إسمح لي أن أضيف بضعة أرقام تعزز كلامك
إرتفع مؤشر الغنى لهذه السنة بالنسبة للشعب الأمريكي لأرقام قياسية حيث سجل رقم 80664 مليار دولار بنسبة 14% بالنسبة للسنة الماضية و من أهم أسباب هذا الإرتفاع هو إرتفاع المؤشرات الرئيسية لبورصة نيويورك حيث سجل إجمالي إستثمارات الأمريكيين "دون شركات الإستثمار" حوالي 5600 مليار دولار ...
كما ذكرت أخي الكريم من يراهن أن حفنة الدولارات التي تحتفض بها روسيا ستأثر في الإقتصاد العالمي فهذا قمة الوهم علما أن البنك المركزي الروسي ربط العملة المحلية و الإقتصاد عامة خاصة نظام الدفوعات بسلة عمولات ضيقة جدا حوالي 52% دولار و 48% يورو و من يراهن على الصين فهو أكثر وهما من الرهان الأول و هنا سأحاول أن أشرح لماذا إتجهت الصين للذهب...
الصين رهينة سلة عمولات للدفع ثلاث "الدولار، يورو و الين الياباني" الصين أصبحت أكبر تجمع للثروات و العملة في العالم أرقام لم يشهدها و يتوقعها أحد فأحست بتهديد حقيقي من الأزمة المالية التي عصفت بالعالم مؤخرا فقامت بما يسما بالإستثمارات الآمنة بعيدا عن المخاطرة رغم أنها تعلم أنها ستخسر الكثير و الكثير جدا من قيمة إحتياطاتها لأشرح أكثر إبان أوج الأزمة المالية وصل سعر الذهب تقريبا 2000 دولار أما الآن فأصبح في حدود 1300 و سيستمر في الإنخفاض و سأترك لكم لتقيموا خسائر الصين التي إشترت آلاف الأطنان من الذهب...
ما نعيشه اليوم و كما قلت سابقا هو إستكمال أمريكا تربعها على العرش العالمي و عكس ما يظنه البعض تماما
كل التحية أخي الكريم ...
بداية أود الإشارة إلى أن القدرات الروسية على التأثير في النظام النقدي والمالي العالميين من خلال الأدوات المالية والنقدية الروسية التي لا تزيد عن 200 مليار دولار لا يقول به أي متخصص عاقل درس طبيعة النظامين المالي والنقدي العالميين.
ولكن هناك أمر مهم جدا جدا جدا يجب الإنتباه الجيد جدا له ...
وهذا الأمر هو إن النظام المالي والنقدي العالميين غير محصنين بل هما هشين لدرجة مخيفة لمن يدرسهما بنوع من التعمق السياسي التاريخي ولا يكتفي بدراستهم السطحية النقدية والمالية.
وللمعلومية فإن النظام المالي والنقدي العالمي قد نشأ منذ بداياته وهو يحمل بالفعل كل عناصر انهياره بداخله ولن يكون هناك حاجة لتكسيره من الخارج.
وعلى الرغم من ضخامة الأرقام المخيفة والرهيبة المتعلقة بالنظام النقدي العالمي ولكن يظل النظام عرضه لكثير من المتغيرات القاهرة ولدرجة أن أكثر تلك المتغيرات القاهرة قوة هي التي تتعلق بطبيعة وآلية عمل نظرية "تأثير الفراشة" .
فهشاشة النظام تأتي من خلال اعتماده على أكبر عملية سرقة وتزوير ونصب واحتيال عبر تاريخ الجنس الإنساني البشري على مر كل العصور ... فعملية الهيكلية التأسيسية وحجر الأساس في النظام النقدي العالمي هو عملة الدولار وذلك بحسب اتفاقية بريتون وودز الموقعة بأمريكا عام 1945 بعد الحرب العالمية 2 وهذه الاتفاقية كان من ضمن بنودها بند مخصص لضبط عمليات استرداد الدولار بغطاء ذهبي مخصوص في المبادلات الخارجية وذلك لأن الدولار منذ عام 1933 وهو بدون أي غطاء ذهبي في داخل العمليات التجارية والنقدية والاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية وقد تم رفع الغطاء الذهبي تحت حجج مقاومة تأثيرات فترة الكساد العالمي الكبير الممتد من 1920 حتى بلغ ذروته عامي 1928 و1929 مع العلم أن الكساد الكبير كان ناتج عن تلاعب ماكينة طباعة الدولار الاحتكارية الخاصة المملوكة لليهود والملقبة بمسمى "البنك الفدرالي الأمريكي".
المهم إنه محصلة مجموعة من المؤامرات تم رفع الغطاء الذهبي عن عملة الدولار في التبادلات وحاجات الطباعة الدولارية للداخل الأمريكي منذ عام 1933 ..
ولكن توقيع اتفاقية بريتون وودز 1945 بأمريكا تم تقرير بنود الإتفاقية لصالح الطرف الإرهابي الذي يطلق قنابل نووية ...
