القوة السياسية للدولة ومقياسها ونتيجتها
عندما يذهب شاب ليس الا ولي عهد دولة ويستقبل استقبال الملوك والزعماء
في امبراطورية اليابان وجمهورية الصين
ودولة كوريا الجنوبية وروسيا وبريطانيا وامريكا
لا ان تقاس بلقاءات صحفية لسفير في دولةّ ما !!
يوسف العتيبة، السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2008، وهو دبلوماسي في واشنطن يعيش حياةً كحياة نجوم السينما في لوس أنجلوس.
فمنذ تعيينه، أصبح العتيبة واحداً من أكثر الرجال قوة وتربطه علاقات وثيقة بذوي الشأن في كابيتول هيل، ومنذ عام 2017، أفادت تقارير بتواصله الأسبوعي مع جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي ترامب ومستشاره.
فلم تكن بدايات العتيبة (1974) متواضعةً، وفقاُ لتسريبات ويكيليكس، بالرغم من أنه يبدو حريصاً على التأكيد على “نشأته المتواضعة.” فهو ابن مانع العتيبة، قطب عالم البترول الذي شغل منصب رئيس منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وأول وزير للنفط في دولة الإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن كونه مقرباً من مؤسس دولة الإمارات الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (1918- 2004).
والدة العتيبة، وهي مصرية وإحدى زوجات والده الأربعة، ربته في القاهرة حيث تلقى تعليماً من الدرجة الأولى في الفنون المتحررة.
وفي عام 1991، انتقل إلى واشنطن حيث درس العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون.
العتيبة متزوج من عبير العتيبة، التي تنحدر في الأصل من مصر. ولديهما طفلان: عمر (6 سنوات)، وسامية (4 سنوات). انتقلت عبير إلى الإمارات العربية المتحدة للعمل في مجال الهندسة المدنية عام 2004، حيث التقت هناك بالعتيبة وتزوجا.
ارتاد بعدها العتيبة الكلية الصناعية للقوات المسلحة التابعة لجامعة الدفاع الوطني في واشنطن العاصمة كزميل دولي. وبعد تخرجه عام 2000، التحق بموظفي محمد بن زايد آل نهيان (المعروف باسم مبز)، عندما كان يشغل آنذاك منصب رئيس أركان القوات المسلحة، وولي عهد أبوظبي الحالي. وبعمر الـ26، عيّن العتيبة كبير مستشاري محمد بن زايد، وبعد ذلك تقلد منصب مدير الشؤون الخارجية في مجلس ولي العهد لسبع سنوات. كما عمل كصلة وصلٍ رئيسية لبلاده مع حكوماتٍ أخرى في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والدفاع، ليكتسب خبرةً واعترافاً على الصعيد الدولي.
وفي الفترة ما بين 2006-2007، لعب دوراً حاسماً في إقناع دول الخليج الأخرى دعم إستراتيجية الرئيس الأمريكي بوش الإبن لتعزيز القوات الأمريكية في العراق، وفقاً لما ذكره كريستوفر هاريسون، مستشار وزارة الدفاع ووزارة الخارجية خلال إدارة بوش الذي عمل بشكلٍ وثيق مع العتيبة.
وعلى وجه التحديد، تمثل دوره بترجمة استراتيجية “صحوة الأنبار” في العراق إلى اللغة التي يقبلها ملوك الخليج، بالإضافة إلى إقناعهم بدعم الحملة لإخراج إرهابيي القاعدة الذين استولوا على جزءٍ كبير من محافظة الأنبار.
أدى نجاحه في إبرام اتفاق الأنبار إلى حصوله على وظيفةٍ في واشنطن كسفيرٍ لبلاده، وأبرز المقربين لمحمد بن زايد في الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى عكس الدبلوماسيين الآخرين، بدى أنه يفهم واشنطن أكثر من أي شخصٍ آخر.
وبمجرد وصوله، عيّن إيمي ليتل توماس، وهي موظفة سابقة في وزارة الخارجية الأمريكية أثناء إدارة بوش، بمنصب مسؤولة المراسم بالسفارة الإماراتية. ووفقاً لمقالٍ نشرته هافينغتون بوست بعنوان “إنها مدينته،” في إشارةٍ إلى مدى نفوذ العتيبة في العاصمة واشنطن، ذكرت الصحيفة أن إيمي “فتحت كل الأبواب التي احتاج الدخول إليها. وبعد ذلك، ظهر في كل مكان.” ولم يحتاج إلى وقتٍ طويل حتى بدأ الأشخاص الآخرون يلاحظون وجوده.
كما أسس مؤسسة أويسيس غير الربحية، التي تهدف إلى “تعزيز العلاقات الايجابية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، واحدة من حلفاء الأمريكيين المهمة (وبخاصة في الشرق الأوسط)، والولايات المتحدة الأمريكية.”
وبالإضافة إلى ذلك، كان من بين مهندسي الاتفاق الأمريكي- الإماراتي البارز للتعاون السلمي المدني في مجال الطاقة النووية (الإتفاق رقم 123) الذي دخل حيز النفاذ في عام 2009، حيث سُمح لدولة الإمارات بالحصول على مواد نووية من الولايات المتحدة لبرنامجٍ مدني- الذي يعدّ الأول بين البلدان العربية .
ومن بين الصفقات الهامة الأخرى التي ساعد العتيبة على إبرامها مع الولايات المتحدة، حصول بلاده على منظومة الدفاع الجوي الصاروخي أرض- جو (ثاد) الحديثة، مما جعل دولة الإمارات أول دولة في العالم تحصل على المنظومة الصاروخية.
ومع ذلك، لم يكن صعود العتيبة السريع في واشنطن نتيجة جهدٍ شخصي فحسب. فقد حظي السفير بتأييدٍ كامل من محمد بن زايد، الذي كان بدوره على استعدادٍ تام لضخ مبالغ ضخمة من الأموال في مراكز التفكير وشركات العلاقات العامة للنهوض بجدول أعماله وتحسين مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة في العاصمة السياسية للعالم.
وفي عام 2014، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن دولة الإمارات العربية المتحدة أنفقت 14,2 مليون دولار، أي أكثر من أي دولة، على شركات العلاقات العامة للتأثير على الرأي العام الأمريكي، الذي تم، بين أمورٍ أخرى، من خلال إجراء اتصالاتٍ مع كتّاب الأعمدة والصحفيين لمناقشة “قضايا التمويل غير المشروع.” وهذا ما حصل أيضاً في العام 2016، كما ذكرت المونيتور.
.