مقال حديث عن التطور العسكري في المنطقه وفي الامارات بالذات ..
تّجه العالم العربي بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص نحو التميّز على مستوى الإنتاج العسكري الحربي، وبخاصة في مجال المركبات المدرّعة. فقد أثبتت الإمارات العربية المتحدة مثلاً تطوّرها في مجال التصنيع العسكري، وبخاصة إمارة رأس الخيمة التي تقع في الشمال، والتي أثبتت مكانتها كمركز عالمي لصناعة المركبات المدرّعة كونها تستضيف على أرضها 10 شركات كبرى تنتج أكثر من 4 آلاف مركبة سنوياً.
تمكّنت إمارة رأس الخيمة من بلوغ هذه المرحلة نظراً للسياسة الاقتصادية التي اعتمدتها، إذ تتميّز بكلفة الإيجارات المنخفضة بالمقارنة مع الإمارات الأخرى، بالإضافة الى كونها تسهّل الحصول على التراخيص وأماكن السكن للموظفين، كما أنّ موقعها على مضيق هرمز والخليج العربي وقربها من مطار دبي أكسبها صفة استراتيجية بارزة. تضمّ هذه الإمارة شركة Streit Group البالغة مساحتها 1.4 مليون قدم مربّع، والتي تمّ إنشاؤها في المنطقة. يشار إلى أنّ شركة Streit Group كانت قد أعلنت خلال معرض الأمن والسلامة Intersec 2012 عن إطلاق أكبر مركز إنتاج في العالم للمركبات المدرّعة في منطقة رأس الخيمة، على مساحة 28 ألف متر مربّع، لإنتاج أربع أنواع من المدرّعات. هذا وتستضيف الإمارة أيضاً المجموعة الدولية المدرّعة (IAG) الأميركية المنشأ، وشركة TAG Middle East FZE و Ultimate Armour Works.
وفي الإطار نفسه، عملت الإمارات أيضاً على مشروع عسكري مشترك مع الأردن، لإنتاج مركبات مدرّعة، حيث وقّعت شركة "توازن القابضة" الإماراتية مع وزارة الدفاع الجزائرية في العام 2012 عقد إنتاج مشترك لأكثر من ألفي مركبة مدرّعة للجيش الجزائري. وقد تم الاتفاق على إطلاق تسمية "نمر الجزائر" على هذه المدرّعات، فأصبحت بذلك مدرّعة نمر أوّل ثمرة تعاون مشترك بين دولة الجزائر والإمارات العربية المتّحدة.
وبحسب العميد الركن أحمد المقداد، نائب رئيس الأركان للعمليات لدى الجيش اللبناني، فإنّ ازدهار سوق المركبات المدرّعة في الإمارات العربية المتحدة يعود إلى الوضع الأمني الدقيق والأخطار المحدقة بالمنطقة، بحيث يحتاج الجيش للحصول على هذه المدرّعات التي تعدّ سلاحاً تعتمد عليه القوات البرية". ويضيف المقداد أنّ المدرّعات ضرورية ومثالية للمناطق الصحراوية والهضاب".
أما السعودية فهي لاعب رئيسي أيضاً في هذا المجال، حيث تضمّ المملكة أهم المصانع العسكرية، ومنها مصنع المدرّعات والمعدّات الثقيلة التابع للمؤسسة العامة للصناعات العسكرية في مدينة الدمام، وهو مرفق يعمل على إنتاج العربات المدرّعة بأنواعها بالإضافة إلى تطوير المعدات العسكرية وتحديثها وتدريعها، إلى جانب معدات أخرى وتجهيزات عسكرية وأمنية.
يمتلك المصنع خبرات واسعة في مجال التصميم والتطوير والتصنيع باستخدام أحدث الوسائل الفنية، والآلات المتطورة التي تمكنه من الإنتاج بدقة وجودة عاليتين. يشار إلى أنّ المصنع يقوم بتجهيز وتوريد العديد من العربات لأفرع القوات المسلحة السعودية وقوات الأمن الداخلي، بالإضافة إلى بعض دول الخليج العربي.
