وفقاً لتقرير صادر عن «القمة العالمية للصناعة والتصنيع»:
الإمارات تتصدر مشهد التحول الرقمي للقطاع الصناعي في الشرق الأوسط
يسهم اعتماد وتبني التقنيات الرقمية في المؤسسات الصناعية في دولة الإمارات في توفير إيرادات إضافية تصل إلى 14 مليار درهم سنوياً اعتبارا من العام 2017 وحتى العام 2021، وفقاً لتقرير صادر أمس عن القمة العالمية للصناعة والتصنيع.
وأشار التقرير الذي أعدته «بي دبليو سي» إلى تصدر دولة الإمارات العربية المتحدة مشهد التحول الرقمي للقطاع الصناعي في منطقة الشرق الأوسط، منوهاً بجهود مؤسسات صناعية في الدولة مثل استراتا و دوكاب وكذلك قطاع الطيران في تبني أحدث الحلول والابتكارات التقنية مما أسهم في ترسيخ مكانة الدولة في صياغة مستقبل جديد للتصنيع، فضلاً عن استراتيجية الحكومة الاتحادية ورؤيتها فيما يتعلق بالآفاق المستقبلية لإنترنت الأشياء كأداء محورية في تقديم الخدمات الحكومية.
وأشار التقرير الذي تم استعراض نتائجه خلال مؤتمر صحفي عقد أمس في دبي بمقر وزارة الاقتصاد، إلى أنه من المتوقع أن يسهم اعتماد التقنيات الرقمية في الشركات الصناعية في منطقة الشرق الأوسط في توفير إيرادات إضافية تصل إلى 16,9 مليار دولار أميركي سنوياً اعتباراً من عام 2017 ولغاية العام 2021، بالإضـافة إلى تحقيــق مكاسب تصل قيمتها إلى مليار دولار أميركي سنوياً نتيجة لخفض التكاليف وتحسين الكفاءة.
وتنظم «القمة العالمية للصناعة والتصنيع»، الملتقى العالمي الأول من نوعه الذي يجمع قادة القطاعين العام والخاص وممثلي المجتمع المدني لصياغة رؤية عالمية لمستقبل قطاع الصناعة، خلال الفترة بين 27 - 30 مارس 2017 في جزيرة الريم بالعاصمة الإماراتية أبوظبي. وتسعى القمة إلى تبني نهج تحولي لصياغة مستقبل قطاع الصناعة، مع التركيز على دور التكنولوجيا في إطلاق الثورة الصناعية الرابعة.
ويستند تقـرير «بي دبليو سي»، «الثورة الصناعية الرابعة: الشركات الصناعية الرقمية» إلى استطلاع آراء أكثر مـن 2000 شركة صناعية من 26 دولة بما فيها أكثر من 50 شركة من القطاعات الرئيسية الستة في منطقة الشرق الأوسط. وخلص التقرير إلى أنه من المتوقع أن يرتفع متوسط الإيرادات السنوية للشركات الصناعية في الشرق الأوسط بنسبة 3,8% خلال الأعوام الخمسة المقبلة نتيجة لاعتماد هذه الشركات على التقنيات الرقمية في جذب المزيد من المستهلكين وإطلاق منتجات وخدمات رقمية جديدة، في حين اتسمت توقعات بعض هذه الشركات الصناعية بتفاؤل كبير بالنتائج الإيجابية لاستخدام هذه التقنيات لتصل توقعاتهم إلى تحقيق زيادة إجمالية في الإيرادات بنسبة 50%. وقد يصل مجموع الإيرادات الإضافية الناتجة عن اعتماد التقنيات الرقمية إلى 16,9 مليار دولار أميركي سنوياً في منطقة الشرق الأوسط.
