روسيا تشكّل'جبهة ضغط' لإنقاذ اقتصادها من الانهيار
هواجس الانهيار الاقتصادي تدفع لتعزيز جبهة ضغط لإقناع منظمة أوبك بالعدول عن موقفها الرافض لخفض إنتاج النفط.
العرب
[نُشر في 15/01/2015، العدد: 9798، ص(10)]
احتجاجات الأزمة المالية يمكن أن تشعل اضطرابات أوسع في روسيا
لندن – انضمت روسيا إلى تحركات تقودها فنزويلا والدول الأكثر تضررا من تراجع أسعار النفط لتشكيل جبهة ضغط لوقف انهيار الأسعار، وسط قلق متزايد من ارتدادات مدمرة على اقتصادات كل من روسيا وإيران وفنزويلا والجزائر والعراق.
كثفت روسيا جهودها المستميتة لوقف انهيار أسعار النفط التي بلغت أدنى مستوياتها منذ 6 سنوات، في وقت تشير التوقعات إلى أنها ستستقر بين 40 إلى 45 دولارا للبرميل خلال النصف الأول من العام الحالي.
وارتفع منسوب المخاوف الروسية من ارتدادات مدمرة على اقتصادها، في ظل توقعات بارتفاع التضخم إلى 17 بالمئة بحلول نهاية الربع الأول من العام، في وقت يتواصل فيه تدهور سعر صرف الروبل، الذي فقد نحو 55 بالمئة من قيمته منذ بداية العام الماضي.
كما تشهد فنزويلا أزمة اقتصادية حادة، بسبب تراجع عوائدها النفطية، ما دفع رئيسها نيكولاس مادرور للقيام بجولة -ربما بدفع من روسيا- شملت إيران والسعودية وقطر والجزائر، وسيلتقي اليوم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث سبل وقف تراجع أسعار النفط.
ويقول مراقبون إن التحرك الروسي الفنزويلي، يهدف لتشكيل جبهة ضغط تجمع أكبر المتضررين من انهيار أسعار النفط، وهم روسيا وإيران وفنزويلا والجزائر والعراق.
ويأتي لقاء بوتين ومادورو، بعد لقاء وزير البترول السعودي علي النعيمي يوم الثلاثاء، بنائبة وزير الطاقة الأميركي إليزابيث شيروود راندال، في الرياض، حيث تركزت المباحثات على أسعار النفط.
وقالت وكالة الأنباء السعودية إن المباحثات تناولت التعاون في مسائل الطاقة والبيئة وتغير المناخ واستخدام الطاقة الشمسية والاستثمارات المتبادلة.
ويرى مراقبون أن التحرك الروسي يأتي ردا على تحركات أميركية تجاه دول الخليج، وخاصة السعودية، للإبقاء على سقف إنتاج منظمة أوبك، وبالتالي الإبقاء على التأثيرات الحادة لتراجع أسعار النفط على الاقتصاد الروسي، الذي يعاني أصلا من تأثير العقوبات الغربية المتصلة بالأزمة الأوكرانية.
علي العمير: لا يمكن للكويت المشاركة بما يراه البعض حروبا في أسعار النفط
وتذهب بعض القراءات إلى أن واشنطن تراهن على ضرب اقتصاد روسيا وإيران وفنزويلا، التي تعتمد بدرجة أساسية على عوائد صادرات الطاقة، وأنها ربما ضغطت على منظمة أوبك للإبقاء على مستوى إنتاجها الحالي.
وصدرت في الأيام الماضية اتهامات رسمية من إيران وروسيا والعراق للدول التي تقف خلف هبوط الأسعار في إشارة الى كبار المنتجين الخليجيين، الذين ينفون وجود أي دوافع سياسية خلف قراراتهم النفطية.
ويتفق معظم المحللين مع ذلك الموقف، الذي يشير إلى أن طفرة إنتاج النفط الصخري هي المسؤولة عن وفرة المعرض، وأن دول الخليج لا يمكنها خفض الإنتاج وخسارة حصصها في السوق لصالح المنتجين الآخرين.
