مما لا شك فيه أن تحرير الفاو قد شكل منعطفاً كبيراً في مجرى الحرب التي كانت دائرة مع إيران لمدة ثماني سنوات، لقد طرأت متغيرات أساسية على طرفي معادلة الحرب ، في العراق، وكذلك في إيران ، على صعيد القدرات الوطنية لخوض الحرب وأدارتها ، وكذلك على صعيد القدرات العسكرية في الميدان.
لقد أظهرت القدرة العراقية بتحريرها للفاو وحقيقة طالما تجاهلتها إيران ، إلا وهي عامل عدم التكافؤ في القوى ، وإيمان العراق بقضيته ، ووحدة شعبة، فقد طاب للبعض من المراقبين أن يرسموا صورة إيران بمساحتها، وموقعها ، وعدد سكانها، والخروج بمحصلة تغلب كفه القوة لصالح إيران، ولكن جاءت عملية تحرير الفاو لتدحض كل ذلك(1) .
لقد خسرت إيران ورقه سياسية ودبلوماسية ونفسية كانت تعول عليها كثيراً، فالفـاو كانت رهينة لأخذ فدية عراقية عندما يحين التفاوض ، فلكل حرب نهاية، وأن ما لا نناله في الميدان، لا نناله على مائدة المفاوضات ، لقد كانت الفاو أداة للمناورة والابتزاز ليس للعراق فحسب بل لأقطار الخليج العربي وهذا ما أكده القادة الايرانيين في العديد من تصريحاتهم.
أن تحرير الفاو جعل إيران تقف أمام خيارات ما عادت هي صاحبة القول فيها تتمثل بالآتــي:
1- تعديل شروطها السابقة لإنهاء الحرب سلمياً
2- الكف عن البحث عن رهينة أرضية في العراق
3- التوقف عن تهديد المصالح الخليجية وممارسة الإرهاب
4- الكف عن التلويح بتوسيع نطاق الحرب(2) .
5- تصاعد نقمة الشعوب الإيرانية تجاه (رجال الدين وتجاه الحرب).
لقد جاء القرار رقم 598 في 20 تموز 1987 والفاو كانت بيد الإيرانيين، لذلك وضعت إيران للفاو ثمناً باهظاً وكانت تخطط بزيادته، ولكن بتحرير الفاو من قبل القوات العراقية، باتت طهران في وضع جديد، فالحدود الدولية العراقية باتت تحت سيطرة العراقيين وزاد على ذلك تأمين تلك الحدود باستثمار الانهيار الذي حصل للجيش الايراني وتم الاندفاع داخل الأراضي الايرانية بعمق يتراوح مابين 5-60 كيلومتراً وحسب طبيعة الأرض والوصول الى المناطق التي يصبح فيها آمناً على حدوده الدولية ومنع أي هجوم مستقبلاً من قبل تلك القوات وما يزال ينادي بالحل السلمي العادل، كما كان منذ 22-9-1980 واصبحت إيران مقتنعة تماماً من أنها لن تفلح في ضوء ميزان القدرات والنتائج التي آلت اليها المعارك الأخيرة على الأرض بكسب الحرب.
آثار تحرير الفاو على الصعيد العراقي والعربي
1- كانت نصراً شمولياً في معانيه وحضارياً في قيمته ودليلاً على قدرة أبناء العراق بغزارة دمائهم وتضحياتهم على مجابهه الشر والظلام والعدوان بجهد ذاتي.
2- أضاف الانتصار العراقي شحنات دافعه للتضامن والوحدة وليثبت من جديد أنه قلب الأمة وبوابته الشرقية الصلبة .
3- تصاعد وتائر البناء والتطور العلمي والحضاري متمثلاً بتطوير قدرات العراق الدفاعية وبحلقات متطورة أذهلت الخبراء في العالم مثل الصواريخ بعيدة المدى، والمدفع العملاق، وصواريخ التقاطع فاو، وطائرة الأنذار المبكر عدنان 1 وعدنان 2.
4- تجلت المنزلة التي أحتلها العراق عالمياً نتيجة هذا النصر المتكامل سواء في التخطيط والإنجاز والذي أعتبر بحق مفخرة لجيش العراق، في الوقت الذي تزايدت قيود العزله الخانقة للمشروع الإيراني البغيض.
5- أعاد هذا النصر الثقة الكاملة بقدرة العراق على صنع المستحيل وأثبت للعرب أن المقاتل العراقي قادر على أن يكون الدرع الواقي للأمة العربية وأن التصميم والإرادة تحقق النصر، خاصة وأن تحرير الفاو يعتبر أول تحرير لأرض عربية مغتصبة في العصر الحديث.
آثار تحرير الفاو على الصعيد الإقليمي والدولي:
لقد بدأ الكيان الصهيوني يحسب حساباً جديداً للقوة العراقية وبات يبحث في وضع مخططات لاحتواء العراق عبر حملة تحريض عالمية ضده ومحذراً من أن يصبح العراق قوة إقليمية عظمى تهدد المصالح الغربية والتوازنات القائمة في المنطقة وأن العراق هو أكثر دول العالم تسليحاً بعد الدول العظمى، وأستمر ذلك وظهر جلياً بعد انتهاء الحرب حيث كتب المعلق السياسي لصحيفة (ها آرتس) الصهيونية (زئيف شيف):
"إذا ما قامت القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها بسحق القوة العسكرية العراقية فأن ذلك سيتسبب في تغيير جذري للتوازن الستراتيجي في المنطقة وسوف يلغي مخاطر تصادم نووي عراقي – (إسرائيلي) في التسعينيات"(3) .
لقد كان النصر العراقي يمثل حالة من الرعب لدى الكيان الصهيوني فلقد جاء عكس ما يتمناه والذي قدم كل العون لإيران من أجله وهو تدمير القدرة العسكرية العراقية وعزل العراق، وتدمير جوهر العصب القومي العربي الذي يمثله.
كما أن موقف الولايات المتحدة من تنامي القدرة العسكرية العراقية كان ضمن أولوياتها الستراتيجية ، تبعاً لإدراكها لما سيسفر عنه التفوق العراقي من مضاعفات، ستنال بالتأكيد من موازين القوى، ليس على صعيد الصراع العربي الصهيوني فحسب، بل على الموقف في الخليج العربي، وهكذا بدأت الولايات المتحدة تتحرك في أكثر من أتجاه ، وبأكثر من وسيلة لغرض قتل روح النصر لدى العراقيين وهذا ما حصل لاحقاً واتضحت خيوط المؤامرة في أم المعارك التي خطط لها قبل انتهاء الحرب العراقية الإيرانية بسنين عديدة.
النصر النهائي:
(غالبا ما كانت الدول تسقط أمام ضربات الغزاة ، وعندما تحتل الجيوش قلاع الحكام والقادة، ومقراتهم الرئيسية، وهكذا فعل المستعمرون والتوسعيون الأجانب تجاه الأمة العربية، فقطعوا أوصال وحدتها وسدّوا عليها ، الى حين، طريق التطور، وقيادة الحياة قيادة منظمة منضبطة ، فتهاوت قدراتها الى قاع الهزيمة والاستسلام، بعد أن تخلت عن عرش السيادة وروح النهضة)(4).
المراقب لمجرى الحرب منذ عام 1980 ولغاية أحتلال الفاو كان يسمع دائماً نبرة التحدي والغطرسة والحقد تجاه العرب والعراقيين بشكل خاص كما يلاحظ نبرة الاستخفاف التي كانت تتسم بها تصريحات رموز النظام في إيران.
فمثلاً يقول بني صدر في نيسان 1980 أي قبل الحرب في خطاب له (أنه إذا ما تحرش العراقيون بحدودنا الغربية فأنني لا أستطيع أن أوقف زحف الجيش الإيراني بأتجاه بغداد)(5).
هكذا كانوا يتصورون، وهكذا كانت أحلامهم ، بينما نرى في الجانب الآخر الموضوعية والعقل الراجح وحب السلام، والتواضع المبني على الثقة بالنفس.
(أن التوفيق من الله ، والله سبحانه وتعالى يطالب الإنسان بالسعي المنظم ويطلب منه أن يكون مسعاه مشروعاً دائماً وعندما تكون نياته صادقة ومسعاه مشروعاً ومنظماً، عندها تكون قد توفرت القاعدة الأساسية للنجاح، وما التوفيق إلاّ من عند الله)(6)
ليس ذلك فحسب بل أن القيادة العراقية كانت واعية ومدركه لنمط وسلوك الجانب الإيراني.
(الحكام الإيرانيون يمكن أن يأتوا في يوم الى السلام ولكن ليس تحت موجبات العودة الى الإطار العقلي السليم وإنما تحت الشعور بأن طريق الحرب يجعلهم يخسرون أكثر مما يربحون)(7)
بعد معركة تحرير الفاو أقتنع العراقيون بأن السلام لن يتم إلا بتدمير القوة العسكرية الإيرانية وإجبارها على القبول بإنهاء الحرب ، وعلى هذا الأساس قامت القوات العراقية على أثر أنهيار القوات الإيرانية بشن هجمات عديدة لاستعادة الأجزاء التي كانت إيران قد احتلتها في وقت سابق والتي استغلت فيه احتلالها للفاو في محاولة للتوسع ، وكالآتـي:
- 25/ 5/ 1988 حررت القوات العراقية أرض الشلامجة في عمليات (توكلنا على الله) – البيان رقم (3192).
- 17/ 6/ 1988 حررت قواتنا المسلحة الباسلة عارضة أحمد رومي الواسعة وذات الأهمية الستراتيجية عند حدودنا في محافظة السليمانية أستمراراً لعمليات (محمد رسول الله) وتم تطهير العديد من العوارض المهمة معها.
- 22/ 6/ 1988 طهرت قواتنا المسلحة الباسلة المرتفعات الحدودية الستراتيجية – جبل كردش- جبل بردسور- وأحكم مقاتلونا السيطرة على نهر الزاب عند الحدود الدولية .
- 25/ 6/ 1988 تم تحرير أرضنا الوطنية في مجنون الشمالي ومجنون الجنوبي في المسطح المائي لهـور الحويزة في عمليات (توكلنا على الله الثانية).
- 9/ 7/ 1988 تمكنت قواتنا من تطهير حوض (باسين) وسلسلة جبال (سركيو) و (وادي سبيداره) وتحرير مخافرنا الحدودية في (سواره ين) و (شهاب الدين) و (شويكل) واستمرت المعارك لأربعة أيام متواصلة.
- 12/ 7/ 1988 تم تحرير كامل أراضينا الوطنية في (زبيدات) في علميات (توكلنا على الله الثالثة).
- 22/7/ 1988 أشار بيان القيادة العامة للقوات المسلحة رقم (3269) الى أن (عمليات توكلنا على الله الرابعة) امتدت من أقصى الجبهة الى أقصاها بعلميات جهادية متباينة الحجم والسعة والنوع في جبهاتها وعمقها تستهدف انتزاع ما تبقى بيد المعتدي الغازي من أرض وتحطيم قوته والحصول على أكبر عدد من الأسرى وكان الثقل الأساسي في قاطع الفيلق الثاني البطل وعلى جبهة 170 كم وتم تحرير الأرض وسحقت قوات الغزو(8).
- بعد كل تلك الانتصارات العظيمة ، انهارت القوات الإيرانية وبلغ حجم خسائرها أكبر من إمكانية حكامها على إخفاء الحقيقة إضافة الى ضربات القوة الجوية والحصار الذي فرض على موانئها من قبل قواتنا الجوية، كل ذلك أدى بإيران الى قبولها بالقرار 598 بعد سنة كاملة من إصداره والتي وصفها الامام الخميني بـ(تجرع السم).
يتبع
عن موقع المرابط العراقي
الهوامش:
(1) التقرير السياسي للمؤتمر الثاني عشر – القضايا الكبرى على الساحة القومية.
(2) كاظم هاشم نعمة – دراسات في الستراتيجية والسياسة الدولية ط1 دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد 1990.
(3) خلدون ناجي معروف- الموقف الإسرائيلي من العدوان الثلاثيني على العراق – مجلة دراسات فلسطينية العدد 2 – 1994- ص 15- تحرير الفاو- مصدر سابق – ص212.
(4) من خطاب الرئيس صدام حسين لمناسبة بناء الفاو في 25 / 10 / 1989. الثورة العربية – العدد1 - سنة 1990.
(5) طارق عزيز – الصراع العراقي الإيراني – أسئلة ومناقشات – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – ط1 – بيروت 1980 ص28 .
(6) نص حديث صدام حسين خلال تكريمه قائد الحرس الجمهوري وقادة القوات المشاركين بتحرير الفاو في 24/4/ 1988- الثورة العربية العدد 5 لسنة 1988 ، ص 147.
(7) جواب الرئيس صدام حسين على سؤال من قبل الصحفي إبراهيم نافع رئيس تحرير جريدة الأهرام - الثورة العربية - العدد 4 - لسنة 1989 - ص71.
(8) قادسية صدام – كتاب الثقافة الوطنية والقومية (الكتاب الاول) 1992، ص233-236.
لقد كانت فكرة تحقيق السلام هي التي املت على القيادة العراقية اسلوب وطريقة معالجة الاحتلال الايراني لمثلث الفاو ، حيث وضعت نصب عينها تحقيق النصر الذي بدونه لايمكن تحقيق السلام وانهاء الحرب.
ان (رمضان مبارك) وهو الاسم الذي اطلق على معركة تحرير الفاو والتي وصفها قادة ومخططون عسكريون عرباً واجانب بأنها (معركة بالغة الضخامة ونموذجية وتتميز بأهميتها على جميع المستويات) وهي بحق اهم واكبر معركة عسكرية خاضها العرب في تاريخهم الحديث، ان الدراسة المعمقة للمعركة التي دارت رحاها يوم 17-18 نيسان 1988 والتي خاضها مقاتلو العراق الشجعان في قوات الحرس الجمهوري والفيلق السابع والقوات المتجحفلة معها وصقور القوة الجوية وطيران الجيش ومن ورائهم كل قطعات الجيش العراقي الباسل تحت رؤى نابعة من ايمان عميق بقدرة الامة على استعادة أمجادها ستكشف انها كانت معجزة عسكرية وفق كل السياقات والمقاييس ..
فهي واحدة من أعظم المعارك في التاريخ اذا ما أخذ بنظر الاعتبار حجم الأسلحة والأفراد ومساحة أرض المعركة والخسائر البشرية وسرعة حسم المعركة بالنصر لرجال أمة العرب ...رجال العراق... وهذا ما يفسر تحالف الصهيونية وأمريكا وايران في احتلال العراق عام 2003 لكي تقضي على ماتبقى من القوة العسكرية العراقية التي باتت تؤرقهم وتقف حاجزاً في تنفيذ مخططاتهم الاجرامية ضد الأمة العربية والاسلامية ، ومعروف للجميع كيف كانت المؤامرة الأولى بتحريض الكويت ودفعها للعمل ضد العراق وتعاون عملاء امريكا من الحكام العرب في تأزم الأوضاع بين العراق والكويت عام 1990 وما جرى بعد ذلك من مؤامرات لاضعاف العراق عبر حصار دام 13 عاماً ، وصولاً الى تحقيق أهداف مشتركة للقوى الثلاث الآنفة الذكر في تقسيم العراق ونهب ثرواته وليبدأ بعدها المخطط المرسوم لتفتيت كل أقطار الوطن العربي الى دويلات متناحرة عرقياً وطائفياً وتحت حماية الثالوث المجرم الصهيوني الأمريكي الفارسي ، وقد بانت بوادره في السودان ، حيث تم فصل جنوب البلاد عن جسد البلد الواحد ، وما يجري في الأراضي الفلسطينية من امتداد وتوسع في انشاء المستعمرات الصهيونية فوق الارض التي اغتصبوها بمساعدة الدول الاستعمارية والدعم اللامحدود من أمريكا لهذا الكيان الدخيل ، وما جرى ويجري الآن في السعودية واليمن وليبيا وسوريا ليست الاّ بداية لتنفيذ المشروع الذي اتفق عليه منذ سنين طويله لتفتيت الأقطار العربية الى دويلات يتقاسمها الثالوث الشيطاني وينهب ثرواتها ...دعاءنا الى الله أن ينصر أمة العرب على أعدائها ويفضح الخونة والعملاء الذين ساروا في دربهم .
ثمن التحرير بالأرقام
بلغ عدد إصابات الإيرانيين عام 1986 120.000 أصابه
خسائر الإيرانيين خلال معارك رمضان مبارك فقط عام 1988 (30.000 ) قتيل
6,890,600 عدد القذائف من الجانبين على الفاو من 1980-1988
عدد الشهداء العراقيون في منطقة الفاو من 1/9/ 1980 لغاية 18/ 4/ 1988 ( 52.948)
عدد الطلعات للقوة الجوية خلال عملية تحرير الفاو 330
عدد طلعات سمتيات طيران الجيش 219
أوزان الأسلحة التي أستخدمتها القوة الجوية في ضرب أهدافها 473 طناً
عدد الصواريخ أرض – أرض التي أطلقت في عملية التحرير لضرب الجسور التي أقامها العدو على شط العرب 13 صاروخ أرض – أرض
القادة المشاركون في تحرير مدينة الفاو
1- المهيب الركن صدام حسين رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة العراقية .
2- الفريق الأول الركن عدنان خير الله طلفاح نائب القائد العم للقوات المسلحة وزير الدفاع
3- الفريق الأول الركن نزار عبد الكريم فيصل الخزرجي – رئيس اركان الجيش
4- الفريق الاول الركن حسين رشيد محمد معاون راج للعمليات .
5- الفريق الاول الركن اياد فتيح خليفة قائد الحرس الجمهوري.
6- الفريق الاول الطيار بطل القادسية حميد شعبان خضير قائد القوة الجوية.
7- الفريق الاول الركن ابراهيم عبد الستار محمد قائد قوات حمورابي ح ج.
8- الفريق الاول الركن عبد الواحد شنان آل رباط قائد قوات بغداد ح ج .
9- الفريق الركن علاء الدين كاظم حماد امين السر العام ق ع ق م.
10- الفريق الركن عبد الستار احمد المعيني معاون ر أ ج للادارة.
11- الفريق الركن ماهر عبد الرشيد قائد فل 7 .
12- الفريق الركن ضياء الدين جمال معاون ر أ ج للميرة.
13- الفريق الركن يونس محمد الذرب مدير التخطيط .
14- الفريق الركن صابر عبد العزيز حسين مدير الاستخبارات العسكرية العامة.
15- الفريق الركن صلاح عبود محمود رديف قائد الفيلق السابع .
16- الفريق الطيار الركن الحكم حسن علي مدير طيران الجيش.
17- الفريق الركن احمد ابراهيم حماش قائد قوات المدينة المنورة حرس جمهوري.
18- الفريق الركن نجم الدين عبد الله محمد مدير الحركات العسكرية .
19- الفريق الركن يالجين عمر عادل رديف قائد قوات ح ج .
20- الفريق الركن محمود فيزي محمد الهزاع رديف قائد فق أ / 1 .
21- اللواء الركن الطيار سالم محمد سعيد البصو ، مدير الاستخبارات الجوية.
22- اللواء الركن نوفل اسماعيل خضير قائد فق مع / 6 .
23- اللواء الركن وعد الله مصطفى حنوش قائد القوات الخاصة ح ج.
24- اللواء الركن غائب حسون غائب قائد القوة البحرية .
25- اللواء الركن ازهر سعد الله خليل قائد قوات نبوخذ نصر ح ج.
29- العميد قيصر جاسم عجاج آمر مدفعية الفيلق الثالث .
30- اللواء الركن لطيف محل حمود امين سر شعبة الحرس الجمهوري.
31- اللواء الركن الطيارعبد الجبار السوداني امين سر فرع ( فل3).
32- اللواء خالد كافي فليح حسن العاني امين فرع ذي قار العسكري.