كما توقع التقرير أن يرافق هذا الارتفاع الكبير في الإيرادات الإضافية قدر كبير أيضاً من المكاسب السنوية التي قد تصل إلى 17,3 مليار دولار أميركي نتيجةً لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف. وأشار التقرير إلى أن اعتماد التقنيات الرقمية في الشركات الصناعية في منطقة الشرق الأوسط بهدف زيادة سرعة الإنتاج وتحسين جودة المنتجات سيسهم في خفض التكاليف بمعدل 3,8% سنوياً، وبما يفوق المعدلات العالمية المتوقع أن تصل إلى 3,6%. وتشهد المنطقة إقبالاً كبيراً من الشركات الصناعية على اعتماد التقنيات الرقمية، حيث تخطط معظم هذه الشركات لاستثمار 4% من إيراداتها السنوية في هذه التقنيات، مما يقارب 42 مليار دولار أميركي سنويًا على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وقال بدر سليم سلطان العلماء، الرئيس التنفيذي لشركة «ستراتا للتصنيع»، المتخصصة في صناعة أجزاء هياكل الطائرات من المواد المركبة، وعضو اللجنة التنظيمية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع: «أتاح لنا التعاون مع شركة ’بي دبليو سي‘، الشريك المعرفي للقمة، في إعداد هذا التقرير، الفرصة لتسليط الضوء على استعداد الشركات الصناعية في منطقة الشرق الأوسط لاعتماد تقنيات ’الثورة الصناعية الرابعة‘ في عملياتها. كما مكننا من تعريف الشركات بالفرص الكبيرة التي يوفرها الاستثمار في تطبيقات ’إنترنت الأشياء‘ الصناعية أو الاستفادة منها. ويشكل توجه دبي نحو التطبيقات الصناعية للطباعة ثلاثية الأبعاد أو تقنيات القيادة الذاتية للمركبات مثالاً رائعاً عن قدرة الحكومات على توفير البيئة المثالية لدعم نمو القطاع الصناعي من خلال الجمع بين السياسات المبتكرة والطموحة والرؤية المستقبلية».
وتعمل الشركات الصناعية في منطقة الشرق الأوسط على توسيع نطاق اعتمادها للتقنيات الرقمية. ويشير التقرير إلى أن 4 من أصل كل 10 شركات تسعى إلى اعتماد التقنيات الرقمية في عملياتها الصناعية لزيادة إيراداتها المستقبلية. إلا أن أكثر من نصف هذه الشركات، بحسب التقرير، تفتقد إلى الثقافة الرقمية والتدريب المناسب مما يعيق اعتماد التقنيات الرقمية على أوسع نطاق. وبينما أكدت بعض الشركات على إدراكها لأهمية استخدام تقنيات تحليل البيانات الضخمة وفوائدها الكبيرة، إلا أن ما يقرب من نصف الشركات التي شملها التقرير أشارت إلى عدم امتلاكها للأدوات التي تمكنها من استخراج معلومات تسهم في اتخاذ القرارات السليمة التي ترفع مستوى الكفاءة وتعزز القدرة التنافسية.
وأضاف العلماء: «تعتبر القمة العالمية للصناعة والتصنيع منصة لجميع الشركات الصناعية من مختلف أنحاء العالم. وكما تجمع القمة جميع صناع القرار من كافة أنحاء العالم، فإن التكنولوجيا، ولا سيما تطبيقات إنترنت الأشياء الصناعية، تسهم في تحقيق تواصل غير مسبوق بين الشركات الصناعية العالمية. ولا شك في أن الفرص الواعدة أمام تطبيقات إنترنت الأشياء، التي تدمج بين العالمين الرقمي والواقعي، تتزايد بشكل هائل في القطاع الصناعي. فمن خلال استخدام هذه التقنيات في قطاع صناعة الطيران على سبيل المثال، تقــوم أجهـزة الاستشعار بجمع وتحليل البيانات لرصد المشاكل التي قد تتعرض لها عملية الإنتاج فور وقوعها، مما يسهم في تحسين جودة المنتج. ونحن نتطلع إلى أن يعمل صناع القرار في الحكومات والقطاع الصناعي والمنظمات غير الحكومية معاً لاستغلال القدرات الهائلة لإنترنت الأشياء في قطاع الصناعة لمعالجة مشاكل الجوع والمرض والفقر».
