"ميدان" يقابل " أبو سلمان البِلاروسي قائد ملحمة تاكتيكال"..
تفاصيل خاصة حول " ملحمة تاكتيكال لتدريب الفصائل السورية "
======================
ربما لا يوجد ما هو أدلّ على صِغر حجم وبساطة قرية "الترابيع"، الواقعة في ريف مدينة "حماة" السورية، أكثر من أنها لا تظهر على أي خريطة، سواءً أكانت خريطة قديمة من خرائط النظام السوري الرسمية، أو حتى خرائط عملاق التكنولوجيا "غوغل" المحدّثة من قِبل ملايين المستخدمين، إلا أن اسم القرية الصغيرة، لسوء حظّها، بدأ يظهر على رادارات الشرق الأوسط بعد شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي ٢٠١٧، حين حوّلها الكرملين لنقطة مراقبة روسية كبيرة، ضمن محاولة تحديد ما يُسمى بالمنطقة الرابعة من "مناطق خفض التصعيد"، والتي تقاسمت بها كل من موسكو وأنقرة وطهران مناطق النفوذ في سوريا ضمن اتفاق "أَسِتانة"، قبل أن تستقر هذه المنطقة الرابعة تحديدا، أو تجري محاولات ذلك على الأقل، تحت اسم "المنطقة منزوعة السلاح"[1] المتفق عليها بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، باتفاق "سوتشي" بعد عام كامل، حيث يتم نزع السلاح بعرض ١٥- ٢٠ كم من حدود التماس، لتضم هذه المساحة تلك القرية الصغيرة مندثرة الوجود من قبل.
وكما لو أن الانتقال من العالم المظلم لسماوات الخرائط المفتوحة لم يكن كافيا، وفي العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تصدّرت القرية واجهات الأخبار السورية لأيام، وبات يكفي الآن أن يُوضع اسمها على أي محرك بحث لنحصل على مئات النتائج المتفرقة على عدة صفحات؛ وكان التصدر لا لاكتشاف نفطي أو أثري مهم مثلا، وإنما لأنها كانت مسرحا لواحدة من أعقد العمليات العسكرية وأكثرها كفاءة منذ اندلاع الثورة السورية بأعوامها الثمانية.
ففي صباح ذلك السبت من نوفمبر/تشرين الثاني، استطاع سبعة عناصر فقط مما يُسمى بـ" العصائب الحمراء"، أو "عصائب الموت"؛ أو "قوات النخبة" التي أعلن عن وجودها فصيل المعارضة السورية المسلحة المعروف بـ "هيئة تحرير الشام" قبل ذلك بثلاثة أشهر، استطاعوا اقتحام خطوط النظام السوري العسكرية وقتل 18 عنصرا من قواته، بينهم أربعة ضباط، والأهم: سبعة مقاتلين روس، ثم عادت قوات "النخبة" إلى مواقعها دون إصابات أو قتلى، بحسب ما أعلنت وكالة "إباء" التابعة لـ "هيئة تحرير الشام"[2] نفسها بلا نفي صُلب ومتماسك رسمي من الجانب الآخر، في ضربة تكاد تكون الأشد وطأة على موسكو منذ تدخلها العسكري نهاية سبتمبر/أيلول من عام 2015.
كان من بين المتابعين بقلق لهذه العملية، حتى قبل الإعلان عنها، حساب ذو اسم رمزي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يُدعى "أبو سلمان البيلاروسي" [Abu Salman Belarus]، والذي كشف عن خشيته أن أحد منفذي العملية قد قُتل بالداخل بعد أن تأخر على أقرانه، قبل أن يخرج بعد ذلك سليمان دون إصابات[3]، دون أن يتضح لغير المراقبين، العلاقة بين أبو سلمان، القائد العسكري لمجموعة عسكرية مسمّاة بـ "الملحمة تاكتيكال"، وبين قوات النخبة "العصائب الحمراء"، إلا أنه تكفل بكشف تلك العلاقة بعد ذلك بثلاثة أيام بتسجيل مرئي،
موضحا سليمان البيلا روسي أن هؤلاء العناصر المتمرسين بمهارة القوات الخاصة العصائب الحمراء هم خرّيجو المعسكرات التدريبية لمجموعة "الملحمة تاكتيكال"، الكيان العسكري المشكل على يد مجموعة من المهاجرين القادمين من بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، والمختص فقط بالتدريب القتالي الذي يمكن أن يُوصف بـ"تدريب القوات الخاصة"، مما يجعلها إحدى أكثر المجموعات العسكرية إثارة للاهتمام في سوريا، وأقلها متابعة عربيّا في الوقت نفسه.
