من يتكرم علينا وينشر الموضوع من أحد الروابط السابقة كونه ولا رابط يفتح لدي
طهران ضمنت حصّتها من دمشق إلى لبنان: مقايضة الأراضي بمناطق النفوذ بين الأمريكيين والإيرانيين
2017-7-21 | خدمة العصر
رأى الكاتب والصحفي السوري، إبراهيم حميدي، مدير مكتب صحيفة الحياة سابقا في دمشق، أن كل من التقى مسؤولين من إدارة ترامب خرج بانطباع بأن أولوية واشنطن في سورية هي محاربة "تنظيم الدولة" والحد من النفوذ الإيراني.
فعندما استُخدِمت أسلحة كيميائية في خان شيخون في محافظة إدلب في أبريل الماضي، أشارت الإدارة الأميركية إلى أن النظام السوري يتحمّل مسؤولية ذلك، مشدّدةً على أنها لن تعمل أبداً مع بشار الأسد. كذلك، حدّد بيان صادر عن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في الخامس من يوليو الأهداف التي يتوخّاها ترامب في سورية بشكلٍ واضح جدّاً: "أولاً، ينبغي على أطراف الصراع في سورية بسط الاستقرار على الأرض... ثانياً، عليهم إتّباع عملية سياسية للتوصل إلى تسوية تسمح للشعب السوري بالمضي قدماً. أخيراً، تضطلع روسيا بمسؤولية خاصة في المساعدة على تحقيق هذه الجهود".
وقد ناشد تيلرسون جميع الأطراف، "بما في ذلك الحكومة السورية وحلفاءها، وقوى المعارضة السورية، وقوات التحالف التي تخوض المعركة لإلحاق الهزيمة بـ[الدولة الإسلامية]، تجنُّب الدخول في نزاعات، والتقيّد ببروتوكولات وقف التصعيد وبالحدود الجغرافية المتّفق عليها لخفض التوتر العسكري".
وقد أبلغت واشنطن الروس بأنها ليست معنيّة باتفاق الأستانة حول إنشاء مناطق خفض التوتر في سورية، أو حتى بعملية جنيف حول المسألة السورية، وفقا لتقديرات الصحفي السوري "حميدي"، وشدّدت على أن الهمّ الأميركي هو عسكري محض: السيطرة على الأراضي الواقعة شرق سورية والتعاون مع قوات سورية الديمقراطية لطرد الدولة الإسلامية من الرقة، ومع الجيش السوري الحر لتحقيق الأمر نفسه في جنوب البلاد.
وكانت واشنطن مقتنعة على ما يبدو بأن بإمكانها بلوغ هدفَيها –إلحاق الهزيمة بالدولة الإسلامية والحد من النفوذ الإيراني– عن طريق السيطرة العسكرية على جنوب سورية وشرقها. هنا اقترحت موسكو التعاون مع الولايات المتحدة في جنوب سورية لإنشاء منطقة خفض التوتر هناك، ولاسيما أن الرئيس دونالد ترامب أبدى أيضاً اهتمامه بإنشاء "مناطق آمنة" في ذلك الجزء من البلاد، بهدف الحد من مشكلة اللاجئين ومحاربة الإرهاب.
وقد استُتبِع ذلك بمحادثات بين المسؤولين الروس والأميركيين في العاصمة الأردنية عمّان، وكان من الشروط التي وضعتها واشنطن للتعاون تراجع إيران والحرس الثوري وحزب الله حتى مسافة 30 إلى 50 كيلومتراً من الحدود الأردنية-السورية والإسرائيلية-السورية.
وأنشأ الأميركيون قاعدة عسكرية في التنف، والكلام للصحفي السوري، على مقربة من تقاطع الحدود السورية والعراقية والأردنية، ما أثار غضب الإيرانيين ودفعهم إلى زيادة الضغوط على الولايات المتحدة وروسيا على السواء عبر إرسال مزيد من الميليشيات الموالية لهم إلى محافظة درعا في جنوب سورية، لا بل أكثر من ذلك، توجّهت الميليشيات المدعومة من إيران إلى ريف القنيطرة، وهي البلدة الأساسية في مرتفعات الجولان، وبدأت القتال على مسافة ثلاثة كيلومترات من خط وقف إطلاق النار بين سورية وإسرائيل.
