مصر الحليف الأكبر للسعودية في «عاصفة الحزم» بعد تخاذل أردوغان.. وإطالة أمد الحرب ينذر بأسوأ كارثة إنسانية في اليمن
مصر الحليف الأكبر للسعودية في عاصفة الحزم
الأربعاء 15.04.2015 - 12:16 ص
عبد الفتاح بدوي
تحليل يكتبه - عبد الفتاح بدوي
تجتاز المملكة العربية السعودية مرحلة من أخطر مراحلها منذ بدء الحرب التي تقودها في اليمن ضد مسلحي الحوثي وعلي عبد الله صالح الذين سيطروا على العاصمة صنعاء ومدينة عدن وعدة مواقع رئيسية أخرى، هذا الخطر لم يتلاشَ رغم قرار مجلس الأمن رقم 2201 الصادر منذ عدة ساعات، والقاضي بانسحاب الحوثيين من جميع المناطق التي سيطروا عليها، وفرض حظر على تسليحهم، وتمكين الحكومة الرسمية من أداء عملها، وتسليم السلاح المستولى عليه من المؤسسات العسكرية والأمنية.
ولعل الخطر نابع في الأساس من أن تأثير هذا القرار محدود على القتال الدائر في هذا البلد الفقير، مع عدم التزام الحوثيين دائما بأي تعهدات أو اتفاقات، ومنها مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ومؤتمر الحوار الوطني الشامل، وكذلك تراجع عدة دول ممن أعلنوا في البداية دعم الحرب السعودية في اليمن، ما عدا مصر، فقد تراجع الباكستانيون عن الدعم العسكري في عمليات طويلة الأمد، ومن قبلهم الأتراك الذين غضوا طرفهم عن الرياض ولهثوا وراء طهران فور وضع النقاط على الحروف مع الغرب في سويسرا، فضلا عن أن المملكة لا تثق في أمير قطر، أما الأردن فيبدو أنها أدركت أن الزمن يواتي طهران فحرصت على ألا تزعجها.
بوادر حرب طائفية
لا شك أن الهجمات التي تشنها الطائرات الحربية العربية فشلت حتى الآن في دفع الحوثيين وأنصارهم إلى الانسحاب بشكل كامل من مواقعهم التي سيطروا عليها، ما يثير مخاوف بشأن امتداد الحرب فترة أكبر قد تدخل فيها أطراف إقليمية ما زالت تراقب الموقف وتتأهب للانقضاض حال تأثر مصالحها، في مقدمة هذه البلدان إيران التي يخوض الحوثيون حربا لها بالوكالة، فيما قد تدخل دول عربية أخرى في حرب بالوكالة عن السعودية، والكل مدفوع في هذه الحرب بالطائفية.
منبع القلق أيضا يأتي من انتشار الأسلحة الخفيفة والثقيلة في اليمن، وقد سيطر اليمنيون على مخابئ أسلحة تم تزويدها بها منذ عشرات السنين، فضلا عن انقسام الجيش اليمني، جزء مع عبد الله صالح وجزء ما زال مع منصور هادي.
وفي ظل هذه الحرب المستعرة يربض المستفيد الأكبر منها وهو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي أعلن قبل أيام مقتل زعيمه في غارة جوية بدون طيار، ولعل هذا التنظيم ينتظر ما ستسفر عنه الحرب ليكسب من تنفيذ عمليات أوسع ضد الحوثيين والسعوديين وعدة بلدان أخرى مصحوبة بتعاطف شعبي ضد من قصف أراضي اليمنيين.
إيران لن تتنازل عن اليمن
وزير الخارجية الإيراني اقترح منذ عدة أيام في مدريد خطة لوقف أزمة اليمن، تنطوي على إعادة الحوار وتمكين دخول المساعدات الإنسانية إلى البلاد، ولكنه قال إن إيران والسعودية بحاجة إلى الحوار، ولكن ليس بشأن مستقبل اليمن، وهو تصريح يتضمن تعقيدا للأزمة، وليس حلا لها، لما له من أبعاد سياسية تؤكد إصرار طهران على المد الشيعي وكسب نفوذ أكبر في المنطقة بعد أن بسطت سيطرتها خلال الأعوام الماضية على العراق وسوريا ولبنان، ويبدو أنها لن تتنازل عن اليمن.