لأبي سلمان مواصفات لا تكاد تخطئها عين، بردائه العسكري الخاص، وبنيته الجسدية الأشبه ببنية أفراد القوات الخاصة في الدول المتمرسة، وهي بنية جاءت نتاج الانتساب السابق لـ "أبو سلمان" كـ "عريف أول" في قوات المظلية الخاصة في بيلاروسيا قبل قدومه إلى سوريا، ولثامه الذي يكشف عينيه بصعوبة، والمفسّر بكونه مستهدفًا من كلّ من النظام السوري والقوات الروسية وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على الأرض، بجانب بحث المخابرات الروسية الدؤوب عنه بحسب ما يظهر حجم المنشورات والمواد الصحفية والبحثية المكتوبة بالروسية، وبدرجة أقل بالإنجليزية، عن الرجل ومجموعته "الملحمة تاكتيكال"، والتي وُجد أفرادها منذ عام ٢٠١٣، قبل تأسيسها عام ٢٠١٦ على يد "أبو رفيق"، القائد السابق، بحسب تعريف البيلاروسي الشخصي على حسابه على تويتر، وهو حساب تم إغلاقه عدة مرات متتالية، بجانب إغلاق برنامج "تلغرام" المتكرر لقناة "الملحمة تاكتيكال"، الشهيرة باسم "بلاك ووتر الجهاد"، بحسب عنوان المقالة التعريفية الأشهر في مجلة "فورين بوليسي" عام ٢٠١٧[4]، والتي نُشرت بعد أيام فقط من مقتل "أبو رفيق"، قبل أن تؤول قيادة المجموعة إلى "أبو سلمان".
في "ميدان"، استطعنا الوصول لـ "أبي سلمان البيلاروسي" شخصيا، وأجرينا معه، بشكل متفرق على مدى أسبوع كامل، مقابلة خاصة هي الأشمل حتى الآن، وتأكدنا بها منه حول بعض المعلومات المتداولة عن المجموعة، إضافة إلى العديد من المعلومات المثيرة حول مجموعة "الملحمة تاكتيكال"، ورؤيتها للوضع السياسي والعسكري الراهن، ومستقبلها.
سيد أبو سلمان، ربما علينا أن نبدأ من اسم مجموعتكم، بعض الأبحاث التي تناولت "الملحمة تاكتيكال" ربطت الاسم بملاحم نهاية الزمان، حتى إن أحدها قال إن المجموعة اختارت هذا الاسم لقربها من "دابق" [5]، هل كان هذا البعد حاضرا لديكم عند اختيار الاسم؟ أم أن الموضوع "اختلاف عن السائد" وحسب؟
المقصود بهذا الاسم هو معناه باللغة العربية المرتبط بـ "الملاحم"، أي القتال والمعارك، و"تاكتيكال" مأخوذة من التكتيك لهذه المعارك، وعند وضعها معا أخذت طابعا "حديثا" مختلفا عن السائد. فلم نكن نقصد هذا البُعد المذكور، وكنا نعني "تكتيكات المعارك"، فنحن مجموعة مدربين مستقلين ندرب الشباب للقتال ضد النظام السوري [وحلفائه] على المعارك وتكتيكاتها.
لماذا اختارت المجموعة مسار التدريب القتالي فقط، دون المشاركة بالقتال؟
أخونا أبو رفيق الذي أسس هذه المجموعة كان، مثلي ومثل بقية شبابها، عسكريا في روسيا [عريفا أول بالقوات المظلية الروسية][6]، وانشق عن الجيش أو أنهى خدمته قبل قدومه إلى سوريا.