وشدد العلماء على الدور المحوري للشباب في قيادة التحول الرقمي للاقتصادات في المنطقة وكذلك فيما يتعلق بالتدريب الذي اعتبره ركيزة هامة في تهيئة البيئة الرقمية التنافسية، منوهاً بجهود حكومة دولة الإمارات في دعم هذا التحول، مشيراً إلى أنه» عندما ننظر إلى ما تقوم به حكومة الإمارات فيما يتعلق بالخدمات الحكومية نجد ان إنترنت الأشياء أصبح محور وأساس عمل كل وزارة وهو ما يعكس تمتع الحكومة برؤية مستقبلية ، وكيف سيصبح أنترنت الأشياء جزء أساسي في أي خدمة حكومة، وهو يعكس إيجابا على المستخدم النهائي ، لهذا فإن إنترنت الأشياء يستحوذ على أهمية كبيرة لدى الحكومة في مراحل مبكرة للغاية ».
وشدد العلماء، على أهمية التعليم، مشيراً إلى أن التعليم سيشكل محور الاستراتيجية التنافسية للدول التي سوف تتخلى عن المنافسة في الناتج المحلي الإجمالي أو في التكنولوجيا.
بدوره قال الدكتور أنيل خورانا، الشريك والمسؤول عن قسم الاستراتيجية والابتكار في «بي دبليو سي الشرق الأوسط» والمؤلف الرئيس للتقرير، إذا ساهمت التطبيقات الرقمية المخصصة للمستهلكين في إحداث تغيرات جذرية في القطاعات الاستهلاكية، فبالتالي، فإننا نتوقع أن يكون تأثير تطبيقات إنترنت الأشياء الصناعية على الشركات الصناعية جذريًا، وأضاف: «يحظى اعتماد التقنيات الرقمية في القطاع الصناعي بالكثير من الاهتمام مؤخراً. ويدل مصطلح ’الثورة الصناعية الرابعة‘ على ربط جميع العمليات الصناعية في العالم المادي بالنظم الرقمية بشكل متكامل.
وتستعين الشركات حول العالم بالتطبيقات الرقمية لرفع مستوى كفاءتها في التصميم والإنتاج، وتعزيز تفاعلها مع العملاء والموردين، وتوفير نماذج أعمال جديدة باستخدام العروض والخدمات الرقمية؛ وهو ما يشكل قطاع أعمال جديدا تصل قيمته إلى التريليون دولار سنوياً.
وأكد الدكتور خورانا على أهمية قيام الشركات الصناعية في الشرق الأوسط بتسريع اعتماد التقنيات الرقمية في ممارسة أعمالها خلال السنوات القادمة. وقال: «يتوجب على الشركات الصناعية في المنطقة بتبني استراتيجيات تمكنها من مواكبة عصر ’الثورة الصناعية الرابعة‘، واتخاذ الخطوات التي تحولها إلى مؤسسات رقمية بالكامل. ورغم أن بعض هذه الشركات سيواجه تحديات مرتبطة بتوافر المهارات والثقافة والقيادة وجهوزية البيانات، إلا أن الإدراك الكبير لأهمية التحول الرقمي ودوره في زيادة الإيرادات وتحفيز النمو سيسهم في تجاوز هذه التحديات».
سباق النمذجة ثلاثية الأبعاد
توقع التقرير أن تُتيح النمذجة ثلاثية الأبعاد المتطورة لمشاريع الإسكان للشركات إظهار مميزات التصميم بشكل أكثر وضوحاً لكل من المخططين، والمقيمين، والمستثمرين على حد سواء، مشيرا إلى أن من الأمثلة على ذلك مبادرات النقل والبنية التحتية الذكية في دبي، والمنصة الذكية التي أُزيح الستار عنها مؤخراً في دبي، والتي تسعى إلى توحيد الخدمات التي تقدمها المدينة، وإنترنت الأشياء، وخدمات التكنولوجيا السحابية، والبيانات الكبيرة، والهوية الرقمية في جميع أنحاء المدينة.