معظم الأوساط العربية والدولية متعاطفون مع السكان اليمنيين غير المنخرطين في القتال، وخاصة في مدينتي صنعاء وعدن، والانهيار شبه الشامل لمختلف قطاعات الخدمات ومقومات المعيشة، ما يوجب الإسراع في إنهاء المهمة سريعا في إعادة الأوضاع اليمنية إلى حالة استقرار أو شبه استقرار يكون منطلقا لوضع ما يمكن أن نسميها خارطة طريق يتم بموجبها وضع دستور جديد للبلاد واختيار رئيس وبرلمان جديدين خلال عام على الأكثر.
ضرورة هذا الإسراع ذات أهمية كبيرة، ذلك أن مدينة عدن يضطر غالبية سكانها إلى الهرب، لا سيما عن طريق البحر، بعد أن تحولت عدن إلى مدينة أشباح في ضوء استمرار قصف ميليشيات الحوثي وصالح للأحياء السكنية ومختلف الأعيان المدنية، وبشكل عمدي واضح بهدف إثارة الذعر بين المدنيين بصفة عامة، بعد انضمام بعض المدنيين إلى اللجان الشعبية التي تخوض قتالا عنيفا ضد ميليشيات الحوثي – صالح، وقد تحول القتال تدريجيًا إلى حرب شوارع.
نزوح بالآلاف
وفي صنعاء، نزح الآلاف من محيط المنشآت الرئيسية والأمنية والعسكرية لتفادي الغارات الجوية لقوات "عاصفة الحزم"، بينما كثفت ميليشيات الحوثي نشر المدافع المضادة للطائرات في داخل الأحياء السكنية هربًا من استمرار الغارات الجوية على مراكزهم الأمنية والعسكرية من ناحية، وعملاً على استخدام المدنيين كدروع بشرية لكبح تأثير غارات التحالف، لا سيما بعد أن شهدت هذه الغارات قدرًا من التراجع في ضوء إحجامها عن قصف المراكز الملاصقة للتجمعات المدنية في ضوء الإدانات للسقوط المتكرر للضحايا من المدنيين.
وعقب التدمير الشامل لمعسكر القوات الخاصة الواقع على تلة الصباحة المطل على صنعاء، ترتفع ألسنة النيران حتى التاسعة مساء اليوم من موقع الصواريخ في فج عطان داخل صنعاء، تلك المدينة التي تشهد في الأونة الأخيرة تراجعاً حاداً في مقومات المعيشة، حيث تراجعت إمدادات الوقود، وتدفقات مياه الشرب، فيما تشهد مختلف الأحياء شحا شديدا في السلع الغذائية، وتحاول ميليشيات الحوثي – صالح إجبار السكان إلى إعادة أبنائهم للمدارس بداية من مطلع الأسبوع المقبل لمحاولة إثبات سيطرتهم على الواقع الاجتماعي ومحاولة بناء صورة زائفة لقبول شعبي.
كذلك شهدت صنعاء والحديدة وبعض مناطق تعز وغيرها حملات اعتقال واسعة لأعضاء حزب الإصلاح (تنظيم الإخوان في اليمن) على صلة بتأييد الحزب للتحالف العربي وشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، حيث طالت هذه الحملة 200 من أعضاء الحزب في حدها الأدنى، وتثور العديد من بواعث القلق على مصير وسلامة هؤلاء المحتجزين وتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
مغزى السيطرة على شبوة
وتشكل سيطرة ميليشيات الحوثي – صالح على شبوة ظهر اليوم تكريسًا لمقومات استمرار النزاع العسكري في البلاد، حيث أعلنت الفرق العسكرية في المنطقة ولائها للمخلوع علي عبد الله صالح وحلفائه الحوثيين بعد فترة من الحياد، ويتيح السيطرة على شبوة ضمان تحالف الحوثي – صالح في تدفق إمدادات الوقود مع موارد النفط والغاز المستغلة في شبوة.
وبينما يؤكد مراقبون أن المدنيين باتوا الضحية الأولى للنزاع في البلاد، وأن الحل السياسي تتقلص فرصه مع استمرار العمليات العسكرية، فضلا عن أن إطالة أمد الحرب ينذر بكارثة إنسانية كبرى، فإنهم يؤكدون أن تغييرًا في الموقف العسكري لا يمكن أن يحدث دون تدخلات عسكرية برية من قوات التحالف، ويجمعون كذلك على أن هذا التدخل سيكون شديد الضرر على اليمن والمدنيين وسيفتح حلقة مفرغة من الصراع والقتال لسنوات مقبلة.
- See more at:
http://www.el-balad.com/mobile/1486009#sthash.iJAc3Xiv.dpuf