دفع التعاون التونسي الليبي : التعامل من منطلق التكامل الاقتصادي و ليس بمنطق الغنيمة
سيشكل المنتدى الاقتصادي التونسي الليبي الذي سينعقد على هامش معرض طرابلس الدولي أيام 23 و24 و25 ماي 2021 منعرجا جديدا في دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية العريقة بين البلدين والمرور بها من مجرد محادثات رسمية بين مسؤولي البلدين الى التنفيذ العملي والميداني.
لا أحد ينكر أهمية العلاقات الاقتصادية التونسية الليبية الضاربة في العمق وان كلا البلدين بحاجة للآخر لدفع التعاون التجاري والارتقاء به الى مستويات ارفع والرجوع بها على الاقل الى مستويات ما قبل ثورتي البلدين سنة 2011.
وتظهر دراسات البنك الدولي ان تونس تضررت كثيرا من الأوضاع السياسية في ليبيا ونشوب الحرب الاهلية في هذا البلد الشقيق ما عطل مسار تطوير النشاط التجاري بين البلدين بل بالعكس تنامى التهريب ما أضر باقتصاد البلدين.
وعلى امتداد حوالي عقد من الزمن لم تستطع تونس ولا ليبيا في الوصول الى اتفاقيات تجارية واقتصادية جديدة تخرجهما من الوضعية الاقتصادية الحالكة وتغنيهما عن اللجوء الى الاقتراض الخارجي والحال ان الإمكانيات الاقتصادية لكلا البلدين تسمح بتحقيق مبادلات تجارية يكون انعكاسها إيجابي على الوضعية المالية.
الثابت والمتأكد ان الوقت قد حان لان تستأنف المبادلات التجارية وخاصة دفع نسق الاستثمار الخاص بين البلدين والتعامل فيما بينهما ليس بمنطق "الغنيمة" والحاجة بل بمنطق التكامل الاقتصادي في ظل تواصل تعطل بناء الوحدة الاقتصادية المغاربية وما يكلفها من هدر الامكانيات الاقتصادية بين دول المنطقة.
وامام عودة الهدوء السياسي لجارة ليبيا بتكوين حكومة وحدة وطنية، فان هذا البلد اضحى محط انظار طل دول العالم والسعي الى التقرب منها من اجل المساهمة في مشاريع اعادة الاعمار وبناء المؤسسات وخاصة الاستثمار في العديد من القطاعات الحيوية.
ورغم عمليات "المغازلة" الأجنبية من الدول الغربية فان لتونس مكانة مفضلة لدى الليبيين بحكم التاريخ المشترك والعلاقات العائلية المتصاهرة والابعاد الثقافية والتقاليد المشتركة وهو عامل مهم ونقطة قوة وجب التعامل معها بذكاء وحكمة من منطلق التركيز على مسالة الشراكة الاقتصادية بين البلدين وليس من منطلق الغنيمة.
وتكثفت المشاورات والمباحثات الرسمية بين مسؤولي البلدين في الأشهر الأخيرة ولا ادل من ذلك أداء رئيس الجمهورية قيس سعيد لزيارة رسمية الى ليبيا كأول رئيس دولة يتحول الى ليبيا إثر تركيز حكومة الوحدة الوطنية. الى ذلك تواصل تبادل الزيارات والوفود الاقتصادية في اتجاه التخطيط للمستقبل التجاري بين تونس وليبيا.
حراك اقتصادي
وتستعد أكثر من 150 مؤسسة تونسية تنشط في عدّة مجالات أكدت حضورها الدورة الأولى من المعرض الليبي التونسي أيام 23 و24 و25 ماي 2021 في مدينة طرابلس تحت شعار "منتدى التوأمة الاقتصادي نحو إفريقيا".
وينظم مجلس الأعمال التونسي الليبي الإفريقي هذا المعرض بالشراكة مع الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة بطرابلس ومركز النهوض بالصادرات الليبي الدورة الأولى.
ويهدف المعرض إلى توطيد الشراكة بين الفاعلين الاقتصاديين بالبلدين والعمل على بلورة توجه مشترك نحو إفريقيا جنوب الصحراء ولتكون تونس وليبيا بوابة لعديد الدول في أوروبا وآسيا وأمريكا المهتمة بالسوق الإفريقية.
ويعد المعرض، أيضا، فرصة كذلك للفاعلين الاقتصاديين من تونس وليبيا لإعادة التمركز والرفع من نسق المبادلات والاستثمارات بين البلدين وتوحيد الجهود للاتجاه نحو افريقيا.
يُشار إلى أنّ المبادلات التجارية بين تونس وليبيا تراجعت إلى أقل من مليار دينار، حاليا، بعد أن كانت في حدود 5ر3 مليار دينار قبل سنة 2010
وفي خضم الحراك الاقتصادي الذي تعيشه ليبيا في هذه الفترة سيؤطر مجلس التعاون الاقتصادي التونسي الليبي المشاركة التونسية في المعرض الدولي الثالث للعمارة والاستثمار العقاري بليبيا من 6 الى 9 جوان 2021. ومن المنتظر عرض مشروع لبناء 2780 وحدة سكنية التابع لجهاز تنفيذ مشروعات الإسكان
دعم حكومي
ومثل واقع التعاون التونسي-الليبي وتطوير آفاقه المستقبلية محور مجلس وزاري مضيّق انعقد الأربعاء 19 ماي 2021 بإشراف رئيس الحكومة هشام المشيشي خُصّص لاستعراض واقع التعاون بين تونس وليبيا في مختلف المجالات وسبل دعم آفاقه المستقبلية.
وأبرز رئيس الحكومة عمق العلاقات القائمة بين تونس والجارة ليبيا، مؤكدا أهمية تعزيزها وتطويرها في عدد من المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية خدمة للمصلحة المشتركة للبلدين وللشعبين الشقيقين.
كما بيـّن أن السوق الليبية تعتبر اليوم سوقا استراتيجية واعدة لبلادنا خاصة بعد التقدم الذي شهده المسار السياسي الليبي على طريق الاستقرار الذي يعمل الأشقاء الليبيون على إرساءه، مبرزا أن توفر هذا العامل وغيره من عوامل النمو والبناء سينعكس إيجابا على تعزيز علاقات التعاون وعلى الحركية الاقتصادية بين البلدين.
وأفاد المشيشي أن تونس، وفي إطار التعاون المشترك، سيكون لها دور هام في إعادة الإعمار في ليبيا وفي مواكبة نهضتها الاقتصادية والتنموية في ظل عوامل مهمة وعزيمة مشتركة تساعد على خدمة اقتصاد البلدين، من خلال ما يجمعهما من علاقات وثيقة وسلسة على المستويات الرسمية وعلى مستوى التبادل التجاري والاستثمار والتعاون بين الهياكل والمؤسسات ورجال الاعمال وفي القطاعين العمومي والخاص في تونس وليبيا.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 22/05/2021
دفع التعاون التونسي الليبي : التعامل من منطلق التكامل الاقتصادي و ليس بمنطق الغنيمة
سيشكل المنتدى الاقتصادي التونسي الليبي الذي سينعقد على هامش معرض طرابلس الدولي أيام 23 و24 و25 ماي 2021 منعرجا جديدا في دفع العلاقات الاقتصادية والتج
www.ilboursa.com