إسرائيل ضمن اتفاق الجنوب.. الروسي مرتبك و"الحرّ" أكثر رشاقة*
======================
*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل" | 2017-07-19 12:49:53
عناصر المقاومة في درعا - جيتي
لم تنتهِ بعد تفاصيل اتفاق الجنوب السوري المعلن باتفاق ثلاثي أمريكي روسي أردني، إذ ليس واضحاً حتى للطرف الأميركي كيف سيتم تطبيق الاتفاق على الأرض.
فصائل الجيش الحرّ في الجنوب أظهرت مستوى متقدّماً من "البراغماتية"، فهي ملتزمة بالاتفاق دون أن تلتزم، وهي ليست مشكلتها، بل مشكلة الأطراف التي شاركت في الاتفاق المُعلن عنه خلال قمة العشرين في هامبورغ بألمانيا، لكن الروسي مرتبكٌ في تنفيذ تعهداته بإبعاد الإيرانيين وحزب الله اللبناني عن الجنوب، أما الأمريكي فيريد اتفاقاً يبدأ فيه مرحلة جديدة مع الروس الذين أرسلوا طلائع شرطتهم إلى مناطق يسيطر عليها النظام شمال درعا والسويداء في إشارة لرغبة في التطبيق، فيما الأردنيون منشغلون في تأمين حدودهم ويبدو أنهم الأقرب إلى الاتصال المباشر والقدرة في التأثير على فصائل الجيش الحرّ، لكنهم يخشون مطامع غير معلنة للإسرائيليين، أو تمييعاً يسمح باختراقات في الحدود الشمالية الشرقية من ناحية البادية، إذا لا يبدو أنها مشمولة بالاتفاق، وهذا يشكل مصدر إزعاج وقلق مزمن.
أين هو الإسرائيلي بالضبط.. تقول المعلومات إن إسرائيل كانت حاضرة إما بشكل مباشر أو عبر الأميركيين والروس معاً، لكنّ مطالبها أصعب من أن تطبّق دفعة واحدة، وخلال زيارته الاخير إلى فرنسا قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن إسرائيل غير راضية عن اتفاق الجنوب، والحقيقة هي أن مطالب الأخير كانت أكبر من قدرة الأطراف على فرضها في سلة واحدة، فهم يريدون فتح أكثر من معركة، واحدة منها في محيط منطقة "بيت جنّ" والأخرى عند "مثلث الموت" الواصل بين درعا والقنيطرة وريف دمشق، كما يريدون وضع 80 حاجزاً عسكرياً دون تحديد هويتها روسية كانت أم أمريكية أم مختلطة داخل المناطق القريبة من حدود الجولان المحتلّ، ويحاولون توسيع المنطقة وصولاً إلى "سعسع" في ريف دمشق.
ومجمل المطالب الإسرائيلية يعرقلها وجود ميليشيا إيرانية، وهو ما يجب على روسيا أن تجدّ له حلّاً، وتتقاطع الرغبة الإسرائيلية برغبة أردنية أمريكية، وحتى مصلحة لفصائل الجيش الحرّ في درعا والقنيطرة.
أجواء اتفاق الجنوب أضف إلى دلالاته تؤشر إلى رغبة دوليه بأن يتم تثبيت قواعد مرحلة جديدة على الأرض في الداخل أكثر منها في الخارج، فمؤتمرات جنيف باتت حدثا "فلكلوريا" تشارك فيها شخصيّات نمطيّة وغير قادرة على التلاقي، فيما "أستانة" ضاع فيها أصحابها الروس، ويمكن أن تشكل عبئاً عليهم خلال المرحلة القادمة ما قد يدفع لتشتيت مكوناتها من قبل نفس الجهة التي عملت على تجميعها.
من مؤشرات التحوّل في هذه الأثناء أن مجموعة المنظمات الموجّهة دولياً والعاملة في حقل الدّعم، تبحث عن دخول مرحلة "بناء السلام – Peacebuilding" وبأي ثمن، لذلك فإن الوضع في الجنوب مدفوعاً بهذه الرغبة ربما يكون أرضاً ملائمة للبدء في تطبيق هذا المشروع.
التقطت جميع الأطراف اتفاق الجنوب، وبقيت عقدته الأكبر إيران، بينما اللاعب الأكثر رشاقة ومهارة في الحركة هو الجيش الحرّ الذي ربما يكسب مزيداً من الثقة خصوصاً وأن له دوراً كحليف للطرف الأقوى، ويزيد من رشاقته إذا استطاع التخففّ من أعباء المرحلة السابقة بوجود مشروع خارجيّ لإنعاش البيئة المحلية اقتصادياً، ودعم البنية الإدارية والتنظيمية، لكنّ هذا المسار يتطلب وعياً بأهمية المرحلة المقبلة، هل تكون الحرب خارج حدود الاتفاق بنفس العناصر، أم هناك احتمالات لتوسيع الجغرافيا التي يشملها الاتفاق.. ليس الأمر واضحاً بعد، لكن راقبوا أجواء الغوطة ربما تأتي بعض الإجابات من هناك.