الأسد في الرياض..
عبد السلام حاج بكري*
================
عبد السلام حاج بكري | 2017-11-18 16:34:09
الكاتب: لقد نجح الأسد ومن وراءه بصناعة معارضة تمثله في محافل التفاوض
لن يقتنع سوري عاقل أن أحد الذاهبين إلى الرياض لا يعرف ماذا يراد منه وما الذي يجب أن يوافق عليه، إنه ببساطة شديدة سيبصم بالعشرة (لأنه لا يعرف التوقيع السياسي) على القبول باستمرار بشار الأسد رئيسا (شرعيا) يعاد انتخابه برعاية روسيا، وسيقبض (الشرهة) من السادة الأمراء ويقفل عائدا من حيث أتى ليلملم أغراضه ويضعها في حقيبة سفره استعدادا للعودة والجلوس في حضن بشار.
السوريون، كل السوريين، تعبوا، ويريدون حلا ينهي مأساتهم المستمرة منذ سبع سنوات، ولكنهم بالتأكيد لا يريدون أي حل بدون تحديد، فبعد كل ما جرى، وهو عصي على الإحصاء، ولن يقبل الطرفان بأقل من انتصار، ولو كان معنويا.
الائتلاف على أمراضه ومستحاثاته ومتأسلميه، لم يتنازل كليا عن مطالب ثوار سوريا ومقهوريها، واحتفظت الهيئة التفاوضية بقليل من ماء الوجه، ولم تخلع آخر ما يستر المعارضة أمام الروس وإيران والنظام، ومن خلفهم الدول التي تدعي صداقة الشعب السوري.
المسافرون بأكياسهم الفارغة إلى الرياض قد يتحدثون في كل شيء ما عدا مناقشة المضيف ببقاء الأسد، فعندما قبلوا دعوة المملكة وارتضوا الجلوس إلى الروسي قدري جميل والفنان القدير (مع التحفظ) جمال سليمان و(الشاب) حسن عبد العظيم مع ودودين آخرين للنظام، ممن يطلبون تنحية موضوع الرئيس جانبا، فهم استبدلوا القضية بالهدية، وسيتحدثون لاحقا عن الواقعية السياسية، ومن لم يفعل منهم غاب عن المشهد.
جملة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه السعودية لم تمنعها من إيجاد حيز زمني لفعل شيء ما في سوريا، وهي التي أنشأت بإيعاز دولي الهيئة العليا للتفاوض، وفي طريقها لصناعة هيئة جديدة موسعة ترضى ببقاء الأسد مقابل تحجيم الدور الإيراني فقط، وهذا ما توافقت عليه دول الغرب وإسرائيل، ولم تعترض عليه روسيا.
في الرياض يتم إعداد فريق يبصم على مصالح الجميع في سوريا ما عدا مصلحة السوريين، ومن غير المتوقع أن يستطيع المجتمعون إخفاء الحقائق، كما جرى في اجتماعات الأستانة وما نتج عن الاجتماعات المتكررة فيها.
إن ما سيتم إقراره في الرياض يتنافى مع التوجهات النظرية الفردية والحزبية لغالبية المشاركين، ولن يكون من السهل عليهم تبرير فعلتهم وهم الذين طالما صدعوا بها الرؤوس عبر وسائل الإعلام.
لقد نجح الأسد ومن وراءه بصناعة معارضة تمثله في محافل التفاوض، تبحث مع وفده الرسمي ترتيبات ما بعد (الثورة) وطلاء كرسيه من جديد، وهذا كل ما يعنيه من القصة السورية.
لم يرض السوريون بتنازلات الائتلاف وهيئة المفاوضات، ولن يقبلوا بالجديد من التنازلات، ولكنهم مغلوبون على أمرهم، لا يملكون سلاحا سوى التظاهر رفضا، وهذا لن يكون يسيرا في ظل قمع الفصائل المتأسلمة للمتظاهرين أسوة بنظام بشار الأسد، ولعل أكثرهم يدرك المصير الذي يرسم لهم، وهذا ما دفعهم للبحث عن (بلم) ينقلهم للضفة الأخرى من العالم أو جنسية أو عمل مستقر في بلدان مجاورة.
ما حرك المياه السورية الراكدة النشاط الإعلامي الإسرائيلي باتجاه الترويج لحرب إسرائيلية على المدّ الإيراني، وهي عبر شركائها تضغط من أجل ترتيب الساحة تمهيدا لهذه الحرب أو تحقيق نتائجها دون اندلاعها.
لعل توافق المصالح السعودية الإسرائيلية في سورية يسرّع في إنهاء مأساة الموت أكثر من أي وقت مضى، لكنه لا يعير انتباها لاستمرار الديكتاتورية الأمنية التي تسببت بها.
*من كتاب "زمان الوصل