33 ـ مع قائدي تواجد عدي وقصي نجلي الرئيس صدام حسين (الفيلق السابع وفيلق الحرس الجمهوري) اثناء المعركة
ملاحظة (1) : تم اعداد هذا البحث عام 2001 وكان يضم خرائط لأرض المعركة ، وثلاث رسائل بخط يد الرئيس صدام حسين، واحدة للقيادات العسكرية أثناء الاستحضارات للمعركة ، والثانية لولديه عدي وقصي اثناء المعركة ، والثالثة بيان النصر العظيم في تلك المعركة والذي اعلن بعد تحرير الفاو ، وللأسف الشديد فقدت تلك الوثائق بعد احتلال العراق عام 2003 ، فيما تم الاحتفاض بالبحث مطبوعاً على (فلوبي) لغاية الوقت الحاضر ، واتمنى لمن تتوفر لديه تلك الوثائق أن يبادر لضمها لهذا البحث ليكون بصورة أفضل ويكون شهادة للتاريخ بحق رجال العراق وبطولاتهم ، وكنت أتمنى أن تتوفر أسماء آمري الألوية والتشكيلات والطيارين المشاركين وحتى مستوى الجندي ..ولكن حتى لو توفرت فلاأظن من المستحسن نشرها بعد أن بدأت ايران منذ احتلال العراق من قبل القوات الامريكية عام 2003 باغتيال القادة العسكريين والطيارين بحجة المشاركة بالحرب ضدها ...العز والشموخ لمن صنعوا انتصارات العراق ، المجد والخلود لشهداء العراق والأمة العربية ، المجد والخلود لشهداء المقاومة العراقية الباسلة ، النصر قريب انشاءالله على أرض العراق ، ومثلما أنجب العراق والأمة العربية أبطالاً صنعواالأمجاد لآلاف السنين ، ستظل تنجب الأبطال ليصنعوا المجد القادم باذن الله .
ملاحظة (2) : ان تاريخ الشعوب يصنعه رجالها وان هذا الجهد المتواضع هدية لكل رجال القوات المسلحة الابطال ورجال المقاومة البواسل ، أرجو قبول اعتذاري عن أي سهو أو اهمال غير مقصود سواء لتفاصيل معينة لم تذكر ، أو لأسماء بعض القادة الذين تعذر الحصول على اسمائهم وارجو ممن تتوفر لديه معلومات ممكن ان تضاف وتغني هذا البحث ارسالها الى العنوان الموجود في نهاية كل جزء لكي ينال كل ذي حق حقه ولاتضيع جهود رجال نزفوا دماء دفاعا عن وطننا العزيز ولكي يتم توثيق تلك المعركة بكل تفاصيلها وتنشر في كتاب يحفظ لهذا الوطن بعضا من تاريخه ومن بطولات رجاله .
كلمة أخيرة أود أن اضعها أمام الحكام الجدد في العراق ، وقادة الأمة العربية:
( أمة لاتكرّم من ضحّى لأَجلِ عزّتها ...لن تجد اليوم مَن يضحّي لأَجلها ....وهكذا .............تموت الأَوطان )
لقد نزفت دماً...دفاعاً عن وطني...ومثلي الآلاف...
وآثار الجراح ما زالت على جسدي .. واجساد الآلاف
خسرت بيتي ...وكل ما أملك
قتلوا أخي والعديد من اقربائي واصدقائي
ورفضت كل مغريات المحتل وأعوانه.
وغادرت الى المجهول...
وحيداً في غربتي ...
ولكن ... لن أخونك يا وطني ...
لن أخون دماء الشهداء ...
لن أُطعم أَولادي رغيفاً مغمساً بدماء الأبرياء...
لأنيّ...عاشقاً كنت ....وسأظل ...لأرضك ياعراق...ولك ياشعب العراق...
ولكِ... ياعاصمة التاريخ والحضارة ...بغداد...
ووعدا لك ايها الوطن الغالي ...نحن عائدون
(قصي المعتصم)
مواقع مهمة تتيح للقاريء الاطلاع على الكثير من الحقائق في دور ايران التخريبي ضد العراق والأمة العربية والاسلامية منذ الثمانينات ولغاية اليوم :
ثانياً :الكتب
1- ابراهيم خلف العبيدي – تاريخ العراق قديمه وحديثه ، 1988.
2- الصراع العربي الفارسي – منشورات العالم العربي – باريس 1981.
3- تاريخ العراق القديم – مجموع من الاساتذة والباحثين – بغداد 1983.
4- العراق في التاريخ – مجموعة من الاساتذة والباحثين – بغداد 1983.
5- تاريخ حضارة العراق – مجموعة من الاساتذة والباحثين – بغداد 1983.
6- سليم طه التكريتي - الصراع على الخليج العربي – بغداد 1966.
7- عبد الرزاق الحسيني – تاريخ العراق السياسي ج3 – صيدا 1957.
8- امين الريحاني – ملوك العرب ج2 – بيروت 1951.
9- سالم سعدون الجابر – قضاء الفاو – بغداد مطبعة الارشاد 1987.
10- عبد حميد محمود الخطاب – تحرير الفاو – الابعاد السياسية والستراتيجية – بغداد دار الشؤون الثقافية العامة 1997 .
11- ملحمة الفاو ، ملحمة الاجيال – وزارة الثقافة والاعلام العراقية – بغداد 1987 .
12- اطلس العراق – وزارة التربية – بغداد 1983.
13- قادسية صدام والخيار القومي – مجموعة باحثين – دار الشؤون الثقافية– بغــداد – 1986 .
14- يزيد الصائغ - الصناعة العسكرية العربية – مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت 1992 .
15- سعد ناجي جواد و منعم صاحي – الامن التركي بين مهمتين السياسة الدولية العدد 118 لسنة 1994 .
16- التقرير السياسي للمؤتمر القومي الثاني عشر – 1992 .
17- كاظم هاشم نعمة دراسات في الستراتيجية والسياسة الدولية – ط1 دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد 1990 .
18- طارق عزيز – الصراع العراقي الايراني – اسئلة ومناقشات – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – ط1 بيروت 1980 .
19- الثقافة الوطنية والقومية – الكتاب الاول – بغداد 1992 .
20- Le Conflit Irako – Iranien – Paris – 1981.
ثالثاً: البحوث
1- امجد حسين الزهيري – الاهمية السياسية السوقية والجيوبوليتيكية لمنطقة البصرة والفاو – جامعة البكر – 1988 .
2- عبد الوهاب عبد الستار – تأثيرات معركة الفاو على الامن القومي العربي – بحث مقدم الى الندوة العلمية العسكرية – جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا – 1988 .
رابعاً : المجلات الدورية
1- مجلة الدستور – لندن 11/3/1987 .
2- مجلة آفاق عربية – السنة الحادية عشر – نيسان 1986 .
3- مجلة مرآة الامة – العدد 821 في 3/1/1988 .
4- السياسة الدولية - العدد 94 لسنة 1988 .
5- الثورة العربية – العدد 5 لسنة 1988 - 5
6- الثورة العربية – العدد 4 لسنة 1989 .
7- الثورة العربية – العدد 1 لسنة 1990 .
خامساً : الصحف اليومية
1- صحيفة القادسية – 12/ حزيران / 1995 .
2- صحيفة القادسية – 23/9/1987 .
3- جريدة الثورة – 7/1/1987 .
4- صحيفة النهار اللبنانية – 23/كانون الاول / 1979 .
5- صحيفة النهار العربي والدولي – 24/آذار/ 1980 .
6- صحيفة الانباء الكويتية – 18/4/1986.
7- صحيفة الرأي العام الكويتية – 25/8/1986 .
8- صحيفة القبس الكويتية – 2/9/1986 .
9- صحيفة كيهان الايرانية – عدد 28 نيسان 1979 .
سادساً : خطب الرئيس صدام حسين
1- خطاب الرئيس في 6/1/1987 .
2- خطاب الرئيس في 22/9/1987 .
3- حديث الرئيس صدام حسين في 24/4/1988 .
4- خطاب الرئيس في 25/10/1989 .
5- خطب واحاديث الرئيس صدام حسين – بغداد 1995.
أرجو قبول اعتذاري عن أي سهو أو اهمال غير مقصود سواء لتفاصيل معينة لم تذكر ، أو لأسماء بعض القادة الذين تعذر الحصول على اسمائهم ، وحبذا لو تفضل من يملك معلومات اضافية لتزويدي بها لكي تضاف لهذا البحث الذي قمت باعداده تكريماً لرجال العراق الذين نذروا أنفسهم لصون تراب هذا الوطن الغالي (فمنهم من قضى نحبه...ومنهم من ينتظر ) وسيعود هذا الوطن شامخاً كما كان ، وما مصير الخونة والعملاء الا مزابل التاريخ كما أمثالهم على مرالعصور.
أحدى المعارك التي خاضها الجيش العراقي الباسل اثناء الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات والتي انتهت بالنصر العظيم للعراق:
- مدينة سربيل زهاب من المدن القريبة من الحدود الغربية لإيران، في القاطع الشمالي. وهي ذات أهمية خاصة في هذا القاطع، لوقوعها على طريق عام من أهم الطرق في المنطقة، يصل ما بين بغداد وطهران. كما أنها تتوسط مدينتَي قصر شيرين وكرمنشاه، على الطريق نفسه. وتستمد أهميتها من كونها تتوسط منطقة جبلية وعرة، تجعل الحركة عبْر الطريق ضرورية. ويحيط بها تلال وجبال ووديان، كما يتخللها مناطق ذات تموجات (ثنيات أرضية) ومناطق منبسطة (مفتوحة). ويحيط بحوض سربيل زهاب خمس تلال، تسيطر عليه وتكمن أهمية الحوض في اتساعه، لحشد قوات داخله، يصعب ملاحظتها من الجانب الغربي، وهو ما استغله الإيرانيون في هذه المعركة.
حشد الإيرانيون قواتهم في حوض سربيل زهاب، مستغلين طبيعة الأرض، لشن هجوم مضادّ، بهدف استعادة قصر شيرين والوصول إلى الحدود الدولية، غرباً. وهو ما يحقق عزل القوات العراقية في القطاع الشمالي. وتكونت القوات المعبأة للمعركة من مجموعة قتال من المشاة (حتى لواء مشاة)، مدعمة بكتيبة دبابات ومدفعية مضادّة للدبابات، ووحدات إسناد ومعاونة أخرى.
اتخذت القيادة العراقية المبادأة، وأمرت قواتها في القاطع بالاستعداد للاضطلاع "بضربة إجهاض"، بالهجوم على القوات الإيرانية في مناطق تجميعها، في حوض زهاب، إذ أفادت عناصر استطلاعها بالحشد الإيراني الكبير، مما يدل على تأهب إيران لعمل تعرضي (هجومي) واسع النطاق في المنطقة، فطنت القيادة العراقية لأهدافه. لذلك، كان من المهم إجهاض الهجوم، والحيلولة دون وقوعه.
وضعت القيادة العراقية الميدانية خطتها، على أساس التقدم على ثلاثة محاور، من اتجاهات مختلفة، مما يصعب على الخصم كشف نيات هجومها وأهدافه أو تقدير قوّته الحقيقية. وتلتقي الأرتال الثلاثة، في حوض الزهاب.
في ليلة 27/28 أبريل، تقدمت الأرتال الثلاثة، كالآتي:
أ. الرتل الأول: يتقدم إلى زرنجو، ويهاجم الإيرانيين فيها. ثم يطور هجومه في اتجاه قلعة بلاغ، ويستولي عليها، بعد طرد الإيرانيين منها. ثم يتقدم نحو المرتفعات الشمالية لبياكو.
ب. الرتل الثاني: يتقدم إلى جبل سي سر، ويستولي عليه ويؤمنه، ثم يواصل تقدمه إلى بابا إسكندر، ويسيطر على المنطقة بينهما.
ج. الرتل الثالث: يتقدم إلى دار بلوط وخاتونة، ويسيطر عليهما. ثم يطور هجومه في اتجاه المرتفعات الجنوبية لبياكو، ويستولي عليها.
تقدمت الأرتال الثلاثة نحو أهدافها . وتمكنت من اختراق المَواقع الأمامية الإيرانية، حتى وصلت إلى منطقة المرتفعات، حيث سيطرت على القوات المتجمعة أسفلها بالنيران. ودفعت الدبابات خلالها، لتخرقها وتُنزل بها خسائر عالية.
وقدرت خسائر الإيرانيين في تلك المعركة، التي استمرت 4 أيام:
أ. الأفراد 4741 فرداً (منهم 1551 قتيلاً، والباقي جرحى ومفقودون).
د. تدمير 4 قواعد صواريخ مضادّة للدبابات، والاستيلاء على قاعدتَين، إضافة إلى ثلاثة مدافع سليمة.
هـ. تدمير نقطتَي شؤون إدارية، ونقطة واحدة للملاحظة، وأربعة مواقع للمشاة
ارتفاع أعداد القتلى والجرحى، في الجانب الإيراني، خلال تلك المعركة، يرجع، أساساً، إلى اصطدام الأرتال العراقية الثلاثة، في المرحلة النهائية من المعركة، بأعداد كبيرة من قوات الحرس الثوري الإيراني، جرى تجميعها في المنطقة، للمعاونة على أعمال القتال (المشاركة في الهجوم المضادّ)، أو لاحتلال مَواقع المشاة، التي ستنفّذ الهجوم المضادّ.
بـقلم الفريق الركن رعـد مـجيد الحمداني (قائد فيلق الحرس الجمهوري العراقي الثاني ( الفتح المبين ))
- كان التاريخ هو أول أيام رمضان. لذا، سميت المعركة من قِبل العراقيين،"رمضان مبارك". وقد وافقت نهاية يوم 16 أبريل، وقبل بدء نهار 17 أبريل. لذلك، كان هجوماً ليلياً صامتاً. هدفه استعادة السيطرة على شبه جزيرة الفاو كلها .
- كانت المعلومات المحصلة عن الفاو جيدة... فآخر تصوير جوي للقاطع كان بتاريخ 30/3/1988 احتوى على تفاصيل دقيقة جدا عن توزيع القطعات والاسلحة والعقد الدفاعية والاسلحة الساندة...
وتم اعداد مسرح قتال مشابه لمسرح قاطع العمارة، وتدربت معظم الوحدات والتشكيلات على طبيعة الارض، وثابر قائد الحرس الجمهوري على رفع قدرة قواته لبلوغ المستوى الذين يؤمن لها الظفر بالمعركة لتحرير الفاو......
وهي المهمة التي أقسم على تحقيقها حين استلم مسؤولية الحرس الجمهوري،
وكان صدام موفقا في اختيار هذا القائد المثابر والشجاع جدا الفريق الاول الركن أياد فتيح الراوي كان برتبة لواء ركن آنذاك ..
- كانت مهمة تحرير الجزء الغربي ملقاة على عاتق فرقة المدينة المنورة، حرس جمهوري، والذي يبدأ من خور عبد الله الى نصف قاطع المسؤولية، وبالعمق الى المشروع 81
(مشروع قديم لصواريخ البحرية العراقية)، أما مسؤولية فرقة بغداد، حرس جمهوري،
فكانت على الطريق الاستراتيجي الذي يحد قاطع مسؤولية الفيلق السابع إلى الحدود الفاصلة مع فرقة المدينة المنورة حرس جمهوري وبالعمق الى نهاية منطقة المملحة....
أما مهمة فرقة حمورابي حرس جمهوري فكانت الصفحة الثانية، وهي تحرير الفاو بالتعاون مع جهد الفيلق السابع والاندفاع الى رأس البيشة، أي الى رأس المثلث البري العراقي المطل على الخليج العربي...
أما فرقة نبوخذ نصر حرس جمهوري بقيادة العميد الركن آنذاك أزهر عبد الله فهي فرقة احتياط....
- و بعد العرض جرت تعديلات على خطتي فرقة المدينة المنور بقيادة العميد الركن آنذاك أحمد حماش، وفرقة حمورابي بقيادة العميد الركن آنذاك ابراهيم عبد الستار...
أما خطة فرقة بغداد حرس جمهوري بقيادة العميد الركن آنذاك عبد الواحد شنان فكانت مستوفية...
وكانت أعقد الاعمال والمهام هي الجهد الهندسي الذي كان يتمحور على فتح الممرات والمجازات وتأمين اكساء المنطقة الرخوة لتسمح باندفاع الدروع والعجلات عبر فرش حصر معدنية، وكذلك اكساء الممرات بمادة السبيس والحصى،
علاوة على تأمين الجسور الصغيرة وتهيئة وسائد الاحذية العريضة لمنع غوص أرجل قطعات الصولة...
وكانت الهمة عالية والحمد لله... وكانت ضمن واجباتي كضابط ركن عمليات عرض ما نتوصل اليه على معاون رئيس أركان الجيش، ومنه الى صدام،
حيث كنت استقل طائرة مروحية الى مديرية الاستخبارات العسكرية برئاسة اللواء صابر عبد العزيز الدوري لاطلاع الشخص المخول على الخطة،
وهو وفيق السامرائي... ثم استقل احدى عجلات ديوان الرئاسة الى مبنى القيادة التي اتخذت آنذاك من أحد قصور الضيافة مقرا لها (قصر بغداد)....
- يوم بدء العمليات تأخر الى يوم 17/4/1988 لعدم تكامل استحضارات الفيلق السابع بقيادة اللواء الركن آنذاك ماهر عبد الرشيد،
وكان هذا اليوم يصادف أول يوم رمضان، فأطلق صدام على هذه العملية مسمى عملية رمضان مبارك ... وكانت عناية الله سبحانه وتعالى لصالحنا...
حيث سائت الاحوال الجوية مما حد من إمكانيات الرصد المعادي... حيث كان للعدو أكثر من 70 برجا كبيرا للمراقبة...
- ليلة الهجوم الكبير حضرصدام وعدنان خير الله الى مقرنا....وأدارا جزءا من المعركة من غرفة عمليات قوات الحرس الجمهوري...
وقد كلف نجليه (عدي وقصي) بمشاركة قائدي الحرس الجمهوري والفيلق السابع فعدي كان مع الحرس، وقصي مع الفيلق السابع
- في الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 17/4/1988 أطلقت أكثر من ألف فوهة نيران القصف التمهيدي المركز... ومن ضمنها ضربة بالسلاح الكيماوي...
وبدءا من الساعة السادسة شاركت الدبابات المخصصة لتدمير النقاط الحصينة الامامية من على منصات صنعت لها...
وشاركت القوة الجوية وعدد من زوارق البحرية في مرحلة القصف التمهيدي...
وفي تمام الساعة السادسة والنصف انطلقت وحدات الصولة لاقتحام الحاجز النفسي الكبير...
سرعان ما بدأنا نستمع من خلال الاتصالات البشائر الاولى للنصر...
لم تتأخر القطعات المعقبة الاخرى من زف أخبار النصر الواحد تلو الاخر ونحن غير مصدقين من سرعة ذلك النجاح...
وبعد مرور ست ساعات كانت كل التشكيلات الامامية في أهدافها عدا قاطع لواء القوات الخاصة السادس عشر حرس جمهوري، الذي كان بإمرة العقيد الركن آنذاك طلال القيسي.... حيث كان المانع المائي كبيرا وعميقا...
وقد تركزت أمامه قوة معادية كبيرة جدا... ومن خلال مواطيء النجاح الاولى، تم دفع القدمة الثانية من الصولة، ومن خلال قاطع اللواء السادس بقيادة العقيد الركن آنذاك رعد رشاد تم الالتفاف حول مقاومة اللواء السادس عشر... فتم تدميرها بالكامل...
وانطلقت الالوية المدرعة بالاندفاع نحو العمق... ومع حلول ليل ذلك اليوم اكملت كافة تشكيلاتنا اهدافها للصفحة الاولى بكل مراحلها....
كذلك وردتنا أخبار النصر في قاطع الفيلق السابع الذي كان يقاتل في القسم الشرقي....
- في ليلة 17-18/4/1988 وبعد أن اكملت فرقتنا احتلال أهدافها وكذلك فرق الفيلق السابع، قام آمر مدفعية هذا الفيلق اللواء نايف قصب جنديل بزيارة مقرنا على ضوء توجيه صدام بضرورة تكثيف اجراءات التنسيق...
فاطلع على موقفنا واطلعنا على مواقف قوات فيلقه.... كان هناك تنافس شديد لكسب شرف دخول الفاو بين الفيلق السابع وقوات الحرس الجمهوري...
- بدأت الصفحة الثانية بقصف تمهيدي ونار ساترة، فدارت معركة شديدة... وفي تمام الساعة الثانية عشرة أعلن اللواء 20 حرس جمهوري تتقدمه كتيبة دبابات الفارس التي يقودها المقدم ركن سالم حافظ من اللواء السابع عشر المدرع حرس جمهوري دخول الفاو...
وتم رفع العلم العراقي... وتداخل ذلك أيضا مع دخول قطعات اللواء 30 المدرع من الفيلق السابع... فزفت البشرى الكبرى..
- و هنا أمر صدام حسين بدمج وتداخل الصفحة التالية دون انتظار مرحلة ترصين الهدف، حيث اندفعت فرقة حمورابي حرس جمهوري لتحقيق واكمال الصفحة الثالثة... فواصل لواء المشاة 23 حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن آنذاك صالح يوسف الى رأس البيشة...
