبر التاريخ بـ"الغوارنة". والحُولة مِنها البحرة، ومِنها السهل، ومِنها بِرَكُ الغاب (المستنقعات).

البحرة، فيما أُطلق عليها

تداولت على الحـُولة الأجيالُ، وقد جايلت بحرتُها الدّول، فتعدَّدتْ أسماؤها. في وثائق رأس شمرا المُكتشفة عن زمن الكنعانيّين، ورد ذِكرُ بحـرة الحُولة باسم بحيرة "سمخو".2 وذكرها المسعودي ببحيرة "كفر لا"3، نسبةً إلى كفر لا، القرية التي ذكرها المهلبي في رحلته زمن الفاطمييّن، قبل أن تندرس في الفترة العثمانيّة.4

وذكر العثمانيّ، صاحب مؤلف تاريخ صفد، بحيرة الحولة، باسم بحيرة "قُدُس"، لقربها من موقع مما منحها قداسةً تاريخيّة، وظلّت قرية قُدُس من البحرة غرباً وادعةً حتّى عام النكبة.5 في رحلة ابن الجيعان، ورَدَ ذكرُ الحولة باسم بحيرة "الملّيحة"، وفيها الملّاحة، القرية البِكر على الحافة الشماليّة للبحرة.6

كما أُطلق عليها، بحيرة "بانياس"، نسبة لمدينة بانياس السوريّة، ومن أسمائِها أيضاً بُحيرة "الخيط" لمجاورتها بلاد الخيط الواقعة بين الحولة وطبرية. كذلك أُطلِق عليها اسم بحيرة "سمكون" لكثرة وتنوّع أسماكها.7

الذاكرة النهريّة

قال المقدسي واصفاً بلاد الحـولة إنّها "معدن الأقطان والأزهار، وهي أغوار وأنهار".8 فمن إحدى مغاور بلدة بانياس السوريّة، كان يَنبعُ البانياسي (الحرمون)، نهرٌ حَملَ اسم منشأه بانياس، ليدلف منها عبر وادي العسل جنوباً. وإلى الغرب من بانياس، كان "اللدان" الذي عَرَفهُ الغوارنة بنهر "تل القاضي" يهدرُ ماؤه من أعالي تلال الشمال نزولاً نحو الحـولة. أما الحاصباني، والذي سمّاه أهلُ بلاد الخيط نهر "سِنّـير" فمنبعهُ من حاصبيا – لبنان، يفور ماؤه من لبنان جنوباً إلى شمال فلسطين.

أنهارٌ ثلاثة أبت لها وحشيّتُها أن تتصالحَ مع بعضها إلا عند سهلِ الحُـولَة، وتحديداً في موقع بِركة "تل الشيخ يوسف"، فقيل عنها "مَربط الماء"، لالتقاء الثلاثة أنهر فيها، مشكّلةً معاً نهر الشّريعة (الأردن) الذي كان ينحـر سهلَ الحـولة نحـو بحرتها.

لم يكن ماءُ النهر يصبُّ في بحرة الحـولة، بقدر ما أنّه كان يمرُّ منها، فالنهر يظلُّ تدفقه جارياً حتى داخل البحرة، "ميّ بتسبح بالميّ" على حدِّ تعبير الغوارنة.

%D7%99%D7%A1%D7%95%D7%93_%D7%94%D7%9E%D7%A2%D7%9C%D7%94_-_%D7%9E%D7%A9%D7%A4%D7%97%D7%AA_%D7%91%D7%93%D7%95%D7%90%D7%99%D7%9D_%D7%A2%D7%9C_%D7%97%D7%95%D7%A3_%D7%94%D7%90%D7%92%D7%9D_%D7%9E%D7%99_%D7%9E%D7%A8%D7%95%D7%9D-JNF024135.jpeg


بيوت القصب عام 1920، الحولة

الغـوارنة

يعني الغور: "الأرض الغائرة بين جبلين" بتعريف صاحب الأعلاق9، وتغور الحولة في كتف الجليل، فأُطلق على أهليها اسم "الغوارنة". تشكّلت هويةُ الغوارنة واكتسبت ملامحها منذ مراحل مبكرة في التاريخ، فقد أشار الراهب دانيال في رحلته زمن الصليبيّين إلى سُكّان الحـولة باسم الغوارنة.10 غير أنّ هذه الهوية المُتشكِّلة من تشكيلها الجغرافيّ، أُكسِبَتْ عبر التاريخ مسوحاً اجتماعيّة – ثقافيّة مايزت غوارنة الحـولة رغم اختلاف أصولهم ومنابتهم.

فأهل الملّاحة، القرية الأعرق على الحافة الشماليّة من البحرة، كانوا غوارنة من أصل تركمانيّ.11 كانت الملّاحة قبل أن يجري اقتلاعها في عشرينيات القرن الماضي، تُعتبر بمثابة الطبل الكبير الذي تعودت قرى بحرة الحـولة الرقصَ حوله، فهي الوحيدة التي احتضنت مدرسةً يُشدُّ وثاقُ الصّبيان فيها من أرجُلِهم كي يتعلّموا. كما أنّها القرية الوحيدة التي حَوت جامعاً يؤمه الغوارنة للصلاة فيه في رمضان والأعياد.

أما "جاحولا" المُشتقُّ اسمها من الحـولة نفسها، فقد كان أبناؤها فلاحين. وكان أهلُ قرية "زبيّد" من البدو المُتفلّحين، ومنهم من جاء من أهل الملّاحة بعد ترحيلهم منها. فيما كان كلٌّ من أهالي "تليل والحسيّنيّة" جنوبيّ البحرة مغاربةَ الأصل، وإذا ما اندحنا جنوباً بعد البحرة مع خيّط النهر، كان أهلُ قريتي "كراد الغنّامة وكراد البقّارة" غوارنة من أصولٍ كرديّة، توطّنوا الحـولة من زمن صلاح الدين.12 ومن الحدّ الجنوبيّ – الشرقيّ للبحرة، تقعُ قريةُ الصيّادة المنسوبة لوليّها الشيخ علي الصيّاد، ظلَّ مقامهُ فيها باقياً إلى ما بعد النكبة، وكانت الصيّادة تحف شاطئ البحرة، وأهلُها غوارنة من السمّاكين.

قرى غوّرية، ولَّدَت أسماءَها من قاموس بيئة البَحْرة وتكوينها، وبيوتٌ مِنها مَا كان من الخِيام والشَعر، ومنها ما صار إلى الطّين والحجر، ومنها ما ظلّ على دين الغور وبحرته، عرائش مزنّرةٌ بالقصب ومسقوفةٌ بعيدان الحلّفا والبابير. من كان ينظرُ للغوارنة، يعرفُ كيف نحتَ الغورُ ملامحَه على وجوههم، وكيف تركَ توقيعَه تجاعيدَ فيها، وعلى جباههم المُشقّقةِ التي ظلت تلمع كالمسكِ عرقاً، وسواعدهم السّمراء التي لَفَحَتْها حتى لوّحَتها شمسُ البحرة وسهلها، إلى أن يبِسَت جلودُهم فوق عظامهم.

آه يا سمك بني

لم يُغنّى للسمك يوماً مثلّما غنّى أهلُ الشّام له، وللبـَنيّ منه تحديداً، فهو سمك بحرة الحولة الأشهر فيها، والبَـني بفتح الباء وليس بضمّها كما تقول أغنية "آه يا سمك بُني". وتسميتُه سريانيّة الأصل كما يُقال، وقد ذكر المقدسيّ وجودَ البَـني في بحرة الحـولة منذ زمن الفاطميّين، وأشارَ إلى أنَه حُمِلَ في العصر العباسيّ إليها، من نهر مدينة واسط العراقيّة.13

كان بَـني الحُولة صغيرَ الرأس، وطولُه بطول ساعد الصبيّ وبدنُه أسمر اللون. يهربُ سمك البَـني قبيّل غروب الشمس من بطن البحرة إلى كتفها على الشاطئ، في تقليدٍ يعرفه أهل الحـولة، لذلك كان صيدُه يجري عصراً قبل الغروب، ومن هنا جاء في أغنيتِه قولُ: "صيد العصاري". كان البَـني نادراً وصيدُه صعباً كما قيل عنه، والأغرب فيه أنّه لم يكن يغادر بحرة الحـولة مع النهر إلى طبرية مثل باقي السّمك، إذ يبقى في الحـولة ويرتبط بها، فالبَـني لم يُعرف عنه في أي بيئة مائيّة من فلسطين سوى الحـولة.

