غياب "حجي مارع" الأيقونة الأغلى للثورة السورية
==============
هو الغائب الحاضر في أذهان السوريين، المواطن البسيط الذي عكس الذهنية العامة للبسطاء، والقائد العسكري الذي استطاع تجنيد الآلاف من خلفه، لم تطل فترة غيابه عن الثورة السورية كثيراً (عام واحد)، لكنها ومدينته حلب تغيّرتا أكثر، فلم تقترب مما سعى إليه، هو "حجي مارع" كما يحلو لأهالي حلب تسميته، عبد القادر الصالح، المولود في العام 1979، والذي يعتبره الكثير من السوريين الأيقونة الأغلى للثورة السورية.
قاد الصالح اللواء العسكري الأول، الذي شكلته المعارضة السورية المسلحة في شهر يونيو/ حزيران عام 2012، "لواء التوحيد"، الذي تحول خلال برهة من الزمن إلى قوة ضاربة، في الشمال السوري، وانضوى بين صفوف هذا اللواء حوالى 11000 مقاتل، ليتزامن تشكيله مع بدء معركة حلب، المدينة التي كانت مغيبة تماماً عن ما تشهده المدن السورية الأخرى، من أعمال عسكرية وأمنية، فكان من نتائج تلك المعركة أن بسطت المعارضة سيطرتها على 70 في المئة من مساحة المدينة خلال أيام قليلة.
ولم يقبل الصالح يوماً أنصاف الحلول، فإما الثورية، والإخلاص لها، أو الاعتزال، تلك الثورية التي لم تكن في نظر الصالح حكراً على مدينة معينة، وإنما لكامل الوطن الذي حلم به، فكان الصالح من القلة القليلة من قوات المعارضة التي اتجهت إلى مدينة القصير الحمصية، وذلك قبل سقوطها بيد النظام، مدعوماً بقوات "حزب الله"، بتاريخ 5 يونيو/ حزيران عام 2013.
"كان ذهاب عبد القادر الصالح في تلك الفترة، إيماناً منه بأن سورية هي بلد واحد موحَّد، والثورة هي خادمة لهذا الكل الواحد"، هذا ما قاله قائد المجلس العسكري السابق لمدينة حلب العقيد، عبد الجبار العكيدي، لـ"العربي الجديد".
وأضاف العكيدي "بعد خسارة القصير، شعرنا بالمرارة، لكن دون اليأس، فالحرب كر وفر، أكثر المتفائلين والمتحمسين كان عبد القادر".
عاد الصالح إلى حلب، محولاً الخسارة في القصير، إلى انتصارات عسكرية في مدينة حلب، فلم يغفل الجانب المؤسساتي، حيث بدأ بإنشاء المؤسسات الثورية، وأعطى الكثير من وقته لذلك، بدءاً بالمؤسسات العسكرية، ومن ثم المؤسسات المدنية، والتعليمية على وجه خاص.
ورفض الصالح دائماً الخوض في شكل حكم سورية الجديدة، وعبر كل تصريحاته الإعلامية، كان يكرر دائماً بأن من يستطيع تحديد شكل الحكم هو الشعب فقط، بالمقابل لم يخفِ هويته الإسلامية، التي لم يكن يراها تتعارض مع هوية البلد بكل مكوناته.
وبدأت شاشات العالم الإخبارية، تتناقل صور هذا القائد الذي أجاد العفوية، كما أجاد القيادة العسكرية، ومقابل هذه الشهرة، كان الخطر الأمني يتهدد الصالح، فبدأت قوات النظام بهجوم مباغت على الجهة الشرقية لمدينة نقارين، حيث زجت قوات النظام بحشود كبيرة من قواتها لتحقيق ذلك الخرق، مما استدعى التأهب من قوات المعارضة، وعلى إثر ذلك ترأس الصالح اجتماعاً لرجالات لواء التوحيد، في كلية المشاة، بتاريخ 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013.
وتمكنت قوات النظام، عبر عملية استخبارية، من استهداف مقر الاجتماع، بغارة من طائرة حربية، ليعلن على الفور مقتل ثلاثة من قادة اللواء، ويتم إسعاف الصالح إلى المشفى الميداني الأقرب، مستشفى الحرية، ونظراً لحرج وضعه الصحي، تم نقله فوراً إلى المستشفيات التركية، ليعلن فيما بعد عن مقتل القائد الميداني متأثراً بجراحه الناجمة عن تلك الغارة.
لا يزال الغموض يكتنف مصير المسؤولين عن هذا الخرق الأمني، إلا أن الثابت الذي علم به "العربي الجديد" من مصادر خاصة، أن الصالح، قتل بيوم تاريخ الغارة، قبل دخوله الأراضي التركية، فيما نعى "لواء التوحيد" على لسان القائد العام، عبد العزيز سلامة، الصالح بتاريخ 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، أي بعد أربعة أيام من مقتله.