فأمر صدام بالسماح للعدو المهزوم بعبور شط العرب على جسر الانابيب المقام من قبلة لاشاعة روح الهزيمة في قطعات العدو في الضفة الشرقية لشط العرب...
ثم وبناء على رجاء أعضاء القيادة العامة، وخاصة الفريق الطيار الركن الحكم التكريتي، اكتفينا بتدمير ذلك الجسر بالقوة الجوية...
ذلك أن صدام تساءل فيما لو كان لنا امكانية العبور الى الاراضي الفارسية لتأكيد الاقتدار العراقي....
وفيما بعد كتب صدام بيان النصر العربي المبين وأملاه بالهاتف على وزير الاعلام يومها لطيف نصيف جاسم، واذيع البيان على الشعب العراقي العظيم..
فكانت البشرى عظيمة والفرحة أعظم وكان حدثا عربيا عراقيا عظيما....
- قلب هذا النصر موازين القوى، فارتفعت معنويات قواتنا وشعبنا الى عنان السماء، وحصلت الصدمة بالعدو الفارسي، وكأنه لم يصدق ما حدث... وعصر ذلك اليوم حلق صدام وعدنان بالمروحية فوق الاراضي المحررة...وكانت آثار القصف المدفعي والصاروخي احدى الملاحظات التي تحدث عنها صدام فيما بعد....
لقد تفوق مركز الثقل العراقي الذي نفذ الهجوم على قدرة الخصم... فلم تبد منه ردة فعل نظرا لبعد مركز ثقل قواته المتواجد في أقصى الشمال....
وكانت تضحياتنا مقبولة نوعا ما... فلم تتجاوز الف شهيد.. في حين عند احتلال الفاو خسرنا حوالي الخمسين الف شهيد... ولا شك ان العدو خسر الالاف المؤلفه من جنوده في تلك المعركة الميمونة المظفرة...
لقد دلت هذه المعركة على حب الوطن وقدرة قواته المسلحة وعلى استعداد الشعب للتضحية من اجل كرامة الوطن وطهارة ترابه...
معركة توكلنا على الله الرابعة 22 تموز 1988
اللواء فوزي البرزنجي
1.المقدمة على جبهة واسعه مترامية الأطراف ومُتباعِدَة تفصل بينها مئات الكيلو مترات سابقت قطعات الجيش العراقي الباسل سرعة الريح وقد كانت حِراب العسكريين الشجعان قد بدأت بتمزيق مواضع العدو الفارسي من إتجاهات ومحاور مُتعَدِدة وبأوقات قياسية غير مُعْتادَة وبدأت صفحات الْمَعْرَكة تتداخل واحدة بعد الأخرى في جبهات متعدده مابين الحدود العراقية – الإيرانية ، بدأت رؤوس العدو تركل بأقدام أبناء الجيش العراقي الباسل جارْاً العدو الإيراني أذياله وتسابقت الدبابات والمُشاة الراجل لتمزق أوكار الإيرانيين وماهي إلا ساعات حتى إنتزعت مناطق مُتعَدِدة من براثن العدو وإندفعت القطعات العراقية وفق الخطة بالتزامن مع عمليات مشتركة وبدأت المواضع الْمُعادَيَةِ تنهار واحداً تِلْوَ الآخر، إنها معركة توكلنا على الله الرابعة ، ولكي أوثق الحقائق لكوني شاهداً على أحداثها لابد لي من سرد تأريخ لايمكن أن يُنْسى ليبقى خالداً في ذاكرة الأجيال القادمة ليتعرفوا على جيشهم العراقي الباسل .
2. طبوغرافية المنطقة يُعْتبَر خط الحدود العراقية الإيرانية الذي يبلغ طوله قرابة 1200 كيلومتراً من أعقد خطوط الحدود بين دول منطقة الشرق الأوسط ودول العالم أجمع بسبب التداخل الْمُتعَرِجْ في أراضي كِلا الدولتين الذي نشأ عند ترسيم الحدود بين البلدين بعد الحرب العالمية الأولى من قبل بريطانيا العظمى لذا سيبقى الصراع قائماً بين العراق وإيران إلى ما لا نهاية ويمكن تقسيم القاطع الأوسط من خط الحدود إلى الأقسام التالية :
أ. قاطع الكوت: يبدأ من مدينة جلات الحدودية مقابل مدينة علي الغربي جنوباً ويتجه شمالاً حتى مدينة بدرة العراقية تقابلها مدينة مهران الإيرانية وقد تم تسمية هذا القاطع بحوض مهران الذي يشكل جيب عميق داخل الأراضي العراقية ، شكل الأرض في الجانب العراقي منبسط نسْبِياً وفي الجانب الإيراني شُبُه جبلي ذو تجاويف كثيرة وعميقة نِسبيا تساعد على التسلل والإختفاء لصالح الجانب الإيراني ، عند إلإتجاه شمالاً بعد حوض مهران يسير خط الحدود في منتصف الحافة الغربية للسلسلة الجبلية المتعددة الأسماء الموازية لخط الحدود مما يُعْطي قيمة تعبوية للأرض يُسَهِلُ الدفاع فيها لكن خط الحدود يسير بشكل مثلثات متداخلة داخل أراضي البلدين مما يعقد الموقف التعبوي للقطعات التي تدافع في القاطع . ب. قاطع مندلي – بعقوبة : شكل الأرض في هذا القاطع متكافئ نسبياً للجانبين العراقي والإيراني حيث يسير خط الحدود بشكل مُتعَرِج وسط منطقة شبه جبلية قليلة الإرتفاع ، تقع مدينة مندلي بالقرب من خط الحدود تُقابِلُها مدينة سومار الإيرانية وقد تم تسمية هذا القاطع بحوض سومار ، المناطق التي إكتسبت شهرة في هذا القاطع عارضة سانوبة ومنطقة سيف سعد التي تقع إلى الجنوب من مدينة مندلي ومنطقة النفط خانة التي تقع إلى الشمال من مدينة مندلي ويعتبر هذا القاطع من خط الحدود أخطر القواطع لِقُرْبِهِ من مدينة بعقوبة والعاصمة بغداد حيث لا تتجاوز المسافة بين خط الحدود ومدينة بعقوبة 50 كيلومتراً ولا تتجاوز المسافة بين خط الحدود والعاصمة بغداد أكثر من 100 كيلومتراً ويزيد من خطورة القاطع عدم وجود مناطق طبيعية جبلية أو شبه جبلية يمكن للقطعات العراقية إتخاذ مواضع دفاعية فيها ما عدى نهر ديالى حيث يُعْتَبَرْ مانع طبيعي يسهل الدفاع عليه .
ج. قاطع خانقين : شكل الأرض في هذا القاطع شبه جبلية في كِلا الأراضي لِلْبَلَدَيْن ويسير خط الحدود بشكل متعرج ومتداخل بالغ التعقيد مما يشكل خطورة على حرس المخافر الحدودية ، توجد مدينة خانقين في الأراضي العراقية على مسافة قريبة من خط الحدود تُقابِلُها مدينة قصر شيرين في الأراضي الإيرانية ، المناطق التي إكتسبت شهرة في هذا القاطع منطقة زين القوس جنوب المنذرية كما يوجد في القاطع نهر الوند القادم من جهة الشرق مروراً بمدينة خانقين إلا إن الجانب الإيراني قام مؤخراً بإنشاء عدد من السدود على هذا النهروجفف منابع هذا النهر بإتجاه الأراضي العراقية ، الطريق العام بغداد – بعقوبة - جلولاء – خانقين – قصر شيرين – كرمنشاه يعتبر النافذة الرئيسية لِكِلا الدولتين في القاطع الأوسط من خط الحدود ، توجد عدة سلاسل جبلية داخل الأراضي العراقية تصلح كمواضع دفاعية متعاقبة أهمها سلسلة جبل دراوشكه جنوب خانقين وسلسلة جبل حمرين في منطقة منصورية الجبل شمال مدينة المقدادية . د. الطرق في القاطع : يوجد عدد من الطرق في القاطع الأوسط من خط الحدود وتعتبر محاور حركات لِكِلا الدولتين أهمها. أولاً. طريق الكوت – بدرة – مهران – كيلان غرب في القسم الجنوبي من القاطع الأوسط. ثانياً. طريق بعقوبة - بلدروز – مندلي – سومار في القسم الوسطي من القاطع الأوسط . ثالثاً. طريق بعقوبة – جلولاء – خانقين – قصر شيرين – كرمنشاه في القسم الشمالي من القاطع الأوسط . رابعاً. طريق الخدمة داخل الأراضي العراقية يسير بموازاة خط الحدود وبمسافات متباينة على طول القاطع الأوسط من خط الحدود ويرتبط بعدة طرق عَرَضْيَة مع الطرق الرئيسية الكوت - بغداد – بعقوبة – جلولاء - خانقين .
3.الموقف العام تمكن الجيش الإيراني من إحتلال مثلث الفاو في سنة 1986 نتيجة عوامل متعددة وقامت قطعات الجيش العراقي الباسل بِشَن هجمات مقابلة على القوات الإيرانية لغرض تثبيته و منعه من التوسع والتقدم بإتجاه أم قصر (الميناء الحيوي العراقي )، جرى العمل وفق توجيهات القيادة العسكرية العُلْيا لإنشاء دفاعات ميدانية على شكل نصف دائرة تحيط بمثلث الفاومن جهة الشمال والغرب مؤلفة من ثلاث خطوط دفاعية كما يلي: الخط الاول والثاني . مؤلف من قطعات المُشاة الخط الثالث . مؤلف من القطعات المدرعة والآلية كانت الخطوط الدفاعية مُسْنَدَة بثلاث خطوط من مدفعية الميدان – المدفعية المتوسطة – المدفعية الثقيلة – صواريخ أرض أرض ، كانت مسؤوليتي كقائد للواء الْمُشاة التاسع عشر الدفاع عن الفاو مُنْذُ الأيام الأولى من المعركة مع باقي إخواني من أبناء منتسبي الجيش العراقي الباسل .
4 . أهداف الجيش الإيراني كانت أهداف الجيش الإيراني من إحتلال مثلث الفاو إحتلال مدينة البصرة كهدف سوقي إستراتيجي للأسباب التالية: أ. توفر منابع النفط الغنية . ب. منفذ بحري لصادرات وواردات العراق . ج. نقطة إنطلاق بإتجاه محافظات العراق الأخرى . د. إحتلالها يسبب قطعها إقْتِصادِيَاً مع كافة دول الخليج . هـ. نقطة إنطلاق لدول الخليج الأُخْرى . و. إحتلالها يؤثر معنويا على العرب كافة .
5. فعاليات الجانب الإيراني إستمر العدو الإيراني القيام بفعاليات متعددة لغرض تحقيق أهداف أخرى وتعزيز معنويات قطعاته وفي إتجاهات مختلفة وكما يلي : أ. بعد 10 أشهر من إحتلال مثلث الفاو شنت إيران هجومها الثاني في كانون الاول 1986 على محورين الأول بإتجاه شلهة الأغوات – الشلامجة شرق شط العرب والمحور الثاني بإتجاه جزيرة أم الرصاص جنوب أبو الخصيب وكان الهدف هو إحتلال مدينة البصرة من جهة الجنوب الغربي لكن قطعات الجيش العراقي الباسل في الفيلقين الثالث والسابع كانت على أتم الإستعداد لمواجهة هذا الهجوم والقضاء عليه دون أن يحقق أي موطئ قدم وتكبد الجيش الإيراني خسائر جسيمة بالأشخاص والمعدات . ب.في الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني 1987 شنت إيران هجومها الثالث على قطعات الفيلق الثالث (الفرقة 11 ) في منطقة الشلامجة من إتجاه المنطقة المغموره بالمياه وتمكنت من إكتساح دفاعات لواء الْمُشاة 45 والتوغل شِمالاً بإتجاه بحيرة الأسماك ودارت معارك عنيفة بين الطرفين في منطقة نهر الدعيجي ونهر جاسم كان للواء الْمُشاة التاسع عشر الذي تشرفت بقيادته شرف الإشتراك في الهجوم المقابل على مواضع لواء الْمُشاة 45 ومواضع العمق على نهر الدعيجي في منطقة عتبة التي إحتلها العدو الإيراني وقد تمكنت قطعات الفيلق الثالث وقطعات الحرس الجمهوري بعد معارك عنيفة إستمرت لمدة تزيد على شهر من إيقاف هجوم العدوعلى نهر جاسم ، مما تقدم إتضح هجوم العدو على جزيرة أم الرصاص كانت غايته لجس النبض لفحص قدرات الجيش العراقي .
6. إستعدادات الجيش العراقي بعد الهجمات الإيرانية المذكورة أعلاه قررت القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية القيام بالإسْتِعْددات المختلفة تمهيداً لتحقيق هجوم مباغت وتدمير وطرد العدو الإيراني من الأراضي العراقية ومنها : أ. إعادة التدريب للقطعات الماسكة للموضع الدفاعي بإخراج لواء مُشاة من كل فرقة بشكل دوري لمدة أربعة أشهر وبالإستفادة من معلمي كلية الأركان وكلية القيادة للإشراف والمعاونة في التدريب وإعادة التنظيم على أن يشمل كافة الألوية الماسكة للموضع الدفاعي لمدة سنة على أقل تقدير ليتسنى للجميع التدريب . ب.القيام بالمناورة ونقل القطعات من قواطع الفيالق الثالث و الرابع والسابع في البصرة والعمارة إلى قاطع الفيلقين الأول الخاص والفيلق الثاني وإكمال التحشد . ج. تأمين مستلزمات المعركة الإدارية من الذخيرة والأرزاق والوقود والجهد الطبي . د. مسح العمق الإيراني لغاية 200 كيلومتر بواسطة القوة الجوية بُغْيَةَ تحديد تواجد قطعات العدوالإحتياط وأماكن إنفتاح وحدات المدفعية المعادية . هـ. إجراء الإستطلاع الشخصي من الجو بواسطة الطائرات السمتية المسلحة لقادة الفرق وآمري التشكيلات وآمري الوحدات . و. تحديد الأهداف للقطعات حتى مستوى التشكيلات. ز. تأمين وسائل القيادة والسيطرة . ح. إعداد الخُطَطْ النارية للهجوم . ط. تحديد واجبات القوة الجوية ، التي تظمنت تأمين السيادة الجوية وقصف إحتياطات العدو بالعمق ومنعها من الأشتراك بالمعركة . ي. تحديد واجبات طيران الجيش ، التي تظمنت التعاون الفعال مع القطعات المدرعة والآلية .
7. حجم القطعات المشاركة بالمعركة
القطعات التي شاركت لخوض هذه المعركة وِفْقَ الْخُطَطْ التي وُضِعَتْ لتحقيق الأهداف المطلوبة كما يلي: أ. أكثر من 200.000 ألف جندي . ب. أكثر من 1500 دبابة . ج. أكثر من 2000 ناقلة أشخاص مدرعة . د. أكثر من 2000 مدفع مختلف العيار . هـ. جهد كافة قواعد القوة الجوية العراقية. و. جهد كافة أجنحة طيران الجيش .
8. سير المعركة
أ. في 17 نيسان 1988 شنت قطعات الجيش العراقي الباسل هُجُوماً صاعقاً على ( شبه جزيرة مثلث الفاو) وبسرعة الريح وبمدة قياسية لم تتجاوز36 ساعة تمكنت من تحرير الفاو . ب. بعدها بفترة قصيرة في 25 آيار 1988 شنت قطعات الجيش العراقي الباسل هجوم آخر في قاطع (الشلامجة - مخفر زيد - كشك البصري ) وفي 25 حزيران 1988 شنت هجوم على ( حقول مجنون ) وحررت كامل الأراضي العراقية المحتلة في قاطع شرق البصرة (قاطع الفيلق الثالث ) وتحققت نتائج النجاح وأصبحت ( المُبادَأة ) بيد القوات العراقية بعد أن جر الإيرانيين أذيالهم خائبين من المنطقة مما جعل القيادة العراقية أن تستثمر الفوز لإرباك العدو الإيراني . ج. أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة أمراً بإلاستمرار بالعمليات في قاطع الفيلق الرابع لتحرير الأراضي المسيطر عَلَيْها سابقاً في قاطع العمارة و بتخطيط مُتقِنْ شنت قطعات الحرس الجمهوري وقطعات الفيلق الرابع والقطعات المُلْحَقَةِ به هجوم عزوم بتاريخ 14 تموز 1988 كانت النتيجة أن حررت كامل الأراضي العراقية في( الشيب – الفكة – الزبيدات – الشرهاني – الطيب ) وسُحِقَتْ فلول الجيش الإيراني في وَقْتٍ قياسي مما جعل الجيش الإيراني يترنح كالثور من شدة الضربات المتلاحقة ، هذه المعارك بدأت من منتصف نيسان 1988 إلى منتصف تموز 1988 ولم يبقى إلا قاطع الفيلق الأول الخاص وقاطع الفيلق الثاني . د. صدرت أوامرالقيادة العسكرية العليا إلى رئاسة أركان الجيش بإعداد الْخُطَطْ لإستثمار الفوز لغرض شن هجوم لتحرير كامل الأراضي الحدودية المحتلة في قاطع الفيلق الأول الخاص وقاطع الفيلق الثاني في المنطقة المبينة في الخريطة أدناه :
الخريطة - المنطقة المحصورة بين الخطين الخضراء وحدودها على الأرض من مدينة (جلات ) الحدودية مقابل مدينة علي الغربي - الكوت جنوباً إلى المنطقة الحدودية مدينة ( قره تو) 40 كيلومتراً شمال مدينة خانقين .
خارطة توضح قاطع عمليات الفيلق الثاني القسم الشمالي (قاطع خانقين )عند التخطيط للمعركة. هـ. في الذكرى 20 لثورة تموز المجيدة وبتاريخ 22 تموز 1988 شنت قطعات الجيش العراقي الباسل هجوم على قطعات العدو الإيراني في قاطع الفيلق الأول الخاص وقاطع الفيلق الثاني بقصف جوي مركز نفذه صقور الجو البواسل على مواقع المدفعية المعادية وبقصف مدفعي مُرَكَزْ على قطعات العدو الأمامية على شكل سدود نارية زاحفة أجبرت قطعات العدو على عدم إمكانية مواجهة القطعات العراقية الزاحفة ،
بعد إجتيازها لثغرات حقول الالغام التي قام بفتحها صنف الهندسة العسكرية صالت التشكيلات المدرعة والآلية على مواقع العدو بسرعة الريح على طول الجبهة البالغة أكثر من 450 كيلومتراً مُسْنَدَةَ بالسمتيات المقاتلة لطيران الجيش في أروع تعاون بين القطعات المدرعة والآلية والطائرات السمتية المقاتلة على مدى سنوات الحرب الماضية ، بعد تدمير قطعات العدو الأمامية قامت التشكيلات المدرعة والآلية بعمليات خرق عميق لجبهة العدو والقيام بمناورة لتطويق قطعات العدو الخلفية في المدن ( سربيل زهاب – قصر شيرين – خسروي – كيلان غرب – سومار – مهران ) وتوغلت بالعمق الإيراني لغاية 150 كيلومتراً وتم تدمير جميع القطعات الإيرانية وأسر فرق مدرعة بكامل أشخاصِها ومعداتها وأسلحتها والإستيلاء على مئات الدبابات والآليات وقِطَعْ مَدْفَعِية مختلفة الأنواع ، تم إنجاز العملية بوقت قياسي لايتجاوز الأسبوع حيث إنتهت العملية بتاريخ 30 تموز 1988 .
خارطة توضح قاطع عمليات الفيلق الثاني القسم الأوسط (قاطع مندلي ) عند التخطيط للمعركة. و. سعة الجبهة التي شن الجيش العراقي الباسل الهجوم على قطعات العدو الإيراني من مدينة جلات جنوباً إلى قره تو شمال خانقين تزيد على 450 كيلومتراً في أراضي ذات طبيعة متنوعة (مستوية - وشبه جبلية - وجبلية ) إن هذه المسافة تُعادِلْ ثلاثة أرباع مسافة الجبهة (الأردنية – الإسرائيلية) في فلسطين المحتلة .
خارطة توضح قاطع عَمَلْيات الفيلق الأول الخاص القسم الجنوبي (قاطع بدرة _ مهران) عند التخطيط للمعركة.
