تقرير: قوى الحضارة تدشّن تحالفاً استراتيجياً في شرق المتوسط
كشفت القمة المصرية - اليونانية - القبرصية التي استضافتها القاهرة ،عن مؤشرات تتجاوز حدود مجرد عقدها إلى ما تحمله من دلالات أهمها إمكانات إقامة تحالف استراتيجي يتضمن الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية في منطقة شرق المتوسط
أسفرت القمة المصرية - اليونانية - القبرصية التي استضافتها القاهرة أمس، السبت، وشارك فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره القبرصي نيكوس أناستادياديس ورئيس الوزراء اليوناني أنتونيس ساماراس، عن تلاقي رؤي القادة حيال مختلف الملفات السياسية والاقتصادية والتجارية، إلى درجة تصل إلى التطابق خاصة في قضية التصدي للإرهاب وكشف داعمي وممولي التنظيمات الإرهابية، والثقة في القدرة على تطوير العلاقات المشتركة إدراكاً للمقومات والفرص الكبيرة القائمة للتعاون في منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط.
ورحَّب الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان، في اتصال مع وكالة "روسيا سيفودنيا" بالقمة وبما تحمله من مضامين أبرزها برأيه "اتجاه الدبلوماسية المصرية للتعاون مع منطقة جنوب شرق أوروبا والخروج من التركيز النمطي على دول غرب أوروبا على أهميتها"، لافتاً إلى أن انعقاد القمة تعكس رؤية جديدة للدبلوماسية المصرية أهم مفرداتها تنويع العلاقات مع الدول ذات التأثير في الدوائر التي ترتبط بها مصر وبخاصة الدائرتين الأوروبية والأفريقية.
وقال عودة "يوجد صراع في منطقة شرق البحر المتوسط على الموارد الطبيعية وبخاصة على حقول الغاز الطبيعي وهي ثروة ضخمة يجب أن تُحدّد حقوق الدول فيها"، لافتاً إلى أن ذلك الصراع على الحقوق صادف شعوراً مصرياً عاماً بضرورة الحصول على حقوقنا والحفاظ على مواردنا الطبيعية والتصدي لمحاولات نهبها وهو الشعور الذي تشاطرنا فيه اليونان وقبرص".
كما اعتبر أن القمة المصرية – اليونانية – القبرصية تؤشّر على تحالف استراتيجي يستمد معناه من تلاقي الأهداف في الحفاظ على الموارد الاستراتيجية وزيادة حركة التجارة البينية وتعظيم حجم الاستثمارات في تلك البلدان، موضحاً أن انعقاد القمة يفيد مصر بضم الاتحاد الأوروبي إلى جانبها في ناحية الحفاظ على نصيبها من الموارد الاستراتيجية إلى جانب دخول البضائع المصرية إلى السوق الأوروبية من خلال الحصول على تسهيلات بنكية وعقود تجارية.
وأكدت الدكتورة يُمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، في اتصال مع وكالة "روسيا سيفودنيا"، على أهمية مباحثات القمة الثلاثية، مشيرة إلى أنها تمثِّل مدخلاً لتعظيم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وبخاصة أن اليونان هي المدخل الطبيعي لمصر للنفاذ إلى أوروبا.
واعتبرت الحماقي أن القمة الثلاثية حملت جملة من الإيجابيات أهمها السعي لإحداث انتعاشة اقتصادية لصالح الدول الثلاث لاسيّما وأن هناك مؤشرات على بداية كساد عالمي، إلى جانب انتفاع مصر بالشراكة الأوروبية والحصول على تسهيلات للسلع والمنتجات المصرية لدخول الأسواق الأوروبية، علاوة على إيجاد نوع من التوازن مع تركيا في إقليم شرق المتوسط من خلال تعزيز الشراكة التجارية مع اليونان وقبرص لتعادل منطقة التجارة الحرة المصرية – التركية.
وعبّرت الحماقي عن أملها في استثمار الأجواء الإيجابية التي أنتجتها القمة الثلاثية والعمل بشكل فوري لترجمة ما تمخضت عنه إلى خطة عمل تبدأ بلقاءات تعقدها فرق قانونية تمثِّل أطراف القمة لصياغة رؤى التعاون في اتفاقيات ومذكرات تفاهم إلى جانب عمل قانوني مشترك يحفظ لمصر واليونان وقبرص حقوقهم في الموارد الطبيعية بمنطقة شرق المتوسط وبخاصة مع وجود مظاهر تدل على أن إسرائيل تستغل الغاز الطبيعي في تلك المنطقة.
والمتابع لمسيرة العلاقات المصرية مع اليونان وقبرص وبخاصة في السنوات القليلة الأخيرة يدرك أن تلك العلاقات مرشَّحة لمزيد من القوة والتطور وبخاصة في الجوانب التجارية والاستثمارية، وقد كشفت تقارير حديثة صادرة عن جهاز الإحصاء اليوناني وأتاحته السفارة اليونانية لدى القاهرة لوسائل الإعلام المصرية، عن "زيادة كبيرة في حجم التبادل التجاري بين مصر واليونان خلال النصف الأول من عام 2014 ليصل إلى مستويات قياسية بلغت نحو 1,3 مليار دولار بنسبة زيادة قدرها 79٪ مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2013".
ووفقاً لتلك التقارير فقد سجلت الصادرات المصرية إلى اليونان نمواً لافتاً بنسبة 150٪ مقابل زيادة الصادرات اليونانية إلى مصر بنسبة 41٪، وهو ما وضع مصر في المرتبة السادسة بين شركاء اليونان الأكثر أهمية في العالم بعد أن كانت تحتل المركز التاسع في النصف الأول من عام 2013.
كما تشير تقارير وزارة التجارة الخارجية المصرية إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وقبرص حيث وصل عام 2009 إلى نحو 82 مليون يورو، ومثَّلت الصادرات المصرية نحو 57.28 مليون يورو، فيما بلغت الواردات من قبرص 13.31 مليون يورو. وأشارت التقارير إلى أن الميزان التجاري، والذي يميل لصالح مصر، ليس قليلاً في حجمه بالنظر إلى أن عدد سكان جزيرة قبرص يبلغ 800 ألف نسمة فقط.
http://arabic.ruvr.ru/news/2014_11_09/279814499/