ولغوارنة البحرة غيره من الأسماك، وقد نادَوا بحرتَهم ذاتَ يومٍ باسم "سمكون"، ففيها السلّور (البربوط)، وهو الأكبر حجماً من سمك البحرة، ورأسه أسود كبير، ارتبط صيدُه بأكلةِ "صيّادية الغور" مطبوخةً بِـرُزِّ سهلِها. وعَرفَ الغوارنةُ المشط الأبيض في بحرتِهم، ومن سمكها العُقّر الذي يُشبهُ المشط لكنه أصغرَ مِنه حجماً، بينما يظلُّ سمكُ القّرب أو الكَرب من أجمل أسماك البحرة بلونهِ الأصفر.14

كان صيدُ السّمك في الحولة يتمُ بواسطة "الجُـوز"، وهي الطريقة الأشهر لدى غوارنة البَحرة. والجُـوز هو شبكٌ يُربَطُ بفلّينٍ من أعلاه، وفي أسفلهِ مشبوكٌ بالرصاص، يُمدُّ الجُـوز داخل ماء البحرة لساعات، وأحياناً كان يُترك في الماء إلى اليوم التالي، قبل أن يسحَبَهُ الصّيادون ويُفرّغوه من صيدِهِ على شاطئ البحرة.15

ظلَّ الحاج صالح ابن قرية جاحولا المُهجّرة، يتذكرُ بغال الخوري مُحَمِّلةً خِراجَها بسمك البَـني والمُشط والعُقّر من الحولة جنوباً إلى حِسبة السمّاكين في طبرية، التي كان يملكها توفيق الخوري.16 مُنح الخوري في أيام الإنجليز احتكارَ شراء صيد سمكِ بحرتي الحـولة وطبرية معاً، إذ صار صيدُ السّمكِ في حينه مشروطاً بترخيصٍ من سلطات الانتداب، بعد أن كان الصيدُ مَشاعاً في زمن تركيا، بينما اقتصر مشاع الصيد في ظلّ الانتداب على سمك النهر في الشريعة فقط، لينتبه الغوارنة في حينه إلى أن بحرتهم لم تَعد ملكهم.17

هذا ما في بطن البحرة، أما ما على وجهها، فلغوارنة الحـولة حكاية أخرى مع طير غُرّهم...

غُرِّي الغوارنة

الزَّاغ والزَرْزُور، وبطّ جَرَمَان والسُمَّان، وكذلك وَز البحرة وبجعها، كلّها طيورٌ ظلّت تحت مرمى حصى مقالعِ الغوارنة، غير أنّ الغُرّي يظلُّ طيرَ البحرة وسفيرَها، لأنّه مُهاجرٌ إليها غير مُتوطنٍ فيها، يقصدُ البحرةَ وغابتَها مع بداية الشِّتاء من كلِّ عام.

يُشّبه الغُرّي الدجاجَ وهو بحجمِهِ، لونهُ أسود، وعلى رأسهِ عُرفٌ أبيض اللون، مما منَحَهُ صفةً جماليّةً. تعوّد غوارنةُ الحولة صيدَه، بعد أن سَمّوه باسمِهم، فيُقال الغُرّي: لأنّه طائرُ الغوارنة وبلاد الغور، بينما يعتقد آخرون أنّه سُمّي كذلك لغرّته البيضاء على رأسه. أقامَ أهلُ الحـولة عليه الولائم، "طعم لحمه بعدو بين اسناني" يقول الحاج محمد صالح الغوراني متحسراً.18 كما غنّى الغوارنة له ردَةً مطلعها "يا طير الغُرّي البريّ ... سلّمتك أمري وسري..."، فقد جاور هذا الطيرُ البحرةَ ولَاذَ إليها إلى حدٍّ كان "يعبدُ فيه البحرةَ عبادةً" على حدّ تعبيرِ أهل قرية تليل.19

يعبدُ الغُرّي البحرةَ ويُقَدِّسُها، بينما يقدّسُ أهلُ البحرةِ وسكّانُها طيرَ "أبو سعد" إلى حدٍّ منعوا فيه صيّدَه، وحرّموا أكلَ لحمه، فقالوا مخاطبين إياه: "لحمك حلال في شرعنا وصيدك حرام"، كما لو أنّه صكُ امتيازٍ مَنَحُوه إياه، يُحلَّلُ فيه لحمُه بينما يُحرّم صيدُه، ليَسْلَمَ أبو سعد فيه، ويبقى شيخاً على البَحْرة.20 فأبو سعد، بريشِهِ الأبيض وساقيه الرفيعتين الحمراويْن، ظَلَّ الطيرَ الوحيدَ في الحـولة الذي تُمكِنُ رؤيتَه على وجهِ البَحْرة من مسافاتٍ بعيدة، مما جعلَه مبعثَ طمأنينةٍ وسكينةٍ لدى ساكنيها.

عُـكّاز الفقـير

لا يهجعُ ولا يبركُ إلا في الماء، وممرغٌ بدنه على الدّوامِ بِوَحل حافةِ البَحْرةِ أو بِطينِ بِرك الغاب، يهزُّ رأسَهُ كلّما عضّه البعوضُ، وإذا ما تكاثر عليه غطّ رأسَهُ لطردِه بماء الوحل، فيغدو بَدنُه كُلّه مَوحلاً لونُه بلونِ الطِّين، ولا يبقى منه غير عيونهِ مفتوحةً على وسعها، بيضاء تدور في وجهه المُخَضَّب بوحل البِركة وطينها... إنّه الجاموس.

ما من لوحةٍ أو صورةٍ للحـولة خطّها مستشرقٌ أو التقطها مستكشفٌ أو رحّال، إلا وكان الجاموسُ ماثلاً فيها. من كلّ فلسطين لم يُقتنَ الجاموسُ إلا في الحُولة تقريباً، فهو حيوانٌ يعيش حيث يُمكِنُه أن يهجع، وليس حيث يمكن أن يرتع، فكانت الحولة ببحرتِها وبِرك ماء غابتها موطناً له. عاش معه الغوارنة أكثرَ مما تاجروا به، حتى قيل عنه "عُكّاز الفقير" لاعتبارِهِ مورداً معيشيّاً اعتمده أغنياءُ وفقراءُ غوارنة الحولة معاً.21

لم يكن جاموس الحولة يرعى الكلأ إلا ساعةَ الفجر قبيل شروق الشَّمس، وساعاتِ العصر قبل غروبها، بينما يظلُّ طوالَ النَّهار بارِكاً في البَحْرةِ أو ببِرك الغاب. اعتمد الغوارنة الجاموسَ من أجل حليبهِ قَبل لحمهِ، فكانت الحُولة مقصداً لكلِّ سكان أقضية صفد وبانياس ومرج عيون طلباً لحليب الجاموس.

كان لبنُ حليب الجاموس ذائعَ الصّيت، لأنّه حلو وأقلُّ ملوحةً من لَبنِ البقر والماعز، وقد ظلّ طعمه عالقاً تحت لسان صاحب كتاب أحسن التقاسيم، وتحدّث عنه كما لو أنّه دواءٌ لصفاءِ بياضه، رائباً وبارداً في مواعين فخار الغوارنة.22 هذا عدا عن زبدةِ حليبِه، التي كانت تُخَضُّ بالـ"جِف" المصنوع من جلد الجاموس نفسه. أما سَمنه، فقد كان مضرباً للمثل في كلّ بلاد الخيط.

يَذبحُ الغوارنة في أعراسهم من جاموسهم، ويُطبخ بلبنهِ، واستحبَّ الغوارنة منه لحمَ الـ"بُطش" – عجل الجاموسة – لقلّة الدّهن فيه. وكثيراً ما كان يُقَدّمُ الـ"مَجهول" منه، وهو فحل قطيع الجاموس، مَهراً للعروس.23 بينما الـ"شمبور" من الجاموس، هو ذلك الذي كان يتمُّ خَصيّه من أجل استخدامه لأغراض الفلاحة وحرث الأرض.