9. النتائج العسكرية والسياسية المتحققة أ. إعتراف النظام السياسي في إيران بِهَزْيْمَتِهِ في الحرب وتجرع المقبور الخميني كأسَ الْسُمْ على يد أبناء الجيش العراقي الباسل . ب. قبول إيران بوقف إطلاق النار بين البلدين وإنهاء الحرب التي إستمرت 8 سنوات بإنتصار الجيش العراقي الباسل فيها . ج. تدمير الجيش الإيراني المتواجد في هذا القاطع بالكامل وأسر الآلاف من أفراده والإستيلاء على مئات الدبابات وقطع المدفعية الثقيلة والتجهيزات العسكرية . د. تحرير كامل لِلْأراضي الحدودية العراقية التي إحتلها العدو على مدى سنوات الحرب الثمانية . هـ. إكْتَسَبَتْ قطعات الجيش العراقي الباسل خبرة قتالية إضافية مَيَزَتْهُ عن جيوش المنطقة . و. رعب القيادة العسكرية الإسرائيلية من إنتصار الجيش العراقي الباسل ومن تطور قدراته القتالية إذا ما علمنا إن هذه المعركة تم تصويرها بالأقمار الصناعية الأمريكية وإطلاع القيادة الإسرائيلية عليها أُعْيْدَتْ إلى ذاكرتهم هزيمتهم في الجولان سنة 1973 على يد أبناء الجيش العراقي الباسل. ز. قَدَمَتْ القيادة السياسية الوطنية في العراق جميع الدبابات وقطع المدفعية الثقيلة الْمُسْتَوْلى عليها الغربية الصنع هدية إلى الجيش العربي الأردني .
عن موقع الكاردينيا (توجد مشاركات تخص الموضوع) http://www.algardenia.com/terathwatareck/11504-2014-07-13-15-38-16.html
ذكر في مذكرات اللواء وفيق السامرائي ان بداية التعاون العسكري بين المخابرات الحربية في كلا من مصر والعراق كان في عام 1983 واستمر التعاون اثناء المعركة مع ايران في مجال تبادل المعلومات او المحاضرات المشتركة و خبرات تطوير المعدات الروسية ولم يكن هناك تدخل مباشر من قوات مصرية في المعركة الا حادثة محاولة اسقاط طائرة ميراج 5 اس دي مخصصة لاغراض الاستطلاع ولقد اصيبت الطائرة وتمكنت من العودة لقاعدتها ومصدري في هذه الحادثة الموقع البريطاني ejection history الذي يحوي سجلا عن حوادث السقوط او اصابات الطائرات في اغلب دول العالم فبالتالي لم تكن هناك قوات مصرية مشتركة في قتال مباشر مع القوات الايرانية
العتاد العسكري وبعض طائرات سوخوي 7 تم شراءها من مصر كما تم تنفيذ عقد شراء طائرات التدريب توكانو البرازيلية بوساطة مصرية مع احتمال مشاركة مصر في تصنيع بعض أجزائها وكذلك إجراء تصليح عام لعدد من محركات طائرة مي 8 (مقابل أجور طبعا) هذا على حد علمي والله أعلم
مُنْذُ بَدَأْتُ بالتوثيق قبل أكثر من سنتين وثقتُ معركة إحتلال الفاو سنة 1986 التي كان لي شَرَفُ المُشارَكَةِ فيها وَمَعْرَكَةُ جزيرة أم الرصاص نهاية سنة 1986 حَيْثُ كُنْتُ في قاطع الفاو، وكان لي شَرَفُ المُشارَكِة في صفحة الإسْتِحْضٍارات لتحرير الفاو ضمن التشكيلات التي تَمَ تحريرها لغرض التدريب إسْتِعْداداً لمعركة تحريرالفاو، لكن تسارع الأحداث في قاطع السليمانية ولمقتضيات الموقف الأكْثَرُ خُطورَةً صدرت الأوامر بحركة لِواء المُشاة التاسع عشرإلى القاطع الشمالي ، ولَنْ تَسْنَحْ لي الفرصة بمشاركة إخواني في تحرير الفاو ولكي أسْتَكمِلَ التوثيق لمعركة تحرير الفاو ..
مُنْذُ فَتْره وأنا أبْحَث عن مصادر موثوقة عن معركة تحرير الفاو سنة 1988، قبل أيام وَجَدْتُ ضالتي في بَحْثٍ موسع للكاتب قصي المعتصم منشور في موقع (المُرابطْ الْعِراقي) لكِنَ البحث يَنْقُصُهُ الكتابة بإسلوب التأريخ العسكري ، إسْتَعَنْتُ بهذا البحث وتم توثيق هذه المعركة لكي تكون في متناول يَدُ القارئ الكريم المتشوق والباحث المؤرخ وتخليداً لتأريخ الجيش العراقي الباسل ومَآثِرُهُ في معارك الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 – 1988 ) الذي إقتضى التنويه مع فائق التقدير للكاتب قصي المعتصم.
المُقَدِمَة 1. الإسْتِحْضاراتِ الميدانية للمعركة التي سَبَقَتْ معركة إحتلال الفاو سنة 1986 التي أشرنا إليها في مقال (الموقف ما بين معركة شرق دجلة آذار 1985 – و قبل معركة الفاو شباط 1986 ) المنشور في موقع الكاردينيا بتاريخ 19 آيلول 2013 التي قامت بها الوحدات والتشكيلات في قاطع شرق دجلة على مدى عشرة أشهر والجهد الذي بَذَلَهُ الجنود والضباط ذهب أدراج الرياح نَتِيجَة لإخفاق مديرية الإستخبارات العسكرية العامة في تقييم مكان ووقت الهجوم القادم للعدو الإيراني ، الأهم من كل ذلك حالة التخبط والإرتباك والذهول الذي سادَ بين القيادات الميدانية العِراقية العُليا نَتِيجَة للإخفاق الذي حصل ونجاح العدو الإيراني في تحقيق نصر ولو مَحْدود المساحة لكن كان له تَأثيرُ معنوي على الصعيد الشعبي العراقي والعربي وتَأثيرٌ بالغُ الأهمية على الصعيد العسكري نتيجة للخسائر البشرية الجسيمة التي تكبدتها القطعات العسكرية للجيش العراقي ، وأصبح يَقيناً على مستوى القيادات العسكرية للتشكيلات والوحدات التي تتحمل المسؤولية الجسيمة عند نشوب أي معركة إستحالة طرد العدو من شبه جزيرة الفاو في وَقْتٍ قصير وبِجُهْدٍ وخسائر قليلة. 2. بقدر ما كان إحتلال مدينة الفاو سنة 1986 من قبل الجيش الإيراني كابوسٌ جاثم على صدور العراقيين جَميعاً والعسكريين خصوصاً كان نبأ تحرير الفاو في 18 نيسان 1988 صاعِقَةً نزلت من السماء فتحت أبواب الجحيم على الجيش الإيراني في مدينة الفاو والقواطع الأخرى وفاجأت القيادات السياسية والعسكرية الإيرانية وأذهلت العالم أجمع نتيجة المفاجئة والسرعة التي تم فيها تحرير قاطع الفاو بِوقْتٍ لايتجاوز 36 ساعة ، نبأ تحرير الفاو من براثن الجيش الإيراني رَفَعَ معنويات الجيش العراقي بنسبة 100% وألْهَبَ قلوب مقاتلي الجيش العراقي الباسل ضباطاً وجنوداً المتعطشين لتحرير كل شبر من الأراضي العراقية التي إحتلها العدو الإيراني بغفلة من الزمن وفتحت الأبواب على مصراعيها لتحرير كامل الأراضي العراقية المحتلة من قبل الجيش الإيراني وماهي إلا شُهُورٌ قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة حتى تَجَرَعَ المقبور خميني كأس السُمُ الزؤام ووافق على وقف إطلاق النار فكانت نهاية الحرب لصالح الجيش العراقي الباسل.
طبوغرافية قاطع شط العرب طبيعة الأرض في الجانب الإيراني تُعْتَبَرْمدينة المُحَمَره التي تَحُدُها من الشمال منطقة الشلامجة العراقية ومن الجنوب نهر الكارون ومن الغرب نهر شط العرب أكبر المدن الإيرانية في القاطع يُقابِلْها في الجانب العراقي جزيرة أمُ الرصاص في نهر شط العرب وإلى الجنوب من نهر الكارون تقع مدينة عبادان ثاني المدن الإيرانية في القاطع ومركز مصافي النفط الإيرانية يُقابِلُها في الجانب العراقي منطقة السيبه ، المنطقة من مدينة عبادان شِمالاً حتى رأس الخليج العربي جُنوباً عبارة عن شريط من بساتين النخيل الكثيفة والقصب مَحْصورَةً بين نهرين من جهة الشرق تُرْعةْ بهمشير الموازِيَةِ لنهر شط العرب ومن جهة الغرب نهر شط العرب وعدد كبير من الأنهر الصغيرة التي تُسَمى الأحوازات وهي مُشابِهةً لطبيعة الأراضي العراقية . الْطُرُقْ في الجانب الإيراني يوجد طريق بري واحد يبدأ من مدينة الأحواز يتجه نحو الغرب يَسيرُ بِمُحاذاةِ نهر الكارون يَصِل الى مدينة عبادان ، من عبادان يتفرع إلى فرعين فرع يتجه نحو الشمال إلى مدينة المُحَمَرَة وفرع يَتَجهُ نحو الجنوب يسير غرب تُرْعَةْ بهمشير حتى جزيرة عبادان المقابلة لمدينة الفاو جُنوباً هذا الطريق مستور ببساتين النخيل من الرصد من الأراضي العراقية كما تُعْتَبَرْ ترعة بهمشير طريق مائي صالح لمسير الزوارق والمجنبات والسفن الصغيرة.
طبيعة الأرض في الجانب العراقي يبدأ قاطع شط العرب من منطقة أبو الخصيب شِمالاً حتى رأس (البيشة - مدينة الفاو) جُنوباً غرب نهر شط العرب الشريط الأخضر مزروع ببساتين النخيل لايتجاوز عُرْضَهُ واحد كيلومتر تتخلل هذا الشريط أنهار متباينة العرض ترتبط بشط العرب تسمى أحوازات تتأثر بظاهرة المد والجزر بمُحاذاة حافة البساتين الغربية حَيْثُ يسير الطريق العام ، اليابسة بين الطريق العام والطريق الستراتيجي أرض رخوة وتتعرض للغرق في فصل الشتاء لإرتفاع نسبة المياه الجوفية ، اليابسة غرب الطريق الستراتيجي إمْتِداداً لخور الزبير تغمرها مياهٌ ضحلة ، منطقة المملحة عبارة عن أحواض لغرض ترسيب الملح ، جنوب الطريق (أم قصر- الفاو) المنفذ المائي الوحيد للعراق هو خور عبد الله الذي يتصل برأس الخليج العربي.
الطرق في الجانب العراقي في ( قاطع الفاو)
أولاً. الطريق العام ( بصرة – فاو) يبدأ من مدينة البصرة شِمالاً يتجه جُنوباً يسير بمحاذاة الشريط الأخضر حتى مدينة الفاو. ثانياً. الطريق الستراتيجي يبدأ من طريق مدينة ( البصرة - الزبير) وَيَتَجِهُ جُنوباً حتى المملحة غرب مدينة الفاو هذا الطريق أساساً يخدم خطوط نقل النفط من البصرة إلى الميناء العميق في رأس الخليج العربي. ثالثاً. طريق (أم قصر- الفاو) يبدأ من الجسر العسكري قرب القاعدة البحرية في أم قصر يَتَجِهُ شرقاً يَسيرُبمُحاذاة خور عبد الله حتى مدينة الفاو. رابعاً. توجدعدة طرق عرضية تربط بين الطريق الستراتيجي والطريق العام ( بصرة – فاو). خامساً. يوجد عدد كبير من الطرق العرضية بين بساتين النخيل تربط الطريق العام ( بصرة – فاو ) بحافة نهر شط العرب الغربية.
أهداف الجيش الإيراني كانت أهداف الجيش الإيراني من إحتلال مثلث الفاو إحتلال مدينة البصرة كهدف سوقي إستراتيجي للأسباب التالية: أ . توفر منابع النفط الغنية . ب. منفذ بحري لصادرات وواردات العراق . ج. نقطة إنطلاق بإتجاه محافظات العراق الأخرى . د. إحتلالها يسبب قطعها إقْتِصادِيَاً مع كافة دول الخليج . هـ. نقطة إنطلاق لدول الخليج العربي الأُخْرى . و. إحتلالها يؤثر مَعْنَوياً على العرب كافة . خيارات القيادة العراقية العليا بعد مرور( 42 ) يوماً على إحتلال الجيش الإيراني لمثلث الفاو كان أمام القيادة العراقية خياران لا ثالث لهما : أ. الخيار الأول : الإستمرار بشن الهجمات لإستعادة المواقع التي إحتلها الجيش الإيراني والوقوع في الفخ الإيراني بتحويل منطقة الفاو إلى مصيدة للقوات العراقية وإستنزافها بصورة مستمرة مستغلين رغبة العراقيين بضرورة تحرير الفاو نفسياً ومعنوياً وتعبوياً. ب. الخيار الثاني : ضرورة التريث وإختيار الظروف الملائمة لتحرير الفاو لأن تحرير الفاو يتطلب الإعداد لمعركة تحقق المباغتة بالوقت وبحجم القطعات ونوعيتها وبمستوى تدريبها والإستخدام الأمثل للأسلحة بكافة أنواعها. وعلى هذا الأساس تم إعتماد الخيار الثاني وبدأ الرئيس الراحل صدام حسين سلسلة إجتماعات متواصلة مع أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة وقادة الفيالق الثالث والسابع والحرس الجمهوري لغرض الإعداد الجيد لمعركة تحرير الفاو وبدأت هذه الإجتماعات في ( 16 /3/1986 ) ولحين وضع اللمسات الأخيرة لخطة تحرير الفاو.
الموقف العام على ضوء قرار القيادة العامة للقوات المسلحة بإعتماد الخيار الثاني قامت قطعات الجيش العراقي الباسل بِشَنِ هجمات مقابلة على القوات الإيرانية لغرض تثبيتها و منعها من التوسع والتقدم بإتجاه أم قصر (الميناء البحري العراقي الحيوي ) ، و جرى العمل وفق توجيهات القيادة العسكرية الميدانية العُلْيا لإنشاء دفاعات ميدانية على شكل نصف دائرة تُحيطُ بمثلث الفاو من جهة الشمال والغرب مؤلَفَةً من ثلاث خطوط دفاعية كما يلي: الخط الاول: مؤلف من قطعات المُشاة المُسْنَدةِ بالهاونات من مختلف العيارات وأسلحة ضد الدبابات ومحمي بمنظومة مانع تتألف من حقول الألغام والموانع السلكية. الخط الثاني: مؤلف من قطعات المشاة ( تحت إعادة التدريب ) و وحدات المغاويرالتي يمكن المناورة بها عند الحاجة. الخط الثالث : مؤلف من القطعات المدرعة والآلية . كانت الخطوط الدفاعية مُسْنَدَةً بثلاث خطوط إسناد ناري تتألف من مدفعية الميدان – المدفعية المتوسطة – المدفعية الثقيلة – صواريخ أرض أرض ، كانت مسؤوليتي كقائد لِلِواءْ الْمُشاة التاسع عشر الدفاع عن مدينة الفاو مُنْذُ الأيام الأولى من المعركة مع باقي إخواني من أبناء الجيش العراقي الْباسل والمشاركة الفعالة في مرحلة الإستحضارات لمعركة تحرير الفاو.
المبادئ الأساسية التي إعتمدتها القيادة العامة للقوات المسلحة في إعداد خطة تحرير الفاو أ. كفاءة التخطيط والتدريب . ب. الإرتقاء بمستوى التدريب الفني والتعبوي للضباط والجنود . ج. إعتماد التسليح الحديث للتشكيلات والوحدات التي ستشترك في المعركة. د. حشد القدرة النارية في الوقت والمكان لمواجهة الكثافة البشرية. هـ. تأمين عنصر المباغتة التعبوي والسوقي. و. دِقَةِ تنفيذ و إدارة المعركة. ز. مشروعية الحرب والقتال لتحرير الأرض. ح. الدفاع عن الوطن طريقاً لتحقيق السلام . لقد وضعت ( ق ع ق م ) المبادئ الأساسية أعلاه في حساباتها العملية منذ إجتماعها في 14 آيار 1986 حيث تم لِأول مرة مُناقَشَةِ عملية تحرير الفاو وتم حساب مفردات إحتلال الفاو بدقه عبر حسابها لموازين القوى لتصل إلى نتيجة مهمة هي : أ. إن الفعل العراقي بالرغم من إحتلال الفاو مازال فعالاً . ب . إن القوات البحرية مازالت فعالة للغاية . ج. إن القوة الجوية مسيطرة على سماء المعركة و سماء إيران كلها . د. إن طيران الجيش قادراً على تقديم الإسناد الناري و الإداري للقطعات بِكَفاءةٍ عالية. الأمر الذي أفقد إحتلال الفاو قيمته الستراتيجية وكان إدراك القيادة بأن العدوان الإيراني في الفاو ينبغي أن لا يُجابَهْ بتسرع وبغياب البصيرة وقد عملت القيادة العراقية العُليا على تحقيق مايلي: أ. زيادة حجم القوات المسلحة بتشكيل وحدات جديدة للحرس الجمهوري. ب. توفير الأسلحة والمعدات اللازمة. ج. تدريب الوحدات الخاصة لعملية تحرير الفاو في أراضي مشابهة لقاطع الفاو. د. العمل بأقصى درجات السرية والكتمان. هـ. تعزيز القوات البحرية والبرية حول ميناء أم قصر. و. زيادة الضربات الجوية في العمق الإيراني وضرب الْمُنْشَآتِ النفطية والسفن الناقلة للبترول الإيراني ، وكذلك تكرار ضرب جزيرة خرج بهدف حرمان إيران من مصادر تمويل الحرب. ز. وضع خطة لمشاغلة قطعات العدو في الفاو إعتمدت على الصبر والمباغتة وتهدف إلى : أولاً. إستنزاف قوات العدو وتدميرها وإلحاق أفدح الخسائر بها بواسطة القصف المدفعي. ثانياً. إدامة الإشتباك القريب بقوات العدو من خلال الغارات والكمائن والدوريات القتالية. ثالثاً. إضعاف معنويات العدو. رابعاً. أشعارالعدو بعدم الإستقرار في المناطق التي إحتلها وتمركز فيها. خامساً. جعل العدو الإيراني في وضع سيئ بسبب خَسائِرَهُ البشرية التي فُرِضَتْ عليه ، وصولاً إلى جعله أعزل ضعيف الثقة والإيمان بقيادته .
تفاصيل إعداد خطة تحرير الفاو التخطيط لمعركة تحرير الفاو لقد وضعت القيادة العامة للقوات المسلحة مهمة تحرير الفاو مهما طال الوقت وغلت التضحيات مبدأً وهدفاً للجميع وقررت ان تكون فترة الـ (26) شهراً التي أعقبت الإحتلال الإيراني للمنطقة فترة عمل دؤوب وتخطيط مُتَأنِ للوصول إلى هدف تحرير الفاو، ولقد ساهم رئيس أركان الجيش الفريق أول الركن نزار عبد الكريم الخزرجي وهيئة الركن في رئاسة أركان الجيش في البدء بالتخطيط والإعداد ومن ثم في ( إدارة معركة الفاو) ويعتبر الكثير من المهتمين في التأريخ العسكري العراقي إن الفريق الأول الركن نزار الخزرجي كان له دَوُرٌ فاعل ومؤثر في إنهاء الحرب مع إيران وتحقيق النصر عليها ، والسبب في ذلك لإنه قائد ميداني يمتلك الشجاعة التي ينبغي على كل قائد إمتلاكها علاوة على المعرفة العسكرية والخبرة الكبيرة ، ومتابعة تخطيطه للمعارك التي تلت معركة تحرير الفاو . ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى مرحلتين:- المرحلة الأولى إجتماعات وقرارات وتوجيهات ( ق ع ق م) في المرحلة الأولى 1. في يوم 14 مايس 1986 عُقِدَ أول إجتماع للقيادة العامة للقوات المسلحة لغرض التخطيط لإستعادة الفاو وتم بحث الخطوط الأساسية لخطة التحرير حيث وجه القائد العام للقوات المسلحة بمايلي : إن الفاو من أهم الأهداف التي أمامنا الآن والتي قد تُسْتَعادُ من العدو بشَكْلٍ مُباشِرْ أو غير مُباشِرْ من خلال فعاليات تعرضية في قواطع أخرى أو أي عمل آخر يؤدي إلى الهدف ، ولكن يبقى العمل المباشر لإستعادة الفاو من دنس الأعداء هو الإسلوب النهائي ، ولغرض أن نتهيأ لهذا العمل من الآن علينا أن نضع أمامنا الحقائق التالية: أ. يجب أن نبدأ بالعمل التعرضي لإستعادة الفاو بعد أيْلول أو تشرين الأول في أسْوَءِ الأحوال. ب. من المفضل أن نضع الخطة والقرار عليها فوراً، أو أن نبدأ بوضع تفاصيل هذه الخطة، وتحديد وتسمية التشكيلات التي ستنفذها من الآن، ومن ثم القيام بممارسات التدريب على تنفيذ الخطة الموضوعة لمدة تتراوح من شهر إلى شهرين. ج. عقد إجتماع بحضور قائد الفيلق السابع وقائد القوة البحرية والدفاع الساحلي لإجراء مناقشة مفتوحة للخطوط والأفكار على منضدة الرمل قبل وضع الخطة. د. قيام التشكيلات التي سَتُخَصَصْ لتنفيذ الخطة المرسومة بعدة ممارسات على مناطق مشابهة لمنطقة المعركة.