عندما وصلنا، كنا قد أتينا لقتال النظام السوري، لكننا رأينا الكثير من الأخطاء التكتيكية والعملياتية في المجالات العسكرية المختلفة، مثل كيفية الدخول والاقتحام والإخلاء والإسعاف،
فمثلا كانت الأسلحة النارية مضبوطة بشكل خاطئ، وكان المقاتلون يصوّبون نصف متر للأعلى أو نصف متر لليسار مما أدى إلى الكثير من الخسائر المادية والبشرية، ولذلك توجّهنا للتدريب على الإخلاء والإسعافات وحروب المدن، والآن وصلنا إلى مرحلة بات بها خريجونا أفضل حتى من جيش النظام السوري، ولدينا مجموعة قوات خاصة مثل "العصائب الحمراء"، وباتوا يستطيعون القيام حتى بعمليات نوعية وخلف الحدود وقتال الجبهات والهجوم والدفاع.
هل اختيار التدريب سياسي وعسكري فقط أم أن هناك أفكارا ودوافع أيديولوجية؟
بالتأكيد هناك أيديولوجيا، فنحن لسنا "مرتزقة" أو "شركة أمنية خاصة" مثل ما يصفنا الكثيرون، بل إننا فريق تدريبي مستقل.
لماذا خرجنا؟
نحن خرجنا، بالتأكيد، لنصرة الشعب السوري ضد النظام والاحتلال الروسي وإيران، فلقد رأينا كيف يتعامل المجرم بشار الأسد مع الشعب السوري، ولذلك خرجنا لنصرتهم، وسنبقى معهم حتى إسقاط بشار، ثم سنرى كيف يمكن أن نتحرك وإلى أين يمكن أن نتوجه، فنحن لدينا هدف بنصرة المسلمين أينما كانوا: البلوشستان في إيران، والمسلمون في ميانمار، بإعداد وتجهيز الشباب السني ضد أعدائهم وقتلتهم. وهذه هي أيديولوجيتنا.
ما رأيكم بلقب "بلاك ووتر الجهاد" الذي تُوصفون به؟ أو باعتباركم "شركة أمنية خاصة"؟
"بلاك ووتر" أو الشركات الأمنية الخاصة تعمل مقابل المال، وليس لها أيديولوجيا.
قد نتشابه مع بعض هذه المجموعات باللباس والسلاح، لكن كما تعلم فنحن لنا غاية أوضحتها لك، كما أننا لا نأخذ أي مقابل للتدريب، بل نقوم به لوجه الله، بل إننا ندفع مما لدينا في بعض الأحيان مقابل الطعام والقذائف والذخيرة لتدريب الشباب، بالإضافة إلى بعض الدعم من المسلمين هنا أو في الخارج.
نحن نعمل كمتطوعين، وليس كممارسي أعمال حرة.
أصدرتم مؤخرا بيانا يدعم المسلمين الإيغور في تركستان الصينية[7]، ما نظرتكم لساحات المعارك تلك؟ وما هدفكم المستقبلي؟ هل يمكن أن نرى "الملحمة" في تلك المناطق؟
نعم، إذا انتهينا من هنا من بشار وإسقاط النظام، فنحن لن نبقى في سوريا، بل سننتقل لمكان آخر لنعمل، لنساعد المسلمين السنة، ضد مثلا الشيعة في بلوشستان، وفي ميانمار ضد البوذيين الذين يقتلون المسلمين والنساء والأطفال، وحتى في تركستان الشرقية في الصين، إن أحيانا الله سنتوجه إلى هناك.
وحتى إن لم يكن هناك مسلمون مظلومون على يد طغاة، مثل بشار وغيره، فيمكننا أن نساعد "غير المسلمين" ضد الظالمين والقتلة، لكن الآن لدينا أولوية المسلمين والسنة والأطفال والنساء الذين يُقتلون على يد الشيعة والملحدين والصينيين.