كانت صرخة واحدة من أي عيّاط في الغابة كافيةً ليتركَ الجاموسُ مرتعَه، مغادراً الغابة نحو أحواشِهِ عند بيوت الغوارنة، في ظلِّ صمت الغروب وسكونه الذي لم يكن يكسرُه غيرُ صوتِ صرير مناجل، وصليل سواطير تضربُ لقطع عيدان البابـير.

البابـير

"نُصّنا سمّاكين ونصّنا الثاني بُـبّار" يقول غوارنة الحـُولة عن أنفسهم.24 والبُـبّار هم نُسّاج الحصير الذي كان يُصنع من نبتة البابـير. في غابة الحولة شمالاً من بحرتها، حيث شجر السِّدر والدُلب والسّنط، والسمّار والبُردى، والكلخ والصفصاف، كانت تنبت معها الحلّفا والبابـير. فبِـرك الماء الراكد، كان لها أثرٌ في تكوين هذه الخميلة الشجريّة التي ميّزت غابةَ الحُولة عن أيّ غابةٍ أخرى في فلسطين.

%D7%91%D7%93%D7%95%D7%90%D7%99%D7%95%D7%AA_%D7%A2%D7%9D_%D7%9E%D7%97%D7%A6%D7%9C%D7%95%D7%AA-JNF021859.jpeg


موسم حصاد ورق البردي عام 1920، الحولة

لم يُعرف البابير في فلسطين، إلا في الحولة فقط، واعتبرت بِـرك الغابة التي ينبتُ فيها مورِدَاً معيشيّاً للغوارنة، فالجاموس يعيشُ فيها والبابير ينبتُ منها. وأبداً، لم ينظُر لها أهلها كمستنقعاتٍ لأمراض الملاريا والحُمّى، ولا لكلِّ هذه الحُمولة من خطاب الطبّ الاستعماريّ الحديث، الذي نَظَرَ ونظّر لبِـرك مواردهم بوصفها مصدرَ تهديد، مما شجّع على فعل تجفيف البِـرك أولاً، ثم البحرة لاحقاً في خمسينيات القرن الماضي.25

ينبت البابير طبيعيّاً على أحواض بِرك الماء، ويُشبهُ في تكوينه القصب، غير أنّه أرفع منه، ويشيحُ بطوله ليصل إلى مترين وأكثر. وتظلُّ عروقه خضراء على مدار أشهر السّنة، فالبابير نباتٌ دائم وليس موسميّاً، ويُقطفُ على مدار العام، غير أن قطفَه يكثُرُ في الصّيف، فعلى ذمة أهل الحولة: إنّ العود الذي يُقطف منهُ البابير يُطلِقُ عروقَهُ مُجدداً في اليوم التالي لقطفه.26

الرجال هم من كان يتكفّل بقطع وقطف البابير من الغابة، بينما قَشطهُ وسلُّهُ خيطاناً، ثمّ نسجُهُ على النول حُصراً، هو من عمل النساء. وإذا ما كان قاطفوه من غوارنة قُرى جنوب البحرة، مثل تلـيّل والحسيّنية، يُترك البابير بعد قطفه بأرضه في الغابة أخضرَ، لمدة أسبوعين حتى ينشف، فيّميل بعدها لونه للبياض. عندها كان يجري حَزمُه حُزماً، لتنقل عن طريق البحرة. فالبابير بعد أن يجفّ وينشف يصبح وزنه أخف، فيسهلُ تعويمه على وجه ماء البحرة، ليحمله ماؤها من شمال البحرة إلى نواحي الديار جنوباً، وهناك كانت تنتظره النساء من أجل نسّجه على الأنوال.27

نسجَ الغوارنة الحُصر من البابير، ومن نبتة الحلّفا كانوا يفتلون الحِبال، في تقليد امتهنُوه منذ القِدم (مقدسي)، فما من بيتٍ في الدربشية وجاحولا والملّاحة، وكلّ بلاد الخيط، إلا وفيه نـول مصنوع من خشب سنط الغابة نفسها. كانت حصائر الحـولة تُحملُ منها إلى صفد، ومن هُناك يحملها تُجّار مدينة نابلس لبيعها في كل أرجاء فلسطين.28 بينما يحملُهُ الغوارنة على أكتافهم أحياناً لبيعه جوّالين بين ضِياع وقُرى بانياس ومرج عيون، وهم يصيحون "من البابـير يـا حصـير...".

السَّهل ومواسم نيسان الأخير

"جورة الذهب" هذا ما سُميّ به سهل الحولة الذي ظلّ يَغِلُ على أهله من الأقطان والحبوب ما كان يكفي لإطعام كلّ أهالي أقضية صفد وبانياس ومرج عيون.29

يمتدُ سهل الحُولة في مساحةٍ قُدّرت قبل النكبة بـ180كم2، ضمن حدود رسمتها حوافر البغال وأظافر ثيران الحَرث على وقع إيقاع كُرباج الحرّاثين. تفترشُها تُربة سمراء، يعرفها أهلها كلّما قلّبتها سِكك الحَرث صارت حَمراء كالحنّاء.

إلى الشمال من البحرة وغابتها، مروراً بِقُرى الزوّية والصالحية، وصولاً إلى نجمة الصبح المُهجّرة أقصى الشمال يمتدُ السّهل، وعلى كتفه إلى ناحية الغرب كانت تقع قرية البويزية، وعند خاصرتِه شرقاً كانت كل من غرّابة وشمالاً منها خيام الوليد ثم المفتخرة.

زَرعَ أهلُ سهل الخيط القمحَ والشعيرَ والسّمسم، وقلّما زُرعَ الرُز في فلسطين. غير أنه يُعتبرُ من الأقطان الأصيلة التي كانت تُزرع في الحولة، خصوصاً في المناطق السهليّة القريبة من أحواض بِرك الماء. فقد أشار الرحالةُ العرب المسلمون، والأجانب كذلك إلى زراعته فيها في مراحل تاريخيّة مختلفة، حتى قيل عن سهل الحولة، "مَرج الرُز والوّز".30

للغوارنة معجمهم الفلاحيّ الخاصّ بهم، فالفول السودانيّ الذي كان من أشهر زُروع السهل، يعرفه أهله باسم "فستق العبيد"، بينما الـ"دُخنة" كان يقصد الغوارنة بها الذُّرة الصفراء، وهذا ينسحب على جملة من الأعشاب والنبات البريّ-البحريّ في الحولة.

60c7bf5f09d52.jpeg


مستوطنون من العصابات الصهيوينة يزيلون غابات البردى قرب بحيرة الحولة، 1940. تصوير: Zoltan Kluger / GPO

إذا ما حلّ نيسان، إشقّر السّهل بقمحِهِ، واصفّر بشعيرِه إلى أن تغدو حقوله مثل جوانح الدبور. بينما تَخضّر أطراف السهل التلّية بالعكوب، والزعتر الذي يُقال بأن البيت منه كان يكبُر إلى حدٍّ يُمكن ربط رسن البغل فيه، دون أن يقوى على خلعِهِ.31 هذا فضلاً عما كان يَفترشُ الروابي والتلال من عشب ونبات، مثل: البرّيديا – عشبةٌ تشبه نبتة البازيلاء، والهندبا (العِلت)، واللوف الذي أطلق عليه الغوارنة اسم "ذان الفيل"، والأهم عُشبة "الماش" البريّة، التي كانت تُقطف منها بذورٌ تُشبه حَبّ العدس، وتُطبخ بطريقته.

في النصف الثاني من كلِّ نيسان، كان يحلُّ على أهالي بلاد الخيط الغوارنة موسمُ زيارة النبي يوشع. زيارة المقام، تجري بعد أن تأذن رائحةُ ورد الخوّيخيا البريّ بها، فيّفز معها زهر الحنّون، والدحنون التي كان فوحانها يذكّر قرى البحرة والسّهل بحلولها. كان معظم الغوارنة وعموم أهالي قضاء صفد يشاركون في الزيارة، كما كان يقصد المقام في الزيارة متاولة قضاء مرج عيون اللبناني، وفلاّحو بلاد بانياس السّوريّة.32

يقع المقام في قرية النبي يوشع المهجّرة، والواقعة بين قريتيّ الملّاحة وجاحولا، إلى الناحية الشماليّة – الغربيّة من بحرة الحولة. النبي يوشع كانت واحدة من القرى السبع المشهورة، ومعظم أهلها كانوا من المتاولة، مما يفسر قدوم متاولة جنوب لبنان لموسم زيارة المقام فيها.

