إيثار عبد الحق-زمان الوصل-خاص | 2017-08-14 08:00:38
بقرة جالسة وأخرى تحرك ذنبها وحظيرة قذرة، "خطوط حمراء" لم تمنع من نشر صورة أسماء الأسد
**"قناة".. أسرة انسلخت عن محيطها وأودعت كل رصيدها في خزائن النظام مقابل عوائد بخسة
**قدمت ضابطين مجرمين في سلاح الطيران، وآخر في مجال المخابرات
** تواصت العائلة بالتشبيح وخدمة الأسد، بدءا من الوالد العجوز وصولا إلى أحفاده
في خطوة غير معتادة، ولا حتى مسبوقة ربما، عمدت "رئاسة الجمهورية العربية السورية" إلى حذف مادة مكتوبة مرفقة بالصور من موقعها الرسمي، تتحدث عن عائلة موالية من بلدة جباب في ريف درعا، دفع ربها بستة من أولاده ليكونوا ضباطا في جيش النظام.
وأظهرت الصور، أسماء زوجة بشار وهي تقوم باستقبال عائلة "قناة" وعلى رأسها ربّ الأسرة العجوز "موسى قناة" -75 عاما- بصحبة عدد كبير من أفراد عائلته.
ونشرت صفحة "رئاسة الجمهورية" مع الصور، نصاً تم صياغته بطريقة توحي بـ"عظمة" ما قام به العجوز في خدمة النظام، وهو ما دفع معظم الصفحات الموالية لمشاركة المنشور أو نقله، قبل أن تعمد "رئاسة الجمهورية" لحذفه نهائيا مع الصور.
*الرياضي الشبيح
===
رغم عدم وضوح دواعي حذف المنشور والصور، إلا أنه يبدو أن أمرا "جللا" –في عرف النظام- هو الذي دفع لهذه الخطوة، ومن المستبعد أن يكون الأمر متعلقا بخطأ في لقطات الصور فقط، وإلا لتم الاكتفاء بحذف الصور أو حذف اللقطات غير المرغوبة، ولتم مثلا حذف صورة لـ"أسماء الأخرس الأسد" وسط حظيرة أبقار في "ريف طرطوس" نشرت قبل أيام، لكنها رغم كل ما فيها من تجاوز لـ"خطوط التقديس الحمراء" ما زالت مدرجة على الصفحة الرسمية.
ويكشف التدقيق الأولي في الصور الخاصة بعائلة "قناة" عن بعض النقاط، ومن أهمها أن "أسماء" استقبلتهم في "قبو" القصر، حيث تظهر إحدى اللقطات 14 فردا من العائلة وهم ينهون هبوط درج متجهين نحو "أسماء" التي تنتظرهم عند الباب.
أما النص الذي نشرته "رئاسة الجمهورية" ثم سارعت لحذفه، فإنه يعيدنا إلى تاريخ عائلة انغمست أيدي أبنائها في دماء الشعب السوري، عبر إصرارهم –كل من موقعه- على التفاني في خدمة النظام، وتقديم فروض التزلف منه والولاء عن طريق التنكيل بالسوريين وقتل ما يستطيعون منهم.
ويكشف تاريخ عائلة "موسى قناة" عن أسرة سحبت معظم رصيدها الاجتماعي في محيطها الحوراني، لتودعه في خزينة النظام، عبر الزج بـ6 أولاد ليكونوا ضباطا في جيش ومخابرات النظام، وعبر مواصلتها الزج بالجيل الثاني من العائلة (الأحفاد) ومنهم "عبدالله"، الذي تطوّع في الكلية الحربية خلال سنوات الثورة (السنوات التي كانت سكين النظام تذبح أهله في حوران وكل سوريا)، ولم يدخر جهدا ولا وقتا للالتحاق بجبهات جيش النظام فور تخرجه، فقتل بعد نحو شهرين من تخرجه والتحاقه.