هدفنا؟ هو مساعدة الشعوب المظلومة المعرضة للمذابح.
بشكل عام، ما المجالات التي تقدم بها "الملحمة" التدريب؟
نحن لا ندرب الشباب الجدد على الأساسيات، وإنما ندرب المتمرسين ليصبحوا ضمن ما يمكن تسميته بفرق "القوات الخاصة"، ليصبحوا على مستوى عالٍ، كما يوجد لدينا دورات تدريبية خاصة للرماية على سلاح "PKC" المتوسط، وقذائف الـ"RPG".
أكثر ما ندرب عليه هو قوات "خلف الحدود" و"القوات الخاصة"، ذات المستوى العالي والمهارات العالية، على الرماية وعلى التحمل واللياقة وعلى تكتيك السلاح، ويوجد لنا تدريبات على الأسلحة الخفيفة مثل المسدسات، ضمن تدريبات نوعية كثيرة ولله الحمد، إضافة للتدريبات الطبية والإسعافات الأولية للجرحى واستخدام الناظور الحراري [المنظار الليلي]، إضافة لتدريبات خاصة لأمراء المجموعات على الطبوغرافيا [القدرة على الإرشاد الجغرافي السريع] واستخدام الـ "GPS" لإرشاد المدفعية والدبابات.
نحن ندرب أمراء السرايا والمجموعات والكتائب، وإن كان هناك حاجة إلى تدخّلنا فنحن ندخل كقوات خاصة، مثل ما حدث عندما دخلنا ضد الدواعش في ريف حماة، وعام ٢٠١٤ في أخترين وصوران وتل رفعت، حيث ساعدنا هيئة تحرير الشام [جبهة النصرة حينها] وغيرها من الفصائل، وأحيانا ندخل كاستشاريين.
هل يمكن أن تصف لنا التقسيم الزماني واليومي للمعسكرات؟
لدينا الكثير من البرامج، فمثلا يوجد معسكرات مدتها شهران للأمراء، ويوجد دروس مدتها ٤٥ يوما، كما يوجد مثلا دورة حراري مدتها عشرة أيام، ودورة أسلحة خفيفة مدتها أسبوع، كما أن هناك البرنامج الخاص لـ "العصائب الحمراء" وقوات "خلف الحدود" والذي يتضمن عدة مراحل تصل لشهور.
هل يمكن أن تخبرنا أكثر عن "العصائب الحمراء" وبماذا يختلفون عن متدربيكم الآخرين؟
"العصائب الحمراء" تلقوا تدريبا أكبر، وهدفهم ومهماتهم أصعب، مثل العمل خلف الحدود، وهم أفضل من غيرهم والأقوى من حيث التدريب الذي تلقوه.
كيف يتم التواصل بين المدربين والمتدربين؟
نحن نعطي الدروس للشباب بالعربية، وإن كان هناك مجموعة كاملة من المهاجرين فنحن نعطيهم دروسهم بلغتهم، لأن الشباب تستطيع عندنا أن تتحدث ما يصل إلى ست لغات.
هل يمكن أن تخبرنا عن أعداد المعسكرات والمتدربين التي قامت بها "الملحمة تاكتيكال"؟
هناك الكثير من المعسكرات على الرماية والإسعاف واستخدام القاذف، والتي خرجت آلاف الشباب. أما معسكرات القوات الخاصة وخلف الحدود فقد خرجنا ما يقارب ١٥٠٠ شخص، كما خرجنا العديد من المدربين.
حدثتني بشكل مختصر عن موضوع التمويل، ولكن؛ التدريب يتطلب الكثير من الأسلحة والذخائر ويكلف كثيرا. هل يمكن أن تحدثني أكثر عن الموضوع؟
الموضوع لا يحتاج إلى الكثير من الشرح. نحن نعمل منذ مدة، وهناك من يحبنا ويعرفنا فيدعمنا بالمال على أنها صدقة وزكاة في سبيل الله، كما يوجد هناك إنفاق ودعم من الإخوة في الشام، مما يجعل الدروس جميعا مجانية.
