"عاصفة الحزم" أعادت الهيبة وأشعرت العرب بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز وهزيمة الطائفية والتفكك
خبير استراتيجي وعسكري لـ"سبق": قرار محمد بن سلمان رفض مبادرة "ابن الشاويش".. استراتيجي حازم
- إيران تستغل "فقراء العرب" وتقدِّم التكنولوجيا والنفط والسلاح وتستقطبهم سياسياً.. لكن الوضع اختلف الآن
- الدخول لصنعاء سيكون أكبر وأقوى معركة تواجه قوات التحالف المشتركة بسبب وعورتها وتمركز الحوثيين
- الأمن العربي مخترَق حالياً بشكل واضح في العراق وليبيا ولبنان وسوريا.. ولا بد من قوات عربية مشتركة
-"عاصفة الحزم" أعادت التفكير في تجديد اتفاقية الدفاع المشتركة
-"عاصفة الحزم" قد تتمدد لتشمل دولاً عربية أخرى تعاني عدم الاستقرار والتدخلات الخارجية
- الطيران السعودي يمنع الإيرانيين من الدخول وإمداد الحوثيين بالأسلحة.. والأسطول السعودي يحمي الموانئ اليمنية وسواحلها
- الضربات الجوية ستستغرق 10 أيام لتحقق أهدافها كافة.. وإن كان هناك تدخل بري فسيكون قليلاً لصعوبة أرض اليمن
أجرى الحوار/ شقران الرشيدي – سبق - القاهرة (هاتفياً): يقول اللواء محمد مختار قنديل، الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، إن الأمن العربي حالياً مخترَق بشكل واضح كما هو حاصل في العراق وسوريا وليبيا ولبنان، التي لا أمن فيها حالياً. مؤكداً في حواره مع "سبق" أن "عاصفة الحزم" أعادت الهيبة للعالم العربي، وخطوة مباركة من الملك سلمان بن عبد العزيز، ورفعت الروح المعنوية للعرب، وأشعرتهم بأن هناك من يقودهم، ويتصرف، ويهزم الطائفية والتفكك. موضحاً أن إيران تستغل الدول العربية المحتاجة للدعم "فقراء العرب"، وتقدِّم المساعدات التكنولوجية والنفط والسلاح؛ لتستقطبهم إلى مصالحها، وتستفيد سياسياً من هذا الوضع. مشيراً إلى أن طيران التحالف المشترك بقيادة الطيران السعودي منع الطيران الإيراني من الدخول للأجواء اليمنية وإمداد الحوثيين بالأسلحة والذخائر، والحصار البحري من الأسطولَين السعودي والمصري للموانئ اليمنية وسواحلها لمنع السفن الإيرانية من الاقتراب.
وتناول الحوار عدداً من المحاور المهمة عسكرياً واستراتيجياً، وتطورات الأحداث في اليمن.. فإلى التفاصيل:
- عُقدت القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ تحت عنوان "الأمن العربي المشترك".. فماذا تعني تلك العبارة على أرض الواقع؟
الأمن العربي هو التعاون الكبير بين الدول العربية للمحافظة على استقلالها وكيانها ووحدتها، ويتحقق عندما يتحقق أمن كل دولة عربية على حدة. كذلك يعني جماعية الأمن العربي بالاتفاق بين الدول العربية لتحقيق أمنها الوطني، وحمايتها من التهديدات الداخلية، والحماية من التدخلات الخارجية التي تريد تمزيق كل دولة، وتفتيتها، وإثارة المشاكل بين شعوبها وقادتها.. إلا أن الأمن العربي حالياً مخترَق بشكل واضح كما هو حاصل في العراق؛ فإيران تقول إن عاصمة الإمبراطورية الفارسية هي بغداد. وكذلك الأمن العربي مخترَق في سوريا ولبنان.. وكلها لا أمن فيها حالياً. فكيف لا يستطيع اللبنانيون انتخاب رئيس لهم دون تدخل إيران؟ أيضاً الأمن العربي مخترَق بتدخل إيران في اليمن ودعمها الحوثيين، إضافة لما يحصل في ليبيا.. كل هذا انتهاكٌ للأمن العربي القومي.