2 . في يوم 16حزيران 1986 عُقِدَ إجتماع (ق ع ق م) وأصدرت فيه توجيهات بصدد التخطيط لإستعادة الفاو وتم تشكيل فريق عمل برئاسة الفريق الركن عبد الجبار شنشل وممثلين عن قيادة الفيلق السابع وقيادة القوة الجوية والدفاع الجوي وقيادة القوة البحرية والدفاع الساحلي ومديريات الإستخبارات العسكرية العامة والتخطيط والحركات لوضع خطة تحرير الفاو إطْلِقَ عليها المشروع رقم (22). 3 . في يوم 21 حزيران 1986 في إجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة نُوقِشَتْ تفاصيل خطة الفيلق السابع لتحرير مثلث الفاو وحصلت الموافقة عليها، ولكن تعرض العدو الإيراني على منطقة مهران خلال شهر تموز 1986 ومالحقه من إستخدام التشكيلات المخصصة للعمل في منطقة الفاو بالتصدي لذلك التعرض، أثَرَ بشكل مباشر على خطة المشروع (22)، لذلك نسب نائب القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع المرحوم الفريق الأول الركن الطيار عدنان خير الله بعدم الإستمرار في العمل بالمشروع كما رُسِمَ له سابقاً وإعادة النظر بالتوقيتات ( الموعد السابق لتنفيذ الهجوم كان قد حدد نهاية شهر آيلول أو بداية تشرين الأول 1986).
مرحلة الإستحضارات الإستحضارات التي قامت بها القيادة العامة للقوات المسلحة 1. الاستحضارات التمهيدية أ . تحرير عدد من وحدات الفرق واَلْمُناوَرَةُ بها. ب .تحرير ثلاثة عشر تشكيل لأغراض التدريب المركزي. ج .المناورة بـسبعة تشكيلات من قواطع العمليات الأخرى. د .تحشيد قطعات الحرس الجمهوري في قاطع الفيلق السابع وإجراء التدريب والمعايشة. هـ .إنشاء ميادين تعبوية مشابهة لقاطع الفاو لغرض تدريب الفيلقين السابع والحرس الجمهوري. و.حساب توقيتات المعركة. ز . المناورة بجهد مدفعي كبير لأغراض التنفيذ ويشمل هذا الجهد : أولا ً. أربعة وعشرون كتيبة مدفعية. ثانياً .إثنى عشر بطرية خفيفة. ثالثاً . خمسة بطريات إنبوبية خفيفة. رابعاً . سبع عَشْرَة َبطرية إنبوبية كراد. خامساً . أربعة مقرات كتيبة. سادساً. البطريات الثقيلة. سابعاً . عدد من بطريات الصواريخ لونا (40). ثامناً . بطرية أس- أس (40). ح . تخصيص جهد هندسي كبير لأغراض التنفيذ وكما يأتي: أولاً. خمسة عشر سرية هندسة . ثانياً . خمسة كتائب هندسة الميدان ثالثاً . عدد من وحدات ودبابات التجسير. رابعاً .عدد من وحدات القوارب والعبور للمشاة. ط .تخصيص وحدتي مقرات خاصة للواجبات الخاصة للعمل خلف خطوط العدو على الضفة الشرقية لشط العرب قبل ساعة الشروع. ي . تعزيز جناح طيران الجيش الثالث بعدد من: أولاً. طائرات الأوسلو. ثانياً . طائرات بي ســـي 7 . ك . إضافة إلى كل ذلك كانت هناك إستحضارات فيما يخص القواعد الجوية ووحدات الميدان الطبية وفتح المستشفيات وتهيئة ناقلات الدبابات وفتح أكداس لمواد التحكيم والتحصين وتهيئة جهد هندسي إحتياطي (للطواريء) وتهيئة أكداس الأعتدة لمختلف أنواع الأسلحة وتهيئة المنظومات الإدارية من خلال المناورة بعدد من سرايا التموين والنقل.
2.الإستحضارات التنفيذية فتح مركز القيادة العامة للقوات المسلحة المتقدم في القاطع الجنوبي للإشراف المباشر على سير العملية وَالْحِقَتْ به مقرات متقدمة لكل من : أ . قيادة القوة الجوية والدفاع الجوي. ب . قيادة طيران الجيش. ج . الإدارة والميرة. د . التوجيه السياسي. هـ . الهندسة العسكرية. و . مدفعية الميدان وبإشراف مدير الصنف. ز . فتح مقر مسيطر لمدفعية الميدان . ح .فتح مقر للسيطرة على السابلة في القاطع الجنوبي.
الإستحضارات التي قامت بها قيادة قوات الحرس الجمهوري أ .إجراء التحشد. ب .الحفاظ على الأمن. ج .جمع معلومات الإستخبارات عن قطعات العدو. د .التدريب وإكمال الملاكات. هـ .معالجة الرصد المعادي. و .مجابهة الإسناد الناري المعادي. ز .معالجة تأثير عامل المناخ. ح .العمل على مجابهة الصعوبات الجغرافية ومنطقة الموانع. ط .تحطيم الحاجز النفسي. ي .مواجهة عامل الإعاشة. إن الفقرات التي وردت أعلاه ضمن إستحضارات الحرس الجمهوري تطلبت جهوداً مضنية وطويلة ولايستطيع الشخص أن يقدر حجم تلك الجهود الجبارة إلاّ من كان ملماً بالإمور العسكرية.
الإستحضارات التي قامت بها قيادة الفيلق السابع: أ . إعداد مسرح العمليات. ب . تحديد الموانع الطبيعية. ج . تحديد حجم التهديد المعادي. د .تخصيص القطعات. هـ .تحرير التشكيلات لإغراض التدريب. و .التحسب للطقس. ز .المعايشة. وهكذا فقد كانت هناك إستحضارات لقيادة القوة الجوية و الدفاع الجوي و قيادة القوة البحرية والدفاع الساحلي و قيادة طيران الجيش.
المعلومات عن قوات العدو وتحصيناته: الإجراءات الدفاعية التي قام بها الجيش الإيراني في قاطع الفاو بعد إحتلالها أ. إنشاء جسر أنابيب رُكامي على نهر شط العرب في منطقة رأس البيشة لغرض إدامة قطعاته العسكرية ونقل المعدات العسكرية الثقيلة من جزيرة عبدان إلى شبه جزيرة الفاو. ب. إنشاء جسرين أطواف عسكرية في المراحل اللاحقة بعد تثبيت وجوده في شبه جزيرة الفاو لتأمين سهولة نقل القطعات وإدامتها. ج. إنشاء ثلاثة سواتر ترابية حصينة تحيط بمنطقة الفاو المحتلة معززة بمنظومة الخنادق الدفاعية المتعددة والمتعاقبة . د. إنشاء نقاط كونكريتية حصينة ( دوشمات ) للأسلحة الساندة الرشاشات المتوسطة والرشاشات الثقيلة ومدافع ضد الدبابات ومراصد المدفعية. هـ. حفر قنوات مائية أمام منظومة الخنادق الدفاعية بطول من (6 – 11) كيلومتر وبعرض من( 25 – 75) متر وقام بإغمار مناطق واسعة بالمياه وعلى شكل مسطحات مائية بأبعاد مابين 200 م عرضاً و400 م طولاً وبعمق مابين ( 20-30 ) سم لغرض إعاقة عجلات القتال المدرعة والآلية ومنعها من التقدم في حالة هجوم الجيش العراقي. و. إنشاء منظومة مانع سلكية ومنظومة حقول ألغام أمام منظومة الخنادق الدفاعية . ز. تعزيز منظومة الخنادق الدفاعية بدبابات ومدافع ضد الدبابات عيار 106 ملم ومفارز صواريخ تاو ضد الدبابات أمريكية الصنع . ح. تعزيز القاطع بعدد كبير من الهاونات الثقيلة عيار 4,2 من العقدة أمريكية الصنع. ط. تعزيز القاطع بأسلحة دفاع جوي متنوعة . ي. تعزيز القاطع بجهد هندسي كبيرمن المعدات الهندسية الثقيلة وأطواف الجسور. ك. الإحتفاظ بإحتياط من قطعات حرس خميني قريب من مثلث الفاو في جزيرة عبادان. 1 .حجم قطعات العدو في قاطــع الفــاو. أ .أربعة مقرات ميدانية إثنان شرق شط العرب وإثنان غرب شط العرب. ب .خمسة ألوية من حرس خميني. ج .لواء مغاوير بحري يشغل ساحل خور عبد الله. د .لوائين من حرس خميني إحتياط عام للقاطع. هـ .لواء مغاوير بحري إحتياط عام للقاطع. و .عدد من الدبابات لتعزيز المواضع الأمامية.
2 .حجم قطعات العدو في قاطع شط العرب أ .لِواء جندرمة. ب .تسعة أفواج من حرس خميني. ج .لواء حرس خميني في جزيرة الحاج صلبوخ. د .( 20 - 30 ) ألف مقاتل مقابل قاطع الفرقة 37 . هـ .لواء مدرع موزع على عموم قاطعي الإختراق في الفاو وشط العرب عائد إلى الفرقة المدرعة 40 حرس خميني.
3 . حجم مدفعيــة العدو أ . (57) مدفع منها (13) ذاتي الحركة غرب رصيف المعامر وفي منطقة المشاريع. ب . (17) موضع للهاون. 4 . الأسلحة أخرى أ .(40-50) طائرة سمتية مختلفة الأنواع. ب.(14) حوامة مختلفة الأنواع. ج .زوارق مختلفة تقدر بـ (2000) زورق. د .(177) كدساً للأعتدة والمواد التموينية. كما إن العدو كان لديه (30- 40) ألف مقاتل لأغراض التعزيز والتعويض والتبديل.
المرحلة الثانية إجتماعات وقرارات وتوجيهات ( ق ع ق م ) في المرحلة الثانية 1. في يوم 15 حزيران 1987 عُقِدَ إجتماع (ق ع ق م) وحضر الإجتماع نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق الأول الركن المرحوم عدنان خير الله وقائد قوات الحرس الجمهوري وقائد الفيلق السابع وقائد القوة البحرية والدفاع الساحلي وأمر الرئيس الراحل صدام حسين بما يأتي:- أ. القيام بتغطية إستخبارية كاملة للمعركة. ب.تشكيل سبعة ألوية مُشاة لِْلإْسْتِفادةِ من أفواج المهمات الخاصة وتخصيص الألوية المذكورة إلى قيادة الفيلق السابع بإدخالها في الموضع وتحرير تشكيلات بدلاً عنها وتُباشر في التدريب لمدة شهر ونصف. ج .تهيئة إحتياط للمعركة وأن نأخذ من الجيش لدعم الحرس الجمهوري. د .تحديد منهج لتدريب القطعات. هـ .بدء خطة المخادعة... وطُلِبَ أن (يُكْتَبْ تقرير نقول فيه إن العدو يهتم إهتماماً مريباً بقاطع الفيلق السابع وعندما يصل التقرير إلى قائد الفيلق السابع يطلب إمكانية تعزيزالفيلق ويطلب تدريب أفواج المهمات الخاصة التي كانت قد ألغِيَتْ وإدخالها الموضع). و.تخصيص الواجبات. ز. تكليف طيران الجيش بالقيام بعمليات إنزال قوات خاصة لأعمال قتالية خلف خطوط العدو في الداخل الإيراني أو رفع مجموعة الإستطلاع العميق بشكل مستمر وتدريب الطيارين ليلاً لهذه الأغراض. ح .عدم إصدار توجيه مكتوب بالمحضر ويتابع الحاضرون تنفيذ النقاط آنفاً بأنفسهم . 2 .في يوم 27 آيلول1987 عُقِدَ إجتماع (ق ع ق م) وشملت التوجيهات ما يأتي:- أ. إستمرار قطعات الحرس الجمهوري في الشمال بالتدريب على السباحة والغوص. ب.تحرير (48) لواء من قوات الحرس الجمهوري وتدريبها بشكل جدّي. ج .تهيئة الخطة النارية لإسناد العملية ويعتبر هذا الأمر ضرورياً. د.في حالة عدم مساعدة المنطقة لعمل الدروع تُفْتَحْ جبهة أخرى لسحب إحتياطات العدو. هـ.تنتج هيئة التصنيع العسكري المواد العسكرية المطلوبة وتحدد وزارة الدفاع الحاجة منها. و.ضرورة إثارة روح العمل لدى المقاتلين والعمل ساعات إضافية لأن زمن الحرب ليس مثل زمن السلم. ز. عدم إصدار توجيهات مكتوبة.
3 . في يوم 28 آيلول 1987 عقد إجتماع (ق ع ق م) لمتابعة ما أنْجزَ من الْإسْتِحْضارات. 4 . في يوم 3 ت1 1987 عُقِدَ إجتماع (ق ع ق م) وتمت مناقشة فكرة العمليات المشتركة وإدارة المعركة والتصور المُسْبَقْ لِما سيحدث وتهيئة متطلبات المعركة والسيطرة والإسناد الناري والمخادعة العملياتية وسرعة رد الفعل وإختبار القطعات وإعدادها للتدريب ونواحي الأمن والمعلومات الإستخبارية. 5 . في يوم 13 ت1 1987 عُقِدَ إجتماع برئاسة (ر أ ج) لمناقشة توجيهات (ق ع ق م) ووضع التفاصيل. 6 . في يوم 14 ت1 1987 صدرت توجيهات (رأج) للبدء بتنفيذ توجيهات (ق ع ق م) وتم بنفس اليوم عقد إجتماع برئاسة (رأج) وَإُسْتُعْرِضَتْ فيه الخطة العامة ومهام الفيلقين وتحديد موعد أولي للعملية. 7 .في يوم 4 كانون الثاني 1988 عُقِدَ إجتماع برئاسة نائب القائد العام وزير الدفاع لمناقشة تفاصيل الإسناد الإداري للخطة وتفاصيل الواجبات الخاصة. 8 .في يوم 24 آذار 1988 عُقِدَ إجتماع (ق ع ق م) ونوقشت فيه الأمور الآتية:- أ. التوجيهات الخاصة للمناورة والموقف السوقي وتقليل الخسائر وتوسيع جبهة الهجوم لتقليل تمركز القوات الإيرانية. ب. أهمية الإستمرار بالعمل بإتجاه الفاو. ج . المحافظة على القطعات المخصصة لواجب تحرير الفاو. 9.في يوم 5 نيسان 1988 عُقِدَ إجتماع (ق ع ق م) وتم التأكيد في الإجتماع على الأمور الآتية: أ. إن تأثير إنتزاع الفاو على مستوى السوق كبير ويحقق شعار (لا أمل لإستمرار الحرب بالنسبة للعدو الإيراني). ب.وضع كل إمكانات الدولة في خدمة المعركة وإن لايكون العمل بالمقياس التقليدي. ج .إستخدام خطط مخادعة لإيهام العدو سواء في فتح مقرات الفرق والتشكيلات أو تنقلها. 10 . في يوم 6 نيسان 1988 عُقِدَ إجتماع حَضَرَهُ رئيس أركان الجيش لمتابعة تنفيذ الإستحضارات . 11 . في يوم 9 نيسان 1988 عُقِدَ إجتماع برئاسة نائب القائد العام لمتابعة تنفيذ الإستحضارات . 12 . في يوم 10 نيسان 1988 عُقِدَ إجتماع برئاسة رئيس أركان الجيش وتم تدارس خطة تحرير الفاو. 13 . في يوم 13 نيسان 1988 عُقِدَ إجتماع (ق ع ق م) وتم مناقشة خطة الهجوم تفصيلياً وبعد الإنتهاء من المناقشة تم تحديد يوم (ي) في السابع عشر من نيسان وَسُمِيَتْ العملية (معركة رمضان مبارك). 14 . في يوم 15 نيسان 1988 عُقِدَ رئيس أركان الجيش إجتماعاً مع ممثلي الصنوف وتم التبليغ بيوم (ي) والساعة (س). 15 .في يوم 16 نيسان 1988 عُقِدَ لقاء ترأسه الرئيس الراحل صدام حسين وبحضور رئيس أركان الجيش ومعاونه للعمليات ومدير الإستخبارات العسكرية العامة وإعْطِيَتْ فيه التوجيهات النهائية وإصدار الأوامر بالشروع في التنفيذ وأكد القائد العام على الجوانب الآتية: أ .إن صادف غداً أول أيام رمضان فيحسب حساب السحور. ب .حدد الساعة (س) بين الساعة 430 0 لغاية 630 0. ج .أهمية أن تكون آخِرْ ضربة بالقوة النارية مثل أول ضربة من حيث قوة الصدمة. د .توكلوا على الله دون الرجوع إلينا.
تفاصيل إدارة معركة تحرير الفاو لقد وضعت (ق ع ق م) في الإعتبار عند إعداد خطة تحرير الفاو تطبيق مبدئين مهمين من مبادئ الحرب وهما المخادعة والمباغتة وقد تم تطبيق ذلك بدقة متناهية كما يأتي : أ .المخادعة أولاً. لقد إستثمرت ( ق ع ق م ) وجود معارك تعرضية واسعة في شمال العراق فأصدرت أوامر بحركة فرقة مُشاة من فرق الحرس الجمهوري إلى قاطع السليمانية وتم إنفتاحها في منطقة عربت إستعداداً لتحرير حلبجه لجلب إنتباه العدو الإيراني إلى ذلك القاطع. ثانياً .لقد ساهم الفريق الأول الركن الطيارالمرحوم عدنان خير الله وزير الدفاع والفريق الأول الركن نزار الخزرجي رئيس أركان الجيشبوضع خطة المخادعه السوقية حيث قاموا بجولة في القاطع الشمالي يرافقهم مدير الإستخبارات العسكرية العامة وعدد من ضباط ركن ( ر أ ج ) وأوهموا القيادة الإيرانية بأن الهجوم سيكون لإسترداد حلبجه وعليه قام الإيرانيون بتحشيد نسبة كبيرة من قواتهم في قاطع حلبجه وسيد صادق وبنجوين . ب.المباغتة أولاً .إرتكزتحقيق المباغتة في معركة تحرير الفاو على عوامل كثيرة منها المكان والوقت وحجم القطعات ونوعيتها ونوعية الأسلحة التي أسْتُخْدِمَتْ والمناورة السوقية والعملياتية وإستخدام أساليب تعبوية وسوقية مبتكرة. ثانياً .بالرغم من كل الصعوبات التي رافقت العمل منذ اللحظات الأولى للتخطيط للمعركة ومراحل الإستحضارات والتنفيذ فقد تحققت المباغتة بخطة بارعة تمكنت فيها القطعات من التحشد في منطقة العمليات ومن ثم الحركة إلى مناطق الإيواء والإجتماع فخط الشروع دون لفت إنتباه العدو .
القوات التي عملت تحت أمْرَةْ قوات الحرس الجمهوري والفيلق السابع أ . فرقة المُشاة الثانية. ب . الفرقة المُدَرَعة السادسة. ج . فرقة المُشاة السابعة. د . فرقة المُشاة الثامنة. هـ.الفرقة المدرعة الثانية عشرة. و. فرقة المُشاة الرابعة عشرة. ز .فرقة المُشاة التاسعة عشرة. ح .فرقة المُشاة الواحد والعشرين. ط .الفرقة الآلية الواحد والخمسين. ي .ألوية القوات الخاصة. ك .ألوية المغاوير. ل .رجال الضفادع البشرية. م .القوة البحرية والدفاع الساحلي.