طلبت أكثر من مرة على تويتر دعما وتبرعا باستخدام العملات الإلكترونية، وأدى لإغلاق حسابك. هل كان هناك تفاعل مع هذه الحملات؟
والله أعلم أنهم أغلقوا الحسابات لكثرة التفاعل معها. إضافة لذلك، كان هناك مقالة على موقع "سنترال آسيا"[8] تحدثت بالكثير من المعلومات الخاطئة حول الملحمة بأنها مجموعة خطيرة وما إلى ذلك، مما تسبب بتبليغات أدت لإغلاق الحساب.
بجانب سؤال التمويل، هناك سؤال الأسلحة، خصوصا أن "الملحمة" تدرب على أسلحة ثقيلة أحيانا. من أين تحصل"الملحمة" على أسلحتها؟ هل هي غنائم أم شراء من الخارج؟
من أين نشتري؟ كل مجموعة تأتي للتدريب تحضر معها أسلحتها.
هل للملحمة نشاطات أخرى بجانب التدريب، مثل الأعمال الاجتماعية أو الدعوة مثلا؟
٩٠% من عملنا هو التدريب، والقلة القليلة الباقية نشارك بها بالعمليات النوعية، مثل عملية "الترابيع" وفك حصار حلب الأول الذي جهزنا به الشباب ووضعنا به الخطة، وعام ٢٠١٥ شاركنا في عملية تحرير أبو الضهور، كما قتلنا مرة واحدا من أكبر الضباط الروس في حلب.
ما التقسيم والتنظيم الداخلي للمجموعة؟
نحن لسنا كثيرين، إذ يصل عددنا إلى عشرة مُدرِّبين تقريبا فقط، ونحن منظمون وموزعون على مساقات التدريب، كما أن لدينا خططا وأهدافا مستقبلية كذلك.
ما جنسيات أعضاء "الملحمة"؟
أعتذر، لا أستطيع إخبارك بذلك.
ألا يسبب لكم كونكم من "المهاجرين" إلى سوريا وعملكم معهم مشكلات اجتماعية؟ ما العلاقة بينكم وبين المجتمع بشكل عام؟
هذا الموضوع طويل ولا أستطيع أن أشرحه لك بشكل كامل. دعني أقول لك، لا يوجد لدينا مشاكل مع أحد، ولم نتعرض لمشاكل سابقا. نحن هاجرنا لهدف محدد هو نصرة الشعب السوري ضد النظام، وليس لدينا أهداف إرهابية ونريد قتال كل الدول مثلا، ولا يوجد لدينا ما يسمى بالجهادية القائمة على استهداف كل الدول.
هدفنا معين داخل سوريا وهو نصرة الشعب السوري ضد النظام، ولذلك ليس لدينا أي مشاكل مع أحد، فنحن موجودون في سوريا كثورة.
تحدثت مؤخرا بمقابلة أن "الملحمة" ترفض التدريب على العمليات الانتحارية[9]، لماذا؟
نحن لا نجهز أي أحد للعمليات الاستشهادية، بل نحاول أن يرجع المقاتلون من العملية العسكرية بصحة وبدون أن يستشهد أي أحد أو يصاب، ولذلك نركز على التدريبات التكتيكية والطبية وغيره.
إضافة لذلك، نحن نرفض أي عملية موجهة يمكن أن تتسبب بمقتل المدنيين والنساء والأطفال، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو لغتهم، وكل عملياتنا موجهة ضد جيش الاحتلال الروسي وإيران والأسد، ويجب أن يكون المبنى والهدف عسكريا بالكامل ضد المجرمين.