يبيت زائرو المقام وزوار موسمه في النبي يوشع وحول مقامه، ما بين ليلة وليّلتين، فموسمه كان يستمر لثلاثة أيام.33 تُوفى فيه النذور وتُذبح عنده الذبائح، وتبتهل الصّدور عنده وتُنشد له المدائح. كانت دفوف ومزاهر دراويش خِيام الوليد تُسمعُ من بحرة الحولة قادمة مع النهر من السهل حيث الخِيام. بينما كان يلاقيهم في طريق النهر لعّابو الشيحان34، من أبناء جاحولا والملّاحة، فتصير الزيارة أشبه بعرسِ للتحلّق والتسوق كذلك. يشربُ زوار المقام، من بئر عنده، وينشلون منها ماءً يحملونه إلى ديارهم معهم، لأحبائهم والطالبين.

لدى بعض أهل الصيادة حكاية تقول: بأن وليّهم الشيخ علي الصياد، شوهد يخرج من مَقامه على شكل نور لونه أخضر، وينزل منه إلى البحرة ليختفي فيها. فالسلامة لها علامة كما يقول بعض الدراويش. كان ذلك، في أواخر آخر نيسان من عام الطرد والاقتلاع.

 
‏بقيت الضفة الغربية جزءاً من الأردن منذ حرب ١٩٤٨ وحتى خسارتها في حرب ١٩٦٧ وصدور قرار فك الارتباط رسمياً عام ١٩٨٨.

 
حي المنشية في يافا قبل النكبـة

FFeBli1XEAk0G_6


دمرت العصابات الصـهيونية الحي وطردت أهله منه، ولازال أهله لاجئين منذ 73 عاماً وإلى اليوم.

FFeBmFQXoAU2P1s
FFeBmUxWYA0CYXU
 
شارع عمر المختار | غزة

في نوفمبر ١٩٣١ قررت بلدية غزة إطلاق اسم الشهيد عمر المختار على أكبر شوارعها، فاحتجت إيطاليا عن طريق قنصلها في القدس، لكن الرد كان: "غزة عملت بدافع شعورها نحو قائد عربي تحترمه وتجلّه.. فإذا كانت ذكرى الشهيد تسيء إلى إيطاليا فذلك ما اقترفته إيطاليا نفسها".


FFdi6FeXEAY-1f6
FFdi50zXEAEMHcl
 
لوحة رشفة ماء للفنان الفلسطيني إسماعيل شموط، 1953

تصور هذه اللوحة العطش الذي واجه أهل اللد أثناء مسيرة الموت التي أرغمتهم عليها العصابات الصـهيونية بعد تهجيرهم من المدينة. أكثر من 300 فلسطيني ماتوا عطشاً خلال هذه المسيرة، أحدهم كان شقيق الفنان إسماعيل شموط.

FDiF-FwXIAAOMuo
 
حركة فتح: البدايات

وثيقة صدرت عام ١٩٨٦ بقلم الشهيد خليل الوزير، نشرتها "مجلة الدراسات الفلسطينية" و"يتكلم فيها عن تجربة البداية بكل ما حملته من آفاق وآمال، معلنا بشكل واضح معنى الثورة بصفتها تضحية وتفانياً وفداء"

E4qt0PKXEAI6t2B
E4qt0PqXIAsIAl-
 
في الانتفاضة الأولى كان من ضمن المطلوبين لجيش الاحتلال ١٨ بقرة بتهمة تهديد "الأمن القومي" وذلك بعد أن اشتراها أهالي بلدة بيت ساحور بهدف الاعتماد على إنتاجها ومقاطعة منتجات دولة الاحتلال.

القصة تم تناولها في فيلم "المطلوبون الـ١٨ " للمخرجين عامر الشوملي وبول كوان


 
‏عائشة عودة

بعد اعتقالها نسف الاحتلال منزل أسرتها، وتعرضت للتعذيب في السجن، وحُكم عليها بمؤبدين و١٠ سنوات، وتم تحريرها عام ١٩٧٩ في عملية النورس-أول عملية لتبادل الأسرى مع الاحتلال- وقادتها الجبهة الشعبية-القيادة العامة
وثّقت سيرتها في "أحلام بالحرية" و "ثمنا للشمس"

 
‏عائشة عودة

بعد اعتقالها نسف الاحتلال منزل أسرتها، وتعرضت للتعذيب في السجن، وحُكم عليها بمؤبدين و١٠ سنوات، وتم تحريرها عام ١٩٧٩ في عملية النورس-أول عملية لتبادل الأسرى مع الاحتلال- وقادتها الجبهة الشعبية-القيادة العامة
وثّقت سيرتها في "أحلام بالحرية" و "ثمنا للشمس"



?To whom does Palestine belong

ملصق عن الفدائية والأسيرة المحررة عائشة عودة | ١٩٧٠‎

٢٠٢١١٢٠٢_١٠٥٧٠٠.jpg
 
‏تعد جبهة النضال الشعبي أول فصيل فلسطيني ينجح في الضغط على حكومة أوروبية لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وذلك بعد خطفها في أيلول ١٩٧٠ طائرة يونانية للمطالبة بإطلاق سراح ٧ معتقلين في سجونها، كانوا فد نفذوا عمليات ضد شركة العال "الإسرائيلية" في اليونان

 
التعديل الأخير:

ثورة البراق.. حين قال الفلسطينيّ كلمته



14184483_1130829440289145_7121271629320286448_n.jpg



أعلن المستوطنون اليهود في فلسطين أنّ لهم حق في الوصول إلى حائط البراق، وجلب الكراسي والستائر وأدوات الإنارة والعبادة لممارسة طقوسهم التلمودية عند الجدار، فقرر الفلسطينيون التصدي لهم، ووقع صدامٌ كبير لم تزُل آثاره حينها، بل بقيت القضية تتدحرج حتى ثورة البراق بعد ذلك بأربع سنوات.

كان ذلك في شهر أيلول/سبتمبر من عام 1925، عندما بدأ اليهود المهاجرون إلى فلسطين، برعاية بريطانية، بالإعلان صراحة عن أطماعهم في حائط البراق، زاعمين أن لهم حقًا فيه لأنه جزء من "هيكل سليمان" المزعوم.

شرارة ثورة البراق كانت قبل 4 سنوات من انطلاقها، عندما بدأ اليهود بالزعم أن لهم حق في الحائط، وظلوا يحاولون فرض هذا الحق حتى اندلاع الثورة
وحائط البراق جزء من جدار المسجد الأقصى، وتقوم أمامه ساحة تتبع للأوقاف الإسلامية، وقد أُطلق عليه هذه الاسم لأنه الجدار الذي ربط به النبي محمد دابة البراق التي حملته من مكة إلى القدس، ومنها عرج إلى السماء.


الصدام الأول المذكور سابقًا، بين الفلسطينيين أصحاب الأرض، والمهاجرين اليهود للاستيطان في فلسطين، كاد يتطور إلى اقتتال دامٍ لولا تدخل حكومة الاحتلال البريطاني، التي رأت في الموقف الفلسطيني صلابة لا يمكن تركها تتصاعد، فقررت منع اليهود من جلب أي شيء إلى الأقصى، أو إحداث أي تغييرات على طبيعة المكان، وأكدت على إبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه.

14034794_1123967904308632_7189446142486530554_n.jpg

القوات البريطانية عند بوابة يافا بالقدس خلال أحداث الثورة

بعد ثلاث سنوات، وتحديدًا عند حلول الاحتفالات اليهودية بـ"عيد الغفران" الذي صادف شهر آب/أغسطس 1928، أحضر اليهود ستائرهم وأدواتهم الممنوعة ونصبوها عند الساحة الوقفية أمام الحائط. هذا التصرف قوبل بالرفض مرة أخرى، وأُرسلت مطالبات إلى حكومة الاحتلال البريطاني بمنع هذه التجاوزات، فجاء قرار حاكم مقاطعة القدس كيث روتش بإزالة التعديات بالقوة، استنادًا إلى الاعتراف البريطاني بملكية الحائط للمسلمين.

