"جسر الشغور " إلى النفوذ "العلوي"..
================
عبد السلام حاج بكري*
عبد السلام حاج بكري | 2017-09-30 15:06:23
الكاتب: لم تعد السيطرة على جسر الشغور والريف الغربي لإدلب مستبعدة
لا تزال إدلب في ساحة الرهانات وعلى طاولة المساومات بين روسيا وحليفيها النظام وإيران من جانب، وتركيا والإسلاميين من طرف آخر وكأن حسابات جغرافية وسياسية في مكان آخر ترتبط بها، بعدما أخلت أمريكا الساحة لمن يفعل ما تريد دون أن تظهر في الكادر.
ويبقى لمدينة جسر الشغور وضع خاص لاعتبارات عديدة تجعلها خارج اللعبة الإدلبية رغم أنها تتبع لها إداريا، فهي بوابة الدخول إلى منطقة النفوذ العلوي المتفق عليه دوليا من الجهة الشرقية.
جسر الشغور كانت دائما شوكة عصية في حلق الاستبداد الأسدي، وهي ثارت عليه في مطلع الثمانينات مع حماة وبعض حلب واللاذقية، وكانت من قبل، سدا منيعا في وجه الحلم الذي يتمدد من المخيلة العلوية وصولا إليها.
يسجل التاريخ أن رجال المدينة وثوار جبل الزاوية خاضوا مع ثوار جبل الأكراد معركة لا يذكرها التاريخ الذي درّسه الأسد للسوريين، وهي معركة التلول الحمر التي تصدوا فيها للهجوم الكبير الذي شنته قوات "المناضل" صالح العلي بقيادة عميله علي بدور بدعم من الطيران الفرنسي على جبل الأكراد "السنّي" بهدف السيطرة عليه وضمّه لدولة العلويين.
هنا شمال غرب سلمى أنهى حلف رجال غربي إدلب وجبل الأكراد الحلم العلوي بدولة حدودها جسر الشغور شرقا، وهذا ما خلق حقدا دفينا في نفوس أنصار الانفصال العلوي عن سوريا امتد حتى الآن، حتى أن نظام الأسد غرس فيها أقذر ضباط الأمن وأعدادا كبيرة من العناصر تفوق مقتضيات لجم مدينة بحجمها، نكلوا بأهلها، وأمعنوا بقهرهم حتى بات الحقد متبادلا.
ضابط كبير في جيش الأسد قال عقب الانسحاب من جسر الشغور "سنعود إليها، والله لولا "كسب" ما تركناها" الضابط شتم أمريكا واللوبي الأرميني فيها وتركيا التي دعمت الثوار لدخول كسب للمقايضات التي اتفقوا عليها، وأدت لانسحاب النظام من المدينة.
قصف النظام وروسيا العنيف جدا خلال الأيام الماضية على إدلب وتخصيص جسر الشغور والريف الغربي بالنسبة العظمى لهو مؤشر ناصع على إصرار الأسد على ضم المدينة إلى نفوذه في الساحل، وهو الذي سيطر على جبلي الأكراد والتركمان آخر النقاط التي تتبع ريف اللاذقية.
لم تصل قصة جسر الشغور إلى نهايتها، ولا تزال تخضع للمساومات بين تركيا وروسيا بعد توقف المشروع الذي طرحته روسيا الذي يقضي بتسليم جبلي الأكراد والتركمان لوجهاء المنطقتين من المدنيين وإخلائهما من المسلحين من الطرفين، وبالتالي إبقاء المدينة في ظل النفوذ التركي.
تركيا لم تعترض عليه، ولكنها طلبت وصل منطقة "درع الفرات" بريف اللاذقية، الأمر الذي يعجب روسيا التي ترغب بوجود كردي يفصل المنطقتين أسوة بمنطقة الفصل بين أكراد الشرق وعفرين، ولا يبدو واضحا حتى اللحظة ما إذا بحث أردوغان وبوتين في لقائهما بأنقرة مصير المنطقة الذي يتلازم مع جسر الشغور.
قبل التدخل الروسي الفاعل في الحالة السورية كانت تركيا تسير باتجاه إبعاد أي وجود لأنصار الأسد على حدودها، ولكنها شيئا فشيئا تراجعت عن ذلك، وسمحت بسيطرته على مسافة غير قليلة مع حدودها بريف اللاذقية، وتنازلت بظروف غامضة عن جبل التركمان الذي تعتبره منطقة تخصها لأن غالبية سكانه من التركمان.
هذا ما يجعل التنبؤ بالموقف التركي من جسر الشغور صعبا، ومن غير المستبعد أن تسمح للنظام بالعودة إليها مقابل مكسب صغير في موقع آخر، وهي التي ترزح تحت ضغوط أمريكية كبيرة، عدا عن انشغالها بموضوع استقلال الأكراد بدولة في شمال العراق، دون أن ننسى أنها لا تعلن عما تتوافق عليه مع روسيا على وسائل الإعلام.
لم تعد السيطرة على جسر الشغور والريف الغربي لإدلب مستبعدة، لا سيما أن روسيا وضعت ثقلها في الموضوع، ولم ينفع لقاء رئيسها بالرئيس التركي بوقف القصف عليها رغم إعلانه، وهي دائما تمتلك ذريعة مكافحة الإرهاب لتوجيه صواريخها والتمهيد لتقدم الأسد.
*من كتاب "زمان الوصل