- هل يمكن القول إن "عاصفة الحزم" عززت فكرة تكوين قوة عربية موحدة، قد تسهم في الدفاع العربي المشترك في حال تعرُّض إحدى دوله للخطر؟
نعم، عززت ذلك.. وتأسيس القوات العربية المشتركة يتطلب - كما ذُكر في القمة العربية بشرم الشيخ - الاتفاق على أن كل دولة عربية تُسهم عسكرياً بوحدة أو بفرقة أو بلواء أو بمساعدات، حسب حجم الدولة وإمكاناتها العسكرية وقواتها الجوية والبحرية، مع أهمية تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك الموقَّعة عام 1950م، أو تجديدها، وتكون المشاركة فيها اختيارية، وليست إجبارية. وبالفعل، "عاصفة الحزم" أعادت التفكير في أهمية وجود قوات عربية مشتركة.
- إلى أي مدى تستغل إيران ما يسمى بحاجة دول "فقراء العرب"، وتستقطبهم سياسياً؟
من المعروف أن إيران تستغل الدول العربية المحتاجة للدعم "فقراء العرب"، وتقدم المساعدات التكنولوجية والنفط والسلاح.. وتدعي أنها تساعدهم، لكنها في الواقع تستقطبهم إلى مصالحها، وتستفيد سياسياً من هذا الوضع. وفي عدد من الدول قامت إيران ببناء مصانع وموانئ وقوات وخبراء عسكريين بهدف التدخل والإضرار بأمن واستقرار الدول الأخرى.
- بوصفك خبيراً عسكرياً واستراتيجياً، كيف تُقيِّم "عاصفة الحزم"؟
من الناحية العسكرية كان لا بد منها. وقد بدأت فجر الخميس الماضي بضربات جوية محددة بعناية، وبأكثر من 150 طائرة أو أكثر على أهداف منتقاة؛ لتشل حركة الحوثيين، وضرب الدفاعات الجوية، والطائرات العسكرية، ومراكز القيادة، والمناطق العسكرية المهمة التي استولى عليها "الحوثيون" من القوات اليمنية الشرعية. والضربة الجوية الأولى أتت بنتائج عسكرية مهمة. وطيران التحالف المشترك بقيادة الطيران السعودي منع الطيران الإيراني من الدخول للأجواء اليمنية ومحاولة إمداد الحوثيين بالأسلحة والذخائر. والآن هناك بالتأكيد حصار بحري من الأسطولَيْن السعودي والمصري للموانئ اليمنية وسواحلها؛ وذلك لمنع السفن الإيرانية من الاقتراب.
- هل تتوقع قيام "الخلايا النائمة" الموالية للحوثيين بالتخريب في نجران وجازان والمناطق القريبة من الحدود اليمنية؟
الحوثيون الآن في مرحلة من الإرباك والإشغال، وهم في موقف الدفاع حالياً. وبالتأكيد هناك عمليات تخريبية صغيرة قد تحدث، لكنهم يعرفون أنهم سيخسرون في نهاية الأمر مع قوات التحالف المشتركة.
- كم تتوقع مدة استمرار"عاصفة الحزم"؟
الضربات الجوية قد ستستغرق من أسبوع لعشرة أيام لتحقق أهدافها كافة، وتدمر كل ما يمكن تدميره. وإن كان هناك تدخل للقوات البرية فسيكون قليلاً، ولأهداف محددة في المدن الرئيسية، كعدن وميناء الحديدة. أما الدخول لصنعاء فسيكون أكبر وأقوى معركة تواجه قوات التحالف المشتركة بسبب وعورتها، وتمركز الحوثيين، وللحاجة لتأمينها بشكل كامل، وطرد الحوثيين منها.. أضف لذلك الطبيعة الجغرافية الصعبة لليمن التي لا تسمح بدخول جيوش وقوات أرضية ضخمة. وقد كانت لمصر تجربة عسكرية سابقة.