ردّ زعماء الحركة الصهيونية بالدعوة إلى فتح أبواب الهجرة لفلسطين، ومطالبة اليهود بالتحرك للسيطرة على حائط البراق. فكان الردّ الفلسطيني بعقد المؤتمر الإسلامي الكبير في مدينة القدس، في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته، برئاسة الحاج أمين الحسيني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى.

14117744_1129856000386489_7602228962878234596_n.jpg

اجتماع لزعماء فلسطين في قاعة روضة المعارف بالقدس عقب أحداث البراق 1929

استنكر المؤتمر أي عمل أو محاولات ترمي إلى إحداث تغيير يمنح اليهود حقًا في حائط البراق، وحذّر من التساهل أمام مطامع اليهود، وأنذر حكومة بريطانيا بصراحة أنها إذا توانت عن وقف تحدي اليهود، فسيتولون بأنفسهم وقفه مهما كلفهم الأمر.

موقف العرب تجاه قضية حائط البراق وتمسكهم بحقهم نُخبًا وجماهير، دفع بوزير المستعمرات البريطاني لإرسال لجنة إلى مدينة القدس عُرفت بـ"لجنة البراق"، للنظر في الخلاف الذي يكاد ينفجر على الأرض، وبعد تحقيق استمر شهرًا كاملًا رفعت اللجنة تقريرها القائل بضرورة الاحتفاظ بالوضع الراهن كما هو.

أكدت لجنة بريطانية رسمية في عشرينات القرن العشرين أن البراق حق للفلسطينيين وحذرت من تغيير الوضع القائم

ورغم التقرير، إلا أنّ الحكومة البريطانية ظلّت تعمل على تعزيز موقف اليهود عبر منحهم الامتيازات، والسماح لأعداد كبيرة بالهجرة إلى فلسطين، والتضييق على العرب، وتسهيل انتقال الأراضي الزراعية لليهود، الأمر الذي كان يُنذر بخطورة الوضع وقابلية البلاد كاملة للانفجار في وجه الاحتلال والحركة الصهيونية، بسبب كل هذه العنصرية والتحيز، لا بسبب البراق وحده.

14022300_1123968190975270_2194893395941665207_n.jpg

أحداث ثورة البُراق، من 23 - 31 آب / اغسطس 1929

ثم حين أتى يوم الأربعاء 14 آب/أغسطس من عام 1929، نظم اليهود مسيرة في حي "تل أبيب" الاستيطاني المقام على أراضي يافا، ومنحتهم سلطات الاحتلال البريطاني حراسة مشددة، فرفعوا أعلامهم موشحة بشرائط سوداء، وتعالت هتافاتهم "الحائط حائطنا"، وهتفوا ضد الحاكم البريطاني لمدينة القدس "عار على الحكومة .. عار على كيث روتش".

وفي اليوم التالي، تجددت المسيرة لكن في القدس هذه المرة، وكانت بترتيب من حركة "بيتار" الصهيونية. فاحتشد اليهود من "تل أبيب" والقدس، وساروا معًا نحو حائط البراق، وسط تحريض من الخطباء للسيطرة على الحائط وانتزاعه من المسلمين.

تزامنت هذه المسيرة مع احتفال المسلمين بذكرى المولد النبوي الشريف، ولدى وصولها للحائط رفع المشاركون العلم الصهيوني وأنشدوا نشيد الهاتكفا (الأمل)، وهو النشيد الوطني للصهيونية، وعلت أصواتهم وهُم يَهتِفون "الحائِط لَنا"، ثم تركوا خلفهم ما يشير إلى أن المكان أصبح ذو طابع يهودي، حسب اعتقادهم، إضافة إلى قصاصات ورق في ثقوب الحائط.

وقبل أن يمر يوم واحد على المسيرة، رد الفلسطينيون بمظاهرات حاشدة تحركت من المسجد الأقصى بعد صلاة الجمعة باتجاه البراق، ووقف الشيخ حسين أبو السعود خطيبًا في الجموع، ودعاها للدفاع عن مقدساتها، فانتزع المتظاهرون كل التعديات، وأزالوا كل ما أضافه اليهود للمكان، وكسروا المنضدة، وأخرجوا قصاصات الورق من الحائط وأحرقوها.

بدأت ثورة البراق بشجار عنيف أسفر عن وفاة يهودي، وبعد أيام رد اليهود بقتل إمام مسجد وأفراد عائلته والتمثيل بجثثهم

وفي يوم السبت، 17 آب/أغسطس، وهو اليوم التالي لمظاهرة رد الاعتبار الفلسطينية، وقع شجار عنيف في القدس بين فلسطينيين ويهود، أسفرت عن جرح 11 يهوديًا و15 فلسطينيًا. ثم بعد ثلاثة أيام توفي أحد الجرحى اليهود متأثرًا بإصابته، فتحولت جنازلته إلى مظاهرة سياسية ضد العرب والإنجليز، فبادر الإنجليز إلى اعتقال عشرات الفلسطينيين، وقليلاً من اليهود، ما جعل التوتر سيد الموقف في القدس.

وبينما كانت الجموع تُصلي الجمعة في المسجد الأقصى يوم 23 آب/أغسطس، سرت إشاعات بأن اليهود قتلوا فلسطينيين؛ وأنهم يستعدون للتوجه للحائط للسيطرة عليه، فهاج المصلون في الأقصى وخرجوا يحملون العصي لمنع ذلك، وما لبث أن سرى هذا الهياج إلى القرى المجاورة، ثم توالت الأنباء عن حالات غضب شديد في المدن والأرياف، وقد تصدرت الأحداث مدن يافا وحيفا وصفد والخليل ونابلس وبيسان وبئر السبع.

وخرجت الجماهير في مظاهرة حاشدة في مدينة نابلس، شاركت فيها قرى القضاء؛ وزحفت الجموع الثائرة نحو ثكنة البوليس للسيطرة عليها والاستيلاء على السلاح، فاندلعت مواجهات وجُرح عدد من المهاجمين واعتقل آخرون.

وتوالى تصاعد الأحداث في كل فلسطين، فاستدعت الحكومة على الفَور تَعزيزات عَسكرية بِريطانية من قاعدة سيناء في مصر لِقَمع الثَورة، ووزعت الطائرات البريطانية مَنشورات تتوعد بالقَصاص الصارم لكِل شَخص اشتركَ في "التَمرد".

وكان لهجوم اليهود على سكنة أبو كبير وقتل إمام المسجد الشيخ عبد الغني أبو عون وستة من أفراد عائلته صدى واسع لدى الفلسطينيين، ما حرك دماءهم للثأر، ودخول معركة "كسر العظم" مع الحركة الصهيونية، خاصة أن اليهود قتلوا الشيخ وبقروا بطنه ومثلوا بجثته وجثث زوجته وأولاده وأولاد أخيه.


وعلى إثر ذلك توالت الأحداث والاضطرابات خلال أيام 24-25-26 آب/أغسطس، فهاجمت الجموع الغاضبة المستعمرات الصهيونية، وتم تدمير ستة منها بشكل كامل، وذهبت مدينة الخليل في اشتباكاتها مع اليهود لخطوة كبيرة ردًا على مقتل العائلة الفلسطينية، فقتل في الاشتباكات 60 يهوديًا، وجرح نحو 50 آخرين.

في المقابل، هاجم اليهود "مقام النبي عكاشة" في القدس، فأحدثوا فيها خرابًا وتلفًا كبيرين، وأحرقوا كتبه النادرة، ودمروا فوانيسه ومصابيحه وأثاثه.

وفي يوم 29 أب/أغسطس بلغ الخبر إلى مدينة صفد بأن اليهود اعتدوا على المسجد الأقصى، فخرجت الجماهير غاضبة، ثم سرت إشاعة بأن القوات البريطانية اغتالت أحمد أبو طافش أحد زعماء المدينة. فتحركت الجموع نحو حارة اليهود، وبدأت بخلع أبوابها وحرقها، فرد اليهود بحرق محلات الفلسطينيين. وجرت مواجهات نقلت خلالها القوات البريطانية اليهود للسراي الحكومي، بهدف حمايتهم بعد أن أبلى العرب بلاءً حسنًا في صفد.