تخصيص الواجبات ومحاور الهجوم
1 . قـوات الحـرس الجمهـوري أ . تهجم قيادة قوات الحرس الجمهوري في الساعة 630 0 من يوم 17 نيسان 1988على مواضع العدو في المنطقة المحصورة بين المملحة (الطريق الستراتيجي) خارج وخور عبد الله وتطوير الهجوم بإتجاه عقدة الفاو ورأس البيشة وتدمير العدو وطرده خارج المنطقة. ب .تدافع قيادة قوات الحرس الجمهوري في المناطق المحررة والصمود فيها ومنع العدو من إستعادتها مهما كلف الثمن . ج .يكون التنفيذ بثلاث صفحات : أولاً. بجهد فرقتين للصفحة الأولى . ثانياً . بجهد فرقتين للصفحة الثانية . ثالثاً .الإندفاع بفرقة لتحقيق الصفحة الثالثة . رابعاً. الإحتفاظ بإحتياط عام بمستوى فرقة.
2 .قطعات الفيلق السابع أ . يهجم الفيلق السابع والقطعات الملحقة به في الساعة 0630 من يوم 17 نيسان 1988 لتحرير الأراضي الوطنية في المنطقة المحصورة بين الضفة الغربية لشط العرب داخل والطريق الستراتيجي داخل ومن ثم تطهير مدينة الفاو حتى رأس البيشة بالتعاون مع القطعات من قيادات قوات الحرس الجمهوري. ب.يكون التنفيذ بثلاث صفحات : أولاً.بجهد فرقتين للصفحة الأولى. ثانياً. بجهد فرقتين للصفحة الثانية. ثالثاً.الإندفاع بفرقة لتحقيق الصفحة الثالثة. رابعاً .الإحتفاظ بإحتياط عام بمستوى فرقة.
القوة البحرية تؤمن الحماية لقوات الحرس الجمهوري من جانب البحر ومنع قوات العدو البحرية من الجناح الأيمن للتأثير على قواتنا البرية.
القوة الجوية تنفذ المهمات التالية: أ .المشاركة بالقصف التمهيدي. ب.إسكات المدفعية المعادية . ج .تدمير جسر الأنابيب (جسر رأس البيشة المقام على شط العرب). د .إيقاع الخسائر الفادحة في صفوف العدو وإحداث إرباك في صفوف قواته. هـ .قطع طرق الإمداد في العمق الإيراني.
طيران الجيش أ .الإستطلاع البصري وإيجاز القادة الميدانيين عن سير المعركة. ب .إسناد العمليات البرية ليلاً ونهاراً. ج .إنارة ساحة المعركة ليلاً. د . معالجة الأهداف المعادية التالية: أولاً . تجمعات المُشاة المُعادية . ثانياً .الدروع و ناقلات الأشخاص المدرعة . ثالثاً .معالجة الطائرات السمتية المعادية.
سير المعركـة الأعمال ليوم 16 نيسان 1988 أ. في الساعة 2300 فُتِحَ مركز القيادة العامة للقوات المسلحة (المتقدم) في الجنوب بعد وصول أعضائها بالطائرات وباشروا بإدارة العملية. ب. وصول القائد العام للقوات المسلحة ونائب القائد العام وزير الدفاع إلى القاطع وأشرف بنفسه على كافة الإجراءات التمهيدية.
الأعمال ليوم 17 نيسان 1988 أ. في الساعة 0300 شرعت قوة آشور (قوات خاصة) في العبور إلى الضفة الشرقية لشط العرب لتنفيذ الواجب الخاص بها. ب. في الساعة 0445 إتصل القائد العام للقوات المسلحة بقائد الفيلق السابع الفريق الركن ماهر عبد الرشيد وإستفسر منه عن الموقف. ج . في الساعة 0530 شرعت قوة من مجموعة الإستطلاع العميق (الضفادع البشرية) في العبور إلى الضفة الشرقية لشط العرب لتنفيذ واجب خاص بها وذلك بالغوص تحت الماء مع بداية الجزر. د. في الساعة 0545 بدأ القصف التمهيدي في عموم القاطع لمدة 45 دقيقة وشرعت العناصر الأمامية من الفيلق السابع بالتخلل عبر القطعات الماسكة للموضع الدفاعي نحو مواضع العدو. هـ. في الساعة 0630 شرعت القطعات في الصولة على العدو لتنفيذ أهداف الصفحة الأولى حسب الخطة المرسومة. و. شرعت قوة مؤلفة من (90) زورقاً من قيادة القوة البحرية والدفاع الساحلي في الرمي بإتجاه منطقة الواجب في خور عبد الله. ز. في الساعة 0800 شرعت القوة الجوية بتنفيذ الواجبات المكلفة بها لإسناد العملية وكانت الوجبة الأولى مؤلفة من (45) طائرة. ح. في الساعة 0830 توجه السيد رئيس أركان الجيش وأعضاء القيادة العامة المتواجدين في المركز المتقدم إلى مقر قيادة الحرس الجمهوري للإشراف المباشر على سير العملية. ط. في الساعة 1030 إتصل القائد العام للقوات المسلحة بقائد الفيلق السابع مستفسراً عن الموقف وتم إيجازه . ي. في الساعة 1100 أكملت قيادة قوات بغداد والمدينة المنورة حرس جمهوري إحتلال الصفحة الأولى عدا لواء القوات الخاصة السادس عشر الذي توقف لشدة المقاومة. ك. في الساعة 1205 زار القائد العام للقوات المسلحة مقر الفيلق السابع التعبوي. ل. في الساعة 1216 والساعة 1235 وجه القائد العام للقوات المسلحة التوجيهات الآتية إلى الفيلق السابع وتم تبليغ الفرق بها: أولاً. إبلاغ التشكيلات والوحدات التي يتقرر عدم دفعها إلى الأمام بابقائها في العمق قواعد أمينة لإعادة التنظيم على الهدف مع تهيئة مواضع بأي شكل من الأشكال وبأسرع وقت. ثانياً. التحسب من الآن لتخصيص قطعات مُشاة على وجه التحديد مع الدروع لتعزيز الحماية ليلاً. ثالثاً. يجري تحديد القاطع القوي للعدو وتدميره بإستخدام المدفعية وموارد القوة الجوية وطيران الجيش . رابعاً. تطوير الهجوم بالإتجاه الناجح بالعمق للمشاة والدورع. خامساً.الإستفادة من الضياء الأبيض للدبابات ليلاً. سادساً.عندما نرى العدو هشاً نؤسس قواعد أمينة قبل ضربه ثم يجري ترصين القاعدة الأمينة وتحكيمها. سابعاً. يجب أن تتعاون القطعات وتنسق فيما بينها لمعرفة حدود أجنحتها في الليل خاصة. ثامناً. لاننسى إن إسلوب المجاميع الصغيرة أفضل إذا كانت نشطة في مثل هذه الأرض. تاسعاً. نؤكد على الحماية ليلاً. ل. في الساعة 1305 شرعت قطعات الحرس الجمهوري في تنفيذ أهداف الصفحة الثانية. م. في الساعة 1400 وصل القائد العام للقوات المسلحة إلى المقر التعبوي لقيادة قوات الحرس الجمهوري للإطلاع على الموقف وأصدر توجيهاته بصدد إستثمار إنهيار العدو وسرعة إندفاع التشكيلات المعقبة دون الإنتظار والعمل على تنفيذ الصفحات بالتداخل. ن. في الساعة 1435 أصدر القائد العام للقوات المسلحة توجيهاً إلى قائد قوات الحرس الجمهوري يقضي بأن تمسك قوة كبيرة الأرض جيداً مع حلول الظلام ودفع عدد مناسب من مجموعات القتال لإدامة التماس مع العدو لمنعه من تعزيز موقفه أو قيامه بهجوم مقابل. س. في الساعة 1800 وجه القائد العام للقوات المسلحة بالأمور الأتية: أولاً. تنفذ قيادة قوات الحرس الجمهوري الصفحة الثالثة فوراً دون إنتظار إكمال مرحلة إعادة التنظيم للصفحة الثانية بسبب إنهيار العدو ولعدم إعطائه الفرصة لإعادة تنظيم صفوفه أو وصول وحدات تدعم تواجده وتم تبليغ القيادات الثلاث بذلك. ثانياً. ضرورة وصول اللواء المدرع العاشر حرس جمهوري إلى إهدافه فوراً بإستغلال قابلية الحركة وإمكانيات اللواء العالية بالمناورة. ع. في الساعة 1810 أمر رئيس أركان الجيش بتنفيذ ضربة بصواريخ آس آس/40 على أهداف الصفحة الثالثة بدلاً من صواريخ لونا. ف. في الساعة 1820 أمرالقائد العام للقوات المسلحة بإستمرار اللواء الرابع حرس جمهوري بالإندفاع لتطهير عقدة الفاو فوراً شمالاً وجنوباً ودون الدخول إلى خط البساتين. ص. في الساعة 1900 تمكن اللواء الرابع حرس جمهوري من إحتلال عقدة الفاو. ق.في الساعة 2030 إتصل القائد العام هاتفياً بقائد قوات الحرس الجمهوري وطلب منه إزالة السواتر في منطقة المملحة وإصلاح الطرق المخربة فوراً لتسهيل حركة القطعات. ر. في الساعة 2215 أنجزت قيادة قوات الحرس الجمهوري أهداف الصفحة الثانية كافة وبذلك سحقت كل وجود للعدو في المنطقة حتى عقدة الفاو والسيطرة عليها بشكل كامل. ش. في الساعة 2235 تمكنت الفرقة المدرعة السادسة من تجسير قناة الإغمار الثانية وإندفعت إلى الأمام وبذلك أنجزت قيادة الفيلق السابع أهداف الصفحة الثانية كافة وسحقت كل وجود للعدو في المنطقة ماعدى شريط النخيل المحاذي لشط العرب. ت. في الساعة 2320 وجه القائد العام للقوات المسلحة بما يأتي:- تحدد الأهداف والواجبات ليوم( 18/4 /1988 ) منذ الآن لكل فرقة/ تشكيل/ وحدة ويجب أن تكون واضحة لها وكذلك معرفة الوحدات والتشكيلات الجانبية. ث. في الساعة 2330 إستناداً للموقف آنفاً وجه القائد العام للقوات المسلحة بأن يدفع اللواء العشرون حرس جمهوري فوجاً بإتجاه مدينة الفاو.
الأعمال ليوم 18 نيسان 1988 أ. في الساعة 0010 يوم 18 نيسان شرعت قطعات الحرس الجمهوري بقصف مدينة الفاو. ب. في الساعة 0725 وصل القائد العام للقوات المسلحة ونائب القائد العام وزير الدفاع إلى مقر قيادة قوات الحرس الجمهوري التعبوي وتم إيجازهما بالموقف. ج . في الساعة 0855 تمكن لواء المشاة البحري 440 من إحتلال لسان المشروع 81 من إتجاه مرسى أمير المؤمنين. د. في الساعة 1215 تم تحرير الفاو والسيطرة عليها بشكل كامل كما يأتي: أولاً. دخول فوجين من اللواء 19 حرس جمهوري وكتيبة دبابات من اللواء المدرع 17 حرس جمهوري والإنتشار فيها. ثانياً. أنجز لواء القوات الخاصة 3 حرس جمهوري ولواء المغاوير 12حرس جمهوري مسك الضفة الغربية لشط العرب شمال مدينة الفاو. هـ. في الساعة 1420 تمكن الفيلق السابع من تطهير شريط النخيل وتدمير كل وجود للعدو فيه وبذلك أنجزالفيلق السابع الصفحة الثالثة حتى عقدة الفاو (خارج). و. في الساعة 1450 وجه القائد العام للقوات المسلحة بتأمين القضايا الإدارية لكافة التشكيلات التي وصلت أهدافها حتى لو تطلب الأمر إستخدام الطائرات السمتية. ز. في الساعة 1710 أنجزت قيادة قوات الحرس الجمهوري أهداف الصفحة الثالثة وبذلك تم تطهير مثلث الفاو كاملاً وتحرير الأراضي الوطنية ورفع العلم العراقي على رأس البيشة وإعلان الكلمة الجفرية (صدام) بإنجاز كامل الأهداف في الخطة. ح. في الساعة 1800 وجه القائد العام للقوات المسلحة التهاني إلى أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة أثناء زيارتهم لمقر قيادة قوات الحرس الجمهوري والفيلق السابع وكذلك لقادة القوات والقطعات التي أنجزت أهدافها بالنصر العظيم وحمدوا الله على توفيقه وعونه. ط. وجه القائد العام القطعات كافة بإبقاء الغنائم في أماكنها للسماح لوسائل الإعلام بتصويرها كما وجه بتدمير ماتبقى من جسر الأنابيب. ي. في الساعة 1900 زُفَتْ بُشرى النصر العظيم إلى الشعب العراقي والأمة العربية بتحرير الفاو بإذاعة البيان ذي العدد 3147 الذي خطه القائد العام للقوات المسلحة بيده من أرض المعركة.
عن موقع الكاردينيا
دور مِدْفَعِيِّة الْجَيْشِ الْعِراقْيّ الْبَاسِلْ في الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988 )
اللواء فوزي البرزنجي
1. الْمُقَدِمَة.
أ.من أجل أن نُعْطي صورة واضحة عن دور المدفعية في المعركة ينبغي أن يكون القارئ الكريم جالساً في سرادق مثابة المشاهدين لمشاهدة سير الأحداث لتأثير نيران المدفعية في صفحتين مهمتين من صفحات المعركة هي صفحة الدفاع وصفحة الهجوم .
ب. مقتطفات من مشاهداتي الشخصية عن دور المدفعية في المعركة حيث كنت لا أزال برتبة ملازم حديث خبرتي العملية في القتال لا تتجاوز شهور قليلة بعد تخرجي من الكلية العسكرية عند إشتراك الفوج الأول لواء المُشاة الأول في حرب حزيران 1967 في جبهة قناة السويس حَيْثُ كُنْتُ أحد ضباط ذلك الفوج ، أسرد مقتطفات مِما شاهدتُهُ عِبْرَ موقع الرصد للمدفعية المصرية الذي كان فصيلي مسؤولاً عن تأمين الحماية له على ضفة قناة السويس الغربية خلال حرب الإستنزاف سنة 1967 . ج. الأجيال التي عاشت حُقْبَةِ نكبة حزيران 1967 تعلم مقدار الخسائر الجسيمة التي تكبدها الجيش المصري بِالْمُعِداتِ والأشخاص خلال هذه الحرب ، قبل نهاية سنة 1967 وَعِبْرَ الجسر الجوي الذي أقَيْمَ بين القاهرة وموسكو تم إعادة تسليح وتدريب الجيش المصري بفترة زمنية قصيرة ، في مساء أحد الأيام من شهر تشرين الثاني سنة 1967 تم إخبار كافة القطعات الْمُرابطةِ على ضِفَةِ قناة السويس في مدينة الإسماعيلية أمراً مَضْمُونَهُ ( غداً تقوم المدفعية المصرية بِتَوجِيهِ ضَرْبَةٍ نارية على مواضع العدو شرق قناة السويس ) ، بين الساعة 1000 والساعة 1100 بَدَأَتْ المدفعية المصرية صَب نيران حِمَمِها الْبُرْكانِيَةِ على مواضع الْعَدُو الإسرائيلي شرق قناة السويس على شكل سُدوُدْ نارية زاحِفة من الْعُمْق إلى الأمام ثم إلى الْعُمْقْ ثم إلى الأمام إستغرق وقت الضربة 55 دقيقة خلال هذا الوقت طلبت القوات الإسرائيلية من المراقبين الدوليين ثلاث مرات وقف إطلاق النار ، بعد وقف إطلاق النار تَسَلَقْتُ السلالم إلى المرصد الكائن في الطابق ماقبل الأخير في بناية هيئة قناة السويس التي كان فصيلي مسؤول عن تأمين الحماية لها وشاهَدْتُ ألسنة اللهب تتصاعد في معظم الأهداف التي تم رميها خلال الضربة التي أُعْتُبرَتْ بداية حرب الإسْتِنْزافْ .
د. هذه الصورة التي شَاهَدْتُها للمواضع الإسرائيلية بعد ضربة الْمِدْفَعِيَةِ المصرية بَقَتْ عالقة في ذاكرتي إلى يومنا هذا.
2. مرت السنين بسرعة الزمن وخلالها إشْتَرَكْتُ بدورات تعبية متقدمة وآخِرُها دورة الأقدمين في كلية القيادة وتَسَنَمْتُ مناصب قيادية آمر فوج مُشاة آلي وآمر مدرسة قتال فرقة وآخرها منصب آمر لواء مُشاة في فترة الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 – 1988 ) هي الأطول فترة زمنية والأكثر صعوبة والأهم مسؤولية أخْلاقِيَةً ومِهَنِيَةً وَوَطَنِيَةً لِسَبَبٍ بسيط هو تكليف الإنسان بمهمة الدفاع عن وطنه في ظروف حرب طويلة وَمُعَقَدة ضد عَدُوٍ شرس وعنيد مُجَرَدْ من الإنسانية ولا يَمْتَلِكُ ذَرَةً من الأَخْلاقِ .
3. إشغال الْمَناصِبَ الآمرة في زمن الحرب مسؤولية جسيمة أ. في شهر شباط سنة 1984 صدر أمر تكليف بنقلي من منصب آمر مدرسة قتال فرقة المُشاة 20 إلى منصب آمر لواء المُشاة التاسع عشر فرقة المُشاة السابعة التي كانت مسؤولة عن قيادة التشكيلات التي تدافع عن قاطع بنجوين في مدينة السليمانية وقد سبق أن كتبت مقال بعنوان (تجربتي في قيادة لواء مُشاة في زمن الحرب) وَنُشِرَ في موقع الكاردينيا وعلى الرابط أدناه http://www.algardenia.com/terathwatareck/5954-2013-08-18-20-16-14.html ولا نريد إعادة شرح التفاصيل عدا ما يخص دورالمدفعية في هذا القاطع الدفاعي.
ب. بعد مرور فترة مناسبة من إلتحاقي باللواء المُشاة التاسع عشر جرى ترشيحي للإشتراك بدورة تعاون المُشاة مع المدفعية المتقدمة لآمري التشكيلات التي فُتِحَتْ في مدرسة المدفعية في معسكر المحاويل لغرض تطوير قُدُراتْ آمري التشكيلات وإطلاعهم على أحدث المعلومات التي تَخُصُ إستخدام صنف المدفعية في كافة صفحات المعركة .
4. دور المدفعية في المعركة الدفاعية
أ. من أهم صفات (آمر الفوج / آمر اللواء ) الناجح الذي يروم أن يُكَبِدَ العدو خسائر بشرية جسيمة قبل أن يُحَقِقَ العدو الْتَماسْ بالموضع الدفاعي الرئيسي خاصَةً عندما يستخدم العدو إسلوب زج الْكُتَلِ الْبَشرِيَةِ في الهجوم الْمُدَبَرْ يجب أن يستثمر الجُهْدُ الْمِدْفَعي المتيسر بالإسناد المباشر و بالإسناد بِشَكْلٍ صحيح .
ب. يعتمد النجاح في أي معركة دفاعية على إعْدادِ الخُطَةِ الْنارِيَةِ الْدِفاعِيَةِ إعداداً عملياً صحيحاً من قِبَلْ آمري الأفواج وآمري البطريات وتنسيق أهداف الخطة النارية وفحصها عملياً من قِبَلْ آمر كتيبة الإسناد المباشر وآمراللواء شخصياً / لذلك كُنْتُ أفحص مع آمر كتيبة الإسناد المباشر أهداف الخطة النارية للوحدات بالمشاهدة العملية للأهداف المنتخبة على الأرض وفي حالة عدم ملائمة الهدف أقُومُ بتغيير منطقة الهدف بما يتلائم مع المسالك التقربية المحتمل أن يسلكها العدو عند التقرب إلى الموضع الدفاعي الرئيسي حسب خبرتي العملية ثم نقوم سوياً مع آمر كتيبة الإسناد المباشر بفحصها بالرمي الحقيقي . ج. أهم النقاط التي تلاحظ عند إعداد الخطة النارية في الدفاع
أولاً. يجب إختيار أهداف العمق بمسافة لا تقل عن 300 مِتْراً أمام جبهة الموضع الدفاعي ليتسنى للقطعة المدافعة رفع درجة الإسْتِعْداد القتالي بنسبة 100% وتكبيد العدو أكبر ما يُمْكِنْ من الخسائر قبل الْتَماس مع الأماكن الدفاعية الأمامية الْقُصْوى. ثانياً. يجب إختيار الأهداف القريبة على المسالك التقربية المؤدية للموضع الدفاعي التي من المحتمل إن يسلكها العدو أثناء الإقتراب من الأماكن الدفاعية الأمامية الْقُصْوى .
ثالثاً. يجب إختيار نار الإنقاذ على المواضع الدفاعية الحيوية التي إذا ما سقطت بيد العدو مُحْتَمَلْ أن تؤدي إلى سُقوطْ الموضع الدفاعي بالكامل بيد العدو .