أريد العودة قليلا لتأسيس المجموعة. كتبت على صفحتك على تويتر قبل إغلاقها[10] أنكم تدربون المقاتلين منذ عام ٢٠١٣، بينما قلت في مقابلة لك إن المجموعة تأسست عام ٢٠١٦. هل يمكن أن تفسر لنا هذا الفرق في التوقيت؟ هل كنتم تعملون كمدربين في مجموعات أخرى؟
بدأ عناصر المجموعة، لا أنا، بالتدريب منذ عام ٢٠١٣، مثل أبو رفيق. يمكن القول إن المجموعة بدأت منذ عام ٢٠١٥، لكنها انطلقت رسميا عام ٢٠١٦. كنا ندرب قبل ذلك على تشكيل مجموعات القناصين وما إلى ذلك.
هل يمكن أن تخبرنا عن الأخ أبو رفيق قبل قدومه إلى سوريا؟
أبو رفيق كان مظليا في القوات الخاصة في روسيا.
كان هناك حديث أن أبو رفيق كان مع "سيف الله الشيشاني"، الذي أسس مجموعة "جيش الخلافة" وبايع جبهة النصرة، وعمل على التدريب معهم عند قدومه إلى سوريا قبل تأسيس "الملحمة". هل يمكن أن تؤكد ذلك؟
نعم، كان أبو رفيق في جبهة النصرة مع سيف الله الشيشاني لفترة معينة، ثم شكل "الملحمة".
كانت الأنباء أن "أبو رفيق" قُتل بقصف روسي في ٧ فبراير/شباط للعام الماضي ٢٠١٧. لم تؤكد المجموعة هذه المعلومة أو تنفيها رسميا. هل يمكن أن تخبرنا عن الموضوع؟
نعم، مثلما قلت، استشهد أبو رفيق بقصف روسي على إدلب هو وزوجته، ثم بعدها ببضعة أيام ابنه، حيث استشهدت العائلة كاملة ولم يبق منها أحد.
هل قتل أحد من المجموعة غير أبو رفيق؟
نعم، لاحقا؛ قُتل من المجموعة الأخ الأنصاري أبو البراء خاني من إدلب، بعد أن قتلوا خمسة أو ستة عناصر من مليشيا النجباء.
أود أن أنتقل لموضوع آخر. ما مشاكل "الملحمة" مع تنظيم الدولة "داعش"؟ ولماذا تقاتلونهم؟
لأنهم "خوارج" كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وأوصى بالحديث: "إن أدركتهم فاقتلهم قتل عاد" كما تعرف. أنا أعرف هذه المجموعة منذ بداية مشاكلهم عامي ٢٠١٣ و٢٠١٤، ومن هذا الوقت بدأت بقتالهم، وشاركنا بالكثير من القتال ضدهم، وقتلنا بفضل الله الكثير منهم، ولذلك فهم لا يحبوننا ويريدون دائما قتالنا.
ما فعله الدواعش من مشاكل لم يفعله الكفار أنفسهم لهذه الثورة والأمة من ضرر وخسارة.
بالمقابل، علاقتكم قريبة من هيئة تحرير الشام، ومن أحرار الشام، والحزب الإسلامي التركستاني. ما نظرتكم لهذه المجموعات وعلاقتكم بها؟
نحن قريبون من كل المجموعات التي تقاتل ضد النظام ولا يوجد فرق بين إحداها على الأخرى. نحن قريبون من هيئة تحرير الشام وأجناد القوقاز، كما أننا ندرب الحزب الإسلامي التركستاني لأنهم يريدون العودة لتركستان حيث يوجد الكثير من الظلم. أما في هيئة تحرير الشام، فهناك أكثر من ٩٥% منها من السوريين الأنصار، وندربهم للقتال ضد أعداء الله والطاغوت بشار الأسد، كما أن "أحرار الشام" يقاتلون هذا النظام المجرم. إذن لا يوجد فرق. الأهم هو أن تكون المجموعات تقاتل النظام، أما تلك التي تقاتل لأجل النقود فنحن لا ندربها.
قلت في مقابلة[11] مؤخرا إنكم الأقرب لهيئة تحرير الشام. لماذا لا تبايع "الملحمة" قائد الهيئة أبو محمد الجولاني؟
بقاؤنا مستقلين أفضل لنتمكن من تدريب الهيئة أو غيرها من المجموعات.