كما أطلقت دبي مؤخراً رؤية تهدف إلى بناء 25% من مبانيها من خلال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول عام 2030، وأن تُصبح مركزاً عالمياً للطباعة ثلاثية الأبعاد، موضحاً أن العديد من الجهات الحكومية ستعمل على تنفيذ استراتيجية الطباعة ثلاثية الأبعاد، بما في ذلك حكومة دبي، وهيئة الصحة، ودبي القابضة، ودبي للمستقبل.
وقال التقرير إن رؤية دبي تنسجم مع التطورات الحاصلة في مجموعة من القطاعات على مستوى العالم والتي عادة ما ترتبط بالطباعة ثلاثية الأبعاد.
التحول الرقمي يكتسب مزيداً من الزخم
افاد التقرير بأن شركة «دوكاب» حققت نمواً لتصبح واحدة من أبرز الشركات المصنعة لكابلات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، وهي تسعى للوصول إلى أقل تكلفة ممكنة وأعلى جودة في مجال تصنيع الكابلات على مستوى العالم.
وقال المدير التنفيذي للشركة السيد أندرو شاو: «هنالك من يرى بأن التحول الرقمي هو العنصر الأكثر أهمية في الأسواق ذات الصلة المباشرة بالمستهلكين، ولكنه على القدر ذاته من الأهمية للمصنّعين الناشطين في مجال الأعمال بين الشركات، كشركتنا، حيث يكتسب التغيير مزيداً من الزخم، وذلك من خلال المبادرات التي يتم إطلاقها مع الموردين والعملاء، إلى جانب فرصة تحقيق وفورات في التكاليف».
وتوقع أن تُغيّر الثورة الصناعية الرابعة سلسلة التوريد بأكملها على مدار السنوات الخمس المقبلة، إذ سنبدأ بجمع واستخدام بيانات الآلات المتوافرة بالفعل في كل خط من خطوط الإنتاج.
«ستراتا» منصة للتميز على المستوى العالمي
قال التقرير إن شركة “ستراتا” تسعى لأن تكون شركة متطورة ورائدة في مجال تصنيع مكونات هياكل الطائرات، حيث دخلت في شراكة مع شركات عالمية رائدة في مجال تصنيع الطائرات، مثل إيرباص وبوينج، فضلاً عن عدد من المورّدين من المستوى الأول. وقال بدر العلماء الرئيس التنفيذي للشركة :لقد أدركنا ومنذ وقت مبكر منذ نشأتنا أهمية قيادة التكنولوجيا ودورها في تمكيننا من أن نصبح شركة تنافسية على المستوى العالمي، كما تُعد تلك الثورة بمثابة الركيزة الأساسية لأنظمة التصنيع المتقدمة والذكية والآلية، التي ستحتاج الشركة إلى تنفيذها لتكون شريكاً عالمياً لعملائها في مجال تصنيع المعدات الأصلية، والوصول إلى هدفنا المتمثل في أن نكون واحدة من بين أكبر ثلاث شركات متخصصة في تصنيع هياكل الطائرات على مستوى العالم.
وقال: تسير ستراتا حالياً وفق خريطة الطريق الموضوعة لتأسيس مصنع رقمي، ونهدف في ستراتا إلى دمج عناصر الثورة الصناعية الرابعة في أعمالنا، بشكل يتواءم مع احتياجاتنا ومستوى نُضجنا، ولتمكيننا من تطوير قدرات الأتمتة الذكية.
http://www.alittihad.ae/details.php?id=51696&y=2016&article=full