كما أمرت إيران ميليشياتها بالتقدّم عبر الالتفاف حول القاعدة الأميركية في التنف، والارتباط مع قوات النظام السوري شمال القاعدة، نحو البوكمال، وأقدمت قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران في العراق على الأمر نفسه في الموصل للارتباط مع الجيش العراقي.
هنا بدأت روسيا بأداء دور الوسيط بين إيران والولايات المتحدة، وأنشأت قاعدة جديدة لها شرق دمشق. عندما قصفت الولايات المتحدة الميليشيات الموالية لإيران في الصحراء في مايو الماضي، عملت موسكو على التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران رسمَ تحديداً مناطق النفوذ التابعة لكل منهما.
تبعاً للاتفاق، انسحبت الولايات المتحدة من قاعدة الزقف شمال التنف، وتجاوبت إيران مع هذه الخطوة عبر تفكيك بعض نقاط التفتيش العسكرية التابعة لها في محيط البلدة الحدودية، حتى مسافة 55 كيلومتراً. فكانت هذه المقايضة الفعلية الأولى للأراضي، أو الاتفاق الفعلي الأول بين الأميركيين والإيرانيين في سورية، وقد توصلوا عن طريق وساطة روسية مباشرة.
ومن الواضح، وفقا لتقديرات الكاتب "إبراهيم حميدي"، أن إيران تريد الحفاظ على شريان الحياة الذي تؤمّنه لحزب الله عن طريق العراق وسورية. هناك ثلاثة شرايين حيوية لحزب الله: الأول يمر عبر طريق دمشق-بغداد، والثاني عبر مطار دمشق الدولي، والثالث عبر ميناء طرطوس الذي يُستخدَم لنقل الأسلحة الإيرانية إلى الحزب.
يعتقد البعض في الغرب أن إيران ستقبل بالتخلّي عن طريق دمشق-بغداد وعن وجودها في الجولان مقابل الموافقة على منحها منطقة نفوذ تمتدّ من دمشق إلى الحدود السورية-اللبنانية. وتشير تصريحات حسن نصرالله الأخيرة إلى استعدادٍ للموافقة مبدئياً على مقايضات الأراضي مقابل حصول إيران على مناطق النفوذ المنشودة، على أمل أن يضمن ذلك لحزب الله حضوراً سياسياً وجغرافياً في سورية في المستقبل.
وتحدث عن معركة الرقة، فقال: "يدور سباق للسيطرة على عاصمة الدولة الإسلامية، الرقة، بين التحالف بقيادة الولايات المتحدة ومعه قوات سورية الديمقراطية من جهة، وقوات النظام السوري والروس من جهة ثانية. هذه المدينة القديمة على ضفاف نهر الفرات هي بمثابة الجوهرة في تاج الحرب على الإرهاب، والتي يحاول كل فريق أن يستحوذ عليها لنفسه".
في الوقت الراهن، كما أورد، يبدو التحالف وقوات سورية الديمقراطية في موقع متقدّم بعدما استولت القوات المدعومة من الولايات المتحدة على مدينة الطبقة المجاورة وقاعدتها العسكرية، وتستعد الآن للتقدّم باتجاه مدينة دير الزور الغنية بالنفط على ضفاف نهر الفرات. لقد أنشأت الولايات المتحدة قاعدتَي التنف والزقف العسكريتَين لهذا الغرض، وهي تفكّر على الأرجح في إنشاء قاعدة جديدة في الشدادي في ريف الحسكة، شرق نهر الفرات، كما تأمل بشن هجوم على دير الزور بمساعدة قوات سورية الديمقراطية والجيش السوري الحر بعد السيطرة على الرقة.