فتحت التأثير النفسي للقنابل النووية الغير مسبوقة مطلقا في التاريخ الإنساني قامت دول العالم بالتوقيع على إتفاقية بريتون وودز 1945 والتي تم خلالها تقرير عام على دول العالم أن يتم تقييم قيم كل العملات المحلية حول العالم من خلال تقييمها بالدولار .. على أن يكون الدولار هو العملة الوحيدة في العالم التي تقييم بالذهب ... ومن أجل وجود نوع من الترضية لدول العالم ونظرا لأن الدولار الأمريكي صار يطبع بدون أي غطاء من الذهب فقد تعهدت أمريكا رسميا في إتفاقية بريتون وودز بأن يتم دفع غطاء ذهبي للدولار في حالات المعاملات الخارجية مع دول العالم المختلفة,
ومعنى ذلك أن الدولار سيظل يطبع بدون أي غطاء ذهبي سواء يتم طباعته للسوق الداخلي الأمريكي أو للأسواق الخارجية العالمية ولكن تعهدت أمريكا بدفع قيمة الدولار السوقية بقيم ذهبية مقابلة عندما تطلب منها ذلك أحد الدول الخارجية الموقعة على إتفاقية بريتون وودز.
مما يعني أن الدولار سيظل يطبع حتى النهاية بدون أي غطاء ذهبي أي أن القيمة الحقيقية للدولار لا تتعدى ثمن طباعته والتي تتجاوز بقليل ثمن طباعة أوراق التوليت الفاخرة التي تستخدم في المراخيض.
ولكن مع تعهد أمريكي مكتوب بدفع القيمة السوقية للدولار من الذهب الخالص للدول الموقعة على بريتون وودز.
ولكن الداهية أن الرئيس الأمريكي نيكسون في الستينات تقريبا عندما طلبت منه فرنسا استبدال مخزونها من الدولار وإستعادة الغطاء الذهبي الافتراضي له رفض نيكسون مبادلة فرنسا للذهب بمخزوناتها الدولارية.
مما أنشأ أزمة عميقة بين فرنسا وأمريكا (وإن كنت عن نفسي أظنها أزمة مفتعلة) وللخروج من هذه الأزمة المفتعلة خرجت أمريكا بفكرة مفادها هو إجبار دول تصدير النفط "أوبك" و "أوابك" على أن يكون تجارة النفط بالعالم تتم حصريا من خلال عملة الدولار حتى تستطيع الدول الراغبة في بيع مخزونها من الدولار بمبادلته بأي سلعة مفيدة...
الأزمة السابقة بين أمريكا وفرنسا أدت فعليا لإلغاء البند الذي تعهدت عليه أمريكا في إتفاقية بريتون وودز بمبادلة الدولار بقيمته السوقية الحقيقية بالذهب الخالص عندما يتقدم بطلب ذلك أحد الدول الموقعة على إتفاقية بريتون وودز.
وخلاصة تلك الأزمة أن الدولار صار يتم طباعته وتوزيعه داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية بدون أي غطاء ذهبي من أي نوع مطلقا تماما جدا جدا للغاية وفي الحقيقية.
مما يعني فعليا أن الدولار عملة مزيفة ... ولكنها مزيفة تزيف رسمي وفقا لإتفاقية عالمية وقعت تحت التأثير النفسي المباشر للضربات الإرهابية النووية الأمريكية على هيروشيما ونجازاكي.
أي أن الدولار ليس عملة مزيفة فحسب بل هي بالمعنى الحرفي أكبر عملية سرقه بالإكراه وأكبر عملية ابتزاز ونصب ودجل واحتيال عرفها الجنس البشري عبر كل العصور ... فكل تلك الكميات المرعبة المطبوعة من عملة الدولار هي في واقع الأمر وبنظرة فنية مالية ونقدية متخصصة هي عملة مزيفة ولكن ما يكسبها قيمتها هي قدرتها على التوزيع الكمي الضخم والنفوذ السياسي والاقتصادي لأصحاب تلك العملة وملاكها الحقيقين .
وحتى لا تذهب الظنون بعيدا بالبعض ... فأمريكا نفسها واقعة بالكلية تحت تأثير العبودية الكاملة لملاك ماكينة طباعة الدولار ... ولدرجة إنه في عام 1936 تم وضع الشعب الأمريكي بأكمله كضمان اجتماعي عام لتسديد الديون الأمريكية المستحقة لدى البنك المركزي الأمريكي الملقب بـ "البنك الفدرالي الامريكي" وهو البنك الذي يجب تسميته حرفيا بـ "البنك اليهودي الروتشيلدي الشيطاني لإستعباد البشرية ومشاركة إبليس للجنس البشري في الأموال بكل أصنافها وألوانها" مع العلم إنه لا يوجد أدنى مبالغة في تلك التسمية وهي قصة طويلة أخرى قد نتطرق لها لاحقا.
المهم هنا والمؤكد أن النظام المالي والنقدي العالمي قد نشأ على إتفاقية بريتون وودز المشؤومة وهو يجعله يحمل في داخل كل مقومات انهياره الفعلي بل ويمكننا وصفها بـ "مقومات انهياره الحتمي"
وأكتفي بهذا القدر مؤقتا ونستكمل لاحقا بمشيئة الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين وصل اللهم وبارك وسلم على محمد وعلى آل محمد وعلى صحب محمد تسليما كثيرا.