رابعاً. يجب تنسيق الأهداف التي تقع على الحدود الفاصلة بين الوحدات والتشكيلات المجاورة وتحديد مسؤولية الوحدات النارية التي تقوم بمعالجتها.
خامساً. يجب إستخراج المعلومات الضرورية لأهداف الخطة النارية من قبل الوحدات النارية وموقع قيادة كتيبة الإسناد المباشر بدقة متناهية وتثبيتها على طبلات المدافع عندما لا تكون المدافع مَشْغُولة بتنفيذ رمي أهداف طارئة وتدقيقها بإستمرار.
سادساً. يجب فحص أهداف الخطة النارية الدفاعية بالرمي الحقيقي بإستمرار وَخاصَة ًعند تبديل الوحدات النارية لأي سَبَبٍ من الأسباب .
د. أسرد هذه الفقرة لكي نكون مهنيين عند الحديث على الفقرة الأهم ، شَهادَةً للتأريخ ، كان آمركتيبة ( مد م / 80 ) كتيبة الإسناد المباشر لِلِواء المُشاة التاسع عشرالمقدم صالح سرحان حسين وضباط الكتيبة وكافة عناصرها بمستوى المسؤولية حرصاً وكفاءة ، ومن خلال العمل الدؤوب لَمِسْنا وجود فرق بالمدى عند سُقوطْ القنابل على الأهداف خِلالِ الرمي لذا تَطَلَبَ الأمر إعادة مسح كافة الأماكن الدفاعية للوحدات بعجلة المساحة وكانت النتيجة إيجابية .
هـ. كان العدو الإيراني ذو ذَكاءٍ وفِطْنَةٍ يجمع ويمحص المعلومات الدقيقة عن وحدات الجيش العراقي في المواضع الدفاعية في كافة قواطع العمليات وعند معرفته بأن مستوى كفاءة وحدة من الوحدات دون المستوى المطلوب يركز عليها بأعمال الدوريات القتالية وهجمات جس النبض فإذا ما حقق نَجاحاً صَغِيراً في عَمِلِيَةٍ ما في موقع وحدة من الوحدات يَسْتَثْمِرُ هذا النجاح وَيُطَوِرُهُ إلى هُجوُم رَئْيسِيٍ كبير ، هنا تَبْرُزُ أهمية الخطة النارية الدقيقة في إحباط أي محاولة تعرضية يقوم بها العدو.
و. كان لواء المُشاة التاسع عشر في قاطع نال باريز الجناح الأيسر للمواضع الدفاعية لفرقة المُشاة السابعة يمسك مَوُضِعهُ الدفاعي بأربعة أفواج مُشاة ، الفوج الرابع هو فوج مغاوير الفرقة على الجناح الأيسر للموضع الدفاعي لِلِواءْ من ضمن موضع هذا الفوج الراقم 1654 في أقصى اليسار، طبيعة هذا الراقم معقدة نسبياً ويكتسب أهمية قُصْوى لِأنَهُ الأرض الحيوية في القاطع ولاتوجد قطعات يسار هذا الراقم ، كُنْتُ أعطي إهتمام كبير لهذا الراقم خاصة إنتخاب أهداف الخطة النارية وفحصها بإستمرار بالرمي الحقيقي لسبب بسيط هو إذا تمكن العدو إحتلال هذا الراقم يُسَبِبُ كارِثَةً لدفاعات فرقة المُشاة السابعة كافة ربما يؤدي إلى إحاطتها من الخلف وأسر جميع منتسبيها وأولهم منتسبي لواء المُشاة التاسع عشر.
5. المدفعية تحبط هجوم العدو قبل تحقيق التماس بالموضع الدفاعي
أ. هناك نقطة في غاية الأهمية يجب توضيحها للقارئ الكريم عند قيام العدو بِشَن الهجوم على الموضع الدفاعي يقوم بتنفيذ الخطة النارية يَدُكُ فيها الهدف بوابل من القنابل بمختلف أنواع العيارات خاصَةً كتائب المدفعية الثقيلة عيار 155 ملم هذا المدفع وزن قذيفته (98 كلغم ) وذاتُ تأْثيرٍ تَدْمِيريٍ كبير ، عند ذلك لايستطيع آمرسرية المُشاة وضابط الرصد من رفع رؤوسهم لرصد إتجاه حركة العدو بإتجاههم إضافةً إلى قطع خطوط الإتصالات السلكية نتيجة القصف المدفعي وأغلب الأحيان يَسْتَهْدِفْ الأجهزة اللاسلكية أيضاً بحيث يمنع إتصال الموضع الدفاعي بالمقر الأعلى .
ب. قبل غروب شمس أحد أيام شهر تموز 1984 بدأ العدو بِقَصْفٍ شديد على الراقم 1654 صاحَبَهُ تقدم لقطعات العدو بُغْيَةَ إحْتِلالِهِ ، إتصل آمر فوج مغاويرالفرقة الرائد مُشاة حكيم سلمان وأخبرني بالموقف وقال آمر السرية والضابط الراصد لايَسْتَطعان مِنْ معرفة إتجاه تقرب العدو لشدة القصف المدفعي الْمُعادي أخْبَرْتُهُ أنْتَ تستطيع أن ترصد إتجاه هجوم العدو؟ قال نعم سيدي تتذكر قبل يومين الطريق النيسمي شمال الراقم قلت نعم قال العدو يتقرب على الراقم من هذا الإتجاه كنت في حينها جالس في غرفة حركات اللواء وعلى سطح مكتبي شفافة الموقف الخاص مُؤَشِرُ عليها أهداف الخطة النارية كان آمر كتيبة مدفعية الإسناد المباشر يأخذ قَيِلولَتُه المعتادة إتَصَلْتُ بموقع القيادة للكتيبة وَطَلَبْتُ توزيع الوحدات النارية على الاهداف المسجلة أمام الراقم 1654 ، الوحدات النارية كانت ثلاث بطريات مدفعية 122 ملم دي ثيرتي وبطرية صواريخ 107 ملم و رعيل هاون ثقيل 160 ملم عدد الوحدات النارية 7 غطت جميع الأهداف المسجلة أمام الراقم أوعزتُ بِرَمْيٍ سريع 5 إطْلاقات لكل مدفع 5 × 6 مدفع = 30 قذيفة على كل هدف 30 × 7 وحدات نارية = 210 قذيفة مجموع عدد القذائف الساقطة على الأهداف في الرشقة الأولى ، إستجاب موقع القيادة للطلب أسرع مما توقعت طلبت من آمر فوج المغاوير رصد الرمي وإعلامي النتيجة بعد إنتهاء رمي الرشقة الأولى أخبرني آمر فوج المغاوير بأن الرمي مؤثر جداً على العدو وطلب تكرار رشقة ثانية كَرَرْتُ بدوري الطلب الى موقع القيادة ، بدورها كَرَرَتْ الوحدات النارية الرمي بسرعة عدد القذائف الساقطة على الأهداف في الرشقة الثانية نفس عدد القذائف الساقطة على الأهداف في الرشقة الأولى ، بعدها أخبرني آمر الفوج بإنه يسمع عويل جنود العدو في الوديان التي أمام قاطع الفوج نَقَلْتُ النار إلى أهداف العمق المثبته في الخطة النارية كانت الأهداف منتخبة بعناية وكانت دقة الرمي مؤثرة جداً لَقَنْتُ العدو دَرْسَاً بَليغاً وكبدتهُ خسائرفادحة كانت هذه المرة الأولى والأخيرة التي حاول العدو فيها التقرب من الموضع الدفاعي لِلِواءْ المُشاة التاسع عشر في هذا القاطع .
ج. إستيقظ آمر كتيبة المدفعية من قيلولته على صوت الرمي قال سيدي خير قلت له ما ردت أزعجك جماعتك قاموا بالواجب بارك الله فيهم إنقل تحياتي إلى كل وحدات المدفعية لجهودهم وإستعدادهم العالي ، شَهادَةً للتأريخ كانت هذه الكتيبة ( ك مد م 80 ) من أفضل كتائب مدفعية الفرقة السابعة لأن آمرها كان من ضباط المدفعية المشهود لهم بالكفاءة وهو المقدم مدفعية صالح سرحان حسين.
6. دور المدفعية في المعركة التعرضية في ( الهجوم المقابل – والهجوم المدبر)
أ. المدفعية في الهجوم المقابل هناك إختلاف بسيط في إسلوب إعداد الْخُطَةِ النارية في المعركة التعرضية عما هوعليه في الدفاع وكما مَرّ شرحه آنفاً :
أولاً. في صفحة الهجوم المقابل يُشَنُ الهجوم المقابل بعد سقوط مكان دفاعي من الموضع الدفاعي الرئيسي أو سقوط الموضع الدفاعي لفوج مُشاة أو أكثر ففي كِلا الحالتين مدلولات التربيع للأماكن الدفاعية أو للموضع الدفاعي مُثَبَتةُ لدى آمري البطريات وموقع قيادة الكتيبة عند ذلك تُضْرَبْ المواضع الساقطة بيد العدو من قبل كتيبة مدفعية الإسناد المباشر لِلِواءْ أو مدفعية الفرقة كامِلَة ًوحسب قرار آمر اللواء أو قائد الفرقة .
ثانياً. يوجد إستثناء على هذه القاعدة في حالة نجاح العدو بتوسيع منطقة الخرق إلى عمق الدفاعات أو خلف خطوط الجبهة كما حصل في معركة شرق دجلة ( معركة تاج المعارك ) التي سبق وأن كتبنا عنها مقال ونشر في موقع الكاردينيا وعلى الرابط آدناه:
ب. واجب لواء المُشاة التاسع عشر في معركة تاج المعارك
ولكي نُقَدِمْ صورَةً واضِحَةً للقارئ الكريم عن كيفية إستخدام المدفعية في الهجوم المقابل والتجربة الميدانية في هذه المعركة لِلِواءْ المُشاة التاسع عشر نود إقتطاف فقرات من المقال المشار إليه آنفاً حول الموضوع :
أولاً. كان واجب لواء المُشاة التاسع عشر في هذه المعركة مسك موضع دفاعي على السدة الترابية للكتف الغربي لنهر دجلة حال وصولنا إلى مكان اللواء وُزعَتْ الواجبات إلى الأفواج ، الفوج الثالث من جسر العزير شمالاً لغاية 2 كيلومتر بإتجاه الجنوب ، الفوج الأول يمين الفوج الثالث لمسافة 2 كيلومتر بإتجاه الجنوب ، الفوج الثاني شمال جسر العزير لمسافة 2 كيلومتر.
ثانياً. أَشْرَفْتُ شخصياً على إنفتاح سرايا الأفواج في الأماكن المقررة لها كان موضع الفوج الأول أكثر تماساً مع العدو من جهة شرق نهر دجلة إنفتحت فصائل الهاون للأفواج في مواضعها وسبق أن تَدَرَبَتْ هذه الفصائل في قاطع بنجوين على تجميع نيران الوحدات النارية على هدف واحد فأوعَزْتُ إلى آمر الفوج الأول المقدم عبد الرضا حسون عجيل الشاوي بترمية فصائل هاون اللواء وفق هذا الأسلوب 3×6 = 18 مدفع هاون 100ملم فَأَخَذَتْ تَصُبُ حِمَمِها البركانية بدقة متناهية على رُوؤسٍ جنود العدو الإيراني كانت الهاونات عيار 100 ملم سلاح جديد لم يُسْتَخْدَمْ سابقاً من قبل وحدات المُشاة في الجيش العراقي.
ج. دور المدفعية بتدميرقطعات العدو الإيراني
أولاً. حال عودتي إلى مقر اللواء الذي كان يشغل بناية إحدى المدارس يمين الطريق العام جنوب جسر العزيرإستقبلني آمر كتيبة مدفعية الإسناد المباشر للواء آمر كتيبة مدفعية الميدان 82 دي ثيرتي للأسف لم تسعفني الذاكرة مِنْ تذكر إسمه لإن فترة العمل معه كانت قليلة أخبرني إن الكتيبة إنفتحت في مواضعها والآنْ أصبحت جاهزة لتلبية طلبات الإسناد الناري كان الوقت من ذهب لا أستطيع الإنتظار لحين وصول آمر البطرية إلى موضع الفوج الأول الذي يحتاج وقت أكثر من ساعة . ثانياً. جلسنا سوياً على الأرض وفتحنا محافظ خرائطنا وإستخرجنا الإحداثيات للمنطقة التي تتواجد فيها قطعات العدو في الجهة الشرقية من نهر دجلة مقابل موضع الفوج الأول إتَصَلْتُ بآمر الفوج الأول المقدم عبد الرضا حسون عجيل الشاوي طَلَبْتُ منه رصد ناركتيبة المدفعية لحين وصول آمر البطرية إلى موضع الفوج ، عَبَرَ آمر الكتيبة المعلومات إلى موقع قيادة الكتيبة وبدأت الكتيبة بالرمي على أماكن تواجد العدو وآمر الفوج الأول يقوم بمهمة رصد وتصحيح النيران تارَةً يخبرني الرمي مؤثر جداً إنقل النار للمربع الثاني وَتَارَةً أخْرى يطلب تكرار الرمي على نفس المربع.
ثالثاً. آمر الكتيبة يسمع المكالمات ويُعَبرْ الأوامر إلى موقع قيادة الكتيبة ومدافع الكتيبة ترمي رشق حسب الطلب 3 إطْلاقات لكل مدفع × 18 مدفع = 54 قذيفة تسقط على الهدف في وقت واحد وأحياناً 5 إطْلاقات لكل مدفع × 18 مدفع = 90 قذيفة تسقط على الهدف في وقت واحد تصب جام غَضَبِها على جنود العدو الإيراني المنتشرين في العراء ، هذا الرمي وهذا الإسلوب الذي يُسَمى رمي الْتَنَبُؤْ من الخريطة الذي سبق وإن درسنا عليه عدة محاضرات في دورة تعاون المُشاة مع المدفعية التي سبق وإن أَشِرْنا إليها آنفاً سَهَلَ مُهِمَةُ الوحدات التي كانت تتقدم شرق نهر دجلة من إتجاه الشمال لإن مقاومة العدو بدأت تنهار من تأثير دقة نيران المدفعية وإستمرت الكتيبة طيلة ليلة ( 13/14) آذار 1985 بِدَكِ أماكن تواجد العدو في المنطقة المقابلة لقرية الصخريجة وَلِسانْ عجيردة.
7. المدفعية في الهجوم المُدَبَرْ
أ. صفحة الهجوم المُدَبَرْ هي من أصعب صفحات المعركة كافة بسبب تَحَصُنْ العدو في مواضعه الدفاعية وإعْدادِهِ للخطة النارية بشكل جيد وَمَعْرِفَتِهِ التفصيلية بطبيعة المنطقة والمسالك التقربية التي تؤدي إلى الموضع الدفاعي وغالباً ما يكون المدافع أقوى من المهاجم ومعنوياته عالية . ب. هنالك الكثير من الإستحضارات والأعمال التي تقوم بها القطعات الْمُكَلَفَةِ بالهجوم المدبر على هَدَفٍ ما ، سبق وإن كتبنا مقال عن تحرير عارضة تعبوية مهمة جداً وهي عارضة ( كرده رش ) في حوض ماوت في قاطع السليمانية سنة 1988 من قبل لِواءْ المُشاة التاسع عشر وقد نُشِرَ المقال في موقع الكاردينيا وعلى الراغبين من القراء الكرام الإطلاع عليه الرجوع إلى الرابط أدناه :
ج. صفحة الهجوم المدبر في المناطق الجبلية تكون أكثر تعقيداً من المناطق المفتوحة ومناطق السهول وتزداد الصعوبة أكثر إذا يُشَنُ الهجوم ليلاً ، ما يهمنا في هذا المقال إبراز دور المدفعية في صفحة الهجوم المدبر في المناطق الجبلية ليلاً وسوف نقتبس مقاطع من المقال المنشور بالرابط آنفاً .
د. إقتراب السرايا الأمامية لأفواج الصولة من الحافة السفلية للهدف
أولا. وصلت السرايا الأمامية لأفواج الصولة الى أسفل العارضة بحدود الساعة 2200 العاشرة ليلاً وبدأ مقر فرقة المُشاة 44 يطلب التقدم نحو الهدف بأسرع وقت ، فاتني أن أذكر إن السياقات التعبوية في الحروب الجبلية تمنع تنفيذ أي واجب بعد الضياء الأخير لصعوبة الدلالة والروؤيا المحدودة في فترة الظلام وإحتمال تعرض القوة المهاجمة لِلْوقوع بكمين معادي يكبدها خسائر جسيمة وتفشل العملية العسكرية برمتها .
ثانياً. لخبرتي القتالية في الحروب الجبلية كنت أطلب من ضابط مخابرة الْلِواءْ محطات لاسلكية على شبكة الأفواج ترافقني في التقدم لكي أسمع المكالمات اللاسلكية بين آمري السرايا وآمري الأفواج ليتسنى لي معرفة مراحل تقدم السرايا ليلاً لإستحالة الروؤيا المباشرة بواسطة الناظور أوالمرقب ليلاً ، كانت حركة تقدم الأفواج بإتجاه الهدف بطيئة جداً لشدة القصف المدفعي والصاروخي المعادي وبنفس الوقت كان القصف المدفعي على موقع مقر اللواء أَشَدُ عُنْفَاً.
ثالثاً. إزدادت الضغوط من قبل مقر الفرقة على مقر اللواء لكن سبق وإن تَمَرَسْتُ على إمتصاص هذه الضغوط في معارك سابقة لإعتزازي بجنود لوائي و يصعب عليّ أن أُضحي بواحد منهم ، هؤلاء الجنود الذين نَزَفْتُ عرقاً من أجل تدريبهم ووضعوا ثقتهم بقائدهم الذي يدافع عنهم ويقودهم إلى تحقيق النصر، كنت أراوغ مرة بعد أخرى لتأخير ساعة الصفرلحين التأكد من وصول سرايا الصولة إلى أقرب مسافة من حافة الهدف السفلية كنت قد أَشِرْتُ سابقاً إلى مرافقتي لمحطات لاسلكية على شبكة الأفواج ، سمعت حوار بين آمر السرية الثانية لِلْفَوجِ الأول الشهيد النقيب فتحي النقشبندي وآمر الفوج الأول المقدم عبد الرضا حسون عجيل الشاوي يقول أنا فَقَدْتُ الإتجاه وَسَلَكْتُ الطريق النيسمي والآن أنا مع السرية الرابعة التي تسلك هذا الطريق. رابعاً. سبق أن إتَفَقْتُ مع قائد فرقة المُشاة 44 على تخصيص سرية مُشاة للتقدم على الطريق النيسمي ، إتَصَلَ آمر الفوج الأول وكلمني هل أُعيد السرية إلى الخلف ؟، الأمر يتطلب إتخاذ قرار سريع من قبلي أخبرته كلا تبقى السريتين على هذا المحور .
خامساً. عندما كنت برتبة نقيب في منتصف السبعينات تَعَلَمْتُ درساً من المرحوم الفريق سعيد حمو آمر لواء المُشاة الخامس الجبلي ولاحقاً قائداً لقوة الميدان حيث كان في الهجوم في المناطق الجبلية يستخدم إسلوب الحركة البطيئة للقطعات ودك الهدف بالمدفعية لغرض شل قدرة العدو على القتال وإنهاكه وتكبيده خسائر جسيمة قبل الإشتباك معه.
سادساً. طلبت من آمر كتيبة مدفعية الإسناد المباشرإستخدام عتاد الإنفلاق الجوي على إرتفاع واطئ فوق الهدف لإنهاك جنود العدو وَشَلِ قدرتهم على القتال وعدم السماح لهم بالرصد ، القصف المدفعي المعادي على موقع مقر اللواء لم ينقطع ولو لخمس دقائق ، حان موعد صلاة الفجر تَيَيَمْتُ بالتراب وأَدَيْتُ صلاة الفجر وأنا بوضع البروك في الملجأ المكشوف دَعَوُتُ الله في صلاتي أن يحقق لنا النصر على العدو، الوقت بين صلاة الفجر والضياء الأول ساعة و20 دقيقة في هذه الأثناء سَمِعْتُ آمر السرية الثانية الشهيد النقيب فتحي النَقْشَبَنْدي يطلب من آمر الفوج إيقاف النار الصديقة لإنها أصبحت تؤثر على قطعاتنا.