وقبل أن تغيب شمس شهر آب/أغسطس، أنهت القوات البريطانية الثورة مستخدمة القوة المفرطة تجاه الثائرين، وكانت نتيجة الأحداث مصرع 133 يهوديًا وجرح 339 آخرين، مقابل استشهاد 116 فلسطينيًا وجرح 232 آخرين.
حكم الاحتلال البريطاني بالإعدام على 27 ثائرًا شاركوا في ثورة البراق، وأعدم 3 منهم هم حجازي وجمجموم والزير، أما اليهود فحكم على أحدهم بالإعدام ثم أفرج عنه

واعتقلت قوات الاحتلال البريطاني قرابة 900 فلسطيني، ثم أدانت 792 ثائرًا بتهم "التخريب، والقتل"، وحكمت بإعدام 27 منهم، غير أن الحكم نُفذ بحق ثلاثة منهم، هم الشهداء فؤاد حجازي، ومحمد جمجوم، وعطا الزير. مقابل ذلك، حكمت سلطات الاحتلال على يهودي بالإعدام، ثم نفذت الحكم إلى السجن 15 سنة، ثم أفرجت عنه، بتهمة قتله عائلة الإمام أبو عون.

كما فرضت سلطات الاحتلال البريطاني غرامات باهظة على المدن والقرى التي شارت في الثورة. ثم في محاولة للقضاء على روح الغضب ونزع فتيل الثورة عند العرب، أرسلت حكومة الاحتلال البريطاني لجنة برئاسة القاضي البريطاني والتر شو، للتحقيق في الأحداث ومسبباتها، وكذلك في اتهامات اتهامات الفلاحين للحكومة بالتسبب بطردهم من أراضيهم.

أنهت اللجنة عملها بعد ثلاثة شهور، واعترفت بحق العرب في حائط البراق دون سواهم، ورفعت هذا التقرير لعصبة الأمم سنة 1930.

14088566_1124698304235592_7051136761666544168_n.jpg

من أرشيف مكتبة الكونغرس للأحتجاجات الشعبية في شرق الاردن آب 1929
 

فعل "الجيش البريطاني السافل" في حلحول!

GettyImages-53058457.jpg

"قد أعدمت {الحكومة الاستعمارية البريطانية في فلسطين} المئات من الشباب، وبعد أن وجدت أنها لم تستطع القضاء على الثورة بالمواجهة بعد أن استقدمت حوالي المئة الف جندي وعلى رأسهم كبار قادة أركانها مثل دل {Sir John Greer Dill}، وويفل {Archibald Wavell}، وعمدت إلى إفساد الثورة من الداخل وقد نجحت في ذلك إلى حد كبير وانقسم الشعب على نفسه. ثم قامت بنزع السلاح بأقسى أنواع العذاب والبطش، وأنا لا أقول هذا الكلام تجني أو مبالغة، ويكفي أن أذكر مثلين اثنين عشت أحدهما بنفسي وهما، بيت ريما لواء رام الله <في شهر نيسان{/أبريل} 1939>، وحلحول لواء الخليل <في شهر {آذار/} مارس 1939>، فستبقى ما قامت به السلطات البريطانية في هذين البلدين وصمة عار في سجل الانتداب البريطاني".

الدكتور قاسم الريماوي
 
بتتبع الروايات الشفوية المتداولة عن هذه الفترة التاريخية، أبرز ما يحضر في شهادات الرواة عمليات التفتيش والحصار التي كانت تفرض على القرى والبلدات الفلسطينية المختلفة، من قبل كتائب الجيش البريطاني، ومن قبل عملاء بريطانيا وأنصارها ممن انقلبوا على الثورة، لأسباب مختلفة. وبتتبع الأدبيات العسكرية البريطانية، خصوصًا المتعلقة بتاريخ الألوية المختلفة، يبرز مصطلح Cordon And Search"" الذي يرتبط بشكل مباشر بعمليات هذه الفرق في فلسطين، إبان مكافحة الثورة العربية الكبرى (1396-1939) ومن ثم كاستراتيجية عسكرية بريطانية متبعة ضد المنظمات الصهيونية بعد الحرب العالمية.

المزرعة الشرقية، جيوس، السنديانة، المجيدل، كفر كنا، أم صفا، شعب، قاقون، سعسع، خرفيش، بيت أمرين أسماء لقرى تشكل نموذجًا لعشرات القرى الفلسطينية التي ذكرت في البلاغات الرسمية الصادرة عن الحكومة الاستعمارية البريطانية، لتعرضها لحملات تفتيش وحصار من فرق بريطانية مختلفة سجلتها البلاغات كالفرقة الثانية من جنود است بوركشير (Royal Berkshire Regiment)، أورطة رويال سكوتس (The Royal Scots)، الفرقة الأولى من جنود هاميشير (Royal Hampshire Regiment)، الأورطة الثانية من فرقة ليستر شير (Royal Leicestershire Regiment) الخ..

يحكي الدكتور الريماوي في نصه بعض ما جرى أثناء حصار بيت ريما، الذي استمر وفقًا للبلاغات الرسمية الاستعمارية من 23 نيسان/ أبريل ولغاية 2 أيار/ مايو 1939، ويقدم بعض التفاصيل. لكن ماذا جرى في حلحول!

سجلت بعض الشهادات الشفوية عن الحدث لضباط الكتيبة الثانية من فرقة بلاك ووتش (The Black Watch)، كما اهتم بإيراد بعض الشهادات الشفوية التي وثقت الحدث من بعض أهالي حلحلول. لكن حفظ رواية معاصرة للحدث، تكشف أثره ومختصرًا لما جرى، فأثناء البحث والتقصي لتحقيب هذه الحادثة كجزء من الانشغال البحثي على نصوص الدكتور الريماوي المخطوطة، وسعيًا للتأكد من الرواية المتداولة حول "الحصار" كانت هذه الوثيقة، التي كتبت إبان حصار حلحول ووقعت من "ضمائر مراقبة متألمة" وأُرسلت إلى القنصلية المصرية في القدس يوم 10 أيار/ مايو 1939.

"فظائع الجيش البريطاني السافل في قريتي حلحول وبيت فجار- الخليل" بهذا عنونت الرسالة، وروست بالآية الكريمة "هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا" وبمقولة عمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا". ثم أُتبِعتَت بأبيات من الشعر:

"لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى *** حتى يراق على جوانبه الدم


زدني من البلوى أزدك تمردًا *** واملأ فؤادي بالأسى فأبوحا"

يتضح من مقدمات النص قبل الغوص في مختصره لما حدث وما زال يحدث في حلحول، أنه بيان تحريضي ضد الفعل الاستعماري البريطاني الممارس في تلك الفترة، وستنعكس هذه الرسالة بكل تأكيد على مضمون النص ولغته كما هو جلي، أما عن الحدث فيرد:

"بعد أن انقضى نظام منع التجول في الخليل (48 ساعة) وأخذ الجيش لشابين منها، أحدهما من عائلة نيروخ والآخر من عائلة النتشة، ورميهما بالرصاص في ناحية منعزلة فاستشهدا بريئين. طوق الجيش البريطاني الوحشي صباح يوم الخميس 6 أيار/ مايو 1939 قرية حلحول وبيت فجار على إثر رفضهما التوقيع على شروط السلطة ومنها (استنكار الثورة) ومساعدة الجيش البريطاني في تنقلاته والقاء القبض على المجاهدين، تقديم أسلحة. فجمعوا الرجال والنساء في ناحيتين يسومونهم أشد العذاب، تساوى فيه الطفل الرضيع والشيخ الهرم. تدلت ألسنة الأطفال عطشًا وخوت قلوبهم جوعًا يصرخون يا أماه -ماء- خبزًا- مستنجدين بالإنسانية والعدالة اللتين لا يعرفهما الإنكليزي إلا من قلل المدافع وأفواه البنادق فضاقت النساء صبرًا في قرية حلحول واشتبكن مع الجنود بالحجارة فشدخن رأسين من الجنود الظالمين وبعدها سمح لهن بالانصراف بعد أن اجهضت بعضهن وبعد أن قاست الأطفال سكرات الموت. أما الرجال فهذا اليوم الخامس على إحاطتهم بالأسلاك الشائكة، تحت زمهرير الشمس رافعين وجوهم تجاهها حيثما تدور. فراشهم الحجارة تحت قر الليل وطعامهم الضرب بالأسواط وأكعاب البنادق. والكثير منهم في طريق الاستشهاد إن لم يكن قد استشهد".