كان هناك الكثير من الانتقادات مؤخرا لهيئة تحرير الشام من حيث اعتقالها للناشطين وهجومها على المجموعات الأخرى.كيف تنظرون لهذه الانتقادات؟ وكيف تتعاملون معها؟
نحن لا نتدخل بأي مشاكل موجودة وقائمة، والإخوة الأنصار [السوريون] يحلون هذه المشكلات فيما بينهم. وهذه الإشكالات ليست فقط عند الهيئة، فنحن والجميع عندنا أخطاء، لكن الهيئة أفضل من المجموعات الأخرى الموجودة، ولم تبع دماء الشهداء، وما زالت صامدة حتى الآن.
قرأت أنكم دربتم عناصر من "جيش العزة". [12] هل دربتم مجموعات أخرى من "الجيش الحر"؟ وما علاقتكم ونظرتكم له؟
علاقتنا جيدة ولا يوجد لنا معها مشكلة إذا كانت هذه المجموعات تقاتل النظام، وليست تابعة للغرب.
في إدلب وشمال سوريا توجد مجموعة "الهيئة الوطنية للتحرير". ما علاقتكم بهم؟ وهل عملتم معهم؟
لم نعمل معهم حتى الآن، لكن لا يوجد لنا معهم أي مشكلة.
ما نظرتكم لتركيا والوجود التركي في الشمال السوري؟
لا يوجد لدينا أي مشكلة مع تركيا والجيش التركي لأنهم يساعدون الشعب السوري إنسانيا وغيرها، لكن الأهم ألا ندخل بالسياسة وأن نبقى ضد بشار الأسد، ولذلك فنحن لا نقبل أي مؤتمرات وسيبقى هدفنا إسقاط النظام.
إذا ما رأيكم بمؤتمر "أستانة" و"سوتشي" اللذين تشارك بهما تركيا واللذين أثرا عليكما بتشكيل منطقة "خفض التصعيد"و"المنطقة منزوعة السلاح"؟
هذا كذب جميعا، ونحن لا نقبل أي جلسات أو مؤتمرات، ولا يوجد شيء آخر.
ما نظرتكم لروسيا والدور الروسي؟
الدولة الروسية ورئيسها بوتين هم أكبر عنف وطغيان في العالم، وعلينا القتال ضدهم وجعلهم يعانون حتى في روسيا لأن بوتين يعتقد نفسه "إلها"، لكننا سنقاتل ضدهم وعليهم أن يدفعوا ثمن قتلهم للنساء والأطفال.
بما أنك أخبرتني أن الروس عليهم أن يعانوا في روسيا، فلماذا لم تقاتلوهم هناك؟
لا يوجد هناك الكثير من المسلمين، وحتى الموجودون هناك أغلبهم صوفي ويعمل مع الدولة، ولا يوجد هناك إمكانيات عسكرية للتدريب والقتال، فنحن نعد أنفسنا هنا من حيث العدد والعدة، وإن شاء الله يأتي يوم ونستطيع به العودة والقتال هناك.
ما استعداداتكم للمعركة في إدلب؟
نحن مستعدون من كل النواحي، بالعدد والعتاد والمعنويات والتدريبات والمجموعات، وسنصد أي هجوم للنظام أو روسيا أو غيرها.
ما نظرتكم لإيران؟
إيران هم أعداؤنا وأعداء الله، ونحن ندرب الشباب السنة الذين قدموا لقتالهم هنا، وإن شاء الله يأتي وقت ونتمكن من الذهاب إلى بلوشستان لقتالهم هناك.
كيف ترى الوضع الآن في سوريا؟
الوضع جيد ونحن جاهزون لصد أي هجوم، وبفضل الله أعددنا كل شيء وسيسقط النظام في النهاية إن شاء الله.
--------------------------------------------------------------------
الهوامش
الموقع غير مسؤول عما ورد في المقابلة على لسان الضيف، ويتحمل الأخير مسؤولية ما قاله وتم نقله نصًّا.
كل ما بين علامتي [] فقط هو إضافة تحريرية