وخسرت المعارضة برحيل الصالح، أقوى قياداتها، والكثير من مناطق نفوذها في مدينة حلب، وخصوصاً بعد تحول الصراع في المدينة، من صراع بين النظام وقوات المعارضة، إلى آخر بين قوات المعارضة، وتنظيم "داعش"، وقوات النظام.
تاريخ المقال 2014
قاد الصالح اللواء العسكري الأول، الذي شكلته المعارضة السورية المسلحة في شهر يونيو/ حزيران عام 2012، "لواء التوحيد"، الذي تحول خلال برهة من الزمن إلى قوة ضاربة، في الشمال السوري، وانضوى بين صفوف هذا اللواء حوالى 11000 مقاتل، ليتزامن تشكيله مع بدء معركة حلب، المدينة التي كانت مغيبة تماماً عن ما تشهده المدن السورية الأخرى، من أعمال عسكرية وأمنية، فكان من نتائج تلك المعركة أن بسطت المعارضة سيطرتها على 70 في المئة من مساحة المدينة خلال أيام قليلة.
ولم يقبل الصالح يوماً أنصاف الحلول، فإما الثورية، والإخلاص لها، أو الاعتزال، تلك الثورية التي لم تكن في نظر الصالح حكراً على مدينة معينة، وإنما لكامل الوطن الذي حلم به، فكان الصالح من القلة القليلة من قوات المعارضة التي اتجهت إلى مدينة القصير الحمصية، وذلك قبل سقوطها بيد النظام، مدعوماً بقوات "حزب الله"، بتاريخ 5 يونيو/ حزيران عام 2013.
"كان ذهاب عبد القادر الصالح في تلك الفترة، إيماناً منه بأن سورية هي بلد واحد موحَّد، والثورة هي خادمة لهذا الكل الواحد"، هذا ما قاله قائد المجلس العسكري السابق لمدينة حلب العقيد، عبد الجبار العكيدي، لـ"العربي الجديد".
وأضاف العكيدي "بعد خسارة القصير، شعرنا بالمرارة، لكن دون اليأس، فالحرب كر وفر، أكثر المتفائلين والمتحمسين كان عبد القادر".
عاد الصالح إلى حلب، محولاً الخسارة في القصير، إلى انتصارات عسكرية في مدينة حلب، فلم يغفل الجانب المؤسساتي، حيث بدأ بإنشاء المؤسسات الثورية، وأعطى الكثير من وقته لذلك، بدءاً بالمؤسسات العسكرية، ومن ثم المؤسسات المدنية، والتعليمية على وجه خاص.
ورفض الصالح دائماً الخوض في شكل حكم سورية الجديدة، وعبر كل تصريحاته الإعلامية، كان يكرر دائماً بأن من يستطيع تحديد شكل الحكم هو الشعب فقط، بالمقابل لم يخفِ هويته الإسلامية، التي لم يكن يراها تتعارض مع هوية البلد بكل مكوناته.
وبدأت شاشات العالم الإخبارية، تتناقل صور هذا القائد الذي أجاد العفوية، كما أجاد القيادة العسكرية، ومقابل هذه الشهرة، كان الخطر الأمني يتهدد الصالح، فبدأت قوات النظام بهجوم مباغت على الجهة الشرقية لمدينة نقارين، حيث زجت قوات النظام بحشود كبيرة من قواتها لتحقيق ذلك الخرق، مما استدعى التأهب من قوات المعارضة، وعلى إثر ذلك ترأس الصالح اجتماعاً لرجالات لواء التوحيد، في كلية المشاة، بتاريخ 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013.
وتمكنت قوات النظام، عبر عملية استخبارية، من استهداف مقر الاجتماع، بغارة من طائرة حربية، ليعلن على الفور مقتل ثلاثة من قادة اللواء، ويتم إسعاف الصالح إلى المشفى الميداني الأقرب، مستشفى الحرية، ونظراً لحرج وضعه الصحي، تم نقله فوراً إلى المستشفيات التركية، ليعلن فيما بعد عن مقتل القائد الميداني متأثراً بجراحه الناجمة عن تلك الغارة.
لا يزال الغموض يكتنف مصير المسؤولين عن هذا الخرق الأمني، إلا أن الثابت الذي علم به "العربي الجديد" من مصادر خاصة، أن الصالح، قتل بيوم تاريخ الغارة، قبل دخوله الأراضي التركية، فيما نعى "لواء التوحيد" على لسان القائد العام، عبد العزيز سلامة، الصالح بتاريخ 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، أي بعد أربعة أيام من مقتله.
وخسرت المعارضة برحيل الصالح، أقوى قياداتها، والكثير من مناطق نفوذها في مدينة حلب، وخصوصاً بعد تحول الصراع في المدينة، من صراع بين النظام وقوات المعارضة، إلى آخر بين قوات المعارضة، وتنظيم "داعش"، وقوات النظام.
تاريخ المقال 2014