تنتج هذه الشركة مركبة الشبل 1 وهي عربة مدرعة خفيفة رباعية الدفع، مجهّزة بهيكل مدرع مصنوع من الفولاذ العالي الصلابة، ومصمم بطريقة فنية بحيث يوفر حماية من جميع الجوانب ضد الأسلحة الخفيفة عيار (7,62 ملم)، مع زجاج مدرع يوفر مستوى الحماية نفسه، بالإضافة إلى فتحات رماية في الجوانب والخلف.
أما مدرّعة الشبل 2 فهي عربة خفيفة رباعية الدفع مجهّزة بهيكل مدرع مصنوع من الفولاذ عالي الصلابة، ومصمم بطريقة فنية بحيث يوفر حماية من جميع الجوانب ضد الأسلحة الخفيفة عيار (7,62) ملم. وينتج المصنع أيضاً عربة المهمات الخاصة، وهي في الأصل سيارة مدنية تم اختيارها لكفاءتها وتوفر قطع غيارها وسهولة صيانتها، إضافة إلى انخفاض تكلفتها مقارنة بالعربات العسكرية، وغيرها من العربات المدرّعة.
وللأردن حصتها أيضاً في هذا المجال، حيث أعلنت شركة روستيخ أنّها بدأت بإنتاج القواذف الصاروخية في الأردن. وهذا هو
المشروع الأول الذي تقوم به شركة روستيخ لنقل التكنولوجيا المتقدمة إلى الأردن، حيث قامت بالتعاون مع شركة أردنية بإنشاء مرافق إنتاجية لتصنيع القواذف المحمولة المضادة للدبابات متعددة العيارات آر بي جي 32.
ويقع المجمع الصناعي لتجميع وإختبار القاذف آر بي جي 32، على بعد 20 كلم إلى الشمال الشرقي من العاصمة الأردنية عمان. وقد قامت بتنفيذ مشروع بناء المجمع وتجهيزه بالمعدات اللازمة شركة جدارة الأردنية لمعدات وأنظمة الدفاع. وتصل الطاقة التصميمية للمشروع الى 60 ألف طلقة في السنة.
وتتميّز مصر أيضاً في هذا المجال، حيث تنتج المدرعة فهد FAHD المصرية، وهي مدرعة رباعية الدفع من إنتاج مصنع قادر التابع للهيئة العربية للتصنيع الحربي، وتعتبر منافسة للعديد من المدرعات كمدرعة LAV-25 الكندية ومدرعة VBCI الفرنسية وغيرها. وتمتاز هذه المدرّعة بخفة وزنها وسرعتها وتدريعها، ووزنها الذي يصل إلى 15 طن بحسب التجهيزات والتدريع، وسرعتها البالغة 100 كلم/ساعة او 60 كلم/ساعة على الطرق الغير ممهدة، والمدى العملياتي البالغ 700 كلم او 450 كلم على الطرق الغير ممهدة. وتستطيع هذه المركبة نقل طاقم من 10 أفراد. إنّ هذه المركبة مجهّزة بمحرك من شركة مرسيدس بنز بقوة 280 حصان وعدد لفات 2200 لفة/دقيقة مدعوم بشاحن توربيني وتبريد مائي، وهو مخصص للاستخدامات العسكرية ويتم تجميعه في مصر الى جانب صيانته وصناعة قطع الغيار له. توفر هذه المركبة الحماية ضد الطلقات الخارقة للدروع مع زجاج مصفح ونظام NBC للحماية ضد التلوث الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي.
أما في ما يتعلّق بلبنان، فهو وإن كان غير قادر على الإنتاج لتأمين الحاجات المحلية، فإنه وبحسب العميد مقداد يبقى بحاجة إلى مدرّعات خفيفة الحركة يكون التركيز فيها على التسليح أكثر منه على الضخامة. فلبنان، يضيف المقداد، "لا يحتاج إلى مدرعات ثقيلة وضخمة مثل الخليج بسبب خصوصية طبيعته، بل يستحسن أن يحصل على مركبات مدولبة مجهّزة بمدافع".
وما بين الإنتاج المحلي والحاجة، أملٌ بعالم عربي تتفشى فيه ظاهرة التقدّم، فتتمثّل الدول النامية فيه بالإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وغيرها من الدول الناشطة صناعياً. فهل تختفي "الحاجة" يوماً ويتمتع العالم العربي باكتفاء ذاتي على هذا المستوى؟