- إلى أي مدى يمكن أن تتمدد "عاصفة الحزم" لتشمل دولاً عربية أخرى تعاني عدم الاستقرار والتدخلات الخارجية؟
عاصفة الحزم حالياً تتركز على اليمن، وستستمر بنجاح.. أما مصر وتونس والجزائر فستؤمن حدودها مع ليبيا "المضطربة" التي قد يحدث فيها ما حدث في اليمن من فوضى وصراعات، ولكن لا بد من قرار من مجلس الأمن قبل التدخل العسكري فيها. أما العراق فتتولى القوات العراقية التعامل حالياً بمحاربة "داعش"، وفي سوريا الموضوع معقد، وصعب التدخل فيها عسكرياً لوجود صراعات مريرة.. والسؤال يُطرح: هل التدخل سيكون لصالح الحكومة أم المعارضة أم الجماعات الإرهابية؟ ومثل هذه التدخلات تحتاج لقرارات سياسية متأنية، ومعلومات استخباراتية وفيرة جداً.. وللعلم، فأمريكا ساعدت في تقديم بعض المعلومات لـ"عاصفة الحزم"، وأمدت قوات التحالف بإعطائهم الإحداثيات، والمواقع المهمة، والأماكن الحيوية عبر الأقمار الصناعية الأمريكية، التي – للأسف - غير متوافرة للعرب.
- كيف يمكن التعامل مع الحوثيين بعد "عاصفة الحزم"؟
ليس الهدف قتل الحوثيين أو طردهم من بلدهم، بل لا بد من احتوائهم سياسياً، واجتماعياً، ودينياً.. وهذا هو المنطق.
- هل ستتأثر الممرات المائية والمضائق في الخليج والبحر الأحمر بما يحدث في اليمن؟
مضيق باب المندب مؤمَّن من أمريكا، ولها قاعدة عسكرية قريبة منه في مقديشو، وكذلك القوات الفرنسية موجودة هناك؛ فالمضيق مهم عالمياً، والدول الأخرى تراقبه، وحتى إسرائيل لها مصالح مشتركة في هذا المضيق المهم؛ لذلك لن يغامر "الحوثيون" بإغلاقه أو التهديد بذلك. ومن مصلحة العالم أن يظل مفتوحاً، وإن تجاوز الحوثيون في ذلك فهم يحكمون على أنفسهم بالفشل والهزيمة الكبيرة.
- هل أعادت "عاصفة الحزم" الهيبة للعالم العربي؟
طبعاً، وأعتبرها خطوة مباركة من الملك سلمان بن عبد العزيز، وهذا معروف من أسرة الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه -، والسعودية امتدادها كل الدول العربية. وكان من المتوقع عسكرياً اتخاذ السعودية هذه المبادرة لحماية أمنها، ولاستقرار دول الخليج والأمن العربي بشكل عام، وهذا بالتأكيد رفع الروح المعنوية للعرب، وشعروا بأن هناك من يقودهم، ويتصرف، ويهزم الطائفية والتفكك.
- كم سيستغرق النفوذ الإيراني لينحسر عن المنطقة بعد "عاصفة الحزم"؟
"عاصفة الحزم" قطعت اليد الإيرانية في اليمن، وستقطع يدها - إن شاء الله - في سوريا والعراق، وسيبدؤون في التراجع عن تدخلهم السافر في العالم العربي. وهذا موقف حازم من السعودية، ومن القمة العربية في شرم الشيخ. وسيفكر "الإيرانيون" ألف مرة قبل التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. وللعلم، إيران معزولة حالياً، والجميع ضدها، وليس معها إلا شيعة العراق، وبشار الأسد، وحسن نصر الله. وسينحسرون غصباً عنهم.
- وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رفض مبادرة تقدَّم بها أحمد علي عبدالله صالح قبل بدء "عاصفة الحزم".. كيف ترى هذا القرار استراتيجياً؟
سمعت عنه تعليقات مهمة عدة في القمة العربية الأخيرة. وصدق الله سبحانه وتعالى عندما قال {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}. والتلاعب بالألفاظ والمبادرات والمراوغات أمر غير طيب. والعالم العربي "شبع" من المبادرات الزائفة. وقرار الأمير محمد بن سلمان مصيب استراتجياً في رفض مبادرة ابن الرئيس المخلوع. وكما قال الشاعر (السيف أصدق إنباءً من الكتب -في حده الحد بين الجد واللعب). فلم يعد الوقت للمبادرات الكاذبة بل الحزم والحسم. وعلى "الشاويش" علي عبدالله صالح أن "يلم" نفسه وأولاده، ويعيد أموال اليمن التي نهبها.