ولاتقف قصة أسرة "موسى قناة" عند حد المتطوعين في جيش النظام، بل تتعداها إلى تجنيد المرتزقة ممن لم يسعفهم "حظهم" في التطوع، ومنهم مصطفى موسى قناة، الذي كان يعد رأسا من رؤوس التشبيح في بلدته "جباب" وقد لحق أهل البلدة منه ومن معاونيه من الأذى ما لحق، قبل أن تتم تصفيته عام 2013.
وكان "مصطفى" يشغل عضو مجلس إدارة نادي جباب الرياضي، وقد أدرجه النظام ضمن قوائم "شهداء الرياضة السورية" بهذه الصفة؛ ليوحي للعالم بأن الثورة وثوارها شر لايسلم منه حتى "الرياضيون"!
وهناك إلى جانب مصطفى أخوه "خالد" الذي تابعه على طريق التشبيح، فاستحق مكافأة النظام له بأن عينه "عضوا" في قيادة "فرع حزب البعث بدرعا" ضمن أوامر الحل والتشكيل التي صدرت قبل أيام.
*طياران مجرمان
===
وبالعودة إلى الضباط الذين زج بهم "موسى قناة" ليخدموا نظامه، يتضح أن اثنين منهم يخدمان في "القوى الجوية"، السلاح الأشد فتكا وتدميرا الذي سلطه بشار الأسد على السوريين، وهما: عمر وطارق.
أما "العقيد الركن عمر قناة" فقد ظهر في إحدى لقطات الاستقبال المحذوفة، ببزة القوى الجوية (الزرقاء) مرتديا رتبه العسكرية، وهو طيار يخدم في سرب النقل العسكري (اللواء 29) المتمركز في مطار دمشق الدولي، وقد ورد ذكره في إحدى تقارير سلسلة "طيارو الأسد، غربان الموت" التي نشرتها "زمان الوصل" (للاستزادة
)
اضغط هنا.
ولايخفى أبدا ما قدمه سرب النقل العسكري من دعم للنظام، إما عبر نقل شحنات الذخيرة، أو نقل الجنود والمرتزقة، سواء داخل سوريا أو من خارجها.
وأما "العقيد طارق قناة" فقد لقي مصرعه أواخر أيلول/سبتمبر 2014، عندما كان في مهمة لقصف قرية "طرنجة" في ريف القنيطرة برفقة العقيد الطيار "حسان جديع الهادي" على متن طائرة واحدة من نوع "سوخوي"، ويبدو أنههما ضلا وتجاوزا الحد المسموح لهما فتخطيا الحدود نحو الأراضي المحتلة، فما كان من "الجيش الإسرائيلي" إلا أن أطلق نحو طائرتهما صاروخا دمرها، وقتل "طارق" فيما أصيب "الهادي" بجروح بالغة.
وكان "الهادي" المتحدر من قرية "أم الرمان" بالسويداء، يخدم مع "طارق قناة" في السرب 696 التابع للواء 17 في "مطار السين"، وهو السرب الذي سبق لموقع "كلنا شركاء" أن تحدث عن ضلوعه في تصفية "اللواء جامع جامع"، المعروف بأنه واحد من أشد ضباط النظام الطائفيين المخابراتيين إجراما.
وبحسب رواية "كلنا شركاء" فإن من قام بتصفية "جامع" هما الطياران "قناة" و"الهادي" بناء على خطة وضعها "جميل حسن" رئيس المخابرات الجوية، ردا على تمرد "جامع" وتنمره ومحاولته الاستئثار بأي قرار يخص دير الزور، دون الرجوع إلى "القيادة" في دمشق.
وتقول الرواية إن "جميل حسن" أراد إسناد مهمة تصفية "جامع" لطيار غير علوي في السرب 696 من اللواء 17، وبما أن كل طياري السرب وملاحيه علويون، باستثناء "الهادي" الدرزي، و"قناة" السني، فقد وقع الاختيار إجباريا عليهما، ليقوما بالمهمة.
