ماذا وراء الاغتيالات التي تضرب تحرير الشام بإدلب؟
لا يكاد يمضي أسبوع في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام إلا ويشهد عملية اغتيال تستهدف معظم الفصائل، لكن اللافت في الآونة الأخيرة ازدياد عمليات الاغتيال ضد هيئة تحرير الشام، كما حدث مؤخرا مع نجل القيادي في الهيئة، أبو مالك التلي، الذي اغتيل في ظروف غامضة.
وحول تفسير الأسباب الكامنة وراء مثل هذه الاغتيالات، يقول الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الجهادية خليل المقداد: "هذه الاغتيالات تندرج في إطار زرع الفوضى والبلبلة في صفوف الهيئة، وهي إحدى مخرجات ومقررات أستانا، بمعنى إرهاقها داخليا وتشتيتها وصرف انتباهها وإشغالها بنفسها، بانتظار المرحلة التالية من مخطط الاستهداف"، بحسب قوله.
ورأى أن عمليات الاغتيال "مؤشر خطير على الاختراق الحاصل في مناطق سيطرة الهيئة، ودليل على وجود خلايا ومجموعات محترفة؛ ربما تكون موجودة في هذه المناطق، وربما تتسلل ثم تختفي، لكنه في نفس الوقت انعكاس للفوضى الحاصلة ومؤشر على ضعف السيطرة والتحكم".
وأضاف لـ"عربي21": "لا يمكن توجيه أصابع الاتهام لطرف بعينه، فأعداء الهيئة كثر ولا يمكن استبعاد الأطراف الدولية والإقليمية التي تملك مجموعات متخصصة في هكذا عمليات"، كما قال.
يتابع: "عجزت الفصائل عن تشكيل جهاز أمن، وهذا يعود لانعدام الثقة والتجانس بين الفصائل بالدرجة الأولى"، معتبرا أنه "يمكن وقف هذه العمليات في حال تم التعامل معها بجدية لكشف الجهة أو الجهات المنفذة، ما يعني كشف المخطط والخلايا المرتبطة به"، متحدثا عن "مخطط لزعزعة الاستقرار، وإشغال الهيئة وتخويف الفصائل المرتبطة بها، وزرع الفرقة والشك بينها، وصولا لضربها ببعضها"، وفق تعبيره.
وفي المقابل، استبعد المقداد أن تكون عمليات الاغتيال داخل الهيئة مرتبطة بصراعات أجنحة داخلها، معتبرا أن "طبيعة الاغتيالات ذات طابع انتقامي بالدرجة الأولى". لكنه أوضح أنه "في حال استمرت الاغتيالات، فقد تشجع بطريقة أو أخرى على تصفية الحسابات الشخصية بين عدد من التيارات" داخل الهيئة، كما قال.
من جهته، يرى الشرعي والقاضي في الثورة السورية الشيخ عبد الرزاق المهدي أن الخروج من هذا الفلتان يكون بتشكيل جهاز شرطة موحد يعمل ضمن هذا الجهاز أهل اختصاص يساعدهم شرعيون لكي لا يكون هناك تجاوز، ويجب أن يكون هناك توحيد للجهود من خلال جهاز شرطة وأمني عام.
ويقول المهدي الذي يعرف نفسه بأنه "مستقل"، في حديث لـ"عربي21": "من يقف وراء هذه الاغتيالات عدة جهات، أولها النظام من خلال خلاياه، والجهة الثانية هي جماعة (تنظيم) الدولة التي تملك خلايا، فأحيانا تنشط خلايا النظام وفي أحيان أخرى تنشط خلايا الدولة، لكن عمليات الأخير متميزة عن عمليات النظام، فهي تكون إما بتفجير حزام ناسف أو تفجير سيارة يقودها شخص".
وأضاف: "أما الطرف الثالث الذي يقف وراء الاغتيالات؛ فهو الخصومات بين الجماعات والفصائل أو الأفراد ضمن هذه الجماعات.. والطرف الرابع هو الخصومات الشخصية التي تتعلق بعلاقات بين الأفراد"، وفق قوله.
ويذهب الإعلامي أبو عبادة الشامي؛ إلى أن خلايا النظام هي من يقف وراء هذه الاغتيالات لإشاعة الفوضى في المناطق الخارجة عن سيطرته، والتخلص من قادة مهمين ومؤثرين على النظام في صفوف تحرير الشام، كما قال.
ويقول الشامي لـ"عربي21": "عجزت الفصائل عن تشكيل جهاز أمن، وذلك لأن كل فصيل يرى بعينه ومنظور فصيله لا بمنظور الشعب وحاجته للأمن والسلامة".
وفي حين استبعد أن تكون عمليات الاغتيال داخل صفوف تحرير الشام ناتجة عن صراع داخلي، أكد أن الحل للتخلص من هذا "الفلتان" يكون بـ"تشكيل جهاز شرطة خبير بهذه الأمور الأمنية، والأفضل تفعيل الشرطة وانحياز الفصائل إلى الجبهات العسكرية وتسليم جميع الحواجز للشرطة، وإنشاء منظومة تواصل تربط جميع الأقسام الشرطية، وتفعيل قسم الجنايات من البصمات إلى التفيش وإنشاء حاسوب شرطة مركزي"، كما قال.