20181104_%20%D9%81%D8%B8%D8%A7%D8%A6%D8%B9%20%D8%AD%D9%84%D8%AD%D9%88%D9%84.jpg
 
تكشف وثيقة أخرى تفاصيل لحدثٍ في ذات الفترة الزمنية كان يجري في قضاء رام الله، في قرية كفر مالك. أرسل علي سلامة مختار قرية كفر مالك يوم 8 أيار/ مايو 1939 رسالة إلى قنصل حكومة مصر بالقدس. تلخص هذه الرسالة تفاصيل ما كان يجري في البلدة منذ يوم الجمعة 5 أيار/ مايو 1939، ووفقًا للمختار:

"إن الجيش البريطاني حضر يوم الجمعة لقريتنا كفر مالك وطوقها، وجمع الرجال الشباب وضعهم داخل نطاق والشيوخ المسنين في نطاق آخر، ومن ثم اسمعوا يا جناب القنصل الأعمال البريطانية:

أ- الشيوخ يسمحوا لهم في اليوم والليلة أكلة واحدة وشربة واحدة بسيطرة جدًا.

ب- أما الرجال الشباب قد مضى عليهم أربعة أيام بلياليها بدون أكل ولا شرب، وهم في حالة الموت والنزاع والموت قريب جدًا، وهم مدرجين بدمائهم من كثرة الضرب المبرح.
ج- الحريم والنساء والأطفال مجمعون على المجنة، أي المقبرة، ليلاً ينامون عليها ونهارًا يندبون حظهم العاثر.

د-الجيش يهدم المحلات بالفوسوالمعاويل وهدموا جدران الكروم".

20181104_%20%D9%83%D9%81%D8%B1%20%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83_0.jpg
 
"تل أبيب" ليست تل الربيع !

شاع مُؤخراً إستخدام إسم "تل الربيع" على إعتبار أنه الإسم العربي الأصلي لمدينة لتل أبيب، وهذا خطأ شائع يقع فيه الكثيرون بحسن نية، لعدم معرفتهم بأصل تسمية هذه التسمية.

في التاريخ الفلسطيني نعرف عكا وحيفا ويافا والناصرة، لكننا لم نسمع بتل الربيع. تل أبيب أقيمت في أحياء يافا مثل حي المنشية وعلى أنقاض قرية الشيخ مؤنس (جامعة تل ابيب مقامة على أراضيها حالياً) وهي قرية تمكنت العصابات الصهيونية من تهجير أبنائها بعد محاصرتها وإغلاق الجسر الموصل إلى يافا قاطعة شريان الحياة عنها.

الإسم تل الربيع هو ترجمة حرفية من العبرية للعربية، وهو الإسم العبري الذي أعطاه الكاتب والمترجم ناحوم سوكولوف لرواية "التنويلند" (ارض قديمة جديدة) التي ألفها بنيامين زئيف "ثيودور" هرتسل (مؤسس الحركة الصهيونية)، وتصف الرواية دولة نموذجية من النواحي الإجتماعية والزراعية والتكنولوجية. سوكولوف إعتمد الإسم تل أبيب للرواية مُستوحياً إياه من التوراة كإسم لقرية في بابل (تل ابوبي) وتعني (تل الطوفان). يعني حتى ترجمة تل أبيب إلى تل الربيع خاطئة، فأصل الإسم يعود إلى “الطوفان” لا الربيع.

بعد نقاش في الحركة الصهيونية ووضع عدة مقترحات لإسم المدينة، تم إعطاء الإسم تل أبيب عام 1910 لمستوطنة "احوزات بيت" التي تشكلت عام 1909 من تجمع لعدد من الأحياء الاستيطانية التي بُنيت في محيط يافا.

من الأسماء التي اقترحت قبل الإتفاق على إسم تل أبيب: "يافو ههحداشاه" يافا الجديدة، "نافيه يافو" واحة يافا، افيفا "ربيعة"، "يفيفيه" جميلة، "عبرية"، و"هرتسيليا" نسبة إلى هرتسل.

"تل أبيب" هي يافا وقراها، وليست “تل الرّبيع”.

القرى المهجرة في قضاء يافا والتي اقيمت عليها أحياء مدينة "تل أبيب":

1- السافرية
تقع إلى الجنوب الشرقي من يافا وتبعد عنها 11كم، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 5400 دونما، وعدد سكانها عام 1922م حوالي 130 نسمة وعام 1931م حوالي 204 نسمة ارتفع إلى 3070 نسمة عام 1945م، مقام عليها مستوطنة (موشاف تسفريا) أنشأت عام 1949م.

2- ساقيه
تقع باتجاه شرق الجنوب من يافا على بعد 20كم سلبت أراضيها وشرد أهلها عام 1948م وبلغت مساحة أراضيها المسلوبة 5400 دونم وأقيمت عليها مستوطنة (طيرة يهودا) بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 427 نسمة وعام 1931م حوالي 663 نسمة ارتفع إلى 1100 نسمة عام 1945م.

3- سلمة
تقع باتجاه الشرق من يافا على بعد 5كم وبلغت مساحة أراضيها المسلوبة 6800 دونما بلغ عدد سكانها 1922? حوالي 1187 نسمة وعام 1931م حوالي 3691 نسمة ارتفع إلى 6667 نسمة عام 1945م، وهي تعتبر الآن ضاحية من ضواحي يافا وتل أبيب.

4- الشيخ مؤنس
قرية حديثة نسبة إلى الشيخ مؤنس الرجل الصالح المدفون فيها تقع إلى الشمال الشرقي من يافا وتبعد عنها 5كم، هدمت القرية عام 1948م، وسلبت أراضيها البالغة 12500 دونما، ضم 5600 دونما منها إلى تل أبيب، بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 664 نسمة وعام 1931م حوالي 1154 نسمة ارتفع إلى 1930 نسمة عام 1945م.

5- العباسية (اليهودية)
تقع باتجاه الشرق من يافا على بعد 13كم وبلغت مساحة أراضيها المسلوبة 2050 دونما بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 2427 نسمة وعام 1931م حوالي 3258 نسمة ارتفع إلى 5650 نسمة عام 1945م، مقام على أراضيها (بلدة أوريهودا) أنشأت عام 1948م.

6- عرب أبو كشك
تقع على مسيرة 21كم شمال شرقي يافا أقام سكانها على مجرى العوجا وبلغت مساحة الأرض التي كانوا يقيمون عليها 17400 دونما أقيمت على أراضيها مستوطنة (شمعون نيف هادار)، بلغ عدد سكانها عام 1931م حوالي 1007 نسمة وعام 1945م حوالي 1900 نسمة.

7- فجة
تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة يافا وتبعد عنها 15كم، امتدت مدينة (بتاح تكفا) اليهودية إلى أراضيها، بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 194 نسمة ارتفع إلى 707 نسمة عام 1931م، وإلى 1200 نسمة عام 1945م .

8- كفر سابا
تقع إلى الشمال الشرقي من يافا وتبعد عنها 25كم، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة 19700 دونما، بلغ عدد سكانها عام 1945م حوالي 1270 نسمة.

9- كفر عانة
تقع إلى الشرق من يافا وتبعد عنها 11 كم بلغت مساحة أراضيها المسلوبة 17300 دونما، وأقيم على أراضيها مستوطنة (قريات أونو) عام 1948م، ومستوطنة (يهودا)، بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 1374 نسمة وعام 1931م حوالي 1824 ارتفع إلى 2800 نسمة عام 1945م

10- الحرم (سيدنا علي)
تقع إلى الشمال الشرقي من يافا على بعد 18كم، شرد أهلها عام 1948م، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 4000 دونما، وتقع مدينة هرتزيليا الصهيونية على جزء من أراضيها المسلوبة. بلغ عدد سكانها عام 1945م حوالي 520 نسمة.

11- خربة خريشة
تقع إلى الشمال الشرقي من يافا على بعد 25كم، شرد أهلها عام 1948م، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 27000 دونما. بلغ عدد سكانها عام 1945م حوالي 70 نسمة، وأقيمت عليها مستوطنة (يارحيف).

12- الخيرية
تقع إلى الشرق من يافا وتبعد عنها 8كم، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 13600دونما، وعدد سكانها عام 1922م حوالي 546 نسمة وعام 1931م حوالي 914 نسمة ارتفع إلى 1420 نسمة عام 1945 م.

