الرياض تصعد لهجتها وتغلق جميع أبواب خفض إنتاج النفط
السعودية تؤكد أنها لن تُخفّض الإنتاج ولو بلغت الأسعار 20 دولارا، وأوبك تتوقع ارتفاع الأسعار فوق 70 دولارا بنهاية العام المقبل.
العرب
[نُشر في 24/12/2014، العدد: 9778، ص(11)]
كبار منتجي النفط العرب يلقون بالكرة في ملعب المنتجين من خارج أوبك
أبوظبي – أغلقت السعودية جميع الأبواب بوجه احتمال خفض إنتاج منظمة أوبك أمس، حين قالت إن المنظمة لن تخفض الإنتاج حتى لو بلغ سعر البرميل 20 دولارا. وأجمعت توقعات المنتجين العرب على أن تصل الأسعار إلى ما بين 70 إلى 80 دولارا بنهاية عام 2015.
أكد وزير النفط السعودي علي النعيمي أنه ليس من العدل أن تقوم أوبك بخفض إنتاجها لوحدها من دون الدول المنتجة من خارج المنظمة.
وقال “لو نزلت الأسعار إلى 20 دولارا فإن ذلك ليس مهما”. وبحسب الوزير السعودي، الذي يعد الرجل الأكثر تأثيرا في سوق الطاقة، فإن مستوى المئة دولار لسعر البرميل “قد لا تشهده السوق مجددا”، علما أن الأسعار كانت فوق هذه العتبة قبل أشهر قليلة.
ودافع النعيمي في مقابلته مع نشرة “ميس” الاقتصادية، عن قرار أوبك الإبقاء على مستويات إنتاجها من دون تغيير، رغم أنه أدى إلى انحدار الأسعار لتفقد نحو نصف قيمتها منذ يونيو الماضي على خلفية تراجع الطلب واقتصاد عالمي ضعيف.
في هذه الأثناء توقع مندوبو الدول العربية في منظمة أوبك أن ترتفع أسعار النفط إلى ما بين 70 و80 دولارا للبرميل في المتوسط بحلول نهاية العام المقبل مع انتعاش الطلب بفضل تعافي الاقتصاد العالمي.
ويمثل ذلك أول مؤشر على النطاق الذي تتوقع المنظمة أن تستقر عنده أسعار الخام في الأمد المتوسط.
واستبعد المندوبون وبعضهم من المنتجين الخليجيين الرئيسيين في أوبك أن تعود الأسعار إلى مستوى 100 دولار قريبا، بل إن البعض لم يرحب بذلك الاحتمال المستبعد.
وذكرت مصادر أن السعر البالغ 100 دولار للبرميل الذي اعتبره الكثير من كبار المنتجين سعرا “عادلا” في السابق سيشجع منتجي النفط العالي التكلفة من خارج أوبك على إنتاج كميات جديدة تفوق الحاجة.
70 إلى 80 دولارا للبرميل هو السعر الذي تجمع عليه توقعات منتجي النفط العرب بحلول نهاية 2015
ورجح المندوبون أن تتباطأ وتيرة النمو المفرط للنفط مرتفع التكلفة مثل النفط الصخري وأن يتحسن الطلب بفعل انخفاض الأسعار. وتوقعوا أن تبدأ الأسعار بالعثور على مستوى توازن جديد بنهاية العام المقبل.
ولطالما تدخلت السعودية في الماضي لموازنة السوق النفطية العالمية عبر رفع أو خفض إنتاجها، لأنها الدولة الوحيدة التي تملك فائضا كبيرا في القدرة الإنتاجية بحسب صندوق النقد الدولي.
وتنتج السعودية حاليا نحو 9.6 مليون برميل يوميا إلا أن النعيمي اعتبر أن توقع قيامها بخفض إنتاجها وبالتالي خسارتها حصتها من السوق لصالح منتجين من خارج أوبك، أمر ينم عن “منطق ملتو”.
وقد ارتفع الإنتاج النفطي الأميركي بنسبة 40 بالمئة منذ 2006، إلا أن كلفة الإنتاج في الولايات المتحدة تزيد بأضعاف عن كلفة الإنتاج في الشرق الأوسط.
وتساءل النعيمي في مقابلته الصريحة والمباشرة بشكل لافت: “هل من المنطقي أن يخفض منتج بكفاءة عالية إنتاجه بينما يستمر المنتج بكفاءة رديئة في الإنتاج؟”.
وأضاف “إذا خفضت الإنتاج، ماذا سيحصل بحصتي في السوق؟ السعر سيرتفع وسيستولي الروس والبرازيليون ومنتجو النفط الصخري الأميركي على حصتي”.
واعتبر أن ذلك “غير منصف” بالنسبة لأوبك لأنها ليست المنتج الرئيسي للنفط في العالم”.
وقال النعيمي “نحن ننتج أقل من 40 بالمئة من إجمالي الإنتاج. نحن المنتجون الأعلى كفاءة. ومن غير المنطقي بعد هذا التقييم أن نقوم بخفض الإنتاج”.
70 إلى 80 دولارا للبرميل هو السعر الذي تجمع عليه توقعات منتجي النفط العرب بحلول نهاية 2015
وقد حاولت أوبك تشكيل جبهة مشتركة مع المنتجين الكبار من خارجها، إلا أن “ذلك لم يكن ممكنا أبدا” بحسب النعيمي، الذي جدد قناعته بأن أسعار النفط ستتحسن.
وقال إن “التوقيت مسألة يصعب التكهن بها” لكنه أشار إلى أن شركات النفط العالمية قامت بتخفيض ميزانيات الإنفاق “ما يعني أنه لن يكون هناك تنقيب”. وغياب التنقيب يعني أنه لن تكون هناك إمدادات إضافية.
وذكر النعيمي أنه لم يتفاجأ بحدة الانخفاض في الأسعار.
وقال “كنا نعرف أن السعر سينخفض لأن هناك مستثمرين ومضاربين شغلهم الشاغل دفع الأسعار صعودا أو نزولا ليـكسبوا المال”.
وأشار الوزير السعودي إلى أن دول الخليج لا سيما السعودية “قادرة على التحمل”، خصوصا بفضل كلفة الإنتاج المنخفضة جدا والتي هي بين 4 و5 دولارات للبرميل.
وخلص إلى القول أن دولا أخرى “ستتأذى بشكل كبير قبل أن نشعر نحن بالألم”.
وروسيا التي تنتج عشرة مليون برميل يوميا شهدت انهيار عملتها الروبل منذ قرار أوبك بالإبقاء على مستويات الإنتاج نفسها، وذلك جزئيا بسبب انخفاض أسعار النفط التي تعتمد موسكو بشكل كبير على عائداته.
وتعاني موسكو أيضا من تداعيات العقوبات التي فرضت عليها على خليفة أزمة شبه جزيرة القرم.
وتقول السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وحلفاؤها المقربون في الخليج من أعضاء أوبك إن الوقت قد حان ليتحمل منتجون آخرون سواء روسيا أو منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة عبء خفض الإنتاج وإنه لم يعد بوسع أوبك خفض إنتاجها وفقد حصتها في السوق لتجنبهم هبوط الأسعار.
وأكد مصدر خليجي أن المنظمة لن تخفض الإنتاج منفردة. وقال المصدر إن المنتجين من خارج أوبك مثل روسيا والمكسيك وقازاخستان “وأي دولة يتجاوز إنتاجها مليون برميل يوميا” ينبغي أن تخفض الإنتاج أو تجمده على الأقل إذا أرادت أن تستقر السوق وتتحسن الأسعار.