وقد أمر "حسن" قائد اللواء 17 "العميد عماد نفوري" أن يحضر لهذه المهمة بمنتهى السرية والحذر، بحيث تظهر الطلعة أنها طلعة قصف عادية، وقد تم بالفعل تزويد "قناة" و"الهادي" بإحداثيات الهدف المطلوب قصفه، دون إعلامهما بنوعه، وفي التوقيت المحدد من يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر 2013، أقلعا بطائرتهما وهما مزودين بتعليمات تشدد على أهمية "هدفهما"، فأسقطا القنابل في المكان الذي تم تحديده لهما، وعادا دون أن يدريا أنهما قصفا مقر "اللواء جامع جامع" وقتلاه، ليتم نعيه في صفحات النظام بوصفه "العماد الشهيد".
*أحمد؟
===
إلى جانب الضابطين في سلاح الجو، عمر وطارق، هناك "العقيد زكريا"، الذي يتولى إدارة فريق "الجيش"، وقد تسلم "زكريا" منصبه هذا خلفا لـ"العقيد نزيه نعمان" الذي قتل بقذيفة هاون سقطت في "مدينة الفيحاء" وسط دمشق، في تشرين ثاني/ نوفمبر 2016.
وهناك أيضا، "العقيد سليمان قناة" الذي لايعرف مكان خدمته بالضبط، مع اختلاف بين من يشير إلى أنه ضابط في "إدارة المخابرات العامة"، ومن يقول إنه يخدم في "شعبة المخابرات العسكرية"، وكلاهما جهازان والغان في الدم السوري.
وتكتمل حلقة أبناء "موسى قناة" الضباط بـ"الرائد نافع"، و"العميد أحمد"، وهذا الأخير مسرح من خدمته، لأسباب غير معلومة يقينا، مع تضارب الأقوال حولها، من اتهامات تبدأ بالفساد، وتصل حد اتهامه بالتورط في التجسس لصالح "العدو".
ويبدو أن هناك شيئا خطيرا للغاية يتعلق بعائلة "موسى قناة" استدعى تعليمات أمنية عاجلة ومشددة بضرورة حذف منشور استقبال أسماء الأسد لهم من صفحة "رئاسة الجمهورية"، وربما يكون هذا الأمر متعلقا بتاريخ العميد المسرح "أحمد" (تولد 1959).
وأياً تكن دواعي الحذف، فإن استقبال "أسماء" لعائلة موسى قناة، أعاد تذكير السوريين -ولاسيما أهل حوران- بسيرة أسرة باعت نفسها للنظام بثمن بخس للغاية، جعله يتبرأ منها ويحذف خبر استقبالها وصوره من أرشيفه تماما، لتحل مكانها صورة أسماء ضمن حظيرة البقر بريف طرطوس في صدارة ملف صور "رئاسة الجمهورية"، لولا أن تم تداركها بصورة يتيمة لاستقبال عائلة أخرى من عائلات الموالين!
النص المحذوف كما نشرته "رئاسة الجمهورية":
"قدّم ابنيه وحفيده فداء للوطن، وربّى ستة من أخوتهم ليكونوا ضباطاً في صفوف الجيش العربي السوري.. ورغم تبدّل وجه قاتل أبنائه ثلاث مرات بين وكيل وأصيل.. إلا أنه لم يهتزّ ولم يفقد إيمانه بوطنه.. حيث غدر الإرهابيون بابنه مصطفى، واستشهد في 2013 برصاص 15 مسلّح وسط بلدته جباب بـدرعا، بعد أن حالوا اختطافه ليجبروا أخوته على الانشقاق.. فتابع أخوه طارق قتال الإرهابيين إلى أن أسقط الكيان الصهيوني طائرته في 2014 على الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة في القنيطرة.. وتلاه عبد الله -ابن اخت الشهيدين- ليستشهد دفاعاً عن حلب بعد أن تطوّع في الكلية الحربية خلال الأزمة ولم يمض على تخرجه منها سوى شهرين فقط حتى نال شرف الشهادة..
موسى قناة (75 عاماً) وعائلته حضروا للقاء السيدة أسماء الأسد.. وكلّهم فخر بما قدّمه أبناؤهم، وإيمان بأن سورية القوية ستبقى ولّادة للرجال الذين لم ولن يقبلوا الضيم أو التفريط بالكرامة".