13- رنتية
تقع إلى الشمال الغربي من يافا وتبعد عنها 15كم، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 4400 دونما، وعدد سكانها عام 1922م حوالي 351 نسمة وعام 1931م حوالي 401 نسمة ارتفع إلى 590 نسمة عام 1945 م، مقام عليها مستوطنة (موشاف ريناتيه) أنشأت عام 1949م.


بيسان عدوان، باحثة وكاتبة فلسطينية وصاحبة دار ابن رشد للنشر والتوزيع
 
"تل أبيب" ليست تل الربيع !

شاع مُؤخراً إستخدام إسم "تل الربيع" على إعتبار أنه الإسم العربي الأصلي لمدينة لتل أبيب، وهذا خطأ شائع يقع فيه الكثيرون بحسن نية، لعدم معرفتهم بأصل تسمية هذه التسمية.

في التاريخ الفلسطيني نعرف عكا وحيفا ويافا والناصرة، لكننا لم نسمع بتل الربيع. تل أبيب أقيمت في أحياء يافا مثل حي المنشية وعلى أنقاض قرية الشيخ مؤنس (جامعة تل ابيب مقامة على أراضيها حالياً) وهي قرية تمكنت العصابات الصهيونية من تهجير أبنائها بعد محاصرتها وإغلاق الجسر الموصل إلى يافا قاطعة شريان الحياة عنها.

الإسم تل الربيع هو ترجمة حرفية من العبرية للعربية، وهو الإسم العبري الذي أعطاه الكاتب والمترجم ناحوم سوكولوف لرواية "التنويلند" (ارض قديمة جديدة) التي ألفها بنيامين زئيف "ثيودور" هرتسل (مؤسس الحركة الصهيونية)، وتصف الرواية دولة نموذجية من النواحي الإجتماعية والزراعية والتكنولوجية. سوكولوف إعتمد الإسم تل أبيب للرواية مُستوحياً إياه من التوراة كإسم لقرية في بابل (تل ابوبي) وتعني (تل الطوفان). يعني حتى ترجمة تل أبيب إلى تل الربيع خاطئة، فأصل الإسم يعود إلى “الطوفان” لا الربيع.

بعد نقاش في الحركة الصهيونية ووضع عدة مقترحات لإسم المدينة، تم إعطاء الإسم تل أبيب عام 1910 لمستوطنة "احوزات بيت" التي تشكلت عام 1909 من تجمع لعدد من الأحياء الاستيطانية التي بُنيت في محيط يافا.

من الأسماء التي اقترحت قبل الإتفاق على إسم تل أبيب: "يافو ههحداشاه" يافا الجديدة، "نافيه يافو" واحة يافا، افيفا "ربيعة"، "يفيفيه" جميلة، "عبرية"، و"هرتسيليا" نسبة إلى هرتسل.

"تل أبيب" هي يافا وقراها، وليست “تل الرّبيع”.

القرى المهجرة في قضاء يافا والتي اقيمت عليها أحياء مدينة "تل أبيب":

1- السافرية
تقع إلى الجنوب الشرقي من يافا وتبعد عنها 11كم، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 5400 دونما، وعدد سكانها عام 1922م حوالي 130 نسمة وعام 1931م حوالي 204 نسمة ارتفع إلى 3070 نسمة عام 1945م، مقام عليها مستوطنة (موشاف تسفريا) أنشأت عام 1949م.

2- ساقيه
تقع باتجاه شرق الجنوب من يافا على بعد 20كم سلبت أراضيها وشرد أهلها عام 1948م وبلغت مساحة أراضيها المسلوبة 5400 دونم وأقيمت عليها مستوطنة (طيرة يهودا) بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 427 نسمة وعام 1931م حوالي 663 نسمة ارتفع إلى 1100 نسمة عام 1945م.

3- سلمة
تقع باتجاه الشرق من يافا على بعد 5كم وبلغت مساحة أراضيها المسلوبة 6800 دونما بلغ عدد سكانها 1922? حوالي 1187 نسمة وعام 1931م حوالي 3691 نسمة ارتفع إلى 6667 نسمة عام 1945م، وهي تعتبر الآن ضاحية من ضواحي يافا وتل أبيب.

4- الشيخ مؤنس
قرية حديثة نسبة إلى الشيخ مؤنس الرجل الصالح المدفون فيها تقع إلى الشمال الشرقي من يافا وتبعد عنها 5كم، هدمت القرية عام 1948م، وسلبت أراضيها البالغة 12500 دونما، ضم 5600 دونما منها إلى تل أبيب، بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 664 نسمة وعام 1931م حوالي 1154 نسمة ارتفع إلى 1930 نسمة عام 1945م.

5- العباسية (اليهودية)
تقع باتجاه الشرق من يافا على بعد 13كم وبلغت مساحة أراضيها المسلوبة 2050 دونما بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 2427 نسمة وعام 1931م حوالي 3258 نسمة ارتفع إلى 5650 نسمة عام 1945م، مقام على أراضيها (بلدة أوريهودا) أنشأت عام 1948م.

6- عرب أبو كشك
تقع على مسيرة 21كم شمال شرقي يافا أقام سكانها على مجرى العوجا وبلغت مساحة الأرض التي كانوا يقيمون عليها 17400 دونما أقيمت على أراضيها مستوطنة (شمعون نيف هادار)، بلغ عدد سكانها عام 1931م حوالي 1007 نسمة وعام 1945م حوالي 1900 نسمة.

7- فجة
تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة يافا وتبعد عنها 15كم، امتدت مدينة (بتاح تكفا) اليهودية إلى أراضيها، بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 194 نسمة ارتفع إلى 707 نسمة عام 1931م، وإلى 1200 نسمة عام 1945م .

8- كفر سابا
تقع إلى الشمال الشرقي من يافا وتبعد عنها 25كم، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة 19700 دونما، بلغ عدد سكانها عام 1945م حوالي 1270 نسمة.

9- كفر عانة
تقع إلى الشرق من يافا وتبعد عنها 11 كم بلغت مساحة أراضيها المسلوبة 17300 دونما، وأقيم على أراضيها مستوطنة (قريات أونو) عام 1948م، ومستوطنة (يهودا)، بلغ عدد سكانها عام 1922م حوالي 1374 نسمة وعام 1931م حوالي 1824 ارتفع إلى 2800 نسمة عام 1945م

10- الحرم (سيدنا علي)
تقع إلى الشمال الشرقي من يافا على بعد 18كم، شرد أهلها عام 1948م، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 4000 دونما، وتقع مدينة هرتزيليا الصهيونية على جزء من أراضيها المسلوبة. بلغ عدد سكانها عام 1945م حوالي 520 نسمة.

11- خربة خريشة
تقع إلى الشمال الشرقي من يافا على بعد 25كم، شرد أهلها عام 1948م، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 27000 دونما. بلغ عدد سكانها عام 1945م حوالي 70 نسمة، وأقيمت عليها مستوطنة (يارحيف).

12- الخيرية
تقع إلى الشرق من يافا وتبعد عنها 8كم، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 13600دونما، وعدد سكانها عام 1922م حوالي 546 نسمة وعام 1931م حوالي 914 نسمة ارتفع إلى 1420 نسمة عام 1945 م.

13- رنتية
تقع إلى الشمال الغربي من يافا وتبعد عنها 15كم، بلغت مساحة أراضيها المسلوبة حوالي 4400 دونما، وعدد سكانها عام 1922م حوالي 351 نسمة وعام 1931م حوالي 401 نسمة ارتفع إلى 590 نسمة عام 1945 م، مقام عليها مستوطنة (موشاف ريناتيه) أنشأت عام 1949م.


بيسان عدوان، باحثة وكاتبة فلسطينية وصاحبة دار ابن رشد للنشر والتوزيع
صحيح .. لا يوجد في فلسطين قرية اسمها تل الربيع

قرأت أن اسم تل الربيع الأصلي هو تل في العراق سمي على إسمه كتاب "تل أبيب - الأرض القديمة الجديدة" لمؤسس الصهيونية ثيودور هرتسل و سميت يافا "تل أبيب" على إسم هذا الكتاب.
 
عودة
أعلى