الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليعلم أولاً أن هذه العبارة لم يأت بها دليل من القرآن أو السنة أو أثر عن سلف هذه الأمة الصالح، وإنما كثر استعمالها من قبل العلمانيين، بل هم أصلها ومصدرها، وربما رددها غيرهم من غير فهم لما هو مقصود من إطلاقها ألا وهو تقرير فصل الدين عن حياة المسلمين أو ما يسمى الحياة السياسية، ولهذا يطلق بعضهم عبارة (فصل الدين عن الدولة)، فيكون مجال الدين عندهم شعائر المسلمين وعباداتهم، وأما أن تصبغ الحياة العامة بشرع الله تعالى فلا.
وهذا القول من أبطل الباطل، وذلك لأن الله تعالى هو الذي خلق الخلق، فهو أدرى بما فيه مصالحهم في معاشهم ومعادهم، قال الله تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14}، فالواجب على المسلم أن يعتقد أن الإسلام دين شامل وحاكم على جميع شؤون حياته، صغيرها وكبيرها، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام:163}، ولا يجتمع في قلب عبد إيمان بالله واعتقاد فصل الدين عن شؤون الحياة، قال الله سبحانه: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65}، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى معلقاً على هذه الآية: فكل من خرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته فقد أقسم الله بنفسه المقدسة أنه لا يؤمن حتى يرضى بحكم رسول الله في جميع ما يشجر بينهم من أمور الدين والدنيا، وحتى لا يبقى في قلوبهم حرج من حكمه، ودلائل القرآن على هذا الأصل كثيرة. انتهى.
وينبغي أن يعلم أنه لم تخل دولة الإسلام على مر العصور من وجود أقليات غير مسلمة تعيش بين المسلمين، محقونة دماؤهم، محفوظة أموالهم، وقد نظم الإسلام أمر معيشتهم في بلاد المسلمين وجعل لذلك ضوابط ذكرها الفقهاء في كتبهم.
والله أعلم.
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=104150
انتبه من بعض الكلمات التي لا تعلم حقيقتها
وشكرا
جزاك الله خير وجعلها في ميزان حسناتك.