هـ. السرايا الأمامية على خط الصولة والمباشرة بتنفيذ الخطة النارية
أولا. تَدَخَلْتُ فوراً وَعَرِفْتُ بإن السرايا الأمامية وصلت إلى خط الصولة وَطَلَبْتُ من آمر السرية الشهيد النقيب فتحي النقشبندي التراجع إلى الإسفل قليلاً لتأمين حماية المقاتلين من النيران الصديقة ، إتَصَلْتُ بقائد فرقة المُشاة 44 وَطَلَبْتُ منه المباشرة بتنفيذ الخطة النارية . ثانياً. كما متفق عليه الوقت الْمُسْتَغْرَقْ لِدَكْ الهدف بمدفعية الفرقة لمدة 30 دقيقة ، أُشِيرُ هنا إلى إن الجهد المدفعي يزداد إلى خمسة أضعاف 5 كتائب مدفعية × 18 مدفع لكل كتيبة = المجموع 90 مدفع × 3 قذيفة لكل مدفع في الدقيقة = 270 قذيفة في الدقيقة × 30 دقيقة = 8100 قذيفة على مساحة الهدف يكون في كل متر مربع قذيفة ، إذا ما عَلِمْنا إن مدى التشظية للقذيفة بشكل نصف قطر دائرة 200 مِتْراً. ثالثاً.بدأ الليل ينجلي ولاحَ الخط الأبيض من الفجر أَوْعَزْتُ بِشَنِ الصولة وأنا أُراقب بناظوري الشخصي صولة السريتين التي على الطريق النيسمي من يسار العارضة بشجاعة منقطعة النظير تَمَنَيْتُ في حينها لَدَيَ كامرة لأصور هذه اللقطات الرائعة وطلبت من آمر كتيبة المدفعية نقل النيران إلى عُمْق الهدف حسب السياقات التعبوية المعروفة لمنع تعزيز قطعات العدو أو إنسحاب العدو ، إستشهد خلال الصولة أحد آمري الفصائل الأمامية من السرية الرابعة الفوج الأول أسكنه الله فسيح جناته ، بعد إحتلال القسم الأيسر من العارضة إنهارت قوة العدو وتقدمت باقي سرايا الفوج الأول وسرايا الفوج الثاني مع رعيل دبابات على الطريق الرئيسي الكائن يمين العارضة . رابعاً. أَوْعَزْتُ الى آمري الأفواج الأمامية بإعادة التنظيم على الهدف بأسرع مايمكن وإسْتِثْمار الفوز بتعقيب فلول العدو المنهارة بالنيران المباشرة وغير المباشرة ، لم أَكُنْ أعرف إن قائد الفيلق اللواء الركن سلطان هاشم أحمد فك الله أسره مُتَواجدٌ في مرصد الفرقة قبل الضياء الأول وكان يشاهد قطعات الصولة حيث إتصل بي لاٍسِلْكِيَاً مُهَنِئأَ بالنصروطلب مني تبليغ الوحدات عميق شكره لجهودهم الجبارة وبنفس الوقت طلب مني تنقل مقر اللواء فوراً ليكون مع السرايا الأمامية ، (أنوه إن القصف المدفعي المعادي لازال شديداً على المقروالعارضة).
8. الخاتمة
شرحنا بإختصار نموذج لثلاثة معارك ناجحة في صفحتي الدفاع والهجوم المقابل والهجوم الْمُدَبَرْ الليلي حدثت في مناطق ذات طبوغرافية متنوعة في الأراضي العراقية في السنوات (1984 – 1985 – 1988) مع تشكيل واحد هو لواء المُشاة التاسع عشر من بين عشرات التشكيلات في الجيش العراقي الباسل وما لايقبل الشك هنالك معارك ناجحة لتشكيلات أخرى حبذا لو يتم توثيقها من قبل الآمرين الذين كان لهم شرف قيادة تلك التشكيلات في تلك المعارك وكانت مُعَرَفة وإلمام الآمرين في الإستخدام الأمثل لصنف المدفعية وإستحضارالتجربة الميدانية السابقة في إعداد الْخطَطِ النارية والتخطيط بالشكل الصحيح والمتميز لإستثمار المدفعية لحسم المعركة لصالح قطعات الجيش العراقي الباسل في الحرب العراقية الإيرانية.
عن موقع الكاردينيا
- من أهم أحداث عام 1985 كانت معركة تاج المعارك ، المعركة الدفاعية التعرضية المثالية التي أظهرت كفاءة قواتنا المسلحة بشكل رائع ومشرف على مستوى التخطيط والتنفيذ من رأس القيادة العامة وحتى مستوى الوحدات الفرعية المقاتلة والساندة... لقد كانت معركة تستحق التدريس في جميع الاكاديميات والكليات العسكرية... وقد كتب عنها الكثير... لقد وصف صدام حسين شكل وأبعاد هذه المعركة في لحظة اندلاعها على ورقة خضراء صغيرة... وتحققت صحة ذلك التصور... لقد كانت استخباراتنا تتلقى عونا من مصادر اقليمية ذات صلات دولية...وقد كتب السيد هاني وهيب، المستشار الصحفي عن استبصار السيد الرئيس لهذه المعركة فيما بعد....
- في صباح 12/3/1985 عرجت على كتيـبة دبابـات الوحدة للواء 10 المدرع، حرس جمهوري، المحتشدة في شرق البصرة (كتيبان) وكنت بصدد زيارة آمرها المقدم الركن عبد حمد مهاوش (استشهد وهو برتبة لواء ركن في معتقلات الامريكان بعد الإحتلال) الذي تربطني به علاقة تعود الى عام 1972 حيث اشتركنا بواجب حماية قاعدة الحبانية... ثم دخل علينا أحد ضباطه يقول عن قيام العدو بشن هجوم في القسم الشمالي من قاطعنا... فانصرفت على الفور الى مقر لوائنا المحتشد في منطقة الزريجي، فوجدت أمر اللواء مجتمعا بآمري الوحدات والضباط واستلمت منه الانذار للتهيؤ للقتال خلال ساعتنين... وعلمت بأن العدو يخترق هور الحويزة مجددا.... وفي ظهر نفس اليوم صدر بلاغ عن القيادة العامة حول هذا الهجوم المعادي مع الاشارة الى معركة الاحتواء لكلا الفرقتين (الفرقة المدرعة العاشرة بقيادة العميد الركن صبيح عمران طرفة في القسم الشمالي من قطاع الاختراق، والفرقة المدرعة السادسة في القسم الجنوبي منه، بقيادة العميد الركن اياد فتيح الراوي – الاسير حاليا، والذي تحاكمه مع رفاقه الطغمة الخمينية الكسروية المجوسية الكافرة المتسلطة على العراق)... استمر القتال بين الطرفين... واستطاعت قواتنا ايقاف ذروة الهجوم المعادي قرب الضفة الشرقية لنهر دجلة... وأخذت جبهة الاختراق المعادي تضيق يوميا...
في يوم 14/3/1985 صدر الأمر لنا بالتحشد في منطقة المزيرعة ضمن منطقة قتال الفرقة 6 المدرعة... حيث استكمال جحفل لوائنا هناك... وكانت الفرقة المدرعة 6 تخوض القتال بشراسة... في الساعة الواحدة والنصف ظهرا نفس اليوم هبطت طائرة نائب القائد العام وزير الدفاع الفريق الأول الركن عدنان خير ألله واصدر امراً للمباشرة بتعزيز هجوم جخفل لواء المشاة الالي 25 من الفرقة المدرعة 6 بكتيبة دبابات الحمزة التي اقودها، وذلك بهدف استعادة منطقة همايون، وبإسناد من غرب نهر دجلة.. كتيبة دبابات العز... بقيادة المقدم الركن نظام طه.... وبحركة سريعة وصلنا الى منطقة اجتماع جحفل اللواء المكلف بالهجوم قبل عشر دقائق من الوقت المحدد... لكنني فؤجئت بأن القوة غير مستعدة للهجوم نتيجة التعب والارهاق الذي اصاباها في معركة الامس... فقلت لآمر الجحفل انني استلمت أمرا بالهجوم من اعلى مستوى قيادي ومن المحتمل انه سيراقب المعركة من طائرته السمتية (المروحية) ومهما كانت النتائج فإن موقفي لا يسمح بأي نقاش او تبرير وعليه توكلنا على الله....شرعنا بالهجوم واستخدمنا الدخان الذاتي للدبابات لتأمين ستارات الدخان للاقتراب الأمين وتقليل احتمالات الاصابة بأسلحة مقاومة الدبابات...
صعق العدو من الكفاءة الفنية والتعبوية لدباباتنا... وأجبروا على خفض رؤوسهم ما حال دون استخدام اسلحتهم بشكل كفؤ ضدنا علاوة على تكبيدهم خسائر فادحة... وكانت كتيبة دبابات العز تؤمن الاسناد بالمرمى المباشر عبر نهر دجلة... ونالت تلك المعركة اعجاب وزير الدفاع.... وبعد ساعتين شن العدو هجوما مقابلا علينا تم دحره بسرعة حين فتحت نيران رشاشات دباباتنا المصوبة بدقة بالاستعانة بالضياء الابيض بعد رفع المرشحات عن بواعث الانارة الليلية.... وكانت خسائرنا لاتتعدى بعض الجرحى وتعطل دبابتين...
وفي يوم 15/3/1985 استلمت أمرا بتقدم اللواء شمالا باتجاه منطقة العزير حيث سيكون عملنا اللاحق مع الرتل الشمالي – الفرقة المدرعة 10 في شمال مسرح القتال، وكان معنا اللواء المدرع العاشر – حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن " فريق أول ركن فيما بعد " ابراهيم عبد الستار... اتخذنا تشكيل المسير بعد عبور نهر دجلة من جسر عبد الله شمال القرنة، وعلمت أن اللواء العاشر المدرع قد سبقنا بالحركة....وحين وصلنا الى مكان تكاملنا الجديد... ومع اشراقة الشمس شاهدت حركة كثيفة للاشخاص عن ذلك المعبر... فظننت ان تلك المجاميع تعود لاحدى وحدات قوات شرق دجلة المسحوبة عبر النهر... لكن وفي خلال لحظات اتخذت تلك المجموعات اوضاع الرمي وفتحت نيرانها الكثيفة علينا... فانطلق سائق الدبابة بأقصى سرعة بدون توقف، وطلبت من الذين خلفي الهجوم لاقتحام هذه المقاومة المفاجئة لأن أي توقف يعني تدمير دباباتنا، وهي ضمن مدى تأثير الاسلحة المقاومة للدبابات... واستطاع مساعدي الشهم قدري شاكر – الذي استشهد بنهاية الحرب – ازاحة الدبابة الى خارج الرمي المباشر ونجونا بفضل الله... عندها شاهدت معركة سحق المقاومة المعادية وكان أداء مقاتلينا رائعا.....
وفي الساعة الثالثة بعد الظهر من نفس اليوم انفتح جحفل لوائنا خلف اللواء 42 المدرع – الفرقة 10 المدرعة بقيادة العقيد الركن موحان حافظ
المشتبك مع العدو منذ ليلتين سابقتين على خط نهر يدعى الرويف، وكانت طبيعة المعركة هي التراشق بالنيران من مديات قصيرة دون تحقيق اي نتيجة... أصيب آمر هذا اللواء بجروح بسيطة... وفي المساء اصبح بإمرة جحفل لوائنا الفوج 3 من قوة الطواريء" الحرس الخاص " يقوده الرائد طارق التكريتي، كذلك أصبح بإمرتنا الفوج الثاني من اللواء 702 بقيادة العقيد الركن أزهر سعد الله، بالوقت الذي أوكلت قيادة فرقة الحرس الجمهوري الى أمين السر العام العميد الركن طالع الدوري لأن قائد فرقتنا العميد الركن حسين رشيد وضابط ركنه علي اللهيبي اصيبا بجراح بليغة خلال تنقلهما من القطاع الجنوبي الى الشمالي....
في يوم 17/3/1985 كان اصرار القيادة العامة شديدا على حسم الموقف لأن القتال اصبح بطيئا ومكلفا... وسيشجع العدو على الاستمرار بتعزيز قواته هناك عبر هور الحويزة... عندها أصحبت أعصاب آمرينا مشدودة على الآخر... وعلى الخط الآخر تكبدت كتيبة دبابات المجد بقيادة المقدم الركن عبد الصمد حسن يوسف خسائر غير قليلة، أما الفوج الآلي بقيادة المقدم الركن سعد رشيد الدليمي فكانت خسائره أقل... حينها، وبعد استطلاع قمت به، أوجزت لآمري السرايا فكرتي وهي المناورة من اليسار من خلال الفتحة الفاصلة بيننا وبين اللواء العاشر المدرع – حرس جمهوري – إذا تمكنا من تأمين معبر عبر المانع بواسطة الجرافات الالية الثلاث التي بحوزتنا والتي يقودها ضابط هندسة شجاع اسمه محمد... وقد وجدت أن هذه النقطة اضعف ما يكون في مقاومة العدو... وذهب بواسطة عجلة استطلاع الى مرصد آمر اللواء لأخبره مقصدي.... فوجدته قد استلم أمرا قاطعا وفوريا باقتحام المقاومة المعادية، وكان أمره ينص على اندفاع كتيبتي بمحاذاة نهر دجلة وعبر بساتين النخيل هناك، اي من اليمين، حيث ان الاندفاع بهذا الاتجاه في خطورة قصوى لأنه مركز دفاعات العدو... وبعد حوار ساخن رجوته ان يسمح بالمناورة من الجناح الايسر للاحاطة بالعدو من الخلف، لأن هذا الاتجاه هو الاضمن وهو الذي سيحسم الامر لصالحنا.. فوافق على مضض مع تحميلي المسؤولية الكاملة في حالة الاخفاق كمخالف للأوامر، وأشهد ضابط ركنه الرائد نجيب الصالحي على ذلك....
استخدمت جهاز اللاسلكي لأصدر الاوامر لآمري السرايا... وحسب الخطة المتفق عليها والحمد لله كان الاداء سريعا ومتقنا... اسرنا اولا سبعة جنود للعدو... ثم تدفقت السرايا الاربع على شكل حركة مروحية ينتهي محورها عند نهر آخر يدعى مطيوي بمسافة 5 كم تقريبا... أصيب العدو بذعر كبير حين ظهرت دباباتنا خلفه... دمرنا عدد من الاسلحة المقاومة للدروع من عيار 106 ملم المركبة على عجلات جيب... ثم قامت دبابات اللواء 30 المدرع بقيادة العقيد الركن قيس الاعظمي بالرمي المباشر عبر نهر دجلة... لكن طلبنا منهم بواسطة المقدم فاضل السعيدي التوقف عن الرمي حيث انه ينهال علينا....وكانت تلك الساعة ليست ككل الساعات فكررنا نفس آلية العمل ولكن ليلا هذه المرة مع اقتحام مباشر باستخدام الضياء الابيض لدروعنا، فتم احتلال الهدف وأسرنا بعض عناصر أحد أفواج اللواء 55 المظلي المعادي ومن ضمنهم ضابطان أحدهما برتبة نقيب، والثاني برتبة ملازم يدعى حسن... عندها أعطيت الموقف لمقرنا الاعلى وطلبت التعزيز بالمشاة فتم ذلك بعمل مشترك وبالتعاون مع الفوج 16 الآلي للوائنا الذي كان أداؤه رائعا...
في ليلة 17-18/3/1985 شعرنا بانهيار العدو وبدء عملية انسحابه، وسمعنا صيحات الجنود والنداءات فيما بينهم، كذلك سمعنا أصوات سحب الآليات مما أكد على احكام دفاعنا لجميع الجبهات... وما أن اشرقت شمس ذلك اليوم حتى تأكد لنا هزيمة العدو... لقد أثار منظر العشرات من جنود العدو المذعورين الذين يقفزون من مواضعهم الاعتزاز في نفوسنا، فمنهم من كان يركض هاربا ومنهم من كان يرفع يديه مستسلما وقد تركوا قتلاهم وجرحاهم في أرض المعركة.... وفي تمام الساعة الثامنة وصلنا الروطة... ثم وصلت الينا طلائع الفرقة 6 المدرعة وقد شكل الالتقاء بيننا لوحة دراماتيكية مؤثرة... وبعد قليل حلقت فوقنا طائرات عراقية لوح لنا من كان فيها بحرارة فائقة... فهبط من احداهاالشهيد عدنان خير الله وحيانا بحرارة وبعدها استمعنا الى بيان القيادة العامة لزف بشرى النصر للشعب العراقي العظيم مبتدئا بعبارة (ياحوم اتبع لوجرينا) وكان هذا مثلا بدويا بحجم الخسائر الكبيرة للعدو الفارسي... وتأكد لي ولرفاقي ان حركات الاحاطة للدروع واستخدام الدخان يحققان النجاحات بأقل الخسائر والتضحيات بالاضافة الى الصدمة في نفوس الاعداء... ففي معركة الرتل الشمالي لم نخسر أية دبابة ولم نخسر أي مقاتل سوى 17 جريحا، في حين كلفتنا معركة اقتحام الطريق شهيدا واحدا وسبعة جرحى وتدمير ثلاث دبابات واعطاب رابعة...
صباح يوم 24/3/1985 غادرنا مسرح القتال الى منطقة قلعة صالح جنوب مدينة العمارة... ثم عدنا الى بغداد، وتعبيرا عن خيبة العدو الفارسي راح بكل حقارة وسفالة يطلق صواريخ نوع ارض – ارض على بغداد العز أصابت تلك الصواريخ حيا مدنيا..
وفي يوم 10/4/1985 تم استدعاؤنا الى نادي الفارس قرب المطار الدولي غرب بغداد حيث استقبلنا صدام حسين، الذي كان قد انهى اجتماعين لمجلس قيادة الثورة والقيادة العامة، وبعد المصافحة جلسنا معه، حيث اخبرنا بوجود معلومات تشير الى قيام العدو بحشد فرقتين شرق هور الحويزة للمباشرة بعدوان جديد كرد فعل على الهزيمة المرة التي تلقاها في المعركة الاخيرة... وطلب منا إعادة تشكيلاتنا ووحداتنا إلى قاطع العمليات السابق زيادة في الاحتراس...
في هذه الفترة شنت طائراتنا وقواتنا الصاروخية سلسلة من الهجمات العقابية على العدو، ردا على هجماته الصاروخية على بغداد وكركوك والموصل، ولعبت طائرات الميراج ومي 25 دورا مهما في قصف العدو بالعمق وخاصة العاصمة طهران، وكانت تلك المرة الاولى منذ ان اوقفت قاصفاتنا الاستراتيجية تي يو 22 قصفها للعمق منذ بداية الحرب....لقد تطورت قواتنا الجوية فنيا في هذه الحرب حيث يمكن الارضاع الجوي لطائرات الميراج والميغ، وهذا ما جعلها قادرة على قصف الاهداف البعيدة.... ان اسبوعين من القصف الاستراتيجي للاهداف المعادية العميقة اشعر العدو وخاصة سكان طهران بوطأة الحرب.
في 26/5/1985 ازداد القصف الجوي العراقي للاهداف المعادية، وذلك ردا على عملية انتحارية استهدفت شيخ الكويت جابر، كان الفرس وراءها، فقد قصفت الطائرات العراقية منشأت العدو البترولية، كجزيرة خرج وارصفة التحميل وناقلات النفط في شمال الخليج العربي " بعملية سميت بـيوم الكويت "، وكانت ذروة هجومنا الجوي يوم 3/6/1985 حين هاجمت 73 طائرة عراقية العاصمة طهران، وجزيرة خرج، ومجمع البتروكيماويات في بندر خميني ومعسكر خانة الفارسي.... استمر ذلك القصف الشديد حتى يوم 15/6/1985 حين اعلن صدام حسين ايقافه لمدة اسبوعين بسبب اقتراب موعد عيد الفطر المبارك (19/6/1985)... وساد احساس عام لدى العراق بأن قواته المسلحة بلغت شأنا كبيرا في الاداء القتالي والتسليح العالي الحديث مع توسع كبير في مجال التصنيع العسكري... واستمر تصاعد الفعاليات التعبوية الناجحة لقواتنا في ساحات العمليات المختلفة امتدادا للنجاح الكبير في تاج المعارك.
القادسية الثانية هي اطول حرب في القرن , شهدت العديد من المعارك و التكتيكات ... لكنها الاقل حظا من ناحية التحليل العسكري لمجرياتها , رغم ما تحتويه من دروس و عبر مهمة جدا ...
و للاسف فان اغلب الابطال من الضباط و القيادات و الطيارين اما تم اغتيالهم على يد المليشيات الايرانية او اعتقالهم و محاكمتهم بشكل صوري و القلة منهم تمكنت من اللجوء الى خارج البلد ... مصير مؤسف لرجال كانوا يدافعون عن وطنهم بغض النظر عن الحاكم انذاك ... مصير لا اتمناه لاي جيش عربي