في غضون ذلك، تسعى قوات النظام السوري، المدعومة من إيران وروسيا، إلى تحقيق نصر مماثل في دير الزور. ويتوقع الكاتب أن تنشأ مقايضة بين جميع الأطراف المؤثرة تُفضي إلى سيطرة أمريكا على الرقة مقابل السماح للروس بالسيطرة على دير الزور، وإنما من دون تدخّل القوات الموالية لإيران.
وقال الكاتب إن الروس يملكون حاليا ثلاث قواعد عسكرية في سورية: في طرطوس واللاذقية، والآن في الريف حول دمشق. ولديهم أيضاً شرطة عسكرية متمركزة في حلب، فضلاً عن مستشارين وخبراء يعملون مع النظام في مقر الحكومة في العاصمة السورية. ولدى إيران ميليشيات منتشرة في مختلف أنحاء البلاد، وقد نجحت في إنشاء "نظام ظل" في سورية.
في الوقت الراهن، يعتمد الإيرانيون على الروس والعكس. وموسكو غير مستعدّة لإرسال مزيد من الجنود إلى ساحة المعركة طالما أن إيران تقوم بالمهمة. وحتى عندما أقدمت على ذلك في حلب، أحضرت الجنود من الشيشان وليس من الأراضي الروسية تحديداً. سوف تلجأ إلى موارد أخرى في المستقبل، فقد تستقدم جنوداً من كازاخستان وقرغيزستان، غير أن الروس حاولوا، أكثر من مرة، أن ينأوا بأنفسهم عن إيران، لكن القول أسهل من الفعل، وفقا لتقديراته.
وكان من الأسباب التي دفعت بالولايات المتحدة إلى اقتراح إنشاء "منطقة آمنة" في جنوب سورية، اختبار مدى استعداد روسيا وقدرتها على النأي عن إيران. مما لاشك فيه أنه كلما طال أمد المعارك، اكتسبت إيران نفوذاً متزايداً، فهذه الأخيرة متجذّرة بقوة في ساحة القتال السورية. وحتى لو أُنشئ مجلس عسكري مشترك بين النظام والمعارضة المسلّحة، سيبقى لإيران رأي في ما يجري بمشاركة الميليشيات الخاضعة إلى سيطرتها.
ورأى أن رهان البعض على "سورية روسية" بدلاً من سورية إيرانية أمر صعب المنال. لقد استثمر الإيرانيون قدراً كبيراً من الأموال والأسلحة والقوة البشرية في سورية، ولن ينكفئوا بسهولة.
وبات مصير السوريين بالكامل في أيدي الآخرين، حيث تضم سورية الآن ثمانية مطارات وقواعد عسكرية أميركية، وسيرتفع هذا العدد على الأرجح، فضلاً عن ثلاثة مطارات عسكرية روسية أساسية. الجيوش التركية والأردنية والإسرائيلية موجودة في سورية اليوم، إلى جانب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. فما عادت الحرب الدائرة حرباً بالوكالة، بل أصبحت حرباً مباشرة بين قوى إقليمية ودولية على الأراضي السورية، ولذا لن يتمكّن أي طرف من أن يقلب الأوضاع العسكرية لمصلحته بالكامل، غير أن كل طرف قادر على منع الآخر من تحقيق نصر كامل.
ونحن نشهد فعلياً تحوّل سورية سريعاً إلى جيوب من النفوذ الخارجي الأميركي والروسي والإيراني والأردني والتركي والإسرائيلي، والكلام للكاتب السوري "حميدي"، لقد ضمنت إيران حصّتها التي تمتد من دمشق إلى لبنان، والتي تضم أيضا حزام أمني وعسكري حول العاصمة السورية. ويسيطر الروس على منطقة واقعة غرب سورية، وكذلك على الأجواء غرب الفرات، فيما يفرض الأميركيون سيطرتهم على كل المناطق شرق النهر.