وتقول السعودية والإمارات إنه من غير المنطقي أن تدفع دول الخليج المنتجة للنفط والتي تعتمد اقتصادياتها أساسا على عوائد النفط، نحو هبوط الأسعار في الأسواق العالمية، لأنها هي أول المتضررين من ذلك.
وأغلقت الإمارات جميع أبواب التكهنات بشأن سياسة أوبك المقبلة، وأكد وزير الطاقة سهيل المزروعي يوم الثلاثاء، أن المنظمة لا تستطيع الاستمرار في حماية أسعار النفط العالمية.
وانضمت الكويت أمس، إلى ذلك الموقف بالقول على لسان وزير النفط علي العمير إن الكويت تنظر إلى مصالحها العليا في تعاملها مع ملف أسعار النفط وليست في عداء مع أحد، ولا يمكن أن تشارك بما يراه البعض حروبا في أسعار النفط. ويرى محللون أن روسيا تخشى انهيار اقتصادها بسبب تراجع عوائد النفط والغاز، في ظل تراجع مبيعاتها من الأسلحة بسبب تضرر أسواقها الخارجية في كل من سوريا التي استنزفتها الحرب الأهلية، وإيران التي أنهكتها العقوبات الدولية، والعراق المثخن بجراح حروب مدمرة.
وتنظر القيادة الروسية بريبة كبيرة لأي تحرك أميركي في المنطقة، وتعتبر أن التواجد الغربي في محيطها الجغرافي، مخططا لضرب أمنها وأمن حلفائها في فنزويلا وسوريا وإيران.
ويبدو أن هواجس الانهيار الاقتصادي دفعت لتعزيز تحالفاتها وتشكيل جبهة ضغط، لإقناع منظمة أوبك، بالعدول عن موقفها الرافض لخفض إنتاج النفط، إضافة إلى إحداث توازنات على مستوى الأدوار والتأثير في قضايا الشرق الأوسط المزمنة، في ظل تمسكها بدعم النظام السوري، مقابل جبهة أميركية عربية تصر على تغيير ذلك النظام.
أليكساي كودرين: الاقتصاد الروسي على حافة الانهيار، إن لم يكن بدأ فعلا بالانهيار
وكان وزير المالية الروسي السابق أليكساي كودرين، قد حذر قبل أسبوعين من أن الاقتصاد الروسي على حافة الانهيار، إن لم يكن قد دخل فعلا مرحلة الانهيار. وأضاف أن تراجع أسعار النفط، يمثل ربع عوامل تراجع سعر صرف الروبل، وأن العقوبات الغربية تمثل 40 بالمئة من عوامل انهيار العملة الروسية.
وعلى خلاف ذلك، يرى تشن فينين مدير معهد الاقتصاد العالمي التابع لمعهد العلاقات الدولية المعاصرة الصيني، أن الاقتصاد الروسي لن ينهار، بالرغم من أنه يشهد حاليا أخطر انكماش له منذ 5 سنوات. كما يرى أن الصين ستدعم الاقتصاد الروسي ولن تسمح بانهياره.
ولا تجد تقديرات تشن فينين تأييدا من كبار المحللين، في ظل مؤشرات قوية على اتجاه موسكو نحو أزمة اقتصادية حادة، لم تتمكن الإجراءات التي اتخذتها دوائر صناعة القرار السياسي والاقتصادي في الحد منها.
ويعتقد شق من المحللين أن انهيار الاقتصاد الروسي سيلهب جبهة التوترات الاجتماعية الداخلية، وهو أمر ربما تسعى له واشنطن، مستفيدة من مناخ اضطرابات أسعار النفط.
ويستبعد المراقبون أن تتمكن جبهة الضغط التي تقودها روسيا من تغيير واسع سوق النفط العالمية، وهم يرجحون بقاء الأسعار في مستوياتها المنخفضة لحين تراجع إنتاج النفط الصخري والحقول مرتفعة التكلفة.